المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القاعدة الأولى:في تقرير (*) ما هو شبهة يدرأ بها الحد مما لا - ترتيب الفروق واختصارها - جـ ٢

[البقوري]

فهرس الكتاب

- ‌النكاح والطلاق

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها الفرق بين أنكحة الصبيان وطلاقهم

- ‌القاعدة الثانيةأقرِّرُ فيها الفرقَ بين ذوِى الأرحام والعَصَبة حتى كان للعَصَبة الولايةُ في النكاح ولم يكن ذلك لِمَن يُدْلي بجهة الأمّ

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها لِمَ كان الإِخوة في النكاح وميراثِ الولاء وصلاةِ الجنازة يُقَدَّمون على الأجداد، ولِمَ كانوا على السواء في الميراث

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها أن تحريم المصاهَرَة ليس رُتْبةً واحدة، بل هو رُتَبٌ

- ‌القاعدة السابعة

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرِر فها الفرق بين ما يَحْرُم الجمعُ بينهن من النساء وبين ما يجوز الجمعُ بينهن

- ‌القاعدة العاشرة:نقرر فيها ما يُقَرُّ من أنكحة الكفار وما لا يُقَرُّ

- ‌القاعدة الحاديةَ عشْرةَ:لِمِ كان للرجل أن يتزوج الإماء التي لغيره عند شرط ذلك، ولم يكن للمرأة الحرّة أن يتزوجها عبد لغيرها، ولا للرجل أن يتزوج إماءه، ولا للنساء أن يتزوجن عبيدهن

- ‌القاعدة الثانية عشرة:لِمَ وقع الحَجْرُ على النِّساء في الأبضاع ولم يقع الحَجْرُ عليهن في الأموال

- ‌القاعدة الثالثة عشرةأقرر فيها ما به ينعقد النكاح، وأنه يخالف البيع فيما يُشترط فيه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:لِمَ كان الثمنُ في البيع يتقرَّر بالعقد، والصَّداقُ في النكاح لا يتقرر بالعقد؟ ، هذا على قول، فإنه قد قيل: يتقرر بالعقد، وقيل أيضًا: يتقرّر النصف بالعقد

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها الفرق بين المتداعيين شيئًا، لا يقدّمُ أحدُهما على الآخر إلا بحجة ظاهرة وبين المتداعيين من الزوجين في متاع البيت يقدّمُ كل واحد منهما فيما يُشبِهُ أن يكون له

- ‌القاعدة السابعة عشرة:أقرر فيها الفرق بين الوكالة والولاية في النكاح

- ‌القاعدة الثامنة عَشرة:أقرر فيها الصريح من الطلاق وغير الصريح فأقول

- ‌القاعدة التاسعة عشرة:أُقرر فيها ما يُشترَط في الطلاق من النية وما لا يُشْترَط

- ‌القاعدة العشرون:في الفرق بين قاعدة التصرفِ في المعدوم الذي يمكن أن يتقرر في الذمة وبين ما لا يمكن أن يتقرر في الذمة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون:لِمَ كان قرْءٌ واحد يكفي في الاستبراء، وشهر واحد لمن لا تحيض لا يكفي في الاستبراء فلابد من ثلاثة أشهر، وثلاثةُ أشهر إنما جُعِلَتْ مكانَ ثلاثة قروءٍ

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرر فيه الفرق بين خيار التمليك في الزوجات وتخيير الإِمَاء في العتق حتى كان يَلزم في الزوجات ولا يَلزم في الإماء

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:في الفرق بين التخْيير والتمليك

- ‌النفقة

- ‌قواعد البيوع

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها أين يصح اجتماع العوضين لشخص واحدٍ، وأيْن لا يصح

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها الفرق بين من مَلَك أن يَمْلِكَ، هلْ يُعَدُّ مالكا أم لا، وبيْن من انعقد له سبب مطالبةِ التمليك، هل يُعَدُّ مالِكاً أمْ لا (8 م)

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها الفرق بين النقل والإِسقاط

- ‌القاعدة الرابعة:أقرر فيها بيان ما يَقبل المِلك من الأعيان والمنافع مما لا يقبله

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يجوز بيعه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة:في بيانِ ما تُؤَثِّر فيه الجهالةُ والغرَرُ مما لا تؤَثِّرُ

- ‌القاعدة الثامنة:أبين فيها ما يجوز بيعه على الصفة وما لا يجوز

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرر فيها ما به يجوز بيع الربوي بجنسه وما به لا يجوز

- ‌القاعدة العاشرة:أقرر فيها ما يدخله ربا الفضل وما لا يدخله

- ‌القاعدة الحادية عشرة:أقرّرُ فيها معنى الجهل ومعنى الغرر حتى يظهر بذلك اختلافهما

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:نُقَرر فيها ما يجوز اجتماعه مع البيع وما لا يجوز

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:أقررُ فيها ما يتعين من الأَشياءوما ل يتعين في البيع ونحوه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:أقرر فيها ما يجوز بيعه قبل قبضه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها ما يتْبَعُ العقدَ عُرفا ومالَا

- ‌القاعدة السابعةَ عشْرةَ:أقرر فيها ما يجوز به السَّلَمُ ويصح

- ‌القاعدة الثامنة عشرة في الصلح

- ‌القاعدة التاسِعة عشرة:في تقرير حكم الأهوية وتقرير حكم ما تحت الأبنيَّة

- ‌القاعدة العشرون:أقرر فيها ما معنى الذمة وما معْنَى أهلية المعاملة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:أقرر فيها ما معنى المِلْكِ وما معْنَى التصرف

- ‌القاعدة الثالثة: والعشرون:أقرر فيها ما مصلحته من العقود في اللزوم وما مصلحته عدم اللزوم

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرِر فيها ما يُمنَع فيه الجهالةُ وما يُشترَطُ فيه الجهالة بحيث لو فقِدت فَسَد

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:أقرر فيها ما يَثْبُتُ في الذمم وما لَا

- ‌الإِجارة

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها ما يملك من المنفعة بالاجارة وبيْن (1) ما لا يُملَكُ منها بالإِجارة

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها ما للمستاجِر أخْذُهُ من ماله بعد انقضاء الإجارة مِمّا ليس له أخْذُه

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها ما يضمنه الأُجَرَاءُ عند الهلاك مما لا يضمنونه

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يُضمَن بالطرح من السفن وما لا يُضْمَن

- ‌القاعدة السادسة:في الفرق بين الإِجارة والرزق، (14 م)

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين تمليك الانتفاع وتمليك المنفعة

- ‌الضمان

- ‌القاعدة الأولى:نقرر فيها ما بِهِ يكون الضمان

- ‌القاعدة الثانية: فيما يتعلق بالصائِل

- ‌القاعدة الثانية: ما يجوز التوكيل فيه مما لا يجوز

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بين الأملاك الناشئة عن الإِحياء وبين الاملاك الناشئة عن غَير الإِحياء

- ‌القاعدة الرابعة:في تقرير ما يوجبُ استحقاقُ بعضه إبطالَ العقد في الكُلِّ ممّا لَا

- ‌القاعدة السادسة: لِتمييز ما يُرَدُّ من القراض الفاسد إلى أجْرة المثل ممّا يُرَد إلى قراض المثل

- ‌القاعدة السابعة:في تقرير ما يُرَدُّ إلى مساقاة المثل ممّا يُرَدُّ إلى أجرة المِثْلِ منها

- ‌القاعدة الثامنة: في تقرير الإِقرار الذي يَقبَل الرجوعَ عنه وتمييزِه عما لا يَقبَل الرجوعَ عنه

- ‌الدعاوى والشهادات

- ‌القاعدة الأولى: في تمييز الدعوى الصحيحة من الدعوى الباطلة

- ‌القاعدة الثانية:في تمييز المدَّعي من المدعَى عليه

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بيْن ما يحتاج للدعوى وبين ما لا يحتاج إليها

- ‌القاعدة الرابعة: في تقرير اليد المعتبَرة المرجِّحة لقول صاحبها

- ‌القاعدة الخامسة: في تقرير ما تجب إجابة الحاكم فيه إذا دُعِي إليه ممّالا تجب

- ‌القاعدة السادسة: في الفرق بين قاعدة ما يُشْرَع فيه الحَبْسُ وبين قاعدة ما لا يُشَرع

- ‌القاعدة السابعة: في تقرير من يَلْزَمه الحلف

- ‌القاعدة الثامنةفي تمييز المعصية التي هي كبيرة مانعةٌ من قَبول الشهادة من التي ليست كذلك

- ‌القاعدة التاسعة: في تقرير التهمة التي ترَدُّ بها الشهادة بعد العدالة من التيلا تُرَد بها الشهادة

- ‌القاعدة العاشرة: في ذِكر ما يَصْلُحُ أن يكون مستنَداً للشهادات

- ‌القاعدة الحادية عشرة: في تقرير ما هو حُجَّةٌ عند الحكام

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في تقرير ما يقع به الترجيح في البينات عند التعارض

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في تقرير ما اعتُبر من الغالبِ وما أُلغي من الغالب

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:في تمييز ما يصح الإِقراع فيه ممّا لا

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في كيفِيةِ أداء الشاهِدِ شهادتَه عند القاضي

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في الفرق بين الفتوى والحكم

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفي تمييز ما تُشترَطُ فيه العدالة مِمَّا لا تُشترَط فيه

- ‌القاعدة التاسعة عشرة: في ضَمِّ الشهادات

- ‌كتاب الحدود وما في معناها

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير (*) ما هو شُبْهةٌ يُدْرَأُ بهَا الحدُّ ممَّا لا

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين القذف يقع بين الزوجين، وبين الأجانب

- ‌القاعدة الثالثة:أقرَرُ فيها الفرقَ بين الحدِّ والتعزيز

- ‌القاعدة الرابعة:في الفرق بين الحصانة لا تعود بالعدالة، والفسوقِ يعود بالجناية

- ‌القاعدة الخامسة: في القصاص

- ‌القاعدة السادسة:نقرْ الفرق بين المسكرات والمفسدات والمرقِّدات (46 م)، فنقول:

- ‌الفرائض

- ‌القاعدة الأولىفي تقرير ما ينتقل إلى الأقارب من الأحكام

- ‌القاعدة الثانيةفي تقرير الفرق بين أسباب التوارث وأجزاء أسبابها العامة والخاصة

- ‌القاعدة الثالثةفي تقرير أسباب التوارث وشروطِهِ وموانعه

- ‌الجامع

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير ما يحرم من البِدع ويُنْهَى عنها ممَّا ليس كذلك

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين ما هو من الدعاء كُفْرٌ وبين ما ليس بكفر

- ‌القاعدة الثالثة:في انقسام مَا ليس بكفر من الدَّعاءِ إلى مُحرَّم وغيرِ مُحرَّم

- ‌القاعدة الرابعة:في تمييز ما يُكْره من الدعاء مما ليس بمكروه

- ‌القاعدة الخامسة:في تمييز ما يجب تعلُّمُه من النجوم ممَّا لا يجب

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين الحسد والغبطة

- ‌القاعدة الثامنة:في الفرق بين التكبر والتجمل بالملابس، وبين الكِبْر والعُجْب

- ‌القاعدة التاسعةفي تقرير المداهنة الجائزة وتمييزِها عن التي لا تجوز

- ‌القاعدة العاشرة:في تمييزِ المعصية التي هي كفر عن المعصية التي ليست كفْراً

- ‌القاعدة الحاديةَ عشرةَ:في تقرير معْنَى الزهد

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في التوكل

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في الكلام على الرضَى بالقضاء

- ‌القاعدة الرابعة عشرةفي تمييز المكَفِّرات عن أسباب المثوبات

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في تمييز الخوف من غير الله الذي لا يحْرُم من الذي يحرم منه

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في تقرير ما يَلزَم الكفار إذا أسلم وما لا يَلزمه

- ‌القاعدة السابعة عشرة:في الكذِب وفي الوعد وفي خُلْف الوعْد

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفيما يتعلق بالطِيَرة والفال، فأقول:

- ‌القاعدة التاسعة عشرةفي الرؤيا التي تُعْبَرُ من التي لا تُعْبر

- ‌القاعدة العشرون:في تقرير ما يباح من عِشْرة الناس من المكارمة وما يُنهَى عنه مِنْ ذلك

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:في بيان ما يجب النهي عنه من المفاسد وما يَحرُمُ وما يُندَبُ

- ‌القاعدة الثانية والعشرونفى الفرق بين الرياء في العبادات وبين التشريك فيها

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون: فِيما به يكون التفضيل

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:فِيمن يُقَدّم للولاية ومن يتأخر عنها:

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون في الاستغفار

- ‌القاعدة السادسة والعشرون: في معنى الأفضلية والمزية

- ‌القاعدة السابعة والعشرونفي تمييز حقوق الله تعالى عن حقوق العباد

- ‌القاعدة الثامنة والعشرونفي تمييز حقوق الوالدين عن الأجانب

- ‌القاعدة التاسعة والعشرونفيما يُترَكُ من الجهل ولا يواخذُ عليه ممَّا لا

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌جدول بتصويب بعض الأخطاء المطبعية التي وقعت في الجزء الأول من هذا الكتاب

- ‌ترجمة محمد بن قاسم بن محمد بن أحمد بن محمد القوري

- ‌خاتمة

الفصل: ‌القاعدة الأولى:في تقرير (*) ما هو شبهة يدرأ بها الحد مما لا

‌كتاب الحدود وما في معناها

وفيه ستُّ قواعد:

‌القاعدة الأولى:

في تقرير (*) ما هو شُبْهةٌ يُدْرَأُ بهَا الحدُّ ممَّا لا

(1).

واعْلَمْ أن الشبهاتِ ثلاث: شهة في الواطيء، وشبْهَةٌ في الموطوءةِ، وشبْهة في الطريق.

فالشبهة الأولى كاعتقاده أن هذه الأجنبيَّةَ امرأتُهُ، أو مَمْلوكتهُ ونحوُ ذلك، وشبهة الموطوءة كالأمةِ المشتَرَكة إذا وطئها أحد الشريكَيْن (2)، والشبهة الثالثة كاختلاف العلماء في إباحة الموطوءة بنكاح المتعة، (3) ثم أمْرُ الكفارات فيما بسقطها كسائر الحدود.

(1) هي موضوع الفرق الرابع والأربعين والمائتين بين قاعدة ما هو شبهة تُدْرأ بها الحدود والكفارات، وقاعدة ما ليس كذلك". جـ 4. ص 172.

ولم يعلق الشيخ ابن الشاط بشيء على ما جاء فيه من كلام شهاب الدين القرافي رحمهما الله. كذا في نسخة ع: في تقرير، وفي نسخة ح، وت. نُقَرِّرُ.

(2)

أيْ، فما فيها من نصيبهِ يقتضِى عدمَ الحد، وما فيها من مِلْك غيره يقتضي الحد، فيحصُل الاشتِباه وهو عينُ الشبهة، كما أن اعتقاد امرأته هو جهلٌ مركَّب وغيرُ مطابِق يقتضي عدم الحدّ من حيثُ إنه معْتقِد الإِباحة، وعدمُ المطابقة في اعتقاده يقتضي الحدّ، فحصلتْ الشبهة من الشبهتين.

(3)

أيَ فإن قول المُحَرم يقتضي الحدّ، وقوْل المبيح يقتضي عدم الحد، فهذه الثلاثة هي ضابط الشبهة المعتبرة في إسقاط الحدود، والكفاراتِ في شهر رمضان.

قلت: من المعلوم المسَلَم به شرعاً وإجماعاً أن نكاح المتعة محرم في الإِسلام، وهو النكاح الموقَتُ بأمَد معلوم أو مجهول، حيث ينتهى عقد الزواج وتنفصم عُرْوته عند حلول ذلك الأجل، فهو نكاح أبطلَه دين الإِسلام، ولم يعُدْ له وجودٌ ولا مكان ولا اعتبارٌ في شرعه الحكيم. لأنَّ عقد الزواج يقوم ويتأسس على نية التأييد، وينبني على العزم على استمرار العلاقة ودوام الزوجية بين الزوجين إلى حين التفريق بينهما بالأجل المحتوم على كل إنسان، وهو لقاء الله تعالى. =

ص: 314

ثم إن إسقاطَ الحدودِ وإسقاط الكفارات بما ذُكر يكون مشروطا بشرط هو اعتقاد مقارنة السبب المبيح.

قال مالك في كتاب الصيامِ من المدونة: إذا جامع في رمضان ناسيا فظن أن ذلك ييطل صومَه، فتعَمَّدَ الفطر ثانيةً، أو امرأةٌ رأتْ الطُّهْر ليلاً في رمضان فلم تغتسل حتى أصبحتْ، فظنَّتْ أنه لا صوم لمن لم يغتسل قبل الفجر فأكلت، أوْ مسَافرٌ قدِمَ إلى أهله ليْلا، فظن أن من لم يدخل نهارا قبل أن يمسي أن صومه لا يُجْزئه، وأن له أن يفطر فأفطر، أوْ عَبْدٌ بعثَهُ سيده في رمضان، يرعى غنما له على مسيرة يوميْن أو ثلاثة، فظن أن ذلك سفرٌ فأفطر، فليس على هؤلاء إلا القضاءُ بِلا كفارةٍ.

قال ابن القاسمِ: وما رأيتُ مالكا يجعل الكفارة في شيء من هذه الوجوه على التأويل، إلا امرأةَ قالت: اليومَ أحيض، وكان يوم حيضها، فأفطرتْ أوَّل نهارها، وحاضتْ في آخره، والذي يقول: اليومُ يومُ حُمّايَ فياكل في رمضان متعمدا أولَ النهارِ، ثم يَمرض في آخره مرضا لا يقدر على الصوم معه، فقال: عليهما القضاء والكفارة.

= فعن سلَمة بن الأكْوع رضي الله عنه قال: رخَّصَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عام أو طاسِ في المتعة ثلاثةَ أيام، ثم نهى عنها". ثم خرجه الإِمام مسلم رحمه الله .. وأوطاس وادٍ بدِيار هوزان وقعت فيه غزوة بعد فتح مكة.

وأخرج الإِمام البخاري رحمه الله عن علي رضي الله عنه قال: نَهى رسول الله ظلاسد عن المتعة (أي عن زواج المتعة) وعن الحمُرِ الأهلية عامَ خيبر، أي عام غزوة خيبر وفتْحها، وذلك في السنة السابعة من الهجرة حين غزا النبي عام مدينة خيبر، وانتصر فيها مع صحابته المجاهدين على اليهود المتواجدين آنذاك بخيبر، وأخرجهم منها ومن حصونها لتصبح بلداً إسلاميا ولتبقى كذلك إلى يوم الدين.

وعن سَبْرة رضي الله عنه قال: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما بين الركن والباب (أي بين ركن الحجر الأسود وباب الكعبة، في حجة الوداع)، وهو يقول:"يا أيها الناس إني قد كنت أذِنَتُ لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرَّم ذلك، فمن كان عنده مهنَّ شيء فلْيُخَلِّ سبيله، ولا تأخذوا مما آيتموهن شيئا"، أي لا تاخذوا شيئا مما أعطيتموه لهن صداقا" رواه الأئمة: مسلم، وأبو داود، وابن ماجة رحهم الله، ورحم كافة أهل الحديث والعلم والفقه في الدين، ورحم كافة المسلمين.

ص: 315

ووجه الفرق بين الصورتين (4) وسائرِ الصور التي لا كفارة فيها أن تلك المسائلَ اعتقدَ فيها المُقْدِمُ عليها اقترانَ السبب البيح، وفي هاتين اعتقدَ بأنه سيقع، فأوقعت الاباحةً قبل سببها (5) بِعذر من كان يعتقد مقارنة السبب (6) وإن كان مخطئا، ولم يُعذَر من لم يعتقد مقارنة السبب، وهذا لأن تقديم الحكم على سببه، بُطْلانه بيِّن، غير ملتبِس في الشريعة، فلا صلاة قبل الزوال، ولا صوم لرمضان قبل الهلال، ولا عقوبة قبل الجناية، وهذا كتير لا يعدُّ، وبيّنٌ لا يخفى، بخلاف اشتباه صور الأسباب المبيحة وتحقّقِ شروطها ومقاديرها لا يعلمه إلا الفقهاء، فكان اللبْسُ فيه عذْراً. (7)

ونظير الحائض والمريض المذكورين في الكفارات في الحدود أن يشرب خمراً يعتقدُ أنه (8) يصير خَلاً، أو يَطأ امرأة يعْتَقِدُ أنه سيتزوجها فإن الحدّ لا يَسقط،

(4) أيْ صورة المرض، والحيض من جهة، وبقية الصور الأخرى من جهة ثانية.

(5)

كذا في ع. و. ت. وعبارة القرافي: فأوقعا الإباحة قبل سببه، فهما مصيبان من حيث ان الرض والحيض مبيحان، مُخْطِئانِ في التقديم للحَكم على سببه. والأوَلُ مخطؤون في حصول السبب، مصيبون في اعتقاد المقارنة. ولم يقصدوا تقديم الحكم على سببه، فَعُذروا بالتأويل الفاسد، وله يُعْذَر الآخران بالتاويل الفاسد.

وسرّ الفرق في ذلك وأضح، وهو أن تقديم الحكم على سَبَبه، بطلانه مشهورٌ غيرُ مُلْتبس في الشريعِة.

(6)

كذا في ع، وفي ت: بعُذْر من كان سببه مقارنا.

(7)

عبارة القرافي: "فلا يعلَمُهُ إلا الفقهاء الفحول، وتحقيقُه عسيرٌ على أكثر الناس، فكان اللبس عذْرا، وما هو مشهور لا يكون اللبس عذراً".

(8)

كذا في جميع النسخ أنه بضمير التذكير، العائد على الخمر، ولعل التأنيث أظهر وأصوب بأن يقال: يعتقد أنها تصير خلا، اذ كلمة الخمر جآءت في النصوص الشرعية مونثة بعود الضمير عليها بالتانيث كما هو واضح من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، والعبارات الأدبية: النثرية منها والشعرية.

ومن ذلك قول الله تعالى في وصف نعيم الجنة: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى} [محمد: 15].

وفي الحديث النبوي الشريف، وهو ينهى عن تعاطى الخمر ويحذّر من شرها ومن سوء عاقبتها في الدنيا والآخرة. "ومن شرب الخمر في الدنيا، فمات وهو يُدمنها لم يُتب منها، لم يشرَبها في الآخرة" رواه كثير من أئمة الحديث رحمهم الله.

ص: 316

لعدم مقارنة السبب، بخلاف أن يعتقد أنه في الوقت الحاضر خَلٌ، وأنها امرأته أو جاريته، فهذا لَاحدّ فيه، ثم ما خرج عما ذُكِر، فيه الحدُّ والكفارة.

قال شهاب الدين رحمه الله: قلت لبعض الفضلاء:

الحديث الذي يَستدل به الفقهاء، وهو ما يرْوى:"إدْرأوا الحدودَ بالشهات"(9) لم يصحَّ، واذا لم يكن صحيحا، ما يكونُ معتمَدَنا في هذه الأحكام، ؟

فأجابني بأن قال لي: يَكفينا أن نقول: حيث أجمعنا على إقامة الحد كان سالما عن الشبهة، وما قصَر عن محل الإِجماع لا يُلحق به، عملا بالأصل، حتَّى يدُلَّ الدليل على إقامة الحد في صوَر الشبهات، وهو جوابٌ حسَن.

قلت: فيَلْزَمُ على هذا أن المسْتنَدَ في الحدودِ الإِجماعُ لا غيْرُهَ من الأدلة، وذلك باطل.

(9) رواه ابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: "إدْفعوا الحدود ما وجدتُم لها مَدفعا" وهو تفسير وبيان للصيغة الأولى.

وعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إدْرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخَلوا سبيله، فإن الإِمام لأن يخطيء في العفو خيْرٌ من أن يخطئ في العقوبة". رواه الامام الترمذي رحمه الله، وذكر أنه روي موقوفا، وان الوقف أصح. وقد روي عن

غير واحد من الصحابة رضي الله عنهم أنهم قالوا مثل ذلك".

قلت: وذلك مما يقوي ورود هذا الحديث، ويؤيد ثبوت لفظه ومعناه، واعتماد العلماء عليه، وأخذَهُم به في موضوعه، ويدل على أن الامام السلطان هو الذي له حق إقامة الحدود والقصاص، أو من ينوب عنه بإذن وتفويض، ويُصْدر الأحكام باسمه من ولاة وقضاة الأحكام. والحديث الموقوف كما هو معروف في مصطلح الحديث وعند أهله من العلماء هو المنسوب إلى الصحابي على أنه من قوله، ودون أن يسنده ويرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم على أنه سمعه منه. والموقوف يُعْتَبَر من قبيل الحديث الضعيف لكونه غيرَ متصل السند، وغيرَ مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم. قال الشيخ محمد بن فتوح الدمشقي أحد علماء الشافعية صاحب المنظومة البيقونية في مصطلح الحديث وألقابه، بعد أن ذكر الحديث الصحيح والحسَن، ، شروطَ كل واحد منهما:

وكُلَّ ما عن رتبة الحسْن قَصُرَّ

فَهْوَ الضعيف وهو أقساما كَثُر

وما أضيفَ للنبي، المرفوعُ

وما لتابع هو المقطوع

وما أضفتَه إلى الاصحاب مِن

قولِ وفعل فهو موْقوف زُكِنَ

وتحرير الكلام في قول الصحابي ومذهبه، وكونه حجة وغير حجة في الاستدلال، تناوله علماء الأصول بتوسع ونفصيل، فليرجع إِليه من رغب في ذلك ومن بينهم أصول الففه للشيخ العربي اللوه رحمه الله.

ص: 317