الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَضَابِطُهُ: كُلُّ جَدَّةٍ أَدْلَتْ بِمَحْضِ إِنَاثٍ أَوْ ذُكُورٍ أَوْ إِنَاثٍ إِلَى ذُكُورٍ .. تَرِثُ، وَمَنْ أَدْلَتْ بذَكَرٍ بَيْنَ أُنثيَيْن .. فَلَا.
فصلٌ [في إرث الحواشي]
الإِخْوَةُ وَالأَخَوَاتُ لأَبَوَيْنِ إِنِ انْفَرَدُوا
===
(وضابطه) أي: ضابط الجدات الوارثات (كلُّ جدة أدلت) أي: وصلت (بمحض إناثٍ) كأم أم الأم (أو ذكور) كأم أب الأب (أو إناث إلى ذكور .. ترث) كأم أم الأب.
(ومن أدلت بذكر بين أنثيين) كأم أبي الأم ( .. فلا) ترث؛ كما لا يرث ذلك الذكر، وحكى ابن المنذر فيه الإجماع (1).
واعلم: أنه إذا اجتمع جدات .. فالوارث منهن من قبل الأم واحدة أبدًا، وإنما يقع التعداد في التي من قبل الأب، ويتعدد ذلك بتعدد الدرجة، ففي الدرجة الأولى: واحدة، وهي أم الأب، وفي الثانية: جدتان، وهي أم أم الأب، وأم أب الأب، وفي الثالثة: ثلاث، وفي الرابعة: أربع، وفي الخامسة: خمس؛ فتكون الوارثات في الدرجة الخامسة ست جدات؛ واحدة من قبل الأم، وخمس من قبل الأب، فإذا سئلت عن عدد من الجدات الوارثات .. فاجعل درجتهن بعدد المسؤول عنه، ومَحِّض نسبة الأولى إلى الميت أمهاتٍ، ثم أَبْدِل من آخر نسبة الثانية أمًّا بأب، وفي آخر نسبة الثالثة أمين بأبوين، وهكذا تنُقص من الأمهات وتزيد في الآباء حتى تتمحض نسبة الأخيرة أبًا.
فإذا سئلت عن خمس جدات وارثات .. فاجعل درجتهن خمسة الأولى: مدلية بالأمومة، وهي أم أم أم أم أم، الثانية: أم أم أم أم أب، الثالثة: أم أم أم أبي أب، الرابعة: أم أم أبي أبي أب، الخامسة: أم أبي أبي أبي أب.
* * *
(فصل: الإخوة والأخوات لأبوين إن انفردوا) عن الإخوة والأخوات للأب
(1) الإجماع (ص 95).
وَرِثُوا كَأَوْلَادِ الصُّلْبِ، وَكَذَا إِنْ كَانُوا لأَبٍ إلَّا فِي الْمُشَرَّكَةِ، وَهِيَ زَوْج وَأُمّ وَوَلَدَا أُمٍّ وَأَخٌ لأَبَوَيْنِ، فَيُشَارِكُ الأخ وَلَدَيِ الأُمِّ فِي الثّلُثِ. وَلَوْ كَانَ بَدَلَ الأَخِ أَخٌ لِأبٍ .. سَقَطَ. وَلَوِ اجْتَمَعَ الصِّنْفَانِ .. فَكَاجْتِمَاعِ أَوْلَادِ الصُّلْبِ وَأَوْلَادِ ابْنِهِ
===
( .. ورثوا كأولاد الصلب) للذكر جميع المال، وللأنثى النصف، وللاثنتين فصاعدًا الثلثان، وللذكر مثل حظ الأنثيين عند اجتماع الصنفين؛ كما تقدم.
(وكذا إن كانوا لأب) وانفردوا عن الأشقاء بالإجماع (إلا في المشركة) بفتح الراء المشددة، وقيل: بكسرها، (وهي: زوجٌ وأم) أو جدة (وولدا أم) فصاعدًا (وأخ لأبوين؛ فيشارك الأخ) الشقيق (ولدي الأم في الثلث) بأخوة الأم؛ لاشتراكهم في القرابة التي ورثوا بها الفرض، فأشبه ما لو كان أولاد الأم بعضهم ابن عم .. فإنه يشارك بقرابة الأم وإن سقطت عصوبته.
وتُسمَّى هذه بـ (الحِمَاريّة) لأنها وقعت في زمن سيدنا عمر رضي الله عنه؛ فحرم الأشقاء، فقالوا: هَبْ أن أبانا كان حمارًا ألسنا من أم واحدة؟ فشرَّك بينهم (1)، وإذا شركنا بين أولاد الأم وأولاد الأبوين .. تقاسموا بالسوية ذكورهم كإناثهم.
(ولو كان بدل الأخ) لأبوين (أخٌ لأب .. سقط) بالإجماع؛ لأنه ليس له قرابة أُمٍّ يشارك بها، ولو كان بدله أخت لأب .. فرض لها النصف وعالت، فلو كان معها أو معهن أخ .. سقط وأسقطهن، وهذا هو الأخ المشؤوم.
(ولو اجتمع الصنفان) أي: الأشقاء والإخوة لأب ( .. فكاجتماع أولاد الصلب وأولادِ ابنه) من غير فرق، فإن كان ولد الأبوين ذكرًا .. فأولاد الأب يسقطون به بالإجماع؛ لتميز ولد الأبوين بقرابة الأم؛ كما امتاز ابن الصلب بقرب الدرجة.
أو أنثى .. فلها النصف، والباقي لأولاد الأب إن كانوا ذكورًا، فإن كانوا ذكورًا وإناثًا .. فللذكر مثل حظ الأنثيين، وإن تمحضوا إناثًا أو أنثى فقط .. فلهن أو لها السدس تكملة الثلثين، وإن كان من ولد الأبوين اثنتان فأكثر .. أخذتا الثلثين، ولا شيء للإناث الخُلَّص من أولاد الأب.
(1) أخرجه الحاكم (4/ 337)، والبيهقي (6/ 255 - 256).
إلَّا أَنَّ بَنَاتِ الابْنِ يُعَصَبُهُنَّ مَنْ فِي دَرَجَتِهِنَّ أَوْ أَسْفَلَ، وَالأُخْتُ لَا يُعَصِّبُهَا إلَّا أَخُوهَا. وَلِلْوَاحِدِ مِنَ الإِخْوَةِ أَوِ الأَخَوَاتِ لِأمٍّ: السُّدُسُ، وَلِلاثنيْنِ فَصَاعِدًا: الثُّلُثُ؛ سَوَاءٌ ذُكُورُهُمْ وَإِنَاثُهُمْ. وَالأَخَوَاتُ لِأبَوَيْنِ أَوْ لِأبٍ مَعَ الْبَنَاتِ وَبَنَاتِ الابْنِ عَصَبَة كَالإِخْوَةِ؛ فَتُسْقِطُ أُخْتٌ لِأبَوَيْنِ مَعَ الْبنْتِ الأَخَوَاتِ لِأب. وَبَنُو الإِخْوَةِ لِأبَوَيْنِ أَوْ لِأبٍ كُلٌّ مِنْهُمْ كَأَبِيهِ اجْتِمَاعًا وَانْفِرَادًا، لكَنْ يُخَالِفُونَهُمْ فِي أَنَّهُمْ لَا يَرُدُّونَ الأُمَّ إِلَى السُّدُسِ،
===
(إلا أن بنات الابن يُعصِّبهن من في درجتهن أو أسفل) كما سبق (والأخت لا يُعصِّبها إلا أخوها) لا أولاد الأخ ولا أولاد بني العم، فإذا خلف أختين لأبوين، وأختًا لأب، وابن أخ لأب
…
فللأختين الثلثان، والباقي لابن الأخ، ولا يُعصِّب الأخت لأب.
والفرق بينه وبين ابن الابن حيث يُعصِّب عمته: أن ابن ابن الأب يُعصِّب أخته؛ فعصب عمته، وابن الأخ لا يُعصِّب أخته؛ لأنها لا ترث فلا يُعصِّب عمته، وأيضًا ابن الابن يُسمَّى ابنًا حقيقة أو مجازًا، وابن الأخ لا يُسمَّى أخًا.
(وللواحد من الإخوة أو الأخوات لأم: السدس، وللاثنين فصاعدًا: الثلث) لما قدمناه (سواء ذكورهم وإناثهم) بالإجماع؛ لأنهم يرثون بالرحم فاستووا؛ كالأبوين مع الولد، فإنهما يشتركان في الثلث، بخلاف الإخوة لأبوين أو لأب؛ فإنهم يرثون بالتعصيب فأخذ الذكر مثل حظ الأنثيين.
(والأخوات لأبوين أو لأب مع البنات وبناتِ الابن عصبةٌ؛ كالإخوة) بالإجماع.
والمراد بـ (البنات) و (الأخوات): الجنس لا الجمع؛ فإن الأخت الواحدة مع البنت الواحدة عصبةٌ؛ كما أشار إليه المصنف بالمثال.
(فتسقط أخت لأبوين مع البنت الأخوات لأب) وكذا الإخوة له؛ كما يسقط الأخ الشقيق الأخ لأب.
(وبنو الإخوة لأبوين، أو لأب كلٌّ منهم كأبيه اجتماعًا وانفرادًا) فيستغرق الواحد منهم المال عند انفراده، ويأخذ ما فضل عن أصحاب الفروض، وعند الاجتماع يسقط ابن الأخ للأب؛ كما يسقط الأخ للأب مع الشقيق.
(لكن يخالفونهم في أنهم لا يردون الأم إلى السدس) لأن الله تعالى أعطاها الثلث
وَلَا يَرِثُونَ مَعَ الْجَدِّ، وَلَا يُعَصِّبُونَ أَخَوَاتِهِمْ، وَيَسْقُطُونَ فِي الْمُشَرَّكَةِ. وَالْعَمّ لِأبَوَيْنِ أَوْ لِأبٍ كَأخٍ مِنَ الْجِهَتَيْنِ اجْتِمَاعا وَانْفِرَادًا، وَكَذَا قِيَاسُ بَنِي الْعَمِّ وَسَائِرِ عَصَبَةِ النَّسَبِ.
===
حيث لا إخوة، وهذا الاسم لا يصدق على بنيهم بحال، بخلاف ولد الولد فإنه يُسمَّى ولدًا حقيقة أو مجازًا.
(ولا يرثون مع الجد) بل يسقطون به؛ لأن الجدَّ كالأخ؛ بدليل تقاسمهما إذا اجتمعا، وإذا كان كالأخ .. فلا يرث ابن الأخ معه؛ لأنه أقرب منه، (ولا يُعصِّبون أخواتهم) لأنهن من ذوات الأرحام، (ويسقطون في المُشَرَّكة) لأن مأخذ التشريك قرابة الأم، وابن ولد الأم لا ميراث له.
وهذه المخالفة مختصة ببني الإخوة لأبوين؛ كما صرح به في "المحرر"(1)، فأما الإخوة للأب وبنوهم .. فكلهم ساقطون؛ لعدم إدلائهم بالأم.
واقتصر المصنف على هذه الصور، وزاد في "الروضة" ثلاث صور أخر: الأولى: الإخوة لأبوين يحجبون الإخوة لأب، وبنوهم لا يحجبونهم، الثانية: الأخ للأب يحجب ابن الأخ الشقيق، وابنه لا يحجبه، الثالثة: بنو الإخوة لا يرثون مع الأخوات إذا كُنَّ عصبات مع البنات (2).
(والعم لأبوين أو لأب كأخ من الجهتين اجتماعًا وانفرادًا) فمن انفرد منهما أخذ جميع المال، والباقي بعد الفرض، وإن اجتمعا .. سقط العم للأب؛ كأخ من أب مع الأخ للأبوين.
(وكذا قياس بني العم) من الأبوين أو من الأب عند عدم العم؛ كبني الإخوة عند عدم الإخوة، (وسائرِ عصبة النسب) أي: كلُّ ابنٍ من العصبة كأبيه، وإلا .. فليس بعد بني الأعمام من عصبات النسب أحد.
قال السبكي: وقد يورد عليه بنو الأخوات اللواتي هُنَّ عصبة مع البنات وليس
(1) المحرر (ص 261).
(2)
روضة الطالبين (6/ 17).
استثنى في "الوسيط" صورة أخرى، وهي: أن ولد الإخوة لأم ذكورًا كانوا أو إناثًا لا يرثون بل هم من ذوي الأرحام، ولا يصح استثناؤها من كلام المصنف؛ لعدم دخولهم في كلامه. اهـ هامش (أ).
وَالْعَصَبَةُ: مَنْ لَيْسَ لَهُ سَهْم مُقَدَّرٌ مِنَ الْمُجْمَعِ عَلَى تَوْرِيثِهِمْ،
===
بنوهُنَّ مثلهن وهُنَّ من عصبة النسب، وأجاب عنه المنكت: بأن الكلام في العصبة بنفسه (1).
قال شيخي ووالدي أمتع الله بحياته: وأصل الإيراد ممنوع (2)؛ لأن الكلام في أن الولد يقوم مقام أبيه، ولا يخفى أن ما نحن فيه ليس كذلك.
(والعصبة: من ليس له سهم مقدر من المجمع على توريثهم) هذا بيان لحدِّ العصبة، وأخرج بالقيد الأول: أصحاب الفروض، وبالثاني: ذوي الأرحام؛ فإن من ورثهم لا يسميهم عصبة وإن لم يكن له سهم مقدر، ولا يجيء هذا التعريف على مذهب أهل التنزيل، وهو المصحح في "الروضة"(3)؛ فإنهم ينزلون كلًّا منهم منزلة من يدلي به، وهم ينقسمون إلى ذوي فرض وعصبات، كذا قاله ابن الملقن وغيره (4)، وفيه نظر؛ فإنه إذا نزلناه منزلة من يدلي به وكان من يدلي به عصبة .. لا يُسمَّى عصبة.
وأورد على هذا التعريف: الأخوات مع البنات؛ فإن لهنَّ فرضًا مقدرًا، وقد يكنَّ عصبة، وأجيب: بأن التعريف للعصبة بنفسه لا لمطلق العصبة؛ بدليل: أنه عقبه بقوله: (فيرث المال) وهذا مختص بالعصبة بنفسه، أما غيره .. فليس له حال يستغرق فيها المال.
واعترض: بأن كلًّا من الأب والجد عصبة بنفسه، ومع ذلك له سهم مقدر؛ فينبغي أن يؤول كلامه على من ليس له سهم مقدر حال تعصيبه من جهة التعصيب؛ ليدخل من ذكرناه؛ فإنَّ له في حالة أخرى سهمًا مقدرًا.
ويدخل أيضًا: ابن العم إذا كان أخًا لأم أو زوجًا؛ لأن الفرض لابن العم ليس من جهة التعصيب، بل من جهة الزوجية أو أخوّة الأم.
(1) السراج (5/ 34).
(2)
في (ب) و (ج): (قال شيخي ووالدي رحمه الله، ورضي الله عنه).
(3)
روضة الطالبين (6/ 8).
(4)
عجالة المحتاج (3/ 1060).