المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [في شروط المقر به] - بداية المحتاج في شرح المنهاج - جـ ٢

[بدر الدين ابن قاضي شهبة]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ البيع

- ‌بابُ الرِّبا

- ‌بابٌ [البيوع المنهي عنها]

- ‌فصلٌ [في المنهيات التي لا يقتضي النهي فسادها]

- ‌فصلٌ [في تفريق الصفقة]

- ‌بابُ الخيار

- ‌فصلٌ [في خيار الشرط وما يتبعه]

- ‌فصلٌ [في خيار النقيصة]

- ‌فرعٌ [في عدم تفريق الصفقة بالعيب]

- ‌فصلٌ [في التصرية]

- ‌بابٌ [في حكم المبيع قبل قبضه وبعده والتصرف فيه]

- ‌فَرعٌ [في تتمة أحكام الباب]

- ‌فَرعٌ [في تتمة الباب أيضًا]

- ‌بابُ التّولية والإشراك والمراجعة

- ‌بابُ الأصول والثّمار

- ‌فَرعٌ [في دخول ما يتبع المبيع في البيع]

- ‌فصَلٌ [في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما]

- ‌بابُ اختلاف المتبايعين

- ‌بابٌ [معاملة الرّقيق)

- ‌كتابُ السَّلَم

- ‌فصَلٌ [في بقية الشروط السبعة]

- ‌فَرعٌ [في محل السلم وشروطه]

- ‌فصلٌ [في بيان أخذ غير المسلم فيه عنه ووقت أدائه ومكانه]

- ‌فصلٌ [في القرض]

- ‌كتابُ الرَّهْن

- ‌فصَلٌ [في شروط المرهون به ولزوم الرهن]

- ‌فصلٌ [فيما يترتب على لزوم الرهن]

- ‌فصلٌ [في جناية المرهون]

- ‌فصلٌ [في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به]

- ‌فصلٌ [في تعلق الدين بالتركة]

- ‌كتاب التفليس

- ‌فصلٌ [فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما]

- ‌فَصْلٌ [في رجوع المعامل للمفلس عليه بما عامله به ولم يقبض عوضه]

- ‌بابُ الحَجْر

- ‌فَصْلٌ [فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله]

- ‌بابُ الصُّلْح

- ‌فَصْلٌ [في التزاحم على الحقوق المشتركة]

- ‌بابُ الحَوالة

- ‌بابُ الضَّمان

- ‌فصلٌ [في كفالة البدن]

- ‌فصلٌ [في صيغتي الضمان والكفالة]

- ‌كتابُ الشّركة

- ‌كتابُ الوكالة

- ‌فصَلٌ [في أحكام الوكالة بعد صحتها]

- ‌فصَلٌ [فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة]

- ‌فصَلٌ [في بيان جواز الوكالة وما تنفسخ به]

- ‌كتابُ الإقرار

- ‌فَصْلٌ [في الصيغة]

- ‌فَصْلٌ [في شروط المُقَرِّ به]

- ‌فَصْلٌ [في بيان أنواع من الإقرار وفي بيان الاستثناء]

- ‌فَصْلٌ [في الإقرار بالنسب]

- ‌كتابُ العاريَّة

- ‌فَصْلٌ [في رد العارية]

- ‌كتابُ الغَصْب

- ‌فَصلٌ [في بيان حكم الغصب]

- ‌فَصلٌ [في اختلاف المالك والغاصب]

- ‌فَصلٌ [فيما يطرأ على المغصوب من زيادة ووطء وانتقال]

- ‌كتابُ الشُّفْعة

- ‌فَصلٌ [في بيان بدل الشقص الذي يؤخذ به والاختلاف في قدر الثمن]

- ‌كتابُ القِراض

- ‌فَصْلٌ [في بيان الصيغة وما يشترط في العاقدين]

- ‌فَصْلٌ [في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين]

- ‌كتابُ المساقاة

- ‌فَصْلٌ [فيما يشترط في عقد المساقاة]

- ‌كتابُ الإِجَارة

- ‌فَصْلٌ [في بقية شروط المنفعة وما تقدر به]

- ‌فَصْلٌ [في منافع يمتنع الاستئجار لها ومنافع يخفى الجواز فيها وما يعتبر فيها]

- ‌فَصْلٌ [فيما يلزم المكري أو المكتري لعقار أو دابة]

- ‌فَصْلٌ [في بيان غاية المدة التي تقدر بها المنفعة تقريبًا]

- ‌فَصْلٌ [فيما يقتضي انفساخ الإجارة والتخيير في فسخها وما لا يقتضيهما]

- ‌كتابُ إحياء المَوات

- ‌فَصْلٌ [في حكم المنافع المشتركة]

- ‌فَصْلٌ [في بيان حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض]

- ‌كتابُ الوَقْف

- ‌فَصْلٌ [في أحكام الوقف اللفظية]

- ‌فَصْلٌ [في أحكام الوقف المعنوية]

- ‌فصلٌ [في بيان النظر على الوقف وشرطه ووظيفة الناظر]

- ‌كتابُ الهِبَة

- ‌كتابُ اللُّقَطة

- ‌فصلٌ [في بيان لقط الحيوان وغيره وتعريفها]

- ‌فصلٌ [في تملك اللقطة وغرمها وما يتبعها]

- ‌كتابُ اللَّقيط

- ‌فصلٌ [في الحكم بإسلام اللقيط]

- ‌فصلٌ [في بيان حرية اللقيط ورقه واستلحاقه وتوابع ذلك]

- ‌كتابُ الجعالة

- ‌كتابُ الفرائض

- ‌فصلٌ [في بيان الفروض التي في القرآن الكريم وذويها]

- ‌فصلٌ [في الحجب]

- ‌فصلٌ [في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادًا واجتماعًا]

- ‌فصلٌ [في كيفية إرث الأصول]

- ‌فصلٌ [في إرث الحواشي]

- ‌فصلٌ [في الإرث بالولاء]

- ‌فصلٌ [في حكم الجد مع الإخوة]

- ‌فصلٌ [في موانع الإرث]

- ‌فصلٌ [في أصول المسائل وما يعول منها]

- ‌فَرْعٌ [في تصحيح المسائل]

- ‌فَرْعٌ [في المناسخات]

- ‌كتابُ الوصايا

- ‌فصَلٌ [في الوصية لغير الوارث وحكم التبرعات في المرض]

- ‌فصلٌ [في بيان المرض المخوف ونحوه]

- ‌فصلٌ [في أحكام الوصية الصحيحة ولفظها]

- ‌فصلٌ [في أحكام معنوية للموصى به]

- ‌فَصْلٌ [في الرجوع عن الوصية]

- ‌فَصْلٌ [في الإيصاء وما يتبعه]

- ‌كتابُ الوَدِيعة

- ‌كتابُ قَسْم الفيء والغنيمة

- ‌فَصْلٌ [في الغنيمة وما يتبعها]

- ‌كتابُ قَسْم الصّدقات

- ‌فَصْلٌ [في بيان مستند الإعطاء وقدر المعطى]

- ‌فَصْلٌ [في القسمة بين الأصناف وما يتبعها]

- ‌فَصْلٌ [في صدقة التطوع]

الفصل: ‌فصل [في شروط المقر به]

‌فَصْلٌ [في شروط المُقَرِّ به]

يُشْتَرَطُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ أَلَّا يَكُونَ مِلْكًا لِلْمُقِرِّ، فَلَوْ قَالَ:(دَارِي)، أَوْ (ثَوْبِي)، أَوْ (دَيْنِي الَّذِي لِي عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو) .. فَهُوَ لَغْوٌ، وَلَوْ قَالَ:(هَذَا لِفُلَانٍ وَكَانَ مِلْكِي إِلَى أَنْ أَقْرَرْتُ) .. فَأَوَّلُ كَلَامِهِ إِقْرَارٌ وَآخِرُهُ لَغْوٌ. وَلْيَكُنِ الْمُقَرُّ بِهِ فِي يَدِ الْمُقِرِّ لِيُسَلَّمَ بِالإِقْرَارِ لِلْمُقَرِّ لَهُ. فَلَوْ أَقَرَّ وَلَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ ثُمَّ صَارَ .. عُمِلَ بِمُقْتَضَى الإِقْرَارِ،

===

(فصل: يُشثرَط في المقَر به: ألا يكون ملكًا للمقِر) لأن الإقرار ليس إزالة عن الملك، وإنما هو: إخبار عن كونه مملوكًا للمقَر له، فلا بدَّ من تقدّم المُخبَر عنه على الخبر.

(فلو قال: "داري"، أو "ثوبي"، أو "دَيني الذي لي على زيد لعمرو" .. فهو لغو)(1) لأن الإضافة إليه تقتضي الملك حقيقة، فينافي إقراره به لغيره، فحمل على الوعد بالهبة.

(ولو قال: "هذا لفلان، وكان ملكي إلى أن أقررتُ" .. فأول كلامه إقرار وآخره لغو) فيُطرَح آخره ويؤاخذ بأوله؛ لأنه مشتمِل على جملتين مستقلتين، ولو عكس فقال:(هذا ملكي هذا لفلان) .. صحَّ الإقرار أيضًا؛ كما صرح به الإمام (2).

(وليكن المقَر به) من الأعيان (في يد المقِر) حسًّا أو حكمًا (ليُسلَّم بالإقرار للمقَر له) لأنه إذا لم يكن كذلك .. كان كلامه إما دعوى عن الغير بغير إذنه، أو شهادةً بغير لفظها، فلم ينظر إليه.

(فلو أقر ولم يكن في يده ثم صار .. عُمل بمقتضى الإقرار) لأن الشرط قد وجد فواخذناه (3).

ويشترط في اليد: الاستقلال، فإن كانت يده نائبةً عن غيره؛ بأن أقر بمال تحت

(1) في (ب) و (د): (أو ديني الذي على زيد).

(2)

نهاية المطلب (7/ 101).

(3)

آخذه بالمدِّ مؤاخذةً، والأمر منه آخِذْ، وتبدل واوًا في لغة اليمن، فيقال: واخذه مواخذة، وقرئ بها في المتواتر. اهـ "تاج العروس"(9/ 367).

ص: 283

فَلَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ .. حُكِمَ بِحُرِّيَّتِهِ، ثُمَّ إِنْ كَانَ قَالَ:(هُوَ حُرُّ الأَصْلِ) .. فَشِرَاؤُهُ افْتِدَاءٌ، وَإِنْ قَال:(أَعْتَقَهُ) .. فافْتِدَاءٌ مِنْ جِهَتِهِ وَبَيعٌ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ عَلَى الْمَذْهَبِ، فَيَثْبُتُ فِيهِ الْخِيَارَانِ لِلْبَائِعِ فَقَطْ. وَيَصِحُّ الإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ،

===

يده ليتيم أو جهةِ وقف وهو ناظره .. لم يصحَّ إقراره، قاله ابن الصلاح في "فتاويه"(1).

(فلو أقر بحرية عبد في يد غيره ثم اشتراه .. حكم بحريته) وترتفع يده عنه؛ لوجود شرط العمل بالإقرار، ويصحُّ الشراء والحالة هذه؛ تنزيلًا للعقد على قول من صدقه الشارع -وهو البائع- وإن اعتقد المشتري حريته؛ استنقاذًا له من رقٍّ ظالم؛ لما ذكرناه من وجود الشرط.

ولو قال: (بحرية شخص) بدل" (عبد) .. لكان أولى، لئلا تتناقض الحرية.

(ثم إن كان قال: "هو حر الأصل" .. فشراؤه افتداء) من جهة المشتري؛ كما صرح به في "المحرر"(2)، لأن اعترافه بحريته مانعٌ من جعله بيعًا من جهته، أما من جهة البائع .. ففيه الخلاف الآتي؛ كما صرح به في "المطلب".

(وإن قال: "أَعْتَقَه") البائع ويسترقه ظلمًا ( .. فافتداء من جهته) لتعذر شراء الحرِّ بزعمه، (وبيع من جهة البائع على المذهب) بناء على اعتقاده، وقيل: إنه بيع من جهتهما؛ تغليبًا لجانب البائع، وقيل: فداء من جهتهما؛ تغليبًا لجانب المشتري.

(فيثبت فيه الخياران للبائع فقط) بناء على المذهب المفصّل، ولو خرج العبد معيبًا .. فلا ردّ للمشتري، وفي الأرش وجهان مبنيان على أنه بيع أو فداء.

(ويصحُّ الإقرار بالمجهول) للحاجة، ولأن الإقرار إخبار عن حقٍّ سابق، والشيء يُخبَر عنه مفصلًا تارة ومجملًا أخرى، إما للجهل به، وإما لثبوته مجهولًا بوصية ونحوها، قال السبكي: والمبهم، كأحد العبدين في معنى المجهول.

(1) انظر "فتاوى ابن الصلاح"(2/ 602).

(2)

المحرر (ص 202).

ص: 284

فَإِذَا قَالَ: (لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ) .. قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِكُلِّ مَا يُتَمَوَّلُ وَإِنْ قَلَّ، وَلَوْ فَسَّرَهُ بِمَا لَا يُتَمَوَّلُ لكِنَّهُ مِنْ جِنْسِهِ، كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ، أَوْ بِمَا يَحِلُّ اقْتِنَاؤُهُ، كَكَلْبٍ مُعَقَمٍ وَسِرْجِينٍ .. قُبِلَ فِي الأَصَحِّ، وَلَا يُقْبَلُ بِمَا لَا يُقْتَنَى، كَخِنْزِيرٍ وَكَلْبٍ لَا نَفْعَ فِيهِ، وَلَا بِعِيَادَةٍ وَرَدِّ سَلَامٍ

===

(فإذا قال: "له عليّ شيء" .. قبل تفسيره بكلِّ ما يُتموَّل وإن قلّ) كفلس؛ لصدق الاسم.

(ولو فسَّره بما لا يُتموَّل لكنه من جنسه؛ كحبة حنطة، أو بما يحلُّ اقتناؤه؛ ككلب معلَّم وسِرجين .. قبل في الأصحِّ) لأنه شيء يحرم أخذُه ويجب على آخذه ردُّه، والثاني: لا يقبل فيهما.

أما الأول: فلأنه لا قيمة له، فلا يصحُّ التزامه بكلمة (عليّ)، وأما الثاني: فلأنه ليس بمال، وظاهر الإقرار للمال.

ولو قال: (له في ذمتي شيء) .. لم يقبل التفسير بحبة حنطة وكلب معلم قطعا؛ لأن ذلك لا يثبت في الذمة.

ولو قال المصنف بدل (معلّم): (يقتنى) .. كان أحسنَ؛ ليدخل كلب الماشية ونحوه، وهو لم يعدّه، و (كلب لا نفع فيه): يفهم المراد.

(ولا يُقبل بما لا يقتنى؛ كخنزير وكلب لا نفع فيه) لصيد أو لحفظ؛ لأن قوله: (عليّ): يقتضي ثبوت حقٍّ على المقِر للمقَر له، ومالا يقتنى ليس فيه حقّ ولا اختصاص ولا يلزم ردُّه.

نعم؛ لو قال: (له عندي شيء)، أو (غصبت منه شيئًا) .. صحَّ تفسيره بما لا يقتنى؛ كذا قالاه (1)، واستشُكل؛ فإن الغصب: هو الاستيلاء على مال الغير أو حقِّ الغير، فيكف يُقبل تفسيره بما ليس بمال ولا حقٍّ؟ !

(ولا بعيادة وردّ سلام) إذ لا مطالبة بهما، والإقرار في العادة إنما يكون بما يطلب.

(1) الشرح الكبير (5/ 302)، روضة الطالبين (4/ 372).

ص: 285

وَلَوْ أَقَرَّ بِمَالٍ أَوْ بِمَالٍ عَظِيمٍ أَوْ كَبِيرٍ أَوْ كَثِيرٍ .. قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِأَقَلَّ مِنْهُ، وَكَذَا بِالْمُسْتَوْلَدَةِ فِي الأَصَحِّ، لَا بِكَلْبٍ وَجِلْدِ مَيْته. وَقَوْلُهُ:(لَهُ كَذَا) .. كَقَوْلهِ: (شَيْءٌ)، وَقَوْلُهُ:(شَيْءٌ شَيْءٌ) أَوْ (كَذَا كَذَا) .. كَمَا لَوْ لَمْ يُكَرِّرْ، وَلَوْ قَالَ:(شَيْءٌ وَشَيْءٌ) أَوْ (كَذَا وَكَذَا) .. وَجَبَ شَيْئَانِ. وَلَوْ قَالَ: (كَذَا دِرْهَمًا) أَوْ رَفَعَ الدِّرْهَمَ أَوْ جَرَّهُ .. لَزِمَهُ دِرْهَمٌ

===

نعم؛ يصحُّ تفسير الحقِّ بهما؛ كما نقله الرافعي عن البغوي، وبحث فيه (1).

(ولو أقر بمال، أو بمال عظيم أو كبير أو كثير) أو خطير، أو أكثر من مال زيد ( .. قبل تفسيره بأقلّ منه)(2) لصدق الاسم، والأصلُ: براءة الذمة مما سواه.

ويحتمل أن يريد بوصفه بالعظمة ونحوها: بالنسبة إلى الفقراء، وباعتبار عقاب غاصبه، وثواب باذله للمضطر، ونحوه.

(وكذا بالمستولَدة في الأصحِّ) لأنه ينتفع بها وتؤجر، وإن كانت لا تباع، والثاني: لا؛ لخروجها عن اسم المال المطلق.

(لا بكلب وجلدِ ميتة) وسرجين وخمر ولو محترمةً؛ لانتفاء اسم المال عنها.

(وقوله: "له كذا" كقوله: "شيء")، فيقبل تفسيره بما سبق في قوله:(شيء) لأنها أيضًا مبهمة.

(وقوله: "شيء شيء"، أو "كذا كذا" كما لو لم يكرر)، والتكرار للتأكيد لا للتجديد، هذا عند الإطلاق، فلو أراد بالثاني الاستئناف .. كان بمنزلة قوله:(كذا وكذا)، قاله المتولي.

(ولو قال: "شيء وشيء"، أو "كذا وكذا" .. وجب شيئان) لاقتضاء العطف المغايرةَ، وله تفسير الشيئين بمتفقين؛ كدرهمين، ومختلفين؛ كدرهم وفلس.

(ولو قال: "كذا درهمًا"، أو رفع الدرهم أو جرّه .. لزمه درهم) لأن (كذا) مبهم وقد فسره بدرهم.

والنصب فيه جائز على التمييز، والرفع على أنه عطف بيان أو بدلٌ، وأما في حالة

(1) الشرح الكبير (5/ 302).

(2)

في (ب) و (د): (قبل تفسيره بما قلّ منه).

ص: 286

وَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ لَوْ قَالَ: (كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا) بِالنَّصْبِ .. وَجَبَ دِرْهَمَانِ، وَأَنَّهُ لَوْ رَفَعَ أَوْ جَرَّ .. فَدِرْهَمٌ،

===

الجر .. فهو وإن كان لحنًا عند البصريين .. لكنه لا أثر له؛ كما لو لحن في لفظة أخرى من ألفاظ الإقرار، ولو سكن ميم درهم .. فكما لو جره، قاله الرافعي (1).

ووجهه: أنه أدون من المرفوع والمنصوب؛ لاختلافهم في أنه يلزمه درهم أو دونه، فحملناه عليه؛ لاحتمال إرادته.

(والمذهب: أنه لو قال: "كذا وكذا) أو ثم كذا "درهمًا" بالنصب .. وجب درهمان) لأنه أقرّ بشيئين مبهمين وعقّبهما بالدرهم، وذلك ظاهر في أنه تفسير لكلٍّ منهما، وفي قولٍ: يلزمه درهم واحد؛ لجواز أن يريد تفسير اللفظين معًا بالدرهم؛ بأن يكون المراد من كل واحد: نصفَ درهم، واختاره السبكي، وفي قول ثالث: يلزمه درهم وشيء، أما الدرهم .. فلتفسيره الثاني، وأما الشيء .. فللأول الباقي على إبهامه.

والطريق الثاني: القطع بالأول.

(و) المذهب: (أنه لو رفع أو جَرَّ .. فدرهم) أما مع الرفع .. فلأنه حينئذ يكون خبرًا عن المبهمين، فيكون تقديره: هما درهم، والطريق الثاني: قولان: ثانيهما: درهمان؛ لأنه يسبق إلى الفهم أنه تفسير لهما وإن أخطأ في الإعراب.

وأما مع الجر .. فلأنه لما كان ممتنعًا عند الجمهور من النحاة، وكان لا يظهر له معنى في اللغة، وفي العرف يُفهَم منه التفسير .. حملناه عليه، بخلاف النصب؛ فإنه تمييز صحيح، فيعود إليهما كما سبق.

ولم ينقل الرافعي فيه خلافًا، بل جزم بدرهم، ثم قال: ويمكن أن يخرج فيه ما سبق: أنه يلزمه شيء وبعض درهم، أو لا يلزمه إلا بعض درهم. انتهى (2).

وقد جزم أبو الطيب: بوجوب بعض درهم؛ كما حاوله الرافعي، وقيل: يجب درهمان، صرح به الماوردي (3).

(1) الشرح الكبير (5/ 308 - 309).

(2)

الشرح الكبير (5/ 310).

(3)

الحاوي الكبير (8/ 288)، الشرح الكبير (5/ 310).

ص: 287

وَلَوْ حَذَفَ الْوَاوَ .. فَدِرْهَمٌ فِي الأَحْوَالِ. وَلَوْ قَالَ: (أَلْفٌ وَدِرْهَم) .. قُبِلَ تَفْسِيرُ الأَلْفِ بِغَيْرِ الدَّرَاهِمِ. وَلَوْ قَالَ: (خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا) .. فَالْجَمِيعُ دَرَاهِمُ عَلَى الصحِيحِ. وَلَوْ قَالَ: (الدَّرَاهِمُ الَّتِي أَقْرَرْتُ بِهَا نَاقِصَةُ الْوَزْنِ)؛ فَإِن كَانَتْ دَرَاهِمُ الْبَلَدِ تَامَّةَ الْوَزْنِ .. فَالصَّحِيحُ: قَبُولُهُ إِنْ ذَكَرَهُ مُتَّصِلًا، وَمَنْعُهُ إِنْ فَصَلَهُ عَنِ الإِقْرَارِ،

===

(ولو حذف الواو .. فدرهم في الأحوال) المذكورة رفعًا ونصبًا وجرًا؛ لاحتمال التأكيد.

ولم يتعرضا للسكون في هذا القسم، ولا في الذي قبله، قال الإسنوي: وقياس ما سبق عن الرافعي في الإفراد من جعله كالمخفوض؛ لأنه أدون: أن يكون كذلك في التركيب والعطف أيضًا، قال: ويتحصل من ذلك اثنتا عشرة مسألة (1)؛ لأن (كذا): إما أن يؤتى بها مفردة، أو مركبة، أو معطوفة، و (الدرهمَ): إما أن يُرفَع، أو يُنصَب، أو يُجَر، أو يُسكَّن، ثلاثة في أربعة يحصل اثنا عشر، والواجب في جميعها: درهم، إلا إذا عطفت ونصبت تمييزها .. فدرهمان.

(ولو قال: "ألف ودرهم" .. قبل تفسير الألف بغير الدراهم) لأنه مبهم، والعطف إنما يفيد زيادة على العدد ولا يفيد تفسيرًا.

(ولو قال: "خمسة وعشرون درهمًا" .. فالجميع دراهم على الصحيح) لأنه لم يعطف الدرهم، بل جعله تمييزًا، فيكون تفسيرًا للكل، والثاني: أن (الخمسة) مجملة، و (العشرون) مفسّرة بالدراهم؛ لمكان العطف، فالتحقت بـ (ألف ودرهم).

(ولو قال: "الدراهم التي أقررت بها ناقصةُ الوزن" فإن كانت دراهم البلد تامة الوزن .. فالصحيح: قبوله إن ذكره متصلًا) لأنه في المعنى بمثابة الاستثناء، والثاني: لا يقبل؛ لأن اللفظ صريح في التامة وضعًا وعرفًا.

(ومنعُه إن فصله عن الإقرار)، ويلزمه التامة، إلا أن يصدقه المقَر له؛ لأن اللفظ وعرف البلد ينفيان ما يقوله، والثاني: يقبل؛ لأن اللفظ يحتمله، والأصل: براءة الذمة.

(1) في جميع النسخ: (اثنا عشر مسألة).

ص: 288

وَإِنْ كَانَتْ نَاقِصَةً .. قُبِلَ إِنْ وَصَلَهُ، وَكَذَا إِنْ فَصَلَهُ فِي النَّصِّ. وَالتَّفْسِيرُ بِالْمَغْشُوشَةِ كَهُوَ بِالنَّاقِصَةِ. وَلَوْ قَالَ:(عَلَيَّ مِنْ دِرْهَمٍ إِلَى عَشَرَةٍ) .. لَزِمَهُ تِسْعَةٌ عَلَى الأَصَحِّ. وَإِنْ قَالَ: (دِرْهَمٌ فِي عَشَرَةٍ)؛ فَإِنْ أَرَادَ الْمَعِيَّةَ .. لَزِمَهُ أَحَدَ عَشَرَ، أَوِ الْحِسَابَ .. فَعَشَرَةٌ، وَإِلَّا .. فَدِرْهَمٌ.

===

فإذا ادعى النقصان .. فما الذي يلزمه؟ قال في "الكفاية" نقلًا: ويظهر أن يقال: مرجعه التفسير، فإن تعذر بيانه نزل على أقل الدراهم. انتهى (1)، قال الأَذْرَعي: والرجوعُ إليه صرح به الصيمري في "شرح الكفاية".

(وإن كانت ناقصة .. قُبل إن وصله) لأن اللفظ، والعرف يصدِّقانه فيه.

(وكذا إن فصله في النصِّ) حملَّا لَكلامه على عرف البلد؛ كما في المعاملات، وقيل: لا تقبل؛ حملًا لإقراره على وزن الإسلام.

(والتفسير بالمغشوشة كهو بالناقصة) لأن الدرهم عند الإطلاق يُحمل على الفضة، فما فيه من الغش ينقصه، فيعود الخلاف والتفصيل السابق.

(ولو قال: "عليّ من درهم إلى عشرة" .. لزمه تسعة في الأصحِّ)، هذه المسألة قد تقدم الكلام عليها في (الضمان)، فإن الحكم فيه، وفي الإقرار، والإبراء، والوصية، والطلاق، واليمين، والنذر .. واحد.

(وإن قال: "درهم في عشرة" فإن أراد المعيةَ .. لزمه أحدَ عشرَ) لأن (في) تستعمل بمعنى (مع)، قال الله تعالى:{فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} .

(أو الحسابَ .. فعشرة) لأنه موجَبُهُ عندهم، هذا إذا كان يعرف الحساب، فإن كان لا يعرفه .. ففي "الكفاية" يشبه لزوم درهم فقط وإن قال:(أردت ما يريده الحساب)(2)، وهو قياس ما سيأتي تصحيحه في الطلاق.

(وإلا) أي: وإن لم يرد المعيةَ ولا الحسابَ ( .. فدرهم) سواء أراد الظرفية أم أطلق؛ لأنه المتيقن.

* * *

(1) كفاية النبيه (19/ 418).

(2)

كفاية النبيه (19/ 388).

ص: 289