الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتَقْوِيرِ بِطِّيخٍ مُدَوِّدٍ .. رَدَّ وَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ فِي الأَظْهَرِ. فَإِنْ أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ الْقَدِيمِ بِأَقَلَّ مِمَّا أَحْدَثَهُ .. فَكَسَائِرِ الْعُيُوبِ الْحَادِثَةِ.
فرعٌ [في عدم تفريق الصفقة بالعيب]
اشْتَرَى عَبْدَيْنِ مَعِيبَيْنِ صَفْقَةً .. رَدَّهُمَا، وَلَوْ ظَهَرَ عَيْبُ أَحَدِهِمَا .. رَدَّهُمَا لَا الْمَعِيبَ وَحْدَهُ فِي الأَظْهَرِ. وَلَوِ اشْتَرَى عَبْدَ رَجُلَيْنِ مَعِيبًا .. فَلَهُ رَدُّ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا،
===
(وتقوير بطيخ مُدوِّد .. رد ولا أرش عليه في الأظهر) لأن البائع قد سلطه على كسره؛ إذ لا يعلم عيبه إلا به، فهو معذور في تعاطيه، والثاني: يرد ويرد معه الأرش؛ رعايةً للجانبين، والثالث: لا يرد أصلًا؛ كسائر العيوب الحادثة.
والمراد بالبيض: بيض النعام، وبالبطيخ: المدود بعضه حتى تكون لهما قيمة بعد الكسر فيصح إيجاب الأرش، فأما بيض الدجاج ونحوه المذرُ والبطيخ المدود جميعه .. فيبطل العقد فيهما، ويرجع بجميع الثمن على النصِّ؛ لوروده على غير متقوم.
(فإن أمكن معرفةُ القديم بأقل ممّا أحدثه .. فكسائر العيوب الحادثة) لعدم الحاجة إليه، وذلك كتقوير البطيخ الحامض مع إمكان الوقوف على حاله بغرز شيء فيه.
* * *
(فرع: اشترى عبدين معيبين صفقة .. ردهما) لوجود المقتضي لردهما، فلو أراد إفراد أحدهما بالردِّ .. ففيه القولان الآتيان في المسألة إثرها.
(ولو ظهر عيب أحدهما .. ردهما لا المعيبَ وحده في الأظهر) لما فيه من تفريق الصفقة على البائع من غير ضرورة، والثاني: له ذلك؛ لاختصاصه بالعيب.
والخلاف جار في كلِّ شيئين لا تتصل منفعةُ أحدهما بالَاخر، أما نحو مصراعي باب وزوجي خف .. فلا يجوز الإفراد قطعًا، هذا كلُّه في الردِّ القهري، فإن رضي البائع بردّ أحدهما .. جاز على الأصح.
(ولو اشترى عبدَ رجلين معيبًا .. فله رَدُّ نصيب أحدهما) لتعدد الصفقة بتعدد البائع.
وَلَوِ اشْتَرَيَاهُ .. فَلأَحَدِهِمَا الرَّدُّ فِي الأَظْهَرِ. وَلَوِ اخْتَلَفَا فِي قِدَمِ الْعَيْبِ .. صُدِّقَ الْبَائِعُ بِيَمِينهِ عَلَى حَسَب جَوَابِهِ. وَالزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ كَالسِّمَنِ تتبعُ الأَصْلَ، وَالْمُنْفَصِلَةُ كَالْوَلَدِ وَالأُجْرَةِ لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ،
===
(ولو اشترياه .. فلأحدهما الردُّ في الأظهر) لأنه ردّ جميع ما ملك، والخلاف مبني على تعدد الصفقة بتعدد المشتري وقد مرّ.
(ولو اختلفا في قدم العيب .. صدق البائع) لأن الأصل لزوم العقد وعدم العيب في يده، والمراد: ما إذا احتمل صدق كلّ منهما، أما إذا قطعنا بما ادعاه أحدهما .. فهو المصدق.
ويستثنى: ما لو ادعى المشتري وجودَ عيبين في يد البائع، فاعترف بأحدهما وادعى حدوث الآخر في يد المشتري .. فإن القول قول المشتري؛ لأن الردَّ ثبت بإقرار البائع بأحدهما، فلا يبطل بالشك، قاله ابن القطان في "المطارحات"، واستحسنه السبكي في "شرح المهذب".
وتصديق البائع إنما هو بالنسبة إلى دفع الردِّ عليه لا في تغريم المشتري الأرش لو قدر عوده إليه، فلو جرى الفسخ بعد تصديقه بتحالف فطالب المشتري بأرش الحادث وزعم أنه أثبت حدوثه بيمينه .. فلا يجاب إليه؛ لأن يمينه وإن صلحت للدفع عنه لا تصلح لشغل ذمة المشتري، بل للمشتري أن يحلف الآن أنه ليس بحادث عنده، كذا جزم به جمع منهم الماوردي والقاضي والإمام والغزالي، ولم يتعرض له الشيخان (1).
(بيمينه) لاحتمال صدق المشتري (على حسب جوابه) فإن قال في جوابه: (ليس له الردُّ علي بهذا)، أو الا يلزمني قبوله) .. حلف على ذلك، وإن قال:(ما بعته إلا سليمًا)، أو (ما أقبضته إلا سليمًا) .. حلف كذلك.
(والزيادة المتصلة؛ كالسمن) وكبر الشجرة، وتعلم العبد حرفةً (تتبع الأصل) لعدم إمكان إفرادها.
(والمنفصلة؛ كالولد والأجرة لا تمنع الرد) عملًا بمقتضى العيب.
(1) الحاوي الكبير (6/ 318)، نهاية المطلب (5/ 254)، الوسيط (3/ 141).
وَهِيَ لِلْمُشْتَرِي إِنْ رَدَّ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَكَذَا قَبْلَهُ فِي الأَصَحِّ. وَلَوْ بَاعَهَا حَامِلًا فَانْفَصَلَ .. رَدَّهُ مَعَهَا فِي الأَظْهَرِ. وَلَا يَمْنَعُ الرَّدَّ الاسْتِخْدَامُ وَوَطْءُ الثَّيِّبِ. وَافْتِضَاضُ الْبِكْرِ نَقْصٌ حَدَثَ، وَقَبْلَهُ جِنَايَةٌ عَلَى الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ.
===
(وهي للمشتري إن رَدَّ بعد القبض) لحديث: "الْخَرَاجُ بِالضمَانِ" رواه أبو داوود، وصححه الترمذي والحاكم (1)، ومعناه: أن ما يخرج من المبيع من غلة وفائدة فهي للمشتري في مقابلة أنه لو تلف .. لكان من ضمانه.
(وكذا قبله في الأصحِّ) بناء على أن الفسخ يرفع العقد من حينه، وهو الأصح، والثاني: أنها للبائع؛ بناء على أنه يرفعه من أصله.
(ولو باعها حاملًا فانفصل .. رَدَّه معها في الأظهر) بناء على أن الحمل يعلم ويقابل بقسط من الثمن، والثاني: لا؛ بناء على مقابله، وهذا إذا لم تنقص قيمة الأم بالولادة، فإن نقصت .. امتنع الردُّ.
واحترز بقوله: (فانفصل): عما إذا كانت بعد حاملًا .. فإنه يردها كذلك جزمًا، ولو باع دجاجة فيها بيضة فباضت، ثم وجد بالدجاجة عيبًا .. هل يلزمه ردُّ البيضة مع الدجاجة؟ وجهان؛ بناءً على القولين في الحمل، ذكره الروياني (2).
(ولا يمنع الردَّ الاستخدامُ) بالإجماع، (ووطءُ الثيّب) لأنه إلمام من غير إيلام فلم يمنع الردّ؛ كالاستخدام، هذا في وطء المشتري، ومثله: وطء البائع والأجنبي بشبهة، فإن كانت زانية به .. فإنه عيب حادث.
(وافتضاض البكر) وهو إزالة بكارتها بأي طريق كان ولو بوثبة (نقصٌ حدث)(3) فيمتنع الردّ؛ كسائر العيوب الحادثة، ويستثنى: ما إذا كان بزواج سابق، (وقبله جناية على المبيع قبل القبض) فيفصل فيه بين الأجنبي والبائع والمشتري والآفة السماوية؛ كما سيأتي في بابه.
* * *
(1) سنن أبي داوود (3508)، سنن الترمذي (1285)، المستدرك (2/ 15)، وأخرجه ابن حبان (4927)، وابن ماجه (2243) عن عائشة رضي الله عنها.
(2)
بحر المذهب (6/ 151).
(3)
في (ب) و (د): (بعد القبض نقص حدث)، وكلُّه من المتن.