المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القاعدة السابعة عشرة:أقرر فيها الفرق بين الوكالة والولاية في النكاح - ترتيب الفروق واختصارها - جـ ٢

[البقوري]

فهرس الكتاب

- ‌النكاح والطلاق

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها الفرق بين أنكحة الصبيان وطلاقهم

- ‌القاعدة الثانيةأقرِّرُ فيها الفرقَ بين ذوِى الأرحام والعَصَبة حتى كان للعَصَبة الولايةُ في النكاح ولم يكن ذلك لِمَن يُدْلي بجهة الأمّ

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها لِمَ كان الإِخوة في النكاح وميراثِ الولاء وصلاةِ الجنازة يُقَدَّمون على الأجداد، ولِمَ كانوا على السواء في الميراث

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها أن تحريم المصاهَرَة ليس رُتْبةً واحدة، بل هو رُتَبٌ

- ‌القاعدة السابعة

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرِر فها الفرق بين ما يَحْرُم الجمعُ بينهن من النساء وبين ما يجوز الجمعُ بينهن

- ‌القاعدة العاشرة:نقرر فيها ما يُقَرُّ من أنكحة الكفار وما لا يُقَرُّ

- ‌القاعدة الحاديةَ عشْرةَ:لِمِ كان للرجل أن يتزوج الإماء التي لغيره عند شرط ذلك، ولم يكن للمرأة الحرّة أن يتزوجها عبد لغيرها، ولا للرجل أن يتزوج إماءه، ولا للنساء أن يتزوجن عبيدهن

- ‌القاعدة الثانية عشرة:لِمَ وقع الحَجْرُ على النِّساء في الأبضاع ولم يقع الحَجْرُ عليهن في الأموال

- ‌القاعدة الثالثة عشرةأقرر فيها ما به ينعقد النكاح، وأنه يخالف البيع فيما يُشترط فيه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:لِمَ كان الثمنُ في البيع يتقرَّر بالعقد، والصَّداقُ في النكاح لا يتقرر بالعقد؟ ، هذا على قول، فإنه قد قيل: يتقرر بالعقد، وقيل أيضًا: يتقرّر النصف بالعقد

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها الفرق بين المتداعيين شيئًا، لا يقدّمُ أحدُهما على الآخر إلا بحجة ظاهرة وبين المتداعيين من الزوجين في متاع البيت يقدّمُ كل واحد منهما فيما يُشبِهُ أن يكون له

- ‌القاعدة السابعة عشرة:أقرر فيها الفرق بين الوكالة والولاية في النكاح

- ‌القاعدة الثامنة عَشرة:أقرر فيها الصريح من الطلاق وغير الصريح فأقول

- ‌القاعدة التاسعة عشرة:أُقرر فيها ما يُشترَط في الطلاق من النية وما لا يُشْترَط

- ‌القاعدة العشرون:في الفرق بين قاعدة التصرفِ في المعدوم الذي يمكن أن يتقرر في الذمة وبين ما لا يمكن أن يتقرر في الذمة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون:لِمَ كان قرْءٌ واحد يكفي في الاستبراء، وشهر واحد لمن لا تحيض لا يكفي في الاستبراء فلابد من ثلاثة أشهر، وثلاثةُ أشهر إنما جُعِلَتْ مكانَ ثلاثة قروءٍ

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرر فيه الفرق بين خيار التمليك في الزوجات وتخيير الإِمَاء في العتق حتى كان يَلزم في الزوجات ولا يَلزم في الإماء

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:في الفرق بين التخْيير والتمليك

- ‌النفقة

- ‌قواعد البيوع

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها أين يصح اجتماع العوضين لشخص واحدٍ، وأيْن لا يصح

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها الفرق بين من مَلَك أن يَمْلِكَ، هلْ يُعَدُّ مالكا أم لا، وبيْن من انعقد له سبب مطالبةِ التمليك، هل يُعَدُّ مالِكاً أمْ لا (8 م)

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها الفرق بين النقل والإِسقاط

- ‌القاعدة الرابعة:أقرر فيها بيان ما يَقبل المِلك من الأعيان والمنافع مما لا يقبله

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يجوز بيعه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة:في بيانِ ما تُؤَثِّر فيه الجهالةُ والغرَرُ مما لا تؤَثِّرُ

- ‌القاعدة الثامنة:أبين فيها ما يجوز بيعه على الصفة وما لا يجوز

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرر فيها ما به يجوز بيع الربوي بجنسه وما به لا يجوز

- ‌القاعدة العاشرة:أقرر فيها ما يدخله ربا الفضل وما لا يدخله

- ‌القاعدة الحادية عشرة:أقرّرُ فيها معنى الجهل ومعنى الغرر حتى يظهر بذلك اختلافهما

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:نُقَرر فيها ما يجوز اجتماعه مع البيع وما لا يجوز

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:أقررُ فيها ما يتعين من الأَشياءوما ل يتعين في البيع ونحوه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:أقرر فيها ما يجوز بيعه قبل قبضه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها ما يتْبَعُ العقدَ عُرفا ومالَا

- ‌القاعدة السابعةَ عشْرةَ:أقرر فيها ما يجوز به السَّلَمُ ويصح

- ‌القاعدة الثامنة عشرة في الصلح

- ‌القاعدة التاسِعة عشرة:في تقرير حكم الأهوية وتقرير حكم ما تحت الأبنيَّة

- ‌القاعدة العشرون:أقرر فيها ما معنى الذمة وما معْنَى أهلية المعاملة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:أقرر فيها ما معنى المِلْكِ وما معْنَى التصرف

- ‌القاعدة الثالثة: والعشرون:أقرر فيها ما مصلحته من العقود في اللزوم وما مصلحته عدم اللزوم

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرِر فيها ما يُمنَع فيه الجهالةُ وما يُشترَطُ فيه الجهالة بحيث لو فقِدت فَسَد

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:أقرر فيها ما يَثْبُتُ في الذمم وما لَا

- ‌الإِجارة

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها ما يملك من المنفعة بالاجارة وبيْن (1) ما لا يُملَكُ منها بالإِجارة

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها ما للمستاجِر أخْذُهُ من ماله بعد انقضاء الإجارة مِمّا ليس له أخْذُه

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها ما يضمنه الأُجَرَاءُ عند الهلاك مما لا يضمنونه

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يُضمَن بالطرح من السفن وما لا يُضْمَن

- ‌القاعدة السادسة:في الفرق بين الإِجارة والرزق، (14 م)

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين تمليك الانتفاع وتمليك المنفعة

- ‌الضمان

- ‌القاعدة الأولى:نقرر فيها ما بِهِ يكون الضمان

- ‌القاعدة الثانية: فيما يتعلق بالصائِل

- ‌القاعدة الثانية: ما يجوز التوكيل فيه مما لا يجوز

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بين الأملاك الناشئة عن الإِحياء وبين الاملاك الناشئة عن غَير الإِحياء

- ‌القاعدة الرابعة:في تقرير ما يوجبُ استحقاقُ بعضه إبطالَ العقد في الكُلِّ ممّا لَا

- ‌القاعدة السادسة: لِتمييز ما يُرَدُّ من القراض الفاسد إلى أجْرة المثل ممّا يُرَد إلى قراض المثل

- ‌القاعدة السابعة:في تقرير ما يُرَدُّ إلى مساقاة المثل ممّا يُرَدُّ إلى أجرة المِثْلِ منها

- ‌القاعدة الثامنة: في تقرير الإِقرار الذي يَقبَل الرجوعَ عنه وتمييزِه عما لا يَقبَل الرجوعَ عنه

- ‌الدعاوى والشهادات

- ‌القاعدة الأولى: في تمييز الدعوى الصحيحة من الدعوى الباطلة

- ‌القاعدة الثانية:في تمييز المدَّعي من المدعَى عليه

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بيْن ما يحتاج للدعوى وبين ما لا يحتاج إليها

- ‌القاعدة الرابعة: في تقرير اليد المعتبَرة المرجِّحة لقول صاحبها

- ‌القاعدة الخامسة: في تقرير ما تجب إجابة الحاكم فيه إذا دُعِي إليه ممّالا تجب

- ‌القاعدة السادسة: في الفرق بين قاعدة ما يُشْرَع فيه الحَبْسُ وبين قاعدة ما لا يُشَرع

- ‌القاعدة السابعة: في تقرير من يَلْزَمه الحلف

- ‌القاعدة الثامنةفي تمييز المعصية التي هي كبيرة مانعةٌ من قَبول الشهادة من التي ليست كذلك

- ‌القاعدة التاسعة: في تقرير التهمة التي ترَدُّ بها الشهادة بعد العدالة من التيلا تُرَد بها الشهادة

- ‌القاعدة العاشرة: في ذِكر ما يَصْلُحُ أن يكون مستنَداً للشهادات

- ‌القاعدة الحادية عشرة: في تقرير ما هو حُجَّةٌ عند الحكام

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في تقرير ما يقع به الترجيح في البينات عند التعارض

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في تقرير ما اعتُبر من الغالبِ وما أُلغي من الغالب

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:في تمييز ما يصح الإِقراع فيه ممّا لا

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في كيفِيةِ أداء الشاهِدِ شهادتَه عند القاضي

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في الفرق بين الفتوى والحكم

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفي تمييز ما تُشترَطُ فيه العدالة مِمَّا لا تُشترَط فيه

- ‌القاعدة التاسعة عشرة: في ضَمِّ الشهادات

- ‌كتاب الحدود وما في معناها

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير (*) ما هو شُبْهةٌ يُدْرَأُ بهَا الحدُّ ممَّا لا

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين القذف يقع بين الزوجين، وبين الأجانب

- ‌القاعدة الثالثة:أقرَرُ فيها الفرقَ بين الحدِّ والتعزيز

- ‌القاعدة الرابعة:في الفرق بين الحصانة لا تعود بالعدالة، والفسوقِ يعود بالجناية

- ‌القاعدة الخامسة: في القصاص

- ‌القاعدة السادسة:نقرْ الفرق بين المسكرات والمفسدات والمرقِّدات (46 م)، فنقول:

- ‌الفرائض

- ‌القاعدة الأولىفي تقرير ما ينتقل إلى الأقارب من الأحكام

- ‌القاعدة الثانيةفي تقرير الفرق بين أسباب التوارث وأجزاء أسبابها العامة والخاصة

- ‌القاعدة الثالثةفي تقرير أسباب التوارث وشروطِهِ وموانعه

- ‌الجامع

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير ما يحرم من البِدع ويُنْهَى عنها ممَّا ليس كذلك

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين ما هو من الدعاء كُفْرٌ وبين ما ليس بكفر

- ‌القاعدة الثالثة:في انقسام مَا ليس بكفر من الدَّعاءِ إلى مُحرَّم وغيرِ مُحرَّم

- ‌القاعدة الرابعة:في تمييز ما يُكْره من الدعاء مما ليس بمكروه

- ‌القاعدة الخامسة:في تمييز ما يجب تعلُّمُه من النجوم ممَّا لا يجب

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين الحسد والغبطة

- ‌القاعدة الثامنة:في الفرق بين التكبر والتجمل بالملابس، وبين الكِبْر والعُجْب

- ‌القاعدة التاسعةفي تقرير المداهنة الجائزة وتمييزِها عن التي لا تجوز

- ‌القاعدة العاشرة:في تمييزِ المعصية التي هي كفر عن المعصية التي ليست كفْراً

- ‌القاعدة الحاديةَ عشرةَ:في تقرير معْنَى الزهد

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في التوكل

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في الكلام على الرضَى بالقضاء

- ‌القاعدة الرابعة عشرةفي تمييز المكَفِّرات عن أسباب المثوبات

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في تمييز الخوف من غير الله الذي لا يحْرُم من الذي يحرم منه

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في تقرير ما يَلزَم الكفار إذا أسلم وما لا يَلزمه

- ‌القاعدة السابعة عشرة:في الكذِب وفي الوعد وفي خُلْف الوعْد

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفيما يتعلق بالطِيَرة والفال، فأقول:

- ‌القاعدة التاسعة عشرةفي الرؤيا التي تُعْبَرُ من التي لا تُعْبر

- ‌القاعدة العشرون:في تقرير ما يباح من عِشْرة الناس من المكارمة وما يُنهَى عنه مِنْ ذلك

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:في بيان ما يجب النهي عنه من المفاسد وما يَحرُمُ وما يُندَبُ

- ‌القاعدة الثانية والعشرونفى الفرق بين الرياء في العبادات وبين التشريك فيها

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون: فِيما به يكون التفضيل

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:فِيمن يُقَدّم للولاية ومن يتأخر عنها:

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون في الاستغفار

- ‌القاعدة السادسة والعشرون: في معنى الأفضلية والمزية

- ‌القاعدة السابعة والعشرونفي تمييز حقوق الله تعالى عن حقوق العباد

- ‌القاعدة الثامنة والعشرونفي تمييز حقوق الوالدين عن الأجانب

- ‌القاعدة التاسعة والعشرونفيما يُترَكُ من الجهل ولا يواخذُ عليه ممَّا لا

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌جدول بتصويب بعض الأخطاء المطبعية التي وقعت في الجزء الأول من هذا الكتاب

- ‌ترجمة محمد بن قاسم بن محمد بن أحمد بن محمد القوري

- ‌خاتمة

الفصل: ‌القاعدة السابعة عشرة:أقرر فيها الفرق بين الوكالة والولاية في النكاح

أقوى وهو (84) المرجِّح، لأن المرأة في حوزه وتحت يده، والدارُ له، ألا ترى أنه عليه أن يُسكِنها.

ووافقنا أبو حنيفة في هذه المسألة من حيث الجملة، لكنه قال: ما يصلح لهما فهو للرجل إن كان حيًّا، وإن كان ميتا فهو للمرأة. وقال محمد بن الحسن من أصحابه: هو لورثة الزوج كقولنا. وقال أبو حنيفة أيضًا: إن تداعيا شيئًا وهو في أيديهما يُشاهدُ، قسيم بينهما. وإن اختلف العطار والدّباغ في الجلد فإنه يُقَسم بينهما، فتناقض قوله في هذه الفروع، وإن كان من حيث الجملة موافقًا لنا.

وقال المُغيرة من أصحابنا: ما يصلح لهما قُسِمَ بينهما بعد أيمانهما، وسواءٌ في هذا كله اختلفا قبل الطلاق أو بعده، أو بعد خُلع أو لِعَان أو غير ذلك، أو ماتَا أو أحدُهما واختلف الورثة، كان الزوجان حُرَّيِن أو عبدّين، أوْ أحدُهما حُرًا والآخَرُ عبدا، كانت الزوجة ذِمِّية أم لا، وسواء في هذا كله كانتْ لهما عليه يدٌ شاهدة أو حُكميّةٌ، فاليدُ الشاهدة أن يكونا قابضين على الشيء فيتجاذبانه، والحكميةُ أن يكونا في الدار التي سكناها، وسواء في هذا كله الزوجان والأجنبيَّان إذا سكن رجل وامرأة في دارٍ، والله أعلم.

‌القاعدة السابعة عشرة:

أقرر فيها الفرق بين الوكالة والولاية في النكاح

، (85) فأقول

(84) لعل الانسب والصواب: وهي، لأن اليد مونثة في مختلف معانيها، من اليد الجارحة، والنعمة، والقدرة، والسلطان، وغيرها كما سيأتي بعدُ في قوله:"وسواءٌ كانت لهما عليه يد شاهدة أو حُكمية". يقول القائل في الكريم النفس الذي يحفظ الإحسان في نفسه فيرُدُّ الجميل بالجميل، والإحسان بأكثر منه:

أفاداتكم النعماءُ مني ثلاثةً

يدي ولساني والضمير المحجَّبَا.

(85)

هي موضوع الفرق الثالث والاربعين والمائة بين قاعدة الوكالة وبين قاعدة الولاية في النكاح" جـ 3. ص 104.

وقد عقب الشيخ ابن الشاط في أول كلام القرافي عن هذا الفرق، فقال:

"قلتُ: هذا الفرق عندي فاسد الوضع، فإنه لا فرق بين البيع والنكاح من حيث إن السلعة إذا هلكت كان هلاكها فَوتًا، ونفوذ للعقد الثاني، وكذا في المسائل الثماني التي ذكر الفرق فيها. وإنما يحتاج إلى الفرق بين هذه المسائل والمسائل التي ذكر عدم الفوت فيها. وأما الفرق بين تَينك القاعدتين فليس بصحيح، والله أعلم"، أهـ كلام ابن الشاط رحمه الله. =

ص: 63

إن الرِّجُل إذا وَكّل وَكِيلَين في بيع سلعة فَباعاها من رَجُلين، فإن النافِذَ من البيْعَين هو الأول، وإذا جَعلتْ المرأة أمرها لوليَيْن، فزوّجاها من رجلين كُفْؤَيْنِ فالمعتَبَرُ أوّلَهُما إن عُرِفَ، كالبيع، إلا أن يدخل بها الآخر فهو أحق بها. (86) ولهذه المسألةِ نظائرُ يُفيتُها الدخولُ مثّلها.

فمنها امرأة المفقود، تتزوج بعْدَ الأجِّل المضروب، يُفيتها الدخول، وإن قدِم قبل الدخول كان أحقَّ بها.

ومنها المرأة تعلم بالطلاق دون الرجعة فتتزوج، ثم تَثْبُتُ رجّعة الأوّلِ، فإن دخل بها الزوج الثاني كان أحقَّ بها، ولم تُعتَبر الرِّجُعَةُ.

ومنها إذا طلَّق زوجُ الْأمة الْأمَةِ طلاقًا رجعيا فرَاجعَها في السفر، فلم تَعْلَمُ بذلك، فوطئها السيد بعد انقضاء العدة مع عدم علمه بالرجعة، كان وطء السيد مُفيتا كالوطء بالزواج.

= قلت: وهذا الفرق من أدق الفروق عند الإِمام القرافي رحمه الله، ومن أكثرها حاجة إلى التأمل وإلى عمق النظر، ولذلك فإنه مع التقدير والاعتبار لكلام ابن الشاط وهو مَنْ هو علمًا وتحقيقا، يبدو أنه ليس من السهل، بل ربما ليس من الصواب الحكم على كلام القرافي في هذا الفرق بفساد وضعه من أساسه، ولذلكم أطال في بيانه ومسائله القرافي، كما أطال وتوسع فيه كذلك الشيخ محمد علي ابن الشيخ حسين مفتي المالكية في كتابه تهذيب الفروق والقواعد السنّية المطبوع بهامش كتاب الفروق، وختمه هو كذلك بتعقيب ابن الشاط على هذا الفرق. وهذه الدقة والأهمية لهذا الفرق تتجلى من خلال توسُّع كلام القرافي فيه وختامه في آخره بما جاء فيه حيث قال:

"وإذا اندفعتُ النّقَوض بالفرق صح المدْرَك وتبيَّن الفرق بين قاعدة الوكالات في البياعات وقاعدة الوكالات في النكاح، فاعلَمْ ذلك، فقد يسر الله فيه من الحجة ما لم أره قط لأحد، فإن المكان في غاية العسر والقلق والبعد عن القواعد، غير أنه إذا لوحظت هذه المباحث قرَّبت من القواعد وظهر وجّه الصواب فيها، لا سيما وجَمّعٌ كثير من الصحابة أفتواْ بها، فلابدّ لعقولهم الصافية من قواعد يلاحظونها، ولعلهم لاحظوا ما ذكرتُهُ، وبهذا ظهر الفرق بين الوليين والوكيلين في عقود البياعات والاجارات وغيرها أن المعتبر هو الأول فقط، التحَقَ بالثاني تسليم أو لا، فليتأمل ذلك.

(86)

والأصل في هذا حديث الحسن عن سمُرةً عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيما امرأة زوَّجها وليان فهي للأول منهما". رواه الائمة: أحمد بن حنبل، وأصحاب السنن، وحسَّنَه الترمذي رحمهم الله قال في شرحه الإِمام الصنعاني رحمه الله: "والحديث دليل على أن المرأة إذا عقد لها وليان لرجلين وكان العقد مترتبا أنها للأول منهما، سواء دخل بها الثاني أو لا

الخ.

ص: 64

ومنها امرأة الرجل يرتدُّ، فنَشكُّ في كفره بالارض البعيدة، هل هو إكراه أو اختيار؟ ، ثم يتبين أنه إكراه، وقد تزوجت امرأتُه بناء على ظاهر كُفْرِهِ، فدُخول الثاني يُفيتُها.

ومنها الزوج يُسلِمُ على عشر نِسوَةٍ، فاختار أربعًا منهن، فوجدهن ذات محارم، فإنه يرجع وختار من البواقي، فان تزوجُن ودخل بهن فوّتَهن الدخول عليه وقيل: لا يُفَوّتّهن الدخول.

ومنها المرأة تطلَّقُّ للغَيْبَة ثم يقدّمُ الزوج، فإن وجدها تزوجت ودخل بها فاتَتْ عليه، وإلَّا فلا.

ومنها المرأة تُسلم وزوجُها كافرٌ فيفرَّقُ بينهما، ثم يتبين تقدُّم إسلامه عليها، يُفيتها الدخول عليه.

وخولِفت هذه القاعدة بأربع مسائل في المذهب أيضا:

1) المرأة يُنْعَى لها زوجها ثمَّ تتبيَّنُ حياتُه وقد تزوجت، فإنه لا يفيتها الدخول، وقيل: يُفِيتها الدخول.

2) المطَلَّقة بِسَبَبِ الإِعسار بالنفقة ثم يتين أنها أسقطتْها عنه قبل ذلك وقد تزوجت، فإنها ترجع إليه وإن دخل بها الثاني.

3) والرجل يقول: عائشة طالق، وله امرأة حاضرة اسمها عائشة، وقال: لم أرِدْها، ولِي امرأة تسمَّى عائشة ببَلدٍ آخر وهي التي أردتُّ، فإنَّا نطلِق عليه هذه، لأن الأصل عدم امرأة أخرى، فإن تبيَّن صِدْقُه وقد تزوجتْ ودخل بها زوجها رُدَّت إليه، ولا يُفيتها الدخول.

4) والأمَةُ تختار نفسها ثم يتبين عتق زوجها قبْلها، وقيل: يُفِيتُها.

والشافعي سَوَّى بين القاعدتين، وجعل العقد السابق هو المعتبرَ أبدأً،

ص: 65

وما بعده باطل، حصل الدخول أم لا، (87) وهو القياس، فإن من شرط عقد النكاح أن تكون المرأة خالِيَةً من زوج، وهي ذات زوج، فلا يصح العقد عليها. واعتمد مالك رضي الله عنه قضاء عمر ومعاوية وابن الزبير حيث أفاتوا المرأة بالدخول. (87 م)

ووجه الحجة على الشافعي - وبه يظهر الفرق بين القاعدتين - أنَّا أجْمَعُنا على الأخذ بالشفعة، وهي إبطال أثر العقد السابق، وتسليطٌ للشفيع على إبطاله، لاجل الضرر الداخل على الشريك من توقُّع القسمة، وإذا قُضِيَ بتقديم الضرر على العقد هنالك وجب أن نقضي ها هنا بتقديم الضرر على العقد بطريق الأولى من وجّهين:

- الأول أنَّ ضرر الشفعة متوقَّع، إذ القسمة قد تحصل وقد لا، والضرر ها هنا ناجزٌ (88) من حيث إن الرجل إذا اطلع على المرأة وقع له تعلق بها في الغالب، وكذلك هي أيضًا به، فلو قضينا بالفراق لأوقعنا الضرر - ولابد - بالاثنين.

- الوجه الثاني أن الشريك الشفيع يأخذ بغير عقد أضيف إليه، بل لمجرد الضرر، وها هنا الزوج الثاني معه عقد يُقابل به العقد الأول، فصار دفع ضرره معضودا بعقد، ودفعُ ضرر الشريك غيرَ معضودٍ بعقدٍ، فكان أوْلى.

فإن قلت: (89) وجود هذا العقد كعدمه (89 م) قلنا: هذا هو محل النزاع.

(87) قال ابن الشاط: ما قاله القرافي من أن الشافعي يسوي بين القاعدتين يُشعر بأن مالكا لا يسوي بينهما، وليس الامر كذلك، بل مالك أيضًا يسوي بينهما، غير أنه فرق بين مسائل من فروع القاعدتين، فيُطلب وجه ذلك الفرق، وما قاله من أن القياس قول الشافعي صحيح. اهـ.

(87 م) قال القاضي عبد الوهاب البغدادي رحمه الله: إذا أذِنَتُ لوليين فزوجاها ثم علم الأول بدخول الثاني ثبتت عقد الثاني وانفسخ عقد الأول. وقال أبو حنيفة والشافعي: عقد الأول ثابت على كل حال.

ودليلنا اجماع الصحابة، لأنه مروي عن عُمر والحسين ومعاوية، وذكَرَهُ بعضُ أصحابنا عن علي رضي الله عنه

إلى آخره.

(88)

كذا في نسخة خ، ع، وفي نسخة ح: فأجيز (بصيغة الفعل الماضي)، وما في الأولين أظهرُ وأسلَمُ، وفي المعنى المراد، فليُتأمل. وعند القرافي: وأما الضرر ها هنا فنَاجِزٌ.

(89)

هذا التعقيب والذي بعده هو من كلام القرافي، وليس من كلام البقوري كما قد يتبادر إلى الذهن.

(89 م) زاد القرافي هنا قوله: "لان المحل غير قابل له، فلا يصح للترجيح.

ص: 66

فإن قلت: ما الفرق بين مسألة الوليين ومسألة الوكيلين وُكِّلا على أن يُزَوّجَهُ كل واحد منهما بامرأة فزوجاه بامرأتين فدخل بإحداهما، فتبيَّن أنها خامسة، فإنها لا يُفِيتُها الدخول إجماعا، فكذلك ها هنا، والجامع بطلان العقد؟

قلت: الفرق بينهما من وجوه: (90).

1) منها أن المانعَ من الصحة في الخامسة هو عقد الرابعة مع ما تَقدَّمَهُ من العقود، والمانِعُ في الولييْن عقدٌ واحد، فهو أخفَّ فسادًا، فَفَاتت بالدخول.

2) ومنها أن الأولياء، الغالب عليهم الكثرةُ دون الوكلاء، فصوّرُ الوليين مِمَّا يكثر وقوعُها، والقول ببطلان الثاني بعد الدخول يؤدي إلى كثرة الفساد. والخامسة نادرة، فالفساد فيها، الناشيءُ عن الاطلاع والكشفِ قليل.

فإن قلت (91): في صورة الشفعة، الشريك مُخَيَّرٌ، وها هنا الزوج الثاني ليس مخيَّرا، بل أنتم تُعيِّنون المرأة له جَزْمًا، فقد زادت صورة الفرع المَقيسِ على صورة الأصل المقيسِ عليه بِوَصْف الملزوم، فلا يصح القياس لِتَبايُن الأحكام.

قلت: الوجه الذي وقع فيه القياس لا اختلاف فيه، لأن القياس إنما وقع وحصل اللزوم في صورة النزاع دون الصورة الأخرى لامتناع الخيار في النكاح، مخافةَ أن تكون المخدَّرات (92) نزلت بالخيار، والسلع قابلة للخيار (93).

(90) أوصلها القرافي إلى عشرة، وذكرها كلّها في كتابه الفروق، واقتصر البقوري على الإثنين الاولين منها، وهو مظهر من مظاهر الاختصار عنده، وجانب من جوانبه، كما يظهر ذلك من فقرة التعليق رقم 89 م، وغيرها. حيث اختصر البقوري ما ذكرتُهُ من زيادة عند القرافي، رحمهم الله جميعا.

(91)

هذا التساؤل والتعليق وجوابه بهذا التعقيب، وكذا الذي بعده هو من كلام القرافي رحمه الله.

(92)

المخدّرات بفتح الخاء، والدال جمع مخدرة، بصيغة اسم المفعول وهي البنت تكون في خدرها. والخدر بكسر الخاء وسكون الدال المهملة ستر (أو ستار) يُمَدّ للجارية في ناحية البيت، ويطلق على ما يُفرَدِّ لها من السكن وتكون مخصوصة، به، وتتوارى وتتستر به. يقال: خدار البنت وأخدرها إذا ألزمها الخدر، أي جعلها تحتجب فيه، وفي الحديث:"كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد حياءً من العذراء في خدرها، وكان إذا رأى شيئًا يُنكره (أي يكرهه، ولا يرضى عنه) عرفناه في وجهه) ".

(93)

ذكر القرافي هنا تساؤلين آخرين وجوابهما، رأيت أن انقلهما وأذكرهما لأهميتهما وفائدتهما، في الموضوع فقال: "فإن قلت: إنما أبطلنا العقد في الشفعة لضرر الشفيع، لأن العقار مال، ورتبة =

ص: 67

فإن قلت: قد سَرَدُتَّ مسائل يكون الدخول فيها فَوْتًا، وذكرتَ مسائل تعارضها، فهذه القاعدة لا تتم إلا بذكر الفرق بين هذه المسائل، ولِمَ كان ذلك في الصور الاربع؟ .

قلت: بيان الفرق بين الأربعة التي نَقضتُ علينا القاعدة وبين المسائل التي قرَّرنا بها مسألة الولي أنه يخالف الوكيل، يتضخ بأن نُعَيِّن أقربَ الثمانية المذكورة للأربعة، ونبيِّن الفرق بينَهُ وبين تلك الأربعة، فيحصل الفرق بين الأربعة والثمانية، أو نُعَيّن أقرب الصور الثمانية لعدم الفوات بالدخول وأقرب الأربعة للفوات بالدخول، ويفرَّق بين هاتين الصورتين، فيكون الفرق قد حصل بين الجميع بطريق الأولى، فإنه إذا حصل باعتبار الأبعد حصل باعتبار الأقرب بطريق الأولى فنقول:

كل مسألة دخل فيها حكم حاكم، من الثمانية، فهي أقرب إلى الفوات بالدخول من الصورة التي لم يدخل فيها حكم حاك، بسَبَب أن حكم الحاك يُنَزَّل منزلة فسخ النكاح من حيث الجملة، ألا ترى إلى أبي حنيفة كيف جعل حكم الحاكم ينفذ في الظاهر والباطن حتى يصير (الحاك) محللا لمّا يحرُمُ ومحرما لما يَحل.

= الأموال أخفض من رتبة الأبضاع، ولا يلزمْ من مُخالفة العقد المقتضي لما هو أدنى مخالفةُ العقد المقتضي لما هو أعلى، وهذا فرق يبطل القياس.

قلت: هذا بعينه مستنَدُنا في أولوية القياس، وذلكم أنكم إذا سَلَّمتُمْ أن الأبضاع أعلى رتبة من الأموال يكون الضرر بفوات مقاصدها أعظم من ضرر الشريك، فيكون أولى بالمراعاة".

ثم قال القرافي: "فإن قلت: الزوج الثاني كما حصل له تعلق بالدخول في مسألة الوليين فالزوج الاول قد حصل له أيضا تعلق في مسألة الرجعة، والمفقود وغيرهما، فلم كان دفع ضرر الثاني أولى من الأول، لا سيما وصحبة الاول أطول، ومعاهد قضاء الأوطار بينهما أكثر، قال الشاعر: "ما الحبُّ إلا للحبيب الاول."،

قلت: بل ضرر الثاني هو الأولى بالمراعاة، وذلك لأن الأول أعْرض بالطلاق وتوحَّش العصمة، إما بالطلاق وإما بالفراق من غير طلاق، وإما بحصول السَّآمة من طول المباشرة. جرت العادة أن طول صحبة المرأة توجب قلة وقعها في النفس، وأن جدتها توجب شدة وقعها في النفس، وبهذا ظهر أن ضرر الثاني أقوى وأولى بالمراعاة، فهذا هو سر الفرق بين قاعدة الأنكحة في هذا الباب وبين قاعدة الوكالات في السلع والاجارات".

ص: 68

ثم أقول: الذي دخل فيه حكم حاكم، منها مسألة المفقود، ومسألة المرأة تطلق بطول الغيبة: ، ومسألة المرأة تسْلِم ثم يتبين قِدَمُ إسلام زوجها، فهذه فيها حكم الحاكم، والخمْسُ الباقيَة، منها ما يُبنى فيه على ظاهر فانكَشَفَ خلافُه، (94) ومنها مَا لَم يُبْنَ فيه على الظاهر فانكشف خلافه، فالتي بُنِي فيها على ظاهر انكشف خلافُهُ، المرأة حينئذ معذورة بسبب ذلك الظاهر، ومأذُونٌ لها في الإقدام على العقد الثالي، كذلك وليُّها، خلاف ما لَا ظاهرَ فيه يقتضي بطلان العقد الأول. والتي فها ظاهرٌ، هي المرأة الحرَّة يُسْلَم بالطلاق دون الرجعة، والأمةُ يُطلقها زوجها، وامرأة المرتَدِّ، والرجلُ يُسْلم على عَشْرِ نِسْوة، فهذه أربعٌ، فيها عذر مبيح.

بقي مسألة الولي ليس فيها حكم حاكم ولا ظاهر، فهي أبعَدُ المسائل عن الفوات بالدخَول، فنُعَيِّنُها لِلْبحْث والفرق، فنقول:

المرأةُ يُنعَى لها زوْجُها، الفرق بينها وبين المسألة: مسألة الوليين، أن الموتَ شأنهُ الشُّهْرَةُ والظهور، والخطأ فيه نادر، فَيَضْعُفُ العذر، فلا تفُوتُ (95) بالدخول، بخلاف المعرِفة بعقد الولي الأول على المرأة ليس اشتهاره كاشتهار الموت، فالعذر فيه قوى، فيفيت الدخول. (96)

وأما مسألة الطلاق بالإعسار فالمرأة هنا ظالمة قاصدة للفساد، فناسَبَ ألَّا يَفُوتَ بالدخول، بخلاف مسألة الوليين.

وأما مسأَلة الرجلِ يقول: عائشة طالق، فالفرق أن الولي العاقِدَ العقدَ الثاني ماذون له في العقد اجْماعا، ليس له معارِض من حيث الظاهر، والمرأة لمّا تزوَجَتْ قول الرجُل: لي امرأة أخرى تُسَمى عائشة، وقع العقد عليها مع

(94) كذا في نسخة ع، و، ح. وفي نسخة ت: الظاهر، بالتعريف.

(95)

في نسخة ع: فتفوت: وفي نسختى ح، وت: فلا تفوت بالنفي، وهو الصواب الذي يقتضيه السياق والمعنى وآخر هذه الفقرة من الكلام. فَلْيُتَأمَّل ولِيُصَحَّحْ.

(96)

هكذا في جميع النسخ، والمراد فيفيته الدخول، أو فيفوت (أي العقد) بالدخول. كما سيأتي بعدَ هذا في المسائل الموالية.

ص: 69

معارض، (97)، فكان الدخول لا يفيته، لأنه لا معارض له، ولم يكن في مسألة الوليين.

وأما الأمة تختار نفسها فالفرق بيها وبين مسألة الوليين أن زوجها متهافت عليها، قد تعلق قلبه بها لِما كان بينهما من الاتصال الغايةِ في ذلك، فروعيَ (98) أمرُهُ فدم يُفِتْها الدخول، بخلاف الولي الأول لمّا زوجها لذلك الزوج لم يكن معه ما يوجب تهافتا عليها بسبب أنه لم يباشرها ولم يَرَها.

قال شهاب الدين: وبهذا يظهر الفرق بين الوليين والوكيلين في عقد البياعات والإجارات وغيرها في أن المعتبر هو الأول، التحق بالثاني تسليمٌ أم لا. وقد وقع لمالك في المدونة، والجَلَّاب، أن الوكيل والموكِّل إذا باع أحدهما بعد الآخَرِ انعقد عقد الباخ الأول، إلا أن يتصل بالثاني تسليم.

قال الأصحاب: هذا قياس على مسألة الوليين. وقال ابن عبد الحكم: لا عِبْرة بالتسليم، والفرق أن كشفَة (99) النكاح مضَرَّةٌ عظيمة، بخلاف البيع، وهذا هو الصحيح، والتخريجُ مع قيام الفارق لا يصح، وهو باطل إجماعا. ثم إنى لم أجد نصًا في الوكيلين أن التسليم يُفيتُ، (100) بل في الموكل والوكيل خاصة، ولَوْ رامَ

(97) وهو كما قال القرافي: قولُ الزوج معارَض بتصرف المرأة وتصرفِ وليها في العقد، والولي الثاني في مسألة الوليين لا ظاهر يعارضه، فكان بالنفوذ أولى"، وبهذا تظْهَرُ عبارة البقوري، وتتضح في الذهن أَكثر.

(98)

كذا في نسختي ع، و، ح، وفي نسخة ت: فقوِي أمره، وكلاهما سليم على ما يظهر، حيث روعي أمره لقوته أو قوِيَ، فروعي لذلك.

(99)

كذا بالتاءِ في جميع النسخ المخطوطة الثلاث المعتمَدة عِندي في التحقيق، وعند القرَافي: كَشف بدون تاءٍ ولعل المراد فسْخُ النكاح، فلْيُتأمل.

(100)

هذا كلام القرافي رحمه الله حيث قال: "ولم أجد لمالك ولا لأصحابه نصًا في الوكيلين أن التسليم يفيت

" إلى آخر الفقرة، التي أبَان فيها أن الموكل، له التصرف بطريق الاصالة، والوكيل له التصرف بطريق النيابة، فهو فرع. فإن تأخر عقده ووقع التسليم في عقد الموكل أمكن أن يقول مالك: ذلك عنده مضاف للتسليم وكونه متصرفا بطريق الأصالة، والأصالة لها قوة، وله أيضا قوة العزل والتصرف بنفسه، وهو معنى مناسب مفقود في الوكيلين، فإنَّ كليهما =

ص: 70