الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصلٌ [في أصول المسائل وما يعول منها]
إِنْ كَانَتِ الْوَرَثة عَصَبَاتٍ .. قُسِّمَ الْمَالُ بِالسَّوِيَّةِ إِنْ تَمَحَّضُوا ذُكُورًا أَوْ إِنَاثًا. وَإِنِ اجْتَمَعَ الصِّنْفَانِ .. قُدِّرَ كُلُّ ذَكَرٍ أُنْثَيَيْنِ، وَعَدَدُ رُؤُوسِ الْمَقْسُومِ عَلَيْهِمْ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ. وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ ذُو فَرْضٍ أَوْ ذوَا فَرْضَيْنِ مُتَمَاثِلَيْنِ .. فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ مَخْرَجِ ذَلِكَ الْكَسْرِ؛
===
لبطلانها، كذا قاله الشيخان هنا (1)، لكنهما حكيا عن البغوي في (كتاب النكاح): أن منهم من بنى التوارث على الخلاف في صحة أنكحتهم (2).
* * *
(فصل: إن كانت الورثة عصبات .. قُسِّم المال بالسوية إن تمحَّضوا ذكورًا) كبنين أو إخوة، أو أعمام، أو بنيهم، سواء النسب والولاء، (أو إناثًا) كأربع نسوة أعتقن عبدًا بينهن بالسوية، وهذا لا يتصور إلا في الولاء؛ فإن تفاوت الملك .. تفاوت الإرث.
(وإن اجتمع الصنفان .. قُدِّر كلُّ ذكر أنثيين) ولا يقدر للأنثى نصف نصيب؛ لئلا ينطق بالكسر، واتفقوا على عدم النطق به.
(وعدد رؤوس المقسومِ عليهم أصلُ المسألة) فإذا خلَّف ابنين وبنتين .. فأصل المسألة من ستة، وهكذا.
(وإن كان فيهم) أي: في الورثة (ذو فرض، أو ذوا فرضين متماثلين .. فالمسألة) أصلها (من مخرج ذلك الكسر) مثال الأول: بنت، وعم؛ المسألة من اثنين، ومثال الثاني: أم، وأخ لأم، وأخ لأب؛ هي من ستة، وكذا الحكم فيما إذا لم يكن فيهم عصبة؛ كزوج، وأخت لأبوين، أو لأب؛ هي من اثنين أيضًا.
وهذه المسألة تُسمَّى النصفية؛ إذ ليس لنا شخصان يرثان المال مناصفة فرضًا سواهما، وتُسمَّى اليتيمة؛ إذ ليس لها نظير.
وقوله: (متماثلين) أي: إما فرضًا؛ كزوج، وأخت، أو مخرجًا؛ كشقيقتين، وأخوين لأم.
(1) الشرح الكبير (6/ 501)، روضة الطالبين (6/ 44).
(2)
الشرح الكبير (7/ 126)، روضة الطالبين (7/ 171).
فَمَخْرَجُ النِّصْفِ: اثْنَانِ، وَالثُّلُثِ: ثَلَاثَةُ، وَالرُّبُعِ: أَرْبَعَةٌ، وَالسُّدُسِ: سِتَّةٌ، وَالثُّمُنِ: ثَمَانِيَةٌ. وَإِنْ كَانَ فَرْضَانِ مُخْتَلِفَا الْمَخْرَجِ؛ فَإِنْ تَدَاخَلَ مَخْرَجَاهُمَا .. فَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَكْثَرُهُمَا كَسُدُسٍ وَثُلُثٍ، وَإِنْ تَوَافَقَا .. ضُرِبَ وَفْقُ أَحَدِهِمَا فِي الآخَرِ وَالْحَاصِلُ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ كَسُدُسٍ وَثُمُنٍ فَالأَصْلُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ، وَإِنْ تَبَايَنَا .. ضُرِبَ كُلٌّ فِي كُلٍّ وَالْحَاصِلُ الأَصْلُ كَثُلُثٍ وَرُبُعٍ، الأَصْلُ اثْنَا عَشَرَ
===
واعلم: أن المخرج هو أقل عدد يصحُّ منه الكسر، وهو أصل المسألة.
والكسر: هو الجزء وهو ما دون الواحد.
(فمخرج النصف: اثثان، والثلث: ثلاثة، والربع: أربعة، والسدس: ستة، والثمن: ثمانية) لأن أقلَّ ما له نصف اثنان، وأقلَّ ما له ثلث ثلاثة، وأقلَّ ما له ربع أربعة، وأقلَّ ما له سدس ستة، وأقلَّ ما له ثمن ثمانية، وكلُّها مشتقة من أسماء العدد لفظًا ومعنىً إلا النصف، فلم يشتق من اسم العدد، ولو اشتق منه .. لقيل: ثنُي بضم أوله، وإنما اشتق من التناصف؛ يعني: أن المقتسمين قد تناصفا واقتسما بالسوية.
وسكوته عن الثلثين يفهم أنه ليس جزءًا برأسه، وهو كذلك، وإنما هو تضعيف الثلث.
(وإن كان فرضان مختلفا المخرج؛ فإن تداخل مخرجاهما .. فأصل المسألة أكثرهما؛ كسدس وثلث) كأم، وأخ لأم، وعم؛ هي من ستة، للأم الثلث، وهو من ثلاثة، وللاخ السدس، وهو من ستة، والثلاثة داخلة في الستة؛ لأن المتداخلين كلُّ عددين مختلفين أقلهما جزء من الأكثر لا يزيد على نصفه؛ كالثلاثة من الستة ومن التسعة، والأربعة من الثمانية.
(وإن توافقا) بجزء من الأجزاء ( .. ضرب وفق أحدهما في الآخر، والحاصل أصل المسألة؛ كسدس وثمن؛ فالأصل: أربعة وعشرون) كما إذا خلَّف أُمًّا، وزوجة، وابنًا؛ فالسدس والثمن متوافقان بالأنصاف، فاضرب نصف أحدهما في الآخر يبلغ أربعة وعشرين.
(وإن تباينا .. ضرب كلٌّ في كلٍّ، والحاصل الأصل؛ كثلث وربع، الأصل: اثنا عشر) كأم، وزوجة، وأخ؛ فالثلث والربع متباينان، فاضرب مجموع أحدهما في الآخر يبلغ اثني عشر.
فَالأُصُولُ سَبْعَةٌ: اثْنَانِ وَثَلَاثةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَسِتَّةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَاثْنَا عَشَرَ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ، وَالَّذِي يَعُولُ مِنْهَا: السِّتَّةُ إِلَى سَبْعَةٍ كَزَوْجٍ وَأُخْتَيْنِ،
===
(فالأصول) أي: المخارج (سبعة: اثنان، وثلاثة، وأربعة، وستة، وثمانية، واثنا عشر، وأربعة وعشرون) لأن الفروض المذكورة في القرآن لا يخرج حسابها إلا من هذه السبعة، وهذا ما عليه قدماء الأصحاب، وزاد المتأخرون أصلين آخرين في مسائل الجد والإخوة حيث كان ثلث الباقي بعد الفروض خيرًا له؛ أحدهما: ثمانية عشر؛ كجد، وأم، وإخوة، والثاني: ستة وثلاثون؛ كجد، وأم، وزوجة، وإخوة.
أصل الأولى: من ثمانية عشر؛ لأنه أقلُّ عدد يكون له سدس، وثلث ما بقي، وأصل الثانية: من ستة وثلاثين، واختار في "الروضة" طريق المتأخرين؛ لأنه أخصر، ولأن ثلث ما تبقى فرض مضموم إلى السدس والربع؛ فلتكن الفريضة من مخرجها (1).
(والذي يعول منها) أي: من هذه الأصول ثلاثة؛ وهي: ستة، واثنا عشر، وأربعة وعشرون؛ لإمكان اجتماع فروض تزيد عليها، بخلاف الباقي.
(الستة إلى سبعة؛ كزوج وأختين) شقيقتين، أو لأب؛ فتعول بمثل سدسها.
وهذه الصورة أول فريضة عالت في الإسلام (2)؛ لأنها وقعت في زمن عمر رضي الله عنه فجمع لها الصحابة، وقال لهم: فرض الله تعالى للزوج النصف، وللأختين الثلثين، فإن بدأت بالزوج .. لم يبق للأختين حقهما، وإن بدأت بالأختين .. لم يبق للزوج حقه، فأشار عليه العباس رضي الله عنه بالعول، وقال: أرأيت لو مات رجل وترك ستة دراهم، ولرجل عليه ثلاثة، ولآخر أربعة أليس يجعل المال سبعة أجزاء؟ قال: نعم؛ فقال العباس: هو ذاك، فأجمع الصحابة عليه، وكان ابن عباس صغيرًا فلما كبر أظهر الخلاف.
(1) روضة الطالبين (6/ 62).
(2)
أخرجها الحاكم (4/ 340)، والبيهقي (6/ 253) عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وَإِلَى ثَمَانِيَةٍ كَهُمْ وَأُمٍّ، وَإِلَى تِسْعَةٍ كَهُمْ وَأَخٍ لِأمٍّ، وَإِلَى عَشَرَةٍ كَهُمْ وَآخَرَ لأُمٍّ. وَالاثْنَا عَشَرَ إِلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ كَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ وَأُخْتَيْنِ، وَإِلَى خَمْسَةَ عَشَرَ كَهُمْ وَأَخٍ لأُمٍّ، وَسَبْعَةَ عَشَرَ كَهُمْ وَآخَرَ لأُمٍّ. وَالأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ إِلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ كَبِنْتَيْنِ وَأَبَوَيْنِ وَزَوْجَةٍ
===
والعول: عبارة عن رفع الحساب، ومعناه: أنا نرفع سهام المسألة عن سهام ذوي الفروض؛ ليدخل النقص على كلٍّ بقدر فرضه.
(وإلى ثمانية؛ كهم وأم) فتعول بمثل ثلثها، وإدخال الكاف على الضمير لغة قليلة.
(وإلى تسعة؛ كهم وأخ لأم) فيزاد عليها سهم واحد لولد الأم فتعول بمثل نصفها.
(وإلى عشره؛ كهم وآخر لأم) فتعول بمثل ثلثيها، وتُسمَّى هذه: أم الفُروخ، لكثرة سهامها العالية فيها، والشُّريحية؛ لأن شُريحًا قَضى فيها بذلك؛ فتلخص أن الستة تعول أربع مرات، ثم إنها متى عالت إلى أكثر من سبعة لا يكون الميت إلا امرأة؛ لأنها لا تعول إلى ذلك إلا بزوج.
(والاثنا عشر إلى ثلاثة عشر؛ كزوجة وأم وأختين) لغير أمٍّ، فتعول بنصف سدسها.
(وإلى خمسة عشر؛ كهم وأخ لأم) فتعول بربعها، فيزاد على ما سبق سهمان للأخ للأم.
(وسبعة عشر؛ كهم وآخر لأم) فتعول بربعها، وسدسها، ويزاد على ما مرَّ سهمان للأخ الآخر، وهذه الثلاث مراتب لا يتصور إلا والميت رجل، كما أفهمه تمثيل المصنف (1).
(والأربعة والعشرون إلى سبعة وعشرين) فقط (كبنتين وأبوين وزوجة) فتعول بمثل ثمنها، وهو نصيب الزوجة، وتسمى هذه: المنبرية؛ لأن عليًّا رضي الله عنه سئل عنها على المنبر، فقال ارتجالًا: صار ثمنها تسعا" (2)، ومضى في خطبته، وذلك
(1) قال في "العجالة"(3/ 1072): بعد مثال المصنف: (قلت: وكذا هؤلاء وأمّ وجدة. انتهى، وهو عجيب؛ فإن الأم مذكورة أولًا في الخمسة عشر، والجدة لا ترث معها). اهـ هامش (أ).
(2)
أخرجه الدارقطني (4/ 68 - 69)، والبيهقي (6/ 253).
وَإِذَا تَمَاثَلَ الْعَدَدَانِ .. فَذَاكَ. وَإِنِ اخْتَلَفَا وَفَنِيَ الأَكْثَرُ بِالأَقَلِّ مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ .. فَمُتَدَاخِلَانِ كَثَلَاثَةٍ مَعَ سِتَّةٍ أَوْ تِسْعَةٍ، وَإِنْ لَمْ يُفْنِهِمَا إِلَّا عَدَدٌ ثَالِثٌ .. فَمُتَوَافِقَانِ بِجُزئِهِ كَأَرْبَعَةٍ وَسِتَّةٍ بِالنِّصْفِ، وَإِنْ لَمْ يُفْنِهِمَا إِلَّا وَاحِدٌ .. تَبَايَنَا كَثَلَاثَةٍ وَأَرْبَعَةٍ
===
لأن ثلاثة من سبعة وعشرين تسع في الحقيقة، ولا يكون هذا العول إلا والميت رجل بل لا تكون المسألة من أربعة وعشرين إلا وهو رجل.
(وإذا تماثل العددان .. فذاك) أي: فأمره واضح؛ كثلاثة وثلاثة، فتسقط أحدهما وتكتفي بالآخر.
(وإن اختلفا وفَنِيَ الأكثر بالأقل مرتين فأكثر .. فمتداخلان؛ كثلاثة مع ستة أو تسعة) أو خمسة وعشرة؛ فإن الستة تفنى بإسقاط الثلاثة مرتين، والتسعة بإسقاط الثلاثة منها ثلاث مرات؛ لأنها ثلثها، والعشرة تفنى بإسقاط الخمسة مرتين؛ لأنها نصفها.
(وإن لم يفنهما إلا عدد ثالث) أي: وإن اختلفا، ولم يفن أقلهما أكثرهما، ولكن يفنيهما عدد ثالث ( .. فمتوافقان بجزئه؛ كأربعة وستة بالنصف) لأنك إذا سلطَّت الأربعة على الستة .. يبقى منها اثنان، سَلِّطْهما على الأربعة مرتين تفنى بهما؛ فقد حصل الإفناء باثنين، وهو عدد غير الستة والأربعة، فهما متوافقان بجزء ذلك العدد وهو النصف.
وحكم المتوافق: أنك تضرب وفق أحد العددين في كامل الآخر، فإن أفنى عددين أكثر من عدد واحد .. فهما متوافقان بأجزاء ما في ذلك العدد من الآحاد؛ كالاثني عشر والثمانية عشر، تفنيهما الستة والثلاثة والاثنان، فهما متوافقان بالأسداس، والأثلاث، والأنصاف، والعمل والاعتبار في مثل ذلك بالجزء الأقلِّ؛ فيعتبر في هذا المثال السدس.
(وإن لم يفنهما إلا واحد .. تباينا؛ كثلاثةٍ وأربعةٍ) لأنك إذا أسقطت الثلاثة من الأربعة .. بقي واحد، فإذا سلطته على الثلاثة .. فنيت به، وسُمِّيا بالمتباينين؛ لأن فناءهما بمُباينهما، وهو الواحد، وإنما قلنا إن الواحد مباين لهما؛ لأنهما عددان والواحد ليس بعدد، والمنفي ضد المثبت ومباين له، بخلاف ما إذا أفناهما عدد