المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة] - بداية المحتاج في شرح المنهاج - جـ ٢

[بدر الدين ابن قاضي شهبة]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ البيع

- ‌بابُ الرِّبا

- ‌بابٌ [البيوع المنهي عنها]

- ‌فصلٌ [في المنهيات التي لا يقتضي النهي فسادها]

- ‌فصلٌ [في تفريق الصفقة]

- ‌بابُ الخيار

- ‌فصلٌ [في خيار الشرط وما يتبعه]

- ‌فصلٌ [في خيار النقيصة]

- ‌فرعٌ [في عدم تفريق الصفقة بالعيب]

- ‌فصلٌ [في التصرية]

- ‌بابٌ [في حكم المبيع قبل قبضه وبعده والتصرف فيه]

- ‌فَرعٌ [في تتمة أحكام الباب]

- ‌فَرعٌ [في تتمة الباب أيضًا]

- ‌بابُ التّولية والإشراك والمراجعة

- ‌بابُ الأصول والثّمار

- ‌فَرعٌ [في دخول ما يتبع المبيع في البيع]

- ‌فصَلٌ [في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما]

- ‌بابُ اختلاف المتبايعين

- ‌بابٌ [معاملة الرّقيق)

- ‌كتابُ السَّلَم

- ‌فصَلٌ [في بقية الشروط السبعة]

- ‌فَرعٌ [في محل السلم وشروطه]

- ‌فصلٌ [في بيان أخذ غير المسلم فيه عنه ووقت أدائه ومكانه]

- ‌فصلٌ [في القرض]

- ‌كتابُ الرَّهْن

- ‌فصَلٌ [في شروط المرهون به ولزوم الرهن]

- ‌فصلٌ [فيما يترتب على لزوم الرهن]

- ‌فصلٌ [في جناية المرهون]

- ‌فصلٌ [في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به]

- ‌فصلٌ [في تعلق الدين بالتركة]

- ‌كتاب التفليس

- ‌فصلٌ [فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما]

- ‌فَصْلٌ [في رجوع المعامل للمفلس عليه بما عامله به ولم يقبض عوضه]

- ‌بابُ الحَجْر

- ‌فَصْلٌ [فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله]

- ‌بابُ الصُّلْح

- ‌فَصْلٌ [في التزاحم على الحقوق المشتركة]

- ‌بابُ الحَوالة

- ‌بابُ الضَّمان

- ‌فصلٌ [في كفالة البدن]

- ‌فصلٌ [في صيغتي الضمان والكفالة]

- ‌كتابُ الشّركة

- ‌كتابُ الوكالة

- ‌فصَلٌ [في أحكام الوكالة بعد صحتها]

- ‌فصَلٌ [فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة]

- ‌فصَلٌ [في بيان جواز الوكالة وما تنفسخ به]

- ‌كتابُ الإقرار

- ‌فَصْلٌ [في الصيغة]

- ‌فَصْلٌ [في شروط المُقَرِّ به]

- ‌فَصْلٌ [في بيان أنواع من الإقرار وفي بيان الاستثناء]

- ‌فَصْلٌ [في الإقرار بالنسب]

- ‌كتابُ العاريَّة

- ‌فَصْلٌ [في رد العارية]

- ‌كتابُ الغَصْب

- ‌فَصلٌ [في بيان حكم الغصب]

- ‌فَصلٌ [في اختلاف المالك والغاصب]

- ‌فَصلٌ [فيما يطرأ على المغصوب من زيادة ووطء وانتقال]

- ‌كتابُ الشُّفْعة

- ‌فَصلٌ [في بيان بدل الشقص الذي يؤخذ به والاختلاف في قدر الثمن]

- ‌كتابُ القِراض

- ‌فَصْلٌ [في بيان الصيغة وما يشترط في العاقدين]

- ‌فَصْلٌ [في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين]

- ‌كتابُ المساقاة

- ‌فَصْلٌ [فيما يشترط في عقد المساقاة]

- ‌كتابُ الإِجَارة

- ‌فَصْلٌ [في بقية شروط المنفعة وما تقدر به]

- ‌فَصْلٌ [في منافع يمتنع الاستئجار لها ومنافع يخفى الجواز فيها وما يعتبر فيها]

- ‌فَصْلٌ [فيما يلزم المكري أو المكتري لعقار أو دابة]

- ‌فَصْلٌ [في بيان غاية المدة التي تقدر بها المنفعة تقريبًا]

- ‌فَصْلٌ [فيما يقتضي انفساخ الإجارة والتخيير في فسخها وما لا يقتضيهما]

- ‌كتابُ إحياء المَوات

- ‌فَصْلٌ [في حكم المنافع المشتركة]

- ‌فَصْلٌ [في بيان حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض]

- ‌كتابُ الوَقْف

- ‌فَصْلٌ [في أحكام الوقف اللفظية]

- ‌فَصْلٌ [في أحكام الوقف المعنوية]

- ‌فصلٌ [في بيان النظر على الوقف وشرطه ووظيفة الناظر]

- ‌كتابُ الهِبَة

- ‌كتابُ اللُّقَطة

- ‌فصلٌ [في بيان لقط الحيوان وغيره وتعريفها]

- ‌فصلٌ [في تملك اللقطة وغرمها وما يتبعها]

- ‌كتابُ اللَّقيط

- ‌فصلٌ [في الحكم بإسلام اللقيط]

- ‌فصلٌ [في بيان حرية اللقيط ورقه واستلحاقه وتوابع ذلك]

- ‌كتابُ الجعالة

- ‌كتابُ الفرائض

- ‌فصلٌ [في بيان الفروض التي في القرآن الكريم وذويها]

- ‌فصلٌ [في الحجب]

- ‌فصلٌ [في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادًا واجتماعًا]

- ‌فصلٌ [في كيفية إرث الأصول]

- ‌فصلٌ [في إرث الحواشي]

- ‌فصلٌ [في الإرث بالولاء]

- ‌فصلٌ [في حكم الجد مع الإخوة]

- ‌فصلٌ [في موانع الإرث]

- ‌فصلٌ [في أصول المسائل وما يعول منها]

- ‌فَرْعٌ [في تصحيح المسائل]

- ‌فَرْعٌ [في المناسخات]

- ‌كتابُ الوصايا

- ‌فصَلٌ [في الوصية لغير الوارث وحكم التبرعات في المرض]

- ‌فصلٌ [في بيان المرض المخوف ونحوه]

- ‌فصلٌ [في أحكام الوصية الصحيحة ولفظها]

- ‌فصلٌ [في أحكام معنوية للموصى به]

- ‌فَصْلٌ [في الرجوع عن الوصية]

- ‌فَصْلٌ [في الإيصاء وما يتبعه]

- ‌كتابُ الوَدِيعة

- ‌كتابُ قَسْم الفيء والغنيمة

- ‌فَصْلٌ [في الغنيمة وما يتبعها]

- ‌كتابُ قَسْم الصّدقات

- ‌فَصْلٌ [في بيان مستند الإعطاء وقدر المعطى]

- ‌فَصْلٌ [في القسمة بين الأصناف وما يتبعها]

- ‌فَصْلٌ [في صدقة التطوع]

الفصل: ‌فصل [فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة]

إِلَّا أَنْ يُعَيِّنَ الْمُوَكِّلُ غَيْرَهُ، وَلَوْ وَكَّلَ أَمِينًا فَفَسَقَ .. لَمْ يَمْلِكِ الْوَكِيلُ عَزْلَهُ فِي الأَصَحِّ، والله أَعْلَمُ.

‌فصَلٌ [فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة]

قَالَ: (بِعْ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ)، أَوْ (فِي

===

وظاهر إطلاقه: أنه لا يجوز توكيل الخائن وإن كان الموكل عيَّن الثمن والمبيع منه؛ لأنها استنابة عن الغير، وهو أحد احتمالي صاحب "المطلب".

(إلا أن يعين الموكِّل غيرَه) أي: غير الأمين، فيتبع تعيينه لإذنه فيه.

(ولو وكل أمينًا ففسق .. لم يملك الوكيل عزلَه في الأصحِّ، والله أعلم) لأنه أذن له في التوكيل دون العزل، وهذا أقيس الوجهين في "زيادة الروضة"(1)، ولا ترجيح في "الشرحين"، ولم يصور المسألة (2).

وقد صورها في "الوسيط" بما إذا قال: (وكِّل عني)(3)، وفي معناه: الإطلاق، وحينئذ فمنع العزل واضح؛ لأنه ليس وكيلًا له.

واستشكل في "الكفاية" مقابلَه ولم يعلِّله (4)، وعلَّله في "المطلب" بأنه من توابع ما وكَّل فيه، فأشبه الردَّ بالعيب عند التصريح بالسفارة، وعلَّله غيرُه بأن الإذن اقتضى توكيلَ أمين، فإذا فسق .. لم يجز استعماله، فملك عزلَه.

قال السبكي: والذي أقوله: أنا حيث جعلناه وكيلَ الوكيل .. فله عزله بكلِّ حال، وحيث جعلناه وكيلَ الموكل .. فالقول بأن للوكيل عزلَه لا وجه له، بل ينبغي أن يكون الوجهان في انعزاله بالفسق، ويُصحَّح الانعزال؛ كالقاضي، وعدلِ الرهن.

* * *

(فصل: قال: "بع لشخص معين") أي: قال له: (بع لزيد) مثلًا (أو "في

(1) روضة الطالبين (4/ 314).

(2)

الشرح الكبير (5/ 237).

(3)

الوسيط (3/ 292).

(4)

كفاية النبيه (10/ 232).

ص: 259

زَمَنٍ أَوْ مَكَانٍ مُعَيَّنٍ) .. تَعَيَّنَ، وَفِي الْمَكَانِ وَجْهٌ إِذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ غَرَضٌ. وَإِنْ قَالَ:(بِعْ بِمِئَةٍ) .. لَمْ يَبِعْ بِأَقَلَّ، وَلَهُ أَنْ يَزِيدَ إِلَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِالنَّهْيِ.

===

زمن أو مكان معين" .. تعين) تبعًا لتخصيصه، ومحلُّ تعيين المكان: إذا لم يقدر الثمن، فإن قدره فباع في غيره .. صحَّ؛ كما نقله المصنف عن ابن الصباغ والمتولي وغيرهما (1).

(وفي المكان وجه إذا لم يتعلق به غرض) أنه لا يتعين؛ لاتفاق الغرض فيها، وهذا هو المنصوص؛ كما نقله في "المطلب"، واختاره السبكي.

فإن تعلق به غرض؛ بأن كان الراغبون فيه أكثر والنقد أجود .. فإنه لا يجوز البيع في غيره جزمًا إذا لم يقدر الثمن، وإن نهاه عن البيع في غيره .. امتنع مطلقًا.

(وإن قال: "بع بمئة" .. لم يبع بأقلَّ) ولو بقيراط؛ لأنه مخالف للإذن، (وله أن يزيد) لأن ذلك زيادةُ خير.

وقوله: (وله) يشعر بجواز البيع بالمئة وهناك راغب بزيادة، والأشبه في "الشرح الصغير"، والأصح في "زيادة الروضة": المنع، ولا ترجيح في "الكبير"(2).

(إلا أن يصرح بالنهي) لأن النطق أبطل حكم العرف.

ويَرِد على حصره الاستثناء: ما لو قال: (بعه لزيد بمئة)، فإنه ليس له الزيادة قطعًا؛ لأنه ربما قصد محاباته، قال الغزالي: إلا إذا علم خلافه بالقرينة (3).

ولو قال: (اشتر عبد فلان بمئة) فاشتراه بأقلَّ منها .. صحَّ، وفرق الماوردي: بأنه في البيع ممنوع من قبض ما زاد على المئة، وفي الشراء مأمور بدفع مئة، ودفع الوكيل بعضَ المأمور جائز، كذا نقله في "زيادة الروضة" وأقره (4).

ونقضه في "الكفاية" بما إذا كان وكيلًا في البيع دون القبض فإنه لا يجوز البيع بالزيادة، مع أنه لا قبض له، ثم قال: والذي يظهر في الفرق: أن البيع لما كان ممكنًا

(1) روضة الطالبين (4/ 315).

(2)

روضة الطالبين (4/ 316)، والشرح الكبير (5/ 239).

(3)

الوسيط (3/ 299).

(4)

روضة الطالبين (4/ 317).

ص: 260

وَلَوْ قَالَ: (اشْتَرِ بِهَذَا الدِّينَارِ شَاةً) وَوَصَفَهَا، فَاشْتَرَى بِهِ شَاتَيْنِ بِالصِّفَةِ، فَإِنْ لَمْ تُسَاوِ وَاحِدَةٌ دِينَارًا .. لَمْ يَصِحَّ الشِّرَاءُ لِلْمُوَكِّلِ، وَإِنْ سَاوَتْهُ كُلُّ وَاحِدَةٍ .. فَالأَظْهَرُ: الصِّحَّةُ وَحُصُولُ الْمِلْكِ فِيهِمَا لِلْمُوَكِّلِ.

===

من المعين ومن غيره .. كان التنصيص عليه دالًّا على مراعاته، ولما لم يمكن شراء العبد المعين من غير المذكور .. ضعف أن يكون التنصيص دالًّا على مراعاته، فإنه كما يحتمل ذلك يحتمل أن يكون لأجل التعريف (1).

(ولو قال: "اشتر بهذا الدينار شاة"، ووصفها، فاشترى به شاتين بالصفة، فإن لم تساو واحدةٌ دينارًا .. لم يصحَّ الشراء للموكِّل)(2) وإن زادت قيمتهما على الدينار لفوات ما وكل فيه.

واحترز بقوله: (ووصفها) عما إذا لم يصفها، فإن التوكيل لا يصحُّ.

(وإن ساوته كلُّ واحدة .. فالأظهر: الصحة وحصول الملك فيهما للموكِّل) لأن عُروة البارقي فعل هذا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا له (3)، ولأن مقصود الموكِّل قد حصل بزيادة، فأشبه ما إذا أمره بأن يبيع بخمسة، فباع بعشرة، والثاني: لا تقع الشاتان معًا للموكل؛ لأنه لم يأذن إلا في واحدة، بل ينظر إن اشترى في الذمة .. فللموكل واحدة بنصف دينار، والأخرى للوكيل، وللموكل أن ينتزع الثانية منه، ويقرر العقد فيهما له على الأصحِّ؛ لأنه عقد العقد له، وإن اشتراهما بعين الدينار؛ فإن قلنا: بوقف العقود .. فإن شاء .. أخذهما، وإن شاء .. أخذ واحدة بنصفه وردَّ الأخرى على البائع، وإن قلنا بعدم الوقف .. بطل في واحدة، وفي الأخرى قولا تفريقِ الصفقةِ، لكن صحح المتولي هنا البطلان (4).

وقوله: (وإن ساوته كلُّ واحدة) هو طريقة، والأصحُّ في "زيادة الروضة": أن الشرط: أن تكون إحداهما فقط مساوية للدينار (5).

(1) كفاية النبيه (10/ 247 - 248).

(2)

في (ب) و (د): (فإن لم تساو كلُّ واحدة دينارًا).

(3)

أخرجه البخاري (3642).

(4)

بلغ مقابلة على خط مؤلفه، عفا الله عنه، مقابله محب الدين ورفيقه. اهـ هامش (أ).

(5)

روضة الطالبين (4/ 319).

ص: 261

وَلَوْ أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ بِمُعَيَّنٍ فَاشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ .. لَمْ يَقَعْ لِلْمُوَكِّلِ، وَكَذَا عَكْسُهُ فِي الأَصَحِّ. وَمَتَى خَالَفَ الْمُوَكِّلَ فِي بَيْعِ مَالِهِ أَوِ الشِّرَاءِ بِعَيْنِهِ .. فَتَصَرُّفُهُ بَاطِلٌ. وَلَوِ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَلَمْ يُسَمِّ الْمُوَكِّلَ .. وَقَعَ لِلْوَكِيلِ، وَإِنْ سَمَّاهُ فَقَالَ الْبَائِعُ:(بِعْتُكَ)، فَقَالَ:(اشْتَرَيْتُ لِفُلَانٍ) .. فَكَذَا فِي الأَصَحِّ، وَلَوْ قَالَ:(بِعْتُ مُوَكِّلَكَ زَيْدًا)، فَقَالَ:(اشْتَرَيْتُ لَهُ) .. فَالْمَذْهَبُ: بُطْلَانُهُ.

===

(ولو أمره بالشراء بمعين فاشترى في الذمة .. لم يقع للموكِّل) لمخالفته؛ لأنه أمره بعقد ينفسخ بتلف المدفوع، حتى لا يطالب الموكل بغيره، وقد خالفه، ويقع العقد للوكيل، وإن صرح بالسفارة على الأصحِّ.

(وكذا عكسه في الأصحِّ) للمخالفة، فإنه أمره بعقد لا ينفسخ بتلف المدفوع، فأتى بخلافه، وقد يكون غرض الموكل تحصيلَ المبيع على كلِّ حال، وعلى هذا لا يقع لواحد منهما، والثاني: يقع للموكل؛ لأنه زاد خيرًا حيث لم يلزم ذمتَه شيئًا.

(ومتى خالف الموكِّل في بيع ماله) أي: باع ماله على غير الوجه المأذون فيه (أو الشراءِ بعينه) أي: اشترى له بعين ماله على وجه لم يأذن فيه (فتصرفه باطل) لأن المالك لم يرض بخروج ملكه على ذلك الوجه.

(ولو اشترى في الذمة) مع المخالفة (ولم يسمِّ الموكِّل .. وقع للوكيل) دون الموكل وإن نواه؛ لأن الخطاب وقع معه، وإنما ينصرف بالنية إلى الموكل إذا كان موافقًا لإذنه، فإذا خالف .. لغت نيته، وصار كأجنبي يشتري لغيره في ذمته.

(وإن سماه فقال البائع: "بعتك"، فقال: "اشتريت لفلان" .. فكذا في الأصحِّ) لأن تسمية الموكل في الشراء ليست شرطًا، فإذا سماه ولم يمكن صرفُ العقد إليه .. صار كأنه لم يسمه، والثاني: لا يصحُّ العقد بالكلية؛ لأنه صرح بإضافته إلى الموكل، وقد امتنع إيقاعه له، فألغي.

وأصل الوجهين: الخلاف في أن الخصوص إذا بطل هل يبطل العموم؟

(ولو قال: "بعت موكِّلك زيدًا"، فقال: "اشتريت له" .. فالمذهب: بطلانه) وإن وقع التصرف على وفق الإذن؛ لأن الأحكام المتعلقة بمجلس العقد إنما يمكن الاعتبار فيها بالمتعاقدين، فاعتبرنا جريان المخاطبة بينهما، والمخاطبةُ هنا

ص: 262

وَيَدُ الْوَكِيلِ يَدُ أَمَانَةٍ وَإِنْ كَانَ بِجُعْلٍ، فَإِنْ تَعَدَّى .. ضَمِنَ وَلَا يَنْعَزِلُ فِي الأَصَحِّ. وَأَحْكَامُ الْعَقْدِ تَتَعَلَّقُ بِالْوَكِيلِ دُونَ الْمُوَكِّلِ، فَيُعْتَبَرُ فِي الرُّؤْيَةِ، وَلُزُومِ الْعَقْدِ بِمُفَارَقَةِ الْمَجْلِسِ وَالتَّقَابُضِ فِي الْمَجْلِسِ، حَيْثُ يُشْتَرَطُ الْوَكِيلُ دُونَ الْمُوَكِّلِ.

===

مفقودة، بخلاف النكاح فإنه لا يصحُّ إلا على هذه الصورة، وهو ترك الخطاب؛ لأنه سفير محض.

وتعبيره بـ (المذهب) تبع فيه "المحرر"، وكذا عبر في "الروضة"، وعبارة الرافعي في "الشرحين": أنه ظاهر المذهب (1)، وهي لا تشعر بحكاية خلاف ألبتة، ولم يذكر في "الروضة" ما يقابل المذهب.

نعم؛ حكى في "الكفاية" وجهين في ذلك عن الجويني، فكان ينبغي التعبير بالأصحِّ (2).

(ويد الوكيل يد أمانة وإن كان بجُعل) لأن الوكالة عقد إرفاق ومعونة، والضمان مناف لذلك ومنفر عنه.

(فإن تعدى .. ضمن) كغيره من الأمناء.

(ولا ينعزل في الأصحِّ) لأن حقيقة الوكالة الإذنُ في التصرف، والأمانة حكم يترتب عليه، فلا يلزم من ارتفاع هذا الحكم بطلانُ أصل العقد؛ كما لا يرتفع مقصود الرهن، وهو التوثق ببطلان حكمه وهو الأمانة، والثاني: ينعزل؛ لأنها أمانة فترتفع بالتعدي؛ كالوديعة، وهذا إذا تعدى بالفعل، فإن تعدى بالقول؛ كما لو باع بغبن فاحش ولم يسلم .. لا ينعزل جزمًا؛ لأنه لم يتعد فيما وكل فيه، ذكره في "الكفاية" عن "البحر"(3).

(وأحكام العقد تتعلق بالوكيل دون الموكِّل، فيُعتبر في الرؤية، ولزومِ العقد بمفارقة المجلس، والتقابضِ في المجلس، حيث يشترط الوكيل دون الموكِّل) لأن الوكيل هو العاقد حقيقة.

(1) المحرر (ص 198)، روضة الطالبين (4/ 324)، الشرح الكبير (5/ 248).

(2)

كفاية النبيه (10/ 251).

(3)

كفاية النبيه (10/ 315).

ص: 263

فَإِذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ .. طَالَبَهُ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ إِنْ كَانَ دَفَعَهُ إِلَيْهِ الْمُوَكِّلُ، وَإِلَّا .. فَلَا إِنْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا، وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ .. طَالَبَهُ إِنْ أَنْكَرَ وَكَالَتَهُ، أَوْ قَالَ:(لَا أَعْلَمُهَا)، وَإِنِ اعْتَرَفَ بِهَا .. طَالَبَهُ أَيْضًا فِي الأَصَحِّ كَمَا يُطَالِبُ الْمُوَكِّلَ، وَيَكُونُ الْوَكِيلُ كَضَامِنٍ وَالْمُوَكِّلُ كَأَصِيلٍ. وَإِذَا قَبَضَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْع الثَّمَنَ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ وَخَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا .. رَجَعَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي وَإِنِ اعْتَرَفَ بِوَكَالَتِهِ فِي الأَصَحِّ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ

===

(فإذا اشترى الوكيل .. طالبه البائع بالثمن إن كان دَفَعه إليه الموكِّل)(1) لاقتضاء العرف ذلك، (وإلا) أي: وإن لم يكن دفعه إليه ( .. فلا إن كان الثمن مُعيَّنًا) لأنه ليس في يده، وحقّ البائع مقصور عليه.

(وإن كان في الذمة .. طالبه إن أنكر وكالته، أو قال: "لا أعلمها") لأن الظاهر: أنه يشتري لنفسه، والعقد وقع معه.

(وإن اعترف بها .. طالبه أيضًا في الأصحِّ؛ كما يطالب الموكِّل، ويكون الوكيل كضامن، والموكِّل كأصيل) لأن العقد وإن وقع للموكِّل لكن الوكيل فرعُه ونائبه، فلذلك جوزنا مطالبتهما، فعلى هذا يرجع الوكيل إذا غرم، والثاني: لا يطالب الوكيل؛ لأنه سفير محض؛ كالوكيل في النكاح لا يطالب بالمهر، والثالث: أنه يطالب الوكيل فقط؛ لأن الالتزام وجد منه، ورجحه الرافعي في مسألة خلع الأجنبي (2).

(وإذا قبض الوكيل بالبيع الثمنَ وتلف في يده وخرج المبيع مستحقًّا .. رجع عليه المشتري وإن اعترف بوكالته في الأصحِّ) لأنه الذي تولّى القبض، وحصل التلف في يده، والثاني: يرجع به على الموكِّل؛ لأن الوكيل سفيره، ويده كيده، ونسبه القاضي حسين إلى عامة الأصحاب، والثالث: يرجع على من شاء منهما؛ للمعنيين.

(ثم يرجع الوكيل على الموكِّل) لأنه غره.

(1) في (ب) و (د): (وإذا اشترى الوكيل).

(2)

الشرح الكبير (8/ 463).

ص: 264