المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القاعدة التاسعة عشرة: في ضم الشهادات - ترتيب الفروق واختصارها - جـ ٢

[البقوري]

فهرس الكتاب

- ‌النكاح والطلاق

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها الفرق بين أنكحة الصبيان وطلاقهم

- ‌القاعدة الثانيةأقرِّرُ فيها الفرقَ بين ذوِى الأرحام والعَصَبة حتى كان للعَصَبة الولايةُ في النكاح ولم يكن ذلك لِمَن يُدْلي بجهة الأمّ

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها لِمَ كان الإِخوة في النكاح وميراثِ الولاء وصلاةِ الجنازة يُقَدَّمون على الأجداد، ولِمَ كانوا على السواء في الميراث

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها أن تحريم المصاهَرَة ليس رُتْبةً واحدة، بل هو رُتَبٌ

- ‌القاعدة السابعة

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرِر فها الفرق بين ما يَحْرُم الجمعُ بينهن من النساء وبين ما يجوز الجمعُ بينهن

- ‌القاعدة العاشرة:نقرر فيها ما يُقَرُّ من أنكحة الكفار وما لا يُقَرُّ

- ‌القاعدة الحاديةَ عشْرةَ:لِمِ كان للرجل أن يتزوج الإماء التي لغيره عند شرط ذلك، ولم يكن للمرأة الحرّة أن يتزوجها عبد لغيرها، ولا للرجل أن يتزوج إماءه، ولا للنساء أن يتزوجن عبيدهن

- ‌القاعدة الثانية عشرة:لِمَ وقع الحَجْرُ على النِّساء في الأبضاع ولم يقع الحَجْرُ عليهن في الأموال

- ‌القاعدة الثالثة عشرةأقرر فيها ما به ينعقد النكاح، وأنه يخالف البيع فيما يُشترط فيه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:لِمَ كان الثمنُ في البيع يتقرَّر بالعقد، والصَّداقُ في النكاح لا يتقرر بالعقد؟ ، هذا على قول، فإنه قد قيل: يتقرر بالعقد، وقيل أيضًا: يتقرّر النصف بالعقد

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها الفرق بين المتداعيين شيئًا، لا يقدّمُ أحدُهما على الآخر إلا بحجة ظاهرة وبين المتداعيين من الزوجين في متاع البيت يقدّمُ كل واحد منهما فيما يُشبِهُ أن يكون له

- ‌القاعدة السابعة عشرة:أقرر فيها الفرق بين الوكالة والولاية في النكاح

- ‌القاعدة الثامنة عَشرة:أقرر فيها الصريح من الطلاق وغير الصريح فأقول

- ‌القاعدة التاسعة عشرة:أُقرر فيها ما يُشترَط في الطلاق من النية وما لا يُشْترَط

- ‌القاعدة العشرون:في الفرق بين قاعدة التصرفِ في المعدوم الذي يمكن أن يتقرر في الذمة وبين ما لا يمكن أن يتقرر في الذمة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون:لِمَ كان قرْءٌ واحد يكفي في الاستبراء، وشهر واحد لمن لا تحيض لا يكفي في الاستبراء فلابد من ثلاثة أشهر، وثلاثةُ أشهر إنما جُعِلَتْ مكانَ ثلاثة قروءٍ

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرر فيه الفرق بين خيار التمليك في الزوجات وتخيير الإِمَاء في العتق حتى كان يَلزم في الزوجات ولا يَلزم في الإماء

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:في الفرق بين التخْيير والتمليك

- ‌النفقة

- ‌قواعد البيوع

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها أين يصح اجتماع العوضين لشخص واحدٍ، وأيْن لا يصح

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها الفرق بين من مَلَك أن يَمْلِكَ، هلْ يُعَدُّ مالكا أم لا، وبيْن من انعقد له سبب مطالبةِ التمليك، هل يُعَدُّ مالِكاً أمْ لا (8 م)

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها الفرق بين النقل والإِسقاط

- ‌القاعدة الرابعة:أقرر فيها بيان ما يَقبل المِلك من الأعيان والمنافع مما لا يقبله

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يجوز بيعه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة:في بيانِ ما تُؤَثِّر فيه الجهالةُ والغرَرُ مما لا تؤَثِّرُ

- ‌القاعدة الثامنة:أبين فيها ما يجوز بيعه على الصفة وما لا يجوز

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرر فيها ما به يجوز بيع الربوي بجنسه وما به لا يجوز

- ‌القاعدة العاشرة:أقرر فيها ما يدخله ربا الفضل وما لا يدخله

- ‌القاعدة الحادية عشرة:أقرّرُ فيها معنى الجهل ومعنى الغرر حتى يظهر بذلك اختلافهما

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:نُقَرر فيها ما يجوز اجتماعه مع البيع وما لا يجوز

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:أقررُ فيها ما يتعين من الأَشياءوما ل يتعين في البيع ونحوه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:أقرر فيها ما يجوز بيعه قبل قبضه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها ما يتْبَعُ العقدَ عُرفا ومالَا

- ‌القاعدة السابعةَ عشْرةَ:أقرر فيها ما يجوز به السَّلَمُ ويصح

- ‌القاعدة الثامنة عشرة في الصلح

- ‌القاعدة التاسِعة عشرة:في تقرير حكم الأهوية وتقرير حكم ما تحت الأبنيَّة

- ‌القاعدة العشرون:أقرر فيها ما معنى الذمة وما معْنَى أهلية المعاملة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:أقرر فيها ما معنى المِلْكِ وما معْنَى التصرف

- ‌القاعدة الثالثة: والعشرون:أقرر فيها ما مصلحته من العقود في اللزوم وما مصلحته عدم اللزوم

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرِر فيها ما يُمنَع فيه الجهالةُ وما يُشترَطُ فيه الجهالة بحيث لو فقِدت فَسَد

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:أقرر فيها ما يَثْبُتُ في الذمم وما لَا

- ‌الإِجارة

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها ما يملك من المنفعة بالاجارة وبيْن (1) ما لا يُملَكُ منها بالإِجارة

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها ما للمستاجِر أخْذُهُ من ماله بعد انقضاء الإجارة مِمّا ليس له أخْذُه

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها ما يضمنه الأُجَرَاءُ عند الهلاك مما لا يضمنونه

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يُضمَن بالطرح من السفن وما لا يُضْمَن

- ‌القاعدة السادسة:في الفرق بين الإِجارة والرزق، (14 م)

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين تمليك الانتفاع وتمليك المنفعة

- ‌الضمان

- ‌القاعدة الأولى:نقرر فيها ما بِهِ يكون الضمان

- ‌القاعدة الثانية: فيما يتعلق بالصائِل

- ‌القاعدة الثانية: ما يجوز التوكيل فيه مما لا يجوز

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بين الأملاك الناشئة عن الإِحياء وبين الاملاك الناشئة عن غَير الإِحياء

- ‌القاعدة الرابعة:في تقرير ما يوجبُ استحقاقُ بعضه إبطالَ العقد في الكُلِّ ممّا لَا

- ‌القاعدة السادسة: لِتمييز ما يُرَدُّ من القراض الفاسد إلى أجْرة المثل ممّا يُرَد إلى قراض المثل

- ‌القاعدة السابعة:في تقرير ما يُرَدُّ إلى مساقاة المثل ممّا يُرَدُّ إلى أجرة المِثْلِ منها

- ‌القاعدة الثامنة: في تقرير الإِقرار الذي يَقبَل الرجوعَ عنه وتمييزِه عما لا يَقبَل الرجوعَ عنه

- ‌الدعاوى والشهادات

- ‌القاعدة الأولى: في تمييز الدعوى الصحيحة من الدعوى الباطلة

- ‌القاعدة الثانية:في تمييز المدَّعي من المدعَى عليه

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بيْن ما يحتاج للدعوى وبين ما لا يحتاج إليها

- ‌القاعدة الرابعة: في تقرير اليد المعتبَرة المرجِّحة لقول صاحبها

- ‌القاعدة الخامسة: في تقرير ما تجب إجابة الحاكم فيه إذا دُعِي إليه ممّالا تجب

- ‌القاعدة السادسة: في الفرق بين قاعدة ما يُشْرَع فيه الحَبْسُ وبين قاعدة ما لا يُشَرع

- ‌القاعدة السابعة: في تقرير من يَلْزَمه الحلف

- ‌القاعدة الثامنةفي تمييز المعصية التي هي كبيرة مانعةٌ من قَبول الشهادة من التي ليست كذلك

- ‌القاعدة التاسعة: في تقرير التهمة التي ترَدُّ بها الشهادة بعد العدالة من التيلا تُرَد بها الشهادة

- ‌القاعدة العاشرة: في ذِكر ما يَصْلُحُ أن يكون مستنَداً للشهادات

- ‌القاعدة الحادية عشرة: في تقرير ما هو حُجَّةٌ عند الحكام

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في تقرير ما يقع به الترجيح في البينات عند التعارض

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في تقرير ما اعتُبر من الغالبِ وما أُلغي من الغالب

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:في تمييز ما يصح الإِقراع فيه ممّا لا

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في كيفِيةِ أداء الشاهِدِ شهادتَه عند القاضي

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في الفرق بين الفتوى والحكم

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفي تمييز ما تُشترَطُ فيه العدالة مِمَّا لا تُشترَط فيه

- ‌القاعدة التاسعة عشرة: في ضَمِّ الشهادات

- ‌كتاب الحدود وما في معناها

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير (*) ما هو شُبْهةٌ يُدْرَأُ بهَا الحدُّ ممَّا لا

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين القذف يقع بين الزوجين، وبين الأجانب

- ‌القاعدة الثالثة:أقرَرُ فيها الفرقَ بين الحدِّ والتعزيز

- ‌القاعدة الرابعة:في الفرق بين الحصانة لا تعود بالعدالة، والفسوقِ يعود بالجناية

- ‌القاعدة الخامسة: في القصاص

- ‌القاعدة السادسة:نقرْ الفرق بين المسكرات والمفسدات والمرقِّدات (46 م)، فنقول:

- ‌الفرائض

- ‌القاعدة الأولىفي تقرير ما ينتقل إلى الأقارب من الأحكام

- ‌القاعدة الثانيةفي تقرير الفرق بين أسباب التوارث وأجزاء أسبابها العامة والخاصة

- ‌القاعدة الثالثةفي تقرير أسباب التوارث وشروطِهِ وموانعه

- ‌الجامع

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير ما يحرم من البِدع ويُنْهَى عنها ممَّا ليس كذلك

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين ما هو من الدعاء كُفْرٌ وبين ما ليس بكفر

- ‌القاعدة الثالثة:في انقسام مَا ليس بكفر من الدَّعاءِ إلى مُحرَّم وغيرِ مُحرَّم

- ‌القاعدة الرابعة:في تمييز ما يُكْره من الدعاء مما ليس بمكروه

- ‌القاعدة الخامسة:في تمييز ما يجب تعلُّمُه من النجوم ممَّا لا يجب

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين الحسد والغبطة

- ‌القاعدة الثامنة:في الفرق بين التكبر والتجمل بالملابس، وبين الكِبْر والعُجْب

- ‌القاعدة التاسعةفي تقرير المداهنة الجائزة وتمييزِها عن التي لا تجوز

- ‌القاعدة العاشرة:في تمييزِ المعصية التي هي كفر عن المعصية التي ليست كفْراً

- ‌القاعدة الحاديةَ عشرةَ:في تقرير معْنَى الزهد

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في التوكل

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في الكلام على الرضَى بالقضاء

- ‌القاعدة الرابعة عشرةفي تمييز المكَفِّرات عن أسباب المثوبات

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في تمييز الخوف من غير الله الذي لا يحْرُم من الذي يحرم منه

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في تقرير ما يَلزَم الكفار إذا أسلم وما لا يَلزمه

- ‌القاعدة السابعة عشرة:في الكذِب وفي الوعد وفي خُلْف الوعْد

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفيما يتعلق بالطِيَرة والفال، فأقول:

- ‌القاعدة التاسعة عشرةفي الرؤيا التي تُعْبَرُ من التي لا تُعْبر

- ‌القاعدة العشرون:في تقرير ما يباح من عِشْرة الناس من المكارمة وما يُنهَى عنه مِنْ ذلك

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:في بيان ما يجب النهي عنه من المفاسد وما يَحرُمُ وما يُندَبُ

- ‌القاعدة الثانية والعشرونفى الفرق بين الرياء في العبادات وبين التشريك فيها

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون: فِيما به يكون التفضيل

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:فِيمن يُقَدّم للولاية ومن يتأخر عنها:

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون في الاستغفار

- ‌القاعدة السادسة والعشرون: في معنى الأفضلية والمزية

- ‌القاعدة السابعة والعشرونفي تمييز حقوق الله تعالى عن حقوق العباد

- ‌القاعدة الثامنة والعشرونفي تمييز حقوق الوالدين عن الأجانب

- ‌القاعدة التاسعة والعشرونفيما يُترَكُ من الجهل ولا يواخذُ عليه ممَّا لا

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌جدول بتصويب بعض الأخطاء المطبعية التي وقعت في الجزء الأول من هذا الكتاب

- ‌ترجمة محمد بن قاسم بن محمد بن أحمد بن محمد القوري

- ‌خاتمة

الفصل: ‌القاعدة التاسعة عشرة: في ضم الشهادات

الوازع الطبيعي فيها، غير أن الفاسق قد يوالي أهلَ شيعته، فيؤثرهم بوليته: أختِه أو بنته، فتحصل لها المفسدة العظيمة، فاشتَرِطت العدالة لذلك، وكان اشتراطها تتمة، لا حاجيةً ولا ضروريةً، لأجل تعارُض هاتين الشائبتين، وهذا التعارض بين هاتين الشائبتين هو سبب الخلاف بين العلماء في اشتراط العدالة في ولاية النكاح، وهل تصِحُّ ولاية الفاسق أو لا؟ وفي مذهب مالك قولان.

وكذلك اشتراط العدالة في الأوصياء من باب التَّتمَّةِ أيضا، لأن الغالب على الانسان أنه لا يوصي على ذُريته إلا مَنْ يثِق بشفقته، فوازعه الطبيعي يكفي في تحصيل مصلحة الاولاد. ثم الْأمر فيه كما قلنا في ولي النكاح سواءٌ بسواء، وما عدا ذلك فلا تشترط فيه العدالة، كالإِقرار فإنه يُقْبل فيه قول البَرِّ وَالفاجِر، وهذا لأن الوازع الطبيعي معه، فهو لا يسوقه إلى مضرّة نفسه، وكذلك مسألة الدعاوى يصح فيها البَرُّ والفاجر، والمسلم والكافر، وإنْ كانت عكسَ الإِقرار، فإنه في الإِقرار يعترف بالحق عليه، وهنا يطلب غيره بشيء يقول: هو له، وقامت البينة هنا مَقام الوازع الطبيعي هنالك، بل كَان الرُكُون إليها أوْلى من العدالة، لأن، العدالة قد تتغيَّر في أقربِ وقت، ونحنْ لا نطلع على ذلك، فيوصَل بذلك إلى المضرّة، فاشْتُرطت البينةُ على المدَّعي، وسائرُ ما يقوم مقام البينة، والله أعلم.

‌القاعدة التاسعة عشرة: في ضَمِّ الشهادات

(218).

قال اللخمي: قيل: تضَم الشهادتان في الأفعال والأقوال، أو إحداهما والأخرى فعلٌ، وقيل: لا يُضَمَّان مطلقا، وقيل: تُضَمان في الأقوال فقط،

وهو غير سليم، والمقصود أن تلك الشفقة تمنعه من ألا يوقع بها غير المصلحة، وذلك ما توضحه عبارة القرافي حيث جاء فيها قوله:

بسبب أن الوِازع الطبيعي في الشفقة على الْمُوَلى عليها يمنع من الوقوع في العار والسَّعي في الِإضرار. فقَرُبَ عدم اشتراط العدالة (في الولاية على النكاح) كالإقرارات، لقيام الوازع الطبيعي فيها.

(218)

هي موضوع الفرق التاسع والستين والمائتين بين قاعدة ضم الشهادتين في الاقوال، وبين قاعدة عدم ضمها في الافعال، جـ 3. ص 177.

وقد علق الشيخ ابن الشاط على ما جاء في اول هذا الفرق عند القرافي رحمهما الله، فقال: مما قاله هنا حكايةُ أقوال، ونحو ذلك، ولا كلام فيه.

ص: 310

وقيل: تضمانِ إذا كانتا على فعل، فإن كانت إحداهما على قوْل والأخرى على فعل فَلا، وهذه الأقوالُ كلها لمالك رضي الله عنه. واعتمد الأصحاب في الفرق بين الأقوال والافعال أن الأقوال يمكن تكررها، ويكون. الثاني خبرا عن الأول، والأفعال لا يمكن تكرُّرُها إلّا مع التعَدُّد.

وهذا الفرق فيه بحْث. (219) وذلك أن الأصل في الاستعمال الانشاءُ، وتعديدُ المعاني بتعدد الاستعمال حتى يدل دليل على التاكيد، ومقتضَى هذه القاعدة عدَمُ ضمِّ الأقوال والأفعال، (220) لكن عارَضَ هذه القاعدةَ قاعدةٌ اخرى، وهِيَ أن أصْلَ قولنا: أنتِ طالق، وأنتَ حُرٌّ، الخبرُ عن وقوع الطلاق والعَتاق قبل زمن النطق، وكذلك بعْتُ واشتريتُ وسائر صيغ العقود، وإنما ينصرف لاستحداث هذه المعاني بالقرائن أو النقل العرفي، فحُمِل القول الثاني على الِإخبار في المرَّة الثانية، عملاً بقاعدة ترجيح الاصل الذي هو الخبر، والحَمْلُ على الأصل أوْلى (221)، ولذلك شبّهَهُ الأَصحاب بما لو أقرَّ بمال فِى مجالسَ فانه لا يتعدد عليه لقربه. (222) أمّا لو فرضنا كل واحد من الشاهدين صمَّمَ على الإِنشاء فيما سمِعه كانت الأقوال كالأفعال،

(219) هذا من كلام القرافي رحمه الله.

(220)

كذا في جميع النسخ. ع. ح. ت، وتعديد بالعين، وفي هذا الفرق عند القرافي: وتجديد المعافي بتجدد الاستعمال والتاسيس (بالجيم)، والتعبير بالتجديد أظهر وأوضح، وأن الأول له معنى ووجه آخر مقبول، فلْيتَأمَّل وليحقق، والله أعلم.

(221)

علق الشيخ ابن الشاط على هذا الكلام عند القرافي، فقال: ما قاله صحيح، بناء على ما أصل، الا ما قاله من قوله: انتَ طالق، وانت حرٌّ، الخبر عن وقوع الطلاق والعتاق قبل زمان النطق، فإنه ليس بصحيح. فإن الخبر باسم الفاعل المطلق لا يكون إلا للحال. وقد تقدت الاشارة إلى هذه في تعليق سابق.

(222)

قال ابن الشاط هنا: إنما لم يتعدد عليه ما أقر به لاحتمال تكرر الاقرار بمال واحد، مع أن الأصل برآة الذمة من الزائد، وكذلك ما نحن فيه من قوله: عبدي فلان حر، ثم كرر ذلك القول، فإنه يُحملُ على أن الثاني خبر عن الاول، بناء على ما أصل من أصل الخبر، فيكون حينئذ الشاهدان شهِدا على شيء واحد، وهو انشاء العتق في العبد الذي سمَّى.

ثم زاد ابن الشاط قائلا هنا: لا أدري مْا الحامل على تكلف تقديره كون القول الثاني خبرا عن الأول، مع أنه لو بَيَّن بقرينة مقاله او بقرينة حالِهِ أنه يريد بالقول الثاني تاكيد الانشاء لِعتق

ص: 311

وبالجُمْلة، من غلب عليه مُلاحظةُ الانشاء لم يَضُمَّ في الأقوال، ومتى لاحَظَ الانشاءً ولاحظَ الخبر، وأنه الأصْل ضَمَّ في الأقوال. وأمّا الافعالُ فبيَّنَ أنه لا يمكن أن يكون الثاني عَيْنَ الأول. (223) لأنه لا يصح أن يكون خبرا عنه، فإن الخبر من خصائص الأقوال، فصار مشهوداً به آخر. وأمّا عدم الضمّ إذا كانت إحداهما قولا والأخرى فعلا، فلأن الضم إنما يكون في جنس واحد، وضمُّ الشيء إلى جنسه أقربُ من ضمِّه إلى غير جنسه (224).

= ذلك العبدَ، لكملت شهادة الشاهدين بذلك العتق، وكذلك لو تبين بالقرائن أن القول الاول خبر عن أنه كان عقدَ عتقه، والقول الثاني كذلك، لحصلت شهادة شاهدين على إقراره بعتقه، فلا فرق - إذن - بين ما إذا كان القولان إنشاء أو كانا خبرا، أو كان أحدهما خبرا والآخر إنشاء، من حيث ان المقصود وهو وقوع عتقه اياه قد حصل على كل تقدير من تلك التقادير.

نعم إذا تبيَّن بالقرآئن أو احتمل أن القوَل الثاني تأسيسُ إنشاء كالاول، فها هنا لا يصح ضم الشهادتين المختلفتي التاريخ، لأنه لا يكون على عقد العتق الا شاهد واحد وهو الأول، وأما الثاني، فإنَّما لا يصح عقد العتق به، لأن العقد أو العتق لا ينعقد فيما تقدم عتقه.

(223)

كذا في ع، وح. وعند القرافي. وفي نسخة ت: عكس الاول، بدل عين الأول.

(224)

علق الشيخ ابن الشاط على ما جاء عند القرافيِ هنا قوله: "أما لو فرضنا كل واحد من الشاهدين صمَّم على الانشاء فيما سمعه كانتَ الاقوال كالافعال" إلى هنا

الخ

فقال: لا أحسِبُ ما بنَى عليه الفرقَ من كون القول الثاني خبرا عن الأول صحيحا، بل الذي ينبغي أن يكون أصْلا في هذه المسائل، سواء كانت قولا أو فعلا، أو كيفما كان، أن يُنظر إليها، فإن قبلَتْ الضم ضُمتْ، وإلا فلا.

ففي القول كمسألة الإِقرار بمال، كمن يقول في رمضان: لفلان عندى دينار، فسمعه شاهد، ثم يقول في شوال: لفلان عندى دينار، فسمعه آخر، فلاشك أن المَوْضع يقبل الضم، فتُكَمل الشهادة، ويقضَى عليه بالدينار.

وفي الفعل، كمن يَشرب الخمر في شوال، فيشاهده شاهد، ثم يشربها في ذى القعدة فيشاهده آخَرُ، فلا شك أن هذا الموضع يقبل الضم، فإن الشاهديْن معاً قدْ اجتمعا معا على مشاهدتهما إياه، يشرب الخمر، فتكمل الشهادة فليزمه الحد.

وما قاله القرافي بعد ذلك حكاية اقوال ولا كلام فيها. وما قاله من الحمل على الخبر، فهو بناء على أصله، وما قاله فيما إذا شهد له شاهد الانشاء صحيح، والله أعلم.

وأما القول الذي لا يقبل الضم فكما إذا قال في رمضان: عبدي فلان حرٌّ، على قصد نأسيس الانشاء لعتقه، فشهد عليه بذلك شاهد، ثم قال في شوال: عبدي حر على ذلك القصد بعينه، فيشهد عليه بذاك شاهد آخر، وتعذّر قبول الضم هنا مِن قِبَلِ أن عقد العتق لا يتعدد. =

ص: 312

"تفريع". قال اللخمي: لوْ شهِد أحَدُ الشهود بالثلاث قبْلَ أمس، والثاني باثنتين أمْسِ، والثالث بواحدةٍ اليومَ. لزم الثلاثُ، لأن ضمَّ الثاني للأول يوجبُ اثنتين قبل سماع الثالث، فلمَّا سمع الثالث ضُمَّ لهما، فلزمت الثلاث. وكذلك لو شهدَ الثاني بواحدة والآخَرُ باثنتين، لأن الثاني صح الأول طلقتان، فتضم إليهما طلقة الآخَر. وكذلك لو شهِد الأول باثنتين، والثاني بثلاث، والآخر بواحدة. هذا كله إذا عُلِمَت التواريخ، فإن جُهلت فيختلف في لزوم الثلاث او اثنتين، لأن الزائد عليهما من باب الطلاق بالشك. وقال أبو حنيفة: إذا شهِدَ أحدُهما بطلقة والآخَرُ بأكْثر لمْ يحْكَم بشيء، لِعَدَم كمال الشهادة. فلو شهِد أحدُهما ببائنة والآخَرُ برجْعيَّة ضُمَّتْ الشهادتان، لأنَّ الاختلاف ها هنا إنما هو في الصفة. قال مالك في المدَونة: إذا شَهِدَ أحَدهما أنه قال: إن فعلت كذا فامْرأتِي طالق، وشهِد الآخَرُ أنه قالَ ذلك في صَفَر، وشهِدا عليه، أو غيرهما بالفعل بعد صفر طُلِّقتْ، لاتفاقهما على التعليق والمعَلَّقِ والمعلَّقِ عليه، كما لو اتفقا على المُقَرِّ به واختلفا في زمن الاقرار. وإن شهدا في مجلس على التَّعليق، وشهِدَ أحدهما أنه فعل يوم الجمعة الشرْط، والآخرُ أنه فعله يوم السبت طُلِّقتْ، لاتفاقهما على التعليق ووقوع الشرْط، وكذلك لَوْ نَسَبَا قوله إلى مكانيْن، وِهذا بناء على أن القول الثاني خبر لا إنشاء، فلو صمّم كل واحد من الشاهدين على الانشاء لمْ يكنْ ضَم.

= وأما الفعل الذي لا يقْبلُ الضم، فكما إذا شهد شاهد أنه شاهد زيدا قتل عمراً، في شوال، وشهِدَ شاهدٌ آخَر أنه شاهَدَ قتله في ذي القعدة، وتعذر قبول الضم هنا من قبل أن القتل لا يتعدد.

وعلى ما تقرر تُشكلُ المسألة التي نُقل عن مالك رحمه الله مِن أنه إذا شهِدَ أحد الشاهدين أنه طلقها بمكة في رمضان، وشهد الآخر أنه طلقها بمصر في صفر طلقت من حيث إن المدة التي بيْنَ رمضان وصفر أكثر من مدة العدة، فعلى تقدير قصده تاسيسَ الانشاء، فالقولُ الثافي لا ينعقد به طلاق، لأنها قد انحلت عصمته عنها قبل هذا التاريخ بمقتضى شهادة الاول. وعلى تقدير قصد الخبر فالقولُ الثاني يبعِدُ اطلاع الشاهد على هذا القصد، لاحتمال القول الثاني قصدَ تأسيس الإِنشاء وقصد تاكيده، وقَصْدَ الخبر، وترجيحُ قصد الخبر بأنه الاصل لا يخفى ضعفُه، والله أعلم.

وما قاله القرافي بعد ذلك حكاية أقوال، ولا كلام فيها. وما قاله من الحمل على الخبر، فهو بناء على اصله، واما قاله فيما إذا شهد له شاهد الانشاء، صحيح، والله أعلم.

ص: 313