الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ الحَوالة
يُشْتَرَطُ لَهَا: رِضَا الْمُحِيلِ وَالْمُحْتَالِ، لَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ فِي الأَصَحِّ. وَلَا تَصحُّ عَلَى مَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: تَصحُّ بِرِضَاهُ.
===
(باب الحوالة)
هي بفتح الحاء، وحكي كسرُها، وهي في اللغة: الانتقال؛ من قولهم: (حال عن العهد) إذا انتقل عنه، وفي الاصطلاح: تطلق على شيئين: أحدهما: انتقال الدين من ذمة إلى ذمة، الثاني: العقد الذي يحصل به الانتقالُ، وهذا هو غالب استعمال الفقهاء، وهي مجمع عليها.
والأصح: أنها بيع، فكأن المحيل باع المحتال مالَه في ذمة المحال عليه بما للمحتال في ذمته، وقيل: هي استيفاء، وصححه السبكي، وفسر الشيخان الاستيفاء: بأن المحتال كأنه استوفى ما على المحيل، وأقرضه المحال عليه (1).
وإذا قلنا: إنها بيع. . فالأصح: أنها بيع دين بدين جوز للحاجة، وقيل: بيع عين بعين، وقيل: بيع عين بدين.
(يشترط لها رضا المحيل) لأن الحقَّ في ذمته مرسل، فلا يتعين قضاؤه في محلٍّ معين؛ كما لو طلب منه الوفاء من كيس بعينه.
(والمحتال) لأن حقَّه في ذمة المحيل، فلا ينتقل إلى غيره إلا برضاه، لأن الذمم تتفاوت، وطريق الوقوف على تراضيهما إنما هو الإيجاب والقبول على ما مرَّ في البيع، ويعتبر في المحيل والمحتال أهلية التصرف كسائر المعاملات.
(لا المحال عليه في الأصحِّ) لأن الحقَّ للمحيل، فله أن يستوفي بنفسه وبغيره؛ كما له أن يوكل، ولأن المحال عليه محلُّ التصرف فأشبه العبد المبيع، والثاني: يشترط؛ لأنه أحدُ أركان الحوالة؛ كالمحيل والمحتال.
(ولا تصحُّ على من لا دين عليه) بناء على أنها بيع؛ لأنه ليس على المحال عليه شيء يجعله عوضًا عن حقِّ المحتال، (وقيل: تصحُّ برضاه) بناء على أنها استيفاء؛
(1) روضة الطالبين (4/ 228)، الشرح الكبير (5/ 126).
وَتَصِحُّ بِالدَّيْنِ اللَّازِمِ، وَعَلَيْهِ الْمِثْلِيُّ، وَكَذَا الْمُتَقَوِّمُ فِي الأَصَحِّ، وَبِالثَّمَنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ، وَعَلَيْهِ فِي الأَصَحِّ.
===
فكأن المحتال أخذ حقَّه ممن عليه، وأقرضه من المحال عليه.
(وتصحُّ بالدين اللازم، وعليه) سواء اتفق الدينان في سبب الوجوب أو اختلفا؛ كأن كان أحدهما ثمنًا، والآخر قرضًا؛ لما سلف من الأدلة.
قال في "الروضة": وكان ينبغي وصف الدين بالاستقرار؛ ليخرج دين السلم فإنه لازم، ولا تصحُّ الحوالة به، ولا عليه في الأصحِّ (1).
قال الإسنوي: لكن الأجرة قبل مضي المدة غيرُ مستقرة، وكذلك الصداق قبل الدخول، والموت، والثمن قبل قبض المبيع، ومع ذلك تصحُّ الحوالة بها وعليها، فضرر هذه الزيادة أكثر من نفعها، قال: فالأحسن: التعبير باللزوم، ويزاد لإخراج السلم: يصحُّ الاستبدال عنه؛ كما عبر به في "الكفاية"(2).
(المثلي) كالنقدين والحبوب، (وكذا المتقوم) بكسر الواو (في الأصحِّ) كالثياب والعبيد؛ لثبوتهما في الذمة بعقد السلم، والثاني: لا تصحُّ في المتقوم؛ لأن المقصود من الحوالة إيصال الحقِّ إلى مستحقه من غير تفاوت، ولا يتحقق فيما لا مثل له.
(وبالثمن في مدة الخيار) أي: بأن يُحيل المشتري البائعَ على إنسان، (وعليه) أي: بأن يُحيل البائع إنسانًا على المشتري (في الأصحِّ) لأنه صائر إلى اللزوم، والجواز عارض فيه، والثاني: لا تصحُّ به، ولا عليه؛ لعدم اللزوم.
ويستثنى من الثمن: الربويات ورأس مال السلم، فلا تصحُّ الحوالة به، ولا عليه على الصحيح.
واحترز بقوله: (في مدة الخيار) عما إذا أحال به بعد انقضائه، وقبل قبض المبيع. . فإنها جائزة قطعًا؛ كما هو المشهور.
(1) روضة الطالبين (4/ 231).
(2)
المهمات (5/ 477).
والأَصَحُّ: صِحَّةُ حَوَالَةِ الْمُكَاتَبِ سَيِّدَهُ بَالنُّجُومِ، دُونَ حَوَالَةِ السَّيِّدِ عَلَيْهِ. وَيُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِمَا يُحَالُ بِهِ وَعَلَيْهِ قَدْرًا وَصِفَةً، وَفِي قَوْلٍ: تَصِحُّ بِإِبلِ الدِّيَةِ وَعَلَيْهَا.
===
(والأصحُّ: صحة حوالة المكاتب سيدَه بالنجوم، دون حوالة السيد عليه) لاستقرار ما أحال به المكاتب دون عكسه، إذ له إسقاطها متى شاء، فلا يمكن إلزامُه الدفعَ للمحتال، والثاني: المنع فيهما، أما عليه. . فلما مرَّ، وأما منه. . فبناء على أنها بيع، والاعتياض عن نجوم الكتابة غير صحيح، والثالث: الصحة فيهما، أما منه. . فلما مرَّ، وأما عليه. . فبناء على أنها استيفاء.
وإطلاق الشيخين يقتضي: أنه لا فرق بين النجوم الحالة والمؤجلة، وفي "الكفاية" عن المَحاملي والجرجاني: تخصيص الجواز بما بعد الحلول دون ما قبله (1).
واحترز المصنف بالنجوم: عما إذا كان للسيد عليه دين معاملة، وأحال عليه. . فإن الأصحَّ في "أصل الروضة": الصحة، ولا نظر إلى سقوطه بالتعجيز (2).
(ويشترط العلم) من كلٍّ منهما (بما يحال به وعليه قدرًا وصفة) أي: الصفة المعتبرة في السلم؛ كما قاله في "الكفاية"(3)؛ لأن المجهول لا يصحُّ بيعه ولا استيفاؤه، وسكت عن الجنس، لأنه يستغنى عنه بالصفة.
(وفي قول: تصحُّ بإبل الدية وعليها) الخلاف مبني على جواز الاعتياض عنها، والأصحُّ: المنع؛ للجهل بصفاتها، وصور المصنف في "نكت التنبيه" المسألة: بأن يجني رجل على رجل مُوضحةً، ثم يجني المجني عليه على آخر مُوضحةً، فيجب عليه خمس من الإبل، فيحيل المجني عليه أولًا، وهو الجاني ثانيًا المجنيَّ عليه ثانيًا على الجاني أولًا بالخمس من الإبل.
(1) كفاية النبيه (10/ 98). قال في "العجالة"[2/ 811 - 812]: (وقضية إطلاق الشيخين: أنه لا فرق بين النجوم الحالَّة والمؤجلة، وفي الحالَّة نظر). انتهى، ولم يتعرض لما في "الكفاية"، ولا وجه للنظر في الحالَّة دون المؤجلة. اهـ هامش (أ).
(2)
الكلام في "زيادة الروضة"(4/ 230).
(3)
كفاية النبيه (10/ 103).
وَيُشْتَرَطُ تَسَاوِيهِمَا جِنْسًا وَقَدْرًا، وَكَذَا حُلُولًا وَأَجَلًا وَصِحَّةً وَكَسْرًا فِي الأَصَحِّ. وَيَبْرَأُ بالْحَوَالَةِ الْمُحِيلُ عَنْ دَيْنِ الْمُحْتَالِ، وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ عَنْ دَيْنِ الْمُحِيلِ، وَيَتَحَوَّلُ حَقُّ الْمُحْتَالِ إِلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ. فَإِنْ تَعَذَّرَ بِفَلَسٍ أَوْ جَحْدٍ وَحَلِفٍ وَنَحْوِهِمَا. . لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُحِيلِ،
===
(ويشترط تساويهما جنسًا وقدرًا) فلا تصحُّ بالدراهم على الدنانير وعكسه، ولا بخمسة على عشرة وعكسه، لأنها معاوضة إرفاق ومسامحة للحاجة، فاشترط فيها التجانس والتساوي؛ كالقرض، ولو جوزت. . لصار المطلوب منها الفضل، فتخرج عن موضوعها.
(وكذا حلولًا وأجلًا وصحة وكسرًا في الأصحِّ) إلحاقًا لتفاوت الوصف بتفاوت القدر، والثاني: إن كان النفع فيه للمحتال. . جاز، وإلا. . فلا.
فيحيل بالمؤجل والمكسر على الحالّ والصحيح، وبأبعد الأجلين على الأقرب، بخلاف العكس في الجميع، وكأنه تبرع بالزيادة، وانقلب في "الروضة" بعض هذه الأمثلة، فقال: بالصحيح على المكسر، وبالجيد على الرديء (1)، والصواب: ما ذكرناه.
(ويبرأ بالحوالة المحيل عن دين المحتال، والمحال عليه عن دين المحيل، ويتحول حقُّ المحتال إلى ذمة المحال عليه) بالإجماع؛ كما قاله الماوردي (2)؛ لأن هذا كلَّه فائدة الحوالة.
وقوله: (ويتحول) قد يفهم أن الدين لا ينتقل بصفته من رهن أو كفيل، بل مجردًا عنهما، ويبرأ الكفيل، وينفك الرهن، لأن الرهن والكفيل ليسا من حقِّ المحتال، وهو كذلك، فقد صرح الرافعي في (باب الضمان) في أول الباب الثاني في حكم الضمان الصحيح ببراءة الضامن (3)، وصرح المتولي بانفكاك الرهن؛ كما نقله عنه السبكي وأقره، وأفتى البارزي با لانتقال فيهما، واعتُرض.
(فإن تعذر بفَلَس أو جَحْد وحَلِف ونحوهما. . لم يرجع على المحيل) كما لو
(1) روضة الطالبين (4/ 231).
(2)
الحاوي الكبير (8/ 94).
(3)
الشرح الكبير (5/ 172).
فَلَوْ كَانَ مُفْلِسًا عِنْدَ الْحَوَالَةِ وَجَهِلَهُ الْمُحْتَالُ. . فَلَا رُجُوعَ لَهُ، وَقِيلَ: لَهُ الرُّجُوعُ إِنْ شَرَطَا يَسَارَهُ. وَلَوْ أَحَالَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، فَرُدَّ الْمَبِيعُ بِعَيْبٍ. . بَطَلَتْ فِي الأَظْهَرِ، أَوِ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ فَوُجِدَ الرَّدُّ. . لَمْ تبطُلْ عَلَى الْمَذْهَبِ.
===
اعتاض عن دينه شيئًا وقبضه فتلف في يده، فلو شرط الرجوع عليه بذلك. . فثلاثة أوجه بلا ترجيح في "الرافعي".
ثالثها: تصحُّ الحوالة دون الشرط (1).
وقوله: (ونحوهما) هو من زيادات "الكتاب" على كتب الرافعي، وعلى "الروضة" أيضًا، وأشار به إلى التعذر بامتناعه وشوكته، أو بموته موسرًا بعد موت البينة.
(فلو كان مفلسًا عند الحوالة وجهله المحتال. . فلا رجوع له) لأنه مقصر بترك الفحص.
(وقيل: له الرجوع إن شرطا يساره) كما لو شرط كون العبد كاتبًا فأخلف.
ورُدَّ: بأنه لو ثبت الرجوع عند الشرط. . لثبت عند عدمه؛ لأنه نقص.
(ولو أحال المشتري) البائع (بالثمن، فرُدَّ المبيع بعيب) أو بإقالة، أو تحالف (. . بطلت في الأظهر) لأنه إحالة بالثمن.
فإذا انفسخ العقد. . خرج المحال به عن أن يكون ثمنًا، وسقط حقُّ العاقد، فبطلت.
والثاني: لا تبطل؛ كما لو استبدل عن الثمن ثوبًا، ثم ردَّ المبيع بعيب. . فإنه يرجع بمثل الثمن، ولا يبطل الاستبدال على الأصح.
والخلاف جار سواء ردَّ بعد قبض المبيع أم قبله، وسواء كان الردُّ بعد قبض المحتال مالَ الحوالة، أم قبله على الأصح.
(أو) أحال (البائع بالثمن) رجلًا على المشتري (فوجد الردُ. . لم تبطل على المذهب) لتعلق الحقِّ بثالث، وهو الذي انتقل إليه الثمن فلم يبطل حقُّه بفسخ
(1) الشرح الكبير (5/ 133).
وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا وَأَحَالَ بِثَمَنِهِ، ثُمَّ اتَّفَقَ الْمُتبَايِعَانِ وَالْمُحْتَالُ عَلَى حُرِّيَّتِهِ، أَوْ ثَبَتَتْ بِبيِّنَةٍ. . بَطَلَتِ الْحَوَالَةُ،
===
المتعاقدين؛ كما لو تصرف البائع في الثمن ثم ردَّ المشتري ما اشتراه بعيب. . فإن تصرفه لا يبطل.
والطريق الثاني: طرد القولين في المسألة قبلها.
وعلى الأول: إن كان قبض المحتال من المشتري. . رجع المشتري على البائع، وإلا فهل يرجع عليه أم لا يرجع إلا بعد القبض؟ فيه وجهان.
وقضية كلامهما: ترجيح عدم الرجوع، والأصحُّ في "الكفاية": مقابله (1).
(ولو باع عبدًا وأحال بتمنه، ثم اتفق المتبايعان والمحتال على حريته، أو ثبتت ببينة. . بطلت الحوالة) لأنه بأن أن لا ثمن حتى يحال به، وكذا كلّ ما يمنع صحة البيع؛ ككونه مستحقًا.
والمراد بالبطلان هنا: عدم الصحة؛ لأن الحوالة لم تتقدمها صحة، بخلاف البطلان في الردِّ بالعيب ونحوه؛ فإنه بطريق الانفساخ، وهذه البينة قد تشَهد حسبةً، وقد يقيمها العبد، ولا يتصور أن يقيمها واحد من المتبايعين؛ لأنهما كذّباها بالدخول في البيع، كذا جزما به في "الشرح الصغير"، و"الروضة" هنا، ونقله في "الكبير" عن البغوي والروياني" وأقره (2).
وهو صريح في أن الإقدام على البيع مانعٌ من سماع الدعوى والبينة، وقد ذكرا في (كتاب الدعاوى) ما يخالفه (3).
(1) كفاية النبيه (10/ 114).
(2)
روضة الطالبين (4/ 235)، الشرح الكبير (5/ 139).
(3)
روضة الطالبين (12/ 97)، الشرح الكبير (289).
قالا في آخر (كتاب الدعاوى): إذا باع شيئًا ثم ادعى أنه كان وقفًا عليه، أو أنه باعه وهو لا يملكه ثم ملكه؛ إن قال حين باع: هو ملكي. . لم تسمع دعواه ولا بينته، وإن لم يقل ذلك. . سمعت؛ كما نصَّ عليه في "الأم"، وبه قال العراقيون، وغلّط الروياني من قال بخلافه. انتهى، وقد ذكر في "زيادة الروضة" في آخر الباب الثالث من (الإقرار) ما يوافقه أيضًا. اهـ هامش (أ).
وَإِنْ كَذَّبَهُمَا الْمُحْتَالُ وَلَا بَيِّنَةَ .. حَلَّفَاهُ عَلَى نَفْي الْعِلْمِ، ثُمَّ يَأْخُذُ الْمَالَ مِنَ الْمُشْتَرِي. وَلَوْ قَالَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ:(وَكَّلْتُكَ لِتَقْبضَ لِي)، وَقَالَ الْمُسْتَحِقُّ:(أَحَلْتَنِي)، أَوْ قَالَ:(أَرَدْتُ بِقَوْلِي: "أَحَلْتُكَ" الْوَكَالَةَ)، وَقَالَ الْمُسْتَحِقُّ:(بَلْ أَرَدْتَ الْحَوَالَةَ) .. صُدِّقَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ، وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَجْهٌ.
===
(وإن كذبهما المحتال ولا بينة .. حلَّفاه على نفي العلم) بحريته؛ لأن هذه قاعدةُ الحلف على النفي الذي لا يتعلق به.
(ثم يأخذ المالَ من المشتري) لبقاء الحوالة.
وهل يرجع المشتري على البائع؟ فيه وجهان.
وقضية كلام الشيخين: ترجيح الرجوع، وقال في "المطلب": إنه الحقُّ.
(ولو قال المستحَق عليه: "وكلتك لتقبض لي"، وقال المستحِق: "أحلتني"، أو قال: "أردت بقولي: أحلتك الوكالةَ"، وقال المستحِق: "بل أردتَ الحوالة" .. صدق المستحَق عليه بيمينه).
صورة المسألة الأولى: ألا يتفقا على لفظ، بل قال المستحق عليه:(صدر مني لفظ الوكالة)، فقال المستحق:(إنما صدر منك لفظ الحوالة).
أو يتفقا على لفظ محتمل، ويختلفا في المراد منه؛ كقوله:(اقبض)، وإنما صدقنا المستحق عليه؛ لأن الأصل: استمرارُ حقِّه على من عليه، وأيضًا فهو في التصوير الثاني: أعرف بنيته.
وصورة الثانية: أن يتفقا على لفظ الحوالة، ويختلفا في المراد تفريعًا على المشهور في صحة الوكالة بلفظ الحوالة.
ووجه تصديق المستحق عليه: ما مرَّ من العمل بالأصل، ومن كونه أعرف بقصده.
قال في "المطلب": وعلى التعليلين يتخرج ما إذا لم تكن له نية، ولم أر فيه نقلًا.
(وفي الصورة الثانية وجه) أن المصدق المستحق؛ لأن ظاهر اللفظ يوافقه.
وَإِنْ قَالَ: (أَحَلْتُكَ)، فَقَالَ:(وَكَّلْتَنِي) .. صُدِّقَ الثَّانِي بِيَمِينِهِ.
===
ومحل الخلاف: ما إذا قال: (أحلتك بمئة على زيد)، ونحو ذلك.
فلو قال: (أحلتك بالمئة التي لك بالمئة التي لي على زيد) .. فالقول قول المستحق قطعًا، قاله الشيخان؛ لأنه لا يحتمل غير الحوالة (1).
(وإن قال: "أحلتك"، فقال: "وكلتني" .. صدق الثاني بيمينه) لأن الأصل بقاءُ حقِّ المستحق في ذمته، ويظهر هذا عند إفلاس المحال عليه (2).
* * *
(1) روضة الطالبين (4/ 236)، الشرح الكبير (5/ 140).
(2)
وقع في "العجالة"[2/ 814]: (ويظهر هذا عند إفلاس المحيل)، وهو سهو، لعله من ناسخ، والصواب: المحال عليه. اهـ هامش (أ).