الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم قال: وبهذه القواعد ظهر الفرق بين اجتماع النكاح والرق الكائن لغير الزوَّجين وبين امتناع اجتماعهما إذا كان الرق للزوجين.
قلت: لا يظهر بهذه القواعد الثلاثِ ما ذَكَرَ، بل انَّما ظهر من القاعدة الثانية كونُ المرأة لا تتنروج عبدَها فقط، ولم يظهر من القاعدةِ الأولى كوْنُ الرجل لا يتزوج أمَتَهُ، لِمَا قلنا: إنه من اجتماع أسباب على مُسَبَّبٍ واحد، وذلك جائز في الشرع وواقع، وما ساقها هو إلا لتصحيح ذلك.
وأما القاعدة الثالثة فما هي لتصحيح شيء من ذلك، بل هي متأخرة على صحة عدم الإجتماع، وتُفِيدُ فائدة وهي: لَمَّا كان (50 م) المِلْكُ يَفسخ النكاح إذا ورد عليه ويؤَثِر فيه، ولم يكن النكاح بحيث يؤثر في الملك إذا وَرَدَ عليه، فيعْرَفُ الجوابُ عَنْ هذا بهذه القاعدة الثالثة، واللهُ أعلم.
القاعدة الثانية عشرة:
لِمَ وقع الحَجْرُ على النِّساء في الأبضاع ولم يقع الحَجْرُ عليهن في الأموال
(51)؟ فأقول:
(50 م) في ع، وت: لم كان؟ بالاستفهام. وفي ت: لما، والأولى أظهر وأوضح لا يحتاج معها إلى جواب لما. وتتناسب مع قوله فيعرف الجواب عن هذا الخ.
(51)
هي موضوع الفرق الرابع والخمسين والمائة بين قاعدة الحَجْر على النِسوانِ في الأبْضاع، وبيْن قاعدة الحَجْر عيهن في الأموال: جـ 3. ص 136.
هكذا بالإثبات، حيث كان من المكن أن يقول:"وبيْن قاعدة عَدم الحجْر عليهن في الأموال" وَوْجهُ ذلك الاثبات أوضحه بقوله: "إعلَمْ أنُ النساءَ على الاطلاق لا يجوزُ لامرأة أن تزوج نفسها وتتصرفَ في بُضعها، كانتْ ثيبا أو بكرا، رشيدة في حألها أم لا، دنِيَّة عفيفة أمْ فاخرة. وأمَّا الأمْوَالُ فيُفرَّق فيها بين الرشيدة الثيب وغها، فيجوز لها (اي. للرشيدة أي الثيب) التصرفُ، ولا يجوز لِلولي الاعتراضُ عليها، وإن كان أبَاها الذي هو أعظم الاولياءِ، لأن لهُ ولايةَ الجَبْرِ، والفَرْقُ من وجوهٍ. الخ.
قلتُ: وهذه المقدمة بهذه السطور عند القرافي، والمختصرة عند البقوري، تلقى ضوءا كاشفا على أول الكلام في هذه القاعدة عند البقوري، رحمهما الله.
ذلك على وجوه:
أحدها أن الأبضاع أشَدُّ خطرًا وأعظم قدْرا، فناسبَ أن لا يَفوَّضَ (52) إلا لكامل العقل ينظر في مصالحها، والأموالُ لا خطرَ لها بالنسبة إليها فَفُوِّضَتْ إليها.
الثاني أن شهوة الجِماع شهوة قوية تغلب على الانسان حتى تُويعَه في الأشياء الرّذيلة وهو لا يشعر بها، لقما" عليه السلام:"حبُّكَ الشيءَ يُعْمي ويُصِمُّ"(53)، فلذلك احتيج للولي في البُضع، وبقيتْ الأموال على الأصل فى اكتفائها بنظرها.
الثالث أن المفسدة في الأبضاع بزواج غير الكفء يَتعدَّى ضَررُها للأولياء، والمفسدة المالية يقتصر ضررها عليها، فلأجْل ذلك حصل ما حصَل من الفرق.
قال شهاب الدين: وهنا مسألتان:
المسألة الأولى: قال مالك والشافعي وابن حنبل: لا يجوز عقد المرأة على نفسها ولا على غيرها من النساء، بِكرًا كانت أو ثيبا، رشيدةً أو سفيهة، أذِن لها الوليُّ أوْ لَا. وأبو حنيفة جوَّز للرشيدة أن تُزوج نفسها، واحتجّ على ذلك بوجوه:
أحدها قوله تعالى: " {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} (54)، وكذلك قوله تعالى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} ". (55)
(52) كذا في جميع النسخ المعتمدة في التحقيق والتصحيح: "ألَّا يفَوض" بالياء ح بناء الفعل للمجهول، أي فناسَبَ ألَّا يُفَوضَ في أمرها وشأنها إلا لكامل العقل.
وعند القرافي: "فناسَب ألا تُفوَّض" بتاء المضارعة ح البناء للمجهول، (أي ألا تُفَوَّض الأبضَاعُ، ولا يقعَ التفويض فيها إلا لكامل العقل وهو الوَلِيُّ الرجل.
(53)
ذكره الإِمام السيوطي في الجامع الصغير، نقلا عن أئمة الحديث: أحمد بن حنبل، والبخاري في التاريخِ وأبي داود، ورمز له بحرف الحاء التي تدل على أنه حديث حسن.
(54)
نص الآية وصوابُهَا قوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} . سورة البقرة: الآية 232.
(55)
أول الآية هو قول الله تعالى في الطلاق الثلاث: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} . سورة البقرة: الآية 229.
وثانيها أنها متصرفة في مالها، ففي نفسها أوْلى، لأنها أعلَمُ بأغراضها منْ وليها.
وثالثها أن الأصل عدمُ الحَجْر على البالغ العاقل وهي كذلك فيزول الحجر عنها مطلقًا.
ورابعها قوله عليه السلام: "أيُّمَا امْرَأةٍ نَكَحَتْ بغير إذن وليها فنكاحها باطل"(56)، فمفهومه أنه إذا أذن لها جاز، وإذا صح العقد بالإذْنِ صح بغير إذن، لأنه لا قائلَ بالفرق.
والجوابُ أن النكاح حقيقة في الوطء، ونحن نقول بموجِبِهِ، أو يُحْمَلُ على التمكين من الوطء، وهو أقرب للحقيقة من العقدِ.
قلت: هذا لا يصح، لأن النكاح يُطْلَقُ على العقد شرعا، وهو على الوطء لغةً. وحمْلُ اللفظ الشرعي على مقتضاه شرْعًا أرجحُ من حمله على مقتضاه لغة. (57)
(56) أخرجه بعض ائمة الحديث من أصحاب السنن الاربعة، غير النسائي، عن عائشة أم المومنين رضي الله عنها، وصححه أبو عوانة، وابن حِبَّان، والحاكم ويحيى بن مَعين، وغيرُهم من حفاظ الحديث.
(57)
نقل الشيخ صالح عبد السميع الْأبي الازهري في شرحه (جواهر الاكليل) على مختصر الشيخ خليل في مذهب الإِمام مالك إمَامِ دار التنزيل كلام الحافظ ابن حجر في الموضوع فقال: النكاح لغةً، الضمُّ والتداخل، وأكثرُ استعمالِهِ في الوطء، ويسمي به العقد مجازًا، لكونه سببا له، (فهو من قبيل المجاز المرسَل، علاقته السَّببية).
ثم قال: وشرْعًا حقيقةٌ في العقد، مجاز في الوطء، لكثرة وروده في الكتاب والسَّنة في العقد، حتَّى قيل: لم يَرِدْ في القرآن إلّا لَهُ. ومثل هذا الكلام عند الإِمام الصنعاني رحمه الله في كتابه سُبل السلام.
ولا يَرد على ذلك مثُل قوله تعالى: "فإنْ طلَّقها فلا تَحِلَّ له مِن بعدُ حتى تَنكحَ زوجًا غيره"، لأن شرط الوطء في التحليل إنما ثبت بالسنة، والعقد لابد منه. فمعنى قوله تعالى:"حتى تنكح زوجا غيره"، أيْ حتى تتزوجه، أي حتى يعقد عليها). ومفهومه أن هذا كاف بمجرده، ولكن بيَّنتْ السنة أنه لا عبرة بمفهوم الغاية، وأنه لابد بعد العقد من ذوق العُسَيْلة).
قلْتُ: وفي هذه الكلمة الاخيرة إشارة إلى الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: "إن امرأة رفاعة القرظي جآت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن رفاعة طلقني، فَبَتَّ طلاقي (أيْ طلقها طلاقا ثلاثًا)، وإنِّي نكحت بعده عبد الرحمان بن الزبير القَرظي، وإنما معَهُ مثلُ الهدبة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة، لا، حتى يذوق عُسَيلتِك =
والجواب عندي هو أن يقول: سلَّمنا أنها تَنكِح من حيث إنها تُصرِّح بالقَبُولِ (57 م) إن كانت ثَيبًّا، أو تَصْمُتُ إن كانتْ بِكرًا، ولا يَلزَمُ من هذا أنه لا دخل للولي في النكاح، ولا أنها مستبِدةٌ بذلك أو غيرُ متوقفة على الولي (58)، والتوقف على الولي جارٍ. (58 م) قال عليه الصلاة والسلام:"لا تُزوِّجُ المرأةُ المرأةَ، ولا المرأةُ نفسَها، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها"(59). أخرجه الدارقطني وصحَّحه.
وعن الثاني: الفَرقُ بيْنَ الأموال والأبضاع قد أبدينَاهُ. (أي في أول هذه القاعدة).
= وتذوقي عسيلته". متفق عليه. والحديث بيان للآية الكريمة "حتى تنكح زوجا غيره"، وصريح في أن المراد بالنِّكَاح فيها الوطء بعد العقد، فلا يكى مجرد العقد من الزوج الثاني على المطلَّقة ثلاثًا، بل لابد أن يحصل معه الوطء، وإذ ذاك وإذا وقع الطلاق من الزوج الثاني جاز للاول أن يسترجعها.
ومثله حديث النَّسائي أن العميصاء أو الرمَيصاء جآت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشتكي زوجَها أنه لا يصل إليها، فلم يلبث أن جاء زوجها فقال: يا رسول الله، هي كاذبة، وهو يصل إليها، ولكنها تريد أن ترجع إلى زوجها الأول، فقال صلى الله عليه وسلم: ليس ذلِكَ لك، حتى تذوقي عُسيلته.
ومثْل هذا الكلام أورده الإِمام الصنعاني في أول كتاب النكاح من شرحه (سبل السلام على بلوغ المَرام من أدلة الاحكام) للحافظ ابن حجر رحمهم الله ورضي عنهم أجمعين.
(57 م) كذا في نسخة ع، وح وفي نسخة ت: بالقول، وكلاهما سليم، ابن زيد:"وتَاذَنُ بِالقَول".
(58)
كذا في جميع النسخ، أو متوقفة، وأهل صوابه أن يقال "أو غيرُ متوقفة على الولي" بالنَفي، حتى يصح المعنى وينسجم مع ما قبله. فليتأملْ ذلك، وليصحح.
(58 م) كذا في نسخة ح: وفي جُل النسِخ الاخرى: جاءَ، هكذا بالهمز، بمعنى ورد، ويبدو لكل كلمة معنْى ووجْهٌ سليم تُحمَل عليه، فليُتأمَّل ذلك، وليُصَحَّحْ، والله أعلمُ.
(59)
أورده كذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله في كتابهِ بلوغ الرام، روايةً عن أبي هريرة رضي الله عنه. وقال فيه: رواه ابن ماجة والدارقطني، ورجالهَ ثِقاتٌ، واقتصَرَ فيه على إيراد شطره الأول:"لا تزوجُ المرأةُ المرأةَ، ولا تزوج المرأة نفسَهَا".
قال في شرحه الإمامُ الصنعاني رحمه الله: "فيه دليل على أن المرأة ليس لها ولاية في الإِنكاح لنفسها ولا لغيرها، فلا عبارة لها في النكاح إيجابا ولا قَبولا. فلا تزوجُ نفسها بإذن الولي ولا غيره، ولا تزوج غيرَها بولاية ولا بوكالة، ولا تقْبَلُ النكاح بولاية ولا وكالةٍ، وهو قول الجمهور.
واستدل الجمهور بالحديث (اي بهذا الحديث المذكور)، وكذا بالحديث الذي أخرجه الإِمام أحمد ابن حنبل، وأصحاب السنن الاربعة عن أبي بُردةَ بن أبي موسى عن أبيه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا نكاحَ إلا بولي"، كما استدل الجمهور على اعتبار الولي بقوله تعالى:"وإذا طلقتم النساء، فبلغن أجلهن، فلا تعضلوهن أن ينكحن ازواجهن إذا تراضَوْا بينهم بالمعروف". قال الإِمام الشافعي رحمه الله: هي أصْرَحُ آيةٍ في اعتبار الولي، وإلَّا لما كان لِعضله معنى. =
وعن الثالث: الدليل دل على مخالفة الأصل في الْأبضَاع، وذلك الحديث المذكور.
وعن الرابع أن المفهوم إذا خرَجَ مخزجَ الغالب فإنه لا يكون حجةً إجماعا، وهو هنا كذلك خرج، بمنزلته "في سائمة الغنمِ الزكاةُ"(59 م) - "وقد تقرَّر هذا المعنى في المفهوم عند ذكر قواعده.
قال صاحب الجواهر: لا خلاف عندنا أنها لا تكون وليةً على امرأة، ورُوي عن ابن القاسم أنها تكون ولية على عبدها وعلى من قُدِّمَتْ عليه من الذكور دون الإنات. وكان ذلك، لأن للذكَر قدرةً على التخلص من ذلك العقد، بخلاف الأنْثَى. وأيضا فإن الولاية ليستْ لطلب الكفاءة المحتاجة لتدقيق النظر.
المسألة الثانية في العفو عن الصداق:
قال الله تعالى: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} ، (60) قال مالك: ذلك، السيد في أمته، والأبُ في ابنته البِكْر، وقال أبو حنيفة والشافعي وابن حنبل: هو الزوج، واحتجوا بوجهيْن:
أحدهما أنه قد رُوى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صريحا (60 م)
= وسبب نزولها في معقل بن يسار، زوَّج أخته، فطلقها زوجها طلقة رجعية، وتركها حتى انقضَتْ عِذَتُها ورَامَ رجْعها، فحلف ألَّا يزوجها، قال: ففيه نزلت هذه الآية. ومئل هذا الكلام نجده للقاضي عبد الوهاب البغدادي المالكي رحمه الله في كتابه "الإشراف على مسائل الخلاف" حيث قال: مسألة، لا يصح كون المرأة وليا في العقد لا على نفسها ولا على غيرها، خلافًا لأبي حنيفة رحمه الله في قوله "فإذا بلغت عاقلة رشيدة جاز ذلك لها" ولداود بن علي الظاهرى في التفريق بين البكر والثيب، لقوله تعالى "وأنكحوا الأيامى منكم"، فخص الرجال بالولاية، ولقوله تعالى:"فلا تعضلوهنْ أن ينكحن أزواجهن"، ففيه دليلان (أي على اعتبار الولي واشتراطه عنده عقد القِران" إلى آخر ما ذكره من الاستدلال بالآية وبَيَانِ ذلك، كما هو مذكور هنا عن الإِمام الشافعى والإِمام الصنعاني رحمهما الله، فليرجع إليه من أراد التوسع في ذلك؟
(59 م) أخرجه الإِمام مالك في الموطأ.
(60)
سورة البقرة. الآية 237.
(60 م) وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "وليُّ عقدة النكاح الزوج"، رواه ابن أو حاتم وابنُ مَردويه عن ابن لَهيعة، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم. كما أخرجه أيضًا ابن أبي حاتم بسند إلى عيسى بن عاصم، قال: سمعتَ شُرَيْحًا يقول: سألني علي بن أيى طالب عن الذي بيده عقدة النكاح، فقلت له: هو وليُّ المرأة، فقال: عليٌّ: لا، بل هو الزوج. وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه، وهو الجديد من قول الشافعي، واختارَه ابن جرير. =
الثاني أن الأصل يقتضى عدم تسليط الولي على مال ولِيَّتِه.
فأجبْنَا عن الأول بأنه ضعيف لا تقومُ به حجة (61).
وعن الثاني أن قاعدة الولاية تقتضى تصرف الولط بما هو أحسن للمولَّى عليه، وقد يكون العفو كذلك فيجوز. (62)
ثم إن الآية تدل على ما قلناه بوجوه ت (63)
منها أن الأصل في العطف بأو التشريكُ في المعنى. وقولهُ تعالى: "إلَّا أن يعفون"، معناه الإسقاط. وعلى رأينا يكون "أو يعفو الذي بيده عقدةُ النكاح" كذلك للإسقاط. وعلى رأيهم يكون للإثبات فلا يَحْصُل التشريك.
ومنها أن المفهوم من قولنا: إلا أن يكون كذا وكذا، تنويع ذلك الكائن إلى نوعين: والتنويع فرع الاشتراك في المعنى، ولا شِرْكة بين النفي والإِثبات، والإِسقاط والإِعطاء، وعلى رأينا، المتنوع: الإِسقاط إلى إسقاط المرأة وإسقاط الولي.
= ومأخذ هذا القول - كما يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره - أن الذي بيده عقدة النكاح حقيقة، الزوج، فإن بيده عقدها وإبرامها، ونقضها وانهدامها، وكما أنه لا يجوز للولي أن يهب شيئًا من مال وليته للغير فكذلك الصداق.
الوجه الثاني أن الذي بيده عقدة النكاح هو وليُّ المرأة. حدِّث به عمْرُو بن دينار عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال في الذي ذكر الله بيده عقدة النكاح. قال: "ذاك أبوها وأخوها، أوْ من لا تُنكحُ إلا بإذنه، وهو مذهب مالك، وقول الشافعي في القديم. ومأخذه أن الولي هو الذي أكسَبَها إياه، فله التصرُّف فيه أي في عقد النكاح، بخلاف سائر مالها.
ونقل الإِمام ابن جرير الطبري إمام المفسرين وشيخهم رحمه الله ورحمهم أجمعين عن عمرو بن دينار عن عكرمة قال: "أذِن الله في العفو وأمرّ به (أي في الصداق)، فأي امرأة عَفت جار عفوها، فإن شَحَّتْ وضَنَّتُ وعفا وليُّها جاز عفوه، وهذا يقتضي صحة عفو الوَلي وإن كانت رشيدة، وهو مروي عن شريح، لكن أنكر عليه الشعبي فرجع عن ذلك وصار إلى أنه الزوج، وكان ياهل عليه، وانظر كذلك هذا تفسير الإِمام القرطبي والإمام ابن عطية رحمهما الله.
(61)
ووجّه ضعفه أنه منقطع غير متصل السند، كما ذكره الحافظ ابن كثير حيث قال في حديث كون ولي عقدة النكاح هو الزوج:"وقد أسنده ابن جرير عن ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "وليُّ عقدة النكاح الزوج"، ولم يقل عني أبيه عني جده، فالله أعلم".
(62)
كذا في نسخة ع. وفي نسخة ح: يجوز بدون الفاء.
(63)
ذكر القرافي أنها عشرة، واقتصر البقوري على بعضها اختصارا.