المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القاعدة الرابعة:في تقرير ما يوجب استحقاق بعضه إبطال العقد في الكل مما لا - ترتيب الفروق واختصارها - جـ ٢

[البقوري]

فهرس الكتاب

- ‌النكاح والطلاق

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها الفرق بين أنكحة الصبيان وطلاقهم

- ‌القاعدة الثانيةأقرِّرُ فيها الفرقَ بين ذوِى الأرحام والعَصَبة حتى كان للعَصَبة الولايةُ في النكاح ولم يكن ذلك لِمَن يُدْلي بجهة الأمّ

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها لِمَ كان الإِخوة في النكاح وميراثِ الولاء وصلاةِ الجنازة يُقَدَّمون على الأجداد، ولِمَ كانوا على السواء في الميراث

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها أن تحريم المصاهَرَة ليس رُتْبةً واحدة، بل هو رُتَبٌ

- ‌القاعدة السابعة

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرِر فها الفرق بين ما يَحْرُم الجمعُ بينهن من النساء وبين ما يجوز الجمعُ بينهن

- ‌القاعدة العاشرة:نقرر فيها ما يُقَرُّ من أنكحة الكفار وما لا يُقَرُّ

- ‌القاعدة الحاديةَ عشْرةَ:لِمِ كان للرجل أن يتزوج الإماء التي لغيره عند شرط ذلك، ولم يكن للمرأة الحرّة أن يتزوجها عبد لغيرها، ولا للرجل أن يتزوج إماءه، ولا للنساء أن يتزوجن عبيدهن

- ‌القاعدة الثانية عشرة:لِمَ وقع الحَجْرُ على النِّساء في الأبضاع ولم يقع الحَجْرُ عليهن في الأموال

- ‌القاعدة الثالثة عشرةأقرر فيها ما به ينعقد النكاح، وأنه يخالف البيع فيما يُشترط فيه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:لِمَ كان الثمنُ في البيع يتقرَّر بالعقد، والصَّداقُ في النكاح لا يتقرر بالعقد؟ ، هذا على قول، فإنه قد قيل: يتقرر بالعقد، وقيل أيضًا: يتقرّر النصف بالعقد

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها الفرق بين المتداعيين شيئًا، لا يقدّمُ أحدُهما على الآخر إلا بحجة ظاهرة وبين المتداعيين من الزوجين في متاع البيت يقدّمُ كل واحد منهما فيما يُشبِهُ أن يكون له

- ‌القاعدة السابعة عشرة:أقرر فيها الفرق بين الوكالة والولاية في النكاح

- ‌القاعدة الثامنة عَشرة:أقرر فيها الصريح من الطلاق وغير الصريح فأقول

- ‌القاعدة التاسعة عشرة:أُقرر فيها ما يُشترَط في الطلاق من النية وما لا يُشْترَط

- ‌القاعدة العشرون:في الفرق بين قاعدة التصرفِ في المعدوم الذي يمكن أن يتقرر في الذمة وبين ما لا يمكن أن يتقرر في الذمة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون:لِمَ كان قرْءٌ واحد يكفي في الاستبراء، وشهر واحد لمن لا تحيض لا يكفي في الاستبراء فلابد من ثلاثة أشهر، وثلاثةُ أشهر إنما جُعِلَتْ مكانَ ثلاثة قروءٍ

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرر فيه الفرق بين خيار التمليك في الزوجات وتخيير الإِمَاء في العتق حتى كان يَلزم في الزوجات ولا يَلزم في الإماء

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:في الفرق بين التخْيير والتمليك

- ‌النفقة

- ‌قواعد البيوع

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها أين يصح اجتماع العوضين لشخص واحدٍ، وأيْن لا يصح

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها الفرق بين من مَلَك أن يَمْلِكَ، هلْ يُعَدُّ مالكا أم لا، وبيْن من انعقد له سبب مطالبةِ التمليك، هل يُعَدُّ مالِكاً أمْ لا (8 م)

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها الفرق بين النقل والإِسقاط

- ‌القاعدة الرابعة:أقرر فيها بيان ما يَقبل المِلك من الأعيان والمنافع مما لا يقبله

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يجوز بيعه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة:في بيانِ ما تُؤَثِّر فيه الجهالةُ والغرَرُ مما لا تؤَثِّرُ

- ‌القاعدة الثامنة:أبين فيها ما يجوز بيعه على الصفة وما لا يجوز

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرر فيها ما به يجوز بيع الربوي بجنسه وما به لا يجوز

- ‌القاعدة العاشرة:أقرر فيها ما يدخله ربا الفضل وما لا يدخله

- ‌القاعدة الحادية عشرة:أقرّرُ فيها معنى الجهل ومعنى الغرر حتى يظهر بذلك اختلافهما

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:نُقَرر فيها ما يجوز اجتماعه مع البيع وما لا يجوز

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:أقررُ فيها ما يتعين من الأَشياءوما ل يتعين في البيع ونحوه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:أقرر فيها ما يجوز بيعه قبل قبضه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها ما يتْبَعُ العقدَ عُرفا ومالَا

- ‌القاعدة السابعةَ عشْرةَ:أقرر فيها ما يجوز به السَّلَمُ ويصح

- ‌القاعدة الثامنة عشرة في الصلح

- ‌القاعدة التاسِعة عشرة:في تقرير حكم الأهوية وتقرير حكم ما تحت الأبنيَّة

- ‌القاعدة العشرون:أقرر فيها ما معنى الذمة وما معْنَى أهلية المعاملة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:أقرر فيها ما معنى المِلْكِ وما معْنَى التصرف

- ‌القاعدة الثالثة: والعشرون:أقرر فيها ما مصلحته من العقود في اللزوم وما مصلحته عدم اللزوم

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرِر فيها ما يُمنَع فيه الجهالةُ وما يُشترَطُ فيه الجهالة بحيث لو فقِدت فَسَد

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:أقرر فيها ما يَثْبُتُ في الذمم وما لَا

- ‌الإِجارة

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها ما يملك من المنفعة بالاجارة وبيْن (1) ما لا يُملَكُ منها بالإِجارة

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها ما للمستاجِر أخْذُهُ من ماله بعد انقضاء الإجارة مِمّا ليس له أخْذُه

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها ما يضمنه الأُجَرَاءُ عند الهلاك مما لا يضمنونه

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يُضمَن بالطرح من السفن وما لا يُضْمَن

- ‌القاعدة السادسة:في الفرق بين الإِجارة والرزق، (14 م)

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين تمليك الانتفاع وتمليك المنفعة

- ‌الضمان

- ‌القاعدة الأولى:نقرر فيها ما بِهِ يكون الضمان

- ‌القاعدة الثانية: فيما يتعلق بالصائِل

- ‌القاعدة الثانية: ما يجوز التوكيل فيه مما لا يجوز

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بين الأملاك الناشئة عن الإِحياء وبين الاملاك الناشئة عن غَير الإِحياء

- ‌القاعدة الرابعة:في تقرير ما يوجبُ استحقاقُ بعضه إبطالَ العقد في الكُلِّ ممّا لَا

- ‌القاعدة السادسة: لِتمييز ما يُرَدُّ من القراض الفاسد إلى أجْرة المثل ممّا يُرَد إلى قراض المثل

- ‌القاعدة السابعة:في تقرير ما يُرَدُّ إلى مساقاة المثل ممّا يُرَدُّ إلى أجرة المِثْلِ منها

- ‌القاعدة الثامنة: في تقرير الإِقرار الذي يَقبَل الرجوعَ عنه وتمييزِه عما لا يَقبَل الرجوعَ عنه

- ‌الدعاوى والشهادات

- ‌القاعدة الأولى: في تمييز الدعوى الصحيحة من الدعوى الباطلة

- ‌القاعدة الثانية:في تمييز المدَّعي من المدعَى عليه

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بيْن ما يحتاج للدعوى وبين ما لا يحتاج إليها

- ‌القاعدة الرابعة: في تقرير اليد المعتبَرة المرجِّحة لقول صاحبها

- ‌القاعدة الخامسة: في تقرير ما تجب إجابة الحاكم فيه إذا دُعِي إليه ممّالا تجب

- ‌القاعدة السادسة: في الفرق بين قاعدة ما يُشْرَع فيه الحَبْسُ وبين قاعدة ما لا يُشَرع

- ‌القاعدة السابعة: في تقرير من يَلْزَمه الحلف

- ‌القاعدة الثامنةفي تمييز المعصية التي هي كبيرة مانعةٌ من قَبول الشهادة من التي ليست كذلك

- ‌القاعدة التاسعة: في تقرير التهمة التي ترَدُّ بها الشهادة بعد العدالة من التيلا تُرَد بها الشهادة

- ‌القاعدة العاشرة: في ذِكر ما يَصْلُحُ أن يكون مستنَداً للشهادات

- ‌القاعدة الحادية عشرة: في تقرير ما هو حُجَّةٌ عند الحكام

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في تقرير ما يقع به الترجيح في البينات عند التعارض

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في تقرير ما اعتُبر من الغالبِ وما أُلغي من الغالب

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:في تمييز ما يصح الإِقراع فيه ممّا لا

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في كيفِيةِ أداء الشاهِدِ شهادتَه عند القاضي

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في الفرق بين الفتوى والحكم

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفي تمييز ما تُشترَطُ فيه العدالة مِمَّا لا تُشترَط فيه

- ‌القاعدة التاسعة عشرة: في ضَمِّ الشهادات

- ‌كتاب الحدود وما في معناها

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير (*) ما هو شُبْهةٌ يُدْرَأُ بهَا الحدُّ ممَّا لا

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين القذف يقع بين الزوجين، وبين الأجانب

- ‌القاعدة الثالثة:أقرَرُ فيها الفرقَ بين الحدِّ والتعزيز

- ‌القاعدة الرابعة:في الفرق بين الحصانة لا تعود بالعدالة، والفسوقِ يعود بالجناية

- ‌القاعدة الخامسة: في القصاص

- ‌القاعدة السادسة:نقرْ الفرق بين المسكرات والمفسدات والمرقِّدات (46 م)، فنقول:

- ‌الفرائض

- ‌القاعدة الأولىفي تقرير ما ينتقل إلى الأقارب من الأحكام

- ‌القاعدة الثانيةفي تقرير الفرق بين أسباب التوارث وأجزاء أسبابها العامة والخاصة

- ‌القاعدة الثالثةفي تقرير أسباب التوارث وشروطِهِ وموانعه

- ‌الجامع

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير ما يحرم من البِدع ويُنْهَى عنها ممَّا ليس كذلك

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين ما هو من الدعاء كُفْرٌ وبين ما ليس بكفر

- ‌القاعدة الثالثة:في انقسام مَا ليس بكفر من الدَّعاءِ إلى مُحرَّم وغيرِ مُحرَّم

- ‌القاعدة الرابعة:في تمييز ما يُكْره من الدعاء مما ليس بمكروه

- ‌القاعدة الخامسة:في تمييز ما يجب تعلُّمُه من النجوم ممَّا لا يجب

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين الحسد والغبطة

- ‌القاعدة الثامنة:في الفرق بين التكبر والتجمل بالملابس، وبين الكِبْر والعُجْب

- ‌القاعدة التاسعةفي تقرير المداهنة الجائزة وتمييزِها عن التي لا تجوز

- ‌القاعدة العاشرة:في تمييزِ المعصية التي هي كفر عن المعصية التي ليست كفْراً

- ‌القاعدة الحاديةَ عشرةَ:في تقرير معْنَى الزهد

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في التوكل

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في الكلام على الرضَى بالقضاء

- ‌القاعدة الرابعة عشرةفي تمييز المكَفِّرات عن أسباب المثوبات

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في تمييز الخوف من غير الله الذي لا يحْرُم من الذي يحرم منه

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في تقرير ما يَلزَم الكفار إذا أسلم وما لا يَلزمه

- ‌القاعدة السابعة عشرة:في الكذِب وفي الوعد وفي خُلْف الوعْد

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفيما يتعلق بالطِيَرة والفال، فأقول:

- ‌القاعدة التاسعة عشرةفي الرؤيا التي تُعْبَرُ من التي لا تُعْبر

- ‌القاعدة العشرون:في تقرير ما يباح من عِشْرة الناس من المكارمة وما يُنهَى عنه مِنْ ذلك

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:في بيان ما يجب النهي عنه من المفاسد وما يَحرُمُ وما يُندَبُ

- ‌القاعدة الثانية والعشرونفى الفرق بين الرياء في العبادات وبين التشريك فيها

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون: فِيما به يكون التفضيل

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:فِيمن يُقَدّم للولاية ومن يتأخر عنها:

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون في الاستغفار

- ‌القاعدة السادسة والعشرون: في معنى الأفضلية والمزية

- ‌القاعدة السابعة والعشرونفي تمييز حقوق الله تعالى عن حقوق العباد

- ‌القاعدة الثامنة والعشرونفي تمييز حقوق الوالدين عن الأجانب

- ‌القاعدة التاسعة والعشرونفيما يُترَكُ من الجهل ولا يواخذُ عليه ممَّا لا

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌جدول بتصويب بعض الأخطاء المطبعية التي وقعت في الجزء الأول من هذا الكتاب

- ‌ترجمة محمد بن قاسم بن محمد بن أحمد بن محمد القوري

- ‌خاتمة

الفصل: ‌القاعدة الرابعة:في تقرير ما يوجب استحقاق بعضه إبطال العقد في الكل مما لا

‌القاعدة الرابعة:

في تقرير ما يوجبُ استحقاقُ بعضه إبطالَ العقد في الكُلِّ ممّا لَا

. (15)

إعْلَمْ أنهُ إذا استُحِقَّ بعضُ الشيء فله أحوال، لأنه إما أن يكون مِثْليَا أو مقوّماً، وإما أن يكون معَيَّناً أوْ شائعا.

أما المِثْلى فهُوَ المكيل والموزون. فإن استُحِقَّ قليلُه لزم الباقي، لأنَّ القليل لا يُخِلَّ بمقصود العقد، والأصلُ لزومُ العقد، بخلاف ما إذا استُحِق الأكثرُ، ولذلك يكون له الخيار بَيْن أن يَرُد، لذهاب مقصود العقد، أو يُمسك الباقي بحِصَّتِهِ من الثَّمَن.

وأمّا المتقَوَّم، فإن استُحق الأقلَّ فَكَما في الثاني، وإن استحِقَّ الاكثرُ - الذي هو وجْهُ الصفقة- اختلّ البيع وانتقض كله، لفوات مقصود البيع. ويَحْرُم التمسكُ بما بقى، ليس كما قلنا في المثلي، وهذا لأن حِصته لا تُعرَف حتي يُقَوَّم، وهذا مما يتعلق بالعين. وأما الشائع إذا استحق جزء منه وهو مما لا يَنقسم فيخَيَّرُ في التمسك بالباقي بحصته مِنْ الثمن، لأن حصته معلومة بغير تقويم.

القاعدة الخامسة (16) في حكم اللُّقَطَة (17)

قال اللخمي: قد يكون الالتقاط واجِباً ومستحَبا، أو مكروها ومحرَّما، ومباحا بحسب حال الملتقط وحالِ الزمن وأهلِه ومقدار اللّقَطَة. فإن كان الواجد

(15) هي موضوع الفرق الثامنَ عشَر والمائتين بين قاعدة ما يوجِبُ استحقاقُ بعضه إبطالَ العقد في الكل، وبين قاعدة مالا يقتضي ذلك" جـ 4. ص. 32. وهو كذلك من أقصر الفروق عند شهاب الدين القرافي، ولم يعلق عليه بشئِ، العلامة ابن الشاط، رحمهما الله.

(16)

هي موضوع الفرق التاسعَ عشَر والمائتين بين قاعدة ما يجبُ التقاطُه، وبين قاعدة ما لا يجب التقاطه" جـ 4. ص 33، ولم يعلق عليه بشيء الشيخ ابن الشاط رحمه الله.

(17)

اللقطة بضم اللام وفتح القاف والطاء، وهي في تعريفها المبَّسطِ: كل مال معصوم معَرَّض للضياع، لا يُعرَف مالِكه، وكثيرا وغالبا ما تُطلَقُ على الأشياء من غير الحيوان، كالمال والمتاع، والحوائج، وغير ذلك مما قد يجده الانسان ويعْثر عليه في طريقه. أما الحيوان فيقال له: ضالَّة "اي تالفة أو تائهة وغائبة عن صاحبها". وفي الحديث: الكلمةُ الحكمةُ ضالَّة المومن، فحيث وجدَها

ص: 210

مأموناً ولا يَخْشى السلطانَ إذا أشهرها، وهي بين قوم أمناءَ لا يُخشى عليها منهم ولها قدْرٌ، فأخْذُها وتعريفُها مستحَبُّ، وإن كانتْ بين قوم غيِر أمناء، والسلطانُ أمينٌ، وجب أخْذُها، وإن كان غيرَ أمين بيْن قوم أمناء، والسلطان غير أمين، حَرُم أخذها. وإن كانت قليلة كُرِه أخذها، لأن الغالبَ عدم المبالغة في تعريف الحقير، وذلك كالدِرْهم ونحوه.

وقال الشيخ أبو الوليد في المقدمات: في اللَّقَطَة ثلاثة أقوال:

الأفضل ترْكها من غير تفصيل، والأفضل أخذها، لأن فيه صونَ مالِ الغير، وأخْذُ الجليل أفضل، وترك الحقير أفضل. وهذا إذا كانت بيْن قوم مامونين، والإِمامُ عدْلٌ، أمّا بين الخَوَنة ولَا يُخشَى السلطان إذا عُرِّفَتْ فالأخذ واجب اتفاقا، وبين خَوَنة ويُخشى من الإِمام، يخَيَّرُ بيْن أخذها وترْكِها بحَسَبِ ما يَغلب على ظنه في أي الخَوْفَيْن أشدُّ.

ويُستثنَى لُقَطة الحاج، فلا يجرى هذا الخلاف فيها، فهي بالتّرْك أوْلى، لأن ملبتقطها يدخل قُطرَه وهو بعيد، فلا يحصل التعريف بها.

= فهو آحق بها"، والأصل في مشروعية اللقطة وبيان أحكامها ما أخرجه البخاري ورُوِيَ عن زيد بن خالد رضي الله عنه قال: "جاءَ رجل إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم، فسأله عن اللقَطة، فقال: إعْرف عِفَاصَها ووكاءها (اي وعاءَها وخَيْطَها الذي شُدَّت به)، ثم عرّفها سنة (إي أشْهِرْهَا)، فإن جاءَ صاحبها وإلا فشأنك بها، قال فضَالَّةُ: الغَنَم، (أي ما حكمُها)؟ ، قال: هي لك أو لأخيك أو للذئب (اي هي لك إن لم يظهر صاحبها)، بعد التعريف بها، أو لصاحبها إن ظهر)، وكِلَا الامرين خير من الذئب يجدها منفردةً عن القطيع وبعيدة عن الراعي وضالَّة عنه فيفترسها، قال:(أيْ الرجُل) فضَالةُ الابِل؟ أي ما حكْمُها؟ قال: مالَكَ ولها؟ ، معَها سِقاؤها وحِذاؤها. أي إنها تستطيع الصبرَ على العطَش بما تحمله معها من الماء في بطنها، وتستطيع الدفاع عن نفسها في مواجهة ومقاومة بعض الحيوانات المفترسة) إلى أن يجدها مالكها وتعود اليه وإلى رعايته.

ص: 211

ثم إذا قلنا بالفَرْضية من حيث القاعدةُ التي هي الأمر بحفظ الأموال، فذلك فرض الكفاية.

وذكر الشافعي أنها تكون واجبة مرّةً، وذلك عند خوْف الضياع، وقد يكون ذلك مندوبا، وكذلك جاء عن أبي حنيفة، وأما ابن حنبل فكَرِه لقْطَها، لما في الالتقاط من التعرضِ لأكْل الحرام، وذلك كتولّي مال اليتيم.

قال شهاب الدين: ولمْ أرَ أحداً فصَّل وقسَّم اللقطة إلى الأحكام الخمسة إلّا أصحابَنَا. (18)

(18) ذكر شهاب الدين القرافي رحمه الله في وسط هذا الفرق قاعدة تتعلق بالمقاصد الضرورية فِى الملل والأمم فقال:

(قاعدة): خمْسٌ اجتمعَتْ الأمَمُ مع الأمة المحمدية عليها وهي:

1 -

2) وجوبُ حِفظ النُّفُوس والعقول، فتَحْرُمُ المسْكِراتُ بإجماع الشرائع، وإنما اختلفتْ في شرب القدْر الذي لا يُسْكِر، فَحُرِّم في هذه الأمة تحريمَ الوسائلِ، وسَداً لذريعة تَناوُل القدْر المسكر، وأبيحَ في غَيْرها من الشرائع لعدم المفسدة.

3) وحفظ الأعراض، فيَحْرُم القذف وسائر السِّباب.

4) ويجب حفظ الأنساب، فيَحْرم الزِنى في جميع الشرائع.

5) والاموال يجب حفظها في جميع الشرائع، فتحْرُمُ السرقة ونحوها.

ويجب حفظ اللقطة عن الضياع لهذه القاعدة.

وقد تقدم بيان قاعدة فرض الكفاية وفرْض الأعيان والفرق بينهما بأن فرض الكفاية مالا تتكرر مصلحته بتكرره كإنقاذ الغريق، فتكرير فعل النزول بعد انتشاله لا تحصل به مصلحة بعد ذلك، وفَرض الأعيان هو ما تتكرر مصلحته بتكرره، كالصلوات الخمس، مصلحتها الإجلال والتعظيم لله تعالى، وهو يتكرر حصوله بتكررها، وحينئذ يظهر أن اللقطة من فروض الكفاية.

وقال الشافعي رحمه الله بالوجوب والندب كما قال بِهما مالكٌ رحمه الله، قياسا على الوديعة بجامع حفظ المال فيلزم النْدبُ، أوْ قياسا على إنقاذ المال الهالك فيلزم الوجوب. وقال أبو حنيفة: أخْذُها مندوب إلا عند خوف الضياع فيجب. وعند أحمد بن حنبل: الكراهة، لمَا في الالتقاط من تعريض نفسه لأكل الحرام، وتضييىع الواجب من التعريف، فكان تركه أولى كتولي مال اليتيم". أقول: وتجدر الاشاره والتنبية هنا إلى خطأ مطبعي في عبارة بالمقصد الأول من هذه القاعدة عند القرافي، وهي قوله:"وسد الذريعة يتناول القدْر المسكر".

والصَّوابُ فيما ظهر لِي بعد التأمل والامعان في العبارة، والله أعلم - أن تكون بصيغة المفعول لأجله هكذا:"وسداً لذريعة تناوُل القدر المسكر"، وبذلك يستقيم اللفظ والمعنى في هذه العبارة ويتناسقُ وينسجم مع ما قبله من الكلام، فياتي التعبير هكذا من أوله: "فحُرم في الأمَّة المحمدية

ص: 212