المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القاعدة التاسعة عشرة:أقرر فيها ما يشترط في الطلاق من النية وما لا يشترط - ترتيب الفروق واختصارها - جـ ٢

[البقوري]

فهرس الكتاب

- ‌النكاح والطلاق

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها الفرق بين أنكحة الصبيان وطلاقهم

- ‌القاعدة الثانيةأقرِّرُ فيها الفرقَ بين ذوِى الأرحام والعَصَبة حتى كان للعَصَبة الولايةُ في النكاح ولم يكن ذلك لِمَن يُدْلي بجهة الأمّ

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها لِمَ كان الإِخوة في النكاح وميراثِ الولاء وصلاةِ الجنازة يُقَدَّمون على الأجداد، ولِمَ كانوا على السواء في الميراث

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها أن تحريم المصاهَرَة ليس رُتْبةً واحدة، بل هو رُتَبٌ

- ‌القاعدة السابعة

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرِر فها الفرق بين ما يَحْرُم الجمعُ بينهن من النساء وبين ما يجوز الجمعُ بينهن

- ‌القاعدة العاشرة:نقرر فيها ما يُقَرُّ من أنكحة الكفار وما لا يُقَرُّ

- ‌القاعدة الحاديةَ عشْرةَ:لِمِ كان للرجل أن يتزوج الإماء التي لغيره عند شرط ذلك، ولم يكن للمرأة الحرّة أن يتزوجها عبد لغيرها، ولا للرجل أن يتزوج إماءه، ولا للنساء أن يتزوجن عبيدهن

- ‌القاعدة الثانية عشرة:لِمَ وقع الحَجْرُ على النِّساء في الأبضاع ولم يقع الحَجْرُ عليهن في الأموال

- ‌القاعدة الثالثة عشرةأقرر فيها ما به ينعقد النكاح، وأنه يخالف البيع فيما يُشترط فيه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:لِمَ كان الثمنُ في البيع يتقرَّر بالعقد، والصَّداقُ في النكاح لا يتقرر بالعقد؟ ، هذا على قول، فإنه قد قيل: يتقرر بالعقد، وقيل أيضًا: يتقرّر النصف بالعقد

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها الفرق بين المتداعيين شيئًا، لا يقدّمُ أحدُهما على الآخر إلا بحجة ظاهرة وبين المتداعيين من الزوجين في متاع البيت يقدّمُ كل واحد منهما فيما يُشبِهُ أن يكون له

- ‌القاعدة السابعة عشرة:أقرر فيها الفرق بين الوكالة والولاية في النكاح

- ‌القاعدة الثامنة عَشرة:أقرر فيها الصريح من الطلاق وغير الصريح فأقول

- ‌القاعدة التاسعة عشرة:أُقرر فيها ما يُشترَط في الطلاق من النية وما لا يُشْترَط

- ‌القاعدة العشرون:في الفرق بين قاعدة التصرفِ في المعدوم الذي يمكن أن يتقرر في الذمة وبين ما لا يمكن أن يتقرر في الذمة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون:لِمَ كان قرْءٌ واحد يكفي في الاستبراء، وشهر واحد لمن لا تحيض لا يكفي في الاستبراء فلابد من ثلاثة أشهر، وثلاثةُ أشهر إنما جُعِلَتْ مكانَ ثلاثة قروءٍ

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرر فيه الفرق بين خيار التمليك في الزوجات وتخيير الإِمَاء في العتق حتى كان يَلزم في الزوجات ولا يَلزم في الإماء

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:في الفرق بين التخْيير والتمليك

- ‌النفقة

- ‌قواعد البيوع

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها أين يصح اجتماع العوضين لشخص واحدٍ، وأيْن لا يصح

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها الفرق بين من مَلَك أن يَمْلِكَ، هلْ يُعَدُّ مالكا أم لا، وبيْن من انعقد له سبب مطالبةِ التمليك، هل يُعَدُّ مالِكاً أمْ لا (8 م)

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها الفرق بين النقل والإِسقاط

- ‌القاعدة الرابعة:أقرر فيها بيان ما يَقبل المِلك من الأعيان والمنافع مما لا يقبله

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يجوز بيعه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة:في بيانِ ما تُؤَثِّر فيه الجهالةُ والغرَرُ مما لا تؤَثِّرُ

- ‌القاعدة الثامنة:أبين فيها ما يجوز بيعه على الصفة وما لا يجوز

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرر فيها ما به يجوز بيع الربوي بجنسه وما به لا يجوز

- ‌القاعدة العاشرة:أقرر فيها ما يدخله ربا الفضل وما لا يدخله

- ‌القاعدة الحادية عشرة:أقرّرُ فيها معنى الجهل ومعنى الغرر حتى يظهر بذلك اختلافهما

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:نُقَرر فيها ما يجوز اجتماعه مع البيع وما لا يجوز

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:أقررُ فيها ما يتعين من الأَشياءوما ل يتعين في البيع ونحوه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:أقرر فيها ما يجوز بيعه قبل قبضه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها ما يتْبَعُ العقدَ عُرفا ومالَا

- ‌القاعدة السابعةَ عشْرةَ:أقرر فيها ما يجوز به السَّلَمُ ويصح

- ‌القاعدة الثامنة عشرة في الصلح

- ‌القاعدة التاسِعة عشرة:في تقرير حكم الأهوية وتقرير حكم ما تحت الأبنيَّة

- ‌القاعدة العشرون:أقرر فيها ما معنى الذمة وما معْنَى أهلية المعاملة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:أقرر فيها ما معنى المِلْكِ وما معْنَى التصرف

- ‌القاعدة الثالثة: والعشرون:أقرر فيها ما مصلحته من العقود في اللزوم وما مصلحته عدم اللزوم

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرِر فيها ما يُمنَع فيه الجهالةُ وما يُشترَطُ فيه الجهالة بحيث لو فقِدت فَسَد

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:أقرر فيها ما يَثْبُتُ في الذمم وما لَا

- ‌الإِجارة

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها ما يملك من المنفعة بالاجارة وبيْن (1) ما لا يُملَكُ منها بالإِجارة

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها ما للمستاجِر أخْذُهُ من ماله بعد انقضاء الإجارة مِمّا ليس له أخْذُه

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها ما يضمنه الأُجَرَاءُ عند الهلاك مما لا يضمنونه

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يُضمَن بالطرح من السفن وما لا يُضْمَن

- ‌القاعدة السادسة:في الفرق بين الإِجارة والرزق، (14 م)

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين تمليك الانتفاع وتمليك المنفعة

- ‌الضمان

- ‌القاعدة الأولى:نقرر فيها ما بِهِ يكون الضمان

- ‌القاعدة الثانية: فيما يتعلق بالصائِل

- ‌القاعدة الثانية: ما يجوز التوكيل فيه مما لا يجوز

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بين الأملاك الناشئة عن الإِحياء وبين الاملاك الناشئة عن غَير الإِحياء

- ‌القاعدة الرابعة:في تقرير ما يوجبُ استحقاقُ بعضه إبطالَ العقد في الكُلِّ ممّا لَا

- ‌القاعدة السادسة: لِتمييز ما يُرَدُّ من القراض الفاسد إلى أجْرة المثل ممّا يُرَد إلى قراض المثل

- ‌القاعدة السابعة:في تقرير ما يُرَدُّ إلى مساقاة المثل ممّا يُرَدُّ إلى أجرة المِثْلِ منها

- ‌القاعدة الثامنة: في تقرير الإِقرار الذي يَقبَل الرجوعَ عنه وتمييزِه عما لا يَقبَل الرجوعَ عنه

- ‌الدعاوى والشهادات

- ‌القاعدة الأولى: في تمييز الدعوى الصحيحة من الدعوى الباطلة

- ‌القاعدة الثانية:في تمييز المدَّعي من المدعَى عليه

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بيْن ما يحتاج للدعوى وبين ما لا يحتاج إليها

- ‌القاعدة الرابعة: في تقرير اليد المعتبَرة المرجِّحة لقول صاحبها

- ‌القاعدة الخامسة: في تقرير ما تجب إجابة الحاكم فيه إذا دُعِي إليه ممّالا تجب

- ‌القاعدة السادسة: في الفرق بين قاعدة ما يُشْرَع فيه الحَبْسُ وبين قاعدة ما لا يُشَرع

- ‌القاعدة السابعة: في تقرير من يَلْزَمه الحلف

- ‌القاعدة الثامنةفي تمييز المعصية التي هي كبيرة مانعةٌ من قَبول الشهادة من التي ليست كذلك

- ‌القاعدة التاسعة: في تقرير التهمة التي ترَدُّ بها الشهادة بعد العدالة من التيلا تُرَد بها الشهادة

- ‌القاعدة العاشرة: في ذِكر ما يَصْلُحُ أن يكون مستنَداً للشهادات

- ‌القاعدة الحادية عشرة: في تقرير ما هو حُجَّةٌ عند الحكام

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في تقرير ما يقع به الترجيح في البينات عند التعارض

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في تقرير ما اعتُبر من الغالبِ وما أُلغي من الغالب

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:في تمييز ما يصح الإِقراع فيه ممّا لا

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في كيفِيةِ أداء الشاهِدِ شهادتَه عند القاضي

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في الفرق بين الفتوى والحكم

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفي تمييز ما تُشترَطُ فيه العدالة مِمَّا لا تُشترَط فيه

- ‌القاعدة التاسعة عشرة: في ضَمِّ الشهادات

- ‌كتاب الحدود وما في معناها

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير (*) ما هو شُبْهةٌ يُدْرَأُ بهَا الحدُّ ممَّا لا

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين القذف يقع بين الزوجين، وبين الأجانب

- ‌القاعدة الثالثة:أقرَرُ فيها الفرقَ بين الحدِّ والتعزيز

- ‌القاعدة الرابعة:في الفرق بين الحصانة لا تعود بالعدالة، والفسوقِ يعود بالجناية

- ‌القاعدة الخامسة: في القصاص

- ‌القاعدة السادسة:نقرْ الفرق بين المسكرات والمفسدات والمرقِّدات (46 م)، فنقول:

- ‌الفرائض

- ‌القاعدة الأولىفي تقرير ما ينتقل إلى الأقارب من الأحكام

- ‌القاعدة الثانيةفي تقرير الفرق بين أسباب التوارث وأجزاء أسبابها العامة والخاصة

- ‌القاعدة الثالثةفي تقرير أسباب التوارث وشروطِهِ وموانعه

- ‌الجامع

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير ما يحرم من البِدع ويُنْهَى عنها ممَّا ليس كذلك

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين ما هو من الدعاء كُفْرٌ وبين ما ليس بكفر

- ‌القاعدة الثالثة:في انقسام مَا ليس بكفر من الدَّعاءِ إلى مُحرَّم وغيرِ مُحرَّم

- ‌القاعدة الرابعة:في تمييز ما يُكْره من الدعاء مما ليس بمكروه

- ‌القاعدة الخامسة:في تمييز ما يجب تعلُّمُه من النجوم ممَّا لا يجب

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين الحسد والغبطة

- ‌القاعدة الثامنة:في الفرق بين التكبر والتجمل بالملابس، وبين الكِبْر والعُجْب

- ‌القاعدة التاسعةفي تقرير المداهنة الجائزة وتمييزِها عن التي لا تجوز

- ‌القاعدة العاشرة:في تمييزِ المعصية التي هي كفر عن المعصية التي ليست كفْراً

- ‌القاعدة الحاديةَ عشرةَ:في تقرير معْنَى الزهد

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في التوكل

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في الكلام على الرضَى بالقضاء

- ‌القاعدة الرابعة عشرةفي تمييز المكَفِّرات عن أسباب المثوبات

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في تمييز الخوف من غير الله الذي لا يحْرُم من الذي يحرم منه

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في تقرير ما يَلزَم الكفار إذا أسلم وما لا يَلزمه

- ‌القاعدة السابعة عشرة:في الكذِب وفي الوعد وفي خُلْف الوعْد

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفيما يتعلق بالطِيَرة والفال، فأقول:

- ‌القاعدة التاسعة عشرةفي الرؤيا التي تُعْبَرُ من التي لا تُعْبر

- ‌القاعدة العشرون:في تقرير ما يباح من عِشْرة الناس من المكارمة وما يُنهَى عنه مِنْ ذلك

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:في بيان ما يجب النهي عنه من المفاسد وما يَحرُمُ وما يُندَبُ

- ‌القاعدة الثانية والعشرونفى الفرق بين الرياء في العبادات وبين التشريك فيها

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون: فِيما به يكون التفضيل

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:فِيمن يُقَدّم للولاية ومن يتأخر عنها:

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون في الاستغفار

- ‌القاعدة السادسة والعشرون: في معنى الأفضلية والمزية

- ‌القاعدة السابعة والعشرونفي تمييز حقوق الله تعالى عن حقوق العباد

- ‌القاعدة الثامنة والعشرونفي تمييز حقوق الوالدين عن الأجانب

- ‌القاعدة التاسعة والعشرونفيما يُترَكُ من الجهل ولا يواخذُ عليه ممَّا لا

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌جدول بتصويب بعض الأخطاء المطبعية التي وقعت في الجزء الأول من هذا الكتاب

- ‌ترجمة محمد بن قاسم بن محمد بن أحمد بن محمد القوري

- ‌خاتمة

الفصل: ‌القاعدة التاسعة عشرة:أقرر فيها ما يشترط في الطلاق من النية وما لا يشترط

ويلزَم الطلاق بالإنشاء، فلو قصد الخبرَ وعدَل عن الإِنشاء لَمَا لزِم بها طلاق. (108)، وعلى هذا فلا لفظة لغويةٌ تقتضي الطلاق من حيث هي لغوية.

ثم يلزم أنه لا صريح أصلا على مذهب الحنفية حتى لا يكون إلا بنيَّةٍ، لأنه في اللغة إنما دل على إزالة: القيد مطلقًا لا على إزالة قيْدِ النكاح. وعلى مذهبنا يكون ضابط الصريح ما نُقِلَ إلى الإِنشاءِ في ازالة قيد النَّكاحِ ولا يحتاج إلى نية، وما لم يَصِرْ بالنقل كذلك فهو كناية إن كان مَجازًا لِعَلاقةٍ، ومالا علاقة فيه ليس بصريح ولا كنايةٍ. ثم يلزم أن النقل إنما هو من قِبَلِ العرف (108 م) وعلى هذا فإذا تحوّل العرف فقد يصير الصريح كناية والكناية صريحا، وعلى هذا يَحْرُم على المُفتي أن يفتي إلا بعْدَ معرفةِ العرف في ذلك البلد وفي ذلك الزمان، وإن لم يفعل هذا فقد أفتى بالباطل، واللهُ أعلم.

‌القاعدة التاسعة عشرة:

أُقرر فيها ما يُشترَط في الطلاق من النية وما لا يُشْترَط

. (109)

إعْلَم أن النية شرط في الصريح إجماعًا، وليستْ شرطا فيهِ إجماعا، وفي اشتراطها فيه قولان، وهذا هو تحصيل الكلام الذي في كُتب الفقهاء، وهو ظاهر التناقضِ، ولا تناقضَ فيه.

(108) قال ابن الشاط هنا: لاشك أن هذه الصيغ وقعتْ في الاستعمال اللغوي إخبارات، ووقعتْ فيه إنشآتٍ وما قاله الحنفية (اى من كونها إخبارات) ليسَ بصحيح، (وهو في مقابلة ما قاله المالكية والشافعية من كون هذه الصيغ انتقلت في العرف لإنشاء الطلاق فَيلْزم الطلاق بالانشاء، ولا يلزم عند قصد الخبر، والعدول إليه عن الانشاء)، ثم زاد ابن الشاط قائلا: ولكن يبقى النظر في كون تلك الصيغ مشتركهّ بين الخبر والانشاء أو منقولة من الحبر إلى الانشاء، وكلاهما على خلاف الأصل، والأظهرُ عندى أنها مشترَكة، والله أعلم.

(108 م) قال ابن الشاط هنا: إن قالت الحنفية مثلَ قول القرافي من أن لفظ الطلاق لا يدل على زوال قيد العصمة بخصوصه) لزمهم ما ألزمهم، وإلا فلا ..

(109)

هي موضوع الفرق الثاني والستين والمائة بين قاعدة ما يُشترط في الطلاق من النية، وبين قاعدة ما لا يشترط. جـ 3. ص 163. ولم يعلق عليه بشيءٍ الشيخ ابن الشاط رحمه الله.

ص: 76

فحيث قال الفقهاء: إن النية شرط في الصريح فيريدون العَمْدَ لإنشاء الصيغة، احترازا من سبق اللسان لما لم يَقصِد، كأن يكون اسمها طارقا فيناديها فيسبق لسانُه، فيقول لها: يا طالق، فلا يلزمه شيء، لأنه لم يقصد اللفظ. وحيث قالوا: النية ليست شرطا في الصريح، فمرادهم القصد لاستعمال الصيغة في معنى الطلاق، فإنما لا تشترط في الصريح إجماعا، وإنما ذلك من خصائص الكنايات أن يُقصد بها معنى الطلاق، وأمّا الصريح فلا.

وحيث قالوا: في اشتراط النية في الصريح قولان، فيريدون بالنية هنا الكلامَ النفسي، فإنهم يطلقون النية ويريدون الكلام النفسي، وهو المراد من قولهم: في الطلاق بالنية قولان، أي بِالكلام النفسي، وإلا فمَن قصَدَ وعزم على طلاق امرأته لا يلزمه بذلك طلاق إجماعا، وإنما المرادُ إذا أنشأ طلاقها بكلامه النفسي كما ينشئه بكلامه اللساني، فيعبرون عنه بالنية، وعبَّر عنه ابن الجلاب بالاعتقاد بقلبه فقال: ومن اعتقد الطلاق بقلبه ولم يلفظ به بلسانه ففي لزوم الطلاق له قولان، والاعتقاد لا يلزم به طلاق إجماعا، (110) وإنما المراد الكلام النفسي، فالمشهور اشتراطه كما قال أبو الوليد في المقدمات، وأنه إذا طلق بلسانه فلا بد أن يطلق بقلبه، فظَهَرَ أنه لا تناقض فيما قالوه، وأنما أحْوالٌ مختلفة، وتتضح هذه القاعدة بمسائل:

المسألة الأولى.

قال مالك في المدونة: لو أراد التلفظ بالطلاق فقال: إشْرَبي أو نحوَه، فلا شيء عليه، حتى ينوي طلاقها بما يلفظ فيجتمع اللفظ والنية، فلو قال: أنتِ طالق البتَّة ونِيَّتُهُ واحدة، فسبَقَ لسانه البتةَ لزمه الثلاث، قال سحنون: إذا كان عليه بينة، فلذلك لم يُنَوِّه، يريد أن اللفظ وحده لا يلزم به الطلاق،

(110) زاد الإِمام القرافي هنا رحمه الله قوله: "فلو اعتقد الانسان أنه طلق امرأته ثم تبين له بطلانُ اعتقاده بقيت له زوجةً إجماعا"

ص: 77

وهو لم توجَدْ منه نية ح لفظه الثلاث، فلذلك لا يَلزمَه ثلاثث في الفتيا، ويَلزمَه الثلاث في القضاء، بِنَاءً على الظاهر.

المسألة الثانية:

إذا قال: أنت طالق ونَوَى من وِثاقِ وِلايَتِهِ، وجاء مستفتيا طُلّقتْ، كقوله أنتِ بريَّةٌ ولم ينْوِ به طلاقا، ويوخَذُ الناس بألفاظهم ولا تنفعهم نياتهم، إلا أن تكون قرينةٌ مصدِّقَةٌ. قال صاحب التنبيهات (111): وقيل: يُدَيَّن إلا أن يكون

(111) صاحب التنبيهات، المراد به هنا الإِمام الجليل، والعالم الشهير، والمحَدِّث الكبير، والفقيه الموسوعي المتضلع، ذو التآليف العديدة الهامة التي نفع الله بها المسلمين: أبو الفضل، عياض بن موسى بن عياض اليحصبي السبتي، المتوفى سنة 544 هـ، ودفين مراكش، وأحد أوليائها ورجالها السبعة، والذي قيل نيه رحمه الله الكلمة الماثورة الشائعة:"لولا عياض ما ذُكِر المغرب".

وكتاب التنيهات هذا من أهم وأشهر مؤلفاته القيمة، وعنوانه الكامل:"التنيهات المستنبَطة في شرح مشكلات المدونة". جمع فيه فوائد فقهية، وكان عليه المعَوَّل في حل الفاظ المدونة ومشكلاتها، وتحرير رواياتها وتسمية رواتها. ومعلوم أن كتاب المدونة هو أصل المذهب المالكي بعد موطأ الإِمام مالك رحمه الله، وهو عمدة الفقهاء المتقدمين، وركيزتهم في الافتاء والقضاء، تُرجَّحُ رواية المدونة على سائر الامهات الفقهية، وبها كانوا يتناظرون ويتذاكرون، وإليها كانوا يرجعون فيما أشكل عليهم من مسائل المذهب.

ولمْ يحظَ أي كتاب من محنب المذهب بما حظيتْ به المدونة من العناية والحفظ، والاكثار من الشروح لها والتعليق عيها والتنبيه على غريبها ومشكلاتها، وفي مقدمة من كان مهتما ومعجبا بها، الفقيه المالكي الإِمام عبد السلام سحنون المتوفى سنة 240 هـ، والذي تنسبُ إليه، فيقال مدونة سحنون؛ فهو الذي رواها عن الإِمام ابن القاسم بعد أسَد ابن الفرات، وتأكد من مسائلها، وكان يوصى طُلَّابَهُ بالاعتناء بها والاعماد عيها، ويغول لهم:"عليكم بالمدونة، فإنها كلام رجل صالح، وروايتُهُ" اهـ. باختصار.

ص: 78

جوابا، وَهُوَ مذهب الكتاب، (112) قال: ويتخرَّجُ (113) من هذه المسألة إلزامُ الطلاق بمجرد اللفظ، ومن قوله في الذي أراد واحدة فسبقَ لسانه للبتة، ومِنْ هَزْلِ الطلاق أيْضا. ويوخذ اشتراط النية من غير المسألة، من الكتاب، يعنى من قوله: أنت طالق، وأراد تعليقه ثم بَدَا لهُ، فلا شيء عليه، قال أبو الطاهر: لا يلزمه في الفُتْيا طلاق، ونظيره من لَه أمهٌ وزوجَةٌ، اسم كل واحدة منها حِكمة، وقال: حكمةُ طالق، وقال: نوَيْتُ الأَمَة، لا يلزمه طلاق في الفُتْيا اتفاقا، فينبغي أن يُحمَل في مسألة الوثاق على اللزوم في القضاء دون الفتيا.

وأما قوله: وجاء مستفتيا - وان أوْهم اللزوم في الفتيا - فمُعارَضٌ بقوله: يوخذ الناسُ بألفاظهم ولا تنفعهم نياتهم. والأخْذ إنما يكون للحاكم دون المفتي، وكذلك اشتراطه القرينةَ، فإن المفتي يتبع الأسباب والمقاصد دون القرائن، وإلا فيلزم مخالفة القواعد، ويتعذر الفرق بين هذه وبين ما ذكر من النظائر.

(112) المراد بهِ كتاب التهذيب لأبي سعيدٍ: خَلَفٌ بن القاسم الأزدي المعروف بالبردعي، من علماء وفقهاء القرن الرابع الهجري، ومن حفاظ المذهب المالكي. فهذا الكتاب له رحمه الله هو أشهر مؤلفاته، اختصر فيه المدونة وهذَّبها، وعليه يطلق اسم الكتاب اصطلاحا عند المالكية في كتبهم الفقهية، كما يطلقُ كتابُ ومؤلفو السيرة النبوية اسم المدينة على المدينة المنورة، واسم العقبة على مكان اجماع النبي صلى الله عليه وسلم بالانصار ومبايعتهم له على الإيمان والجهاد في سبيل الله، وكما يطلق العلماء النحويون اسم الكتاب على كتاب سيبويه رحمه الله في النحو، ويطلق علماء التاريخ والإجماع اسم المقدمة على مقدمة ابن خلدون رحمه الله، فينصرف الاسم العام المعَرَّف بال إلى مدلول خاص ويطلَق عليه بالغلَبة، وفي ذلك يقول ابن مالك رحمه الله، في ألفيته النحوية، وهو يتحدث عن المعرَّف بأل، وعن المضاف الذي يصير علَمًا بالغلَبَة:

وقد يصيرُ علَمًا بالغلبة

مضافٌ أو مَصْحُوبُ ألْ كالعقبة

(113)

وُيخَرَّجُ: كذا في نسخة ع، وح، وبياء واحدة فقط، وفي نسخة ت: ويتخرج بالياء والتاء ويظهر أنها الأنسب والأصوب في المعنى، وهي ما عند القرافي، خاصة وأن هزل الطلاق يُعْتَبَرُ جدا، كما هو معروف فقها، ومنصوص عليه في حديث:"ثلاث جِدُّهن جد، وهزلُهُن جِدٌّ: النكاح، والطلاق، والرجعة"، رواه أئمة السنة، أبو داود والترمذي والحاكم وصححه، فرحمهم الله وجزاهم خيرا عن الإسلام والمسلمين، وعن حفظ السنة النبوية من تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.

ص: 79