المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القاعدة السابعة عشرة:أقرر فيها ما يجوز به السلم ويصح - ترتيب الفروق واختصارها - جـ ٢

[البقوري]

فهرس الكتاب

- ‌النكاح والطلاق

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها الفرق بين أنكحة الصبيان وطلاقهم

- ‌القاعدة الثانيةأقرِّرُ فيها الفرقَ بين ذوِى الأرحام والعَصَبة حتى كان للعَصَبة الولايةُ في النكاح ولم يكن ذلك لِمَن يُدْلي بجهة الأمّ

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها لِمَ كان الإِخوة في النكاح وميراثِ الولاء وصلاةِ الجنازة يُقَدَّمون على الأجداد، ولِمَ كانوا على السواء في الميراث

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها أن تحريم المصاهَرَة ليس رُتْبةً واحدة، بل هو رُتَبٌ

- ‌القاعدة السابعة

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرِر فها الفرق بين ما يَحْرُم الجمعُ بينهن من النساء وبين ما يجوز الجمعُ بينهن

- ‌القاعدة العاشرة:نقرر فيها ما يُقَرُّ من أنكحة الكفار وما لا يُقَرُّ

- ‌القاعدة الحاديةَ عشْرةَ:لِمِ كان للرجل أن يتزوج الإماء التي لغيره عند شرط ذلك، ولم يكن للمرأة الحرّة أن يتزوجها عبد لغيرها، ولا للرجل أن يتزوج إماءه، ولا للنساء أن يتزوجن عبيدهن

- ‌القاعدة الثانية عشرة:لِمَ وقع الحَجْرُ على النِّساء في الأبضاع ولم يقع الحَجْرُ عليهن في الأموال

- ‌القاعدة الثالثة عشرةأقرر فيها ما به ينعقد النكاح، وأنه يخالف البيع فيما يُشترط فيه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:لِمَ كان الثمنُ في البيع يتقرَّر بالعقد، والصَّداقُ في النكاح لا يتقرر بالعقد؟ ، هذا على قول، فإنه قد قيل: يتقرر بالعقد، وقيل أيضًا: يتقرّر النصف بالعقد

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها الفرق بين المتداعيين شيئًا، لا يقدّمُ أحدُهما على الآخر إلا بحجة ظاهرة وبين المتداعيين من الزوجين في متاع البيت يقدّمُ كل واحد منهما فيما يُشبِهُ أن يكون له

- ‌القاعدة السابعة عشرة:أقرر فيها الفرق بين الوكالة والولاية في النكاح

- ‌القاعدة الثامنة عَشرة:أقرر فيها الصريح من الطلاق وغير الصريح فأقول

- ‌القاعدة التاسعة عشرة:أُقرر فيها ما يُشترَط في الطلاق من النية وما لا يُشْترَط

- ‌القاعدة العشرون:في الفرق بين قاعدة التصرفِ في المعدوم الذي يمكن أن يتقرر في الذمة وبين ما لا يمكن أن يتقرر في الذمة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون:لِمَ كان قرْءٌ واحد يكفي في الاستبراء، وشهر واحد لمن لا تحيض لا يكفي في الاستبراء فلابد من ثلاثة أشهر، وثلاثةُ أشهر إنما جُعِلَتْ مكانَ ثلاثة قروءٍ

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرر فيه الفرق بين خيار التمليك في الزوجات وتخيير الإِمَاء في العتق حتى كان يَلزم في الزوجات ولا يَلزم في الإماء

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:في الفرق بين التخْيير والتمليك

- ‌النفقة

- ‌قواعد البيوع

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها أين يصح اجتماع العوضين لشخص واحدٍ، وأيْن لا يصح

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها الفرق بين من مَلَك أن يَمْلِكَ، هلْ يُعَدُّ مالكا أم لا، وبيْن من انعقد له سبب مطالبةِ التمليك، هل يُعَدُّ مالِكاً أمْ لا (8 م)

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها الفرق بين النقل والإِسقاط

- ‌القاعدة الرابعة:أقرر فيها بيان ما يَقبل المِلك من الأعيان والمنافع مما لا يقبله

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يجوز بيعه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة:في بيانِ ما تُؤَثِّر فيه الجهالةُ والغرَرُ مما لا تؤَثِّرُ

- ‌القاعدة الثامنة:أبين فيها ما يجوز بيعه على الصفة وما لا يجوز

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرر فيها ما به يجوز بيع الربوي بجنسه وما به لا يجوز

- ‌القاعدة العاشرة:أقرر فيها ما يدخله ربا الفضل وما لا يدخله

- ‌القاعدة الحادية عشرة:أقرّرُ فيها معنى الجهل ومعنى الغرر حتى يظهر بذلك اختلافهما

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:نُقَرر فيها ما يجوز اجتماعه مع البيع وما لا يجوز

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:أقررُ فيها ما يتعين من الأَشياءوما ل يتعين في البيع ونحوه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:أقرر فيها ما يجوز بيعه قبل قبضه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها ما يتْبَعُ العقدَ عُرفا ومالَا

- ‌القاعدة السابعةَ عشْرةَ:أقرر فيها ما يجوز به السَّلَمُ ويصح

- ‌القاعدة الثامنة عشرة في الصلح

- ‌القاعدة التاسِعة عشرة:في تقرير حكم الأهوية وتقرير حكم ما تحت الأبنيَّة

- ‌القاعدة العشرون:أقرر فيها ما معنى الذمة وما معْنَى أهلية المعاملة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:أقرر فيها ما معنى المِلْكِ وما معْنَى التصرف

- ‌القاعدة الثالثة: والعشرون:أقرر فيها ما مصلحته من العقود في اللزوم وما مصلحته عدم اللزوم

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرِر فيها ما يُمنَع فيه الجهالةُ وما يُشترَطُ فيه الجهالة بحيث لو فقِدت فَسَد

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:أقرر فيها ما يَثْبُتُ في الذمم وما لَا

- ‌الإِجارة

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها ما يملك من المنفعة بالاجارة وبيْن (1) ما لا يُملَكُ منها بالإِجارة

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها ما للمستاجِر أخْذُهُ من ماله بعد انقضاء الإجارة مِمّا ليس له أخْذُه

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها ما يضمنه الأُجَرَاءُ عند الهلاك مما لا يضمنونه

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يُضمَن بالطرح من السفن وما لا يُضْمَن

- ‌القاعدة السادسة:في الفرق بين الإِجارة والرزق، (14 م)

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين تمليك الانتفاع وتمليك المنفعة

- ‌الضمان

- ‌القاعدة الأولى:نقرر فيها ما بِهِ يكون الضمان

- ‌القاعدة الثانية: فيما يتعلق بالصائِل

- ‌القاعدة الثانية: ما يجوز التوكيل فيه مما لا يجوز

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بين الأملاك الناشئة عن الإِحياء وبين الاملاك الناشئة عن غَير الإِحياء

- ‌القاعدة الرابعة:في تقرير ما يوجبُ استحقاقُ بعضه إبطالَ العقد في الكُلِّ ممّا لَا

- ‌القاعدة السادسة: لِتمييز ما يُرَدُّ من القراض الفاسد إلى أجْرة المثل ممّا يُرَد إلى قراض المثل

- ‌القاعدة السابعة:في تقرير ما يُرَدُّ إلى مساقاة المثل ممّا يُرَدُّ إلى أجرة المِثْلِ منها

- ‌القاعدة الثامنة: في تقرير الإِقرار الذي يَقبَل الرجوعَ عنه وتمييزِه عما لا يَقبَل الرجوعَ عنه

- ‌الدعاوى والشهادات

- ‌القاعدة الأولى: في تمييز الدعوى الصحيحة من الدعوى الباطلة

- ‌القاعدة الثانية:في تمييز المدَّعي من المدعَى عليه

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بيْن ما يحتاج للدعوى وبين ما لا يحتاج إليها

- ‌القاعدة الرابعة: في تقرير اليد المعتبَرة المرجِّحة لقول صاحبها

- ‌القاعدة الخامسة: في تقرير ما تجب إجابة الحاكم فيه إذا دُعِي إليه ممّالا تجب

- ‌القاعدة السادسة: في الفرق بين قاعدة ما يُشْرَع فيه الحَبْسُ وبين قاعدة ما لا يُشَرع

- ‌القاعدة السابعة: في تقرير من يَلْزَمه الحلف

- ‌القاعدة الثامنةفي تمييز المعصية التي هي كبيرة مانعةٌ من قَبول الشهادة من التي ليست كذلك

- ‌القاعدة التاسعة: في تقرير التهمة التي ترَدُّ بها الشهادة بعد العدالة من التيلا تُرَد بها الشهادة

- ‌القاعدة العاشرة: في ذِكر ما يَصْلُحُ أن يكون مستنَداً للشهادات

- ‌القاعدة الحادية عشرة: في تقرير ما هو حُجَّةٌ عند الحكام

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في تقرير ما يقع به الترجيح في البينات عند التعارض

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في تقرير ما اعتُبر من الغالبِ وما أُلغي من الغالب

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:في تمييز ما يصح الإِقراع فيه ممّا لا

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في كيفِيةِ أداء الشاهِدِ شهادتَه عند القاضي

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في الفرق بين الفتوى والحكم

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفي تمييز ما تُشترَطُ فيه العدالة مِمَّا لا تُشترَط فيه

- ‌القاعدة التاسعة عشرة: في ضَمِّ الشهادات

- ‌كتاب الحدود وما في معناها

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير (*) ما هو شُبْهةٌ يُدْرَأُ بهَا الحدُّ ممَّا لا

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين القذف يقع بين الزوجين، وبين الأجانب

- ‌القاعدة الثالثة:أقرَرُ فيها الفرقَ بين الحدِّ والتعزيز

- ‌القاعدة الرابعة:في الفرق بين الحصانة لا تعود بالعدالة، والفسوقِ يعود بالجناية

- ‌القاعدة الخامسة: في القصاص

- ‌القاعدة السادسة:نقرْ الفرق بين المسكرات والمفسدات والمرقِّدات (46 م)، فنقول:

- ‌الفرائض

- ‌القاعدة الأولىفي تقرير ما ينتقل إلى الأقارب من الأحكام

- ‌القاعدة الثانيةفي تقرير الفرق بين أسباب التوارث وأجزاء أسبابها العامة والخاصة

- ‌القاعدة الثالثةفي تقرير أسباب التوارث وشروطِهِ وموانعه

- ‌الجامع

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير ما يحرم من البِدع ويُنْهَى عنها ممَّا ليس كذلك

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين ما هو من الدعاء كُفْرٌ وبين ما ليس بكفر

- ‌القاعدة الثالثة:في انقسام مَا ليس بكفر من الدَّعاءِ إلى مُحرَّم وغيرِ مُحرَّم

- ‌القاعدة الرابعة:في تمييز ما يُكْره من الدعاء مما ليس بمكروه

- ‌القاعدة الخامسة:في تمييز ما يجب تعلُّمُه من النجوم ممَّا لا يجب

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين الحسد والغبطة

- ‌القاعدة الثامنة:في الفرق بين التكبر والتجمل بالملابس، وبين الكِبْر والعُجْب

- ‌القاعدة التاسعةفي تقرير المداهنة الجائزة وتمييزِها عن التي لا تجوز

- ‌القاعدة العاشرة:في تمييزِ المعصية التي هي كفر عن المعصية التي ليست كفْراً

- ‌القاعدة الحاديةَ عشرةَ:في تقرير معْنَى الزهد

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في التوكل

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في الكلام على الرضَى بالقضاء

- ‌القاعدة الرابعة عشرةفي تمييز المكَفِّرات عن أسباب المثوبات

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في تمييز الخوف من غير الله الذي لا يحْرُم من الذي يحرم منه

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في تقرير ما يَلزَم الكفار إذا أسلم وما لا يَلزمه

- ‌القاعدة السابعة عشرة:في الكذِب وفي الوعد وفي خُلْف الوعْد

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفيما يتعلق بالطِيَرة والفال، فأقول:

- ‌القاعدة التاسعة عشرةفي الرؤيا التي تُعْبَرُ من التي لا تُعْبر

- ‌القاعدة العشرون:في تقرير ما يباح من عِشْرة الناس من المكارمة وما يُنهَى عنه مِنْ ذلك

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:في بيان ما يجب النهي عنه من المفاسد وما يَحرُمُ وما يُندَبُ

- ‌القاعدة الثانية والعشرونفى الفرق بين الرياء في العبادات وبين التشريك فيها

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون: فِيما به يكون التفضيل

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:فِيمن يُقَدّم للولاية ومن يتأخر عنها:

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون في الاستغفار

- ‌القاعدة السادسة والعشرون: في معنى الأفضلية والمزية

- ‌القاعدة السابعة والعشرونفي تمييز حقوق الله تعالى عن حقوق العباد

- ‌القاعدة الثامنة والعشرونفي تمييز حقوق الوالدين عن الأجانب

- ‌القاعدة التاسعة والعشرونفيما يُترَكُ من الجهل ولا يواخذُ عليه ممَّا لا

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌جدول بتصويب بعض الأخطاء المطبعية التي وقعت في الجزء الأول من هذا الكتاب

- ‌ترجمة محمد بن قاسم بن محمد بن أحمد بن محمد القوري

- ‌خاتمة

الفصل: ‌القاعدة السابعة عشرة:أقرر فيها ما يجوز به السلم ويصح

‌القاعدة السابعةَ عشْرةَ:

أقرر فيها ما يجوز به السَّلَمُ ويصح

، (87) فأقول:

= ونَوَى التَّمْر، وهذه الأقيسةُ أقوى من قيَاسهم بكثير، لقوة جامعها، وأما قياسهم غيرَ المؤبَّرِ على المؤبَّر ففارقه ظاهر. ولفظ إطلاق "الثمار في رؤوس النخل" يقتضِي عندنا التَّبْقَيةَ بعد الزهو، وقاله الشافعي.

وقال أبو حنيفة: يقتضِي القطع كسائر المبيعات، ولما فيه من الجهالة".

وعبارة الشيخ: محمد على رحمه الله في كتابه تهذيب الفروق، المطبوع معها، مماثِلَة لعبارة القرافي حيث جاء فها: وهذا ضعيف من جهة أن الحنفيةَ لا يرون المفهوم حجة، فلا تُحْتَجُّ عليهم به، بل نحتج عليهم أولاً بقياس الثمرة على الجنين، إذا خرج لم يتبع، والا أتبْع، وثانيا بقياس الثمرة على اللبن قبل الحِلاب، وثالثا بقياس اثمرة على الاغصان والورق ونَوى التمر، إلى آخر ما جاء عند القرافي من أن قياس الحنفية غيرَ المؤبَّر على المؤبَّر، فارقُة ظاهر، وجامعُهُ ضعيف.

ثم زاد صاحب التهذيب قوله: "وفي بداية الحفيد (اي بداية المجتهد لابن رشد الحفيد) قوله: "جمهور الفقهاء على أن من باع نخلا فيها ثمر قبل أن يؤبَّرَ فإن التمر للمشتري، واذا كان البيعُ بعد الإِبَّار فالثمر للبائع إلَّا أن يشترطه المبتاع والثمار كلها في هذا المعنَى في معنى النخيل. قال الشيخ علي: وسببُ هذا الخلاف معارضَةُ دليل الخطاب لدليل مفهوم الأحْرى والأَوْلى، وهو الذي يسمَّى فحْوى الخطاب، في حديث الموضوع. فقال الائمة الثلاثة: لما حكم صلى الله عليه وسلم بالتمر للبائع بعدَ الإبار، علمنا بدليل الخطاب الذي هو مفهوم المخالفة أنها للمشترى قبل الإبار بلا شرط، وقال أبو حنيفة وأصحابه: إذا وجبت للبائع بعد الإِبار، فهي بالأحرى أن تجب له قبل الإِبار، وشبَّهوا خروج التمر بالولادة، قالوا: فكما أن من باع أمَةً لها ولد فولدُها للبائع إلا ان يشترطه المبتاع، كذلك الامر في التمر، لكن مفهوم الأَحْرى ها هنا ضعيف وإن كان في الاصل أقوى من دليل الخطاب.

وبنقل ما عند القرافي، وما عند البقوري هنا في ترتيب الفروق، وما عند الشيخ علي في تهذيبها يمكن للفقيه أن يوازن بين هذه النقول في هذه المسألة، ويتوصل من خلالها إلى فهم كلام كل منهم في هذا الموضوع، والوصول إلى الصواب على ضوئها وعلى ضوء ما في الكتُبِ الفقهية التي تناولت الفروع الجزئية بتفصيل.

(87)

هي موضوع الفرق المائتين بين قاعدة ما يجوز من السَّلَمَ وبين قاعدة ما لا يجوز منه، وهو آخِر فرق في الجزء الثالث من كتاب الفروق، ص 289.

والسّلَم بفتح السين واللام هو بيْعُ شيء موصوف في الذمة بثمن معَجَّلٍ، يتسلَّمُهُ البائعُ، ويسمَّى السلَفَ، وهو من البيوع المشروعة الجائزة، وأصْلُهُ الحديث المتفَقُ عليه عند الشيخين: البخاري ومسلم رحمهما الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قدِمَ المدينة وهم يُسْلِفُون في الثمار السنةَ والسنتين، فقال:"من أسلَفَ فليُسْلِفْ في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم"، وهو مستثنى من النَّهي عن بيع الانسان ما ليس عنده، فإن المراد بهذا النهي أن يبيع الانسان ما ليس في ملكه وما ليس له قدرة على تسليمه. كما تقدم.

ص: 141

السَّلَمُ الجائز ما اجتهح فيه أربعةَ عَشَرَ شرطا:

الأول: تسليمُ جميع رأس المال، حِذاراً من الدَّين بالدين.

الثاني: السلامةُ من السلف بزيادة، فلا يُسْلِم شاةً في شاتين متقاربَتَيْ المنفعة.

الثالث: السلامة من الضمان بِجُعْلٍ، فلا يُسْلَم جِذعٌ في نصف جذع من جنسه. (88).

الرابع: السلامة من النَّسَأ في الربوى، فلا يُسْلِم النقدين في تراب المعدن.

الخامس أن يكون المسلَمُ فيه يمكن ضبطه بالصِفات، فيمتنع سَلَمُ خشبَة في تُراب المعادن.

السادس أن يَقبل النقلَ حتى يكونَ في الذمة، فلا يجوز السَّلَمُ في الدُّور.

السابع أن يكون معلومَ المقدار، فلا يُسْلَمُ في الجزاف.

الثامن: ضبط الأوصاف التي تختلف الماليةُ باختلافها، نفْياً للغرر.

التَّاسِعُ أن يكون مؤجَّلا، فيمتنع السَّلَم الحَالُّ.

العاشر أن يكون الأجل معلوما، نفيا للغرَر.

الحادي عشر، أن يكون الاجل زمان وجود المسْلَم فيه، فلا يُسلِمُ في فاكهة الصيف لياخذها في الشتاء.

الثاني عشر: أن يكون مامونَ التسليم عند الأجل، نفْياً للغرر، فلا يُسلم في البستان الصغير.

الثالثَ عشر أن يكون دينا في الذمة، فلا يُسْلِمُ في مُعَيَّن، لأنه متعين يتأخر قبضه وهو غرَرٌ.

(88) الجذع بكسْر الجيم وبالذال المعجمة يطلق على ساق النخلة، ويجمع على جذوع وأجْذاع، ومنه الآية الكريمة في سورة مريمَ خطابا لها، وقد وضَعَتْ ولدها عيسى عليه السلام وانحازت إلى جذع النخْلة، فأمرها الحق سبحانه أن تحركةُ لتسقط عليها ثمارها الطيبة. فقال تعالى في شأنها:{وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا} الآية 25.

ص: 142

الرابعَ عشرَ تَعيين مكان القبض باللفظ أو العادة، نفْيا للغرر، فمتى انخرَم شرط من هذه، فهو السَّلَمُ الممنوع.

قال شهاب الدين: ولَمْ أر واحداً وصَّلها لعشرة، وهي أربعة عشر كما ترى، وفروع المدونة شاهدة لها، وفي الشروط ست مسائل (89):

المسألة الأولى (90): الحَذَرُ من بيع الدين بالدين، أصلُه نهيه عليه السلام عن بيع الكالئ بالكالئ (91) وكان هذا، لأن صاحب الشرع ما جاء إلا برفع الشغب وتقليلِ النزاع إن لم يستطح على رفعه، والكالئ بالكالئ مما يقَوِّي النزاع ويثيره، إذْ هُو طلَبٌ من الجهتين.

ثم الكالئُ قد يكون من الكلاءة التي هي الحفظ والحراسة، وكل واحد من المتداينين وُراقب صاحبه ويحفظه لأجْل دَينه الذي له قِبَلَه، فهو اسم فاعل، وفي الكلام حذف، تقديره: النهي عن بيع مالِ الكالئ بمال الكالئ، لأن الرجلين لا يباع أحدما بالآخر، ويكون بمعنى اسم المفعول كالماء الدافق (92)، ويُسْتَغْنَى عن الحذف، وقد يكون اسما للدينين ويُسْتَغْنى أيضا عن الحذف.

(89) علق الشيخ ابن الشاط على كلام القرافي في اول هذا الفرق إلى هنا فقال: ما قاله في ذلك صحيح.

(90)

علق ابن الشاط على هنا المسألة عند القرافي بقوله: ما قاله في ذلك صحيح.

(91)

الكالئ: اسم فاعل من الفعل الثلاثي كلَأ، وهو يستعمل لازما، فيقال: كلَأ الدَّينُ أي تأخر، ويقال في أداء الصداق عند عقد الزواج: بعضه معجَّلٌ، وبعضه كالئ (أىّ مؤجَّلٌ ودَيْن في ذمة الزوج حتى يؤديه لزوجته). ويستعمل متعديا في معان، منها الحفظ، ومنها الانتظار، يقال: كلأه الله بمعنى حفظه، ويقال: كلَأ النجمَ، يكلأه بمعنى رعى طلوعه وانتظر ظهور في السماء، وعن معنى الحفظ قوله تعالى:{قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ} . سورة الأنبياء. الآية 42.

(92)

ومنه الآيةُ الكريمة في سورة الطارق، وهي تَلفِت نظر الانسان وتذَكِرُهُ وتُثير انتباهه إلى عظمة الله وقدرته جل جلاله في أصل تكوين الانسان وخلْقه، ممّا يدل دلالة قاطعة وأضحة على قدرة الله تعالى على بعث الانسان وإحيائه بعد مماته:{فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7) إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8) يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (9) فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ} . والصلب بالنسبة للرجل، والترائب (اي الصدر) بالنسبة للمرأة.

ص: 143

المسألة الثانية في بيان عِلة تحريم جَرِّ السلف للنفع للمُسْلِف، وذلك أن الله عز وجل شرعَ السلف قَرْيَةً للمعروف، ولذلك استثناه من الربا المحرَّم، فيجوز دفع دِينارٍ لياخذ عوضه ديناراً إلى أجل قرضا، ترجيحا لمصلحة الإِحسان على مفْسدة الربا، (93)، وهذا من الصور التي قدَّم الشرع فيها المندوبات على المحرَّمات، وهي من الصور التي تقتضي مصلحتها ترتيب الإِيجاب، لكن ترك الشرع ترتيب الإِيجاب عليها، رفقا بالعباد (94). ويدلك على أن مصلحة السلف تقتضي الايجابَ معارضتُها للمحرم، بل أعظم من الايجاب لو كان، فإن المحرم يقدم على الواجب عند التعارض على الصحيح (95)، فإذا وقع القرض ليجُرَّ نفعا، بطلت مصلحة

(93) علق الشيخ ابن الشاط على هذه المسألة الثانية عند القرافي بقوله: "ما قاله من أن القرض مستثنىً من الربا المحرم ليس مسَلَّم لا صحيح، فإن الرببا لغةً، الزيادة، ولا زيادةَ في المثال الذي ذكره، والربا ممنوع شرعا، والقرض ليس بممنوع، وإنما وقع الخللُ من جهة اعتقادِ أن دينارا بدينارٍ إلى أجلٍ، ممنوع مطلقا، والأمر ليس كذلك، بل ذلك ممنوع على وجه البيع الذي شأنه عادةً، المكايَسة والمغابنَة، وليس بممنوع كل وجه القرض الذي شأنه المسامحة والمكارَمة، فهما أصلان، كل واحد منهما قائم بنفسه، وليس أحدما أصلا للآخر. وهو تعقيب هام، وجيه.

(94)

مثَّل لها شهاب الدين القراففي بمصلحة السّواك، قول النبي عليه الصلاة والسلام:"لولا أن أشقّ على أمّتي لأمرتهم بالسِّواكِ مع كل صلاة"، وهو حديث صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه، وذَكَرَ أنَّه بسط الكلام على هذه المسألة في كتابه "المواقِيتُ في أحكام المواقيت".

وقد علق عليها الشيخ ابن الشاط بقوله: ما قاله من أن مصلحة السواك تقتضي الإِيجاب مُشْعِرٌ بأن المصالح والمفاسد أوصاف ذاتة للموصوف بها، وذلك رأي الفلاسفة والمتعزلة، وليس رأيَ الاشعرية أهل السنة، فإن أراد ذلكم فهو خطأ، وإن كان أراد غير ذلك فلفظه غير موفٍ لمراده". فلْيُنْظَر ذاك ولْيَتَأمَّل، والله أعلم،

(95)

قال ابن الشاط هنا: قد تبَيَّن أنه لا مُعارَضَة، لانهما أصلانِ متغايران، وعلى تقدير المعارضة، فقَولُه:"إنَّ المعارضة هنا تدل على أن مصلحة السلف تقتضي الوجوب" دَعوى، ولا حجة عليها إلا فحش الخطأ، وياليتَ شِعْرى، ما تقتضي المصلحة التي هي فوق ما يقضِي الايجاب؟ ، وهل فوق الايجاب رتْبةٌ أعلى منه؟ هذا كله تخليط وفي مهواة الاعتزال والتفلسف توريطٌ" أقول: رحم الله الشيخ ابن الشاط، وجزاه خيراً على تعليقاته وتحقيقاته الهامة والمفيدة في كثير من فروف القرافي وقواعده ومسائله المتفرعة، فإنَّه بتلك التحقيقات يوضح الغموض ويُبَيِّن الإِشكال في كثير من المسائل، ويزيل ما يكون في النفس ويَعْلَق بالذهن والفكر احيانا من غموض واستشكال. وفي نفس الوقت سامحه الله عما يكون منه ويَصْدُرُ عنه في عبارته أحياناً قليلة من شددة وقسوة تجاه الإِمام القرافي الذي له فضل السبق فيما كتبه وأصلَّه في هذا الكتاب من قواعد وفروع. =

ص: 144

الإِحسان بالمكايَسة، فتبقى مفسدة الربا سليمة عن العارِض، فيترتَّب عليها التحريمُ.

= فله فضل السبق على ابن الشاط رحمهما الله، فكل منهما باحث عن الحق والسداد والصواب في المسائل، هادف وقاصد إلى الوصول اليه من خلال ما علمه الله. وفوقَ كل ذي علم عليم. والكمال لله وحده.

وتحضرني هنا الابيات الأولى في مقدمة ألفية محمد ابن مالك الجياني، في ألفيته النحوية، حينما ذكر أنها ستفوق ألفية ابن مُعْطٍ قَبْلَهُ، فلم يلبث أن تذكر واستعاد رشده، فاستدركَ واعترَفَ لسابقه بفضل السبق والجميل، واستوجب منه الثناء الجزيل، والدعاء له بالمغفرة والرحمة من الله الرحمان الرحيم، فقال في ذلك:

وأستعينُ اللهَ في ألفيةْ

مقاصِدُ النحْو بها مَحوية

تُقَرّب الاقصى بلفظٍ موجَز

وتَبسُط البذْلَ بوعْدٍ مُنْجَز

وتقتضِى رضَى بغير سُخْط

فائقةً ألفيةَ ابن مُعْطٍ

وهو بسبق حائزٌ تفضيلا

مستوجبٌ ثنائي الجميلا

واللهُ يقضي بهباتِ وافرة

لي وله في درجات الآخرة

وهو ملحظ نجده كذلك عند الدكتور عبد الله إبراهيم صلاح في كتابه (الاطروحة)"الإِمام شهاب الدين القرافي، واثرُه في الفقه الإسلامى" المبحث العاشر، ص 290 حيث جاء في قوله، وهو يتحدث عن حاشية ابن الشاط وقيمتها العلمية:

"والحقيقة أن بهذه الحاشية القيمة كثيرا من الفوائد الفقهية العظيمة أجاد فيها ابن الشاط وابتكر، مما يدل. على علو مكانه وتَمَكَّنِهِ من كثير من العلوم المختلفة، وبها تفريعات وتقسيمات قيمة كثيرة النفع، عظيمة الفائدة، مما جعل بعض الفقهاء الكبار يثْنون عيها ويعتبرونها في القمة

" إلا أنه من جهة أخرى يجب أن يُعْلَمَ أن العلامة ابن الشاط قد أسرَف في القول في هذه الحاشية على الإِمام القرافي، فإن الإِمام القرافي رجل مجتهد في المذهب، مثله مثل ابن الشاط، ان لم يكن اكثر منه ويزيد عليه كثيرًا في هذا الشأن.

ثم إن الإِمام القرافي ما دام أنه رجل مجتهد في تخريج مذهب إمامه، ومحققُه فقد أدَّاه اجتهاده إلى القول ببعض الاحكام في بعض المسائل الفقهية التي اندرجت ح نظيرتها تحت قاعدة كلية تشملها، فاعتُبِرتْ كذلك، وما لم يُصبْ فيه الإِمام القرافي في نظر ابن الشاط، فما ذلك الا لاجتهاد الإِمام القرافي في تلك المسائل، ولم يوافقه اجتهاد ابن الشاط فيها.

ثم إنه من جهة يجب أن يقال: إن منهج الشيخين في الاجتهاد قد اختلف، لأن لكل منهما طريقته الخاصة في الاجهاد، ولهذا، إختلفتْ طريقةُ كل منهما في الاستنباط الاحكام الفقهية، وجآت على هذه الصورة التي توحى بالاختلاف المتباعد.

ومهما يكن من أمر، فما كان للعلامة ابن الشاط -رحمه الله تعالى- أن يتحامل هذا التحامل الكبير، وخاصة على رجل إمام كالقرافي، له مكانته العالية بين علماء عصره الكِبار، سامحَنا الله واياهم. جميعًا".

ص: 145

المسألة الثالثة في الشرط الثاني.

قال أبو الطاهر في ضبط هذا الشرط: المُسْلَم فيه إن خالف الثَّمَنَ جنسا ومنفعةً جاز لبُعْد التهمة (96)، أو نفعا، امتنع، إلا أن يُسْلِم الشيءَ في مثله، فيكون قرضا بلفظ السَّلم فيجوز، واذا كانت المنفعة للدافع امتنع اتفاقا، وإذا دارتْ بين الاحتماليْن .. فكذلك، لعدم تَعَيُّنِ مقصود الشارع، فإن تمحّضَتْ للقابض فالجوازُ وهو ظاهرٌ، والمنع لصورة المبايعة، وللمسلفِ ردُّ العَيْن. وها هنا اشترط الدافع ردّ المِثل، فهو غرَضٌ له، وإن في اختلف الجنس دون المنفعة فقولان: الجوازُ، للاختلاف، والمنعُ، لأن مقصَود الأعْيان (97) منافعها، وإن اختلفتْ دون الجنس، جاز لِتحقق المبَايَعَةِ.

المسألة الرابعة في الشرط الثالث وهو الضمان بجُعْل: في بيان سره، وذلك ببيان قاعدةٍ، وهي أن الأشياء ثلاثة أقسام:

قسم اتفق الناسُ على أنَه قابل للمعاوضة، وقسم اتفق الناس على عدم قبوله للمعاوضة كالدَّم والخنزير ونحوهما من الأعيان، والقُبَل والعِناق من المنافع. ويدل على ذلك أنه لا قيمة لها عند الجناية عليها، ومنها ما اختُلِفَ فيه هل يَقبل المعاوضة أم لا كالأزبال وأرْواث الحيوان من الأعيان، والأذان والإِمامة من المنافع، فقيل بالجواز، وقيل بالمنع (98).

إذا تقررت هذه القاعدة فالضمان في الذم من قَبيل ما منع الشرعُ المعاوضة فيه، وإن كان منفعة مقصودة للعقل كالقُبَلِ، وأنواع الاستمتاع مقصودة

(96) كذا في ع. وهو ما عند القرافي. وفي ح: "التعذّر الشبهة" وفي ت: لتعَذَّر التهمة. وما في ع وعند القرافي أظهرُ، فليَتَأمَّل وليُحقَّق.

(97)

كذا في نسخة ع، وت، وهو ما عند القرافي. وفي نسخة ح: الأثمان. وما في النسختين الأوليين، وعند القرافي هو الظاهر والصواب. فلْيُتَأمَّل، ولْيُحَقَّق، والله أعلمُ.

(98)

علق ابن الشاط على المسألة الثالثة فقال: ما قاله القرافي فيها حكاية أقوال، وتقسيمٌ لا كلام معه فيه، وما قاله بعدها (من المسألة الرابعة) التي آخر الفرق صحيح.

ومعنى كون القُبَل والعِناق والنظر إلى المحاسن لا قيمة لها عند الجناية عليها، أنها غير متقوِّمة شرعا، ولو كانت تقبل القيمة الشرعية لوجبتْ عند الجناية عليها كسائر المنافع الشرعية.

ص: 146

للعقلاء ولا تصح المعاوضة عليها، فإن صحة المعاوضة حكمٌ شرعي، يتوقف على دليل شرعي، ولم يدل دليل عليه يوجب نفيه.

المسألة الخامسة في الشرط التاسع، وهو منع السَّلَم الحَالِّ. وجوزه الشافعي وجعله من باب الأحْرَى والأوْلى، ولكنه لا يصح مع قوله عليه السلام:"مَن أسْلَمَ فليُسْلِم إلى أجل معلوم".

المسألة السادسة في الشرط الثاني عشر.

يجوز السَّلَمُ فيما ينقطع في بعض الأجل، ومنعه أبو حنيفة، واشترط استمرار وُجُودِ المُسْلَمِ فيه من حين العقد إلى حين القبْضِ محتجا بوجوهٍ.

الأول احتمال موْتِ البائع فيحُل السّلَم بموته فلا يوجَدُ المسلَم فيه.

الثاني، إذا كان معدُومًا قبل الأجل وجبَ أن يكون معدوما عنده، عملا بالاستصحاب فيكون غَررا، فيمتنع إجماعا.

الثالث أنه معدوم عند العقد فيمتنع في المعدوم كبيع الغائب على الصفة إذا كان معدومًا

الرابع أن العدم أبْلغُ من الجهالة فيبطل، قياسا عليها بطريق الأولى، لأن مجهول الوجود هو نفيٌ مَحْضٌ.

الخامس أن ابتداء العقودِ آكدُ من انتهائها، بدليل اشتراط أجل معلوم فيه وهو المنفعة، فينافي التحديدُ أولَهُ دون آخره، وكذلك البيعُ يُشترط فيه أن يكون المبيع معلوما مع شروط كثيرة، ولا يشترط ذلك بعْدُ، فكل ما ينافي آخر العقل ينافي أولَهُ من غير عكس، والعدم ينافي آخر الأجلُ فينافي أول العقد بطريق الأولى.

والجواب عن الأول أنه لو اعتُبِر لكان الأجلُ في السَّلَم مجهولا، لاحتمال الموتَ، فيلزم بطلان كل سَلمٍ، وكذلك ابيح بثمن إلى أجل، بل الأصل عدم تغير ما كان عند العقد، وبقاءُ الانسان إلى حين التسليم، فإن وقع الموت وُقِفَتْ التَّركةُ إلى الإبَّانِ، فإن الموتَ لا يُفسد البيع.

ص: 147

وعن الثاني أن الاستصحاب معارَض بالغالب، فإن الغالب وجودُ الأعيان في إبانها.

وعن الثالث أن الحاجة إلى العدم في السَّلم بخلاف الغالب لا ضرورة تدْعو إلى ادعاء وجوده بل تجعله سَلَمًا.

وعن الرابع أن المالية منضبطة مع العدم بالصفات، وهي مقصودُ عقود السَّلم (99)، بخلاف الجهالة، ثم ينتقض ما ذكرتمْ بالاجارة تمنعها الجهالة دون العدم.

وعن الخامس أنا نُسلم أن ابتداء العقود آكَدُ في نظر الشارع، لكن آكد من استمرار آثارها، ونظَرُهُ (100) ها هنا بعد القبض، وإلا فكلُّ ما يُشترَط من أسباب المالية عند العقد يشترط في المعقود عليه عند التسليم، وعدم المعقود عليه عند العقد مع وجود المعقود عليه عند التسليم لا مدخل له في المالية البتة، بل المالية مصونة بوجود المعقود عليه عند التسليم، فهذا العدم - حينئذ - طردي، فلا يُعتَبر في الابتداء ولا في الانتهاء، بل يتأكد مذهبنا بالحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدِمَ المدينة ووجدهم يُسْلِمون في الثمار السنةَ والسنتين والثلاث، فقال عليه السلام:"من أسلَف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم"(101)، وهو يدل من حيث إن ثَمَرَ السنتين معدوم، ومن حيث إِنهَ أطلق ولم يفرق، ومن حيث إن الوجود لو كان شرطا لبَيَّنه عليه السلام، لأن تأخر البيان عن وقت الحاجة ممنوع.

واعْلم أن القرض خالف القواعد الشرعية من ثلاثة أوجه:

1) قاعدة الربا إن كان في الربويات كالنقدين والطعام، 2) وقاعدة المزابنة،

(99) كذا في نسخة ح. وفي ع، وت: التنمية، وعند القرافي: عقود التهمة، والأولى أظهرُ وأصْوبُ، والله أعْلَمُ، فليتأمَّل وليصحح ذلك، وليحقِّقْ.

(100)

كذا في جميع نسخ ترتيب الفروق، وعند القرافي:"ونظيره هنا" ولعل ما في الترتيب أظهر وأ وب حيث سبقت كلمة نظر في قوله: آكَدُ في نظر الشارع، فليتأمل ذلك.

(101)

سبق تخرجه عند الكلام على أول قاعدة السَّلم.

ص: 148