الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخامس حبْس الجاني، تعزيراً ورَدّاً عن معاصي الله.
السادس حبْسُ من امتنع من التصرف الواجب الذي لا تدخله النيابة، كحبْس من أسْلَمَ على أختيْن وامتنعَ من التعيين.
السابع من أقرَّ بمجهولٍ عُيِّنَ أو في الذمة وامتنع من تعيينه، يُحْبَسُ حتى يعينه، فيقول في المعَيَّن: هذا هو الثوب، ويقول فيما في الذمة: هو دينارٌ مثلا.
الثامن، يُحبس الممتنع من حق الله تعالى، الذي لا تدخله النيابة عند الشافعي كالصوم، وعندنا يُقْتَل، كالصلاة، وما عدا هذه الثمانيةَ لا يجوز الحبس فيها، ولا يجوز الحبْسُ في الحق إذا تمكن الحاكم من استيفائه. (41).
سؤال: كيف يَخلَّدُ في الحبْس من امتنع من دفع درهم يَقْدِر على دفعِه، وعجْزنَا عن أخذه منه، لأنها عقولة عظيمة في جناية حقيرة، وقواعدَ الشرع تقتضي تقدير العقوبات بقدْر الجنايات؟ .
جوابه أنها عقولة صغيرة بإزاء جناية صغيرة فلم نُخالفْ القواعدَ، لأنه في كل ساعةٍ يمتنع من أداء الحق، فيعامَلُ في امتناعه بحبْسه. (42).
القاعدة السابعة: في تقرير من يَلْزَمه الحلف
. (43)
إعلم أنَّهُ كل من توجهت عليه دعوى صحيحة مُشْبِهة.
(41) قال الشيخ على بن الشيخ حسين مفتى المالكية في عصره رحمهما الله في كتابه تهذيب الفروق والقواعد السَّنية، المطبوع بهامش الأصل كتاب الفروق: الحَبْسُ عشرة أقسام بما زاده ابن فرحون علي ما اقتصرِ عليه الأصل، فقال في آخرها: القسم التاسع: من يُحْبَسُ اختباراً لما نُسِب إليه من السرقة والفساد.
العاشر: حبْسُ المتداعى فيه. وانظر تتمة الكلام على هذا القسم في تهذيب الفروق، ناقلا له عن الشيخ التسولي في شرحه للعاصمية.
(42)
هذا السؤال وجوابه من كلام القرافي رحمه الله في هذا الفرق، وليسَس من كلام البقوري، كما قد يتبادر إلي الذهن.
(43)
هي موضوع الفرق السابع والثلاثين والمائتين بين قاعدة من يُشرَعُ إلزامه بالحلف وقاعدة من لا يلزمه الحلف". جـ 4. ص. 80.
وتجدر الإِشارة والتنبيه هنا إلى أنه في الطبعة الأولى لكتاب الفروق 1346 هـ، والتي نعتمدها ونرجع اليها في تصحيح ترتيبها واختصارها هذا للشيخ البقوري رحمه الله، وقع تقديم وتاخير في بعض =
فقولنا. "صحيحة" تحرزا من الباطلة، وقد تقدم تبْيينُ الدعوى الصحيحة. وقولنا:"مشبهة"، احترازا من التي يُكَذبها العرف، وقد تقدم أن الدعوى ثلاثة أقسام: ما يكذبها العرف، وما يشهد بها، وما لم يتعرض لها بكذب ولا غيره. فما شهد بكذبه كدعوى غريبٍ وديعةً عند جاره، فيُشرع التحليف هنا بغير شرْط، وباتفاق بين الأئمة في ذلك، وما شهد بأنها غير مشبهة كدعوى دَيْن لرجُل في حال صحته على من ليس متعَرضا (44) للتجارة ولا للصنعة، فلا يُستحْلَف هذا الا بإثبات الخُلْطة. قال ابن القاسم: وهي أن يُسالفه أَو يبايعه مراراً وإن تَقَابَضَا من ذلك الثمن والسلعة. وقال سحنون: لا بدّ من البيع والشراء بين المتداعيين. وقال الشيخ أبو بكر الأبهري. هي أن تكون الدعوى تشبه أن يُدَّعى مثلها على المدعى عليه وإلا فلا يحلف، إلا أن يدعي المدعي بلطْخ. (45) وقال الشافعي وأبو حنيفة: يحلف على كل تقدير.
لنَا ما راه سحنون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "البينةُ على من ادعى واليمين على من أنكر"، إذا كانت بينهما خلطة، وزيادة العدل مقبولة، ولأنه بذلك قضى عليٌّ رضي الله عنه، ولم يُعْلم له مخالِفٌ من الصحابة في ذلك، (46)، ولأن عمل أهل المدينة كذلك، ولولا ذلك لتجرأ السفهاء على ذوي الأقدار بتبذيلهم عند الحاكم
= الصفحات ما بين صفحة 80 - 89، فليس فيها حذف ونقص بقدر ما فيها زحلقة لبعض الصفحات عن: محلها، فلينتبه إلى ذلك أثناء الرجوع لتلك الطبعة.
(44)
كذا في ع، وفي مع، وت: مُعَرَّضا، وهو بمعنى ليس منتصبا لهما ولا مشتغلا بهما، ولم يعلق عليه بشيء، الشيخ ابن الشاط رحمه الله.
(45)
كذا في جميع النسخ الثلاثة المعتمدة في التحقيق والتصحيح. وزاد شهاب الدين القرافي هنا قوله: "وقال القاضي أبو الحسن بن القصَّار: لا بدَّ أن يكون المدعى عليه يشبه أن يعامل المدعى، فهذه أربعة أقوال في تفسير الخُلطة التي هي شرط في هذا القِسم، وقال الشافعي وأبو حنيفة: يحلف على كل تقدير. وبذلك يكون القرافي حكى أقوالا أربعة لا ثلاثة في تفسير الخلطة داخل المذهب، ثم ذكر قول الإمامين أبي حنيفة والشافعي فيما شهد العرف أنها دعوىَ غير مشبهة، بأنه يتوجب الحلف على صاحبها مطلقا، سواء على تقدير الخلطة وثبوتها أو عدمه.
(46)
وقال في ذلك: لا يُعْدَى الحاكم على الخصم إلا أن يعلم أن بينهما معاملة، ولم يُرْوَله مخالف، فكان ذلك إجماعاً.
بالتحليف، وذلك شاقٍّ على ذوي الهيآت، ورُبّما التزموا ما لا يَلزمَهم، فرارا من اليمين (47)، وقد يصادفه عقب الحلف مصيبة، فيقال: هي بسبب الحلف. (48).
احتجوا بالحديث السابق بدون زيادة، وهو عامٌّ في كل مدعى عليه، فسقط اعتبار ما ذكرتموه من الشروط، ولقوله عليه السلام: "شاهداك أو يمينُهُ، (49) ولم يذكر مخالطة، ولأن الحقوق قد تثبت بدون الخلطة، فاشتراطها يؤدي إلى ضياع الحقوق، وتختل حِكمة الحكام.
والجواب أن الزيادة جاءت من عدل فوجب العمل بها.
وعن الثاني أن الحديث بيانُ من عليه البينة ومن عليه اليمين لا بيانُ حال من تَتَوجَّه عليه، والقاعدة أن اللفظ إذا ورد لمعنى، لا يحتج به في غيره، لأن المتكلم مُعْرِض عن ذلك الغير.
وعن الثالث أنه معارَض بما ذكرناه من تسليط السَّفَلة (50) على الأتقياء الأخيار بالتحليف عند القضاة.
وهاهنا ثلاث مسائل (*)
(47) مثل القرافي لذلك بقوله: كما فعله عثمان رضي الله عنه.
(48)
قال القرافي فيتعيَّن حسمُ الباب إلا عند قيام مرجِّح، لأن صيانة الأعراض واجبة، والقواعد تقتضي درء مثل هذه المفسدة.
(49)
سبقت الإشارة إلى هذا الحديث، وحديثِ البينة على المدعي.
(50)
السفلة: (بفتح السين والفاء). جمع قياسي لسافل، مثل فَجرَة، كفَرة، وظَلَمة، وهو الأرذل الساقط الأخلاق والمروءة من الناس. قال تعالى في شأن الكافرين في الدنيا الأشقياء في الآخرة يوم القيامة:{أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ} سورة عبسَ، الآية 42.
وقال في شأن المومنين الصالحين السعداء في الدنيا والآخرة يوم القيامة: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ} ، السورة السابقة، الآية 39. كما أن قضاة ورماة على وزن فعلة، جمع قياسي لرامٍ وقاضٍ، كما قال ابن مالك في ألفِيَّتِهِ النحوية في باب جمع التكسير:
في نحْو رامٍ ذو اطّرَاد فعَلة
…
وشاعَ نحوُ كامِل وكمَلَةْ
(*) هذه المسائل الثلاث ذكرها شهاب الدين القرافي رحمه الله.