الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْعَرَبُونِ؛ بِأَنْ يَشْتَرِيَ وَيُعْطِيَهُ دَرَاهِمَ لِتَكُونَ مِنَ الثَّمَنِ إِنْ رَضِيَ السِّلْعَةَ، وَإِلَّا .. فهبَةً.
فصلٌ [في تفريق الصفقة]
بَاعَ خَلًّا وَخَمْرًا، أَوْ عَبْدَهُ وَحُرًّا، أَوْ عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ، أَوْ مُشْتَرَكًا بِغَيْرِ إِذْنِ الآخَرِ .. صَحَّ فِي مِلْكِهِ فِي الأَظْهَرِ،
===
إلى الآخر .. استمر العقد، وإلا .. فسخ، كذا نقلاه في "السير" عن ابن كجٍّ والماوردي وأقراه (1).
ومحل الخلاف: بعد سقيه اللِّبأ.
أما قبله .. فلا يصحّ جزمًا.
وزاد الماوردي على سقي اللِّبأ وُجودَ مرضعة أخرى تُتِمُّ رضاعه (2).
(ولا يصحّ بيع العربون، بأن يشتري ويعطيه دراهمَ لتكون من الثمن إن رضي السلعةَ، وإلا .. فهبة) لأن فيه شرطين فاسدين: أحدهما: شرط الهبة، والثاني: شرط الردّ (3) على تقدير ألّا يرضى.
* * *
(فصل: باع خلًّا وخمرًا، أو عبده وحرًّا، أو عبده وعبد غيره)(4) أي: أو باع عبده وعبد غيره (أو مشتركًا بغير إذن الآخر) وهو الشريك ( .. صحّ في ملكه في الأظهر) لأنه باع شيئين مختلفي الحكم، فيأخذ كلّ واحد منهما حكم نفسه؛ كما لو باع ثوبًا وشقصًا مشفوعًا .. فإن الشفعة تثبت في المشفوع دون الثوب.
والقول الثاني: البطلان؛ لأن اللفظة الواحدة لا يتأتى تبعيضها، فغلب الحرام على الحلال.
(1) الشرح الكبير (11/ 420)، روضة الطالبين (10/ 257).
(2)
الحاوي الكبير (6/ 148).
(3)
أي: رد المبيع. اهـ هامش (أ).
(4)
عبارة (ب): (أو وعبد غيره).
فَيَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إِنْ جَهِلَ، فَإِنْ أَجَازَ .. فَبِحِصَّتِهِ مِنَ الْمُسَمَّى بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِمَا،
===
وقيل: العلة فيه: أن المسمَّى يتوزع عليهما باعتبار القيمة، ونحن لا ندري حصة كلّ واحد منهما عند العقد، فيكون الثمن مجهولًا، قال الربيع: وهو آخر قولي الشافعي قال الإسنوي: فهو المذهب (1).
وقوله: (بغير إذن الآخر): يعود إلى المشترك؛ فإنه إذا أذن له الشريك .. يصحّ جزمًا، ولا يصحّ عوده إليه وإلى عبد الغير معًا؛ لأنه إذا أذن له فباعه مع عبده.
فإن لم يفصل الثمن .. لم يصح على الأصح في "شرح المهذب".
ونقله الرافعي في (كتاب الصداق) عن النصّ (2).
وإن فصل الثمن .. صحَّ جزمًا، لكن ليس مما نحن فيه؛ لأن الكلام في الصفقة الواحدة، وتلك صفقات.
(فيتخير المشتري إن جهل) لضرر التبعيض، قال ابن الرفعة: وهو على الفور؛ لأنه خيار نقص، فإن كان عالمًا .. فلا؛ لتقصيره (3).
(فإن أجاز .. فبحصته من المسمى باعتبار قيمتهما) لأنهما أوقعا الثمن في مقابلتهما جميعًا، فلا يلزم المشتري في مقابلة أحدهما إلا قسطه.
فإذا كان المملوك يساوي مئة والآخر يساوي مئتين .. فالمجموع ثلاث مئة، وحصة المملوك منها الثلث، فيؤخذ ثلث المُسمَّى في العقد.
فإذا اشتراهما بمئة وخمسين مثلًا .. أوجبنا خمسين، وإن اشتراهما بست مئة .. أوجبنا مئتين.
وهل تعتبر قيمة الخمر عند من يرى له قيمة، أو يقدر خلًّا، أو عصيرًا؟ فيه اختلاف واضطراب نبه عليه في "المهمات"(4).
وتمثيل المصنف قد يُفهم أنه لو كان الذي لا يصحّ فيه العقد مما لا يقصد؛ كالدم
(1) المهمات (5/ 147).
(2)
المجموع (9/ 363)، الشرح الكبير (8/ 260).
(3)
كفاية النبيه (9/ 74 - 76).
(4)
المهمات (5/ 156).
وَفِي قَوْلٍ: بجَمِيعِهِ، وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ. وَلَوْ بَاعَ عَبْدَيْهِ فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ قَبْضِهِ .. لَمْ يَنْفَسِخْ فِي الآخَرِ عَلَى الْمَذْهَبِ، بَلْ يَتَخَيَّرُ، فَإِنْ أَجَازَ .. فَبالْحِصَّةِ قَطْعًا. وَلَوْ جَمَعَ فِي صَفْقَةٍ مُخْتَلِفَيِ الْحُكْمِ كَإِجَارَةٍ وَبَيْعٍ أَوْ سَلَمٍ .. صَحَّا فِي الأَظْهَرِ، وَيُوَزَّعُ الْمُسَمَّى عَلَى قِيمَتِهِمَا،
===
والحشرات أن الإجازة بالجميع قطعًا، قال الإسنوي: ولم أجده مصرحًا به، ويتأيد بكلامهم في الخلع والكتابة.
(وفي قول: بجميعه) لأن ذكر غير المملوك لاغ، فيقع الثمن في مقابلة المملوك.
ومحل الخلاف: في غير الربويات، أما الربويات .. فيتخير فيها بالقسط قطعًا؛ لأن الفضل فيها حرام.
(ولا خيار للبائع) لأنه مفرط حيث باع ما لا يملكه، وطمع في ثمنه.
(ولو باع عبديه فتلف أحدهما قبل قبضه .. لم ينفسخ في الآخر على المذهب) لانتفاء علتي البطلان، أما الجمع بين الحلال والحرام .. فواضح.
وأما الجهالة .. فلأن الثمن كلَّه قد ثبت في الابتداء، وسقوط بعضه طارئ .. فلا يؤثر في الانفساخ، كما لو خرج المبيع معيبًا وتعذر الردّ لبعض الأسباب، والثمن غير مقبوض .. فإن بعضه يسقط على سبيل الأرش، ولا يلزم منه فساد الباقي.
والطريق الثاني: أنه يتخرج على القولين فيما لو باع ما يملكه وما لا يملكه؛ تسويةً بين الفساد المقرون بالعقد، والفساد الطارئ قبل القبض، (بل يتخير) لفوات مقصوده.
(فإن أجاز .. فبالحصة قطعًا) لأن الئمن وجب في مقابلتهما في الابتداء، فلا ينصرف إلى أحدهما بالدوام.
(ولو جمع في صفقة مختلفي الحكم؛ كإجارة وبيع أو سلم .. صحّا في الأظهر، ويُوزَّع المسمّى على قيمتهما) قياسًا على ما إذا باع ثوبًا وشقصًا من دار .. فإنه يجوز وإن اختلفا في حكم الشفعة، واحتجنا إلى التقويم بسببها، والثاني: البطلان؛ لأن
أَوْ بَيْعٍ وَنِكَاحٍ .. صَحَّ النِّكَاحُ، وَفِي الْبَيع وَالصَّدَاقِ الْقَوْلَانِ. وَتَتَعَدَّدُ الصَّفْقَةُ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ كَبعْتُكَ ذَا بِكَذَا، وَذَا بِكَذَا، وَبِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ، وَكَذَا بِتَعَدُّدِ للْمُشْتَرِي فِي الأَظْهَرِ
===
اختلاف الأحكام يغلب على الظنّ وقوع الانفساخ في أحدهما، وذلك يَجُرُّ جهلًا في العوض.
ومحل الخلاف: أن يكون العقدان لازمين كما مثل به، فلو جمع بين بيع وجعالة .. لم يصحّ قطعًا، كما ذكره الرافعي في (المسابقة)(1).
وأورد على تعبيره: ما إذا باع شقصًا من دار وثوبًا .. فإنه صحيح قطعًا مع اختلافهما في الحكم.
وأجيب: بأنه ليس المراد الاختلاف في مطلق الأحكام، بل اختلاف الأحكام في الفسخ والتنفيذ؛ فإن الإجارة شرطها التأقيت، وهو مبطل للبيع، وقبل انقضاء المدة يعرض الانفساخ، بخلاف البيع، وليس ذلك موجودًا في الثوب والشقص.
ومثال الإجارة والبيع: (أجرتك داري شهرًا، وبعتك عبدي هذا بدينار).
ومثال الإجارة والسلم: (أجرتك داري شهرًا، وبعتك صاع قمح في ذمتي سلمًا بكذا).
(أو بيعٍ ونكاح .. صحّ النكاح) لأنه لا يفسد بفساد الصداق، (وفي البيع والصداق القولان) وقد تقدما بتعليلهما.
وهذه المسألة قد ذكرها المصنف في (كتاب الصداق) بأبسط مما ذكره هنا، وسنتكلم عليها هناك إن شاء الله تعالى.
(وتتعدد الصفقة بتفصيل الثمن؛ كبعتك ذا بكذا وذا بكذا، وبتعدد البائع) كبعناك هذا بكذا.
(وكذا بتعدد المشتري) كبعتكما هذا بكذا (في الأظهر) قياسًا على البائع، والثاني: لا؛ لأن المشتري يبني على الإيجاب السابق.
(1) الشرح الكبير (12/ 192).
وَلَوْ وَكَّلَاهُ أَوْ وَكَّلَهُمَا .. فَالأَصَحُّ: اعْتِبَارُ الْوَكِيلِ.
===
وإذا قلنا: بالتعدد فقبل أحدهما نصفه .. لم يصحّ على الأصح.
ومحل ذلك: في غير العرايا والشفعة.
أما فيهما .. فيتعدد بتعدد المشتري قطعًا، وكذا بتعدد البائع في الأظهر، عكس ما هنا.
(ولو وَكَّلاه أو وَكَّلهما .. فالأصح: اعتبار الوكيل) لأن أحكام العقد؛ من اشتراط الرؤية وثبوت الخيار .. تتعلق به لا بالموكل، والثاني: اعتبار الموكل؛ لأن الملك له.
* * *