الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَرعٌ [في دخول ما يتبع المبيع في البيع]
بَاعَ شَجَرَةً .. دَخَلَ عُرُوقُهَا وَوَرَقُهَا- وَفِي وَرَقِ التُّوتِ وَجْهٌ - وَأَغْصَانُهَا إِلَّا الْيَابِسَ، وَيَصِحُّ بَيْعُهَا بِشَرْطِ الْقَلْعِ أَوِ الْقَطْعِ، وَبِشَرْطِ الإِبْقَاءِ، وَالإِطْلَاقُ يَقْتَضِي الإِبْقَاءَ، وَالأَصَحُّ: أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْمَغْرِسُ لكِنْ يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتهُ مَا بَقِيَتِ الشَّجَرَةُ
===
(فرع: باع شجرة .. دخل عُروقها وورقها) لأنهما من أجزائها، (وفي ورق التوت) الأبيض الربيعي (وجه) لأنه يقصد لتربية دود القز، فكان كثمار سائر الأشجار، وأما الخريفي الأحمر .. فللمشتري قطعًا، ومحله أيضًا: إذا كان ورقَ أنثى؛ كما قاله في "المطلب"، قال: فإن الأصحاب صرحوا في (المساقاة) بأن ورق الذكر لا يصلح لذلك، والأصح: الدخول مطلقًا؛ كما في سائر الأشجار.
(وأغصانُها) لأن ذلك معدود منها (إلا اليابس) فلا يدخل في بيع الشجرة الرطبة؛ لأن العادة فيه القطع؛ كالثمرة.
وظاهره: عود الاستثناء إلى الثلاثة، لكن قال الإسنوي: تعبيره يقتضي: أنه لا فرق في العروق والأوراق بين اليابسة وغيرها، وهو مقتضى إطلاق الرافعي أيضًا، وصرح به في "الكفاية" في العروق خاصة (1).
(ويصح بيعها بشرط القلع أو القطع) رطبة كانت أو يابسة، وتدخل العروق عند شرط القلع دون شرط القطع، بل تبقى للبائع، (وبشرط الإبقاء) إذا كانت رطبة، فإن شرط إبقاء اليابسة .. لم يصحَّ البيع؛ كما لو اشترى ثمرة وشرط عدم القطع عند الجَذاذ.
(والإطلاق يقتضي الإبقاءَ) تحكيمًا للعادة (والأصح: أنه لا يدخل المَغْرِس) بكسر الراء حيث استحق الإبقاء، سواء كان بالاشتراط أم بالإطلاق؛ لأن اسم الشجرة لا يتناوله، والثاني: يدخل؛ لأنه مستحق الانتفاع به لا إلى غاية، فدلَّ على الملك.
(لكن يستحق منفعتَه ما بقيت الشجرةُ) بلا عوض.
(1) الشرح الكبير (4/ 338)، كفاية النبيه (9/ 183).
وَلَوْ كَانَتْ يَابِسَةً .. لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ الْقَلعُ. وَثَمَرَةُ النَّخْلِ الْمَبِيعِ إِنْ شُرِطَتْ لِلْبَائِع أَوِ الْمُشْتَرِي .. عُمِلَ بِهِ، وَإِلَّا؛ فَإِنْ لَمْ يَتَأَبَّرْ مِنْهَا شَيْءٌ .. فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي، وَإِلَّا .. فَلِلْبَائِعِ. وَمَا يَخْرُجُ ثَمَرُهُ بِلَا نَوْرٍ - كَتِينٍ وَعِنَبٍ - إِنْ بَرَزَ ثَمَرُهُ .. فَلِلْبَائِع، وَإِلَّا .. فَلِلْمُشْتَرِي. وَمَا خَرَجَ فِي نَوْرٍ ثُمَّ سَقَطَ؛ كَمِشْمِشٍ وَتُفَّاحٍ .. فَلِلْمُشْتَرِي إِنْ لَمْ تَنْعَقِدِ الثَّمَرَةُ، وَكَذَا إِنِ انْعَقَدَتْ وَلَمْ يَتَنَاثَرِ النَّوْرُ فِي الأَصَحِّ، وَبَعْدَ التَّنَاثُرِ لِلْبَائِعِ. وَلَوْ بَاعَ نَخَلَاتِ بُسْتَانٍ مُطْلِعَةً وَبَعْضُهَا مُؤَبَّرٌ .. فَلِلْبَائِعِ،
===
(ولو كانت يابسةً .. لزم المشتري القلعُ) للعادة.
(وثمرةُ النخل المبيعِ إن شُرطت للبائع، أو المشتري .. عُمل به) وفاء بالشرط.
(وإلا) أي: وإن لم يقع شرط (فإن لم يتأبّر منها شيء .. فهي للمشتري، وإلا) أي: وإن تأبر منها شيء ( .. فللبائع) لقوله عليه السلام: "مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ .. فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ، إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُبْتَاعُ" متفق على صحته (1).
والمراد بالتأبير: تشقق الطلع في وقته سواء أكان بنفسه أم بغيره، ولا أثر لما تشقق في غير وقته.
(وما يخرج ثمرُه بلا نَوْرٍ) وهو الزهر على أيِّ لون كان (كتين وعنب، إن برز ثمرُه .. فللبائع، وإِلا .. فللمشتري) لأن البروز هنا كالتشقق في النخل.
(وما خرج في نوْر ثم سقط؛ كمِشْمِش وتفاح .. فللمشتري إن لم تنعقد الثمرة) لأنها كالمعدومة، (وكذا إن انعقدت ولم يتناثر النَّوْرُ في الأصح) لأن استتارها بالنَّوْر بمنزلة استتار ثمرة النخلِ بِكمامه، والثاني أنها للبائع؛ تنزيلًا لاستتارها بالنَّوْر منزلة استتار ثمرة النخل بعد التأبير بالقشر الأبيض.
(وبعد التناثر للبائع) لظهورها.
(ولو باع نخلات بستان مطلعةً وبعضها مؤبر .. فللبائع) ثمرتها، وكذا ما اطلع بعد البيع؛ لأنا لو جعلنا المؤبر خاصة للبائع، وغيره للمشتري .. لاحتجنا إلى التتبّع والفحص، وفيه عسر عظيم (2).
(1) صحيح البخاري (2204)، صحيح مسلم (1543/ 77) عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(2)
وإنما ألحق غير المؤبر بالمؤبر دون عكسه؛ لأن غير المؤبر صائر إلى المؤبر دون عكسه. اهـ هامش (أ).
فَإِنْ أَفْرَدَ مَا لَمْ يُؤَبَّرْ .. فَلِلْمُشْتَرِي فِي الأَصَحِّ، وَلَوْ كَانَتْ فِي بُسْتَانَيْنِ .. فَالأَصَحُّ: إِفْرَادُ كُلِّ بُسْتَانٍ بحُكْمِهِ. وَإِذَا بَقِيَتِ الثَّمَرَةُ لِلْبَائِعِ، فَإِنْ شُرِطَ الْقَطْعُ .. لَزِمَهُ، وَإِلَّا .. فَلَهُ تَرْكُهَا إِلَى الْجَدَادِ. وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا السَّقْيُ إِنِ انْتَفَعَ بِهِ الشَّجَرُ وَالثَّمَرُ، وَلَا مَنْعَ لِلآخَرِ، وَإِنْ ضَرَّهُمَا .. لَمْ يَجُزْ إِلَّا بِرِضَاهُمَا، وَإِنْ ضَرَّ أَحَدَهُمَا وَتنَازَعَا .. فُسِخَ الْعَقْدُ إِلَّا أَنْ يُسَامحَ الْمُتَضرِّرُ، وَقِيلَ: لِطَالِبِ السَّقْيِ أَنْ يَسْقِيَ
===
وهذه المسألة قد عُلم حكمُها من قوله قبل ذلك: (وثمرة النخل
…
) إلى آخره، ولكن ذكر هنا تفصيل ذلك الحكم.
(فإن أفرد ما لم يُؤبَّر) من بستان واحد ( .. فللمشتري في الأصح) لانقطاع التبعية بإفراده بالبيع، والثاني: للبائع؛ اكتفاء بدخول وقت التأبير.
(ولو كانت في بستانين) واتحدت الصفقة والمالك ( .. فالأصح: إفراد كلِّ بستان بحكمه) لأن اختلاف البقاع له أثر بيّن في وقت التأبير، والثاني: أن غير المؤبر يتبع المؤبرَ؛ لاتحاد الصفقة، فأشبها نخيلَ البستان الواحد.
(وإذا بقيت الثمرةُ للبائع) بالشرط أو بالتأبير (فإن شُرط القطعُ .. لزمه) وفاءً بالشرط، (وإلا) أي: وإن لم يشرط القطع، بل شرط البقاء، أو أطلق ( .. فله تركها إلى الجَداد) وفاءً بالشرط في الأول، والعادةِ في الثاني.
(ولكلٍّ منهما السقي إن انتفع به الشجر والثمر، ولا منع للآخر) لأن منعه والحالةُ هذه سَفَهٌ.
(وإن ضرَّهما .. لم يجز إلا برضاهما) فمن طلبه منهما .. كان للآخر منعه؛ لأنه يضرُّ صاحبَه بغير نفع يعود إليه، فهو سَفَهٌ وتضييع.
(وإن ضرَّ أحدَهما وتنازعا .. فُسخ العقد) لأنه ليس أحدهما أولى من الآخر (إلا أن يسامح المتضررُ) لزوال التنازع، قال ابن الملقن:(وفيه نظر؛ لأنها إضاعةُ مال، وهي محرمة) انتهى (1)، وفي النظر نظرٌ، بل هي إحسان وبرّ (2).
(وقيل: لطالب السقي أن يَسقي) لدخول الآخر في العقد على ذلك.
(1) عجالة المحتاج (2/ 729).
(2)
في (ب) و (د): (بل هي إحسان ومسامحة).