المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتابُ الشُّفْعة لَا تَثْبُتُ فِي مَنْقُولٍ، بَلْ فِي أَرْضٍ وَمَا فِيهَا - بداية المحتاج في شرح المنهاج - جـ ٢

[بدر الدين ابن قاضي شهبة]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ البيع

- ‌بابُ الرِّبا

- ‌بابٌ [البيوع المنهي عنها]

- ‌فصلٌ [في المنهيات التي لا يقتضي النهي فسادها]

- ‌فصلٌ [في تفريق الصفقة]

- ‌بابُ الخيار

- ‌فصلٌ [في خيار الشرط وما يتبعه]

- ‌فصلٌ [في خيار النقيصة]

- ‌فرعٌ [في عدم تفريق الصفقة بالعيب]

- ‌فصلٌ [في التصرية]

- ‌بابٌ [في حكم المبيع قبل قبضه وبعده والتصرف فيه]

- ‌فَرعٌ [في تتمة أحكام الباب]

- ‌فَرعٌ [في تتمة الباب أيضًا]

- ‌بابُ التّولية والإشراك والمراجعة

- ‌بابُ الأصول والثّمار

- ‌فَرعٌ [في دخول ما يتبع المبيع في البيع]

- ‌فصَلٌ [في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما]

- ‌بابُ اختلاف المتبايعين

- ‌بابٌ [معاملة الرّقيق)

- ‌كتابُ السَّلَم

- ‌فصَلٌ [في بقية الشروط السبعة]

- ‌فَرعٌ [في محل السلم وشروطه]

- ‌فصلٌ [في بيان أخذ غير المسلم فيه عنه ووقت أدائه ومكانه]

- ‌فصلٌ [في القرض]

- ‌كتابُ الرَّهْن

- ‌فصَلٌ [في شروط المرهون به ولزوم الرهن]

- ‌فصلٌ [فيما يترتب على لزوم الرهن]

- ‌فصلٌ [في جناية المرهون]

- ‌فصلٌ [في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به]

- ‌فصلٌ [في تعلق الدين بالتركة]

- ‌كتاب التفليس

- ‌فصلٌ [فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما]

- ‌فَصْلٌ [في رجوع المعامل للمفلس عليه بما عامله به ولم يقبض عوضه]

- ‌بابُ الحَجْر

- ‌فَصْلٌ [فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله]

- ‌بابُ الصُّلْح

- ‌فَصْلٌ [في التزاحم على الحقوق المشتركة]

- ‌بابُ الحَوالة

- ‌بابُ الضَّمان

- ‌فصلٌ [في كفالة البدن]

- ‌فصلٌ [في صيغتي الضمان والكفالة]

- ‌كتابُ الشّركة

- ‌كتابُ الوكالة

- ‌فصَلٌ [في أحكام الوكالة بعد صحتها]

- ‌فصَلٌ [فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة]

- ‌فصَلٌ [في بيان جواز الوكالة وما تنفسخ به]

- ‌كتابُ الإقرار

- ‌فَصْلٌ [في الصيغة]

- ‌فَصْلٌ [في شروط المُقَرِّ به]

- ‌فَصْلٌ [في بيان أنواع من الإقرار وفي بيان الاستثناء]

- ‌فَصْلٌ [في الإقرار بالنسب]

- ‌كتابُ العاريَّة

- ‌فَصْلٌ [في رد العارية]

- ‌كتابُ الغَصْب

- ‌فَصلٌ [في بيان حكم الغصب]

- ‌فَصلٌ [في اختلاف المالك والغاصب]

- ‌فَصلٌ [فيما يطرأ على المغصوب من زيادة ووطء وانتقال]

- ‌كتابُ الشُّفْعة

- ‌فَصلٌ [في بيان بدل الشقص الذي يؤخذ به والاختلاف في قدر الثمن]

- ‌كتابُ القِراض

- ‌فَصْلٌ [في بيان الصيغة وما يشترط في العاقدين]

- ‌فَصْلٌ [في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين]

- ‌كتابُ المساقاة

- ‌فَصْلٌ [فيما يشترط في عقد المساقاة]

- ‌كتابُ الإِجَارة

- ‌فَصْلٌ [في بقية شروط المنفعة وما تقدر به]

- ‌فَصْلٌ [في منافع يمتنع الاستئجار لها ومنافع يخفى الجواز فيها وما يعتبر فيها]

- ‌فَصْلٌ [فيما يلزم المكري أو المكتري لعقار أو دابة]

- ‌فَصْلٌ [في بيان غاية المدة التي تقدر بها المنفعة تقريبًا]

- ‌فَصْلٌ [فيما يقتضي انفساخ الإجارة والتخيير في فسخها وما لا يقتضيهما]

- ‌كتابُ إحياء المَوات

- ‌فَصْلٌ [في حكم المنافع المشتركة]

- ‌فَصْلٌ [في بيان حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض]

- ‌كتابُ الوَقْف

- ‌فَصْلٌ [في أحكام الوقف اللفظية]

- ‌فَصْلٌ [في أحكام الوقف المعنوية]

- ‌فصلٌ [في بيان النظر على الوقف وشرطه ووظيفة الناظر]

- ‌كتابُ الهِبَة

- ‌كتابُ اللُّقَطة

- ‌فصلٌ [في بيان لقط الحيوان وغيره وتعريفها]

- ‌فصلٌ [في تملك اللقطة وغرمها وما يتبعها]

- ‌كتابُ اللَّقيط

- ‌فصلٌ [في الحكم بإسلام اللقيط]

- ‌فصلٌ [في بيان حرية اللقيط ورقه واستلحاقه وتوابع ذلك]

- ‌كتابُ الجعالة

- ‌كتابُ الفرائض

- ‌فصلٌ [في بيان الفروض التي في القرآن الكريم وذويها]

- ‌فصلٌ [في الحجب]

- ‌فصلٌ [في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادًا واجتماعًا]

- ‌فصلٌ [في كيفية إرث الأصول]

- ‌فصلٌ [في إرث الحواشي]

- ‌فصلٌ [في الإرث بالولاء]

- ‌فصلٌ [في حكم الجد مع الإخوة]

- ‌فصلٌ [في موانع الإرث]

- ‌فصلٌ [في أصول المسائل وما يعول منها]

- ‌فَرْعٌ [في تصحيح المسائل]

- ‌فَرْعٌ [في المناسخات]

- ‌كتابُ الوصايا

- ‌فصَلٌ [في الوصية لغير الوارث وحكم التبرعات في المرض]

- ‌فصلٌ [في بيان المرض المخوف ونحوه]

- ‌فصلٌ [في أحكام الوصية الصحيحة ولفظها]

- ‌فصلٌ [في أحكام معنوية للموصى به]

- ‌فَصْلٌ [في الرجوع عن الوصية]

- ‌فَصْلٌ [في الإيصاء وما يتبعه]

- ‌كتابُ الوَدِيعة

- ‌كتابُ قَسْم الفيء والغنيمة

- ‌فَصْلٌ [في الغنيمة وما يتبعها]

- ‌كتابُ قَسْم الصّدقات

- ‌فَصْلٌ [في بيان مستند الإعطاء وقدر المعطى]

- ‌فَصْلٌ [في القسمة بين الأصناف وما يتبعها]

- ‌فَصْلٌ [في صدقة التطوع]

الفصل: ‌ ‌كتابُ الشُّفْعة لَا تَثْبُتُ فِي مَنْقُولٍ، بَلْ فِي أَرْضٍ وَمَا فِيهَا

‌كتابُ الشُّفْعة

لَا تَثْبُتُ فِي مَنْقُولٍ، بَلْ فِي أَرْضٍ وَمَا فِيهَا مِنْ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ تَبَعًا،

===

(كتاب الشفعة)

هي بإسكان الفاء: عبارة عن حقِّ تملُّكٍ قهريٍّ، يثبت للشريك القديم على الحادث بسبب الشركة بالعوض الذي تملك به؛ لدفع ضرر مؤنة القسمة، واستحداثِ المرافق وغيرها، وقيل: ضررِ سوء المشاركة.

مشتقة من الشَّفع؛ تقول: شفعت الشيء بكذا: إذا جعلته شفعًا، فكأنَّ الشفيع يجعل نصيبه شفعًا بنصيب شريكه، وقيل: من الشفاعة؛ لأنَّ الأخذ في الجاهلية كان بها.

والأصل فيها قبل الإجماع: أحاديث؛ منها: حديث جابر رضي الله عنه: (قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كلِّ ما لم يُقسم، فإذا وقعت الحدود وصُرفت الطرق. . فلا شفعة) رواه البخاري (1).

وذكرت الشفعة عقب الغصب؛ لأنها تؤخذ قهرًا، فكأنها مستثناة من تحريم أخذ مال الغير قهرًا.

(لا تثبت في منقول) كالثياب والحيوان وغيرهما؛ لأنَّ العقار يدوم، فيتأبد ضرر المشاركة فيه، بخلاف المنقول.

(بل في أرض وما فيها من بناء) وما يتبعه من أبواب ونحوها، (وشجرٍ تبعًا) لحديث جابر:(قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كلِّ شركة لم تُقسم رَبعةٍ، أو حائط ولا يحلُّ له أن يبيع حتى يُؤذن شريكَه، فإن شاء. . أخذ، وإن شاء. . ترك، فإذا باع ولم يُؤذنه. . فهو أحقُّ به) رواه مسلم (2).

والرَّبْعة: المنزل الذي يَرْبَع به الإنسان، ويتوطنه، تأنيث رَبْع، والحائط: البستان بغراسه.

(1) صحيح البخاري (2214).

(2)

صحيح مسلم (1608/ 134).

ص: 349

وَكَذَا ثَمَرٌ لَمْ يُؤَبَّرْ فِي الأَصَحِّ. وَلَا شُفْعَةَ فِي حُجْرَةٍ بُنِيَتْ عَلَى سَقْفٍ غَيْرِ مُشْتَرَكٍ، وَكَذَا مُشْتَرَكٌ فِي الأَصَحِّ. وَكُلُّ مَا لَوْ قُسِمَ بَطَلَتْ مَنْفَعَتُهُ الْمَقْصُودَةُ؛ كَحَمَّامٍ وَرَحَىً. . لَا شُفْعَةَ فِيهِ فِي الأَصَحِّ

===

واحترز بقوله: (تبعًا) عمَّا إذا باع أرضًا فيها شجرةٌ جافةٌ شرطا دخولها في البيع، فإنها لا تؤخذ بالشفعة؛ لأنها لم تدخل بالبيع، بل بالشرط.

وما إذا باع البناء والشجر وحده، والأرض محكرة مثلًا. . فلا شفعة في الأصحِّ؛ لأنهما في حكم المنقول.

(وكذا ثمر لم يؤبر في الأصحِّ) لأنه يتبعه في البيع؛ فكذا في الأخذ، والثاني: أنها كالمؤبرة؛ لأنها منقولةٌ.

فعلى الأوّل: لو تأخر الأخذ لغيبة الشفيع حتى أبرت. . فالأصحُّ: أنَّه يأخذها؛ لتقدم حقِّه، وزيادتها كزيادة الشجرة.

واحترز بقوله: (لم يؤبر) عما إذا كان مؤبرًا عند البيع ودخل بالشرط. . فإنَّه لا شفعة فيها؛ لأنها لا تدوم في الأرض؛ فيأخذ الشفيع الأرض والنخل بحصتهما من الثمن، هذا كلُّه إذا بيعت الأشجار مع البياض الذي يتخللها، أو بيع البستان كلُّه.

أما إذا بيعت الأشجار ومغارسها فقط، أو الجدار مع الأُسِّ. . فلا شفعة على الأصحِّ؛ لأنَّ الأرض تابعةٌ ههنا، والمتبوع منقول.

(ولا شفعة في حجرة بنيت على سقف غير مشترك) بأن بنيا على سقف لثالث أو لأحدهما ثمَّ يبيع أحدهما نصيبه منها. . فلا شفعة؛ لأنه لا أرض لها ولا ثبات، فهي كالمنقولات.

(وكذا مشترك في الأصحِّ) لأنَّ السقف الذي هو أرضها لا ثبات له أيضًا، وما لا ثبات له في نفسه لا يفيد ثباتًا لما هو عليه، والثاني: نعم؛ لحصول الشركة في أرض الحجرة وجدرانها.

(وكلُّ ما لو قسم بطلت منفعته المقصودة؛ كحمام ورَحَىً) صغيرين لا يجيء منهما حمامان وطاحونان، كما ذكره في (القسمة)(. . لا شفعة فيه في الأصحِّ) الخلاف مبني على ثبوتها في المنقسم هل هو لدفع ضرر مؤنة القسمة أو لسوء

ص: 350

وَلَا شُفْعَةَ إِلَّا لِشَرِيكٍ، وَلَوْ بَاعَ دَارًا وَلَهُ شَرِيكٌ فِي مَمَرِّهَا. . فَلَا شُفْعَةَ لَهُ فِيهَا، وَالصَّحِيحُ: ثُبُوتُهَا فِي الْمَمَرِّ إِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي طَرِيقٌ آخَرُ إِلَى الدَّارِ، أَوْ أَمْكَنَ فَتْحُ بَابٍ إِلَى شَارِعٍ، وَإِلَّا. . فَلَا

===

المشاركة؟ فعلى الأوّل -وهو الأصح-: لا شفعة فيها؛ لأنها لا تقبل القسمة، وعلى الثاني: نعم.

وعبر في "المحرر"(بالطاحونة)(1) بدل (الرحى)، قال المنكت: وهو أحسن (2)؛ لأنَّ الرحى يطلق على الحجر، والمراد هنا: المكان دون الحجر؛ فإنَّه منقول، وإنما ثبتت فيه الشفعة تبعًا للمكان؛ فالمراد: المكان المعدُّ للطحن.

(ولا شفعة إلا لشريك) فلا تثبت للجار؛ للحديث السالف: (الشفعة فيما لم يُقسم، فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق. . فلا شفعة)(3).

والأحاديث الواردة في شفعة الجار محمولةٌ على الشريك؛ جمعًا بين الأخبار.

وخرج بـ (الشريك): مالك المنفعة؛ فلا شفعة له.

(ولو باع دارًا) في درب غير نافذ (وله شريك في ممرها. . فلا شفعة له فيها) لأنه لا شركة له في الدار؛ فأشبه ما لو باع عقارًا غير مشترك، وشقصًا مشتركًا.

(والصحيح: ثبوتها في الممرِّ إن كان للمشتري طريق آخر إلى الدار، أو أمكن فتح باب إلى شارع، وإلا. . فلا) لأنه لا ضرر على المشتري في الأخذ منه إذا أمكنه المرور من موضع آخر، بخلاف ما إذا لم يمكن.

والشفعة إنما شرعت لدفع الضرر، والضرر لا يزال بالضرر، وهذا إذا كان قابلًا للقسمة، وإلا. . فعلى الخلاف في غير المنقسم.

والثاني: أنها تثبت وإن تعذر المرور؛ لأنَّ المشتري هو الذي أضرَّ نفسه حيث اشترى مثلَ هذه الدار، والثالث: لا تثبت وإن أمكن المرور إذا كان في اتحاد الممر عسرٌ أو مؤنة لها وقع؛ لأنَّ فيه ضررًا ظاهرًا.

(1) المحرر (ص 217).

(2)

السراج (4/ 159).

(3)

في (ص 349).

ص: 351

وَإِنَّمَا تَثْبُتُ فِيمَا مُلِكَ بِمُعَاوَضَةٍ مِلْكًا لَازِمًا مُتَأَخِّرًا عَنْ مِلْكِ الشَّفِيعِ؛ كَمَبِيعٍ، وَمَهْرٍ، وَعِوَضِ خُلْعٍ وَصُلْحِ دَمٍ وَنُجُومٍ، وَأُجْرَةٍ، وَرَأْسِ مَالِ سَلَمٍ

===

(وإنما تثبت فيما ملك بمعاوضةٍ ملكًا لازمًا متأخرًا عن ملك الشفيع؛ كمبيع ومهر، وعوضِ خُلع وصلحِ دمٍ ونجوم، وأجرة، ورأس مالِ سلمٍ) ونحو ذلك؛ كالمتعة والجعل بعد الفراغ؛ أما في البيع. . فبالنصِّ، والباقي بالقياس عليه بجامع الاشتراك في المعاوضة مع لحوق الضرر المتقدم، وسيأتي في كلامه ما احترز عنه بالمملوك واللازم والمتأخر عن ملك الشفيع.

واحترز بالمعاوضة: عن المملوك بالإرث والهبة والوصية؛ أما الوارث. . فلأنه مقهورٌ لا اختيار له؛ فلم يضر بالشريك، بخلاف المشتري؛ فإنَّه كان من حقِّه ألا يدخل على الشريك ضررًا، فلمَّا لم يفعل. . سلط الشريك عليه، وأما المُتَّهبُ والموصى له. . فلأنهما قد تقلدا المنة من الواهب، فلو جوزنا للشريك الأخذ. . لكان يأخذ عن استحقاقٍ وتسلط؛ فلا يكون متقلدًا للمنة، ووضع الشفعة على أن يأخذ الشفيع بما أخذ به المُتملِّك.

نعم؛ لو شرط الثواب في الهبة، أو لم يشرط، وقلنا: يقتضيه. . فالأصحُّ: أنَّه يؤخذ ولو قبل القبض في الأصحِّ؛ لأنه صار بيعًا؛ نظرًا للمعنى.

وقوله: (وصلح دم) أي: عوض الصلح عن الدم، وذلك حيث كانت الجناية عمدًا، فإن كانت خطأً. . فالواجب فيها: إنما هو الإبل، والمصالحةُ عنها باطلةٌ على الصحيح؛ لجهالة صفاتها.

وقوله: (ونجوم) أي: والعوض الذي صالح عن النجوم عليه، وهذا بناءً على صحة الاعتياض عنها، وهو وجهٌ نصَّ عليه في "الأم"، والصحيح: المنع.

ويعلم من أمثلة المصنف: أنَّه لا فرق في المعاوضة بين المحضة؛ كالبيع، وبين غيرها؛ كالمهر، وعوض الخلع والدم.

وتفسير الأَذْرَعي وابن الملقن المعاوضةَ في كلام المصنف بالمحضة. . ليس بصواب (1).

(1) عجالة المحتاج (2/ 900).

ص: 352

وَلَوْ شُرِطَ فِي الْبَيْعِ الْخِيَارُ لَهُمَا أَوْ لِلْبَائِعِ. . لَمْ يُؤْخَذْ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى يَنْقَطِعَ الْخِيَارُ، وَإِنْ شُرِطَ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ. . فَالأَظْهَرُ: أَنَّهُ يُؤْخَذُ إِنْ قُلْنَا: الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي، وَإِلَّا. . فَلَا. وَلَوْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالشِّقْصِ عَيْبًا وَأَرَادَ رَدَّهُ بِالْعَيْبِ وَأَرَادَ الشَّفِيعُ أَخْذَهُ وَيَرْضَى بِالْعَيْبِ. . فَالأَظْهَرُ: إِجَابَةُ الشَّفِيعِ. وَلَوِ اشْتَرَى اثْنَانِ دَارًا أَوْ بَعْضَهَا. . فَلَا شُفْعَةَ لِأحَدِهِمَا عَلَى الآخَرِ. وَلَوْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي شِرْكٌ فِي الأَرْضِ

===

(ولو شرط في البيع الخيار لهما أو للبائع. . لم يؤخذ بالشفعة حتى ينقطع الخيار) لأنا إن قلنا: الملك للبائع. . فظاهرٌ، وإن قلنا: للمشتري. . فالأخذ يؤدي إلى إبطال خيار البائع، وذلك إضرارٌ به.

(وإن شرط للمشتري وحده. . فالأظهر: أنَّه يؤخذ إن قلنا: الملك للمشتري) لأنه لا حقَّ فيه لغيره، والشفيع مسلَّطٌ عليه بعد لزوم الملك واستقراره، فقبله أولى.

وهذا يرد على قوله أولًا: (ملكًا لازمًا) اللهم؛ إلا أن يقال: لازمًا من جهة البائع، وفيه تعسُّفٌ.

والثاني: لا يؤخذ؛ لأنَّ المشتري لم يرض بلزوم العقد، والأخذ يؤدي إلى لزومه، وإثبات العهدة عليه.

(وإلا) أي: وإن قلنا: إن الملك للبائع أو موقوف (. . فلا) يؤخذ على الأصحِّ؛ لأنَّ ملك البائع غيرُ زائل على التقدير الأوّل، وغيرُ معلوم الزوال على التقدير الثاني، وقيل: يؤخذ؛ لانقطاع سلطنة البائع.

(ولو وجد المشتري بالشِّقص عيبًا وَأراد ردَّه بالعيب، وأراد الشفيع أخذه ويرضى بالعيب. . فالأظهر: إجابة الشفيع) لأنَّ حقَّه سابقٌ على حقِّ المشتري؛ فإنَّه ثابت بالبيع، والثاني: إجابة المشتري؛ لأنَّ الشفيع إنما يأخذ إذا استقرَّ العقدُ وسلم عن الردِّ.

(ولو اشترى اثنان دارًا أو بعضها. . فلا شفعة لأحدهما على الآخر) لاستوائهما في وقت حصول الملك.

وهذا محترز قوله: (متأخرًا عن ملك الشفيع).

(ولو كان للمشتري شركٌ في الأرض) أي: نصيب؛ كأن كانت بين ثلاثة أثلاثًا،

ص: 353

فَالأَصَحُّ: أَنَّ الشَّرِيكَ لَا يَأْخُذُ كُلَّ الْمَبِيعِ، بَلْ حِصَّتَهُ. وَلَا يُشْتَرَطُ فِي التَّمَلُّكِ بِالشُّفْعَةِ حُكْمُ حَاكِمٍ، وَلَا إِحْضَارُ الثَّمَنِ، وَلَا حُضُورُ الْمُشْتَرِي. وَيُشْتَرَطُ لَفْظٌ مِنَ الشَّفِيعِ؛ كَـ (تَمَلَّكْتُ) أَوْ (أَخَذْتُ بِالشُّفْعَةِ)، وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ: إِمَّا تَسْلِيمُ الْعِوَضِ إِلَى الْمُشْتَرِي، فَإِذَا تَسَلَّمَهُ أَوْ أَلْزَمَهُ الْقَاضِي التَّسَلُّمَ. . مَلَكَ

===

فباع أحدهم نصيبَه لأحد صاحبيه (. . فالأصحُّ: أن الشريك لا يأخذ كلَّ المبيع، بل حصته) وهي السدس في مثالنا؛ كما لو كان المشتري أجنبيًّا؛ لاستوائهما في الشركة، والثاني: يختص الثالث بالشفعة، ولا حقَّ فيه للمشتري؛ لأنَّ أخذ الشفعة من نفسه محال.

وأجاب الأوّل: بأنا لا نقول يأخذها من نفسه، وإنما يدفع الشريك عن الأخذ منه.

(ولا يشترط في التملك بالشفعة حكمُ حاكم) لثبوته بالنصِّ (ولا إحضارُ الثمن) كالشراء.

وكان ينبغي أن يقول: (ولا ذكر الثمن).

(ولا حضور المشتري) ولا رضاه؛ كالردِّ بالعيب.

واستشكل في "المطلب": عدم اشتراط هذه الأمور الثلاثة - بما سيذكره عقبه - من أنَّه لا بدَّ من أحد هذه الأمور، أو ما يلزم منه أحدها ثمَّ قال: وأقرب ما يمكن أن يحمل عليه أن مجموع الثلاثة لا يشترط، قال الإسنوي: وهذا الحمل لا يستقيم مع تكرار (لا) النافية، ثمَّ قال تبعًا للسبكي: بل الحمل الصحيح أنَّ كُلَّ واحدٍ بخصوصه. . لا يشترط.

(ويشترط لفظٌ من الشفيع؛ كـ"تملكت" أو "أخذت بالشفعة") وما أشبههما؛ كـ (اخترت الأخذ بالشفعة)، وإلا. . فهو من باب المعاطاة، ولو قال:(أنا مطالبٌ بالشفعة). . لم يحصل به التملك على الأصحِّ؛ لأنه رغبة في التملك، والملك لا يحصل بالرغبة.

(ويشترط مع ذلك) أي: مع اللفظ (إمَّا تسليمُ العوض إلى المشتري، فإذا تسلَّمه أو ألزمه القاضي التسلمَ) بضم اللام عند امتناع المشتري من تسلمه منه (. . ملك

ص: 354

الشَّفِيعُ الشِّقْصَ. وَإِمَّا رِضَا الْمُشْتَرِي بِكَوْنِ الْعِوَضِ فِي ذِمَّتِهِ. وَإِمَّا قَضَاءُ الْقَاضِي لَهُ بِالشُّفْعَةِ إِذَا حَضَرَ مَجْلِسَهُ وَأَثْبَتَ حَقَّهُ فَيَمْلِكُ بِهِ فِي الأَصَحِّ. وَلَا يَتَمَلَّكُ شِقْصًا لَمْ يَرَهُ الشَّفِيعُ عَلَى الْمَذْهَبِ

===

الشفيع الشِّقصَ) لأنه وصل إلى حقِّه في الحالة الأولى، ومقصر في الثانية.

والتخلية بين العوض وبين المشتري عند امتناعه من القبض، وقبض القاضي عنه. . قائمان مقام قبضه.

(وإما رضا المشتري يكون العوض في ذمته) سواء سلّم الشقص أم لا؛ لأنه معاوضة، والملك في المعاوضات لا يتوقف على القبض.

نعم؛ لو باع شقصًا من دار عليها صفائح ذهب بفضة أو عكسه. . لم يكف الرضا، بل يشترط التقابض.

(وإما قضاء القاضي له بالشفعة إذا حضر مجلسه وأثبت حقَّه فيملك به في الأصحِّ) لأنَّ اختيار التملك قد تأكد بحكم الحاكم، والثاني: لا يملك به؛ لأنه لم يرض بذمته.

قال في "المطلب": والمراد بالقضاء: إنما هو القضاء بثبوت حقِّ الشفعة لا بالملك.

واشتراط المصنف أخذَ هذه الأمور يُفهم: أن الإشهاد على الطلب واختيار الشفعة لا يقوم مقام قضاء القاضي، وهو أظهر الوجهين في "الوجيز"، ونقله الرافعي عنه، وأقره، وحكى فيه في "الروضة" وجهين من غير ترجيح (1)، قال ابن الرفعة: ولم يفرقوا بين القدرة على الحاكم وعدمها، ولا يبعد أن يقيد بذلك، كما في مسألة هرب الجمّال، ونظائرها مما يقوم فيه الإشهادُ مقام القضاء.

ويشترط في التملك: أن يكون الثمن معلومًا للشفيع، ولا يشترط ذلك في الطلب.

(ولا يتملك شِقصًا لم يره الشفيع على المذهب) بناءً على منع بيع الغائب، وليس للمشتري منعه من الرؤية، وهذا أظهر الطريقين، والطريق الثاني: القطع بالمنع وإن

(1) الوجيز (ص 243)، الشرح الكبير (5/ 505)، روضة الطالبين (5/ 84).

ص: 355