المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [في بيان لقط الحيوان وغيره وتعريفها] - بداية المحتاج في شرح المنهاج - جـ ٢

[بدر الدين ابن قاضي شهبة]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ البيع

- ‌بابُ الرِّبا

- ‌بابٌ [البيوع المنهي عنها]

- ‌فصلٌ [في المنهيات التي لا يقتضي النهي فسادها]

- ‌فصلٌ [في تفريق الصفقة]

- ‌بابُ الخيار

- ‌فصلٌ [في خيار الشرط وما يتبعه]

- ‌فصلٌ [في خيار النقيصة]

- ‌فرعٌ [في عدم تفريق الصفقة بالعيب]

- ‌فصلٌ [في التصرية]

- ‌بابٌ [في حكم المبيع قبل قبضه وبعده والتصرف فيه]

- ‌فَرعٌ [في تتمة أحكام الباب]

- ‌فَرعٌ [في تتمة الباب أيضًا]

- ‌بابُ التّولية والإشراك والمراجعة

- ‌بابُ الأصول والثّمار

- ‌فَرعٌ [في دخول ما يتبع المبيع في البيع]

- ‌فصَلٌ [في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما]

- ‌بابُ اختلاف المتبايعين

- ‌بابٌ [معاملة الرّقيق)

- ‌كتابُ السَّلَم

- ‌فصَلٌ [في بقية الشروط السبعة]

- ‌فَرعٌ [في محل السلم وشروطه]

- ‌فصلٌ [في بيان أخذ غير المسلم فيه عنه ووقت أدائه ومكانه]

- ‌فصلٌ [في القرض]

- ‌كتابُ الرَّهْن

- ‌فصَلٌ [في شروط المرهون به ولزوم الرهن]

- ‌فصلٌ [فيما يترتب على لزوم الرهن]

- ‌فصلٌ [في جناية المرهون]

- ‌فصلٌ [في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به]

- ‌فصلٌ [في تعلق الدين بالتركة]

- ‌كتاب التفليس

- ‌فصلٌ [فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما]

- ‌فَصْلٌ [في رجوع المعامل للمفلس عليه بما عامله به ولم يقبض عوضه]

- ‌بابُ الحَجْر

- ‌فَصْلٌ [فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله]

- ‌بابُ الصُّلْح

- ‌فَصْلٌ [في التزاحم على الحقوق المشتركة]

- ‌بابُ الحَوالة

- ‌بابُ الضَّمان

- ‌فصلٌ [في كفالة البدن]

- ‌فصلٌ [في صيغتي الضمان والكفالة]

- ‌كتابُ الشّركة

- ‌كتابُ الوكالة

- ‌فصَلٌ [في أحكام الوكالة بعد صحتها]

- ‌فصَلٌ [فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة]

- ‌فصَلٌ [في بيان جواز الوكالة وما تنفسخ به]

- ‌كتابُ الإقرار

- ‌فَصْلٌ [في الصيغة]

- ‌فَصْلٌ [في شروط المُقَرِّ به]

- ‌فَصْلٌ [في بيان أنواع من الإقرار وفي بيان الاستثناء]

- ‌فَصْلٌ [في الإقرار بالنسب]

- ‌كتابُ العاريَّة

- ‌فَصْلٌ [في رد العارية]

- ‌كتابُ الغَصْب

- ‌فَصلٌ [في بيان حكم الغصب]

- ‌فَصلٌ [في اختلاف المالك والغاصب]

- ‌فَصلٌ [فيما يطرأ على المغصوب من زيادة ووطء وانتقال]

- ‌كتابُ الشُّفْعة

- ‌فَصلٌ [في بيان بدل الشقص الذي يؤخذ به والاختلاف في قدر الثمن]

- ‌كتابُ القِراض

- ‌فَصْلٌ [في بيان الصيغة وما يشترط في العاقدين]

- ‌فَصْلٌ [في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين]

- ‌كتابُ المساقاة

- ‌فَصْلٌ [فيما يشترط في عقد المساقاة]

- ‌كتابُ الإِجَارة

- ‌فَصْلٌ [في بقية شروط المنفعة وما تقدر به]

- ‌فَصْلٌ [في منافع يمتنع الاستئجار لها ومنافع يخفى الجواز فيها وما يعتبر فيها]

- ‌فَصْلٌ [فيما يلزم المكري أو المكتري لعقار أو دابة]

- ‌فَصْلٌ [في بيان غاية المدة التي تقدر بها المنفعة تقريبًا]

- ‌فَصْلٌ [فيما يقتضي انفساخ الإجارة والتخيير في فسخها وما لا يقتضيهما]

- ‌كتابُ إحياء المَوات

- ‌فَصْلٌ [في حكم المنافع المشتركة]

- ‌فَصْلٌ [في بيان حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض]

- ‌كتابُ الوَقْف

- ‌فَصْلٌ [في أحكام الوقف اللفظية]

- ‌فَصْلٌ [في أحكام الوقف المعنوية]

- ‌فصلٌ [في بيان النظر على الوقف وشرطه ووظيفة الناظر]

- ‌كتابُ الهِبَة

- ‌كتابُ اللُّقَطة

- ‌فصلٌ [في بيان لقط الحيوان وغيره وتعريفها]

- ‌فصلٌ [في تملك اللقطة وغرمها وما يتبعها]

- ‌كتابُ اللَّقيط

- ‌فصلٌ [في الحكم بإسلام اللقيط]

- ‌فصلٌ [في بيان حرية اللقيط ورقه واستلحاقه وتوابع ذلك]

- ‌كتابُ الجعالة

- ‌كتابُ الفرائض

- ‌فصلٌ [في بيان الفروض التي في القرآن الكريم وذويها]

- ‌فصلٌ [في الحجب]

- ‌فصلٌ [في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادًا واجتماعًا]

- ‌فصلٌ [في كيفية إرث الأصول]

- ‌فصلٌ [في إرث الحواشي]

- ‌فصلٌ [في الإرث بالولاء]

- ‌فصلٌ [في حكم الجد مع الإخوة]

- ‌فصلٌ [في موانع الإرث]

- ‌فصلٌ [في أصول المسائل وما يعول منها]

- ‌فَرْعٌ [في تصحيح المسائل]

- ‌فَرْعٌ [في المناسخات]

- ‌كتابُ الوصايا

- ‌فصَلٌ [في الوصية لغير الوارث وحكم التبرعات في المرض]

- ‌فصلٌ [في بيان المرض المخوف ونحوه]

- ‌فصلٌ [في أحكام الوصية الصحيحة ولفظها]

- ‌فصلٌ [في أحكام معنوية للموصى به]

- ‌فَصْلٌ [في الرجوع عن الوصية]

- ‌فَصْلٌ [في الإيصاء وما يتبعه]

- ‌كتابُ الوَدِيعة

- ‌كتابُ قَسْم الفيء والغنيمة

- ‌فَصْلٌ [في الغنيمة وما يتبعها]

- ‌كتابُ قَسْم الصّدقات

- ‌فَصْلٌ [في بيان مستند الإعطاء وقدر المعطى]

- ‌فَصْلٌ [في القسمة بين الأصناف وما يتبعها]

- ‌فَصْلٌ [في صدقة التطوع]

الفصل: ‌فصل [في بيان لقط الحيوان وغيره وتعريفها]

وَالْمُؤَنِ إِلَّا أَرْشَ الْجِنَايَةِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

‌فصلٌ [في بيان لقط الحيوان وغيره وتعريفها]

الْحَيَوَانُ الْمَمْلُوكُ الْمُمْتَنِعُ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ بِقُوَّةٍ كَبَعِيرٍ وَفَرَسٍ، أَوْ بِعَدْوٍ كَأَرْنَبٍ وَظَبْيٍ، أَوْ طَيَرَانٍ كَحَمَامٍ؛ إِنْ وُجِدَ بِمَفَازَةٍ .. فَلِلْقَاضِي الْتِقَاطُهُ لِلْحِفْظِ، وَكَذَا لِغَيْرِهِ فِي الأَصَحِّ،

===

(و) النادرِ من (المؤن) كأجرة الطبيب والحجّام، ففي دخولها في المهايأة القولان، والأظهر: نعم.

(إلا أرشَ الجناية، والله أعلم) فإنه لا يدخل، فلو جنى المبعض في نوبة أحدهما .. لم يختص بوجوب الأرش؛ لأن الأرش يتعلق بالرقبة، وهي مشتركة، ونقل الإمام في (باب صدقة الفطر): اتفاقَ العلماء عليه (1).

* * *

(فصل: الحيوان المملوك المُمْتَنِع من صغار السباع) كالذئب والنمر والفهد؛ كما ذكره الجرجاني وغيره (بقوةٍ؛ كبعير وفرس) وبقر وبغل وحمار، (أو بعَدْو؛ كأرنب وظبي، أو طيرانٍ؛ كحمام: إن وُجِد بمفازة .. فللقاضي) أو منصوبه (التقاطهُ للحفظ) لأن له ولايةً على مال الغائبين، وكان لعمر رضي الله عنه حظيرة يحفظ فيها الضوال، رواه مالك (2).

وتعبيره بـ (المملوك): يخرج الكلب المقتنى، والصحيح: جواز التقاطه، ويعرف كونه مملوكًا: بآثار الملك؛ من كونه موسومًا، أو مُقَرَّصًا ونحوه.

والمفازة: هي المهلكة، قيل: سمّيت به على القَلْبِ؛ تفاؤلًا، وأنكره ابن القطاع وقال: إنما سمّيت به من فاز: إذا هلك، فعلى هذا: هي مفعلة من الهلاك.

(وكذا لغيره) من الآحاد (في الأصحِّ) المنصوص؛ صيانةً لها عن الخونة، والثاني: لا؛ إذ لا ولاية للآحاد على مال الغير.

(1) نهاية المطلب (3/ 386).

(2)

الموطأ (2/ 759).

ص: 496

وَيَحْرُمُ الْتِقَاطُهُ لِلتَّمَلُّكِ، وَإِنْ وُجِدَ بِقَرْيَةٍ .. فَالأَصَحُّ: جَوَازُ الْتِقَاطِهِ لِلتَّمَلُّكِ. وَمَا لَا يَمْتَنِعُ مِنْهَا كَشَاةٍ يَجُوزُ الْتِقَاطُهُ لِلتَّمَلُّكِ فِي الْقَرْيَةِ وَالْمَفَازَةِ.

===

وجعل الماوردي محلَّ الخلاف: إذا لم يَعرِف مالكَه، فإن عرفه .. كان له أخذه قطعًا ليرده عليه، ويكون أمانة في يده، نقله عنه في "الكفاية" وأقره (1).

ومحلُّه أيضًا: في زمن الأمن، أما زمنُ النهب .. فيجوز التقاطها قطعًا.

(ويحرم التقاطه للتملك) لقوله صلى الله عليه وسلم في ضالة الإبل: "مَا لَكَ وَلَهَا، دَعْهَا"(2)، وقيس الباقي عليها بجامع إمكان عيشه في البر بلا راعٍ.

والمعنى فيه: أن من أضلّ شيئًا .. طلبه حيث ضيّعه، فلو أخذه للتملك .. ضَمِنه، ولا يبرأ بردّه إلى موضعه، فإن دفعه إلى القاضي .. برئ على الأصحِّ في "الشرح" و "الروضة"(3).

ويستثنى من إطلاقه: زمن النهب والفساد، فيجوز أخذها للتملّك قطعًا في الصحراء وغيرها، قاله المتولي، وأقراه (4).

(وإن وُجد بقرية) أو بموضع قريب منها أو ببلد ( .. فالأصحُّ: جواز التقاطه للتملّك) لأنها في العمارة تضيع بأخذ الخونة، بخلاف المفازة؛ فإن طُروقها لا يعمّ، والثاني: المنع؛ كالمفازة؛ لإطلاق الحديث.

وللأول أن يقول: سياقه يقتضي: المفازة؛ بدليل: "دَعْهَا تَرِدُ الْمَاءَ وَتَرْعَى الشَّجَرَ"(5).

(وما لا يمتنع منها) أي: من صغار السباع (كشاة)، وعجل، وفصيل، وكسير الإبل والخيل ( .. يجوز التقاطه للتملك في القرية والمفازة) سواء القاضي وغيره؛ صونًا لها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الشاة:"هِيَ لَكَ، أَوْ لأَخِيكَ، أَوْ لِلذِّئْبِ"(6).

(1) كفاية النبيه (11/ 458).

(2)

أخرجه البخاري (2427)، ومسلم (1722) عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه.

(3)

الشرح الكبير (6/ 354)، روضة الطالبين (5/ 403).

(4)

الشرح الكبير (6/ 354 - 355)، روضة الطالبين (5/ 403).

(5)

أخرجه البخاري (2427)، ومسلم (1722) عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه.

(6)

هذا حديث زيد بن خالد السابق.

ص: 497

وَيَتَخَيَّرُ آخِذُهُ مِنْ مَفَازَةٍ؛ فَإِنْ شَاءَ .. عَرَّفَهُ وَتَمَلَّكَهُ، أَوْ بَاعَهُ وَحَفِظَ ثَمَنَهُ وَعَرَّفَهَا ثُمَّ تَمَلَّكَهُ، أَوْ أَكَلَهُ وَغَرِمَ قِيمَتَهُ إِنْ ظَهَرَ مَالِكُهُ. فَإِنْ أَخَذَ مِنَ الْعُمْرَانِ .. فَلَهُ الْخَصْلَتَانِ الأُولَيَانِ لَا الثَّالِثَةُ فِي الأَصَحِّ. وَيَجُوزُ أَنْ يَلْتَقِطَ عَبْدًا لَا يُمَيزُ،

===

(ويتخير آخذه من مفازة، فإن شاء .. عرَّفه وتملّكه، أو باعه) بإذن الحاكم إن أمكن استئذانه على الأصحِّ (وحفظ ثمنه وعرَّفها ثم تملّكه، أو أكله وغرم قيمته إن ظهو مالكه) أما في الأولى .. فبالقياس على غيرها، وأما الثانية .. فلأنه إذا جاز الأكل .. فالبيع أولى، وأما الثالثة .. فبالإجماع؛ كما حكاه ابن عبد البر (1).

وقوله: (عرَّفها) يعني: عرف اللقطة، ولم يقل:(عرفه) لئلا يتوهم عوده إلى الثمن، وقوله:(ثم تملّكه) أي: الثمنَ، وقوله:(أو أكله) يعني: الشيءَ الملتقَطَ.

وظاهر كلامه: استواء الخصال الثلاث، لكن الخصلة الأولى أولى من الثانية، والثانية أولى من الثالثة.

(فإن أخذ من العُمران .. فله الخصلتان الأوليان، لا الثالثةُ في الأصحِّ) لسهولة البيع، بخلاف الصحراء، ولمشقة نقلها إلى العمران، والثاني: له الأكل أيضًا؛ كما في الصحراء.

وهذا في المأكول، أما الجحش الصغير ونحوه مما لا يؤكل .. فكالمأكول في الإمساك والبيع، ولا يجوز تملكه في الحال في الأصحّ، بل يعرّفه سنة كغيره.

وحكايةُ الخلاف وجهين تبَع فيه "المحرر"، والذي في "الشرح" و"الروضة" قولان (2).

(ويجوز أن يلتقط عبدًا لا يميّز) كسائر الأموال، فإن ميّز والوقتُ آمنٌ .. فلا يجوز التقاطه؛ لأنه يستدل على سيده، وإن كان زمنَ نهب .. جاز.

والأمةُ في ذلك كالعبد، إلا أن الأمة لا تُلتَقط للتملك إلا إذا كانت لا يحل له وطؤها؛ كالمجوسيّة والمَحْرَم، فإن حلّت .. امتنع على الأظهر، كما أنه لا يجوز له تملُّكُها بالقرض.

(1) التمهيد (3/ 107).

(2)

المحرر (ص 249)، الشرح الكبير (6/ 355)، روضة الطالبين (5/ 403).

ص: 498

وَيَلْتَقِطَ غَيْرَ الْحَيَوَانِ؛ فَإِنْ كَانَ يَسْرُعُ فَسَادُهُ؛ كَهَرِيسَةٍ؛ فَإِنْ شَاءَ .. بَاعَهُ وَعَرَّفَهُ لِيَتَمَلَّكَ ثَمَنَهُ، وَإِنْ شَاءَ .. تَمَلَّكَهُ فِي الْحَالِ وَأَكَلَهُ، وَقِيلَ: إِنْ وَجَدَهُ فِي عُمْرَانٍ .. وَجَبَ الْبَيع. وَإِنْ أَمْكَنَ بَقَاؤُهُ بِعِلَاجٍ كَرُطَبٍ يَتَجَفَّفُ؛ فَإنْ كَانَتِ الْغِبْطَةُ فِي بَيْعِهِ .. بِيعَ، أَوْ فِي تجْفِيفِهِ وَتبَرَّعَ بِهِ الْوَاجدُ .. جَفَّفَهُ، وَإِلَّا .. بِيعَ بَعْضُهُ لِتَجْفِيفِ الْبَاقِي. وَمَنْ أَخَذَ لُقَطَةً لِلْحِفْظِ أَبَدًا .. فَهِيَ أَمَانَةٌ،

===

(ويلتقطَ غير الحيوان) من الجمادات؛ كالنقود وغيرها؛ لئلا يضيع بتركه (فإن كان يَسرُع فساده؛ كهريسة؛ فإن شاء .. باعه) بإذن الحاكم؛ كما مر (وعرّفه ليتملك ثمنه، وإن شاء .. تملّكه في الحال وأكله) لأنه مُعرَّض للهلاك، فيتخير فيه؛ كالشاة، ولا يجيء الإمساك هنا؛ لتعذره.

(وقيل: إن وجده في عمران .. وجب البيع) لتيسره، والأصحُّ: المنع؛ كما لو وجده في الصحراء.

(وإن أمكن بقاؤه بعلاج؛ كرطب يتجفّف؛ فإن كانت الغِبطة في بيعه .. بيع) جميعُه بإذن الحاكم (أو في تجفيفه وتَبرّع به الواجد .. جففه، وإلا .. بيع بعضُه لتجفيف الباقي) طلبًا للأحظ، ويُخالِف الحيوانَ حيث يباع جميعه؛ لأن نفقته تتكرر فتستوعبه.

وقوله: (الواجد): ليس بقيد، بل غيره في معناه.

والمراد بالبعض: ما يساوي مؤنة التجفيف.

ولا يشترط كون الملتَقَط مملوكًا، فلو التقط كلبًا .. اختص بالانتفاع به بعد التعريف، وكذا الخمر المحترمة.

ويشترط في اللقطة شروطٌ أخرُ: أن يكون شيئًا ضاع من مالكه بسقوط أو غفلة، ونحوهما؛ ليخرج ما إذا ألقت الريح ثوبًا في حِجْره، وأن يوجد في موات أو شارع أو مسجد؛ ليخرج ما إذا وجد في أرض مملوكة؛ فإنها للمالك، وهكذا إلى أن تنتهي إلى المحيي، فإن لم يدَّعه .. فحينئذ تكون لقطة، وأن يكون في دار الإسلام أو دار الحرب وفيها مسلمون، أما إذا لم يكن فيها مسلم .. فما يوجد فيها غنيمةٌ، خمسها لأهل الخمس، والباقي للواجد.

(ومن أخذ لقطة للحفظ أبدًا) وهو أهل للالتقاط ( .. فهي أمانة) أبدًا، وكذا

ص: 499

فَإِنْ دَفَعَهَا إِلَى الْقَاضِي .. لَزِمَهُ الْقَبُولُ، وَلَمْ يُوجِب الأَكْثَرُونَ التَّعْرِيفَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ، فَلَوْ قَصَدَ بَعْدَ ذَلِكَ خِيَانَةً .. لَمْ يَصرْ ضَامِنًا فِي الأَصَحِّ، وَإِنْ أَخَذَ بِقَصْدِ خِيَانَةٍ .. فَضامِنٌ، وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَهُ أَنْ يُعَرِّفَ وَيَتَمَلَّكَ عَلَى الْمَذْهَبِ.

===

درُّها ونسلها؛ لأنه يحفظها لمالكها، فأشبه المودَع.

(فإن دفعها إلى القاضي .. لزمه القَبول) لأنه ينقلها من أمانة إلى أمانةٍ أوثقَ منها، بخلاف الوديعة من غير ضرورة لا يلزمه القَبول على الأصحِّ؛ لأنه قادر على الردِّ إلى المالك.

(ولم يوجب الأكثرون التعريفَ والحالةُ هذه) لأن الشرع إنما أوجبه لِما جعل له التملك بعده، وصحح الإمام والغزالي وغيرهما وجوبه (1)؛ لئلا يفوت الحقُّ بالكتمان، وقال في "الروضة": إنه الأقوى والمختار، وفي "شرح مسلم": إنه الأصحُّ (2)، قال السبكي: ولك أن تقول: الكتمان إنما يكون إذا طلب فكتم، وبدونه لا يكون كتمانًا.

(فلو قصد بعد ذلك) أي: بعد أخذها للحفظ (خيانةً .. لم يصر ضامنًا في الأصحِّ) بمجرد القصد؛ كالمودَع، فإن انضم إلى القصد استعمالٌ أو نقلٌ من مكان إلى مكان .. صار ضامنًا؛ كالوديعة، والثاني: يصير ضامنًا؛ إذ سبب أمانته مجرد نيته، وإلا .. فأخْذُ مال الغير بغير إذنه ورضاه مقتضٍ للضمان، بخلاف المودَع؛ فإنه مسلَّط مؤتمن من جهة المالك.

(وإن أخذ بقصد خيانة .. فضامن) عملًا بقصده المقارنِ لفعله، (وليس له بعده أن يُعرّف ويتملكَ على المذهب) نظرًا للابتداء؛ كالغاصب (3)، قال في "أصل الروضة": وهذا ما قطع به الجمهور (4).

والطريق الثاني: فيه وجهان، وعليهما اقتصر الرافعي في "الشرح الصغير"؛

(1) نهاية المطلب (8/ 449)، الوجيز (ص 284).

(2)

روضة الطالبين (5/ 409)، شرح مسلم (12/ 22).

(3)

ويبرأ بدفعها إلى القاضي "عباب". اهـ هامش (ب).

(4)

روضة الطالبين (5/ 406).

ص: 500

وَإِنْ أَخَذَ لِيُعَرِّفَ وَيَتَمَلَّكَ .. فَأَمَانَةٌ مُدَّةَ التَّعْرِيفِ، وَكَذَا بَعْدَهَا مَا لَمْ يَخْتَرِ التَّمَلُّكَ فِي الأَصَحِّ. وَيَعْرِفُ جِنْسَهَا وَصِفَتَهَا وَقَدْرَهَا وَعِفَاصهَا وَوِكَاءَهَا، ثُمَّ يُعَرِّفُهَا

===

أحدُهما: هذا، والثاني: أن له التملّكَ؛ لوجود صورة الالتقاط والتعريف.

(وإن أخذ ليُعرّف ويتملكَ) بعد التعريف ( .. فأمانة مدةَ التعريف) كالمودع، (وكذا بعدها ما لم يختر التملّكَ في الأصحِّ) كما قبلَ: مدة التعريف، هذا ما ذكره الأصحاب، وقال الإمام والغزالي: تصير مضمونة عليه إذا كان عزمُ التملّك مطردًا وإن لم تجر حقيقته (1)؛ لأنه صار ممسكًا لنفسه؛ كالمستام.

وما تقدم مبنيّ على أنها لا تملك بمضي السنة، فإن قيل به فتلفت .. تلفت من ضمانه لا محالةَ.

(ويَعرِف) هو بفتح الياء من المعرفة، وهو العلم، وذلك عَقِبَ الأخذ، قاله المتولي وغيره (جِنسَها) أَذَهَبٌ هي أم غيرُه، ونوعَها؛ أهروية أم مروية (وصفَتها) صحيحة أم مكسّرة، ورقة الثوب وصفاقَته (وقَدْرَها) بعدٍّ أو كيل أو وزن، أو ذَرْع (وعفاصَها) وهو: الوعاء من جلد وغيره (ووكاءها) وهو: ما تشدّ به من خيط أو غيره؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا"(2).

وقيس الباقي عليه؛ ليعرف ما يتميّزُ به ويعرف صدق واصفها، ولئلا تختلط بماله.

ومعرفة هذه الأمور مستحبة لا واجبةٌ على الصحيح، ويستحبُّ تقييدها بالكتابة؛ خوفَ النسيان.

(ثم يُعرّفها) بضم الياء، وهذا التعريف واجب إن قصد التمليك قطعًا، وإلا .. فعلى ما سبق.

وله تعريفها بنفسه وبمأذونه، لكن لا يسلمها له إلا بإذن الحاكم.

ويشترط: أن يكون المعرِّف مأمونًا غيرَ معروف بالخلاعة والمجون.

وقوله: (ثم يُعرّفها): قد يُفهم: أنه لا يجب المبادرة إلى التعريف عَقِبَ

(1) نهاية المطلب (8/ 447)، الوجيز (ص 283).

(2)

أخرجه البخاري (2428)، ومسلم (1722) عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه.

ص: 501

فِي الأَسْوَاقِ وَأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ وَنَحْوِهَا سَنَةً عَلَى الْعَادَةِ؛ يُعَرِّفُ أَوَّلًا كُلَّ يَوْمٍ طَرَفَيِ النَّهَارِ، ثُمَّ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً، ثُمَّ كُلَّ أُسْبُوعٍ، ثُمَّ فِي كُلِّ شَهْرٍ، وَلَا تَكْفِي سَنَةٌ مُتمَرِّقَةٌ فِي الأَصحِّ.

===

الالتقاط، وهو الأصحّ في "أصل الروضة"(1)، بل المعتبر: تعريف سنة متى كان.

(في الأسواق وأبواب المساجد) عند خروج الناس منها؛ لأنه أقرب إلى وجود صاحبها.

وقد يفهم: أنه لا يجوز تعريفها داخل المساجد، وبه صرح القاضي الحسين والماوردي، وحكى فيه الاتفاق، لكن استثنى الماوردي المسجد الحرام؛ فإنه يجوز فيه التعريف على الأصحِّ؛ اعتبارًا بالعرف وأنه مَجمَع الناس، لكن في "شرح المهذب" في (باب الغسل) ذكر: أن تعريفها في المسجد مكروه (2)، فاقتضى الجواز.

(ونحوِها) من المجامع والمحافل؛ لما ذكرناه من كونه أقربَ إلى وجود صاحبها.

(سنةً) لحديث زيد بن خالد في ذلك، والمعنى فيه: أن السنة لا تتأخر فيها القوافل، وتمضي فيها الفصول الأربعة.

ولو وجد اثنان لقطة .. هل يعرفانها سنةً؛ أحدُهما نصفَها والآخرُ نصفَها، أو يُعرِّف كلٌّ منهما سنةً؛ لأنه في النصف كلقطة كاملة؟ فيه احتمالان لابن الرفعة، قال: والأشبه: الثاني، وقال السبكي: إن الأشبه: الأول؛ لأن قسمتها تكون عند التملك لا قبله، فتكون في يدهما، ويعرفانها سنة.

(على العادة) فلا يشترط استيعاب السنة كلِّها، ولا يعرف ليلًا ولا وقتَ الهواجر (يعرف أولًا كلَّ يوم طرفَي النهار، ثم كلَّ يوم مرة، تم كلَّ أسبوع) مرةً أو مرتين، (ثم في كلِّ شهر) مرةً بحيث إنه لا ينسى أنه تكرار لما مضى، وإنما جعل التعريفُ في الأزمنة الأُوَلِ أكثرَ؛ لأن تَطلّبَ المالك فيها أكثر.

(ولا تكفي سنة متفوقة في الأصحِّ) بأن يعرف شهرًا ويتركَ شهرًا؛ كما صوّرها

(1) روضة الطالبين (5/ 407).

(2)

الحاوي الكبير (9/ 428)، المجموع (2/ 200).

ص: 502

قُلْتُ: الأَصَحُّ: تَكْفِي، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَيَذْكُرُ بَعْضَ أَوْصَافِهَا وَلَا تلزَمُهُ مُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ إِنْ أَخَذَ لِحِفْظٍ،

===

بعضهم، أو اثني عشر شهرًا من اثنتي عشرة سنةً؛ كما صورها آخرون؛ لأن المفهوم من السنة في الخبر: التوالي (1)؛ كما لو حلف لا يكلم زيدًا سنة، ولأن القصد بلوغ الخبر إلى المالك، وبالتفريق يختل هذا القصد.

وعبارة "المحرر": (الأحسن)، ولم يصرح في "الشرحين" بترجيح، بل نقل هذا عن الإمام ومقابلَه عن العراقيين (2).

(قلت: الأصحُّ: تكفي، والله أعلم) لإطلاق الخبر، وكما لو نذر صوم سنة؛ فإنه يجوز تفريقها، ولا بدَّ على هذا: أن يبيّن في التعريف زمان الوِجدان حتى يكون ذلك في مقابلة ما جرى من التأخير، ذكره الإمام، قال: وتساهل بعض الأصحاب فجعل ذكر التاريخ مستحبًا (3) هذا كلُّه في الموجود في دار الإسلام.

أما الموجود في دار الحرب؛ فإن أمكن كونه لمسلم .. وجب تعريفه، ثم بعده هو غنيمة وقيل: هو للواجد، وأما صفة التعريف .. فقال الشيخ أبو حامد: يُعرّف يومًا أو يومين، ويَقرُب منه قول الإمام: يكفي بلوغ الأخبار إلى الأجناد إذا لم يكن هناك مسلم سواهم، ولا ينظر إلى احتمال مرور التجار، وفي "المهذب" و"التهذيب": يعرف سنة، ذكره الشيخان كلَّه في (باب السير)(4).

(ويذكر بعض أوصافها) في التعريف؛ لأنه أقرب إلى الظَّفَر بالمالك، وهذا مستحب لا شرط في الأصحِّ.

واحترز بقوله: (بعض أوصافها) عن كلِّها؛ فإنه لا يستوعبها ولا يبالغ فيها؛ لئلا يعتمدها الكاذب، فإن فعل .. ضمن على الأصحِّ من "زوائد الروضة"(5).

(ولا تلزمه مؤنة التعريف إن أخذ لحفظ) وقلنا: يجب التعريف؛ إذ الحظّ لمالكها

(1) أخرجه البخاري (2427)، ومسلم (1722) عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه.

(2)

المحرر (ص 250) الشرح الكبير (6/ 361 - 362).

(3)

نهاية المطلب (8/ 453 - 454).

(4)

الشرح الكبير (11/ 425 - 426)، روضة الطالبين (10/ 260 - 261).

(5)

روضة الطالبين (5/ 408).

ص: 503

بَلْ يُرَتِّبُهَا الْقَاضِي مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ يَقْتَرِضُ عَلَى الْمَالِكِ، وَإِنْ أَخَذَ لِتَمَلُّكٍ .. لَزِمَتْهُ، وَقِيلَ: إِنْ لَمْ يَتَمَلَّكْ .. فَعَلَى الْمَالِكِ. وَالأَصحُّ: أَنَّ الْحَقِيرَ لَا يُعَرَّفُ سَنَةً، بَلْ زَمَنًا يُظَنُّ أَنَّ فَاقِدَهُ يُعْرِضُ عَنْهُ غَالِبًا

===

فقط، (بل يرتّبها القاضي من بيت المال) قرضًا؛ كما قاله ابن الرفعة، فظاهرُ كلام المصنف: خلافه، (أو يقترضُ على المالك)، أو يأمر الملتقط به ليرجع، كما في هرب الجمال، وإذا قلنا: لا يجب التعريف والحالة هذه؛ فإن عرّف .. فهو متبرع.

(وإن أخذ للتملك .. لزمته) لأن الحظ له، (وقيل: إن لم يتملك .. فعلى المالك) لعود الفائدة إليه، ولو قصد الأمانة أوّلًا ثم قصد التملك .. ففيه الوجهان؛ نظرًا إلى منتهى الأمر ومستَقَرّه.

وظاهر كلامه تبعًا لـ "أصله"(1) أنه إذا تملك ثم ظهر المالك ورجع فيها .. لم يجئ هذا الوجه، وتعبير "الشرحين" و"الروضة": بـ (ظهور المالك)(2): يشمل ظهوره بعد التملك، قال السبكي: وهو أحسن؛ فإنه متى ظهر قبل التملك أو بعده .. رجع بها على هذا الوجه، قال: فلو قال "المنهاج": (وقيل: إن ظهر المالك فعليه) .. لكان أخلص (3).

(والأصحُّ: أن الحقير لا يُعرَّف سنة) لأن فاقده لا يدوم على طلبه سنةً، بخلاف الخطير، والثاني: يعرف سنة كالخطير؛ لإطلاق الحديث (4)، واختاره السبكي وقال: إنه المشهور في المذهب، وقال الأَذْرَعي: إنه المذهب المنصوص وقول الجمهور.

(بل) الأصحُّ: تعريفه (زمنًا يُظَن أن فاقده يعرض عنه غالبًا) ويختلف ذلك باختلاف المال، قال الروياني: فدانقُ الفضة يُعرَّف في الحال، ودانق الذهب يُعرَّف يومًا أو يومين أو ثلاثة.

(1) المحرر (ص 250).

(2)

الشرح الكبير (6/ 362)، روضة الطالبين (5/ 408).

(3)

في (ب) و (د): (لكان أولى).

(4)

أخرجه البخاري (2427)، ومسلم (1722) عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه.

ص: 504