الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَخَلْطُ حِنْطَةٍ مُعَيَّنَةٍ رُجُوعٌ، فَلَوْ أَوْصَى بِصَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ فَخَلَطَهَا بِأَجْوَدَ مِنْهَا .. فَرُجُوعٌ، أَوْ بِمِثْلِهَا .. فَلَا، وَكَذَا بِأَرْدَأَ فِي الأَصَحِّ. وَطَحْنُ حِنْطَةٍ وَصَّى بِهَا، وَبَذْرُهَا، وَعَجْنُ دَقِيقٍ، وَغَزْلُ قُطْنٍ، وَنَسْجُ غَزْلٍ، وَقَطْعُ ثَوْبٍ قَمِيصًا، وَبِنَاءٌ وَغِرَاسٌ فِي عَرْصَةٍ .. رُجُوعٌ.
فَصْلٌ [في الإيصاء وما يتبعه]
يُسَنُّ الإِيصَاءُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ،
===
(وخلطُ حنطة معيَّنة رجوعٌ) سواء خلطها بمثلها أو أجود أو أردأ؛ لتعذر التسليم بما أحدثه في العين.
(فلو أوصى بصاع من صبرة) معينة (فخلطها بأجود منها .. فرجوع) لأنه أحدث بالخلط زيادة لم يرض بتسليمها، (أو بمثلها .. فلا) قطعًا؛ فإنه لا يحدث تغييرًا؛ إذ لا فرق بين المثلين.
(وكذا بأردأ في الأصحِّ) لأن التغيير عيبه بالنقص، فأشبه تعييب الموصى به، أو إتلاف بعضه، والثاني: رجوع؛ لأنه غيَّر الموصى به عما كان، فأشبه الخلط بالأجود، وهذا ما أورده القاضي أبو الطيب ونسبه إلى عامة الأصحاب، واختاره الإمام، ولم ينسب الشيخان ما رجحاه لأحد (1).
(وطحنُ حنطة وصَّى بها، وبذرُها، وعجن دقيق، وغزل قطن، ونسج غزل، وقطع ثوب قميصًا، وبناء وغراس في عرصة .. رجوع) لزوال الاسم، وإشعاره بالإعراض.
* * *
(فصل: يسن الإيصاء بقضاء الدين) لأنه إذا شرع له الوصية في حق غيره .. فحاجة نفسه أولى، وهذا في الدين الذي لا يعجز عن وفائه في الحال، أما الذي يعجز عن وفائه في الحال .. فالوصاية به واجبة؛ كما قاله في "الروضة"، وكذا
(1) نهاية المطلب (11/ 339)، الشرح الكبير (7/ 266)، روضة الطالبين (6/ 309).
وَتنفِيذِ الْوَصَايَا، وَالنَّظَرِ فِي أَمْرِ الأَطْفَالِ. وَشَرْطُ الْوَصِيِّ: تَكْلِيفٌ، وَحُرِّيَّةٌ، وَعَدَالَةٌ، وَهِدَايَةٌ إِلَى التَّصَرُّفِ الْمُوصَى بِهِ، وَإِسْلَامٌ، لَكِنِ الأَصَحُّ: جَوَازُ وَصِيَّةِ ذِمِّيٍّ إِلَى ذِمِّيٍّ
===
الإيصاء برد المظالم واجب، وقد اعترض في "الروضة" على الرافعي على اقتصاره فيه على الاستحباب (1).
(وتنفيذِ الوصايا) أي: يسن أن يوصي بتنفيذ وصاياه إن أوصى بشيء، (والنّظرِ في أمر الأطفال) أي: يسن أيضًا. وإن كان القياس منعه؛ لانقطاع سلطنة الموصي وولايته بالموت، لكن الدليل قام على جوازه؛ فروى سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة قال: أوصى إلى الزبير سبعة من الصحابة، منهم: عثمان والمقداد وعبد الرحمن بن عوف وابن مسعود (2)؛ فكان يحفظ أموالهم، وينفق عليهم من ماله، ولم يعرف لهم مخالف.
(وشرط الوصي: تكليف) لأن غيره مولّىً عليه، فكيف يلي أمر غيره؟ ! (وحرية) لأن الرقيق مشغول بسيده، والوصاية تستدعي فراغًا، وسواء عبده وعبد غيره، وسواء القن والمكاتب والمبعّض، (وعدالة) فلا تجوز إلى فاسق بالإجماع؛ لأنها ولاية وائتمان.
(وهداية إلى التصرف الموصى به) فلا تصحُّ إلى من لا يهتدي إليه؛ لسفه أو مرض أو هرم أو تغفل؛ إذ لا مصلحة في تولية مَنْ هذا حاله، (وإملام) فلا تصحُّ وصاية مسلم إلى كافر، لتهمته، قال الله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} الآية.
(لكن الأصحُّ: جواز وصية ذمي إلى ذمي) بشرط كونه عدلًا في دينه؛ كما يجوز أن يكون وليًّا لأولاده، والثاني: المنع؛ كشهادته.
ويشترط أيضًا: ألّا يكون الوصي عدوًّا للطفل؛ كما حكاه الرافعي عن الروياني وآخرين، وإنهم حصروا الشرائط بلفظ مختصر فقالوا: ينبغي أن يكون الوصي بحيث
(1) روضة الطالبين (6/ 311)، الشرح الكبير (7/ 267).
(2)
أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(6/ 282).
وَلَا يَضُرُّ الْعَمَى فِي الأَصَحِّ، وَلَا تشتَرَطُ الذُّكُورَةُ، وَأُمُّ الأَطْفَالِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهَا. وَيَنْعَزِلُ الْوَصِيُّ بِالْفِسْقِ، وَكَذَا الْقَاضِي فِي الأَصَحِّ، لَا الإِمَامُ الأَعْظَمُ. وَيَصِحُّ الإِيصَاءُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ. وَتنفِيذُ الْوَصِيَّةِ مِنْ كُلِّ حُرٍّ مُكَلَّفٍ،
===
تقبل شهادته على الطفل (1). ونقض بالذمي، فإنه يوصي إلى الذمي ولا تقبل شهادته عليه.
وفي وقت اشتراط الشروط المذكورة أوجه: أصحها: حالة الموت.
(ولا يضر العمى في الأصحِّ) لأنه من أهل الشهادة، كالبصير، ويوكل فيما لا يمكنه، والثاني: يضر، لأنه لا يصحُّ بيعه وشراؤه بنفسه، فلا يفوّض إليه أمر غيره.
(ولا تشترط الذكورة) بالإجماع، وقد أوصى عمر رضي الله عنه إلى ابنته حفصة رضي الله عنها؛ كما أخرجه أبو داوود (2).
(وأم الأطفال أولى من غيرها) إذا حصلت الشروط فيها، لأنها أكثر شفقة.
(وينعزل الوصي بالفسق) لزوال الشرط، وفي معناه: قيم الحاكم، (وكذا القاضي في الأصحِّ) لزوال الشرط، والثاني: لا؛ كالإمام.
(لا الإمام الأعظم) لتعلق المصالح الكلية بولايته، بل تجوز تولية الفاسق ابتداء إذا دعت إليه ضرورة، وقيل: ينعزل، ونقل المَحاملي في (الأقضية) من "المجموع" الاتفاق عليه، سوى شذوذ من أصحاب الحديث، وصوّبه في "المطلب"، واقتضى كلامه: تفرد الرافعي بترجيح عدم الانعزال (3).
(ويصحُّ الإيصاء بقضاء الدين، وتنفيذ الوصية من كلِّ حرٍّ مكلّف) لما سبق أول الباب (4)، وكللامه يفهم: أن السفيه إذا صححنا وصيته بالمال .. أن له تعيين شخص
(1) الشرح الكبير (7/ 269).
(2)
سنن أبي داوود (2878) عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(3)
الشرح الكبير (7/ 271).
(4)
و (تنفيذ) بـ (الياء) مصدرًا، هو ما في أكثر النسخ؛ كـ (المحرر (وغيره، وحُكي عن خطِّه حذف (الياء) مضارعًا، وادعى كثير أن الأُولى أَولى؛ إذ يلزم الثانية التكرار المحض؛ لأنه قدم الوصية بقضاء الدين أول الفصل، وحذف بيان ما ينفذ فيه ومخالفة أصله، وفيه نظر؛ لأن الجارّ والمجرور =
وَيُشْتَرَطُ فِي أَمْرِ الأَطْفَالِ مَعَ هَذَا: أَنْ يَكُونَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهِمْ. وَلَيْسَ لِوَصِيٍّ إِيصَاءٌ، فَإِنْ أُذِنَ لَهُ فِيهِ .. جَازَ فِي الأَظْهَرِ. وَلَوْ قَالَ: (أَوْصَيْتُ إِلَيْكَ إِلَى بُلُوغِ ابْنِي أَوْ قُدُومِ زَيْدٍ، فَإِذَا بَلَغَ أَوْ قَدِمَ فَهُوَ
===
لتنفيذها، قال السبكي: ولم أر فيه إلا ما اقتضاه هذا الكلام، وهو محتمل، ومنعه أيضًا يحتمل فيَليهِ الحاكم. انتهى، وقال في "المطلب": ينبغي إضافة الرشد إلى الشرطين المذكورين.
(ويشترط في أمر الأطفال) والمجانين (مع هذا) أي: مع الحرية والتكليف (أن يكون له ولاية عليهم) مبتدأة من الشرع لا بتفويض، فتثبت الوصاية عليهم للأب والجد وإن علا دون غيرهما من الأقارب، ويخرج الوصي والقيم، وكذا الأب والجد إذا نصبهما الحاكم في مال من طرأ سفهه؛ لأنه وليه الحاكم دونهما على الأصحِّ، ويخرج الأم أيضًا على المذهب.
(وليس لوصيّ إيصاءٌ) كالوكيل (فإن أُذن له فيه .. جاز في الأظهر) كالوكيل يوكل بالإذن، والثاني: لا؛ لبطلان إذنه بالموت.
وصورة الإذن: أن يضيف إليه بأن يقول: (أوصِ بتركتي)(ونحوه، أما إذا قال: (أوص لمن شئت) أو (إلى فلان)(ولم يضف إلى نفسه .. لم يوص عنه على الأصحِّ عند البغوي وأقرّاه (1).
ومحلُّ الخلاف: فيما إذا أذن له أن يوصي عن نفسه، أما إذا أذن له أن يوصي عن الموصي .. صحّ قطعًا، حكاه في "البيان" عن ابن الصباغ، ونقله ابن الرفعة عن القاضي أبي الطيب وابن الصباغ والروياني في (كتاب الوكالة)، قال: وكلام الرافعي مصرح بأن الخلاف في الثانية (2).
(ولو قال: "أوصيت إليك إلى بلوغ ابني أو قدوم زيد، فإذا بلغ أو قدم .. فهو
= معلق بـ (يصح) أيضًا فلا تكرار. اهـ "نهاية المحتاج"(6/ 103).
وقال ابن الفركاح: ينبغي أن يقرأ (تنفيذ) بزيادة (ياء) بين (الفاء)(و (الذال) كما هو في "المحرر" و"الشرح" و"الروضة". اهـ "النجم الوهاج"(6/ 330).
(1)
التهذيب (5/ 110 - 111)، الشرح الكبير (7/ 274)، روضة الطالبين (6/ 314).
(2)
البيان (8/ 311)، كفاية النبيه (12/ 135).
الْوَصِيُّ) .. جَازَ. وَلَا يَجُوزُ نَصْبُ وَصِيٍّ وَالْجَدُّ حَيٌّ بِصِفَةِ الْوِلَايَةِ، وَلَا الإِيصَاءُ بِتَزْوِيجِ طِفْلٍ وَبِنْتٍ. وَلَفْظُهُ:(أَوْصَيْتُ إِلَيْكَ)، أَوْ (فَوَّضتُ)، وَنَحْوُهُمَا. وَيَجُوزُ فِيهِ التَّوْقِيتُ وَالتَّعْلِيقُ
===
الوصي" .. جاز) وكذا لو قال: (أوصيت إليك سنة وبعدها وصيي فلان) لأن الأب هو الموصي إليهما، ولا يضر التعليق، إذ الوصية تحتمل الأخطار والجهالات، ولو قال:(أوصيت إليك؛ فإذا نزل بك حادث الموت فقد أوصيت إلى من أوصيت إليه)، أو (فوصيُّك وصيي) .. فباطلة على الأظهر، لجهالة الموصى إليه.
وكان ينبغي للمصنف: تأخير هذا إلى قوله: (ويجوز فيه التوقيت والتعليق) فإنه مثال له.
(ولا يجوز) للأب (نصب وصي) في أمر الأطفال) (والجدُّ حي بصفة الولاية) لأن ولايته ثابتة بالشرع، كولاية التزويج، وقيل: يجوز؛ لأنه أولى من الجد، فكذا نائبه.
واحترز بـ (صفة الولاية): عما إذا كان غير أهل، لفسق ونحوه .. فإنه يجوز، فلو تأهل للولاية بعد الموت .. قال الأَذْرَعي: فالقياس: انعزال الوصي.
(ولا الإيصاء بتزويج طفل وبنت) مطلقًا مع وجود الجد وعدمه وعدم الأولياء، لأن البالغين لا وصاية في حقهم، والصغائر لا يزوجهم غير الأب والجد.
(ولفظه) أي: لفظ الإيصاء كما قاله في "المحرر"(1)("أوصيت إليك" أو "فوضت") إليك) (2)(ونحوهما) كـ (أقمتك مقامي في أمر أولادي بعد موتي)، هذا في الناطق، أما الأخرس .. فتكفي إشارته المفهمة وكتابته.
(ويجوز فيه) أي: في الإيصاء (التوقيت) كـ (أوصيت إليك سنة)، أو (إلى بلوغ ابني)، (والتعليق) كـ (إذا مت .. فقد أوصيت إليك) لأنها تحتمل الأخطار والجهالات.
(1) قال ابن الملقن [3/ 1109]: أي: لفظ الموصي، وهو خلاف قول "الروضة" و"أصلها": (ولا بدَّ في الوصاية من الإيجاب، بأن يقول: أوصيت إليك
…
) إلى آخره. اهـ هامش (أ).
(2)
المحرر (ص 276).
وَيُشْتَرَطُ بَيَانُ مَا يُوصِي فِيهِ - فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى: (أَوْصَيْتُ إِلَيْكَ) .. لَغَا - وَالْقَبُولُ، وَلَا يَصِحُّ فِي حَيَاتِهِ فِي الأَصَحِّ. وَلَوْ وَصَّى اثْنَيْنِ .. لَمْ يَنْفَرِدْ أَحَدُهُمَا
===
(ويشترط: بيان ما يوصي فيه) كـ (أوصيت إليك في قضاء ديوني)، و (تنفيذ وصيتي)، و (التصرف في مال أطفالي)، ومتى خصص وصايته بحفظ ونحوه .. اتبع، أو عمم .. اتبع، وإن أطلق؛ بأن قال:(أوصيت إليك في أمري)، أو (أمر أطفالي) ولم يذكر التصرف .. ظاهر كلام المصنف: أنه لا يصحُّ، والمصحَّح في "الروضة": الصحة، ويتصرف ونقله الرافعي عن المتولي وأقرّه (1)، وقيل: إن له الحفظ فقط، وجزم به في "الحاوي الصغير"(2).
(فإن اقتصر على: "أوصيت إليك" .. لغا) كما لو قال: ) (وكلتك) (ولم يبين ما وكل فيه.
(و) يشترط (القبول) لأنها عقد تصرف، فأشبهت الوكالة.
وقضية كلامه: اشتراطه لفظًا، لكن في "الروضة" و"أصلها": وهل يقوم عمل الوصي مقام لفظ قبوله؟ وجهان، وكلُّ هذا مأخوذ من الوكالة. انتهى (3).
وهو قد يقتضي ترجيح عدم الاشتراط، وبه جزم القفال في "فتاويه"، كما نقله الأَذْرَعي.
(ولا يصحُّ) القبول (في حياته في الأصحِّ) لأنه لم يدخل وقت التصرف؛ كالوصية له بالمال، والثاني: يصحُّ؛ كالوكالة، والرد في حياة الموصي على هذا الخلاف.
(ولو وصى اثنين)(4) بأن قال: (أوصيت إليكما)، كما قالاه في "الشرح" و"الروضة"(5)(لم ينفرد أحدهما) تنزيلًا على الأخذ بالأقل والأحوط، وهو الاجتماع، وقد يكون أحدهما أوثق والآخر أحدق.
(1) روضة الطالبين (6/ 316)، الشرح الكبير (7/ 278).
(2)
الحاوي الصغير (ص 437).
(3)
روضة الطالبين (6/ 316)، الشرح الكبير (7/ 277).
(4)
في (ز): (إلى اثنين)، وفي (هـ) و (و):(لاثنين).
(5)
الشرح الكبير (7/ 279)، روضة الطالبين (6/ 318).
إِلَّا إِنْ صَرَّحَ بِهِ. وَلِلْمُوصِي وَالْوَصِيِّ الْعَزْلُ مَتَى شَاءَ. وَإِذَا بَلَغَ الطِّفْلُ وَنَازَعَهُ فِي الإِنْفَاقِ عَلَيْهِ .. صُدِّقَ الْوَصِيُّ،
===
قال الشيخ عز الدين: وهو مشكل؛ لما فيه من مخالفة الظاهر الحقيقي حملًا على مجاز بعيد لم يدل عليه لفظ الإذن.
وإذا قلنا: باشتراط اجتماعهما .. قال الإمام: فليس المراد: تلفظهما بالعقد معًا، وإنما صدوره عن رأيهما وإن باشره أحدهما، أو غيرهما بأمرهما (1).
ومحلُّ وجوب الاجتماع: في أمر الأطفال وأموالهم، وتفرقة الوصايا غير المعينة، وقضاء دين ليس في التركة جنسه، أما ردُّ الودائع والمغصوب والعواري، وتنفيذ وصية معينة، وقضاء دين في التركة جنسه .. ففي "التهذيب" وغيره: لكل الانفراد؛ فإن لصاحبه الاستقلال بأخذه (2).
قال الرافعي ما معناه: إن هذا واضح في وقوع المدفوع موقعه، وعدم نقضه، وأما جواز الإقدام على الانفراد .. فليس واضحًا؛ فإنهما لم يتصرفا إلا بالوصاية، فليكن بحسبها، قال: وفي كلامهم ما هو كالصريح فيما ذكرته، فلتجئ فيه الأحوال المذكورة في سائر التصرفات؛ أي: من إطلاق أو تصريح، باجتماع أو انفراد (3).
(إلا إن صرح به) فيجوز الانفراد عملًا بالإذن؛ كالوكالة.
(وللموصي والوصيّ العزلُ متى شاء) كالوكالة، ويستثنى: ما إذا تعين عليه أو غلب على ظنه تلف المال باستيلاء ظالم، قاله في "زيادة الروضة"(4)، وسبقه إليه ابن الصلاح وابن عبد السلام وصرح بأنه لا يصحُّ عزله.
وصورة المسألة: إذا خلا ذلك عن العوض، قال الماوردي: وقد يكون بعوض إجارة فتلزم (5).
(وإذا بلغ الطفل ونازعه في الإنفاق عليه .. صُدِّق الوصي) بيمينه، وكذا قيّم
(1) نهاية المطلب (11/ 362).
(2)
التهذيب (5/ 109).
(3)
الشرح الكبير (7/ 279).
(4)
روضة الطالبين (6/ 320).
(5)
الحاوي الكبير (10/ 210).
أَوْ فِي دَفْعٍ إِلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ .. صُدِّقَ الْوَلَدُ.
===
الحاكم؛ لأنه أمين، وقيل: لا تقبل منه إلا ببينة؛ كما في دعوى البيع بالمصلحة.
وفرق الأول: بأن هنا تتعذر عليه إقامة البينة، بخلاف البيع، وهذا لا يختص بالطفل، فالمجنون بعد إفاقته والسفيه بعد رشده .. كذلك.
وأفهم كلامه: تصديق الأب والجد من باب أولى.
(أو في دفع إليه بعد البلوغ) والرشد ( .. صدق الولد) بيمينه؛ لأنه لا تعسر إقامة البينة عليه.
قيل: وهذه مكررة؛ فقد ذكرها في (الوكالة)، وردّ: بأن تلك في القيّم المنصوب من جهة الحاكم، وهذه في الوصي.
* * *