المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القاعدة السابعة والعشرونفي تمييز حقوق الله تعالى عن حقوق العباد - ترتيب الفروق واختصارها - جـ ٢

[البقوري]

فهرس الكتاب

- ‌النكاح والطلاق

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها الفرق بين أنكحة الصبيان وطلاقهم

- ‌القاعدة الثانيةأقرِّرُ فيها الفرقَ بين ذوِى الأرحام والعَصَبة حتى كان للعَصَبة الولايةُ في النكاح ولم يكن ذلك لِمَن يُدْلي بجهة الأمّ

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها لِمَ كان الإِخوة في النكاح وميراثِ الولاء وصلاةِ الجنازة يُقَدَّمون على الأجداد، ولِمَ كانوا على السواء في الميراث

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها أن تحريم المصاهَرَة ليس رُتْبةً واحدة، بل هو رُتَبٌ

- ‌القاعدة السابعة

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرِر فها الفرق بين ما يَحْرُم الجمعُ بينهن من النساء وبين ما يجوز الجمعُ بينهن

- ‌القاعدة العاشرة:نقرر فيها ما يُقَرُّ من أنكحة الكفار وما لا يُقَرُّ

- ‌القاعدة الحاديةَ عشْرةَ:لِمِ كان للرجل أن يتزوج الإماء التي لغيره عند شرط ذلك، ولم يكن للمرأة الحرّة أن يتزوجها عبد لغيرها، ولا للرجل أن يتزوج إماءه، ولا للنساء أن يتزوجن عبيدهن

- ‌القاعدة الثانية عشرة:لِمَ وقع الحَجْرُ على النِّساء في الأبضاع ولم يقع الحَجْرُ عليهن في الأموال

- ‌القاعدة الثالثة عشرةأقرر فيها ما به ينعقد النكاح، وأنه يخالف البيع فيما يُشترط فيه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:لِمَ كان الثمنُ في البيع يتقرَّر بالعقد، والصَّداقُ في النكاح لا يتقرر بالعقد؟ ، هذا على قول، فإنه قد قيل: يتقرر بالعقد، وقيل أيضًا: يتقرّر النصف بالعقد

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها الفرق بين المتداعيين شيئًا، لا يقدّمُ أحدُهما على الآخر إلا بحجة ظاهرة وبين المتداعيين من الزوجين في متاع البيت يقدّمُ كل واحد منهما فيما يُشبِهُ أن يكون له

- ‌القاعدة السابعة عشرة:أقرر فيها الفرق بين الوكالة والولاية في النكاح

- ‌القاعدة الثامنة عَشرة:أقرر فيها الصريح من الطلاق وغير الصريح فأقول

- ‌القاعدة التاسعة عشرة:أُقرر فيها ما يُشترَط في الطلاق من النية وما لا يُشْترَط

- ‌القاعدة العشرون:في الفرق بين قاعدة التصرفِ في المعدوم الذي يمكن أن يتقرر في الذمة وبين ما لا يمكن أن يتقرر في الذمة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون:لِمَ كان قرْءٌ واحد يكفي في الاستبراء، وشهر واحد لمن لا تحيض لا يكفي في الاستبراء فلابد من ثلاثة أشهر، وثلاثةُ أشهر إنما جُعِلَتْ مكانَ ثلاثة قروءٍ

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرر فيه الفرق بين خيار التمليك في الزوجات وتخيير الإِمَاء في العتق حتى كان يَلزم في الزوجات ولا يَلزم في الإماء

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:في الفرق بين التخْيير والتمليك

- ‌النفقة

- ‌قواعد البيوع

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها أين يصح اجتماع العوضين لشخص واحدٍ، وأيْن لا يصح

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها الفرق بين من مَلَك أن يَمْلِكَ، هلْ يُعَدُّ مالكا أم لا، وبيْن من انعقد له سبب مطالبةِ التمليك، هل يُعَدُّ مالِكاً أمْ لا (8 م)

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها الفرق بين النقل والإِسقاط

- ‌القاعدة الرابعة:أقرر فيها بيان ما يَقبل المِلك من الأعيان والمنافع مما لا يقبله

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يجوز بيعه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة:في بيانِ ما تُؤَثِّر فيه الجهالةُ والغرَرُ مما لا تؤَثِّرُ

- ‌القاعدة الثامنة:أبين فيها ما يجوز بيعه على الصفة وما لا يجوز

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرر فيها ما به يجوز بيع الربوي بجنسه وما به لا يجوز

- ‌القاعدة العاشرة:أقرر فيها ما يدخله ربا الفضل وما لا يدخله

- ‌القاعدة الحادية عشرة:أقرّرُ فيها معنى الجهل ومعنى الغرر حتى يظهر بذلك اختلافهما

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:نُقَرر فيها ما يجوز اجتماعه مع البيع وما لا يجوز

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:أقررُ فيها ما يتعين من الأَشياءوما ل يتعين في البيع ونحوه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:أقرر فيها ما يجوز بيعه قبل قبضه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها ما يتْبَعُ العقدَ عُرفا ومالَا

- ‌القاعدة السابعةَ عشْرةَ:أقرر فيها ما يجوز به السَّلَمُ ويصح

- ‌القاعدة الثامنة عشرة في الصلح

- ‌القاعدة التاسِعة عشرة:في تقرير حكم الأهوية وتقرير حكم ما تحت الأبنيَّة

- ‌القاعدة العشرون:أقرر فيها ما معنى الذمة وما معْنَى أهلية المعاملة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:أقرر فيها ما معنى المِلْكِ وما معْنَى التصرف

- ‌القاعدة الثالثة: والعشرون:أقرر فيها ما مصلحته من العقود في اللزوم وما مصلحته عدم اللزوم

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرِر فيها ما يُمنَع فيه الجهالةُ وما يُشترَطُ فيه الجهالة بحيث لو فقِدت فَسَد

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:أقرر فيها ما يَثْبُتُ في الذمم وما لَا

- ‌الإِجارة

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها ما يملك من المنفعة بالاجارة وبيْن (1) ما لا يُملَكُ منها بالإِجارة

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها ما للمستاجِر أخْذُهُ من ماله بعد انقضاء الإجارة مِمّا ليس له أخْذُه

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها ما يضمنه الأُجَرَاءُ عند الهلاك مما لا يضمنونه

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يُضمَن بالطرح من السفن وما لا يُضْمَن

- ‌القاعدة السادسة:في الفرق بين الإِجارة والرزق، (14 م)

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين تمليك الانتفاع وتمليك المنفعة

- ‌الضمان

- ‌القاعدة الأولى:نقرر فيها ما بِهِ يكون الضمان

- ‌القاعدة الثانية: فيما يتعلق بالصائِل

- ‌القاعدة الثانية: ما يجوز التوكيل فيه مما لا يجوز

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بين الأملاك الناشئة عن الإِحياء وبين الاملاك الناشئة عن غَير الإِحياء

- ‌القاعدة الرابعة:في تقرير ما يوجبُ استحقاقُ بعضه إبطالَ العقد في الكُلِّ ممّا لَا

- ‌القاعدة السادسة: لِتمييز ما يُرَدُّ من القراض الفاسد إلى أجْرة المثل ممّا يُرَد إلى قراض المثل

- ‌القاعدة السابعة:في تقرير ما يُرَدُّ إلى مساقاة المثل ممّا يُرَدُّ إلى أجرة المِثْلِ منها

- ‌القاعدة الثامنة: في تقرير الإِقرار الذي يَقبَل الرجوعَ عنه وتمييزِه عما لا يَقبَل الرجوعَ عنه

- ‌الدعاوى والشهادات

- ‌القاعدة الأولى: في تمييز الدعوى الصحيحة من الدعوى الباطلة

- ‌القاعدة الثانية:في تمييز المدَّعي من المدعَى عليه

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بيْن ما يحتاج للدعوى وبين ما لا يحتاج إليها

- ‌القاعدة الرابعة: في تقرير اليد المعتبَرة المرجِّحة لقول صاحبها

- ‌القاعدة الخامسة: في تقرير ما تجب إجابة الحاكم فيه إذا دُعِي إليه ممّالا تجب

- ‌القاعدة السادسة: في الفرق بين قاعدة ما يُشْرَع فيه الحَبْسُ وبين قاعدة ما لا يُشَرع

- ‌القاعدة السابعة: في تقرير من يَلْزَمه الحلف

- ‌القاعدة الثامنةفي تمييز المعصية التي هي كبيرة مانعةٌ من قَبول الشهادة من التي ليست كذلك

- ‌القاعدة التاسعة: في تقرير التهمة التي ترَدُّ بها الشهادة بعد العدالة من التيلا تُرَد بها الشهادة

- ‌القاعدة العاشرة: في ذِكر ما يَصْلُحُ أن يكون مستنَداً للشهادات

- ‌القاعدة الحادية عشرة: في تقرير ما هو حُجَّةٌ عند الحكام

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في تقرير ما يقع به الترجيح في البينات عند التعارض

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في تقرير ما اعتُبر من الغالبِ وما أُلغي من الغالب

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:في تمييز ما يصح الإِقراع فيه ممّا لا

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في كيفِيةِ أداء الشاهِدِ شهادتَه عند القاضي

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في الفرق بين الفتوى والحكم

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفي تمييز ما تُشترَطُ فيه العدالة مِمَّا لا تُشترَط فيه

- ‌القاعدة التاسعة عشرة: في ضَمِّ الشهادات

- ‌كتاب الحدود وما في معناها

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير (*) ما هو شُبْهةٌ يُدْرَأُ بهَا الحدُّ ممَّا لا

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين القذف يقع بين الزوجين، وبين الأجانب

- ‌القاعدة الثالثة:أقرَرُ فيها الفرقَ بين الحدِّ والتعزيز

- ‌القاعدة الرابعة:في الفرق بين الحصانة لا تعود بالعدالة، والفسوقِ يعود بالجناية

- ‌القاعدة الخامسة: في القصاص

- ‌القاعدة السادسة:نقرْ الفرق بين المسكرات والمفسدات والمرقِّدات (46 م)، فنقول:

- ‌الفرائض

- ‌القاعدة الأولىفي تقرير ما ينتقل إلى الأقارب من الأحكام

- ‌القاعدة الثانيةفي تقرير الفرق بين أسباب التوارث وأجزاء أسبابها العامة والخاصة

- ‌القاعدة الثالثةفي تقرير أسباب التوارث وشروطِهِ وموانعه

- ‌الجامع

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير ما يحرم من البِدع ويُنْهَى عنها ممَّا ليس كذلك

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين ما هو من الدعاء كُفْرٌ وبين ما ليس بكفر

- ‌القاعدة الثالثة:في انقسام مَا ليس بكفر من الدَّعاءِ إلى مُحرَّم وغيرِ مُحرَّم

- ‌القاعدة الرابعة:في تمييز ما يُكْره من الدعاء مما ليس بمكروه

- ‌القاعدة الخامسة:في تمييز ما يجب تعلُّمُه من النجوم ممَّا لا يجب

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين الحسد والغبطة

- ‌القاعدة الثامنة:في الفرق بين التكبر والتجمل بالملابس، وبين الكِبْر والعُجْب

- ‌القاعدة التاسعةفي تقرير المداهنة الجائزة وتمييزِها عن التي لا تجوز

- ‌القاعدة العاشرة:في تمييزِ المعصية التي هي كفر عن المعصية التي ليست كفْراً

- ‌القاعدة الحاديةَ عشرةَ:في تقرير معْنَى الزهد

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في التوكل

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في الكلام على الرضَى بالقضاء

- ‌القاعدة الرابعة عشرةفي تمييز المكَفِّرات عن أسباب المثوبات

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في تمييز الخوف من غير الله الذي لا يحْرُم من الذي يحرم منه

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في تقرير ما يَلزَم الكفار إذا أسلم وما لا يَلزمه

- ‌القاعدة السابعة عشرة:في الكذِب وفي الوعد وفي خُلْف الوعْد

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفيما يتعلق بالطِيَرة والفال، فأقول:

- ‌القاعدة التاسعة عشرةفي الرؤيا التي تُعْبَرُ من التي لا تُعْبر

- ‌القاعدة العشرون:في تقرير ما يباح من عِشْرة الناس من المكارمة وما يُنهَى عنه مِنْ ذلك

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:في بيان ما يجب النهي عنه من المفاسد وما يَحرُمُ وما يُندَبُ

- ‌القاعدة الثانية والعشرونفى الفرق بين الرياء في العبادات وبين التشريك فيها

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون: فِيما به يكون التفضيل

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:فِيمن يُقَدّم للولاية ومن يتأخر عنها:

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون في الاستغفار

- ‌القاعدة السادسة والعشرون: في معنى الأفضلية والمزية

- ‌القاعدة السابعة والعشرونفي تمييز حقوق الله تعالى عن حقوق العباد

- ‌القاعدة الثامنة والعشرونفي تمييز حقوق الوالدين عن الأجانب

- ‌القاعدة التاسعة والعشرونفيما يُترَكُ من الجهل ولا يواخذُ عليه ممَّا لا

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌جدول بتصويب بعض الأخطاء المطبعية التي وقعت في الجزء الأول من هذا الكتاب

- ‌ترجمة محمد بن قاسم بن محمد بن أحمد بن محمد القوري

- ‌خاتمة

الفصل: ‌القاعدة السابعة والعشرونفي تمييز حقوق الله تعالى عن حقوق العباد

وأين عمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ غير أنه يجوز أن يحصل للمفضول مالا يحصل للفاضل، ومثل هذا كثير، حتَّى إنه في الموجودات النباتية، فقد يوجد في الشعير من الفضائل مالا يوجد في البُرِّ، وفي المعدنية كالنحاس ما ليس في الذهب.

‌القاعدة السابعة والعشرون

في تمييز حقوق الله تعالى عن حقوق العباد

. (305)

فحقُّ الله تعالى أمرُه ونهيْه، (306) وحقُّ العباد مصالحهم، (307).

والتكاليف على ثلاثة أقسام: حق الله تعالى فقط كالإِيمان وتحريمِ الكفر، (308) وحقُّ العبيد فقط كالدُّيُون (309)، وقسم اختُلِفَ فيه، هل يغلَّبُ فيه

سليمان صلى الله عليه وسلم: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: 35]، فرده الله خاسئاً". قال شارحه الإِمام النووي رحمه الله: هكذا هو في مسلم، "يَفْتِكُ، وفي رواية البخاري: "تَفَلّتَ"، والفَتْكُ هو الأخْذُ في غفلة وخديعة، والعفريت هو المعاني المار من الجن، ومعتى فدعَتُّه بذال معجمة وخفيف العيْن المهملة أيْ خنَقتُهُ، قال الإِمام مسلم: وفي رواية أبي بكر ابن أبي شيبة: فدَعَتُّه بالدَّال المهملة، وهو صحيح أيضا، ومعناه دفعتُه دفعاً شديدا، والدعتُ والدعُّ الدفع الشديد، وأنكَر الخطّابي المهملة وقال: لا يصح، وصحَّحَها غيرُهُ وصوبوها، وإن كانت المعجمة أوضحَ وأشهر، وفي الحديث دليل علي جواز

العمل القليل في الصلاة".

(305)

هي موضوع الفرق الثاني والعشرين بين قاعدة حقوق الله تعالى وقاعدة حقوق العباد". جـ 1. . ص 104.

(306)

علق الشيخ ابن الشاط على هذه الجملة عند الإِمام القرافي رحمه الله، فقال:"قلت: بَل حقُ الله تعالى مُتعلقُ أمره ونهيه، وهو عبادته. قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حق الله على العبادَ أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا".

(307)

قال ابن الشاط: إن أراد حقه (أي العبد) على الله تعالى فإنما ذلك مُلزِم عبادتَه إياه، وهو أن يدخله الجنة ويخلصه من النار، وإن أراد حقَه على الجملة، أي الأمر الذي يستقيم به في أولاه وأخراه، فمصالحه"، أي فذلك أو فتلك مصالحه، حيث يستقيم العبد في أموره وأحواله، ويسعد بذلك في دنياه ودينه، تفضلا من الله ونعمة منه سبحانه على عبده المومن المطيع.

(308)

قال ابن الشاط: قد تقدَّم أن حق الله تعالى على عباده عبادتُهُم إياه، فإن أراد ذلك فصحيح، وإلا فلا.

(309)

قال ابن الشاط: تمثيله هذا يُشْعِرُ لأنه يريد حقوق بعضهم على بعض، وقولُه قَبلُ: حقهُ (اي العبد او العباد) مصالحهم، يُشْعِر بأنه يريد حقوقهم على الجملة.

ص: 518

حق الله تعالى أوْ حقُّ العبْدِ كحد القذف. ونعْني بحق العبد، المحضَ الذي لو أسقطه لسقط، وإلا فما من حق للعبد إلا وفيه حق الله تعالى، وهو أمرُهُ بإيصال ذلك الحق إلى مستحِقه، فيوجَد حق الله تعالى بدون حق العبد، ولا يوجد حق العبد بدون حق الله تعالى. (310)

وكثير من الحقوق التي لله تعالى وليس للعبد إسقاطها هي مصالح للعبد كتحريم الربا، وتحريمِ تضييع المال، (311) وتحريمِ المسْكِرات، وتحريم السرِقَة، وتحريم القتل، وتحريم الغِيبة، فهذه كلها مشتملة على مصالح العبيد. (312)

(310) قال ابن الشاط، بعْدَ أن قرر القرافي قبلُ، أن حقّ العبد مصالحه على الِإطلاق: قصَر كلامه على بعض ما يتناوله ذلك الإِطلاق من التفاصيل، وهو حَقُّ بعضٍ العباد على بعض، وترك الكلام على غير ذلك من مصالح العباد، فلم يكن كلامه منتظِما كما يجبُ.

(311)

زاد القرافي قوله: ولو رضى العبد بذلك لم يُعْتَبر رضاه.

وقال ابن الشاط: ما قاله القرافي في ذلك صحيح.

(312)

عبارة القرافي ذكرت هذه الحقوق مع بيان حكمتها ومقاصدها، حيث جاء فيها قوله:

"وكذلك تحريمه تعالى السكراتِ، صونا لمصلحة عقل العبد عليه، وحرَّم السرقة صونا لماله، والزنى صونا لنسبِه، والقذْفَ صونا لعِرضه، والقتل والجَرح صونا لمهجته وأعضائه ومنافعها عليه، ولو رضي العبد بإسقاط حقه من ذلك لم يُعتَبر رضاه ولم ينفَّذْ إسقاطه.

وعقب عليِه ابن الشاط بقوله: أما في القتل والجرح فرضاه معتبَر، وإسقاطه نافذٌ.

قلت: وبهذه العبارة والفقرة للقرافي يظهر نوع من الاختصار وجانبٌ من الايجاز عند البقوري رحمه الله، مما سأتناوله في دراسة لاحقة وخاصة بهذا العالم الجليل وكتابهِ هذا إن شاء الله وبعونه وتوفيقه، فقد اختصر فيه الإِشارة إلى القاصد التي لأجلها حرم الشرَع تلك الأمور ونهى عن ارتكابها والوقوع فيها.

وهي المقاصد الضرورية التي جاءت بها وبحفظها كلَّ ملة، وجمعتها الشريعة الإسلامية، واسْتوعبَتْها الملة المحمدية التي ختم الله بها النبوة والرسالة، وفي ذلك يقول بعضهم:

الدّين والنفس وعقلٌ ونسَبْ

والمالُ والعرض فحفظُها وجَبْ

في كل ملة لحكمة أتتْ

حُدُودها من أجْلها قد حُفِظتْ

وهو مضمون بيت عند الشيخ اللقاني في منظومته جرهرة التوحيد، حيث جاء فيه:

وحِفْظُ دين ثم نفسِ مالٍ نَسَبٍ

ومثلُها عَقْلٌ وعِرضْ قد وجَبَ

وختم القرافي هذه الفقرة بقوله في هذه المسائل المشتملة على مصالح العباد عند التأمل واستعمال النظر، فقال: فتأمل ذلك بها ذكرتهُ لك من النظائر تجده، فتحجير اللهِ على العبد في هذه المواطن لطفا به، ورحمةً من الحق سبحانه.

ص: 519

قال شهاب الدين رحمه الله: في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: "حق الله على العبيد أن يعبُدوه ولا يشركوا به شيئا"، فهذا يقتضي أن حق الله تعالى نفس الفعل لا الأمرُ به، وهو خلاف ما قلناه. والظاهر أن الحديث أوِّلَ، وأنه من باب إطلاق الأمر على متعلّقه، فأطلق الحقَّ على متعلَّقه الذي هو الفعل. (313)

(313) قلت: أورد القرافي رحمه الله هذه الفقرة تحت عنوان "تنبيه"، فذكرَ أن ما تقدتم له من أن حق الله تعالى أمرُهُ ونَهْيه، أمر مشكِل، ثم أتي بالحديث المذكور إلى آخِرِ كلامه في هذه الفقرة عند البقوري رحمه الله.

وقد علق الشيخ ابن الشاط على ذلك بقوله:

جميع ما قاله القرافي هنا غير صحيح، وهو نقيض الحق وخلاف الصواب، بل الحق والصواب ما اقتضاه ظاهر الحديث من أن الحق هو غير العبادة، لا الأمرُ المتَعلِّق بها.

ثم زاد ابن الشاط قائلا: ومِنْ أعجب الأمور قوله: "فظاهره (اي الحديث) معارض لما حَرَّره العلماء من حق الله تعالى، كيفَ يحرر العلماء ما يخالف قول الصادق المصْدوق؟ !

ويَاليْتَ شعْرِي، مَنْ هؤلاء العلماء؟ كيف يصح القول بأن حقَّ الله تعالى هو أمرُه ونهْيُهُ، والحَقُّ معناه: اللازم له على عباده، واللازم على العباد لابدَّ أن يكون مكتسَباً لهم، كيف يصح أن يتعلق الكسْبُ بأمره، وهو كلامُه وصفتُهُ القديمة، وهذا كله كلام من ليس بن التحصيل بسبيل، والحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدى لولا أن هدانا الله.

قلت: يظهر - والله أعلم - أن كلام كل من هذين العالمين الجليلين، والفقيهين الفاضلين: القرافي وابن الشاط رحمهما الله يحتاج إلى تأمل ونظر، لعله يجد فهما صحيحا ووجهاً سليماً ومَحْمِلا مقبولا يجعل كلام كل منهما صائبا وسديدا يمكن معه التوفيق بينهما. وبيان ذلك أن يقال: حق الله تعالى على عباده هو أمره نهيه، كما قال القرافي وبعض العلماء، على اعتبار أن ذلك من حق الله سبحانه وأنه أهل له، فهو رب العالمين العليم الحكيم، خالق الكون والناس اجمعين، ومن حقه سبحانه وتعالى كذلك على عباده أن يعبدوه ويطيعوه بما أمرهم به من الواجبات، وما نهاهم عنه من المنهيات، وأن يخضعوا له بكل ذلك، ويخلصوا له الدين فيه، وكل دلالةٍ منفردةٍ. للحق بهذا المعنى، مُسَلَّمةٌ عند العلماء وغيرهم من كافة المسلمين، وعلى هذا، يصدق حق الله تعالى في دلالته على الأمرين معا وشموليته لهما، ويجمع بين أقوال العلماء في ذلك على هذا الأساس والفهم والتأويل القريب.

فالتحقيق الذي حرره العلماء في دلالة حق الله على أمره ونهيه سبحانه لعباده، وانتهوْا إليه نظريا، وحكاه القرافي عنهم، لا ينبغي أن يُفهَم على أنهم حرروا ما يخالف قول النبي صلى الله عليه وسلم، فهُم رضي الله عهم- في مُجْملهم وَجميعهم اكثر الناس ورَعا، وتقوى وخشية من الله، وهم أوسع. الناس وأدقهم فهماً لكماب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهم لذلك أبعد الناس على المخالفة والابتداع، وأحرصُهم على الموافقة والاتباع، والاقتداء بنبيهم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وهو الأسوة الحسنة لمن كان ورجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا. وما قد يصدر =

ص: 520