الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصلٌ [في كيفية إرث الأصول]
الأَبُ يَرِثُ بِفَرْضٍ إِذَا كَانَ مَعَهُ ابْنٌ أَوِ ابْنُ ابْنٍ، وَبِتَعْصِيبٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ وَلَا وَلَدُ ابن، وَبِهِمَا إِذَا كَانَ بِنْتٌ أَوْ بِنْتُ ابنٍ؛ لَهُ السُّدُسُ فَرْضًا وَالْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِهِمَا بِالْعُصُوبَةِ. وَلِلأُمِّ الثُّلُثُ أَوِ السُّدُسُ فِي الْحَالَيْنِ السَّابِقَيْنِ فِي الْفُرُوضِ، وَلَهَا فِي مَسْأَلتَيْ زَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ ثُلُثُ مَا بَقِيَ بَعْدَ فَرْضِ الزَّوْجِ أَوِ الزَّوْجَةِ
===
(فصل: الأب يرث بفرض) فقط، وهو السدس (إذا كان معه ابن) بنص القرآن (أو ابن ابن) بالقياس على الابن (وبتعصيب) فقط (إذا لم يكن ولد ولا ولد ابن) سواء كان وحده، أو معه صاحب فرض؛ كزوجة أو أم أو جدة، فله الباقي بعد الفرض بالعصوبة؛ لأن الله تعالى فرض له في حال وجود الولد خاصةً، ومفهومه: أنه لا يفرض له فيما عداه، وولد الولد ملحق بالولد إجماعًا.
(وبهما إذا كان بنت أو بنت ابن؛ له السدس فرضًا)(1) لأن لفظ الولد في الآية يشمل الذكر والأنثى، (والباقي بعد فرضهما بالعصوبة) لحديث:"أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ .. فَهُوَ لأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ" متفق عليه (2). وحكى المَحاملي فيه: الإجماع.
و(أولى) في الحديث بمعنى: أقرب، ولا يمكن بمعنى: أحق؛ لما يلزم عليه من الإبهام والجهالة، فلا يبقى للكلام معنى.
وقوله: (أو بنت ابن) كذا هو في كتب الشيخين (3)، ولو عطف بالواو .. لصحَّ؛ فإنه لو كان معه بنت، وبنت ابن، أو بنتان فأكثر، أو بنتا ابن فأكثر .. فالحكم كذلك، وهذه كلُّها ترد على تصوير المصنف.
(وللأم الثلث أو السدس في الحالين السابقين في الفروض) لما تقدم.
(ولها في مسألتي زوج، أو زوجة وأبوين .. ثلث ما بقي بعد الزوج أو الزوجة)
(1) في "المنهاج"(ص 341) المطبوع: (وبهما إذا كان معه بنت).
(2)
سبق تخريجه (ص 548).
(3)
الشرح الكبير (6/ 463)، روضة الطالبين (6/ 12).
وَالْجَدُّ كَالأَبِ إِلَّا أَنَّ الأَبَ يُسْقِطُ الإِخْوَةَ وَالأَخَوَاتِ وَالْجَدَّ يُقَاسِمُهُمْ إِنْ كَانُوا لأَبَوَيْنِ أَوْ لأَبٍ، وَالأَبَ يُسْقِطُ أُمَّ نَفْسِهِ وَلَا يُسْقِطُهَا الْجَدُّ،
===
ففي الأولى: للزوج النصف، يبقى سهم، على ثلاثة لا يصحُّ ولا يُوافِق، فضرب اثنين في ثلاثة يبلغ ستة؛ للزوج ثلاثة، وللأم ثلث ما بقي وهو سهم، والباقي وهو سهمان للأب.
والمسألة الثانية من أربعة: للزوجة الربع سهم، وللأم ثلث ما بقي وهو سهم، والباقي وهو سهمان للأب، هذا هو المذهب الذي عليه الجمهور.
ووجَّهوه: بأنه شارك الأبوين ذو فرض، فكان للأم ثلث ما فضل عن الفرض؛ كما لو شاركهما بنت، وبأن الله تعالى جعل المال بين الأبوين إذا لم يكن زوج ولا زوجة أثلاثًا؛ للأم الثلث، وللأب الثلثان، فحصل للأب مِثْلَا ما للأم؛ فإذا كان معها زوج أو زوجة .. أخذ فرضه، والباقي بينهما أثلائًا.
وإنما قالوا: ثلث ما يبقى، ولم يقولوا: سدس المال في الأولى، وربعه في الثانية؛ محافظة على الأدب في موافقة القرآن.
(والجد كالأب) في جميع ما تقدم، وقضيته: أن يجمع بين الفرض والتعصيب، وهو أصحُّ الوجهين وأشهرهما في "زيادة الروضة"(1)، والثاني: لا، بل يأخذ الباقي بعد فرض مَنْ تقدم بالتعصيب فقط، وقال المتولي: إنه المذهب.
وزعم الرافعي وغيره: أن الخلاف لفظي (2)، والمأخوذ لا يختلف، واعترض: بظهور فائدته في صورتين: إحداهما: في حساب المسألة وأصلها، والثانية: فيما لو أوصى بجزء مما يبقى بعد الفرض.
(إلا أن الأب يُسقط الإخوة والأخوات، والجد يقاسمهم إن كانوا لأبوين أو لأب) كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
(والأب يُسقط أُمَّ نفسه) لإدلائها به (ولا يسقطها الجد) أي: لا يسقط الجد أُمَّ الأب؛ لأنها لا تدلي به.
(1) روضة الطالبين (6/ 12).
(2)
الشرح الكبير (6/ 464).
وَالأَبَ فِي زَوْجٍ أَوْ زَوْجة وَأَبَوَيْنِ يَرُدُّ الأُمَّ مِنَ الثُّلُثِ إلَى ثلُثِ الْبَاقِي، وَلَا يَرُدُّهَا الْجَدُّ. وَللْجَدَّةِ السُّدُسُ، وَكَذَا الْجَدَّاتُ، وَترِثُ مِنْهُنَّ أُمُّ الأُمِّ وَأُمَّهَاتُهَا الْمُدْلِيَاتُ بِإِنَاثٍ خُلَّصٍ، وَأُمُّ الأَبِ وَأُمَّهَاتُهَا كَذَلِكَ، وَكَذَا أُمُّ أَبِ الأَبِ وَأُمُّ الأَجْدَادِ فَوْقَهُ وَأُمَّهَاتُهُن عَلَى الْمَشْهُورِ.
===
(والأبَ في زوج أو زوجة وأبوين يردُّ الأم من الثلث إلى ثلث الباقي ولا يردها الجد) بل تأخذ الثلث كاملًا؛ لأن الجد لا يساويها في الدرجة، فلا يلزم تفضيله عليها بخلاف الأب.
ويرد على حصره الاستثناء فيما ذكره: أن الأب لا يرث معه إلا جدة واحدة، ويرث مع الجد جدتان، وأبو الجد ومن فوقه؛ كالجد في ذلك كلِّه إلا أن كلَّ واحد يحجب أمَّ نفسه ولا يحجبها من فوقه، وكلما علا الجد درجة .. زاد معه جدة وارثة.
(وللجدة السدس) لما مرَّ (وكذا الجدات) لأنه صلى الله عليه وسلم قضى للجدتين من الميراث بالسدس بينهما، رواه الحاكم من حديث عبادة، وقال: صحيح على شرط الشيخين (1)، وفي "مراسيل أبي داوود": أنه عليه السلام أعطاه لثلاث جدات (2).
(وترث منهن أم الأم وأمهاتها المدليات بإناثٍ خُلَّص) كأم أم الأم وإن علت بالاتفاق (وأم الأب وأمهاتها كذلك) لما روي عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد أنه قال: (أتت الجدتان إلى أبي بكر رضي الله عنه فأعطى أم الأم الميراث دون أم الأب، فقال رجل من الأنصار: أعطيت التي لو ماتت لم يرثها، ومنعت التي لو ماتت ورثها؛ فجعل أبو بكر رضي الله عنه السدس بينهما) رواه الدارقطني في "سننه" بسند صحيح (3).
(وكذا أم أب الأب وأم الأجداد فوقه، وأمهاتهن على المشهور) لأنهن جدات يدلين بوارث، فيرثن؛ كأم الأب، والثاني: لا يرثن؛ لإدلائهن بجد، فأشبهن أم أب الأم.
(1) المستدرك (4/ 340).
(2)
المراسيل (349) عن الحسن رحمه الله تعالى.
(3)
سنن الدارقطني (4/ 91).