الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة الثالثة والعشرون:
لِمَ كان قرْءٌ واحد يكفي في الاستبراء، وشهر واحد لمن لا تحيض لا يكفي في الاستبراء فلابد من ثلاثة أشهر، وثلاثةُ أشهر إنما جُعِلَتْ مكانَ ثلاثة قروءٍ
؟ (121)
فالجواب أن القُرْءَ الواحد دالٌّ - عَادةٌ - على برآة الرحم، فإن الحيض لا يجتمع مع الحمل غالبا، والشهر الواحد، وإن كان عِوَضَ قُرْءَ واحد، لكنه لا تحصل برآة الرحم به وانما تحصل بثلاثة أشهر، فلذلك اعتُبرت ثلاثة أشهر في الاستبراء أو قُرْءٌ واحد فيه أيضًا.
القاعدة الرابعة والعشرون:
أقرر فيه الفرق بين خيار التمليك في الزوجات وتخيير الإِمَاء في العتق حتى كان يَلزم في الزوجات ولا يَلزم في الإماء
. (122)
(121) هي موضوع الفرق السابع والسبعين والمائة بين قاعدة الاستبراء بالأقراء يكفي قرء واحد، وبين قاعدة الاستبراء بالشهور لا يكفى شهر" جـ 3. ص 205، لم يعلق عليه الفقيه ابن الشاط بشيء.
قلْتُ: وقد جاء ذكر القرء بصيغة الجمع في الآية 228 من سورة البقرة في قوله تعالى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} . قال الحافظ ابن كثير رحمه الله عند تفسير هذه الآية الكريمة: وقد اختلف السلف والخلَف والأيمة في المراد بالأقراء ما هو على قولين: أحدهما أن المراد بها الأظهار، بدليل قوله تعالى: في أول سورة الطلاق: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} أي في الأظهار، ولما كان الطهر الذي يطَلَّقُ فيه محتسبَا دل على أنه أحد الأقراء الثلاثة المأمور بها، وعليه فإن المعتدة تنقضي عدتها وتَبين من زوجها بالطعن في الحيضة الثالثة، أيّ بالدخول فيها بأيام، وهذا القول اعتمده ورجحه القاضي ابن العربي المعافِرِي في كتابه: أحكام القرآن.
والقول الثاني أن المراد بالأقراء الحيض، فلا تنقضى العدة حتى تطهر من الحيضة الثالثة، بدليل ما ورد من قول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حُبَيش "دَعي الصلاة أيام أقرائك"، فهذا يقول ابن كثير - لو صح لكان صريحا في أن القُرَءُ هو الحيض
…
الخ. أخرجه أبو داود النسائي وغيرهما.
(122)
هي موضوع الفرق السابع والستين والمائة بين القاعدتين المذكورتين هنا. جـ 3، ص 173. لم يعلق عليه بشيء، الفقيه المحقق ابن الشاط رحمه الله.
وهذا كأن يقول الرجل: إن فعلتُ كذا فأمُرُك بيدك، فتقول المرأة: متَى فعلت فقد اخترتُ نفسي، لزمه ذلك. ولوْ حلَفَ السيدُ بحُرِّيَّة أمَتِهِ، فقالتْ: إنْ فعلتَ فقد اخترْتُ نفسي لا يَلزَمُ.
والفرقُ أن الزوْجَ أذِنَ للحُرّة في القضاء الآن على ذلك التقدير، والحالفُ بحرية الأمَةِ لم يأذن، وإنما قصد حثَّ نفسِهِ باليمين على الفعل أو زَجْرَها عنه، وإنما يستويان إذا قالت الحرّة: إن ملكتني فقد اخترتُ نفسي.
ويردِّ عليه أن الله أذِنَ للأمَة في القضاء على ذلك التقدير (123) كما أذِن الزَّوْجُ.
وجوابُهُ أن إذن الله تعالى على التقادير لا يترتبُ عليه صحة التصرف قبل وجود التقدير، بدليل إسقاط الشفعة قبل البيع، والإِذن من الوارث في التصرف قبل المرض من الموت، وصرْف الزكاة قبل ملك النصاب، والتكفير قبْل الحنث في اليمين، فهذه التصرفاتُ باطلة، وإن كان الشارع رتبها وأذِن فيها على تلك التقادير، لأن القاعدة أن كل حكم وَقَعَ قبلي سببه وشرطِه لا ينفَّذ (124) إجماعا، وبعدهما ينفَّذ إجماعا، وبينهما، في النفوذ قولان، فالحُرّة وجدّ في حقها سبب، وهو قول الزوج مع إذن الشرع المقدَّر، والأمَةُ الموجودُ في حقها الإِذْنُ المقَدِّر فقط. وأيضا فإن حقوق العباد إنما تَسقط بإِذن العباد (125).
قال اللخمي: وسوَّى أصبَغُ الإماء بالزوجات، وسوَّي أشهبُ الزوجاتِ بالإِماء لعدَمِ ما يترتب عليه الاختيار.
(123) هو تقدير العتق.
(124)
كذا في جميع نسخ هذا الترتيب والاختصار عند البقوري، وعند القرافي لا ينعقد إجماعا، سواء في هذه الكلمة والتي بعدها.
(125)
قال القرافي هنا: وقد تقدمت أيضًا هذه القاعدة، ونُظِّرتُ بالوديعة والعارية، إذا هلكت بإذن ربها لا يضمن، وبإذن صاحب الشرع يضمن، ومسائل معها، (أيْ ونَظِّرتْ بمسائل أخرى مع هذه القاعدة.