المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القاعدة العشرون:أقرر فيها ما معنى الذمة وما معنى أهلية المعاملة - ترتيب الفروق واختصارها - جـ ٢

[البقوري]

فهرس الكتاب

- ‌النكاح والطلاق

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها الفرق بين أنكحة الصبيان وطلاقهم

- ‌القاعدة الثانيةأقرِّرُ فيها الفرقَ بين ذوِى الأرحام والعَصَبة حتى كان للعَصَبة الولايةُ في النكاح ولم يكن ذلك لِمَن يُدْلي بجهة الأمّ

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها لِمَ كان الإِخوة في النكاح وميراثِ الولاء وصلاةِ الجنازة يُقَدَّمون على الأجداد، ولِمَ كانوا على السواء في الميراث

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها أن تحريم المصاهَرَة ليس رُتْبةً واحدة، بل هو رُتَبٌ

- ‌القاعدة السابعة

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرِر فها الفرق بين ما يَحْرُم الجمعُ بينهن من النساء وبين ما يجوز الجمعُ بينهن

- ‌القاعدة العاشرة:نقرر فيها ما يُقَرُّ من أنكحة الكفار وما لا يُقَرُّ

- ‌القاعدة الحاديةَ عشْرةَ:لِمِ كان للرجل أن يتزوج الإماء التي لغيره عند شرط ذلك، ولم يكن للمرأة الحرّة أن يتزوجها عبد لغيرها، ولا للرجل أن يتزوج إماءه، ولا للنساء أن يتزوجن عبيدهن

- ‌القاعدة الثانية عشرة:لِمَ وقع الحَجْرُ على النِّساء في الأبضاع ولم يقع الحَجْرُ عليهن في الأموال

- ‌القاعدة الثالثة عشرةأقرر فيها ما به ينعقد النكاح، وأنه يخالف البيع فيما يُشترط فيه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:لِمَ كان الثمنُ في البيع يتقرَّر بالعقد، والصَّداقُ في النكاح لا يتقرر بالعقد؟ ، هذا على قول، فإنه قد قيل: يتقرر بالعقد، وقيل أيضًا: يتقرّر النصف بالعقد

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها الفرق بين المتداعيين شيئًا، لا يقدّمُ أحدُهما على الآخر إلا بحجة ظاهرة وبين المتداعيين من الزوجين في متاع البيت يقدّمُ كل واحد منهما فيما يُشبِهُ أن يكون له

- ‌القاعدة السابعة عشرة:أقرر فيها الفرق بين الوكالة والولاية في النكاح

- ‌القاعدة الثامنة عَشرة:أقرر فيها الصريح من الطلاق وغير الصريح فأقول

- ‌القاعدة التاسعة عشرة:أُقرر فيها ما يُشترَط في الطلاق من النية وما لا يُشْترَط

- ‌القاعدة العشرون:في الفرق بين قاعدة التصرفِ في المعدوم الذي يمكن أن يتقرر في الذمة وبين ما لا يمكن أن يتقرر في الذمة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون:لِمَ كان قرْءٌ واحد يكفي في الاستبراء، وشهر واحد لمن لا تحيض لا يكفي في الاستبراء فلابد من ثلاثة أشهر، وثلاثةُ أشهر إنما جُعِلَتْ مكانَ ثلاثة قروءٍ

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرر فيه الفرق بين خيار التمليك في الزوجات وتخيير الإِمَاء في العتق حتى كان يَلزم في الزوجات ولا يَلزم في الإماء

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:في الفرق بين التخْيير والتمليك

- ‌النفقة

- ‌قواعد البيوع

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها أين يصح اجتماع العوضين لشخص واحدٍ، وأيْن لا يصح

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها الفرق بين من مَلَك أن يَمْلِكَ، هلْ يُعَدُّ مالكا أم لا، وبيْن من انعقد له سبب مطالبةِ التمليك، هل يُعَدُّ مالِكاً أمْ لا (8 م)

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها الفرق بين النقل والإِسقاط

- ‌القاعدة الرابعة:أقرر فيها بيان ما يَقبل المِلك من الأعيان والمنافع مما لا يقبله

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يجوز بيعه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة:في بيانِ ما تُؤَثِّر فيه الجهالةُ والغرَرُ مما لا تؤَثِّرُ

- ‌القاعدة الثامنة:أبين فيها ما يجوز بيعه على الصفة وما لا يجوز

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرر فيها ما به يجوز بيع الربوي بجنسه وما به لا يجوز

- ‌القاعدة العاشرة:أقرر فيها ما يدخله ربا الفضل وما لا يدخله

- ‌القاعدة الحادية عشرة:أقرّرُ فيها معنى الجهل ومعنى الغرر حتى يظهر بذلك اختلافهما

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:نُقَرر فيها ما يجوز اجتماعه مع البيع وما لا يجوز

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:أقررُ فيها ما يتعين من الأَشياءوما ل يتعين في البيع ونحوه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:أقرر فيها ما يجوز بيعه قبل قبضه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها ما يتْبَعُ العقدَ عُرفا ومالَا

- ‌القاعدة السابعةَ عشْرةَ:أقرر فيها ما يجوز به السَّلَمُ ويصح

- ‌القاعدة الثامنة عشرة في الصلح

- ‌القاعدة التاسِعة عشرة:في تقرير حكم الأهوية وتقرير حكم ما تحت الأبنيَّة

- ‌القاعدة العشرون:أقرر فيها ما معنى الذمة وما معْنَى أهلية المعاملة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:أقرر فيها ما معنى المِلْكِ وما معْنَى التصرف

- ‌القاعدة الثالثة: والعشرون:أقرر فيها ما مصلحته من العقود في اللزوم وما مصلحته عدم اللزوم

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرِر فيها ما يُمنَع فيه الجهالةُ وما يُشترَطُ فيه الجهالة بحيث لو فقِدت فَسَد

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:أقرر فيها ما يَثْبُتُ في الذمم وما لَا

- ‌الإِجارة

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها ما يملك من المنفعة بالاجارة وبيْن (1) ما لا يُملَكُ منها بالإِجارة

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها ما للمستاجِر أخْذُهُ من ماله بعد انقضاء الإجارة مِمّا ليس له أخْذُه

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها ما يضمنه الأُجَرَاءُ عند الهلاك مما لا يضمنونه

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يُضمَن بالطرح من السفن وما لا يُضْمَن

- ‌القاعدة السادسة:في الفرق بين الإِجارة والرزق، (14 م)

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين تمليك الانتفاع وتمليك المنفعة

- ‌الضمان

- ‌القاعدة الأولى:نقرر فيها ما بِهِ يكون الضمان

- ‌القاعدة الثانية: فيما يتعلق بالصائِل

- ‌القاعدة الثانية: ما يجوز التوكيل فيه مما لا يجوز

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بين الأملاك الناشئة عن الإِحياء وبين الاملاك الناشئة عن غَير الإِحياء

- ‌القاعدة الرابعة:في تقرير ما يوجبُ استحقاقُ بعضه إبطالَ العقد في الكُلِّ ممّا لَا

- ‌القاعدة السادسة: لِتمييز ما يُرَدُّ من القراض الفاسد إلى أجْرة المثل ممّا يُرَد إلى قراض المثل

- ‌القاعدة السابعة:في تقرير ما يُرَدُّ إلى مساقاة المثل ممّا يُرَدُّ إلى أجرة المِثْلِ منها

- ‌القاعدة الثامنة: في تقرير الإِقرار الذي يَقبَل الرجوعَ عنه وتمييزِه عما لا يَقبَل الرجوعَ عنه

- ‌الدعاوى والشهادات

- ‌القاعدة الأولى: في تمييز الدعوى الصحيحة من الدعوى الباطلة

- ‌القاعدة الثانية:في تمييز المدَّعي من المدعَى عليه

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بيْن ما يحتاج للدعوى وبين ما لا يحتاج إليها

- ‌القاعدة الرابعة: في تقرير اليد المعتبَرة المرجِّحة لقول صاحبها

- ‌القاعدة الخامسة: في تقرير ما تجب إجابة الحاكم فيه إذا دُعِي إليه ممّالا تجب

- ‌القاعدة السادسة: في الفرق بين قاعدة ما يُشْرَع فيه الحَبْسُ وبين قاعدة ما لا يُشَرع

- ‌القاعدة السابعة: في تقرير من يَلْزَمه الحلف

- ‌القاعدة الثامنةفي تمييز المعصية التي هي كبيرة مانعةٌ من قَبول الشهادة من التي ليست كذلك

- ‌القاعدة التاسعة: في تقرير التهمة التي ترَدُّ بها الشهادة بعد العدالة من التيلا تُرَد بها الشهادة

- ‌القاعدة العاشرة: في ذِكر ما يَصْلُحُ أن يكون مستنَداً للشهادات

- ‌القاعدة الحادية عشرة: في تقرير ما هو حُجَّةٌ عند الحكام

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في تقرير ما يقع به الترجيح في البينات عند التعارض

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في تقرير ما اعتُبر من الغالبِ وما أُلغي من الغالب

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:في تمييز ما يصح الإِقراع فيه ممّا لا

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في كيفِيةِ أداء الشاهِدِ شهادتَه عند القاضي

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في الفرق بين الفتوى والحكم

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفي تمييز ما تُشترَطُ فيه العدالة مِمَّا لا تُشترَط فيه

- ‌القاعدة التاسعة عشرة: في ضَمِّ الشهادات

- ‌كتاب الحدود وما في معناها

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير (*) ما هو شُبْهةٌ يُدْرَأُ بهَا الحدُّ ممَّا لا

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين القذف يقع بين الزوجين، وبين الأجانب

- ‌القاعدة الثالثة:أقرَرُ فيها الفرقَ بين الحدِّ والتعزيز

- ‌القاعدة الرابعة:في الفرق بين الحصانة لا تعود بالعدالة، والفسوقِ يعود بالجناية

- ‌القاعدة الخامسة: في القصاص

- ‌القاعدة السادسة:نقرْ الفرق بين المسكرات والمفسدات والمرقِّدات (46 م)، فنقول:

- ‌الفرائض

- ‌القاعدة الأولىفي تقرير ما ينتقل إلى الأقارب من الأحكام

- ‌القاعدة الثانيةفي تقرير الفرق بين أسباب التوارث وأجزاء أسبابها العامة والخاصة

- ‌القاعدة الثالثةفي تقرير أسباب التوارث وشروطِهِ وموانعه

- ‌الجامع

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير ما يحرم من البِدع ويُنْهَى عنها ممَّا ليس كذلك

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين ما هو من الدعاء كُفْرٌ وبين ما ليس بكفر

- ‌القاعدة الثالثة:في انقسام مَا ليس بكفر من الدَّعاءِ إلى مُحرَّم وغيرِ مُحرَّم

- ‌القاعدة الرابعة:في تمييز ما يُكْره من الدعاء مما ليس بمكروه

- ‌القاعدة الخامسة:في تمييز ما يجب تعلُّمُه من النجوم ممَّا لا يجب

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين الحسد والغبطة

- ‌القاعدة الثامنة:في الفرق بين التكبر والتجمل بالملابس، وبين الكِبْر والعُجْب

- ‌القاعدة التاسعةفي تقرير المداهنة الجائزة وتمييزِها عن التي لا تجوز

- ‌القاعدة العاشرة:في تمييزِ المعصية التي هي كفر عن المعصية التي ليست كفْراً

- ‌القاعدة الحاديةَ عشرةَ:في تقرير معْنَى الزهد

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في التوكل

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في الكلام على الرضَى بالقضاء

- ‌القاعدة الرابعة عشرةفي تمييز المكَفِّرات عن أسباب المثوبات

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في تمييز الخوف من غير الله الذي لا يحْرُم من الذي يحرم منه

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في تقرير ما يَلزَم الكفار إذا أسلم وما لا يَلزمه

- ‌القاعدة السابعة عشرة:في الكذِب وفي الوعد وفي خُلْف الوعْد

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفيما يتعلق بالطِيَرة والفال، فأقول:

- ‌القاعدة التاسعة عشرةفي الرؤيا التي تُعْبَرُ من التي لا تُعْبر

- ‌القاعدة العشرون:في تقرير ما يباح من عِشْرة الناس من المكارمة وما يُنهَى عنه مِنْ ذلك

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:في بيان ما يجب النهي عنه من المفاسد وما يَحرُمُ وما يُندَبُ

- ‌القاعدة الثانية والعشرونفى الفرق بين الرياء في العبادات وبين التشريك فيها

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون: فِيما به يكون التفضيل

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:فِيمن يُقَدّم للولاية ومن يتأخر عنها:

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون في الاستغفار

- ‌القاعدة السادسة والعشرون: في معنى الأفضلية والمزية

- ‌القاعدة السابعة والعشرونفي تمييز حقوق الله تعالى عن حقوق العباد

- ‌القاعدة الثامنة والعشرونفي تمييز حقوق الوالدين عن الأجانب

- ‌القاعدة التاسعة والعشرونفيما يُترَكُ من الجهل ولا يواخذُ عليه ممَّا لا

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌جدول بتصويب بعض الأخطاء المطبعية التي وقعت في الجزء الأول من هذا الكتاب

- ‌ترجمة محمد بن قاسم بن محمد بن أحمد بن محمد القوري

- ‌خاتمة

الفصل: ‌القاعدة العشرون:أقرر فيها ما معنى الذمة وما معنى أهلية المعاملة

وأجاب شهاب الدين عن هذا بأن قال: تطْويقه إنما كان عقوبة، لَا لأجل مِلك صاحب الشِّبرِ فيه، ولا يلزم من العقوبة بالشيء أن يكون مملوكا لغير الله تعالى. (114)

قلت: لا يتحقق العدل الَّا على ما قاله المستدل، وقاعدة العَدْل تُنقَض على شهاب الدين، رحمه الله تعالي، والله أعلم.

‌القاعدة العشرون:

أقرر فيها ما معنى الذمة وما معْنَى أهلية المعاملة

(115) فأقول:

من الناس من يعتقد أنهما بمعنى واحد وليس كذلك، بل كل واحد منهما أعم من الآخر بوجه وأخص بوجه، إذ قد يوجدان معا، وقد يوجد أحدهما دون الآخر كالحيوان والأبيض، فالصبيان المميِزُون يصح بيعهم وشراؤهم، ويقف اللزوم على إجازة الولي. والشافعي يقول: لا يجوز ولا ينعقد أصلا. وابن حنبل يقول: ان أذن له الولي ثم عقَدَهُ صح، وإلَّا فلا. واتفق الجميع على عدم الذمة في حقه،

(114) قال ابن الشاط معلّقا على هذا الجواب عن الحديث عند القرافي: لا شك أن في الحديث إشعارًا بملك ما تحت الشبر من الأرضينَ من جهة أن القاعدة أن العقوبة تكون بقدر الجناية. وما قاله من أنه لا يلزمُ من العقوبة بأن يكون مملوكا لغير الله تعالى، لا يدفع ذلك الإشعار، والله أعلمُ.

(115)

هي موضوع الفرق الثالث والثمانين والمائة بين القاعدتين المذكورتين. جـ 3. ص 226. قال في أوله الإِمام القرافي رحمه الله: إعلم أن الذمة قد أشكَلَتْ معرفتها على كثير من الفقهاء، وجماعة يُعتقدون أنها أهلية المعاملَة، فإذا قلنا: زيْدٌ له ذمة، معناه أنه أهْل لأن يعامَلَ، وهُما حقيقتان متباينتان، بمعنى أنهما متغايرتان، وتحقيق ذلك التغاير بينهما أن كلّ واحدة منهما أعم من الاخرى بوجهٍ، وأخصُّ من وجه، فإن التصرف يوجد بدون الذمة، والذمة توجد بدون أهليةِ التصرف، ويجتمعان معًا كالحيوان والأبيض

الخ

وقد علق الشيخ ابن الشاط رحمه الله على ما جاء في أول هذا الفرق فقال: ما قاله في ذلك صحيح، وما قاله بعدُ من حكاية أقوال لا كلامَ فيه. وما قاله من أن الصبي لا ذمة له، فيه نظر، فإن كانت الذمة كون الانسان قابلا للزوم الحقوق والتزامها شرعا فالصبي لاذمة له، وإن كانت الذمة كونَه قابلا للزوم الحقوق دون التزامها، فالصبي له ذمة، للزوم أرش الجنايات وقيم المتلَفات له، والله أعلم.

ص: 153

فهذا قد وجد فيه عندنا وعند أبي حنيفة وابن حنبل أهليَّة التصرف ولم توجد فيه الذمة، وتوجد الذمة بدون أهلية التصرف، كالعبيد، فإنهم محجور عليهم لحَق السادات، وإن قلنا: إنهم يملكون، فلا يجوز لهم التصرف إلا بإذن السيد، سَدًّا لذريعة إفساد مالِهِم، ولَوْ جنَوْا جناية ولم يقع الحديث فيها ولا الحكم كانت متعلقة بذمتهم، إذا عَتَقُوا طولبوا بها، بحلاف الصبي إذا بلغ، لا يطالَب بما تقرر في ذمته قبل البلوغ، لكن بما تقدم سببُه قبل البلوغ يطالَبُ به الان، والعبدُ يُطالَب بما تعلقَ بذمته قَبل العِتْق، فيكون قد تقدم في حق العبد السببُ واللزوم، وفي حق الصبي السبب دون اللزوم. وتوجد أهلية التصرف والذمة معا في حق الحر البالغ الرشيد، فظهر ما قلناه من أنهما متغايران، وأن أحدهما أعمُّ من الآخَر بوجهٍ وأخصُّ منه بوجهٍ آخَرَ.

فإن قلت: قولك أعمُّ وأخص حكْمٌ على الذمة والأهلية، والحكم عليهما ثانٍ عن معرفتهما، إذْ الرَّدُّ والقَبول فرعٌ عن كون الشيء معقولا. (116).

قلت: العبارة الكاشفة عن الذمة أنها معنى شرعي مقدر في المكلف، قابلٌ للالتزام واللزوم، وهذا المعنى جعله الشرع مستتبعا أشياء خاصة:

(116) عبارة القرافي هنا أظهر وأوضح حيث قال: فإن قلت: الحكم على الشيء بالرد والقَبول فرع عن كونه معقولا، ومعنى الذمة تَعَمُّدٌ غيرُ معقول، فكيف يُقْضَى عليها بالعموم أو الخصوص أو غيرها، فلابدَّ من بيان الحقيقتين، وإلا فلا يتحصل من هذه العمومات والخصوصات مقصود. قلت: العبارة الكاشفة عن الذمة أنها معنى شرعي مقدَّر في المكلف، قابلٌ للالتزام واللزوم".

قال في هذا المعنى القاضي أبو بكر محمد بن عاصم الأندلسي الغرناطي رحمه الله. في فصل السَّلَم من باب البيوع، في منظومته التحفة (في فقه القضاء) وهو يشرح معنى الذمة،

فِيمَا عدا الأصول جوز السَّلَمْ

وليس في المال ولكنْ في الذِّمَمْ

والشرْحُ للذّمة وصفٌ قاما

يقبل الِالتزام والإِلزَاما.

ص: 154

منها البلوغ)، ومنها الرشد، فمن بلغ سفيهًا لا ذمَّةَ له، ومنها ترْك الحِجر، فمنْ اجتمعتْ له هذه الشروط رتَّب الشرعُ عليها تقديرا في المكلف، (117)، يَقبَلُ إلزامُه أرُوشَ الجنايات وأجْر الاجارات وأثمانَ المعاملات ونحو ذلك من التصرفات، ويَقبَل التزامَه إذا التزم شيئا اختيارا من قِبَلِ نفسه لزمه، واذا فُقِد شرط من هذه الشروط لم يقدّر الشرع هذا المعنى القابل لما ذُكر، وبهذا المعنى المقدَّر في الانسان يصح سائر الالتزامات والإِلزامات، وبِعَدَمه لا يصح شيء من ذلك.

وأما أهلية التصرف فحقيقتها عندنا قَبولٌ يقدره صاحب الشرع في المحل. وسبَبُ هذا القبولِ المقدَّرِ، التمييزُ عندنا، وعند الشافعي التمييز مع التكليف. وهذا القَبولُ الذي هو أهلية التصرف لا يُشترطَ فيه عندنا الإِباحة، فإن الفضولي، عندنا له أهلية التصرف، وتصرُّفه حرام، وللمالك عندنا إمضاء ذلك التصرفِ من غير تجديد عقد آخر.

ثم إن أهلية التصرف قد توجد في النكاح الذي لا يثبت في الذم كتصرف الأولياء فيما لهم عليه الولاية. (118).

(117) عبارة القرافي: رتّب الشرع عليها تقدر معنى فيه، وهي أظهر وأنسب مع ما ياتي من عدم تقدير الشرع لهذا المعنى عند فقد شرط من شروطه.

قال ابن الشاط هنا: والأولى عندي أن يقال: إن الذمة قَبول الانسان شرعا للزوم الحقوق دون التزامها، وعلى هذا نكون للصبى ذمة، أو يقال: هي قبول الانسان شرعا للزوم الحقوق والتزامها، فعلى هذا لا تكون للصبي ذمة.

(118)

فأهلية التصرفات كما قال القرافي، أهلية وقَبولٌ خاصُّ كما تقدم ليس فيه إلزام والتزام، والذمة معنى مقدَّر في المحل، قابلٌ لهما، فهذا هو نفس الفرق بينهما مع أن كليهما معنى مقدر في المَحَلِّ.

ص: 155

وأنواع التصرفات كثيرة مما لا يثبت في الذمة، فالفرق بينهما من حيث إن التكليف شرط في الذمة بلا خلاف، وفيه الخلاف في الأهلية، والأهلية قبول بلا إلزام ولا التزام، والذمة فيها الإِلزام والالتزام. (119)

فإن قلت: هُما من خطاب الوضح أو من خطاب التكليف (120)؟

قلت: الذي يظهر أنهما من خطاب الوضع، ويرجعان إلى التقادير الشرعية، وهي إعطاءُ الموجود حكمَ المعدوم، أو إعطاء المعدوم حكم الموجود، وأهلية التصرف من القسم الثاني، وهُوَ إعطاء المعدوم حكمَ الموجود، لأن النسبة لا وجود لها، وهي قدَّرها صاحب الشرعِ موجودةً عند وجود سببها.

(119) قال ابن الشاط معلقا على ما جاء عند القرافي هنا في أهلية التصرف، إلي قوله ح أن كليهما معنى مقدر": ما قاله في ذلك ظاهر.

قلت: وقد تكلم علماء الاصول في مختلف مُؤلفاتهم على أهلية التكليف وشروطها وقسموها قسمين:

اهلية الوجوب (وهي ما عبَّر عنها القراقي بأهلية الذمة)، وهي تعنِي صلاحية الانسان لوجوب وثبوت الحقوق المشروعة له أو عليه، وهي قسمان: ناقصة وكاملة.

وأهلية الأداء (أهلية التصرفات)، وهي ما عبر عنه القرافي بأهلية المعاملة)، فهي صلاحية الانسان لأن تصدر منه أفعال يُعتدُّ بها شرعا، وهي كذلك قسمان: ناقصة وكاملة، فليرجع إلى تلك المباحث من أراد التوسع فيها في أصول الفقه.

(120)

ومعلومٌ أن خطاب التكليف يعنى إلزام المكلف بالاحكام الشرعية الخمسة، وهي الوجوب، والاستحباب، والحِرمة، والكراهة، والاباحة، وخطاب الوضع هو جعل الشيء، أو كونه سببا لشئ آخر، أوَ شرطا له، أو مانعا منه. وقد فصَّلَ الكلامَ فيه كذلك علماءُ اصول الفقه، كما سياتي في القاعدة بعد هذه، وكما سبقت الاشارة إِليه في موضعه من الجزء الاول من هذا الكتاب الذي هو ترتيب الفروق واختصارها لمؤلفه البقوري، فرحمه الله، ورحم شيخه القرافي، ورحم كافة اهل العلم والفقه في الدين، ورحم كافة المسلمين، بمنه وفضله وكرمه، آمين.

ص: 156