المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القاعدة السادسة:في الفرق بين الإجارة والرزق، (14 م) - ترتيب الفروق واختصارها - جـ ٢

[البقوري]

فهرس الكتاب

- ‌النكاح والطلاق

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها الفرق بين أنكحة الصبيان وطلاقهم

- ‌القاعدة الثانيةأقرِّرُ فيها الفرقَ بين ذوِى الأرحام والعَصَبة حتى كان للعَصَبة الولايةُ في النكاح ولم يكن ذلك لِمَن يُدْلي بجهة الأمّ

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها لِمَ كان الإِخوة في النكاح وميراثِ الولاء وصلاةِ الجنازة يُقَدَّمون على الأجداد، ولِمَ كانوا على السواء في الميراث

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها أن تحريم المصاهَرَة ليس رُتْبةً واحدة، بل هو رُتَبٌ

- ‌القاعدة السابعة

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرِر فها الفرق بين ما يَحْرُم الجمعُ بينهن من النساء وبين ما يجوز الجمعُ بينهن

- ‌القاعدة العاشرة:نقرر فيها ما يُقَرُّ من أنكحة الكفار وما لا يُقَرُّ

- ‌القاعدة الحاديةَ عشْرةَ:لِمِ كان للرجل أن يتزوج الإماء التي لغيره عند شرط ذلك، ولم يكن للمرأة الحرّة أن يتزوجها عبد لغيرها، ولا للرجل أن يتزوج إماءه، ولا للنساء أن يتزوجن عبيدهن

- ‌القاعدة الثانية عشرة:لِمَ وقع الحَجْرُ على النِّساء في الأبضاع ولم يقع الحَجْرُ عليهن في الأموال

- ‌القاعدة الثالثة عشرةأقرر فيها ما به ينعقد النكاح، وأنه يخالف البيع فيما يُشترط فيه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:لِمَ كان الثمنُ في البيع يتقرَّر بالعقد، والصَّداقُ في النكاح لا يتقرر بالعقد؟ ، هذا على قول، فإنه قد قيل: يتقرر بالعقد، وقيل أيضًا: يتقرّر النصف بالعقد

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها الفرق بين المتداعيين شيئًا، لا يقدّمُ أحدُهما على الآخر إلا بحجة ظاهرة وبين المتداعيين من الزوجين في متاع البيت يقدّمُ كل واحد منهما فيما يُشبِهُ أن يكون له

- ‌القاعدة السابعة عشرة:أقرر فيها الفرق بين الوكالة والولاية في النكاح

- ‌القاعدة الثامنة عَشرة:أقرر فيها الصريح من الطلاق وغير الصريح فأقول

- ‌القاعدة التاسعة عشرة:أُقرر فيها ما يُشترَط في الطلاق من النية وما لا يُشْترَط

- ‌القاعدة العشرون:في الفرق بين قاعدة التصرفِ في المعدوم الذي يمكن أن يتقرر في الذمة وبين ما لا يمكن أن يتقرر في الذمة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون:لِمَ كان قرْءٌ واحد يكفي في الاستبراء، وشهر واحد لمن لا تحيض لا يكفي في الاستبراء فلابد من ثلاثة أشهر، وثلاثةُ أشهر إنما جُعِلَتْ مكانَ ثلاثة قروءٍ

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرر فيه الفرق بين خيار التمليك في الزوجات وتخيير الإِمَاء في العتق حتى كان يَلزم في الزوجات ولا يَلزم في الإماء

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:في الفرق بين التخْيير والتمليك

- ‌النفقة

- ‌قواعد البيوع

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها أين يصح اجتماع العوضين لشخص واحدٍ، وأيْن لا يصح

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها الفرق بين من مَلَك أن يَمْلِكَ، هلْ يُعَدُّ مالكا أم لا، وبيْن من انعقد له سبب مطالبةِ التمليك، هل يُعَدُّ مالِكاً أمْ لا (8 م)

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها الفرق بين النقل والإِسقاط

- ‌القاعدة الرابعة:أقرر فيها بيان ما يَقبل المِلك من الأعيان والمنافع مما لا يقبله

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يجوز بيعه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة:في بيانِ ما تُؤَثِّر فيه الجهالةُ والغرَرُ مما لا تؤَثِّرُ

- ‌القاعدة الثامنة:أبين فيها ما يجوز بيعه على الصفة وما لا يجوز

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرر فيها ما به يجوز بيع الربوي بجنسه وما به لا يجوز

- ‌القاعدة العاشرة:أقرر فيها ما يدخله ربا الفضل وما لا يدخله

- ‌القاعدة الحادية عشرة:أقرّرُ فيها معنى الجهل ومعنى الغرر حتى يظهر بذلك اختلافهما

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:نُقَرر فيها ما يجوز اجتماعه مع البيع وما لا يجوز

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:أقررُ فيها ما يتعين من الأَشياءوما ل يتعين في البيع ونحوه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:أقرر فيها ما يجوز بيعه قبل قبضه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها ما يتْبَعُ العقدَ عُرفا ومالَا

- ‌القاعدة السابعةَ عشْرةَ:أقرر فيها ما يجوز به السَّلَمُ ويصح

- ‌القاعدة الثامنة عشرة في الصلح

- ‌القاعدة التاسِعة عشرة:في تقرير حكم الأهوية وتقرير حكم ما تحت الأبنيَّة

- ‌القاعدة العشرون:أقرر فيها ما معنى الذمة وما معْنَى أهلية المعاملة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:أقرر فيها ما معنى المِلْكِ وما معْنَى التصرف

- ‌القاعدة الثالثة: والعشرون:أقرر فيها ما مصلحته من العقود في اللزوم وما مصلحته عدم اللزوم

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرِر فيها ما يُمنَع فيه الجهالةُ وما يُشترَطُ فيه الجهالة بحيث لو فقِدت فَسَد

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:أقرر فيها ما يَثْبُتُ في الذمم وما لَا

- ‌الإِجارة

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها ما يملك من المنفعة بالاجارة وبيْن (1) ما لا يُملَكُ منها بالإِجارة

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها ما للمستاجِر أخْذُهُ من ماله بعد انقضاء الإجارة مِمّا ليس له أخْذُه

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها ما يضمنه الأُجَرَاءُ عند الهلاك مما لا يضمنونه

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يُضمَن بالطرح من السفن وما لا يُضْمَن

- ‌القاعدة السادسة:في الفرق بين الإِجارة والرزق، (14 م)

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين تمليك الانتفاع وتمليك المنفعة

- ‌الضمان

- ‌القاعدة الأولى:نقرر فيها ما بِهِ يكون الضمان

- ‌القاعدة الثانية: فيما يتعلق بالصائِل

- ‌القاعدة الثانية: ما يجوز التوكيل فيه مما لا يجوز

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بين الأملاك الناشئة عن الإِحياء وبين الاملاك الناشئة عن غَير الإِحياء

- ‌القاعدة الرابعة:في تقرير ما يوجبُ استحقاقُ بعضه إبطالَ العقد في الكُلِّ ممّا لَا

- ‌القاعدة السادسة: لِتمييز ما يُرَدُّ من القراض الفاسد إلى أجْرة المثل ممّا يُرَد إلى قراض المثل

- ‌القاعدة السابعة:في تقرير ما يُرَدُّ إلى مساقاة المثل ممّا يُرَدُّ إلى أجرة المِثْلِ منها

- ‌القاعدة الثامنة: في تقرير الإِقرار الذي يَقبَل الرجوعَ عنه وتمييزِه عما لا يَقبَل الرجوعَ عنه

- ‌الدعاوى والشهادات

- ‌القاعدة الأولى: في تمييز الدعوى الصحيحة من الدعوى الباطلة

- ‌القاعدة الثانية:في تمييز المدَّعي من المدعَى عليه

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بيْن ما يحتاج للدعوى وبين ما لا يحتاج إليها

- ‌القاعدة الرابعة: في تقرير اليد المعتبَرة المرجِّحة لقول صاحبها

- ‌القاعدة الخامسة: في تقرير ما تجب إجابة الحاكم فيه إذا دُعِي إليه ممّالا تجب

- ‌القاعدة السادسة: في الفرق بين قاعدة ما يُشْرَع فيه الحَبْسُ وبين قاعدة ما لا يُشَرع

- ‌القاعدة السابعة: في تقرير من يَلْزَمه الحلف

- ‌القاعدة الثامنةفي تمييز المعصية التي هي كبيرة مانعةٌ من قَبول الشهادة من التي ليست كذلك

- ‌القاعدة التاسعة: في تقرير التهمة التي ترَدُّ بها الشهادة بعد العدالة من التيلا تُرَد بها الشهادة

- ‌القاعدة العاشرة: في ذِكر ما يَصْلُحُ أن يكون مستنَداً للشهادات

- ‌القاعدة الحادية عشرة: في تقرير ما هو حُجَّةٌ عند الحكام

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في تقرير ما يقع به الترجيح في البينات عند التعارض

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في تقرير ما اعتُبر من الغالبِ وما أُلغي من الغالب

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:في تمييز ما يصح الإِقراع فيه ممّا لا

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في كيفِيةِ أداء الشاهِدِ شهادتَه عند القاضي

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في الفرق بين الفتوى والحكم

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفي تمييز ما تُشترَطُ فيه العدالة مِمَّا لا تُشترَط فيه

- ‌القاعدة التاسعة عشرة: في ضَمِّ الشهادات

- ‌كتاب الحدود وما في معناها

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير (*) ما هو شُبْهةٌ يُدْرَأُ بهَا الحدُّ ممَّا لا

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين القذف يقع بين الزوجين، وبين الأجانب

- ‌القاعدة الثالثة:أقرَرُ فيها الفرقَ بين الحدِّ والتعزيز

- ‌القاعدة الرابعة:في الفرق بين الحصانة لا تعود بالعدالة، والفسوقِ يعود بالجناية

- ‌القاعدة الخامسة: في القصاص

- ‌القاعدة السادسة:نقرْ الفرق بين المسكرات والمفسدات والمرقِّدات (46 م)، فنقول:

- ‌الفرائض

- ‌القاعدة الأولىفي تقرير ما ينتقل إلى الأقارب من الأحكام

- ‌القاعدة الثانيةفي تقرير الفرق بين أسباب التوارث وأجزاء أسبابها العامة والخاصة

- ‌القاعدة الثالثةفي تقرير أسباب التوارث وشروطِهِ وموانعه

- ‌الجامع

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير ما يحرم من البِدع ويُنْهَى عنها ممَّا ليس كذلك

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين ما هو من الدعاء كُفْرٌ وبين ما ليس بكفر

- ‌القاعدة الثالثة:في انقسام مَا ليس بكفر من الدَّعاءِ إلى مُحرَّم وغيرِ مُحرَّم

- ‌القاعدة الرابعة:في تمييز ما يُكْره من الدعاء مما ليس بمكروه

- ‌القاعدة الخامسة:في تمييز ما يجب تعلُّمُه من النجوم ممَّا لا يجب

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين الحسد والغبطة

- ‌القاعدة الثامنة:في الفرق بين التكبر والتجمل بالملابس، وبين الكِبْر والعُجْب

- ‌القاعدة التاسعةفي تقرير المداهنة الجائزة وتمييزِها عن التي لا تجوز

- ‌القاعدة العاشرة:في تمييزِ المعصية التي هي كفر عن المعصية التي ليست كفْراً

- ‌القاعدة الحاديةَ عشرةَ:في تقرير معْنَى الزهد

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في التوكل

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في الكلام على الرضَى بالقضاء

- ‌القاعدة الرابعة عشرةفي تمييز المكَفِّرات عن أسباب المثوبات

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في تمييز الخوف من غير الله الذي لا يحْرُم من الذي يحرم منه

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في تقرير ما يَلزَم الكفار إذا أسلم وما لا يَلزمه

- ‌القاعدة السابعة عشرة:في الكذِب وفي الوعد وفي خُلْف الوعْد

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفيما يتعلق بالطِيَرة والفال، فأقول:

- ‌القاعدة التاسعة عشرةفي الرؤيا التي تُعْبَرُ من التي لا تُعْبر

- ‌القاعدة العشرون:في تقرير ما يباح من عِشْرة الناس من المكارمة وما يُنهَى عنه مِنْ ذلك

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:في بيان ما يجب النهي عنه من المفاسد وما يَحرُمُ وما يُندَبُ

- ‌القاعدة الثانية والعشرونفى الفرق بين الرياء في العبادات وبين التشريك فيها

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون: فِيما به يكون التفضيل

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:فِيمن يُقَدّم للولاية ومن يتأخر عنها:

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون في الاستغفار

- ‌القاعدة السادسة والعشرون: في معنى الأفضلية والمزية

- ‌القاعدة السابعة والعشرونفي تمييز حقوق الله تعالى عن حقوق العباد

- ‌القاعدة الثامنة والعشرونفي تمييز حقوق الوالدين عن الأجانب

- ‌القاعدة التاسعة والعشرونفيما يُترَكُ من الجهل ولا يواخذُ عليه ممَّا لا

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌جدول بتصويب بعض الأخطاء المطبعية التي وقعت في الجزء الأول من هذا الكتاب

- ‌ترجمة محمد بن قاسم بن محمد بن أحمد بن محمد القوري

- ‌خاتمة

الفصل: ‌القاعدة السادسة:في الفرق بين الإجارة والرزق، (14 م)

‌القاعدة السادسة:

في الفرق بين الإِجارة والرزق، (14 م)

فأقول:

إنهما اشتركا في أنهما وقع فيهما بذْل مال بإزاءِ منافعَ، غيرَ أنَّ بَاب الأرزاق أدْخَلُ في باب الِإحسان، وبابُ الأجارة أدْخَلُ في باب المكايَسَة. ويظهر تحقيق ذلك بسِتِّ مسائل:

المسألة الأولى: القضاة، يجوز أن يكون لهم أرْزاقٌ من بيت المال على القضاء إجماعا، ولا يجوزُ أن يُستَاجَروا على القضاءِ إجماعا، بِسبَب أن الأرزاق إعانةٌ عمَّا وجبَ عليهم من تنفيذ الاحكام عند قيام الحِجاج ونهوضها، ولو اسْتُوجِرُوا على ذلك لدخلت التهمة في الحكم. (15) ويجوز في الأرزاق أن تُرْفع وأنْ يُزَادَ فيها وأن يُقلَّل وأن يُقطَع، ولو كان ذلك إجارةً لوجبَ تسليمها نفسِها من غير زيادةٍ ولا نقْصِ، لأن الإِجارةَ عقْدٌ، والوفاء بالعقود واجسب، والأرزاق معروف، والأجرة في الإِجارة تورَث، والْأرزاق لا تُورَث.

المسألة الثانية: رزْق المساجد والجوامع يجوز أن يُنقل عن جهاتها إذا انقطعت أوْ وُجدتْ جهة هي أَوْلى لمصلحة المسلمين من الجهة الأوُلى، ولو كان ذلك وقفًا أو إجارة لَتعذَّر ذلك فهِا، لأن الوقف لا يجوز تغييرُه، والوفاء بعقد الإِجارة واجب. وأيضا فللإِمام أن يستنيبَ دائما، وتكونَ له الأرزاق على النظر لا على القيام بالوظيفة، بسبب أن الأرزاق معروف يدُورُ مع المصالح كيف دَارت، والوقْفُ لا يصح فيه شيءٌ من ذلك، بل إذا كان على الإِمامةِ فلا ياخذُه إلَّا مَن يقومُ بها على شرط الواقفِ، فإن استناب غيره دائما في ذلك الأمْر فلا أحدَ يستحق ذلك الوقف، لا الإِمامُ ولا النائبُ عنه، لأن الإِمام لم يَقم بشرط الوقف،

(14 م) - هي موضوع الفرق الخامس عشر والمائة بين قاعدة الارزاق وبين قاعدة الاجارات. جـ 3. ص. 3. ولم يعلق عليه الشيخ ابن الشاط بشيء، على ما فيه من طول نسبي عند القرافِى رحمهما الله.

(15)

أي بمعاوضة صاحب العوض، ولذلك تجوز الوكالة بعوض، ويكون الوكيل عاضدًا أو ناصرا لمن بَذلَ له العوض، كما قال القرافي رحمه الله.

ص: 179

والمستنابُ كذلك، لأن ولايته لم تكن ممن له الولاية، والاستنابة في أيام الأعذار لَا تُسقِطُ حقه في الوقف، وله أن يعطي النائبَ في تلك الأيام ما أحبَّ.

ثم الرزق إذا كان من الإِمام على أشياءَ كالإمامة رالتدريس وغير ذلك فلا يَحِل إلا لمن كان أهْلا للقيام بذلك وقام بها، إلا أن يكون الإِمام قد جعل تلك الأرزاق لأحَدٍ من هؤلاء بعد معْرفته به وعدم قيامه بذلك فإنه ياخذه إن كان أعطاهُ لمصلحة أخرى ظهرت له في ذلك، ولو كَان وقْفًا لم يَجُزْ للإِمام أنْ يُطْلِقَه له لتلك الخطَّة إذا عَلِم أنه لا يقوم بها. (16):

قال شهاب الدين: وكثير من الفقهاء يغلط في مسألة الأرزاق ويقول: إنَما جاز تَنَاوُل الأرزاق على الإِمامة بناءً على القوْلِ بإجازة الإِجارة على الإِمامة في الصلاة، (17) ويَتَوزَعُ عن تناول الرزق لأجْل الخلاف في جواز الإجارة، وليس الأمر كما ظنَّه، بل الارزاق مَجمَعٌ على جوازها، لأنما إحسانٌ ومعروف وإعانة لا إجارةٌ، وإنما وقع الخلاف في الإِجارة، لأنها عقدُ مكايَسة ومُغَابَنَة، ومن باب المعاوضَة التي لا يجوز أن يُجعَل العوضانِ فيها لشخص واحد، فإنَّ المعاوضة إنما شُرِعت لينتفع كلُّ واحد من المتعاوضيْن بما بُذِلَ له، وأجْرُ الصلاة له، فلو أخذ العوض عنها

(16) عبارة القرافي هنا: وِلو كان وقفا ولم يقم بشرطه لم يجز لإمام إطلاقه لمن لم يقم بشرط الواقف في استحقاقه، فهذا أيضا يميز لك الارزاق من باب الاوقاف والاجارات. ويجوز في المدارس الأرزاق والوقف والاجارة، ولا يجوز في إمامة الصلاة الاجارة على المشهور من مذهب مالك رحمه الله، ويجوز الارزاق والوقف.

(17)

سبق الكلام عن موضوع إجارة الإمامة على الصلاة وما فيها من اُقوال ثلاثة: الجواز، والمنع، والتفريق بين ضم الأذان للصلاة فتجوز الاجارة عليها، وعدم ضمه لها فلا تجوز تلك الاجارة، وذلك في القاعدة الأولى من قواعد البيوع، والمتعلقة ببيان أينَ يصحُّ اجتماع العوضين لشخص واحد واينَ لا يصح ذلك، وهي موضوع الفرق الرابع عشر والمائة من فروق القرافي، والذي ذكر فيه القول بجواز الأجرة على الامامة، وأن وجه ذلك القول بالجواز هو كون الأجرة على الامامة بإزاء الملازمة في المكان المعَيَّن، وهو غير الصلاة.

وقد علق الشيخ ابن الشاط على ذلك كما سبقت إليه الإشارة هنا بقوله: لقائل أن يقول: ليس المبذول فيها (أي في إمامة الصلاة) عوضا عن الثواب، بل هو معونة على القيام بتلك الامور، فلِلْقائم بها ثوابه، ولمن تولى الإعانة ثوابه، فلم يجتمع العوضان لشخص بوجه، والله أعلم.

ص: 180

لاجتمع له العوضان، والأرزاق ليست بمعاوَضةٍ الْبتةْ، لجوازها في أضيق المواضع المانِعة من المعاوضة وهو القضاء والحكْمُ بين الناس، فلا ورَعَ حينئذ في تناولِ الرزق على الإمامة من هذا الوجْه، وإنما يقع الورَعُ من جهة قيامه بالوظيفة خاصة، فإن الارزاق لا يجوز تناولها إلا لمن قام بذلك الوجه الذي صرح به الإِمام في إطلاقه.

المسألة الثالثة: الإقطاعات التي تُجْعَلُ للأمراء والأجناد، من الأراضي وغيرها، (18) هي أرزاق من بيت المال وليست إجارة لهم، ولذلك لا يُشترط فيها عليهم مقدارٌ من العمل، ولا أجَل ينتهِي اليه كالإِجارة. نعَمْ لا يجوز تناولهُ إلّا بما قاله الإِمام من الشرط، وهو التهيُّؤ للحرب ولقاءِ العدو والمناضلَة على الدّين ونَصْر كلمةِ الإسلام، والاستعدادُ بالسلاح والخيْل، ومن لم يفَعَلْ ما شُرِطَ عليه في ذلك فلا شيء له، لأن مال بيت المال لا يُستحَق إلا بإطلاق الإِمام على ذلك الوجه الذي أطلقه.

المسألة الرابعة: وقع في كتاب البيانِ والتحصيل لابنِ رشدٍ ما ظاهِرُه أن للامام أن يُوقِفَ وقْفا على جهة من الجهات، ووقع للشافعية مثلُ ذلك، ومقتضَى ذلك

(18) قطاع الأرض أو الأراضى الموات هو جعلَها من طرف السلطان أو من ينوب عنه من الولاة في يد بعض الافراد والجماعات، وتخصيصهم بها ليقوموا على استصلاحها وخدمتها واستغلالها بالزرع والغرس ما دامت هناك مصلحة في الأقطاع لهم، تتجلى في إحياء تلك الاراضي واستثمارها، على أن تبقى ملكا عاما للدولة، تسترجعها منهم متى اقتضت المصلحة العامة ذلك.

وأصل مشروعيته وجوازه السنة النبوية، وفعل الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم.

فعن علقمة بن وائل عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطعه أرضًا في حضرموت.

وأحكامه التفصيلية مذكورة في الكتب الفقهية والحديثية، وكتب الاحكام السلطانية، مثل كتاب الماوردى، والفَرَّاء وغيرهما من علماء الفقه والشريعة الاسلامية ومنهم من خصَّها بتأليف صغير تناول فيه ما يتعلق بهذا الموضوع من بيان وتفصيل. قال الفقيه العلامة أبو الحسن علي بن محمد الماوردي الشافعي رحمه الله، "إقطاع السلطان مختص بما جاز فيه تَصرُّفهُ، ونفذت فيه أوامِرُهُ، ولا يصح فيما تَعَيَّنَ فيه مالكه وتَمَيز مستحقه، وهو ضربان: إقطاع تمليك وإقطاع استغلال"

الخ. للفقيه العلامة العباس بن ابراهيم كتاب في الموضوع، أسماه الإمتاع باحكام الاقطاع بخطوط

ص: 181

أن أوقافهم أعنى الملوَك والخلفاء إذا وقعت على وجه الصحة والأوضاع الشرعية لمصالح المسلمين أنها تنفَّذُ، ولا يجوز لأحد أن يتناول منها شيئا إلا من قام بشرط الواقف، ولا يجوز للإِمام أن يطْلِق ذلك الوقف بعد ذلك لمن لم يَقُمْ بذلك الشرط، إذ قد صار ذلك الشرط لازِمًا للمسلمين والإمام كسائر الأوقاف، ولا يجوز للإِمام تحويلُه عن تلك الجهة، فإنْ وقَفَ الملوكُ على غيْر الأوضاع الشرعية كأن يُوقِفوا على أولادهم وحَرَسِهمْ، حوزا لدنيا لَهم (19) لم ينفذ هذا الوقف، وحرم على من وُقِف عليه تناوُله، وللإِمام انتزاعُه وصرْفُه له أو لغيره على حسب ما تقتضيه مصالح المسلمين، وأمّا وقفُ الوالي فباطل (20).

فإن قلتَ (21): فَإنْ وَقَفَ على ولده بعضَ أراضى المسلمين وقُراهم أو على أحد من أقاربه واشترَى ذلك من ماله الذي اكتسبه في زمن مملكته، هل يصح ذلك الوقف أم لا؟

قلت: أكثرُ الملوك، فقراءُ قَدْ رَكِبَهُم الدَّينُ (22) بسبب ما جَنوْا على المسلمين من تصرفاتهم في بيت مال المسلمين بالهَوى في أبنية الدور العالية والمراكب النفيسة والأطعمة الطيبة وإعطاء الأصدقاء وغير ذلك من التصرفات المنهي عنها شرعا، فهذه ديون عليه، فتكثُر مع طول الأيام، فيتعذر بسببها أمرانِ:

(19) كذا في نسخة ع، وفي نسخة ح: كأن يوقفوا على اولادهم وحَرَمهم، حوْزا لدنياهم. وفي نسخة ت: كأن يوقفوا على أولادهم وحرمَهم حِرزا لدنياهم، لم ينفذْ، وعبارة القرافي هنا: فإن وَقَفُوا على أولادهم أو جهات أقاربهم لهواهم وحِرصهِم على حَوْزِ الدنيا لهم وذراريهم، واتِّباعًا لغير الأوضاع الشرعية لم يُنَفذْ هذا الوقف.

(20)

كذا في ع، وح. وفي ت:"وأما الوقف الأول فباطل"، وهو ما عند القرافي، ولا شك أن المعنى مختلِف باختلاف العبارتين كما هو ظاهر، فليتأمل ذلك وليصحَّح.

(21)

هذا التساؤل والتعقيب هنا للقرافي رحمه الله في هذه المسألة من هذا الفرق.

(22)

كذا في نسخة ع، وفي ح، أفْقَرَهُمْ الدَّين، وفي ت: قد رَكِبَتْهُمْ الديونُ (بصيغة الجمع).

وعبارة القرافي هنا: الملوك فقراء مدينون بسبب ما جَنَوْه على المسلمين من تصرفاتهم في أموال بيت المال بالهوى في أبنية الدور الحالية والمراكب النفيسةِ، إلى آخر ما أورده الشيخ البقوري هنا .. وكما ذكره القرافي رحمهما الله.

ص: 182

أحدُهما الأوقافُ والتبرعات على مذهب مالك ومن وافقه، فإن تبرعاتِ المِدْيانِ، المتأخرةَ عن تقرير (23) الدين عليه، باطلة.

ثانيهما الإِرث، لا ميراث مع الدَّين اجماعا، فلا يورَثُ عنهم شيء. وما تركوه من المماليك لا ينفَّذ عتق المالِكِ الوارث فيهم، بل هُمْ أموال بيت المال مستحَقُّون بسبب الدَّين، وإنما يُنَفَّذ عتق المتوَلّى لبيت المال على الوجه الشرعي.

قال: فإن وقفوا رَبْعا على وجْه البِرِّ والمصالح العامة، ونَسَبُوهُ لأنفسهم فلا، لِأن المال الذي في بيت المال يعتقدون أنه لهم، كما يعتقد في ذلك بعض الملوك من كل وقْف، فلا يصحُّ، الَّا أن يعتقدوا أن المال للمسلمين، والوقف للمسلمين، أمّا أن المال لهم والوقف لهم فَلا، وهو كمَن وقف مال غيره على أنه له، لا يصح ذلك الوقف، كذلك هُنا.

المسألة الخامسة: المصْرُوف من الزكاة للمجاهد ليس أجْرةً، بل رزْقٌ خاصٌّ (24) من مالٍ خاص. وهل يتعَيَّن صرفُه لهذه الجهة؟ يُخَرَّجُ على الخلاف بين الشافعية والمالكية، وليس بإجارة، وذالك بَيِّنٌ من حيث انه لا يُشترط فيه مِقدارٌ من العمل، ولا مدةٌ معلومة لتعْيِين العمل، ولا غيرُ ذلك من شروط الاجارة. ويصح الفرق بينه وبيْن أصْلِ الأرزاق أن أصْل الأرزاق يَصح أن يَبقى في بِيت المال

(23) كذا في ح. وفي ت: تقرير، وفي ع. تأخر، وما في النسختَيْن الأوليين هو الصواب فيما يظهر ويقتضيه المعنى، والله أعلم. فلْيُتَأمل ذلك.

(24)

فائدة لغوية، يلاحظ أن بعض المتحدثين يخطئون في مثل هذه العبارة، فيأتي من حيث لا يشعر وينتبه، بالاسم الذي بعْدَ بل منصوبا، فيقول مثلا: ليسٍ أجْرَةً بل رزقا خاصا، وهو خطأ نحوى لغوي، لأنه ليس مدخولا للنَّفْي بلَيْسَ حتى يكونَ منصوبًا، وإنما هو كلام مُثْبَتٌ بعد حرف بلْ، وهي حرف للاضراب عما قبلها، وما قبلها كان نفيا، فيتعين أن يكون بعدها اثباتا، فيقال: فلان ليس حاضرا، بل غائب، أي بل هو غائب، لأنه إذا نُصب كان مدخولا للنفي، وكان منفيا كذلك، فينتهى الحضور والغياب، فماذا بقي بحد ذلك، وليست ذلك هو مقصودَ الكاتب أو التكلم، وهو تعبير يجب التنبه إليه حيث يصدر عن بعض الناس من حيث لا يشعرُ وأحيانًا بكفيةٍ متكررة لافتة للانتباه والانظار، مما يدل على أنه غيرُ واع بالقاعدة ولا بالمعنى المستفاد ذلك التعبير.

ص: 183