الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَرعٌ [في تتمة الباب أيضًا]
قَالَ الْبَائِعُ: (لَا أُسَلِّمُ الْمَبِيعَ حَتَّى أَقْبِضَ ثَمَنَهُ)، وَقَالَ الْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ مِثْلَهُ .. أُجْبِرَ الْبَائِعُ، وَفِي قَوْلٍ: الْمُشْتَرِي، وَفِي قَوْلٍ: لَا إِجْبَارَ، فَمَنْ سَلَّمَ .. أُجْبِرَ صَاحِبُهُ، وَفِي قَوْلٍ: يُجْبَرَانِ. قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا .. سَقَطَ الْقَوْلَانِ الأَوَّلَانِ وَأُجْبِرَا فِي الأَظْهَرِ، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَإِذَا سَلَّمَ الْبَائِعُ .. أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي إِنْ حَضَرَ الثَّمَنُ، وَإِلَّا؛ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا .. فَلِلْبَائِعِ الْفَسْخُ بِالْفَلَسِ، أَوْ مُوسِرًا وَمَالُهُ بِالْبَلَدِ أَوْ بِمَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ .. حُجِرَ عَلَيْهِ فِي أَمْوَالِهِ حَتَّى يُسَلِّمَ،
===
(فرع: قال البائع: "لا أُسلِّم المبيع حتى أقبصْ ثمنَه"، وقال المشتري في الثمن مثلَه .. أجبر البائع) لأن البائع يتصرف في الثمن بالحوالة والاعتياض، فليُسلِّم ليتصرف المشتري مثله، (وفي قول: المشتري) لأن حقه متعين في المبيع، وحقّ البائع غير متعين في الثمن، فيؤمر بالتعيين، (وفي قول: لا إجبار، فمن سلّم .. أُجبر صاحبُه) لأنهما سواء، (وفي قول: يُجبَران) لأن التسليم واجب عليهما، فيأمر الحاكم كلًّا منهما بإحضار ما عليه إليه أو إلى عدل، فإذا أحضر .. أسلم الثمن إلى البائع، والمبيع إلى المشتري، ولا يضره بأيهما بدأ.
(قلت: فإن كان الثمن مُعيَّنًا .. سقط القولان الأولان وأجبرا في الأظهر، والله أعلم) لاستواء الجانبين.
وهذا كلُّه إذا كان الثمن حالًّا، فإن كان مُؤجَّلًا .. أجبر البائع قطعًا، فلو كان البائع نائبًا عن غيره بوكالة أو ولاية .. فلا يأتي إلا إجبارُهما، أو إجبار المشتري.
(وإذا سلّم البائع .. أجبر المشتري إن حَضر الثمنُ) في المجلس؛ لأن التسليم واجب عليه، ولا مانع منه، والمراد بـ (الثمن): نوعه؛ لأن الكلام فيما إذا كان في الذمة، (وإلا) أي: وإن لم يكن حاضرًا (فإن كان معسرًا .. فللبائع الفسخ بالفَلَس) لما سيأتي في بابه، وحينئذ: فيشترط فيه حجر القاضي.
(أو موسرًا ومالُه بالبلد، أو بمسافة قريبة) دون مسافة القصر ( .. حُجر عليه في أمواله حتى يُسلِّم) لئلا يتصرف فيها بما يبطل حقَّ البائع، ولا فرق على الصحيح بين
فَإِنْ كَانَ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ .. لَمْ يُكَلَّفِ الْبَائِعُ الصَّبْرَ إِلَى إِحْضَارِهِ، وَالأَصَحُّ: أَنَّ لَهُ الْفَسْخَ، فَإِنْ صَبَرَ .. فَالْحَجْرُ كَمَا ذَكَرْنَا. وَلِلْبَائِعِ حَبْسُ مَبِيعِهِ حَتَّى يَقْبِضَ ثَمَنَهُ إِنْ خَافَ فَوْتَهُ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنَّمَا الأَقْوَالُ إِذَا لَمْ يَخَفْ فَوْتَهُ وَتنَازَعَا فِي مُجَرَّدِ الابْتِدَاءِ.
===
أن تكون أمواله وافية بالثمن أم لا، ولهذا سماه الغزالي وغيره بـ (الحجر الغريب)(1).
(فإن كان بمسافة القصر .. لم يُكلَّف البائع الصبر إلى إحضاره) لما فيه من الضرر عليه بتأخير حقه.
(والأصحُّ: أن له الفسخَ) لتعذر تحصيل الثمن؛ كإفلاس المشتري به، والثاني: يباع ويؤدى حقه من ثمنه؛ كسائر الديون.
(فإن صبر .. فالحجر كما ذكرنا) لاحتمال تفويته المال.
(وللبائع حبس مبيعه حتى يقبض ثمنَه إن خاف فوته بلا خلاف، وإنما الأقوال إذا لم يخف فوتَه وتنازعا في مجرَّد الابتداء) لأن الإجبار عند خوف الفوات بالهرب أو تمليك المال أو نحو ذلك .. فيه ضرر ظاهر، وهكذا الحكم في المشتري أيضًا.
* * *
(1) الوسيط (3/ 157).