الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتابُ المساقاة
تَصِحُّ مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ، وَلِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ بِالْوِلَايَةِ. وَمَوْرِدُهَا: النَّخْلُ وَالْعِنَبُ، وَجَوَّزَهَا الْقَدِيمُ فِي سَائِرِ الأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ.
===
(كتاب المساقاة)
هي: أن يُدفع الشجر إلى من يتعاهدها بجزء من الثمرة.
مشتقة من السقي - بسكون القاف - الذي هو أهم أشغالها.
والأصل فيها قبل اتفاق الصحابة والتابعين: (أنه صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع) متفق عليه (1).
(تصحُّ من جائز التصرف) لأنها معاملة على المال، كالقراض، (ولصبي ومجنون) وسفيه (بالولاية) عند المصلحة، للاحتياج إلى ذلك.
(وموردها: النخل والعنب) أما النخل: فللحديث المارِّ (2)، وأما العنب: فبالقياس، بجامع وجوب الزكاة وإمكان الخرص، وقيل: بالنصِّ، ففي الحديث:(من كرم ونخل)، ذكره صاحب "البحر"(3) وهو غريب.
(وجوزها القديم في سائر الأشجار المثمرة) كالتين والتفاح؛ للحديث المار: (من ثمرٍ أو زرع)، وهو عام في كلِّ ثمر، ولعموم الحاجة، كالنخل والعنب، واختاره المصنف في "تصحيح التنبيه"(4)، والجديد: المنع، إذ لا زكاة في ثمرها، فأشبهت غير المثمر.
والفرق: أن ثمار النخل والعنب لا تنمو إلا بالعمل، وغيرها ينمو من غير تعهد، هذا إذا أفردت، فإن ساقى عليها تبعًا لنخل أو عنب .. فالأصح في "زوائد الروضة"
(1) صحيح البخاري (2328)، صحيح مسلم (1551) عن ابن عمر رضي الله عنهما، في غير (أ):(عامل أهل خيبر على نخلها وأرضها)، وهذه الزيادة موافقة لرواية مسلم (1551/ 5).
(2)
ليس في الحديث المار تعرض للنخل فليحرر. اهـ هامش (أ)، وهذا بناء على ما في النسخة (أ).
(3)
بحر المذهب (7/ 118).
(4)
تصحيح التنبيه (1/ 373).
وَلَا تَصِحُّ الْمُخَابَرَةُ، وَهِيَ: عَمَلُ الأَرْضِ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَالْبَذْرُ مِنَ الْعَامِلِ، وَلَا الْمُزَارَعَةُ، وَهِيَ: هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ، وَالْبَذْرُ مِنَ الْمَالِكِ
===
في آخر (المزارعة): الجواز، كما تجوز المزارعة تبعًا للمساقاة (1).
واحترز المصنف بـ (الأشجار): عما لا ساق له؛ كالبطيخ وقصب السكر، فلا تجوز المساقاة عليهما قطعًا، وبـ (المثمرة): عما لا يثمر؛ كالدُّلْبِ (2)، فلا تجوز عليه قطعًا، وقيل: في الخِلَاف وجهان؛ إلحاقًا لأغصانه بالثمرة.
ويشترط: أن تكون الأشجار معينة مرئية.
(ولا تصحُّ المخابرة، وهي: عمل الأرض ببعض ما يخرج منها، والبَذْر من العامل، ولا المزارعة، وهي: هذه المعاملة، والبَذْر من المالك) لصحة النهي عنهما (3).
والمعنى فيه: أن تحصيل منفعة الأرض ممكن بالإجارة، فلم يجز العمل عليها ببعض ما يخرج منها؛ كالمواشي، بخلاف الشجر، فإنه لا يمكن عقدُ الإجارة عليه، فجوزت المساقاة للحاجة.
واختار المصنف في "الروضة" جوازَهما تبعًا لابن المنذر والخطابي وغيرهما؛ للحاجة إليهما (4)، وتأويلَ الأحاديث على ما إذا شرط لواحدٍ زرع قطعةٍ معينة ولآخر أخرى.
وتفسيره المخابرة بعمل الأرض لا يستقيم؛ فإن العمل من وظيفة العامل، فلا يفسر العقد به، وعبارة "الروضة" و"أصلها" المعاملة على الأرض (5)، وهي واضحة.
(1) روضة الطالبين (5/ 172).
(2)
قال في "العجالة"[2/ 921]: كالصنوبر، وهو عجيب. اهـ هامش (أ).
(3)
أما حديث المخابرة .. فأخرجه مسلم (1536) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وأما حديث المزارعة .. فهو عند مسلم أيضًا برقم (1549) عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه.
(4)
روضة الطالبين (5/ 168).
(5)
روضة الطالبين (5/ 168)، والشرح الكبير (6/ 54).
فَلَوْ كَانَ بَيْنَ النَّخْلِ بَيَاضٌ .. صَحَّتِ الْمُزَارَعَةُ عَلَيْهِ مَعَ الْمُسَاقَاةِ عَلَى النَّخْلِ بِشَرْطِ: اتِّحَادِ الْعَامِلِ، وَعُسْرِ إِفْرَادِ النَّخْلِ بِالسَّقْيِ وَالْبَيَاضِ بالْعِمَارَةِ، وَالأَصَحُّ: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَلَّا يُفْصَلَ بَيْنَهُمَا، وَأَلَّا تُقَدَّمَ الْمُزَارَعَةُ، وَأَنَّ كَثيرَ الْبَيَاضِ كَقَلِيلِهِ، وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي الْجُزْءِ الْمَشْرُوطِ مِنَ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ،
===
(فلو كان بين النخل) أو العنب (بياض .. صحت المزارعة عليه مع المساقاة على النخل) تبعًا للمساقاة؛ لعسر الإفراد، ومداخلة البستان، وعليه حمل معاملة أهل خيبر السالفة.
(بشرط: اتحاد العامل) لأن إفراد المزارعة بعامل يخرجها عن كونها تابعة، (وعسر إفراد النخل بالسفي والبياضِ بالعمارة) لانتفاع النخل بسقي الأرض وتقليبها، والمراد بالعسر هنا: التعذر، فإن أمكن الإفراد .. فلا تصح؛ لانتفاء الحاجة المجوزة لها.
(والأصحُّ: أنه يشترط: الا يفصل بينهما) أي: بين المساقاة والمزارعة التابعة، بل يأتي بهما على الاتصال؛ لتحصل التبعية، فلو قال:(ساقيتك على النصف) فقبل (1)، ثم زارعه على البياض .. لم تصحَّ المزارعة؛ لأن تعدد العقد يزيل التبعية، والثاني: يصحُّ؛ لحصولهما لشخص واحد، فأشبه جمعهما في العقد.
(وألا تقدم المزارعة) على المساقاة؛ لأنها تابعة، والتابع لا يتقدم على متبوعه، والثاني: تنعقد موقوفةً، فإن ساقاه بعدها .. بانت صحتها، وإلا .. فلا.
(وأن كثير البياض كقليله) للحاجة، والثاني: لا؛ لأن الأكثر متبوعٌ لا تابع، والنظر في الكثرة إلى مساحة البياض ومغارس الشجر على الأصحِّ.
(وأنه لا يشترط تساوي الجزء المشروط من الثمر والزرع) بل يجوز أن يشترط للعامل نصف الزرع وربع الثمر مثلًا؛ لأن المزارعة وإن جوزت تبعًا، فكلٌّ منهما عقد برأسه، والثاني: يشترط؛ لأن التفاضل يزيل التبعية، وصححه المصنف في "نكت التنبيه".
(1) في (ب) و (د): (ساقيتك على النخل)، وانظر "نهاية المحتاج"(5/ 248 - 249).