المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القاعدة السادسة والعشرون: في معنى الأفضلية والمزية - ترتيب الفروق واختصارها - جـ ٢

[البقوري]

فهرس الكتاب

- ‌النكاح والطلاق

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها الفرق بين أنكحة الصبيان وطلاقهم

- ‌القاعدة الثانيةأقرِّرُ فيها الفرقَ بين ذوِى الأرحام والعَصَبة حتى كان للعَصَبة الولايةُ في النكاح ولم يكن ذلك لِمَن يُدْلي بجهة الأمّ

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها لِمَ كان الإِخوة في النكاح وميراثِ الولاء وصلاةِ الجنازة يُقَدَّمون على الأجداد، ولِمَ كانوا على السواء في الميراث

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها أن تحريم المصاهَرَة ليس رُتْبةً واحدة، بل هو رُتَبٌ

- ‌القاعدة السابعة

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرِر فها الفرق بين ما يَحْرُم الجمعُ بينهن من النساء وبين ما يجوز الجمعُ بينهن

- ‌القاعدة العاشرة:نقرر فيها ما يُقَرُّ من أنكحة الكفار وما لا يُقَرُّ

- ‌القاعدة الحاديةَ عشْرةَ:لِمِ كان للرجل أن يتزوج الإماء التي لغيره عند شرط ذلك، ولم يكن للمرأة الحرّة أن يتزوجها عبد لغيرها، ولا للرجل أن يتزوج إماءه، ولا للنساء أن يتزوجن عبيدهن

- ‌القاعدة الثانية عشرة:لِمَ وقع الحَجْرُ على النِّساء في الأبضاع ولم يقع الحَجْرُ عليهن في الأموال

- ‌القاعدة الثالثة عشرةأقرر فيها ما به ينعقد النكاح، وأنه يخالف البيع فيما يُشترط فيه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:لِمَ كان الثمنُ في البيع يتقرَّر بالعقد، والصَّداقُ في النكاح لا يتقرر بالعقد؟ ، هذا على قول، فإنه قد قيل: يتقرر بالعقد، وقيل أيضًا: يتقرّر النصف بالعقد

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها الفرق بين المتداعيين شيئًا، لا يقدّمُ أحدُهما على الآخر إلا بحجة ظاهرة وبين المتداعيين من الزوجين في متاع البيت يقدّمُ كل واحد منهما فيما يُشبِهُ أن يكون له

- ‌القاعدة السابعة عشرة:أقرر فيها الفرق بين الوكالة والولاية في النكاح

- ‌القاعدة الثامنة عَشرة:أقرر فيها الصريح من الطلاق وغير الصريح فأقول

- ‌القاعدة التاسعة عشرة:أُقرر فيها ما يُشترَط في الطلاق من النية وما لا يُشْترَط

- ‌القاعدة العشرون:في الفرق بين قاعدة التصرفِ في المعدوم الذي يمكن أن يتقرر في الذمة وبين ما لا يمكن أن يتقرر في الذمة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون:لِمَ كان قرْءٌ واحد يكفي في الاستبراء، وشهر واحد لمن لا تحيض لا يكفي في الاستبراء فلابد من ثلاثة أشهر، وثلاثةُ أشهر إنما جُعِلَتْ مكانَ ثلاثة قروءٍ

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرر فيه الفرق بين خيار التمليك في الزوجات وتخيير الإِمَاء في العتق حتى كان يَلزم في الزوجات ولا يَلزم في الإماء

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:في الفرق بين التخْيير والتمليك

- ‌النفقة

- ‌قواعد البيوع

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها أين يصح اجتماع العوضين لشخص واحدٍ، وأيْن لا يصح

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها الفرق بين من مَلَك أن يَمْلِكَ، هلْ يُعَدُّ مالكا أم لا، وبيْن من انعقد له سبب مطالبةِ التمليك، هل يُعَدُّ مالِكاً أمْ لا (8 م)

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها الفرق بين النقل والإِسقاط

- ‌القاعدة الرابعة:أقرر فيها بيان ما يَقبل المِلك من الأعيان والمنافع مما لا يقبله

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يجوز بيعه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة:في بيانِ ما تُؤَثِّر فيه الجهالةُ والغرَرُ مما لا تؤَثِّرُ

- ‌القاعدة الثامنة:أبين فيها ما يجوز بيعه على الصفة وما لا يجوز

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرر فيها ما به يجوز بيع الربوي بجنسه وما به لا يجوز

- ‌القاعدة العاشرة:أقرر فيها ما يدخله ربا الفضل وما لا يدخله

- ‌القاعدة الحادية عشرة:أقرّرُ فيها معنى الجهل ومعنى الغرر حتى يظهر بذلك اختلافهما

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:نُقَرر فيها ما يجوز اجتماعه مع البيع وما لا يجوز

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:أقررُ فيها ما يتعين من الأَشياءوما ل يتعين في البيع ونحوه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:أقرر فيها ما يجوز بيعه قبل قبضه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها ما يتْبَعُ العقدَ عُرفا ومالَا

- ‌القاعدة السابعةَ عشْرةَ:أقرر فيها ما يجوز به السَّلَمُ ويصح

- ‌القاعدة الثامنة عشرة في الصلح

- ‌القاعدة التاسِعة عشرة:في تقرير حكم الأهوية وتقرير حكم ما تحت الأبنيَّة

- ‌القاعدة العشرون:أقرر فيها ما معنى الذمة وما معْنَى أهلية المعاملة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:أقرر فيها ما معنى المِلْكِ وما معْنَى التصرف

- ‌القاعدة الثالثة: والعشرون:أقرر فيها ما مصلحته من العقود في اللزوم وما مصلحته عدم اللزوم

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرِر فيها ما يُمنَع فيه الجهالةُ وما يُشترَطُ فيه الجهالة بحيث لو فقِدت فَسَد

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:أقرر فيها ما يَثْبُتُ في الذمم وما لَا

- ‌الإِجارة

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها ما يملك من المنفعة بالاجارة وبيْن (1) ما لا يُملَكُ منها بالإِجارة

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها ما للمستاجِر أخْذُهُ من ماله بعد انقضاء الإجارة مِمّا ليس له أخْذُه

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها ما يضمنه الأُجَرَاءُ عند الهلاك مما لا يضمنونه

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يُضمَن بالطرح من السفن وما لا يُضْمَن

- ‌القاعدة السادسة:في الفرق بين الإِجارة والرزق، (14 م)

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين تمليك الانتفاع وتمليك المنفعة

- ‌الضمان

- ‌القاعدة الأولى:نقرر فيها ما بِهِ يكون الضمان

- ‌القاعدة الثانية: فيما يتعلق بالصائِل

- ‌القاعدة الثانية: ما يجوز التوكيل فيه مما لا يجوز

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بين الأملاك الناشئة عن الإِحياء وبين الاملاك الناشئة عن غَير الإِحياء

- ‌القاعدة الرابعة:في تقرير ما يوجبُ استحقاقُ بعضه إبطالَ العقد في الكُلِّ ممّا لَا

- ‌القاعدة السادسة: لِتمييز ما يُرَدُّ من القراض الفاسد إلى أجْرة المثل ممّا يُرَد إلى قراض المثل

- ‌القاعدة السابعة:في تقرير ما يُرَدُّ إلى مساقاة المثل ممّا يُرَدُّ إلى أجرة المِثْلِ منها

- ‌القاعدة الثامنة: في تقرير الإِقرار الذي يَقبَل الرجوعَ عنه وتمييزِه عما لا يَقبَل الرجوعَ عنه

- ‌الدعاوى والشهادات

- ‌القاعدة الأولى: في تمييز الدعوى الصحيحة من الدعوى الباطلة

- ‌القاعدة الثانية:في تمييز المدَّعي من المدعَى عليه

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بيْن ما يحتاج للدعوى وبين ما لا يحتاج إليها

- ‌القاعدة الرابعة: في تقرير اليد المعتبَرة المرجِّحة لقول صاحبها

- ‌القاعدة الخامسة: في تقرير ما تجب إجابة الحاكم فيه إذا دُعِي إليه ممّالا تجب

- ‌القاعدة السادسة: في الفرق بين قاعدة ما يُشْرَع فيه الحَبْسُ وبين قاعدة ما لا يُشَرع

- ‌القاعدة السابعة: في تقرير من يَلْزَمه الحلف

- ‌القاعدة الثامنةفي تمييز المعصية التي هي كبيرة مانعةٌ من قَبول الشهادة من التي ليست كذلك

- ‌القاعدة التاسعة: في تقرير التهمة التي ترَدُّ بها الشهادة بعد العدالة من التيلا تُرَد بها الشهادة

- ‌القاعدة العاشرة: في ذِكر ما يَصْلُحُ أن يكون مستنَداً للشهادات

- ‌القاعدة الحادية عشرة: في تقرير ما هو حُجَّةٌ عند الحكام

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في تقرير ما يقع به الترجيح في البينات عند التعارض

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في تقرير ما اعتُبر من الغالبِ وما أُلغي من الغالب

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:في تمييز ما يصح الإِقراع فيه ممّا لا

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في كيفِيةِ أداء الشاهِدِ شهادتَه عند القاضي

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في الفرق بين الفتوى والحكم

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفي تمييز ما تُشترَطُ فيه العدالة مِمَّا لا تُشترَط فيه

- ‌القاعدة التاسعة عشرة: في ضَمِّ الشهادات

- ‌كتاب الحدود وما في معناها

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير (*) ما هو شُبْهةٌ يُدْرَأُ بهَا الحدُّ ممَّا لا

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين القذف يقع بين الزوجين، وبين الأجانب

- ‌القاعدة الثالثة:أقرَرُ فيها الفرقَ بين الحدِّ والتعزيز

- ‌القاعدة الرابعة:في الفرق بين الحصانة لا تعود بالعدالة، والفسوقِ يعود بالجناية

- ‌القاعدة الخامسة: في القصاص

- ‌القاعدة السادسة:نقرْ الفرق بين المسكرات والمفسدات والمرقِّدات (46 م)، فنقول:

- ‌الفرائض

- ‌القاعدة الأولىفي تقرير ما ينتقل إلى الأقارب من الأحكام

- ‌القاعدة الثانيةفي تقرير الفرق بين أسباب التوارث وأجزاء أسبابها العامة والخاصة

- ‌القاعدة الثالثةفي تقرير أسباب التوارث وشروطِهِ وموانعه

- ‌الجامع

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير ما يحرم من البِدع ويُنْهَى عنها ممَّا ليس كذلك

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين ما هو من الدعاء كُفْرٌ وبين ما ليس بكفر

- ‌القاعدة الثالثة:في انقسام مَا ليس بكفر من الدَّعاءِ إلى مُحرَّم وغيرِ مُحرَّم

- ‌القاعدة الرابعة:في تمييز ما يُكْره من الدعاء مما ليس بمكروه

- ‌القاعدة الخامسة:في تمييز ما يجب تعلُّمُه من النجوم ممَّا لا يجب

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين الحسد والغبطة

- ‌القاعدة الثامنة:في الفرق بين التكبر والتجمل بالملابس، وبين الكِبْر والعُجْب

- ‌القاعدة التاسعةفي تقرير المداهنة الجائزة وتمييزِها عن التي لا تجوز

- ‌القاعدة العاشرة:في تمييزِ المعصية التي هي كفر عن المعصية التي ليست كفْراً

- ‌القاعدة الحاديةَ عشرةَ:في تقرير معْنَى الزهد

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في التوكل

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في الكلام على الرضَى بالقضاء

- ‌القاعدة الرابعة عشرةفي تمييز المكَفِّرات عن أسباب المثوبات

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في تمييز الخوف من غير الله الذي لا يحْرُم من الذي يحرم منه

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في تقرير ما يَلزَم الكفار إذا أسلم وما لا يَلزمه

- ‌القاعدة السابعة عشرة:في الكذِب وفي الوعد وفي خُلْف الوعْد

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفيما يتعلق بالطِيَرة والفال، فأقول:

- ‌القاعدة التاسعة عشرةفي الرؤيا التي تُعْبَرُ من التي لا تُعْبر

- ‌القاعدة العشرون:في تقرير ما يباح من عِشْرة الناس من المكارمة وما يُنهَى عنه مِنْ ذلك

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:في بيان ما يجب النهي عنه من المفاسد وما يَحرُمُ وما يُندَبُ

- ‌القاعدة الثانية والعشرونفى الفرق بين الرياء في العبادات وبين التشريك فيها

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون: فِيما به يكون التفضيل

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:فِيمن يُقَدّم للولاية ومن يتأخر عنها:

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون في الاستغفار

- ‌القاعدة السادسة والعشرون: في معنى الأفضلية والمزية

- ‌القاعدة السابعة والعشرونفي تمييز حقوق الله تعالى عن حقوق العباد

- ‌القاعدة الثامنة والعشرونفي تمييز حقوق الوالدين عن الأجانب

- ‌القاعدة التاسعة والعشرونفيما يُترَكُ من الجهل ولا يواخذُ عليه ممَّا لا

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌جدول بتصويب بعض الأخطاء المطبعية التي وقعت في الجزء الأول من هذا الكتاب

- ‌ترجمة محمد بن قاسم بن محمد بن أحمد بن محمد القوري

- ‌خاتمة

الفصل: ‌القاعدة السادسة والعشرون: في معنى الأفضلية والمزية

‌القاعدة السادسة والعشرون: في معنى الأفضلية والمزية

(299)

إعلم أنه لا يلزَمُ من كون العبادةِ لها مزيةٌ تختصُّ بها أن تكون أرجحَ مما ليس له تلك المزية.

فقد ورَدَ في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا أذن المؤذن ولى الشيطانُ وله ضُرَاط، وإذا فرغَ المؤذِنُ من الأذان أقبل، فإذا أقيمَتْ الصلاة أدْبَرَ، فإذا أحرمَ العبدُ بالصلاة جاء الشيطان فيقولُ له: أذكُر كذا حتى يضِلَّ الرجُلُ أن يدري (300) كمْ صلَّى"، (301) فهذا يدل على أن الشيطان يفرُّ من الأذان والاقامة ولا يفرُّ من الصلاة، وليس بأفضلَ من الصلاة ولا بدَّ، لأنهما وسيلتان، والمقصِدُ أعظَمُ من الوسيلة، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"أفضل أعمالكم الصلاة". (302)

الرحيم". (أخرجه الحاكم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، وقال: صحيح. وقال صلى الله عليه وسلم: مَن أكْثَرَ الاستغفار جعل الله له من كل هم فرَجاً، ومن كل ضيق مَخرَجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب"، وقال: إني لأستغفر الله في اليوم سبعين مرَّة"، هذا مع كون النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر الله لَهُ ما تقدم من ذنبه وما تأخر" اهـ.

فما أحوجَنا إلى الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في العبادة والذكر والدعاء وصالح الأقوال والأقوال، عملا يقول الله سبحانه:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} .

(299)

هي موضوع الفرق الواحد والتسعين بين قاعدة الأفضلية وبين قاعدة المزية والخاصية جـ 2. ص 144. علق عليه ابن الشاط رحمه الله بقوله: ما قاله القرافي في هذا الفرق صحيح".

(300)

كذا في نسخة ع. وفي نسخة ح، وت: لا يدري. وعند القرافي في هذا الفرق: فلا يدري.

(301)

أخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي رحمهم الله.

(302)

عن ثوبان رضي الله عنه قال، قال رسول الله. صلى الله عليه وسلم: إستقيموا ولن تُحصُوا، واعلَموا أن خَير أعمالكم الصلاةُ، ولن يحافظ على الوضوء إلَّا مومن". رواه الحاكم في كتابه "المستدرك على الصحِيحَيْن"، وقال: صحيح على شرطهما. ورواه الإِمام الطبراني رحمه الله في كتابه "الأوسط" من حديث سلَمة بن الأكوع رضي الله عنه، وقال فيه: "واعلموا أن أفضل أعمالكم الصلاة"، وأورده الحافظ المنذري رحمه الله في كتابه "الترغيب والترهيب".

قلت: ويعضِّدُهُ ويقَوِّيه أحاديث اخرى كثيرة وصحيحة في الموضوع، نقتصر منها على حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أيّ العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: الصلاة على وقتها، قلت: ثمّ أي؟ قال: برّ الوالدين، قلت: ثمّ أيُّ؟ قال: الجهاد في سبيل الله، قال: حدَّثني بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو استزدته لزادني".

رَوَاهُ الشيخان: البخاري ومسلم، وأبو داود والترمذي رحمهم الله، ورحم سائر الأئمة والعلماء وجميع المسلمين.

ص: 516

فعلى هذا قد يحصل للمفضول مزيَّةٌ ليستْ للأفضل، ولا يلزم بذلك أن يكون أفضلَ، وهذا؛ يقال: أبَيٌّ قوله أقرأ من أبي بكر، ومعاذٌ أعْلمُ منه بالحلال والحرام، وعليٌّ أقضىَ منه. ولنا مع هذا أنْ نقول: أبو بكر أفضلُ من كل واحد واحد من هؤلاء.

ومن هذا الباب قوله صلى الله عليه وسلم لِعُمَر: ما سلكتَ فجًّا إلَّا سلك الشيطان فجاً غيرَ فجِّك". (303)

وقال صلى الله عليه وسلم: "إن عفريتا جآني ليفسد عليَّ صلاتي، ولولا دعوة أخي سليمانَ لأصبح مُوثَقاً يلعب به ولْدانُ أهلِ المدينة". (304) وجآءه عفريت أيضا بشُعلة من نار، فاستعاذ منه ثلاث مرات حتى مدَّ يده .. " الحديث.

(303) نص الحديث بتمامه هو ما روى عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: إستأذن عمر على النبي صلى الله عليه وسلم وعنده نسوة قريش يُكلمنه ويستكْثرنه، عاليةً أصواتُهُن على صوته، فلما استأذن عمرُ قُمنَ فبادرنَ الحِجَابَ (أي ظهر عليهن الخوف وأخذن يتأهبن للخروج)، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك، فقال عمر: أضحك الله صوتك يا رسولَ الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عجبتُ من هؤلاء اللاتي كُنَّ عندي، فلما سمعنَ صوتك ابتَدرنَ الحجاب، قال عمر: أنت أحق أن يهبْنَ يا رسولَ الله، ثم قال لهن عُمَرُ: ياعَدُواتِ أنفسِهن، أتهبْنني ولا تهبنَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلْنَ: نعم، أنتَ أفظ أغْلظُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إيهاً يا ابن الخطاب، والذي نفسى بيده، ما لِقيَكَ الشيطان سالكا فجًّا قط، إلا سلك فجا غير فجك". رواه الشيخان رحمهما الله.

والفج هو السبيل والطريق، ومنه قوله تعالى خطابا لنبيه ابراهيم عليه السلام حين بني البيت الحرام، {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}. سورة الحج. الآيات: 27 - 28 - 29.

(304)

نصه عند القرافي: "إنه قد تفَلتَ عليَّ الشيطان ليفسِدَ عليّ صلاتي، فلولا أنني قد تذكرت دعوةَ أخي سليمان لربطته بسارية من سَوَاري المسجد حتى يلعب به صبيان المدينة". قال القرافي، مبيِّناً الغاية من إيراده لهذا الحديث: "فلم ينفِر الشيطان من النبي صلى الله عليه وسلم كما نفر من عمر رضي الله عنه.

قلت: وهذا الحديث بتمامه أخرجه الإِمام مسلم رحمه الله في باب جواز لعن الشيطان أثناء الصلاة، والتعَوُّذِ منه، وجوازِ العمل القليل في الصلاة، من كتاب المساجد ومواضع الصلاة، فقال: عنِ أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن عِفْريتا من الجن جعل يَفتك عليَّ البارحة، لِيقطع عليَّ الصلاةَ، وإن الله أمكنني منه فدعَتُّه، فلقد هممتُ أن أربطه إلى جنب سارية من سواري المسجد حتى تُصبحوا تنظرون إليه أجمَعُكُم، ثم ذكرت قول أخي

ص: 517