المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القاعدة الثالثة عشرة:في تقرير ما اعتبر من الغالب وما ألغي من الغالب - ترتيب الفروق واختصارها - جـ ٢

[البقوري]

فهرس الكتاب

- ‌النكاح والطلاق

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها الفرق بين أنكحة الصبيان وطلاقهم

- ‌القاعدة الثانيةأقرِّرُ فيها الفرقَ بين ذوِى الأرحام والعَصَبة حتى كان للعَصَبة الولايةُ في النكاح ولم يكن ذلك لِمَن يُدْلي بجهة الأمّ

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها لِمَ كان الإِخوة في النكاح وميراثِ الولاء وصلاةِ الجنازة يُقَدَّمون على الأجداد، ولِمَ كانوا على السواء في الميراث

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها أن تحريم المصاهَرَة ليس رُتْبةً واحدة، بل هو رُتَبٌ

- ‌القاعدة السابعة

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرِر فها الفرق بين ما يَحْرُم الجمعُ بينهن من النساء وبين ما يجوز الجمعُ بينهن

- ‌القاعدة العاشرة:نقرر فيها ما يُقَرُّ من أنكحة الكفار وما لا يُقَرُّ

- ‌القاعدة الحاديةَ عشْرةَ:لِمِ كان للرجل أن يتزوج الإماء التي لغيره عند شرط ذلك، ولم يكن للمرأة الحرّة أن يتزوجها عبد لغيرها، ولا للرجل أن يتزوج إماءه، ولا للنساء أن يتزوجن عبيدهن

- ‌القاعدة الثانية عشرة:لِمَ وقع الحَجْرُ على النِّساء في الأبضاع ولم يقع الحَجْرُ عليهن في الأموال

- ‌القاعدة الثالثة عشرةأقرر فيها ما به ينعقد النكاح، وأنه يخالف البيع فيما يُشترط فيه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:لِمَ كان الثمنُ في البيع يتقرَّر بالعقد، والصَّداقُ في النكاح لا يتقرر بالعقد؟ ، هذا على قول، فإنه قد قيل: يتقرر بالعقد، وقيل أيضًا: يتقرّر النصف بالعقد

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها الفرق بين المتداعيين شيئًا، لا يقدّمُ أحدُهما على الآخر إلا بحجة ظاهرة وبين المتداعيين من الزوجين في متاع البيت يقدّمُ كل واحد منهما فيما يُشبِهُ أن يكون له

- ‌القاعدة السابعة عشرة:أقرر فيها الفرق بين الوكالة والولاية في النكاح

- ‌القاعدة الثامنة عَشرة:أقرر فيها الصريح من الطلاق وغير الصريح فأقول

- ‌القاعدة التاسعة عشرة:أُقرر فيها ما يُشترَط في الطلاق من النية وما لا يُشْترَط

- ‌القاعدة العشرون:في الفرق بين قاعدة التصرفِ في المعدوم الذي يمكن أن يتقرر في الذمة وبين ما لا يمكن أن يتقرر في الذمة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون:لِمَ كان قرْءٌ واحد يكفي في الاستبراء، وشهر واحد لمن لا تحيض لا يكفي في الاستبراء فلابد من ثلاثة أشهر، وثلاثةُ أشهر إنما جُعِلَتْ مكانَ ثلاثة قروءٍ

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرر فيه الفرق بين خيار التمليك في الزوجات وتخيير الإِمَاء في العتق حتى كان يَلزم في الزوجات ولا يَلزم في الإماء

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:في الفرق بين التخْيير والتمليك

- ‌النفقة

- ‌قواعد البيوع

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها أين يصح اجتماع العوضين لشخص واحدٍ، وأيْن لا يصح

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها الفرق بين من مَلَك أن يَمْلِكَ، هلْ يُعَدُّ مالكا أم لا، وبيْن من انعقد له سبب مطالبةِ التمليك، هل يُعَدُّ مالِكاً أمْ لا (8 م)

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها الفرق بين النقل والإِسقاط

- ‌القاعدة الرابعة:أقرر فيها بيان ما يَقبل المِلك من الأعيان والمنافع مما لا يقبله

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يجوز بيعه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة:في بيانِ ما تُؤَثِّر فيه الجهالةُ والغرَرُ مما لا تؤَثِّرُ

- ‌القاعدة الثامنة:أبين فيها ما يجوز بيعه على الصفة وما لا يجوز

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرر فيها ما به يجوز بيع الربوي بجنسه وما به لا يجوز

- ‌القاعدة العاشرة:أقرر فيها ما يدخله ربا الفضل وما لا يدخله

- ‌القاعدة الحادية عشرة:أقرّرُ فيها معنى الجهل ومعنى الغرر حتى يظهر بذلك اختلافهما

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:نُقَرر فيها ما يجوز اجتماعه مع البيع وما لا يجوز

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:أقررُ فيها ما يتعين من الأَشياءوما ل يتعين في البيع ونحوه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:أقرر فيها ما يجوز بيعه قبل قبضه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها ما يتْبَعُ العقدَ عُرفا ومالَا

- ‌القاعدة السابعةَ عشْرةَ:أقرر فيها ما يجوز به السَّلَمُ ويصح

- ‌القاعدة الثامنة عشرة في الصلح

- ‌القاعدة التاسِعة عشرة:في تقرير حكم الأهوية وتقرير حكم ما تحت الأبنيَّة

- ‌القاعدة العشرون:أقرر فيها ما معنى الذمة وما معْنَى أهلية المعاملة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:أقرر فيها ما معنى المِلْكِ وما معْنَى التصرف

- ‌القاعدة الثالثة: والعشرون:أقرر فيها ما مصلحته من العقود في اللزوم وما مصلحته عدم اللزوم

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرِر فيها ما يُمنَع فيه الجهالةُ وما يُشترَطُ فيه الجهالة بحيث لو فقِدت فَسَد

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:أقرر فيها ما يَثْبُتُ في الذمم وما لَا

- ‌الإِجارة

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها ما يملك من المنفعة بالاجارة وبيْن (1) ما لا يُملَكُ منها بالإِجارة

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها ما للمستاجِر أخْذُهُ من ماله بعد انقضاء الإجارة مِمّا ليس له أخْذُه

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها ما يضمنه الأُجَرَاءُ عند الهلاك مما لا يضمنونه

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يُضمَن بالطرح من السفن وما لا يُضْمَن

- ‌القاعدة السادسة:في الفرق بين الإِجارة والرزق، (14 م)

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين تمليك الانتفاع وتمليك المنفعة

- ‌الضمان

- ‌القاعدة الأولى:نقرر فيها ما بِهِ يكون الضمان

- ‌القاعدة الثانية: فيما يتعلق بالصائِل

- ‌القاعدة الثانية: ما يجوز التوكيل فيه مما لا يجوز

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بين الأملاك الناشئة عن الإِحياء وبين الاملاك الناشئة عن غَير الإِحياء

- ‌القاعدة الرابعة:في تقرير ما يوجبُ استحقاقُ بعضه إبطالَ العقد في الكُلِّ ممّا لَا

- ‌القاعدة السادسة: لِتمييز ما يُرَدُّ من القراض الفاسد إلى أجْرة المثل ممّا يُرَد إلى قراض المثل

- ‌القاعدة السابعة:في تقرير ما يُرَدُّ إلى مساقاة المثل ممّا يُرَدُّ إلى أجرة المِثْلِ منها

- ‌القاعدة الثامنة: في تقرير الإِقرار الذي يَقبَل الرجوعَ عنه وتمييزِه عما لا يَقبَل الرجوعَ عنه

- ‌الدعاوى والشهادات

- ‌القاعدة الأولى: في تمييز الدعوى الصحيحة من الدعوى الباطلة

- ‌القاعدة الثانية:في تمييز المدَّعي من المدعَى عليه

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بيْن ما يحتاج للدعوى وبين ما لا يحتاج إليها

- ‌القاعدة الرابعة: في تقرير اليد المعتبَرة المرجِّحة لقول صاحبها

- ‌القاعدة الخامسة: في تقرير ما تجب إجابة الحاكم فيه إذا دُعِي إليه ممّالا تجب

- ‌القاعدة السادسة: في الفرق بين قاعدة ما يُشْرَع فيه الحَبْسُ وبين قاعدة ما لا يُشَرع

- ‌القاعدة السابعة: في تقرير من يَلْزَمه الحلف

- ‌القاعدة الثامنةفي تمييز المعصية التي هي كبيرة مانعةٌ من قَبول الشهادة من التي ليست كذلك

- ‌القاعدة التاسعة: في تقرير التهمة التي ترَدُّ بها الشهادة بعد العدالة من التيلا تُرَد بها الشهادة

- ‌القاعدة العاشرة: في ذِكر ما يَصْلُحُ أن يكون مستنَداً للشهادات

- ‌القاعدة الحادية عشرة: في تقرير ما هو حُجَّةٌ عند الحكام

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في تقرير ما يقع به الترجيح في البينات عند التعارض

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في تقرير ما اعتُبر من الغالبِ وما أُلغي من الغالب

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:في تمييز ما يصح الإِقراع فيه ممّا لا

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في كيفِيةِ أداء الشاهِدِ شهادتَه عند القاضي

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في الفرق بين الفتوى والحكم

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفي تمييز ما تُشترَطُ فيه العدالة مِمَّا لا تُشترَط فيه

- ‌القاعدة التاسعة عشرة: في ضَمِّ الشهادات

- ‌كتاب الحدود وما في معناها

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير (*) ما هو شُبْهةٌ يُدْرَأُ بهَا الحدُّ ممَّا لا

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين القذف يقع بين الزوجين، وبين الأجانب

- ‌القاعدة الثالثة:أقرَرُ فيها الفرقَ بين الحدِّ والتعزيز

- ‌القاعدة الرابعة:في الفرق بين الحصانة لا تعود بالعدالة، والفسوقِ يعود بالجناية

- ‌القاعدة الخامسة: في القصاص

- ‌القاعدة السادسة:نقرْ الفرق بين المسكرات والمفسدات والمرقِّدات (46 م)، فنقول:

- ‌الفرائض

- ‌القاعدة الأولىفي تقرير ما ينتقل إلى الأقارب من الأحكام

- ‌القاعدة الثانيةفي تقرير الفرق بين أسباب التوارث وأجزاء أسبابها العامة والخاصة

- ‌القاعدة الثالثةفي تقرير أسباب التوارث وشروطِهِ وموانعه

- ‌الجامع

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير ما يحرم من البِدع ويُنْهَى عنها ممَّا ليس كذلك

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين ما هو من الدعاء كُفْرٌ وبين ما ليس بكفر

- ‌القاعدة الثالثة:في انقسام مَا ليس بكفر من الدَّعاءِ إلى مُحرَّم وغيرِ مُحرَّم

- ‌القاعدة الرابعة:في تمييز ما يُكْره من الدعاء مما ليس بمكروه

- ‌القاعدة الخامسة:في تمييز ما يجب تعلُّمُه من النجوم ممَّا لا يجب

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين الحسد والغبطة

- ‌القاعدة الثامنة:في الفرق بين التكبر والتجمل بالملابس، وبين الكِبْر والعُجْب

- ‌القاعدة التاسعةفي تقرير المداهنة الجائزة وتمييزِها عن التي لا تجوز

- ‌القاعدة العاشرة:في تمييزِ المعصية التي هي كفر عن المعصية التي ليست كفْراً

- ‌القاعدة الحاديةَ عشرةَ:في تقرير معْنَى الزهد

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في التوكل

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في الكلام على الرضَى بالقضاء

- ‌القاعدة الرابعة عشرةفي تمييز المكَفِّرات عن أسباب المثوبات

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في تمييز الخوف من غير الله الذي لا يحْرُم من الذي يحرم منه

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في تقرير ما يَلزَم الكفار إذا أسلم وما لا يَلزمه

- ‌القاعدة السابعة عشرة:في الكذِب وفي الوعد وفي خُلْف الوعْد

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفيما يتعلق بالطِيَرة والفال، فأقول:

- ‌القاعدة التاسعة عشرةفي الرؤيا التي تُعْبَرُ من التي لا تُعْبر

- ‌القاعدة العشرون:في تقرير ما يباح من عِشْرة الناس من المكارمة وما يُنهَى عنه مِنْ ذلك

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:في بيان ما يجب النهي عنه من المفاسد وما يَحرُمُ وما يُندَبُ

- ‌القاعدة الثانية والعشرونفى الفرق بين الرياء في العبادات وبين التشريك فيها

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون: فِيما به يكون التفضيل

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:فِيمن يُقَدّم للولاية ومن يتأخر عنها:

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون في الاستغفار

- ‌القاعدة السادسة والعشرون: في معنى الأفضلية والمزية

- ‌القاعدة السابعة والعشرونفي تمييز حقوق الله تعالى عن حقوق العباد

- ‌القاعدة الثامنة والعشرونفي تمييز حقوق الوالدين عن الأجانب

- ‌القاعدة التاسعة والعشرونفيما يُترَكُ من الجهل ولا يواخذُ عليه ممَّا لا

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌جدول بتصويب بعض الأخطاء المطبعية التي وقعت في الجزء الأول من هذا الكتاب

- ‌ترجمة محمد بن قاسم بن محمد بن أحمد بن محمد القوري

- ‌خاتمة

الفصل: ‌القاعدة الثالثة عشرة:في تقرير ما اعتبر من الغالب وما ألغي من الغالب

للفتوى دخلها الترجيح، فكذلك ها هنا، أصل البينة معتبَر بعْد العدالة والشروط الخصوصة، فاعْتُبِر فيها الترجيح.

وعن الثالث أن الترجيح بكثرة العدد يُفْضِي إلى كثرة النزاع وطول الخصومات، بخلاف مزيد العدالة، وقد قرَّرنا ذلك فيما تقدم. (143).

‌القاعدة الثالثة عشرة:

في تقرير ما اعتُبر من الغالبِ وما أُلغي من الغالب

. (144).

إعْلَمْ أنه قد يُعتبَر الغالب وقد يُعتبَر النادر، وقد يُلْغَيَان معا.

ثم الأصل اعتبار الغالب وتقديمُهُ على النادر، وهو كثير في الشريعة، كما الامر في طهارة المياه، وعقود المسلمين، والقَصر في السفر، والفِطر فيه، بناء على غالب الأحوال وهو المشقة.

والقِسْم الذي يُلغَى فيه الغالب ينقسم قسمين: قسْم يُلْغَيَان معا: النادر والغالب، وقسم يُلغَى الغالب ويُعتَبَر النادر، وأنا أذكر من كل قِسمٍ مُثُلاً، ليتهذب بها الفقيه، ويتنبه إلى وقوعها في الشريعة، فإنه لا يكاد يخطر ذلك بالبال، لا سيما تقديم النادر على الغالب.

القسم الأول ما ألغي فيه الغالب وقدِّم النادر عليه، وأُثْبِتَ حكمه دونه، رحمةً بالعباد، فأذكرُ منه عشرين مثالا:

(143) انظر ذلك وَارْجح اليه في القاعدة الاولى من قاعدتي الخبر، وهي الفرق بين الرواية والشهادة تحت عنوان: مسألة (ثانية). جـ 1 المطبوع من هذا الكتاب. ص 273، ومعلوم ان هذا الفرق بين الرواية والشهادة هو أول فرق بدأ به القرافي رحمه الله كتابه الفروق وأطال فيه، لسبب ذكره عنده.

(144)

هي موضوع الفرق التاسع والثلاثين والمائتين بين القاعدتين المذكورتين: جـ 4. ص 104. ولم يعلق عليه بشيء، الشيخ أبو القاسم قاسم بن عبد الله ابن الشاط الانصاري رحمه الله.

ص: 273

فالأول: غالب الولد أن يوضَع لِتِسْعَةِ أشهر، فإذا جاء بعْد عشر سنين من امرأة طلقها زوجها، اعتُبر النادِر، ستْراً على العِباد، ولمْ يُحكَم بالغالب لمَا في ذلك من إثباتِ الزنى على المرأة.

الثاني: إذا تزوجت فجاءت بوَلَدٍ لستة أشهُرٍ، احتمل أن يكون للزوج المطَلِّق وللثاني (145)، والغالب أنه للزوج الأول، ولكنه اعتبَرَ الشارع أيضًا النادر، لحصول الستر وصوْن العِرْض.

الثالث: نَدَب الشرع للنكاح، رجاءَ أن يَخْرُجَ ولدٌ مسلم صالح من بين الزوجين، والغالبُ: الجهلُ بالله، والإِقدامُ على المعاصي، ومقتضَىْ هذا الغالب أن يُنْهَى عن النكاح، ولا سيما على مذهب من يرى أن من لم يعرف الله بالرهان فهو كافر، ولكنه حُكِمَ بالنادر، وغُلِّب على الغالب. (146)

(145) عبارة شهاب الدين القرافي رحمه الله: جاز أن يكونَ مِنْ وطء قبل العقد وهو الغالب أو من وطء بعْده وهو النادر، فإن غالب الأجنة لا توضع إلا لتسعة أشهر، وإنما يوضَع في الستة سِقطاً في الغالب، فألغى الشارِعُ حكم الغالب وأثبت حكم النادر، وجعله بعد العقد، لطفا بالعباد، لحصول الستر عليهم وصوْنِ أعراضهم.

(146)

فألغى الشرع هنا حكم الغالب واعتبر حكم النادر، وترجيحا لقليل الإِيمان على كثير الكفر، والمعاصي، تعظيما لحسنات الخلق على سيئاتهم، رحمةً بهم.

قلت: وبغض النظر عما لعلماء التوحيد وأصول الفقه من اختلاف وكلام في ايمان المقلد، فلَعلَّ القول باعتماد البرهان المنطقي والدليل العقلى كأساس لكل مسلم في معرفة الله والإِيمان به يكون مبالَغا فيه، فإيمان المسلم المقلد لآبائه وأجداده المسلمين في التمسك بالاسلام، والناشئ على ذلك عقيدة وشريعة، يدخل في إيمان الفطرة التي فطر الله الناس عليها، والمستنِدة في الإسلام إلى هَدْي القرآن الكريم وسنة النبي محمد خاتم الانبياء والمرسلين، وإلى النظر والتأمل الفطري في الكون والانسان وسائِرِ خلوقات الله رب العالمين، فينشأ عن هذا الإيمان ما ينشأ عنه من المعرفة واليقين بالله، وسلامة التوحيد وصححة الاعتقاد في الله رب العالمين، ومن التزام أحكامه وشرعه الحكيم، والعبادة والطاعة والخضوع لله أرْحم الراحمين، وأحكم الحاكمين، كما هو شأن عامة المسلمين.

فقد ثبت أن امرأة سألها النبي صلى الله عليه وسلم قائلا لها: أين الله؟ فأشارت بأصبعها إلى السماء. ونصُّ الحديث كما جاء في موطأ الإِمام مالك في ترجمة (ما يجوز من العتق في الرقاب الواجبة)، عن عمر بن الحكم أنه قال: أتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إن جارية لي كانت ترعى غنما، فجئتُها وقد فقدتْ شاة من الغَنَم، فسألتها عنها، فقالت: أكلها الذئب فأسِفْتُ عليها، كنتُ من ابن آدم، فلطمت وجهها، وعليَّ رقبةٌ، أفأعتقها؟

فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين الله؟ : فقالت: في السماء، فقال: مَنْ أنا؟ فقالت: أنت رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعتِقها =

ص: 274

الرابع: طين المطر، الواقعُ في الطرقات، قُضِيَ بطهارته، اعتباراً للحالة النادرة وإلغاءً للغالب، رفقا بالعباد.

الخامس: الغالب على النَّعْل إذا أكثر المشي بها أن تتعلق بها النجاسات، ولكنها أجيزت الصلاة بها، اعتبارا للحالة النادرة، وترجيحا لها على الغالبة.

السادس: الغالب على ثياب الصبيان النجاسة، لا سيما مع طول لبْسهم لها، والنادرُ سلامتُها، وقد ثبتَ في السنة الصحيحة أنه عليه السلام صلَّى بأُمامَة. (147) فحمَلَها في الصلاة، فالغَى الغالب وعَمِل بالنادر.

= وفي الموطأ أيضًا عن عبيد الله بن عبد الله بن عُتْبة بن مسعود أن رجلا من الانصار جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بجارية له سوداء، فقال: يا رسول الله، إنَّ علىّ رقبة مومنة، فإن كنت تراها مومنة أعتقها، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتشهدين أن لا الاه إلا الله؟ قالت: نعم، قال: أتشهدين أن: محمداً رسول الله؟ قالت: نعَمْ، قال: أتوقنين بالبعث؟ قالت: نعم، فقال: أعتقها.

وفي رواية الإِمام مسلم (من كتاب الصلاة) قلت: "ولكنى صككْتها صَكة، فأتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فعَظَّم ذلك عليّ، قلت: يا رسول الله، أفلا اعتقها؟ قال: ائتنِي بها، فأتيته بها، فقال لها: اين الله؟ قالت: في السماء قال: من انا؟ قالت: أنت رسول الله، قال: فأعْتِقها فإنها مومنة".

قال العلامة الزرقاني نقلا عن الحافظ ابن عبد البر رحمهما الله: هو على حد قولِهِ تعالى {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} ، وقولِهِ {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ}. وقال الباجي: لعلها تريد وصفه بالعلُوّ، بذلك يوصف من كان شأنه العلو، يقال: مكان فلان في السماء، يعني علوَّ حاله ورفعته وشرفه.

كما نقل الشيخ الزرقاني تصويب الحافظ ابن عبد البر سند الرواية الاولى في هذا الحديث للموطأ، فقال في رواية عمر بن الحكم: كذا قال مالك، وهو وهَمٌ عند جميع علماء الحديث، وليس في الصحابة عمر بن الحكم، وإنما هو معاوية بن الحكم، كما قال كلّ من روى هذا الحديث عن هلال أو غيره، ومعاوية بن الحكم معروف في الصحابة، وحديثه هذا معروفا. وأما عمر بن الحكم فتابعي أنصاري مدني معروف، فلا يصح أنه قال: أتيْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن هذا المنطلَق والأساس ما يُنسَبُ لِعمر بن الخطاب ويُرْوى عنه رضي الله عنه أنه كان يقول: اللهم إيمانا كإيمان العجائز، والله أعلم. فَلْيُتَأمل في هذا الموضوع ولْيُحَقَّقْ.

(147)

عن أبي قتادةَ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحمل أَمامةَ بنت زينبِ ابنةِ الرسول صلى الله عليه وسلم على رقبته، فإذا ركع وضعها، وإذا قام من سجود أخذها فأعادها على رقبته. وروي أنها صلاة الصبح. رواه الإِمام أحمد والإِمام النسائي رحمهما الله. والسِّرُ في ذلك هو أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يخالف ما ألفته العرب من كراهة البنات وحملهن، فخالفهم في ذلك حتى في الصلاة، للمبالغة في ردعهم عن تلك الكراهية. =

ص: 275

السابع: ثياب الكُفَّار التي نسجُوها، كذلك ألْغِىَ الغالب واعتُبِر النادر.

الثامن: مَا يضعه أهل الكتاب من الأطعمة في أوانيهم وبأيديهم، الغالب نجاسته، ومع ذلك ألْغِي هذا الغالب.

التاسع: ما يصنعه المسلمون الذين لا يُصَلّون ولا يستنجون بالماء من الأطعمة.

العاشر: ما ينسجه المسلمون المتقدمُ ذِكرهم، الغالب نجاستها.

الحادي عشر: ما يصنعه أهل الكتاب، الغالب نجاستهُ كالكَفَرة.

الثاني عشَر: ما يصنعه العوَام الذين لا يصَلُّون ولا يَحْتَرزون من النجاسات.

الثالثَ عشر: ما يلبسه الناس ويباع في الأسواق، ولا يُعلمُ لابسه أكَافِرٌ هو أمْ مسلم. (148)

الرابع عشر: الحُصُر والبُسُط التي قد اسودَّتْ من طول ما لبثتْ يمشي عليها الحُفاة والصِّبيان، والغالب نجاستها لذلك، ولكنه عُمل بالنادر وألْغِي الغالب.

الخامسَ عشر: الحُفاة، جوَّز الشرْعُ صلاتهم، وإن لم يغسل (الحافي) رجليه.

(148) اي فالغالب نجاسة هذا الملبوس، والنادر سلامته، فأثبت الشارع حكم النادر، وألغى حكم الغالب، لطفا بالعباد.

ص: 276

السادسَ عشر: دعوى الصالح الولي التقي على الفاجر الشقي الغاصب الظالم دِرهماً، والغالىُ صِدْقه، والنادر كَذِبُهُ، ومع ذلك قدَّم الشارع حكم النادر، بأن جعل القولَ قولَ الفاجر، لطفا بالعباد، بإسقاط الدعاوى عنهم. (149)

السابع عشر: عقد الجزية لتوَقع إسلام بعضهم وهو نادِرٌ، والغالب استمرارهم على الكفر. (150)

الثامن عشر: الاشتغال بالعلم مامور به، مع أن غالب الناس الرياء وعدَمُ الاخلاص، والنادر الإِخلاص، ومقتضَى الغالب النهيُ، ولكنه رُجِّحَ النادر.

التاسع عشر: المتداعيان: أحدهما كاذبٌ قطعا، والغالبُ أن أحدهما يُعلَمُ بكذبه، والنادر أن يكون قد وقعتْ لكل منهما شبهة. وعلى التقدير الأول يكون تحليفه سعياً في وقوع اليمين الفاجرة، فكان حرَاما. غايته أنه يعارضه أخْذُ الحق وإلجاؤه إليه، وذلك إمّا مباح وإمّا واجب، وإذا تعارَضَ المُحَرَّمُ والواجب قدِّم المحرَّم، ومعَ ذلك ألغى الشرعُ حكم الغالب وأثبت حكم النادر، لطْفا بالعباد في تخليص حقوقهم، وكذلك القول في اللعان، الغالبُ أن أحدَهُما كاذب. (151)

(149) وسداً لباب الفساد والظلم بالدعاوى الكاذبة من أهْل الكذب والباطل.

قال ابن فرحون رحمه الله في كتابه: تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام. "تنبيه": وأجمعوا على اعتبار الأصل وإلغاء الغالب في دعوى الدَّين ونحوه، فإن القول قول المدعى عليه، وإن كان الطالب أتقىَ الناس، والغالب أنه لا يدعي إلا حقا، وأجمعوا على اعتبار الغالب وإلغاء الأصل في البينة إذا شهدت، فإن الغالب صدقها، والأصل برآءة ذمة المشهود عليه.

(150)

مع أن الغالب استمرارهم على الكفر، وموتهم عليه بعد الاستمرار. فألغى الشارع حكم الغالب، وأثبت حكم النادر، رحمة بالعباد في عدم تعجيل القتل عليهم، وحسْمِ مادة الإِيمان عنهم.

(151)

فشهادةُ الزوج أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، والخامسةُ بالدعاء على نفسه باللعنة عليه إن كان من الكاذبين، بينما الزوجة تشهد أربعَ شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، وفي الخامسة بالدعاء على نفسِهَا بغضَبِ الله عليها إن كان الزوج من الصادقين فيما قذفها ورماها به من الفسق والزنى والفجور، وذلك ما تدل عليه الآية الكريمة:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} سورة النور الآيات: 6 - 9.

ص: 277

العشرون: الموت في الشباب أغلب، ومعَ ذلك شُرع التعمير في الغائبين إلى سبعين سنة، إلغاءً لحكم الغالب وإثباتا لحكم النادر، لطفا بالعباد، ونظائر ما ذكرناه في الشرع كثيرة. فعَلى هذا ينْبغي لمن قَصد إثبات حُكْم الغالب دون النادر أن ينظر، هل ذلك الغالب مما ألغاه الشرع أو لا؟ ، وحينئذ يعتمد عليه، وأمّا مطلق الغالب كيف كان في جميع صُوَرِهِ، فخِلافُ الإِجماع.

"تنبيه"(152)

ليس من باب تقديمِ النادر على الغالب حمْلُ اللفظ على حقيقته دون مجازه، وعلى العموم دون الخصوص، فإنه يُمْكِن أن يقال: إنه منه، لغلبة المجاز على كلام العرب، حتى قال ابنُ جِنِّى: إن كلام العرب كلُّه مجاز، وغَلَبَةُ التخصيص على العمومات، حتى رُوي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما مِن عَامٍّ إلا وقد خُصَّ، إلا قوله تعالى:{وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} ، فنقول: إنه وإن كَانَ كما قلتم، فليس من هذا الباب. وسببُه أن شرط الفَرْدِ المترددِ بين النادر والغالب فيحْمَلُ على الغالب، أن يكون من جنس الغالب، وإلّا فلا يُحْمَل على الغالب.

بيانه بالمثال، الشَّقة (153) إذا جآت من القَصَّار، جاز أن تكون طاهرة، وهو الغالب، أو نجسة، وهو نادر، أن يصيبها بول فارِ أو حيوانٍ أو ما أشْبَهَ ذلك، فإنه يحكم بطهارتها، بناءَ على الغالب، لأنّا حكمنا بطهارة الثياب المقصورة، لأنها خرجت من القِصارة، (154) وهذا الثوب المتردد بين النادر والغالب خرَج من القِصارة، فكان من جنس الغالب يُلحق به. أمّاَ لو كنا لا نقضي بطهارة الثياب

(152) هذا التبيه ومحتواه من كلام القرافي هنا في هذا الفرق.

(153)

الشِّقة بكسر الشين ما شُقَّ من ثوب ونحوه مستطيلا. والقطعة المشقوقة، ونصف الشيء. والشُّقة بضمِ الشين تطلق على المشقة، وعلى البُعْدِ، وعلى الناحية يقصدها المسافر. ومنه قوله تعالى خِطاباً لنبيه الكريم في شأن بعض المتخلفين عن النفور إلى الجهاد:{لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} . سورة التوبة، الآية 42.

(154)

القِصارة بالكسر القاف حِرْفةُ القصار ومهنتُهُ، وهو منظِف الثياب ومُبَيّضُها بالغسل والتبخير.

ص: 278

المقصورة لكونها خرجت من القِصارة، بل لأنها تغسل بعد ذلك، وهذا الثوب المتردد بين الغالب والنادر لم يُغسل، فإنا كنا لا نقضى بطهارته لأجل عدم الغسل بعد القِصارة، الذي لأجله حكمنا بالطهارة، فهو حينئذ ليس من جنس الغالب الذي قضينا بطهارته، لأن ذلك مغسول بعد القصارة، وهذا الثوب غير مغسول. كذلك في الألفاط، فإنا لم نقضِ على لفظ بأنه مجاز أو مخصوص لمجرد كونه لفظاً، بلْ لأجل اقترانه بالقرينة الصارفة عن الحقيقة إلى المجاز، واقترانِ المخصِّص الصارف عن العموم للتخصيصَ، وهذا اللفظُ الواردُ ابتداءً، الذي حملناه على حقيقته دون مجازه، والعموم دون الخصوص، ليس معه صارف من قرينة صارفة عن الحقيقة، ولا مخصِّصٌ صارفٌ عن العموم، فهو حينئذ ليس من جنس ذلك الغالب، فلوْ حَملناهُ على المجاز أو الخصوص لحملناه على غير غالب، فإنه لمْ يوجدْ لفظ من حيث هو لفظ، حُمِل على المجاز ولا الخصوص البتَّة، فضلا عن كونه غالبا، بل هذا اللفظ قاعدة مستقلة بنفسها، ليس فيها غالب ونادر، بل شيء واحدٌ وهو الحقيقة مطلقا، والعمومُ مطلقا، فتأمَّل ذلك (154 م).

القسمُ الثاني: ما ألْغَى الشارع فيه الغالب والنادر معا، وأنا ذاكرٌ منه إن شاء الله عشرين مثالا.

الأول: شهادة الصبيان في الأموال - إذا كثُرَ عددهم جدًّا - الغالبُ صدْقهم، والنادر كذبهم، ولم يعتبر الشارع صِدقَهم، ولا قضىَ بتكذيبهم، بل أهمَلَهُم.

الثاني: شهادة الجمع الكثير من. جماعة النسوان في أحكام الأبدان، الغالبُ صِدْقُهُم، والنَّادرُ كذِبهم، لا سيماح العدالة، وقد ألغَى صاحب الشرع صدقهم فلم يحكم به، ولا حكمَ بكذِبِهم، لطفاً بالمدَّعَى عليه.

(154 م) زاد القرافي هنا قوله: "فهو شرط خفِيَّ في حَمل الشَّيْءِ على غالبه دُون نادِره، وهو أنه من شرطه أن يكون من جنسه كما تقدّم تقريرهُ بالمثال، فظهر أن حمل اللفظ على حقيقتِه دون مجازه ابتداء، والعموم دون الخصوص، ليس من باب الحمل على النادر دون الغالب، ولقد اوردت هذا السؤال على جمع كثير من الفضلاء قديما وحديثا، فلم يحصل عنه جواب، وهو سؤال حسن، وجوابه حسنٌ جدًّا".

ص: 279

الثالث: الجمع الكثير من الكُفَّارِ والرُّهبان والأحْبَار - إذا شهدوا -، الغالبُ صدقهم، ولمْ يُحْكَم بصدقهم وكذبهم.

الرابع: شهادة الجمع الكثير من الفَسَقة، الغالبُ صِدْقُهُمْ، ولم يَحْكم الشرع به لطفا بالمدعَى عليه، ولم يحكم بكذبهم.

الخامس: شهادة ثلاثة عدول في الزنى، أيْضاً لم نقْضِ بصدقهم ولا كذبهم. (155)

السادس: شهادة العدْل الواحد في أحكام الأبدان، الغالب صِدْقُهُ.

السابع: حَلِفُ المدّعي الطالبِ، وهو من أهل الخير والصلاح، الغالب صدقه، والنادر كذبه، ولم يقضِ الشارع بصدقه فيُحْكَم له بيمينه، بل لابد من البينة، ولمْ يَحكم بكذبه.

الثامن: رواية الجمع الكبير لخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، من الأحبار والرُّهبان المتدينين، المعتقدين تحريمَ الكذب في دينهم، الغالب صدقهم، ولم يعتبره الشارع، لُطفاً بالعباد، وسَداً لِذَريعة أن يَدْخل عليهم في دينهم ما ليس منه.

التاسع: رواية الجمع الكثير من الفسقة بِشرب الخمر وقتل النفس، وهم رؤساء عظماء كالملوك ونحوهم، فالغالبُ عدم اجتماعهم على الكذب، ولكنه لم يُقبل ولمْ يُحْكَم بكذبهم. (156)

العاشر: رواية الجمع الكثير من المجاهيل (157) للحديث النبوي، كذلك لم يُحكَم بصدقهم ولا كذبهم.

(155) فالغالب صدقهم، ولم يحَكم الشرع به، ستْرا على المدعَى عليه، ولم يحكم بكذبهم، بل أقام الحد عليهم من حيث إنهم قذفوه لا من حيث إنهم شهودُ زُور.

(156)

فالغالب عند اجتماعهم على الرواية الوحدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صِدْقُهُم، فإن أتاهم وازع طبيعي يمنعهم الكذب لا تدينا، ومع ذلك لا تقبل روايته، صونا للعباد عن ان يدخل في دينهم ما ليس منه، بل جعل الضابطْ العدالة ولم يحكم بكذب هؤلاء.

(157)

كذا في ع، وح، وفي ت: المجاهيل، وعند القرافي الجاهلين للحديث. ولعل التعبير بالمجاهيل. أنسب لأنه جمع مجهول، والمراد به مجهول الحال من حيث الضبط والعدالة في رواية الحديث.

ص: 280

الحادي عشر: أخْذُ السُّرَّاق المتهمين بالتُّهم (158)، الغالب الصواب في أخذِهم، ولكنه لم يُحْكم بذلك ولا بالكذب أيضًا، بل لا يوخَذون إلا بالبينة على السرقة أنهم سرقوها.

الثاني عشرَ: أخْذُ الحاكم بقرائنِ الاحوال وكثرة الشكوى والبكاء، مع كون الخصم مشهورا بالفساد، الغالبُ الصدق، ولكنه لم يَعْتبر الشرْع ذلك. (159)

الثالثَ عشر: الغالبُ على من وُجِد بين فخذي امرأة، وهو متحرك حركة الواطئ، وطال الزمان في ذلك، أنه أوْلجَ، ولكن الشرع لم يعتبر ذلك أيضًا.

الرابع عشر: شهادة العدْل المبرز لولده، الغالبُ صدقه، ولكن الشرع لم يعتبْره صدقا ولا كذبا.

الخامس عشر: شهادته لوالده.

السادس عشر: شهادته على عدُوِّه.

الثامن عشر: حكمه لنفسه، وهو من أهْل العدْل والتقوى. (160)

التاسع عشر: القرْء الواحد في العدد، الغالبُ معه برآة الرحم، والنادر خلافه، وقد ألغاه صاحب الشرع، بحسب الوجهين.

العشرون: مَن غاب عن امرأته سنتين ثم طلقها أو مات عنها، الغالب برآة رحمها، والنادر خلافه، وقد ألغاهما صاحب الشرع، وأوجب عليهما استئناف العِدَّة بعد الوفاة والطلاق، لأن وقوع الحكم قبْل سببه غيرُ مُعْتَدٍّ به.

(158) عبارة القرافي: "أخذُ السراق المتهمين بالتهم وقرائنِ الاحوال كما يفعله الأمراء اليوم دون الإِقرار الصحيح والبينات المعتبرة، الغالب مصادفَتُهُ للصواب، والنادر خطؤه، ومع ذلك أَلغاه الشرع، صونا للأعراض والأطراف عن القطْع.

(159)

عبارة القرافي: "ومع ذلك منعه الشارع منهِ وحرّمه، ولا يضُرُّ الحاكِمَ ضياعُ حقٍّ لا بينةَ عليه.

(160)

عبارة القرافي: "حكْمُ القاضي لنفسه وهو عدْلٌ مبرز من أهل التقوى والورع، الغالب أنه إنما حكم بالحق، والنادر خلافه، وقد ألغى الشرع ذلك الحكم ببطلانه وصحته معا.

ص: 281