الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنَ الْمَالِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ فِي طَرِيقِهِ كَسْبٌ قَدْرَ زِيَادَةِ الْمُؤْنَةِ. . لَمْ يَجُزْ مَنْعُهُ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ [فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله]
وَلِيُّ الصَّبِيِّ: أَبُوهُ، ثُمَّ جَدُّهُ، ثُمَّ وَصِيُّهُمَا، ثُمَّ الْقَاضِي. وَلَا تَلِي الأُمُّ فِي الأَصَحِّ.
===
من المال) فإن قلنا: لا بدل له بل يبقى في ذمة المحصر. . قال في "المطلب": فيظهر أن يبقى في ذمة السفيه أيضًا.
(ولو كان له في طريقه كسب قَدْرَ زيادة المؤنة. . لم يجز منعه، والله أعلم) لأن الإتمام بدون التعرض للمال ممكن، قال في "المطلب": وفيه نظر إذا كان عمله مقصودًا بالأجرة بحيث لا يجوز له التبرع به، قال الأَذْرَعي: وفي النظر نظر؛ لأنه وإن كان كذلك. . لا يعدُّ مالًا حاصلًا، ولايلزمه تحصيله مع غناه، بخلاف المال الموجود في يد الولي، قال الشيخ شرف الدين الغزي: وما ذكراه عجيب؛ فإن المسألة مفروضة فيما إذا كان الكسب في طرِيقه فقط؛ كما هو ظاهر عبارتهم.
* * *
(فصل: ولي الصبي: أبوه) بالإجماع، ولو عبر بالصغير. . لكان أولى، (ثم جده) أبو أبيه، وإن علا؛ كولاية النكاح، ويشترط فيهما: ظهور العدالة، وفي ثبوتها وجهان، قال في "زيادة الروضة":(وينبغي الاكتفاء بالعدالة الظاهرة). انتهى (1)، وفي "المذاكرة"، و"المعين": أنه لا بدَّ من ثبوتها عند الحاكم، (ثم وصيهما) أي: وصي من تأخر موته منهما؛ لأنه يقوم مقامه، (ثم القاضي) لأنه ولي من لا ولي له.
(ولا تلي الأمُّ في الأصحِّ) كولاية النكاح، والثاني: أنها تلي بعد الأب والجد، وتقدم على وصيهما؛ لكمال شفقتها.
وحكم المجنون ومن بلغ سفيهًا: حكمُ الصبي في ترتيب الأولياء.
(1) روضة الطالبين (4/ 187).
وَيَتَصَرَّفُ الْوَليُّ بِالْمَصْلَحَةِ، وَيَبْنِي دُورَهُ بِالطِّينِ وَالآجُرِّ لَا اللَّبِنِ وَالْجِصِّ،
===
(ويتصرف الولي بالمصلحة) لقوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} .
وقضية كلامه كباقي كتبهما: أن التصرف الذي لا خير فيه ولا شرَّ ممنوعٌ منه، وبه صرح الجويني، والماوردي (1).
(ويبني دُورَه بالطين والآجرِّ) لأن الآجرَّ -وهو الطُّوبُ المشوي- يبقى، والطين قليل المؤنة، وينتفع به بعد النقض.
(لا اللَّبنِ والجِصِّ) وهو الجبس؛ لأن اللَّبِن قليل البقاء، وينكسر عند النقض، والجصّ كثير المؤنة، ولا تبقى منفعتُه عند النقض، بل يلصق بالطوب فيفسده.
وقوله: (والجصّ) كذا عبرا به في "المحرر" و"الشرح الصغير" و"الروضة".
وفي "الكبير": (أو الجصّ) بـ (أو) لا بـ (الواو)(2).
وهو أحسن، فإنه يدلُّ على الامتناع في اللبن، سواء أكان مع الطين أم الجصِّ، وعلى الامتناع في الجصِّ سواء أكان مع اللبن أم الآجرِّ، وهو كذلك، والتعبير بالواو لا يفيد إلا منع الاجتماع.
ولو اقتصر على قوله: (بالطين والآجر). . لفهم المنع فيما عداهما.
واشترط ابن الصباغ في بناء العقار ألا يجد الولي عقارًا يُباع، وأن يساوي بعد بنائه قدرَ ما انصرف عليه، وجرى عليه في "البيان"(3)، وهو في غاية الندور، فهو في التحقيق منع للبناء.
وقال بعض فقهاء اليمن: إنما يبنيه إذا لم يكن الشراء أحظَّ، قال ابن الملقن:(وهو فقه ظاهر)(4).
(1) نهاية المطلب (5/ 459 - 460)، الحاوي الكبير (6/ 445 - 446).
(2)
المحرر (ص 181)، روضة الطالبين (4/ 187)، الشرح الكبير (5/ 80).
(3)
البيان (6/ 210).
(4)
عجالة المحتاج (2/ 796).
وَلَا يَبِيعُ عَقَارَهُ إِلَّا لِحَاجَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ ظَاهِرَةٍ، وَلَهُ بَيْعُ مَالِهِ بِعَرْضٍ وَنَسِيئَةً لِلْمَصْلَحَةِ، وَإِذَا بَاعَ نَسِيئَةً. . أَشْهَدَ وَارْتَهَنَ بِهِ،
===
(ولا يبيع عقاره إلا لحاجة أو غِبطة ظاهرة) لأن العقار أنفع وأسلم مما عداه، فمن الحاجة: أن يخاف عليه الخراب، أو يحتاج إلى عمارته، أو إلى النفقة ولم يجد من يقرضه، أو لم ير المصلحةَ في الاقتراض.
قال في "البحر": ومنها: ما لو كان اليتيم في بلد وعقاره في أخرى، ويحتاج إلى مؤنة في توجيه من يجمع الغلة. . فيبيعه ويشتري في بلد اليتيم، أو يبني فيه مثله (1).
والغبطة: أن يكون ثقيل الخراج، أو يرغب فيه راغبٌ بزيادة على مثله، وهو يجد مثلَه ببعضه.
وسئل القفال عن ضيعة خراب لليتيم تستأصل مالَه في خرأجها، فقال: يجوز لوليه بيعها بثمن تافه ولو بدرهم، لأنه المصلحة.
قال البَنْدَنيجي: وحكم الأواني المعدة للقنية حكم العقار.
وقال الشيخ نجم الدين البالسي في "شرح التنبيه": ينبغي أن يجوز بيع مال التجارة من غير تقييد بشيء من ذلك، بل لو رأى البيع بأقلَّ من رأس المال ليشتري بالثمن ما هو مظنة الربح. . جاز.
وتقييده الغبطة بكونها ظاهرة من زيادات "المنهاج" على بقية كتبهما.
قال الإمام: وضابط تلك الزيادة ألا يستهين بها العقلاء بالنسبة إلى شرف العقار (2).
(وله بيع ماله بعرض ونسيئةً للمصلحة) بأن يكون في العرض ربح، وفي الثاني زيادة، أو خوف عليه من نهب أو إغارة.
(وإذا باع نسيئةً. . أشهد) على البيع (وارتهن به) أي: بالثمن رهنًا وافيًا به؛ احتياطًا للمحجور عليه.
(1) بحر المذهب (5/ 76).
(2)
نهاية المطلب (5/ 463).
وَيَأْخُذُ لَهُ بِالشُّفْعَةِ أَوْ يَتْرُكُ بحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ، وَيُزَكِّي مَالَهُ، وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ. فَإِنِ ادَّعَى بَعْدَ بُلُوغِهِ عَلَى الأَبِ وَالْجَدِّ بَيْعًا بِلَا مَصْلَحَةٍ. . صُدِّقَا بِالْيَمِينِ. وَإِنِ ادَّعَاهُ عَلَى الْوَصِيِّ وَالأَمِينِ. . صُدِّقَ هُوَ بِيَمِينِهِ.
===
ويستثنى من الاحتياج إلى الرهن بيع الأب والجد مالَ ولده من نفسه نسيئةً؛ فإنه لا يحتاج إلى الرهن؛ لأنه أمين في حقِّ ولده، كذا قالاه تبعًا للبغوي (1).
وللمسألة شروط آخر، ذكرها في "زيادة الروضة" في (كتاب الرهن) وهي: أن يكون المشتري ثقة موسرًا، والأجل قصيرًا بالنسبة إلى عرف الناس.
وقيل: لا يزيد على سنة، فإن فُقد شرطٌ من هذه. . بطل البيع (2).
قال في "الكفاية": (وفي اعتبار اليسار مع أخذ رهن يساوي الدين نظر)(3).
(ويأخذ له بالشفعة، أو يترك بحسب المصلحة) لأنه مأمور بفعلها.
فلو استوى الأمران. . فهل يحرم الأخذ، أو يجب، أو يتخير؟ فيه ثلاثة أوجه في "البحر".
قال الإسنوي: والأول: هو مقتضى كلام الرافعي في آخر الشفعة، والآية تشهد له (4).
ولو قال المحجور عليه: (كان الأحظ في الأخذ)، ونازعه الولي. . فعلى ما سيأتي في بيع العقار؛ كما نقله في "زيادة الروضة" عن "المهذب" وغيره (5).
(ويزكي مالَه، ويُنفق عليه بالمعروف) لأنه قائم مقامه.
(فإن ادعى بعد بلوغه على الأب والجدِّ بيعًا بلا مصلحة. . صُدِّقا باليمين، وإن ادعاه على الوصي والأمين. . صُدِّق هو بيمينه) لأن الأب والجد لا يُتَّهمان؛ لوفور
(1) الشرح الكبير (5/ 81)، روضة الطالبين (4/ 188).
(2)
روضة الطالبين (4/ 63 - 64).
(3)
كفاية النبيه (10/ 15).
(4)
وقع في "العجالة"[2/ 797]: (فإن استوى الأمران. . فهل يجب الأخذ أم يجوز، أم يمتنع؟ فيه أوجه، والنصُّ يفهم الأول)، وهو وهم، وأنه يفهم الآخر كما ذكرناه. اهـ هامش (أ).
(5)
روضة الطالبين (4/ 189).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
شفقتهما، بخلاف غيرهما، ودعواه على المشتري كهي على الولي.
ولو ادعى على القاضي. . فالقول قوله إن كان في زمن حكمه، قاله السبكي في "شرح المنهاج".
وتوقف فيما إذا كان معزولًا، ثم اختار بعد ذلك قبول قوله؛ لأنه حين تصرفه كان نائب الشرع، حكاه عنه ولدُه في "التوشيح".
* * *