الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ [في رجوع المعامل للمفلس عليه بما عامله به ولم يقبض عوضه]
مَنْ بَاعَ وَلَمْ يَقْبِضِ الثَّمَنَ حَتَّى حُجِرَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْفَلَسِ. . فَلَهُ فَسْخُ الْبَيع وَاسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ، وَالأَصَحُّ: أَنَّ خِيَارَهُ عَلَى الْفَوْرِ، وَأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْفَسْخُ بِوَطْءٍ وَإِعْتَاقٍ وَبَيعٍ. وَلَهُ الرُّجُوعُ فِي سَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ كَالْبَيْعِ، وَلَهُ شُرُوطٌ؛ مِنْهَا: كَوْنُ الثَّمَنِ حَالًّا
===
(فصل: من باع ولم يقبض الثمن حتى حجر على المشتري بالفلس. . فله فسخُ البيع واسترداد المبيع) لحديث: "مَنْ أَدْرَكَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ، أَوْ إِنْسَانٍ قَدْ أَفْلَسَ. . فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ" متفق عليه (1).
وكون الثمن غيرَ مقبوض يحتاج إلى إضماره في الحديث، وفي حكم الحجر بالفلس الموتُ مفلسًا، ولو أفلس ولم يحجر عليه أو حجر عليه لسفه. . لم يثبت الرجوع، ويحصل بـ (فسخت البيع)، و (نقضته)، ونحوهما.
(والأصحُّ: أن خياره على الفور) كخيار العيب بجامع دفع الضرر، والثاني: لا؛ كخيار الرجوع في الهبة.
(وأنه لا يحصل الفسخ بوطء وإعتاق وبيع) كالواهب، والثاني: يحصل؛ كالبائع في زمن الخيار.
وفرق الأول: بأن ملك المشتري ثمَّ ليس بمستقر، فجاز الفسخ بالفعل، بخلاف مسألتنا، قال في "المعين": ومحل الخلاف: إذا نوى بالوطء الفسخَ، قال: وهذا على قولنا: لا يفتقر هذا الفسخ إلى حاكم، وإلا. . فلا يحصل به قطعًا.
(وله الرجوع في سائر المعاوضات؛ كالبيع) لعموم الحديث السابق.
وقوله: (كالبيع) أي: في كون المعاوضة محضة، فيدخل في ذلك السلم، والقرض، والإجارة، ويخرج الخلع، والمصالحة عن دم العمد؛ فإنهما ليسا كالبيع في كونه معاوضةً محضةً.
(وله شروط؛ منها: كون الثمن حالًّا)؛ لأن المؤجل لا يطالب به، فتباع السلعة وتصرف إلى ديون الغرماء.
(1) صحيح البخاري (2402)، صحيح مسلم (1559) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وَأَنْ يَتَعَذَّرَ حُصُولُهُ بِالإِفْلَاسِ، فَلَوِ امْتَنَعِ مِنْ دَفْعِ الثَّمَنِ مَعَ يَسَارِهِ أَوْ هَرَبَ. . فَلَا فَسْخَ فِي الأَصَحِّ، وَلَوْ قَالَ الْغُرَمَاءُ:(لَا تفْسَخْ وَنُقَدِّمُكَ بِالثَّمَنِ). . فَلَهُ الْفَسْخُ. وَكَوْنُ الْمَبِيعِ بَاقِيًا فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي،
===
وشمل كلامه ما لو اشترى بمؤجل، وحلَّ قبل الحجر، وهو الأصح، وما لو حلَّ بعد الحجر، وهو الأصح في "الشرح الصغير"، وقال في "زيادة الروضة": إنه الأصح في "الوجيز"، وسكت عليه، ولا ترجيح في "الكبير"(1).
(وأن يتعذر حصولُه بالإفلاس، فلو امتنع من دفع الثمن مع يساره أو هرب. . فلا فسخ في الأصحِّ) لأن التوصل إلى أخذه بالسلطان ممكن، فإن فرض عجز على ندور. . فلا عبرة به، والثاني: يثبت؛ لتعذر الوصول إليه حالًا، وتوقعه مآلًا، فأشبه المفلسَ.
واحترز بـ (الإفلاس): عما إذا تعذر حصوله بانقطاع جنس الثمن. . فإنا إن جوزنا الاعتياض عن الثمن. . فلا فسخ؛ لعدم تعذر استيفاء عوض عنه، وإن منعنا. . فعلى الخلاف في انقطاع المسلم فيه.
(ولو قال الغرماء: "لا تفسخ، ونقدمك بالثمن". . فله الفسخ) لما فيه من المنة، وقد يظهر غريم آخر، وقيل: لا، وجزم به في "الروضة" في آخر الباب في الكلام على القصارة، وهو وهم، وقد ذكره الرافعي على الصواب (2).
(وكون المبيع باقيًا في ملك المشتري) لقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث المارِّ: "مَنْ أَدْرَكَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ. . ."(3).
وقد يفهم: أنه لو زال ثم عاد. . لا رجوع، وهو الأصحُّ في "زيادة الروضة" كما هو المصحح في هبة الولد، لكن الأصحَّ في "الشرح الصغير": الرجوع، وكلام "الكبير" يشعر برجحانه (4).
(1) روضة الطالبين (4/ 129)، الشرح الكبير (5/ 7).
(2)
روضة الطالبين (4/ 174)، الشرح الكبير (5/ 31).
(3)
في (ص 174).
(4)
روضة الطالبين (4/ 156)، الشرح الكبير (5/ 41).
فَلَوْ فَاتَ أَوْ كَاتَبَ الْعَبْدَ. . فَلَا رُجُوعَ، وَلَا يَمْنَعُ التَّزْوِيجُ. وَلَوْ تَعَيَّبَ بِآفَةٍ. . أَخَذَهُ نَاقِصًا، أَوْ ضَارَبَ بِالثَّمَنِ. أَوْ بِجِنَايَةِ أَجْنَبِيٍّ أَوِ الْبَائِعِ. . فَلَهُ أَخْذُهُ، وَيُضارِبُ مِنْ ثَمَنِهِ بنِسْبَةِ نَقْصِ الْقِيمَةِ. وَجِنَايَةُ الْمُشْتَرِي كَاَفَةٍ فِي الأَصَحِّ. وَلَوْ تلَفَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ ثُمَّ أَفْلَسَ. . أَخَذَ الْبَاقِيَ وَضَارَبَ بِحِصَّةِ التَّالِفِ،
===
(فلو فات) حسًّا؛ كالموت، أو حكمًا؛ كالعتق (أو كاتب العبدَ) كتابة صحيحة (. . فلا رجوع) لخروجه عن ملكه في الفوات، وفي الكتابة هو كالخارج عن ملكه، وليس له فسخ هذه التصرفات، بخلاف الشفيع؛ لسبق حقِّ الشفيع على التصرفات، بخلاف البائع.
(ولا يمنع التزويج) لأنه لا يمنع البيع، وبقي للرجوع شرطان آخران: الأول: ألا يتعلق بالمبيع حقٌّ ثالث؛ كالجناية والرهن، فإن زال التعلق. . رجع، الثاني: ألا يقوم بالبائع مانع من التملك؛ كما لو أحرم والمبيع صيدًا. . فإنه لا رجوع في الأصح، لكن قال المَحاملي: إنه يجوز للكافر الرجوع فيما إذا كان المبيع عبدًا مسلمًا، وأقره عليه في "الروضة"، و"شرح المهذب"، قال الإسنوي: وفى الفرق بعد (1).
(ولو تعيب بآفة. . أخذه ناقصًا، أو ضارب بالثمن) كما لو تعيب المبيع في يد البائع.
(أو بجناية أجنبي أو البائع. . فله أخذه، ويضارب من ثمنه بنسبة نقص القيمة) لأن المشتري أخذ بدلًا للنقصان، وكان ذلك مستحقًا للبائع لو بقي، فلا يحسن تضييعه عليه؛ مثاله: قيمته سليمًا مئة، ومعيبًا تسعون، فيرجع بعشر الثمن.
(وجناية المشتري كآفة في الأصحِّ) في جنايته طريقان: أصحهما: أنها كجناية البائع على المبيع قبل القبض؛ لأن أخذ المبيع من يد كلٍّ منهما مستحقٌّ، وعلى هذا: فهل هو كآفة، أو كجناية أجنبي؟ فيه وجهان، أشار إليهما في "الكتاب"، والطريق الثاني: القطع بأنه كجناية الأجنبي.
(ولو تلف أحدُ العبدين ثم أفلس) وحجر عليه (. . أخذ الباقيَ، وضارب بحصة التالف) لأنه ثبت له الرجوعُ في كلٍّ منهما.
(1) روضة الطالبين (3/ 350)، المجموع (9/ 339).
وَلَوْ كَانَ قَبَضَ بَعْضَ الثَّمَنِ. . رَجَعَ فِي الْجَدِيدِ، فَإِنْ تَسَاوَتْ قِيمَتُهُمَا وَقَبَضَ نِصْفَ الثَّمَنِ. . أَخَذَ الْبَاقِي بِبَاقِي الثَّمَنِ، وَفِي قَوْلٍ: يَأْخُذُ نِصْفَهُ بِنِصْفِ بَاقِي الثَّمَنِ وَيُضَارِبُ بِنِصْفِهِ. وَلَوْ زَادَ الْمَبِيعُ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً؛ كَسِمَنٍ وَصَنْعَةٍ. . فَازَ الْبَائِعُ بِهَا، وَالْمُنْفَصِلَةُ -كَالثَّمَرَةِ وَالْوَلَدِ- لِلْمُشْتَري، وَيَرْجِعُ الْبَائِعُ فِي الأَصْلِ، فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا وَبَذَلَ الْبَائِعُ قِيمَته. . أَخَذَ مَعَ أُمِّهِ،
===
(ولو كان قبض بعض الثمن. . رجع في الجديد)(1) لأن الإفلاس سببٌ يعود به كلُّ المبيع إليه، فجاز أن يعود به بعضه؛ كالفرقة في النكاح قبل الدخول يعود بها جميعُ الصداق إلى الزوج تارةً، وبعضه أخرى، والقديم: لا يرجع، بل يضارب بباقي الثمن؛ لحديث مرسل فيه (2).
(فإن تساوت قيمتُهما وقبض نصفَ الثمن. . أخذ الباقي بباقي الثمن) ويكون ما قبضه في مقابلة التالف؛ كما لو رهن عبدين بمئة وأخذ خمسين وتلف أحد العبدين. . كان الباقي مرهونًا بما بقي من الدين.
(وفي قول) مُخرَّج (يأخذ نصفه بنصف باقي الثمن، ويضارب بنصفه) أي: بنصف الباقي، وهو الربع؛ لأن الثمن يتوزع على المبيع، وحينئذ فيتوزع كلُّ واحد من المقبوض والباقي على العبدين.
(ولو زاد المبيع زيادةً متصلة؛ كسِمن وصَنعة. . فاز البائع بها) جريًا على القاعدة في تنزيل الفسخ منزلةَ العقد إلا في الصداق، فإن الزوج إذا طلَّق قبل الدخول. . لا يرجع في النصف الزائد إلا برضاها؛ لما سيأتي في بابه.
(والمنفصلةُ -كالثمرة والولد- للمشتري، ويرجع البائع في الأصل) لأن الشارع إنما أثبت له الرجوعَ في المبيع، فيقتصر عليه.
(فإن كان الولد صغيرًا وبذل البائع قيمتَه. . أخذه مع أمه) لأن التفريق ممتنع، ومال المفلس مبيع كلُّه، فأجبنا البائع لما سأله، لاشتماله على المطلوب، وخلوه عن المحذور.
(1) في (ب) و (د): (فلو كان قبض).
(2)
أخرجه مالك (2/ 678)، وأبو داوود (3521)، وانظر "التلخيص الحبير"(4/ 1843).
وَإِلَّا. . فَيُبَاعَانِ وَتُصْرَفُ إِلَيْهِ حِصَّةُ الأُمِّ، وَقِيلَ: لَا رُجُوعَ. وَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ الرُّجُوعِ دُونَ الْبَيعْ أَوْ عَكْسَهُ. . فَالأَصَحُّ: تَعَدِّي الرُّجُوعِ إِلَى الْوَلَدِ. وَاسْتِتَارُ الثَّمَرِ بِكِمَامِهِ وَظُهُورُهُ بِالتّأبِيرِ قَرِيبٌ مِنَ اسْتِتَارِ الْجَنِينِ وَانْفِصَالِهِ، وَأَوْلَى بِتَعَدِّي الرُّجُوعِ.
===
(وإلا) أي: وإن لم يبذل قيمته (. . فيُباعان) لوجود المحذور، وهو التفريق، (وتصرف إليه حصةُ الأم) وما قابل الولد إلى الغرماء، (وقيل: لا رجوع) إذا لم يبذل القيمة، بل يضارب؛ لما فيه من التفريق من حين الرجوع إلى البيع (1).
(ولو كانت حاملًا عند الرجوع دون البيع، أو عكسه. . فالأصحُّ: تعدي الرجوع إلى الولد) وجه الأصحِّ في الصورة الأولى: أن الحمل لمَّا تبع في البيع. . تبع في الرجوع، ووجه مقابله: أن البائع إنما يرجع إلى ما كان عند البيع، والحملُ ليس كذلك، وهذا هو الأصحُّ في نظائر المسألة من الردِّ بالعيب، والرهن، ورجوع الوالد في الهبة، قال الإسنوي، والأَذْرَعي هنا: والصواب: التسوية، وفي "المهمات" في (الرد بالعيب): وينبغي أن تكون الفتوى على انتقال الحمل مع الأم؛ لنقل الرافعي إياه في (التفليس) عن الأكثرين (2).
وأما الصورة الثانية: فالخلاف فيها مُفرَّع على أن الحمل يعلم فكأنه باعه عينين، أو لا يعلم فلا يرجع فيه، ولمَّا كان الأصحُّ العلمَ. . كان الأصحُّ الرجوعَ، ولو كانت حاملًا عندهما. . رجع فيها حاملًا مطلقًا، ولو حدث بينهما وانفصل. . فقد مرَّ أنه للمشتري، وبهذا يكمل للمسألة أربعة أحوال.
(واستتار الثمر بكِمامه، وظهورُه بالتأبير قريبٌ من استتار الجنين وانفصاله) فتجيء الأحوال الأربعة المارة، والحكم فيها ما تقدم.
(وأولى بتعدي الرجوع) تبع في هذه العبارة "المحرر"(3)، وهي منتقدة؛ فإنها إذا كانت غيرَ مؤبرة عند البيع مؤبرةً عند الرجوع. . فهي أولى بتعدي الرجوع، أما إذا كانت غير مؤبرة عند الرجوع، ولم تكن موجودة عند البيع. . فأولى بعدم تعدي
(1) لم يوجه الرافعي هذا الوجه، ووجهه الإسنوي بما ذكرناه، وفيه نظر. اهـ هامش (أ).
(2)
المهمات (5/ 209).
(3)
المحرر (ص 177).
وَلَوْ غَرَسَ الأَرْضَ أَوْ بَنَى؛ فَإِنِ اتّفَقَ الْغُرَمَاءُ وَالْمُفْلِسُ عَلَى تَفْرِيغِهَا. . فَعَلُوا وَأَخَذَهَا، وَإِنِ امْتَنَعُوا. . لَمْ يُجْبَرُوا، بَلْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَيَتَمَلَّكَ الْغِرَاسَ وَالْبنَاءَ بِقِيمَتِهِ، وَلَهُ أَنْ يَقْلَعَ وَيَضْمَنَ أَرْشَ نَقْصِهِ، وَالأَظْهَرُ: أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا، وَيَبْقَى الْغِرَاسُ وَالْبِنَاءُ لِلْمُفْلِسِ. وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ حِنْطَةً فَخَلَطَهَا بِمِثْلِهَا أَوْ دُونِهَا. . فَلَهُ أَخْذُ قَدْرِ الْمَبِيعِ مِنَ الْمَخْلُوطِ،
===
الرجوع، وعبارة الغزالي في ذلك: وأولى بالاستقلال (1)، قال الرافعي:(يشير إلى طريقة القطع في الثمار؛ تارة في الإثبات، وأخرى في النفي كما بيناه (2).
(ولو غرس الأرض أو بنى؛ فإن اتفق الغرماءُ والمفلس على تفريغها. . فعلوا) لأن الحقَّ لا يعدوهم (وأخذها) يعني: البائع إذا اختار الرجوع في الأرض؛ لأنها عينُ ماله، ولم يتعلق به حقٌّ لغيره، ويجب تسوية الحفر، وغرامة أرش النقص من مال المفلس مقدمًا به.
(وإن امتنعوا. . لم يجبروا) على القلع، لأنه حين بنى وغرس لم يكن متعديًا، بل وضعه بحقٍّ، فيحترم.
(بل له أن يرجع ويتملكَ الغراس والبناءَ بقيمته، وله أن يقلع ويضمن أرشَ نقصه)(3) لأن مال المفلس مبيع كلُّه، والضرر يندفع بكلِّ واحد من الأمرين، فأجبنا البائع لما طلبه منهما، بخلاف الزرع؛ فإنه يبقى إلى إدراكه؛ لأن له أمدًا ينتظر.
(والأظهر: أنه ليس له أن يرجع فيها، ويبقى الغراسُ والبناء للمفلس) لما فيه من الضرر؛ فإن الغراس بلا أرض، والبناء بلا مقر ولا ممر. . ناقص القيمة، فلا يزال ضرر البائع بضرر المفلس، والثاني: له ذلك؛ كما لو صبغ الثوب. . يرجع فيه دون الصبغ، ويكون شريكًا.
والفرق على الأول: أن الصبغ كالصفة التابعة للثوب.
(ولو كان المبيع حنطة فخلطها بمثلها أو دونها. . فله أخذُ قدر المبيع من المخلوط) بعد الفسخ؛ لأنه في المثل لَمَّا تماثلا وجَوَّز الشارعُ القسمة. . كان المأخوذ
(1) الوجيز (ص 200).
(2)
الشرح الكبير (5/ 49).
(3)
في (ب) و (د): (وله أن يقلعه ويغرم أرش نقصه).
أَوْ بِأَجْوَدَ. . فَلَا رُجُوعَ فِي الْمَخْلُوطِ فِي الأَظْهَرِ، وَلَوْ طَحَنَهَا أَوْ قَصَرَ الثَّوْبَ، فَإِنْ لَمْ تَزِدِ الْقِيمَةُ. . رَجَعَ وَلَا شَيْءَ لِلْمُفْلِسِ، وَإِنْ زَادَتْ. . فَالأَظْهَرُ: أَنَّهُ يُبَاعُ وَلِلْمُفْلِسِ مِنْ ثَمَنِهِ بِنِسْبَةِ مَا زَادَ. وَلَوْ صَبَغَهُ بِصَبْغِهِ؛ فَإِنْ زَادَتِ الْقِيمَةُ قَدْرَ قِيمَةِ الصِّبْغِ. . رَجَعَ، وَالْمُفْلِسُ شَرِيكٌ بِالْصِّبْغِ، أَوْ أَقَلَّ. . فَالنَّقْصُ عَلَى الصِّبْغِ،
===
بمثابة الأول حكمًا، وفي المخلوط بالأدون مسامحة بعيب أحدثه الخلط في المبيع.
(أو بأجود. . فلا رجوع في المخلوط في الأظهر) بل يضارب بالثمن؛ لتعذر القسمة؛ إذ لا سبيل إلى إعطائه قدر حقِّه من المخلوط؛ لما فيه من إضرار المفلس، ولا إلى إعطائه ما يساوي حقَّه منه؛ لأنه ربا، والثاني: يرجع كالخلط بالمثل.
(ولو طحنها أو قصر الثوبَ، فإن لم تزد القيمةُ. . رجع، ولا شيء للمفلس) لأنه مبيع موجود من غير زيادة، وإن نقصت. . فليس للبائع غيره.
(وإن زادت. . فالأظهر: أنه يباع، وللمفلس من ثمنه بنسبة ما زاد) لأنها زيادة حصلت بفعل محترم متقوم، فوجب ألا يضيع عليه، بخلاف الغاصب.
مثاله: قيمة الثوب خمسة، فبلغ بالقصارة ستة. . فللمفلس سدس الثمن، ولو أراد البائع أخذ الثوب ودفع حصة الزيادة. . مكن على الأصح في "زيادة الروضة"(1).
والقول الثاني: إن البائع يفوز بالزيادة؛ لأنها أثر؛ كسمن الدابة بالعلف، وكبر الشجرة بالسقي والتعهد.
(ولو صبغه) المفلس (بصَبْغه؛ فإن زادت القيمة) بسبب الصبغ (قدر قيمة الصِّبغ. . رجع، والمفلس شريك بالصبغ) لأن المبيع هو الثوب خاصة.
مثاله: قيمة الثوب أربعة، والصبغ درهمان، فصار بعد الرجوع يساوي ستة. . فيكون المفلس شريكًا بدرهمين، وفي كيفية الشركة وجهان بلا ترجيح: أحدهما: كلُّ الثوب للبائع، وكلُّ الصبغ للمفلس؛ كما لو غرس الأرض، والثاني: أنهما يشتركان فيهما جميعًا؛ لتعذر التمييز؛ كما في خلط الزيت.
(أو أقل) وسعر الثوب بحاله (. . فالنقص على الصِّبغ) لأن أجزاءه تتفرق
(1) روضة الطالبين (4/ 171).
أَوْ أَكْثَرَ. . فَالأَصَحُّ: أَنَّ الزِّيَادَةَ لِلْمُفْلِسِ. وَلَوِ اشْتَرَى مِنْهُ الصِّبْغَ وَالثَّوْبَ. . رَجَعَ فِيهِمَا إِلَّا أَلَّا تَزِيدَ قِيمَتُهُمَا عَلَى قِيمَةِ الثَّوْب فَيَكُونُ فَاقِدًا لِلصِّبْغِ. وَلَوِ اشْتَرَاهُمَا مِنِ اثنيْنِ؛ فَإِنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ مَصْبُوغًا عَلَى قِيمَةِ الثَّوْبِ. . فَصَاحِبُ الصِّبْغِ فَاقِدٌ، وَإِنْ زَادَتْ بِقَدْرِ قِيمَةِ الصِّبْغِ. . اشْتَرَكَا، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى قِيمَتِهِمَا. . فَالأَصَحُّ: أَنَّ الْمُفْلِسَ شَرِيكٌ لَهُمَا بِالزِّيَادَةِ.
===
وتنقص، والثوب قائم بحاله، فإذا صار الثوب في المثال المتقدم بعد الصبغ يساوي خمسة. . فيكون المفلس شريكًا بخمس الثوب، ولو لم يزد الثوب شيئًا أو نقص. . فلا شيء للمفلس، ولم يذكره المصنف.
(أو أكثر. . فالأصحُّ: أن الزيادة) كلَّها (للمفلس) بناء على أن الصبغة كالقصارة يسلك بها مسلك الأعيان، ومقابله مبنيٌّ على أنها أثر، وعلى هذا الأصح: أن الزيادة توزع عليهما، فيكون للبائع في مثالنا المارِّ ثلثا الثمن، وللمفلس ثلثُه.
(ولو اشترى منه الصِّبغ والثوبَ. . رجع فيهما) لأنهما عينُ ماله (إلا ألا تزيد قيمتُهما على قيمة الثوب فيكون فاقدًا للصِّبغ) لاستهلاكه فيضارب بثمنه (1).
(ولو اشتراهما) أي: الصبغ والثوب (من اثنين، فإن لم تزد قيمتُه مصبوغًا على قيمة الثوب. . فصاحب الصِّبغ فاقد) له فيضارب بثمنه.
(وإن زادت بقدر قيمة الصِّبغ. . اشتركا) وفي كيفية الشركة ما مرَّ، (وإن زادت على قيمتهما. . فالأصحُّ: أن المفلس شريك لهما بالزيادة) بناء على أنها عين، ومقابله: بناء على أنها أثر.
* * *
(1) في (أ): (فيطالب بثمنه).