الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَلَوْ طَالَ مُكْثُهُمَا أَوْ قَامَا وَتَمَاشَيَا مَنَازِلَ .. دَامَ خِيَارُهُمَا، وَيُعْتبَرُ فِي التَّفَرُّقِ الْعُرْفُ. وَلَوْ مَاتَ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ جُنَّ .. فَالأَصَحُّ: انْتِقَالُهُ إِلَى الْوَارِثِ وَالْوَليِّ. وَلَوْ تنَازَعَا فِي التَّفَرُّقِ أَوِ الْفَسْخِ قَبْلَهُ .. صُدِّقَ النَّافِي.
فصلٌ [في خيار الشرط وما يتبعه]
لَهُمَا أَوْ لِأحَدِهِمَا شَرْطُ الْخِيَارِ فِي أَنْوَاعِ الْبَيْعِ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ القَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ كَرِبَوِيٍّ وَسَلَمٍ
===
فيبطل خياره على الأصح إن لم يمنع من الخروج.
واحترز بـ (البدن): عن الروح، فلو مات أحدهما .. لم يبطل كما سيأتي.
(فلو طال مكثهما، أو قاما وتماشيا منازل .. دام خيارهما) لعدم التفرق (ويعتبر في التفرق العرفُ) فما عدّه الناس تفرقًا .. لزم به، وإلا .. فلا؛ لأن ما ليس له حدٌّ في الشرع ولا في اللغة .. يرجع فيه إلى العرف.
(ولو مات في المجلس أو جُنَّ .. فالأصح: انتقاله إلى الوارث والولي) كخيار الشرط والعيب، والثاني: يسقط؛ لأن الموت أبلغ من مفارقة البدن.
والجنون: في معنى الموت؛ بدليل إسقاط التكليف وحلول ما عليه من الديون؛ كما ذكره في "الروضة" في (باب الفلس)(1)، والإغماء: كالجنون.
(ولو تنازعا في التفرق) بأن جاءا معًا، أو قال أحدهما:(تفرقنا)، وأنكر الآخر وأراد الفسخ، (أو) في (الفسخ قبله) بأن اتفقا على التفرق وقال أحدهما:(فسخت قبله)، وأنكر الآخر ( .. صدق النافي) بيمينه، لأن الأصل دوام الاجتماع وعدم الفسخ.
* * *
(فصل: لهما أو لأحدهما شرط الخيار في أنواع البيع)(2) بالإجماع، ولا يشرع في غير البيع، كا لفسوخ، والعتاق، والإبراء، والنكاح، والإجارة.
(إلا أن يُشترط القبض في المجلس كرِبوي وسلم) فإنه لا يجوز شرطه فيه، لأنه
(1) روضة الطالبين (4/ 128 - 129).
(2)
في (ب): (لهما ولأحدهما شرط الخيار).
وَإِنَّمَا يَجُوزُ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ لَا تَزِيدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَتُحْسَبُ مِنَ الْعَقْدِ، وَقِيلَ: مِنَ التَّفَرُّقِ. وَالأَظْهَرُ: أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ .. فَمِلْكُ الْمَبِيعِ لَهُ، وَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي .. فَلَهُ، وَإِنْ كَانَ لَهُمَا .. فَمَوْقُوفٌ،
===
إذا امتنع الأجل .. امتنع الخيار بطريق الأولى.
وأورد على الحصر: المصراة؛ فلا يجوز اشتراط خيار الثلاث فيها للبائع؛ لأنه يمنع من الحلب، وتركه يضرّ بالبهيمة، وما لو اشترى من يعتق عليه؛ فإنه لا يجوز شرطه للمشتري وحده (1)، وكذا الحوالة إذا جعلناها بيعًا؛ فإنه لا خيار فيه.
(وإنما يجوز في مدة معلومة) دفعًا للغرر (لا تزيد على ثلاثة أيام) لاندفاع الحاجة بها غالبًا، فإن زاد عليها .. بطل العقد، ولا يخرج على تفريق الصفقة؛ لوجود الشرط الفاسد، وهو مبطل للعقد.
ويشترط أيضًا: أن تكون المدة متصلة بالعقد، فلو شرط الثلاث من الغد مثلًا أو فرقها .. لم يصحّ.
ويشترط: أن يكون المبيع لا يفسد في المدة، فإن كان مما يتسارع إليه الفسادُ فيها .. بطل البيع على الأصح.
(وتُحسب) المدة (من العقد) لأنه ثبت بالشرط الموجود في العقد، (وقيل: من التفرق) لأن الشارط إنما يقصد بالشرط إثباتَ ما لولا الشرط لم يثبت، والخيار ثابت قبل التفرق بالمجلس، فيكون المقصود ما بعده، وهذا ما نسبه الماوردي إلى الجمهور، وقال الإمام: ميل النصّ إليه أكثر (2).
(والأظهر) في خيار المجلس والشرط (أنه إن كان الخيار للبائع .. فمِلْك المبيع له، وإن كان للمشتري .. فله) لأنه إذا كان الخيار لأحدهما .. كان هو وحده متصرفًا في المبيع، ونفوذ التصرف دليل على الملك، (وإن كان لهما .. فموقوف) لأنهما تساويا فتوقفنا.
(1) لأنه لو ثبت له الخيار وحده .. لكان الملك له، وإذا ملكه .. عتق عليه، وإذا عتق عليه .. لم يثبت الخيار، فيلزم من ثبوته عدم ثبوته. اهـ هامش (أ).
(2)
الحاوي الكبير (6/ 78)، وانظر "نهاية المطلب"(5/ 36).
فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ .. بَانَ أَنَّهُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ حِينِ الْعَقْدِ، وَإِلَّا .. فَلِلْبَائِعِ. وَيَحْصُلُ الْفَسْخُ وَالإِجَازَةُ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِمَا؛ كَفَسَخْتُ ألْبَيع، وَرَفَعْتُهُ، وَاسْتَرْجَعْتُ الْمَبيعَ، وَفِي الإِجَازَةِ: أَجَزْتُهُ، وَأَمْضيْتُهُ. وَوَطْءُ الْبَائِعِ وَإِعْتَاقُهُ فَسْخٌ، وَكَذَا بَيْعُهُ وَإِجَارَتُهُ وَتَزْوِيجُهُ فِي الأَصَحِّ. وَالأَصَحُّ: أَنَّ هَذِهِ التَصَرُّفَاتِ مِنَ الْمُشْتَرِي إِجَازَةٌ،
===
(فإن تمّ البيع .. بان أنه للمشتري من حين العقد، وإلا .. فللبائع)، والثاني: أن الملك للمشتري مطلقًا؛ لتمام البيع بالصيغة، والثالث: أنه للبائع مطلقًا؛ استصحابًا لما كان، وتظهر فائدة الخلاف في الأكساب وما في معناها.
(ويحصل الفسخ والإجازة بلفظ يدل عليهما؛ كـ "فسخت البيع"، و"رفعته"، و"استرجعت المبيع"، وفي الإجازة: "أجزته"، و"أمضيته") وكذا: (رددت الثمن) ونحو ذلك.
(ووطءُ البائع وإعتاقه فسخ) حيث كان الخيار له أو لهما؛ لإشعار الأول باختيار الإمساك، وتضمن الثاني الفسخ، وهذا في وطء المتحقق أنوثتها، فلو أولج في قبل مشكل .. فلا يكون فسخًا ولا إجازة، فإن اختار الأنوثةَ بعده .. تعلق بالوطء السابق الحكم، قاله في "شرح المهذب" في (باب الأحداث)(1).
وخرج بـ (الوطء): مقدماته؛ كالقبلة واللمس بشهوة؛ فلا يلتحق به على الأصح في "أصل الروضة"(2).
(وكذا بيعه وإجارته وتزويجه في الأصح) لدلالتها على ظهور الندم، والثاني: لا؛ لأن الأصل بقاء العقد، فيستصحب إلى أن يوجد الفسخ صريحًا.
(والأصح: أن هذه التصرفات) أي: الوطء وما بعده (من المشتري إجازة) لأن وطء البائع اختيارٌ للمبيع، فكذا وطء المشتري، والثاني: لا، لأن الفسخ بالعيب لا يمنعه الوطء، فكذا هنا.
ومحل الخلاف في العتق والوطء إذا لم يأذن فيهما البائع، فإن أذن .. كان إجازة منهما جزمًا، وكذا الإذن في البيع وما بعده.
(1) المجموع (2/ 64).
(2)
روضة الطالبين (3/ 457).