المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القاعدة الرابعة:في الفرق بين الحصانة لا تعود بالعدالة، والفسوق يعود بالجناية - ترتيب الفروق واختصارها - جـ ٢

[البقوري]

فهرس الكتاب

- ‌النكاح والطلاق

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها الفرق بين أنكحة الصبيان وطلاقهم

- ‌القاعدة الثانيةأقرِّرُ فيها الفرقَ بين ذوِى الأرحام والعَصَبة حتى كان للعَصَبة الولايةُ في النكاح ولم يكن ذلك لِمَن يُدْلي بجهة الأمّ

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها لِمَ كان الإِخوة في النكاح وميراثِ الولاء وصلاةِ الجنازة يُقَدَّمون على الأجداد، ولِمَ كانوا على السواء في الميراث

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها أن تحريم المصاهَرَة ليس رُتْبةً واحدة، بل هو رُتَبٌ

- ‌القاعدة السابعة

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرِر فها الفرق بين ما يَحْرُم الجمعُ بينهن من النساء وبين ما يجوز الجمعُ بينهن

- ‌القاعدة العاشرة:نقرر فيها ما يُقَرُّ من أنكحة الكفار وما لا يُقَرُّ

- ‌القاعدة الحاديةَ عشْرةَ:لِمِ كان للرجل أن يتزوج الإماء التي لغيره عند شرط ذلك، ولم يكن للمرأة الحرّة أن يتزوجها عبد لغيرها، ولا للرجل أن يتزوج إماءه، ولا للنساء أن يتزوجن عبيدهن

- ‌القاعدة الثانية عشرة:لِمَ وقع الحَجْرُ على النِّساء في الأبضاع ولم يقع الحَجْرُ عليهن في الأموال

- ‌القاعدة الثالثة عشرةأقرر فيها ما به ينعقد النكاح، وأنه يخالف البيع فيما يُشترط فيه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:لِمَ كان الثمنُ في البيع يتقرَّر بالعقد، والصَّداقُ في النكاح لا يتقرر بالعقد؟ ، هذا على قول، فإنه قد قيل: يتقرر بالعقد، وقيل أيضًا: يتقرّر النصف بالعقد

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها الفرق بين المتداعيين شيئًا، لا يقدّمُ أحدُهما على الآخر إلا بحجة ظاهرة وبين المتداعيين من الزوجين في متاع البيت يقدّمُ كل واحد منهما فيما يُشبِهُ أن يكون له

- ‌القاعدة السابعة عشرة:أقرر فيها الفرق بين الوكالة والولاية في النكاح

- ‌القاعدة الثامنة عَشرة:أقرر فيها الصريح من الطلاق وغير الصريح فأقول

- ‌القاعدة التاسعة عشرة:أُقرر فيها ما يُشترَط في الطلاق من النية وما لا يُشْترَط

- ‌القاعدة العشرون:في الفرق بين قاعدة التصرفِ في المعدوم الذي يمكن أن يتقرر في الذمة وبين ما لا يمكن أن يتقرر في الذمة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون:لِمَ كان قرْءٌ واحد يكفي في الاستبراء، وشهر واحد لمن لا تحيض لا يكفي في الاستبراء فلابد من ثلاثة أشهر، وثلاثةُ أشهر إنما جُعِلَتْ مكانَ ثلاثة قروءٍ

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرر فيه الفرق بين خيار التمليك في الزوجات وتخيير الإِمَاء في العتق حتى كان يَلزم في الزوجات ولا يَلزم في الإماء

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:في الفرق بين التخْيير والتمليك

- ‌النفقة

- ‌قواعد البيوع

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها أين يصح اجتماع العوضين لشخص واحدٍ، وأيْن لا يصح

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها الفرق بين من مَلَك أن يَمْلِكَ، هلْ يُعَدُّ مالكا أم لا، وبيْن من انعقد له سبب مطالبةِ التمليك، هل يُعَدُّ مالِكاً أمْ لا (8 م)

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها الفرق بين النقل والإِسقاط

- ‌القاعدة الرابعة:أقرر فيها بيان ما يَقبل المِلك من الأعيان والمنافع مما لا يقبله

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يجوز بيعه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة:في بيانِ ما تُؤَثِّر فيه الجهالةُ والغرَرُ مما لا تؤَثِّرُ

- ‌القاعدة الثامنة:أبين فيها ما يجوز بيعه على الصفة وما لا يجوز

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرر فيها ما به يجوز بيع الربوي بجنسه وما به لا يجوز

- ‌القاعدة العاشرة:أقرر فيها ما يدخله ربا الفضل وما لا يدخله

- ‌القاعدة الحادية عشرة:أقرّرُ فيها معنى الجهل ومعنى الغرر حتى يظهر بذلك اختلافهما

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:نُقَرر فيها ما يجوز اجتماعه مع البيع وما لا يجوز

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:أقررُ فيها ما يتعين من الأَشياءوما ل يتعين في البيع ونحوه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:أقرر فيها ما يجوز بيعه قبل قبضه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها ما يتْبَعُ العقدَ عُرفا ومالَا

- ‌القاعدة السابعةَ عشْرةَ:أقرر فيها ما يجوز به السَّلَمُ ويصح

- ‌القاعدة الثامنة عشرة في الصلح

- ‌القاعدة التاسِعة عشرة:في تقرير حكم الأهوية وتقرير حكم ما تحت الأبنيَّة

- ‌القاعدة العشرون:أقرر فيها ما معنى الذمة وما معْنَى أهلية المعاملة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:أقرر فيها ما معنى المِلْكِ وما معْنَى التصرف

- ‌القاعدة الثالثة: والعشرون:أقرر فيها ما مصلحته من العقود في اللزوم وما مصلحته عدم اللزوم

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرِر فيها ما يُمنَع فيه الجهالةُ وما يُشترَطُ فيه الجهالة بحيث لو فقِدت فَسَد

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:أقرر فيها ما يَثْبُتُ في الذمم وما لَا

- ‌الإِجارة

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها ما يملك من المنفعة بالاجارة وبيْن (1) ما لا يُملَكُ منها بالإِجارة

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها ما للمستاجِر أخْذُهُ من ماله بعد انقضاء الإجارة مِمّا ليس له أخْذُه

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها ما يضمنه الأُجَرَاءُ عند الهلاك مما لا يضمنونه

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يُضمَن بالطرح من السفن وما لا يُضْمَن

- ‌القاعدة السادسة:في الفرق بين الإِجارة والرزق، (14 م)

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين تمليك الانتفاع وتمليك المنفعة

- ‌الضمان

- ‌القاعدة الأولى:نقرر فيها ما بِهِ يكون الضمان

- ‌القاعدة الثانية: فيما يتعلق بالصائِل

- ‌القاعدة الثانية: ما يجوز التوكيل فيه مما لا يجوز

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بين الأملاك الناشئة عن الإِحياء وبين الاملاك الناشئة عن غَير الإِحياء

- ‌القاعدة الرابعة:في تقرير ما يوجبُ استحقاقُ بعضه إبطالَ العقد في الكُلِّ ممّا لَا

- ‌القاعدة السادسة: لِتمييز ما يُرَدُّ من القراض الفاسد إلى أجْرة المثل ممّا يُرَد إلى قراض المثل

- ‌القاعدة السابعة:في تقرير ما يُرَدُّ إلى مساقاة المثل ممّا يُرَدُّ إلى أجرة المِثْلِ منها

- ‌القاعدة الثامنة: في تقرير الإِقرار الذي يَقبَل الرجوعَ عنه وتمييزِه عما لا يَقبَل الرجوعَ عنه

- ‌الدعاوى والشهادات

- ‌القاعدة الأولى: في تمييز الدعوى الصحيحة من الدعوى الباطلة

- ‌القاعدة الثانية:في تمييز المدَّعي من المدعَى عليه

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بيْن ما يحتاج للدعوى وبين ما لا يحتاج إليها

- ‌القاعدة الرابعة: في تقرير اليد المعتبَرة المرجِّحة لقول صاحبها

- ‌القاعدة الخامسة: في تقرير ما تجب إجابة الحاكم فيه إذا دُعِي إليه ممّالا تجب

- ‌القاعدة السادسة: في الفرق بين قاعدة ما يُشْرَع فيه الحَبْسُ وبين قاعدة ما لا يُشَرع

- ‌القاعدة السابعة: في تقرير من يَلْزَمه الحلف

- ‌القاعدة الثامنةفي تمييز المعصية التي هي كبيرة مانعةٌ من قَبول الشهادة من التي ليست كذلك

- ‌القاعدة التاسعة: في تقرير التهمة التي ترَدُّ بها الشهادة بعد العدالة من التيلا تُرَد بها الشهادة

- ‌القاعدة العاشرة: في ذِكر ما يَصْلُحُ أن يكون مستنَداً للشهادات

- ‌القاعدة الحادية عشرة: في تقرير ما هو حُجَّةٌ عند الحكام

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في تقرير ما يقع به الترجيح في البينات عند التعارض

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في تقرير ما اعتُبر من الغالبِ وما أُلغي من الغالب

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:في تمييز ما يصح الإِقراع فيه ممّا لا

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في كيفِيةِ أداء الشاهِدِ شهادتَه عند القاضي

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في الفرق بين الفتوى والحكم

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفي تمييز ما تُشترَطُ فيه العدالة مِمَّا لا تُشترَط فيه

- ‌القاعدة التاسعة عشرة: في ضَمِّ الشهادات

- ‌كتاب الحدود وما في معناها

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير (*) ما هو شُبْهةٌ يُدْرَأُ بهَا الحدُّ ممَّا لا

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين القذف يقع بين الزوجين، وبين الأجانب

- ‌القاعدة الثالثة:أقرَرُ فيها الفرقَ بين الحدِّ والتعزيز

- ‌القاعدة الرابعة:في الفرق بين الحصانة لا تعود بالعدالة، والفسوقِ يعود بالجناية

- ‌القاعدة الخامسة: في القصاص

- ‌القاعدة السادسة:نقرْ الفرق بين المسكرات والمفسدات والمرقِّدات (46 م)، فنقول:

- ‌الفرائض

- ‌القاعدة الأولىفي تقرير ما ينتقل إلى الأقارب من الأحكام

- ‌القاعدة الثانيةفي تقرير الفرق بين أسباب التوارث وأجزاء أسبابها العامة والخاصة

- ‌القاعدة الثالثةفي تقرير أسباب التوارث وشروطِهِ وموانعه

- ‌الجامع

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير ما يحرم من البِدع ويُنْهَى عنها ممَّا ليس كذلك

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين ما هو من الدعاء كُفْرٌ وبين ما ليس بكفر

- ‌القاعدة الثالثة:في انقسام مَا ليس بكفر من الدَّعاءِ إلى مُحرَّم وغيرِ مُحرَّم

- ‌القاعدة الرابعة:في تمييز ما يُكْره من الدعاء مما ليس بمكروه

- ‌القاعدة الخامسة:في تمييز ما يجب تعلُّمُه من النجوم ممَّا لا يجب

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين الحسد والغبطة

- ‌القاعدة الثامنة:في الفرق بين التكبر والتجمل بالملابس، وبين الكِبْر والعُجْب

- ‌القاعدة التاسعةفي تقرير المداهنة الجائزة وتمييزِها عن التي لا تجوز

- ‌القاعدة العاشرة:في تمييزِ المعصية التي هي كفر عن المعصية التي ليست كفْراً

- ‌القاعدة الحاديةَ عشرةَ:في تقرير معْنَى الزهد

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في التوكل

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في الكلام على الرضَى بالقضاء

- ‌القاعدة الرابعة عشرةفي تمييز المكَفِّرات عن أسباب المثوبات

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في تمييز الخوف من غير الله الذي لا يحْرُم من الذي يحرم منه

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في تقرير ما يَلزَم الكفار إذا أسلم وما لا يَلزمه

- ‌القاعدة السابعة عشرة:في الكذِب وفي الوعد وفي خُلْف الوعْد

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفيما يتعلق بالطِيَرة والفال، فأقول:

- ‌القاعدة التاسعة عشرةفي الرؤيا التي تُعْبَرُ من التي لا تُعْبر

- ‌القاعدة العشرون:في تقرير ما يباح من عِشْرة الناس من المكارمة وما يُنهَى عنه مِنْ ذلك

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:في بيان ما يجب النهي عنه من المفاسد وما يَحرُمُ وما يُندَبُ

- ‌القاعدة الثانية والعشرونفى الفرق بين الرياء في العبادات وبين التشريك فيها

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون: فِيما به يكون التفضيل

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:فِيمن يُقَدّم للولاية ومن يتأخر عنها:

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون في الاستغفار

- ‌القاعدة السادسة والعشرون: في معنى الأفضلية والمزية

- ‌القاعدة السابعة والعشرونفي تمييز حقوق الله تعالى عن حقوق العباد

- ‌القاعدة الثامنة والعشرونفي تمييز حقوق الوالدين عن الأجانب

- ‌القاعدة التاسعة والعشرونفيما يُترَكُ من الجهل ولا يواخذُ عليه ممَّا لا

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌جدول بتصويب بعض الأخطاء المطبعية التي وقعت في الجزء الأول من هذا الكتاب

- ‌ترجمة محمد بن قاسم بن محمد بن أحمد بن محمد القوري

- ‌خاتمة

الفصل: ‌القاعدة الرابعة:في الفرق بين الحصانة لا تعود بالعدالة، والفسوق يعود بالجناية

قتالهم بمشرك، ولا تُنصَبُ عليهم الرعادات، (30) ولا تُحْرق عليهم المساكن، ولا يُقطع شجرهم.

ويمتاز قتالهم عن قتال المحارِبين بأن المحارِبين يُقتَلون مدْبِرين، ويجوز تعمد قتلهم، ويطالَبون بما استهْلَكوا من دم أو مال في الحرب وغيرها، ويجوز حبس أسراهُم، لاستبراء حالهم، وما أخذوه من الخَراج والزكوات لا يسقط عمن كان عليه، كالغاصب.

وذكر صاحب الجواهر في هذا الفرع قولا فقال: إن وَلَّى البغاة قاضيا، وأخذُوا الزكاة، وأقامُوا حداً، نفذ ذلك كُله، عند عَبْدِ الملك للضرورة مع التاويل، وردَّه ابن القاسم كله لعدم الولاية، وبقَوْل عبد الملك قال الشافعية.

‌القاعدة الرابعة:

في الفرق بين الحصانة لا تعود بالعدالة، والفسوقِ يعود بالجناية

. (31)

إعْلَمْ أن الانسان، إذا حُكم له بالفسوق ثم تاب، ذهب القضاء عليه بالفسق، فإذا جنَى بعد ذلك كبيرة عاد عليه اسمُ الفسق، ولو كان محْصَنا بعد مباشرة الزني ثم زني، ذهَب الإِحصان الذي هو شرط في حد القذف، فمن قذف من ليس بمحْصَنِ فلا حدَّ عليه، فإذا صار بعد الزني عَدْلاً لمْ تَعُدْ الحصانة بالعدالة كما عاد الفسق بالجناية. وقد وجِد الضدُّ بعْد الضدِ المنافي لحكمه ظاهرا

(30) هكذا في النسخ الثلاث المعتمدة في التحقيق، وعند القرافي: "ولا نوادعهم على ما تُنْصَبُ عليهم الرعادات.

(31)

هي موضوع الفرق السابع والأربعين والمائة بين القاعدتين المذكورتين جـ 3. ص 120. لم يعلق عليه بشيء، الشيخُ ابن الشاط، رحم الله الجميع.

ص: 327

في الموضعين، (32) فلِم كان الفرق؟ والقياسُ الجَليُّ، يوجب أن العِرْض إذا عاد مثلوما بمعاودة الجناية، أن يصير معصوما بمعاودة العدالة.

وأيضا ففيه إشكال من حيث إن أذية المومن لا تحِل ولا تُتْرَكُ سُدىً، (33) فلَمَّا لم يُترك عِرْض المحْصَن الذي لم يتقدم له زني، لصفة العدالة التي انطوى عليها فكذلك من كان على تلك الصفة في العدالة وقد تاب عن زنىً سَبَقه،

فقال شهاب الدين: البحث ها هنا يظهر بقاعدتين:

الأولى أن الله تعالى إذا نصَبَ سبباً لحكمه عِلَة للحكم، هل يجوز ترتيب الحكم على تلك الحكمة حيث وجِدَتْ، لأنها الأصل في اعتبار ذلك السبب، أو لا يجوز، لأن الله تعالى لم يَنْصِبْها سببا للحكم لعدم المناسبة؟ ألا تَرى أن خوف الزني سبَبُ وجوب الزواج، والزواج سببُ وجوبِ النفقة، ولا يناسِبُ أن يكون خوف الزني سبَبَ وجوب النفقة، ونظائره كثيرة، وَهذا هو الصحيح عند علمائنا. ولهذا يُقْطَع السارق لأجل أخذه للمال، ولا يُقْطعُ كلَّ من أخذ المال لغيره، ونَصَبَ الزني سببا للرجْم، لحكمةِ حِفظ الأنساب، لئلا تلتبس. فمن سعى في التباس الأنساب بغير الزني بأن يجمع الصبيان ويُغَيِّبهم صغارا، وياتي بهم كباراً فلا يعرفهم آباؤهم، فلا يجوز رجمُهُ لذلك، ولهذا البحث وقع الخلاف في اللبن

(32) عبارة القرافي أظهر، وهي:"وفي القاعدتين قد ورد الضد بعد الضد، المنفِي لحكمه ظاهرا، قال أصحابنا: إذا قذفه بعد أن صار عَدْلًا لم يُحَدَّ، نقلَه صاحب الجواهر (ابني شاس) وصاحب النوادر (أي كتاب النوادر في الفقه) لابن أبي زيد القيرواني رحمه الله، وجماعة من الأصحاب".

(33)

سدىً، أي همَلا، ودون تعزير وتأديب على تلك الإذاية. وقد ورت هذه الكلمة في قول الله تعالى، تذكيرا وتنبيها للإنسان:{أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} ، (أي أيظُن أنه خُلِقَ عبثًا، ومُهملًا في هذه الحياة دون تكليف بالتكاليف الشرعية، ودون أن يبعَثَ ويحاسبَ يوم القيامة على أعماله في الدنيا)! كلا، إنه سبحانه أوجد الانسان وخلَقَهُ وكرمه ليحمل أمانة ويبلّغ رسالة، وهي رسالة التكاليف الشرعية التي يجب القيام بها، ورسالة الأمانة التي عجزت السماوات والأرض عن حملها، وحَمَلها الانسان.

ص: 328

المستهْلَك هَلْ يؤثر تحْريما أم لا؟ (34)، فمن علّل بالحكمة أوقع به الحِرمة، قاله مطرف من أصحابنا، وقال مالك في المدونة: لا تقع به الحِرمة، إعراضا عن التعليل بالحكمة، وقاله الشافعي وأبو حنيفة: . فمسألتنا، إنْ لاحَظْنا الحِكمة دون السبب حَسُنَ إعادةُ الحدّ، وإن اقتصرنا على حصول السبب فلا يجب الحدُّ، لأنه اشتِرط فيه الاحصان، وَهُوَ يتخفف بعدم مباشرة الزني، فإن النقيضين لا يَصْدُقان، (35) وَالعدالة بعد ذلك لا تُنَافِي كونه مباشِراً.

(34) عبارة القرافي أوسع وأوضح حين قال: "وكذلك شرِعَ الرّضاع سببا للتحريم، بسبب أن جزء المرضية وهو اللّبَن صار جزءَ الرضيع باغتذائه به وصيرورته من أعضائه، فأشبه مَنيَّها ولحمتها في النَّسب، لأنهما جزء الجنين، ولذلك قال عليه السلام: "الرضاع لُحمة كلُحمة النسب"، فإذا أخذنا نعلل بهذه الحكمة لَزِمَنَا أن من شرب دم امرأة أو أوكل قطعةً لحمها يحرم عليها وتحرم عليه، وليس كذلك، ولأجل ملاحظة التعليل بالحكمة إذا استُهْلِك اللّبَنُ وعُدِم ما يسمَّى رضاعا ولبنا وتناوله الصبى، فمن علَّل بالحكمة أوقع به الحرمة

الخ.

(35)

التعبير بالنقيضين مصطلح من مصطلحات علم المنطق وألفائظه، وهو أحد الأنواع الأربعة للتقابل بين الألفاظ المفردة، وهذه الأنواع هي:

1) تقابُلُ النقيضين، وهما الأمران اللذان يكون أحدهما سلبا للآخر ونفياً له، ولا يجتمعان ولا يرتفعان معا، بل لابد أن يكون أحدهما موجودا، مثل قولك: إنسان، لا إنسان، حيوان، لا حيوان، طائر، لا طائر.

والتعبير بالنقيضين يكون في التنافي بين المفردات كما اتضح من خلال التعريف والأمثلة لذلك. وهو بذلك غير التناقض الذي يكون بين جملتين أو قضيتين متناقضين، ولذلك قيل في تعريفه: إنه اختلاف القضيتين في الكيف، اختلافا يقتضي لزوم صدق إحدهما وكذِبَ الأخرى، مثل القول: زبد قائم، زيدْ ليس بقائم، الانسان حيوان، الانسان ليس بحيوان، وهذا ما يُشير إليه الشيخ عبد الرحمان الأخضري رحمه الله في منظومته الشهيرة بالسلم في علم المنطق حيث قال في ذلك:

تناقض خُلْفُ القضيتين في

كيف، وشرطُ واحدٍ أمر قفِيّ

2) وتقابل الضدين، وهما الأمران الوجوديان اللذان لا يجتمعان، وقد يرتفعان، بحيث تبقى الواسطة بينهما، مثل أبيض وأسود، حيث يكون الشيء بلون آخرَ ثالث، مثل أخضر أو أحمر.

3) وتقَابلُ المتضايفين، وهما الأمران اللذان لا يمكن تعتْل أحدِهمَا دون الآخر، مثل فوق، وتحت، وأعلى، وأسفل.

4) وتقابل العدَم والملَكَةِ، وهما الأمران اللذان يكون أحدهما وجوديا والآخر عدميا، كالبصر بالنسبة للعمى، وكالسمع بالنسبة للصَّمَم، وهكذا الخ

ولذلك قيل في تعريف التقابل: هو ألا يجتمع أمران في زمانٍ واحد في ذاتٍ واحدة من جهة واحدة.

ص: 329

ثمّ إن الحدود يغلب عليها التَّعَبُّد من جهة مقاديرها، وإن كانت معقولة المعتى من جهة أصولها. والتعبُّدُ لا يُجيز التصرف، فظهر أنه لا يلوم من الاستواء في الأذية الاستواءُ في الحدِّ، ولكن يعزَّرُ في حق الواحد، ويُحَدُّ في حق الآخر.

القاعدة الثانية: قاعدةُ حمْل المطْلَق على المقيَّد، وذلك أن الله تعالى قال:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} الآية، فجاَت هذه مطْلَقَةً، وجآت ايةٌ أخرى مقيَّدةً، وهي:{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ} ، (36) ومن زَنَى ليس بغافل، فيُرَدُّ المطلق إلى المقيد. ومفهوم هذِه (الآية) المقيَّدة أن من لم يكُن غافلا لاحدّ على الانسان في قذفه، وإن كان التعزير يلحق. بسببه. (37) وأمَّا عَوْد الفسوق بِعَوْدِ الجناية فإن الأمة مجمِعة على أن سبب الفسوق ملابَسة الكبيرة، أو الإِصرار على الصغيرة من غير قيْدٍ ولا شرْط، فحَيْث وُجد، وجبَ القضاء بالفسق من غير استثناء صورةٍ من صورة، عملا بطردِ العلة ووجُوبِ الموجِبِ.

(36) سورة النور - الآية 23، ص، {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23) يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} .

(37)

قال القرافي هنا: والمباشر للزني ليس بغافل عنه، فلا يحدُّ قاذفه، لأنه لَوْ حُدُّ لحصَلَ معنى اللعْن في الدنيا والآخرة، وهو منفيٌّ بهذه الآية من جهة مفهومها الذي هو مفهوم الصفة، لأن مفهومها يُلعن بالتعزو والعقوبة المؤلمة على حسب حال المقذوف، فيبقى مما عداه على مقتضى الدليل.

ص: 330