المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القاعدة الثامنة عشرةفيما يتعلق بالطيرة والفال، فأقول: - ترتيب الفروق واختصارها - جـ ٢

[البقوري]

فهرس الكتاب

- ‌النكاح والطلاق

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها الفرق بين أنكحة الصبيان وطلاقهم

- ‌القاعدة الثانيةأقرِّرُ فيها الفرقَ بين ذوِى الأرحام والعَصَبة حتى كان للعَصَبة الولايةُ في النكاح ولم يكن ذلك لِمَن يُدْلي بجهة الأمّ

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها لِمَ كان الإِخوة في النكاح وميراثِ الولاء وصلاةِ الجنازة يُقَدَّمون على الأجداد، ولِمَ كانوا على السواء في الميراث

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها أن تحريم المصاهَرَة ليس رُتْبةً واحدة، بل هو رُتَبٌ

- ‌القاعدة السابعة

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرِر فها الفرق بين ما يَحْرُم الجمعُ بينهن من النساء وبين ما يجوز الجمعُ بينهن

- ‌القاعدة العاشرة:نقرر فيها ما يُقَرُّ من أنكحة الكفار وما لا يُقَرُّ

- ‌القاعدة الحاديةَ عشْرةَ:لِمِ كان للرجل أن يتزوج الإماء التي لغيره عند شرط ذلك، ولم يكن للمرأة الحرّة أن يتزوجها عبد لغيرها، ولا للرجل أن يتزوج إماءه، ولا للنساء أن يتزوجن عبيدهن

- ‌القاعدة الثانية عشرة:لِمَ وقع الحَجْرُ على النِّساء في الأبضاع ولم يقع الحَجْرُ عليهن في الأموال

- ‌القاعدة الثالثة عشرةأقرر فيها ما به ينعقد النكاح، وأنه يخالف البيع فيما يُشترط فيه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:لِمَ كان الثمنُ في البيع يتقرَّر بالعقد، والصَّداقُ في النكاح لا يتقرر بالعقد؟ ، هذا على قول، فإنه قد قيل: يتقرر بالعقد، وقيل أيضًا: يتقرّر النصف بالعقد

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها الفرق بين المتداعيين شيئًا، لا يقدّمُ أحدُهما على الآخر إلا بحجة ظاهرة وبين المتداعيين من الزوجين في متاع البيت يقدّمُ كل واحد منهما فيما يُشبِهُ أن يكون له

- ‌القاعدة السابعة عشرة:أقرر فيها الفرق بين الوكالة والولاية في النكاح

- ‌القاعدة الثامنة عَشرة:أقرر فيها الصريح من الطلاق وغير الصريح فأقول

- ‌القاعدة التاسعة عشرة:أُقرر فيها ما يُشترَط في الطلاق من النية وما لا يُشْترَط

- ‌القاعدة العشرون:في الفرق بين قاعدة التصرفِ في المعدوم الذي يمكن أن يتقرر في الذمة وبين ما لا يمكن أن يتقرر في الذمة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون:لِمَ كان قرْءٌ واحد يكفي في الاستبراء، وشهر واحد لمن لا تحيض لا يكفي في الاستبراء فلابد من ثلاثة أشهر، وثلاثةُ أشهر إنما جُعِلَتْ مكانَ ثلاثة قروءٍ

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرر فيه الفرق بين خيار التمليك في الزوجات وتخيير الإِمَاء في العتق حتى كان يَلزم في الزوجات ولا يَلزم في الإماء

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:في الفرق بين التخْيير والتمليك

- ‌النفقة

- ‌قواعد البيوع

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها أين يصح اجتماع العوضين لشخص واحدٍ، وأيْن لا يصح

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها الفرق بين من مَلَك أن يَمْلِكَ، هلْ يُعَدُّ مالكا أم لا، وبيْن من انعقد له سبب مطالبةِ التمليك، هل يُعَدُّ مالِكاً أمْ لا (8 م)

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها الفرق بين النقل والإِسقاط

- ‌القاعدة الرابعة:أقرر فيها بيان ما يَقبل المِلك من الأعيان والمنافع مما لا يقبله

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يجوز بيعه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة:في بيانِ ما تُؤَثِّر فيه الجهالةُ والغرَرُ مما لا تؤَثِّرُ

- ‌القاعدة الثامنة:أبين فيها ما يجوز بيعه على الصفة وما لا يجوز

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرر فيها ما به يجوز بيع الربوي بجنسه وما به لا يجوز

- ‌القاعدة العاشرة:أقرر فيها ما يدخله ربا الفضل وما لا يدخله

- ‌القاعدة الحادية عشرة:أقرّرُ فيها معنى الجهل ومعنى الغرر حتى يظهر بذلك اختلافهما

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:نُقَرر فيها ما يجوز اجتماعه مع البيع وما لا يجوز

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:أقررُ فيها ما يتعين من الأَشياءوما ل يتعين في البيع ونحوه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:أقرر فيها ما يجوز بيعه قبل قبضه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها ما يتْبَعُ العقدَ عُرفا ومالَا

- ‌القاعدة السابعةَ عشْرةَ:أقرر فيها ما يجوز به السَّلَمُ ويصح

- ‌القاعدة الثامنة عشرة في الصلح

- ‌القاعدة التاسِعة عشرة:في تقرير حكم الأهوية وتقرير حكم ما تحت الأبنيَّة

- ‌القاعدة العشرون:أقرر فيها ما معنى الذمة وما معْنَى أهلية المعاملة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:أقرر فيها ما معنى المِلْكِ وما معْنَى التصرف

- ‌القاعدة الثالثة: والعشرون:أقرر فيها ما مصلحته من العقود في اللزوم وما مصلحته عدم اللزوم

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرِر فيها ما يُمنَع فيه الجهالةُ وما يُشترَطُ فيه الجهالة بحيث لو فقِدت فَسَد

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:أقرر فيها ما يَثْبُتُ في الذمم وما لَا

- ‌الإِجارة

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها ما يملك من المنفعة بالاجارة وبيْن (1) ما لا يُملَكُ منها بالإِجارة

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها ما للمستاجِر أخْذُهُ من ماله بعد انقضاء الإجارة مِمّا ليس له أخْذُه

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها ما يضمنه الأُجَرَاءُ عند الهلاك مما لا يضمنونه

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يُضمَن بالطرح من السفن وما لا يُضْمَن

- ‌القاعدة السادسة:في الفرق بين الإِجارة والرزق، (14 م)

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين تمليك الانتفاع وتمليك المنفعة

- ‌الضمان

- ‌القاعدة الأولى:نقرر فيها ما بِهِ يكون الضمان

- ‌القاعدة الثانية: فيما يتعلق بالصائِل

- ‌القاعدة الثانية: ما يجوز التوكيل فيه مما لا يجوز

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بين الأملاك الناشئة عن الإِحياء وبين الاملاك الناشئة عن غَير الإِحياء

- ‌القاعدة الرابعة:في تقرير ما يوجبُ استحقاقُ بعضه إبطالَ العقد في الكُلِّ ممّا لَا

- ‌القاعدة السادسة: لِتمييز ما يُرَدُّ من القراض الفاسد إلى أجْرة المثل ممّا يُرَد إلى قراض المثل

- ‌القاعدة السابعة:في تقرير ما يُرَدُّ إلى مساقاة المثل ممّا يُرَدُّ إلى أجرة المِثْلِ منها

- ‌القاعدة الثامنة: في تقرير الإِقرار الذي يَقبَل الرجوعَ عنه وتمييزِه عما لا يَقبَل الرجوعَ عنه

- ‌الدعاوى والشهادات

- ‌القاعدة الأولى: في تمييز الدعوى الصحيحة من الدعوى الباطلة

- ‌القاعدة الثانية:في تمييز المدَّعي من المدعَى عليه

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بيْن ما يحتاج للدعوى وبين ما لا يحتاج إليها

- ‌القاعدة الرابعة: في تقرير اليد المعتبَرة المرجِّحة لقول صاحبها

- ‌القاعدة الخامسة: في تقرير ما تجب إجابة الحاكم فيه إذا دُعِي إليه ممّالا تجب

- ‌القاعدة السادسة: في الفرق بين قاعدة ما يُشْرَع فيه الحَبْسُ وبين قاعدة ما لا يُشَرع

- ‌القاعدة السابعة: في تقرير من يَلْزَمه الحلف

- ‌القاعدة الثامنةفي تمييز المعصية التي هي كبيرة مانعةٌ من قَبول الشهادة من التي ليست كذلك

- ‌القاعدة التاسعة: في تقرير التهمة التي ترَدُّ بها الشهادة بعد العدالة من التيلا تُرَد بها الشهادة

- ‌القاعدة العاشرة: في ذِكر ما يَصْلُحُ أن يكون مستنَداً للشهادات

- ‌القاعدة الحادية عشرة: في تقرير ما هو حُجَّةٌ عند الحكام

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في تقرير ما يقع به الترجيح في البينات عند التعارض

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في تقرير ما اعتُبر من الغالبِ وما أُلغي من الغالب

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:في تمييز ما يصح الإِقراع فيه ممّا لا

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في كيفِيةِ أداء الشاهِدِ شهادتَه عند القاضي

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في الفرق بين الفتوى والحكم

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفي تمييز ما تُشترَطُ فيه العدالة مِمَّا لا تُشترَط فيه

- ‌القاعدة التاسعة عشرة: في ضَمِّ الشهادات

- ‌كتاب الحدود وما في معناها

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير (*) ما هو شُبْهةٌ يُدْرَأُ بهَا الحدُّ ممَّا لا

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين القذف يقع بين الزوجين، وبين الأجانب

- ‌القاعدة الثالثة:أقرَرُ فيها الفرقَ بين الحدِّ والتعزيز

- ‌القاعدة الرابعة:في الفرق بين الحصانة لا تعود بالعدالة، والفسوقِ يعود بالجناية

- ‌القاعدة الخامسة: في القصاص

- ‌القاعدة السادسة:نقرْ الفرق بين المسكرات والمفسدات والمرقِّدات (46 م)، فنقول:

- ‌الفرائض

- ‌القاعدة الأولىفي تقرير ما ينتقل إلى الأقارب من الأحكام

- ‌القاعدة الثانيةفي تقرير الفرق بين أسباب التوارث وأجزاء أسبابها العامة والخاصة

- ‌القاعدة الثالثةفي تقرير أسباب التوارث وشروطِهِ وموانعه

- ‌الجامع

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير ما يحرم من البِدع ويُنْهَى عنها ممَّا ليس كذلك

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين ما هو من الدعاء كُفْرٌ وبين ما ليس بكفر

- ‌القاعدة الثالثة:في انقسام مَا ليس بكفر من الدَّعاءِ إلى مُحرَّم وغيرِ مُحرَّم

- ‌القاعدة الرابعة:في تمييز ما يُكْره من الدعاء مما ليس بمكروه

- ‌القاعدة الخامسة:في تمييز ما يجب تعلُّمُه من النجوم ممَّا لا يجب

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين الحسد والغبطة

- ‌القاعدة الثامنة:في الفرق بين التكبر والتجمل بالملابس، وبين الكِبْر والعُجْب

- ‌القاعدة التاسعةفي تقرير المداهنة الجائزة وتمييزِها عن التي لا تجوز

- ‌القاعدة العاشرة:في تمييزِ المعصية التي هي كفر عن المعصية التي ليست كفْراً

- ‌القاعدة الحاديةَ عشرةَ:في تقرير معْنَى الزهد

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في التوكل

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في الكلام على الرضَى بالقضاء

- ‌القاعدة الرابعة عشرةفي تمييز المكَفِّرات عن أسباب المثوبات

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في تمييز الخوف من غير الله الذي لا يحْرُم من الذي يحرم منه

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في تقرير ما يَلزَم الكفار إذا أسلم وما لا يَلزمه

- ‌القاعدة السابعة عشرة:في الكذِب وفي الوعد وفي خُلْف الوعْد

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفيما يتعلق بالطِيَرة والفال، فأقول:

- ‌القاعدة التاسعة عشرةفي الرؤيا التي تُعْبَرُ من التي لا تُعْبر

- ‌القاعدة العشرون:في تقرير ما يباح من عِشْرة الناس من المكارمة وما يُنهَى عنه مِنْ ذلك

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:في بيان ما يجب النهي عنه من المفاسد وما يَحرُمُ وما يُندَبُ

- ‌القاعدة الثانية والعشرونفى الفرق بين الرياء في العبادات وبين التشريك فيها

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون: فِيما به يكون التفضيل

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:فِيمن يُقَدّم للولاية ومن يتأخر عنها:

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون في الاستغفار

- ‌القاعدة السادسة والعشرون: في معنى الأفضلية والمزية

- ‌القاعدة السابعة والعشرونفي تمييز حقوق الله تعالى عن حقوق العباد

- ‌القاعدة الثامنة والعشرونفي تمييز حقوق الوالدين عن الأجانب

- ‌القاعدة التاسعة والعشرونفيما يُترَكُ من الجهل ولا يواخذُ عليه ممَّا لا

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌جدول بتصويب بعض الأخطاء المطبعية التي وقعت في الجزء الأول من هذا الكتاب

- ‌ترجمة محمد بن قاسم بن محمد بن أحمد بن محمد القوري

- ‌خاتمة

الفصل: ‌القاعدة الثامنة عشرةفيما يتعلق بالطيرة والفال، فأقول:

‌القاعدة الثامنة عشرة

فيما يتعلق بالطِيَرة والفال، فأقول:

(211)

يقال: تطيَّر وطيَّره، فالطِّيَرَة. الظن السيء الكامِنُ في القلب، والتَطُّير الفعل المرتَّبُ على سوء الظن من فرار أو غيره.

وأمّا الفالُ فهو ما يُظَنُّ عنده الخير، عكس الطِيَرة والتطير. غير أنه، تارةً يتعيَّن الخبر للخير، وتارة يكون مترددا بينهما. فالمتعين للخير مثل الكلمة يسمعها الرجل من غير قصد، نحو، يا مسعودُ، ومنه تسبية الولد أو الغلا، بالاسم الحسَن، حتى مه ى سُمِعَ استبشَر القلب، فهذا فالٌ حسن مباح، وعليهما قول عليه السلام:"كَان يحِبُّ الفال الحسن"(212).

وأما الفال الحرام فقال الطرطوشي في تعليقه: انَّ أخذ الفال في المصحف، وضَرْبَ الرمَّل والقرعة، والضرب بالشَّعير، حرامٌ جميعُ ذلك، لأنه من باب الاستقسام بالأزلام، فهو مثل الأعْواد التي كانت للجاهلية، مكتوبٌ على أحدها إفْعَلْ، وعلى الآخَر، لا تفعل، وعلى آخَر غفْل، فمتى خرج الذي غُفِلَ أعاد حتى

(211) هي موضوع الفرق السابع والستين والمائتين بين قاعدة الطّيَرَة، وقاعدة الفال الحلال المباح، والفالِ الحرام" جـ 4. ص 240، وهو من الفروق القصيرة عند الامام القرافي، ولم يعلق عليه بشيء الشيخ ابن الشاط، فرحمهما الله جميعا، ورحم كافة علماء المسلمين، وسائر المومنين والمومنات.

(212)

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طِيَرةَ، وخيْرُها الفالُ الحسن، قيل: يا رسولَ الله، وما الفال؟ قال: الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم، وفي رواية: لا طِيَرَةَ، ويعجبني الفالُ الصالح: الكلمة الحسنة، رواه الشيخان وأبو داود رحمهم الله.

وعنه أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع كلمة فأعجبته، فقال: أخذْنا فالَك مِن فِيكَ". رواه أبو داود وأبو نُعيم رحمهما الله. وذُكرتْ الطّيَرَة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أحسَنُها الفال ولا تَرُدُّ مسلما (أيْ لا تردُّهُ عن قصده بدَعوى الطِيَرة، بلْ يمضي في أمره متوكلا على الله ربه)، فإذا رأى أحدكم ما يكْره فليقل:

اللهم لا ياتي بالحسنات إلا أنتَ، ولا يدفع السيئاتِ إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك" رواه أبو داود والامام أحمد رحمهما الله.

وكذا من سمع ما يكره فليقل ذلك، ولْيَمْض في أمره متوكلا على الله ومعتمدا عليه سبحانه، عملا بقول الله تعالى:{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ} .

ص: 462

يخرج الذي عليه افعَلْ، فيمتَثِل، أو لا تفعل، فيفعل على كراهية أو يترك، (213) فمثله مَنْ أخَذَ الفال في المصحف، وما حهي في ذلك خلافا، وهذا هو المتردِّد بين الخير والشر، والأول يتعين للخير، فالاْول يبعث على حسن الظن بالله، والثاني بصَدَد اْن يكتسب سوء الظن بالله.

والطِيَرة والتطير مكروهان: (214)

أما الطِيَرة فلأنها من باب سوء الظن بالله. ثمّ المتَطيِّرُ هذا لا يكاد يَسْلمُ مما يتطير منه إذا فعله، وغيرُهُ لا يصيبه شيء من ذلك، وهذا لأنه أساء الظن بالله، وغيرُهُ لم يكن له ذلك. وقال الله تعالى (أيْ في الحديث القدْسي):"أنا عند ظن عبدي بي فليظُنَّ بي ما شاء"، وفي بعض الطرق: فلْيظُنَّ بي خيرا. (215)

ثم ان هذا المَقام يحتاج إلى تفريق فيقال:

إذا ظن ذلك لغير سَبب يقتضيه عادة فحينئذ يكون الامر كذلك، وإلَّا فَمَنْ خاف مما جرت العادة بأنه مُؤذٍ كالسموم والسباع والولاء ومعاداة الناس، وما هو من هذا النوع لا يكون حراما، لأنه خوْف من سبب محقَّقٍ في مجرى العادة. وقد نقل صاحب القبس عن بعض العلماء أن قول النبي صلى الله عليه وسلم:"لا عَدْوى" ليْس

(213) هذا معنى الأزلام كما ذكر المؤلف، والتي هي عبارة عن أعواد تُكتَبُ عليها تلك الكلماتُ للتفاؤل أو التشاؤم والتطير فها. والاستقسام معناه طلب القَسْم، أي طلب ظهور ما فيه الخير فيتبعه المستقسِمُ، أو ما فيه الشر فيتركه، على زَعْم أهل الجاهلية قبل الاسلامِ. والاستقسامُ

كالأزلام، والنهيُ عنه، ورَدَ ذكره في قول الله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} . سورة المائدة. الآيات: 90، 91، 92.

(214)

هذه الفقرة هي بداية الكلام عند الفراق على الفرق السادس والستين والمائتين بين قاعدة التطيُّر وقاعدة الطِيَرة، وما يَحْرمُ منهما وما لا يَحْرُم". جـ 4. ص 238. ولم يعلق عليه بشيء، الشيخ ابن الشاط رحمه الله.

(215)

أيْ في الحديث القدسي الذي يرويه النبي صلى الله عليه وسلم ويتحدث فيه عن ربه، أن الله تعالى يقول:"أنا عند ظن عبدي بي"، رواه الشيخان والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه. وعنه أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال:"حُسْن الظن من حسن العبادة". رواه أبو داود.

ص: 463

على إطلاقه في بعض الأمراض، لأجْل تحذيره من القُدوم على الوباء، (216) وهذا هو الشأن في مضي القلب على الحكم بمجْرَى العادات، ومن لم يمض على ذلك آل به الأمرُ إلى أن من لم يُقطع رأسه لا يموت، وما أشبه هذا، وذلك يجرُّ إلى الخروج عن نمط العقلاء، وهذا لأن الأكثريَّ كالمطرد الذي لا ينخرم، يتبعهما العقلاء، ولا مذمة تلحقهم على ذلك شرعا، بَلْ المذمَّة تَلحقهم لمخالفتها. وهذا القسم كشراء الصابون يوم السبت ونحو هذا من هذَيان العوام.

ومن الأشياء ما هو قريب من أحد القسمين ولم يتمحض، كالعدوَى في بعض الأمراض ونحوه، فالورَع ترْك الخوف منه حذراً من ألطِيرة.

ومن ذلك، الشؤمُ الوارد في الأحاديث، ففي الصحاح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن الشؤم في ثلاث: في الدار والمرأة والفَرَس"(217)، وفي بعضها: "إن

(216) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا عدْوَى، ولا طيَرَةَ، ولا هامةَ، ولا صفر، وفِرَّ من المجذوم كما تفِرُّ من الاسد". رواه البخاري في الجذام. وقال:"لا تُورِدُوا المُمْرِض على المُصِح" .. رواه الشيخان وأبو داود عن أبي هريرة.

وعنه ايضا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا عدوى ولا صفرَ ولا هامةَ، فقال أعرابي: يا رسول الله، فما بالُ الابل تكون في الرمل كأنها الظاء (أي الغزلانَ في سلامتها وخفة حركتها)، فيخالطها البعير الأجرب فيجربها كلها، قال صلى الله عليه وسلم: فَمَنْ أعدَى الأول؟ (أي من أنزل به ما نزل، ومن أصابه بما أصيب به من الجرب؟ ، فاراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينبه الاعرابي إلى أن ذلك قدَرٌ من الله، وانَّهُ لا يقعُ ولا يكون في مُلْكِه إلا ما أراده الله سبحانه.

والمراد بالعدوى: مريان المرض من المريض، وانتقالُه منه إلى غيره.

والهامة طائر من الطيور او طائر البُوم، إذا سقط في مكان أو سُمِع صوته تشاءم منه أهل ذلك المكان، أو غير ذلك من الدواب تصيح فيتشَآمُ الناس منها.

وصفر، وراد به شهر صفر، حيث كادْ أهل الجاهلية يُحفونه عاما، (فيبيحُون فيه القتال بينهم، ويحرمونه عاما، أي يعتبرونه أحد الاشهر الحرم الاربعة، فيجعلونه في محل رجب أو غيرها، فيحرمون فيه القتال ويمنعونه بينهم، فنفى صلى الله عليه وسلم تلك الاعتقادات الفاسدةَ، وأرشدَ الناسَ ودعاهم إلى حسن الظن بالله وإلى التوكل والاعتماد عليه سبحانه، وهو المدبّر للأمور، والمصَرِّف للأحوال، ولا تعارضَ بين هده الاحاديث، فلكل فها معنى توجيهٌ يجْعَلُهُ يلتقِي مع الآخر، فنَفْىُ العدوى يعنى أن المرض لا يُعْدِى بطبعه، وإنما يعدي بأمر الله وقدره، والأمر

بالفِرارِ من المريض مَرَضاً قد يتأذى منهُ الانسان، يعني الارشاد إلى الاحتياط، مع التوكل على الله والتحصن به سبحانه، فهو الحافظ اللطيف الخبيرُ. والفاعل لما يريد ويختار.

(217)

عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا عَدْوَى ولا طِيرَة، إنما الشؤمُ في ثلاث: في الفَرَس، والمرأة والدَّار" متفق عليه بين البخاري ومسلم. وأخرجه كذلك أبو داود والترمذي، رحمهم الله جميعا.

ص: 464