المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القاعدة الأولىفي تقرير ما ينتقل إلى الأقارب من الأحكام - ترتيب الفروق واختصارها - جـ ٢

[البقوري]

فهرس الكتاب

- ‌النكاح والطلاق

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها الفرق بين أنكحة الصبيان وطلاقهم

- ‌القاعدة الثانيةأقرِّرُ فيها الفرقَ بين ذوِى الأرحام والعَصَبة حتى كان للعَصَبة الولايةُ في النكاح ولم يكن ذلك لِمَن يُدْلي بجهة الأمّ

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها لِمَ كان الإِخوة في النكاح وميراثِ الولاء وصلاةِ الجنازة يُقَدَّمون على الأجداد، ولِمَ كانوا على السواء في الميراث

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها أن تحريم المصاهَرَة ليس رُتْبةً واحدة، بل هو رُتَبٌ

- ‌القاعدة السابعة

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرِر فها الفرق بين ما يَحْرُم الجمعُ بينهن من النساء وبين ما يجوز الجمعُ بينهن

- ‌القاعدة العاشرة:نقرر فيها ما يُقَرُّ من أنكحة الكفار وما لا يُقَرُّ

- ‌القاعدة الحاديةَ عشْرةَ:لِمِ كان للرجل أن يتزوج الإماء التي لغيره عند شرط ذلك، ولم يكن للمرأة الحرّة أن يتزوجها عبد لغيرها، ولا للرجل أن يتزوج إماءه، ولا للنساء أن يتزوجن عبيدهن

- ‌القاعدة الثانية عشرة:لِمَ وقع الحَجْرُ على النِّساء في الأبضاع ولم يقع الحَجْرُ عليهن في الأموال

- ‌القاعدة الثالثة عشرةأقرر فيها ما به ينعقد النكاح، وأنه يخالف البيع فيما يُشترط فيه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:لِمَ كان الثمنُ في البيع يتقرَّر بالعقد، والصَّداقُ في النكاح لا يتقرر بالعقد؟ ، هذا على قول، فإنه قد قيل: يتقرر بالعقد، وقيل أيضًا: يتقرّر النصف بالعقد

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها الفرق بين المتداعيين شيئًا، لا يقدّمُ أحدُهما على الآخر إلا بحجة ظاهرة وبين المتداعيين من الزوجين في متاع البيت يقدّمُ كل واحد منهما فيما يُشبِهُ أن يكون له

- ‌القاعدة السابعة عشرة:أقرر فيها الفرق بين الوكالة والولاية في النكاح

- ‌القاعدة الثامنة عَشرة:أقرر فيها الصريح من الطلاق وغير الصريح فأقول

- ‌القاعدة التاسعة عشرة:أُقرر فيها ما يُشترَط في الطلاق من النية وما لا يُشْترَط

- ‌القاعدة العشرون:في الفرق بين قاعدة التصرفِ في المعدوم الذي يمكن أن يتقرر في الذمة وبين ما لا يمكن أن يتقرر في الذمة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون:لِمَ كان قرْءٌ واحد يكفي في الاستبراء، وشهر واحد لمن لا تحيض لا يكفي في الاستبراء فلابد من ثلاثة أشهر، وثلاثةُ أشهر إنما جُعِلَتْ مكانَ ثلاثة قروءٍ

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرر فيه الفرق بين خيار التمليك في الزوجات وتخيير الإِمَاء في العتق حتى كان يَلزم في الزوجات ولا يَلزم في الإماء

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:في الفرق بين التخْيير والتمليك

- ‌النفقة

- ‌قواعد البيوع

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها أين يصح اجتماع العوضين لشخص واحدٍ، وأيْن لا يصح

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها الفرق بين من مَلَك أن يَمْلِكَ، هلْ يُعَدُّ مالكا أم لا، وبيْن من انعقد له سبب مطالبةِ التمليك، هل يُعَدُّ مالِكاً أمْ لا (8 م)

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها الفرق بين النقل والإِسقاط

- ‌القاعدة الرابعة:أقرر فيها بيان ما يَقبل المِلك من الأعيان والمنافع مما لا يقبله

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يجوز بيعه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة:في بيانِ ما تُؤَثِّر فيه الجهالةُ والغرَرُ مما لا تؤَثِّرُ

- ‌القاعدة الثامنة:أبين فيها ما يجوز بيعه على الصفة وما لا يجوز

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرر فيها ما به يجوز بيع الربوي بجنسه وما به لا يجوز

- ‌القاعدة العاشرة:أقرر فيها ما يدخله ربا الفضل وما لا يدخله

- ‌القاعدة الحادية عشرة:أقرّرُ فيها معنى الجهل ومعنى الغرر حتى يظهر بذلك اختلافهما

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:نُقَرر فيها ما يجوز اجتماعه مع البيع وما لا يجوز

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:أقررُ فيها ما يتعين من الأَشياءوما ل يتعين في البيع ونحوه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:أقرر فيها ما يجوز بيعه قبل قبضه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها ما يتْبَعُ العقدَ عُرفا ومالَا

- ‌القاعدة السابعةَ عشْرةَ:أقرر فيها ما يجوز به السَّلَمُ ويصح

- ‌القاعدة الثامنة عشرة في الصلح

- ‌القاعدة التاسِعة عشرة:في تقرير حكم الأهوية وتقرير حكم ما تحت الأبنيَّة

- ‌القاعدة العشرون:أقرر فيها ما معنى الذمة وما معْنَى أهلية المعاملة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:أقرر فيها ما معنى المِلْكِ وما معْنَى التصرف

- ‌القاعدة الثالثة: والعشرون:أقرر فيها ما مصلحته من العقود في اللزوم وما مصلحته عدم اللزوم

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرِر فيها ما يُمنَع فيه الجهالةُ وما يُشترَطُ فيه الجهالة بحيث لو فقِدت فَسَد

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:أقرر فيها ما يَثْبُتُ في الذمم وما لَا

- ‌الإِجارة

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها ما يملك من المنفعة بالاجارة وبيْن (1) ما لا يُملَكُ منها بالإِجارة

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها ما للمستاجِر أخْذُهُ من ماله بعد انقضاء الإجارة مِمّا ليس له أخْذُه

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها ما يضمنه الأُجَرَاءُ عند الهلاك مما لا يضمنونه

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يُضمَن بالطرح من السفن وما لا يُضْمَن

- ‌القاعدة السادسة:في الفرق بين الإِجارة والرزق، (14 م)

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين تمليك الانتفاع وتمليك المنفعة

- ‌الضمان

- ‌القاعدة الأولى:نقرر فيها ما بِهِ يكون الضمان

- ‌القاعدة الثانية: فيما يتعلق بالصائِل

- ‌القاعدة الثانية: ما يجوز التوكيل فيه مما لا يجوز

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بين الأملاك الناشئة عن الإِحياء وبين الاملاك الناشئة عن غَير الإِحياء

- ‌القاعدة الرابعة:في تقرير ما يوجبُ استحقاقُ بعضه إبطالَ العقد في الكُلِّ ممّا لَا

- ‌القاعدة السادسة: لِتمييز ما يُرَدُّ من القراض الفاسد إلى أجْرة المثل ممّا يُرَد إلى قراض المثل

- ‌القاعدة السابعة:في تقرير ما يُرَدُّ إلى مساقاة المثل ممّا يُرَدُّ إلى أجرة المِثْلِ منها

- ‌القاعدة الثامنة: في تقرير الإِقرار الذي يَقبَل الرجوعَ عنه وتمييزِه عما لا يَقبَل الرجوعَ عنه

- ‌الدعاوى والشهادات

- ‌القاعدة الأولى: في تمييز الدعوى الصحيحة من الدعوى الباطلة

- ‌القاعدة الثانية:في تمييز المدَّعي من المدعَى عليه

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بيْن ما يحتاج للدعوى وبين ما لا يحتاج إليها

- ‌القاعدة الرابعة: في تقرير اليد المعتبَرة المرجِّحة لقول صاحبها

- ‌القاعدة الخامسة: في تقرير ما تجب إجابة الحاكم فيه إذا دُعِي إليه ممّالا تجب

- ‌القاعدة السادسة: في الفرق بين قاعدة ما يُشْرَع فيه الحَبْسُ وبين قاعدة ما لا يُشَرع

- ‌القاعدة السابعة: في تقرير من يَلْزَمه الحلف

- ‌القاعدة الثامنةفي تمييز المعصية التي هي كبيرة مانعةٌ من قَبول الشهادة من التي ليست كذلك

- ‌القاعدة التاسعة: في تقرير التهمة التي ترَدُّ بها الشهادة بعد العدالة من التيلا تُرَد بها الشهادة

- ‌القاعدة العاشرة: في ذِكر ما يَصْلُحُ أن يكون مستنَداً للشهادات

- ‌القاعدة الحادية عشرة: في تقرير ما هو حُجَّةٌ عند الحكام

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في تقرير ما يقع به الترجيح في البينات عند التعارض

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في تقرير ما اعتُبر من الغالبِ وما أُلغي من الغالب

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:في تمييز ما يصح الإِقراع فيه ممّا لا

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في كيفِيةِ أداء الشاهِدِ شهادتَه عند القاضي

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في الفرق بين الفتوى والحكم

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفي تمييز ما تُشترَطُ فيه العدالة مِمَّا لا تُشترَط فيه

- ‌القاعدة التاسعة عشرة: في ضَمِّ الشهادات

- ‌كتاب الحدود وما في معناها

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير (*) ما هو شُبْهةٌ يُدْرَأُ بهَا الحدُّ ممَّا لا

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين القذف يقع بين الزوجين، وبين الأجانب

- ‌القاعدة الثالثة:أقرَرُ فيها الفرقَ بين الحدِّ والتعزيز

- ‌القاعدة الرابعة:في الفرق بين الحصانة لا تعود بالعدالة، والفسوقِ يعود بالجناية

- ‌القاعدة الخامسة: في القصاص

- ‌القاعدة السادسة:نقرْ الفرق بين المسكرات والمفسدات والمرقِّدات (46 م)، فنقول:

- ‌الفرائض

- ‌القاعدة الأولىفي تقرير ما ينتقل إلى الأقارب من الأحكام

- ‌القاعدة الثانيةفي تقرير الفرق بين أسباب التوارث وأجزاء أسبابها العامة والخاصة

- ‌القاعدة الثالثةفي تقرير أسباب التوارث وشروطِهِ وموانعه

- ‌الجامع

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير ما يحرم من البِدع ويُنْهَى عنها ممَّا ليس كذلك

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين ما هو من الدعاء كُفْرٌ وبين ما ليس بكفر

- ‌القاعدة الثالثة:في انقسام مَا ليس بكفر من الدَّعاءِ إلى مُحرَّم وغيرِ مُحرَّم

- ‌القاعدة الرابعة:في تمييز ما يُكْره من الدعاء مما ليس بمكروه

- ‌القاعدة الخامسة:في تمييز ما يجب تعلُّمُه من النجوم ممَّا لا يجب

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين الحسد والغبطة

- ‌القاعدة الثامنة:في الفرق بين التكبر والتجمل بالملابس، وبين الكِبْر والعُجْب

- ‌القاعدة التاسعةفي تقرير المداهنة الجائزة وتمييزِها عن التي لا تجوز

- ‌القاعدة العاشرة:في تمييزِ المعصية التي هي كفر عن المعصية التي ليست كفْراً

- ‌القاعدة الحاديةَ عشرةَ:في تقرير معْنَى الزهد

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في التوكل

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في الكلام على الرضَى بالقضاء

- ‌القاعدة الرابعة عشرةفي تمييز المكَفِّرات عن أسباب المثوبات

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في تمييز الخوف من غير الله الذي لا يحْرُم من الذي يحرم منه

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في تقرير ما يَلزَم الكفار إذا أسلم وما لا يَلزمه

- ‌القاعدة السابعة عشرة:في الكذِب وفي الوعد وفي خُلْف الوعْد

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفيما يتعلق بالطِيَرة والفال، فأقول:

- ‌القاعدة التاسعة عشرةفي الرؤيا التي تُعْبَرُ من التي لا تُعْبر

- ‌القاعدة العشرون:في تقرير ما يباح من عِشْرة الناس من المكارمة وما يُنهَى عنه مِنْ ذلك

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:في بيان ما يجب النهي عنه من المفاسد وما يَحرُمُ وما يُندَبُ

- ‌القاعدة الثانية والعشرونفى الفرق بين الرياء في العبادات وبين التشريك فيها

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون: فِيما به يكون التفضيل

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:فِيمن يُقَدّم للولاية ومن يتأخر عنها:

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون في الاستغفار

- ‌القاعدة السادسة والعشرون: في معنى الأفضلية والمزية

- ‌القاعدة السابعة والعشرونفي تمييز حقوق الله تعالى عن حقوق العباد

- ‌القاعدة الثامنة والعشرونفي تمييز حقوق الوالدين عن الأجانب

- ‌القاعدة التاسعة والعشرونفيما يُترَكُ من الجهل ولا يواخذُ عليه ممَّا لا

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌جدول بتصويب بعض الأخطاء المطبعية التي وقعت في الجزء الأول من هذا الكتاب

- ‌ترجمة محمد بن قاسم بن محمد بن أحمد بن محمد القوري

- ‌خاتمة

الفصل: ‌القاعدة الأولىفي تقرير ما ينتقل إلى الأقارب من الأحكام

‌الفرائض

ثلاث قواعد (1)

‌القاعدة الأولى

في تقرير ما ينتقل إلى الأقارب من الأحكام

. (2)

رُوِي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من مات عن حق فلورثته"(3). وهذا اللفظ ليس على عمومه، بل من الحقوق ما ينتقل إلى الوارث، ومنها ما لا ينتقل، إذْ مِنْ حقِ الإِنسان أن يُلاعِن عند سبب اللعان، (4) وأن يفئ بعْدَ

(1) كذا في نسختي ع، وح. وفي نسخة ت: قواعد المواريث، وهي ثلاث قواعد:

(2)

هي موضوع الفرق السابع والتسعين والمائة بين قاعدة ما يَنتقِلُ إلى الاقارب من الأحكام غير الأموال، وبين قاعدة مالا ينتقل من الأحكام. جـ 3. ص 275. ولم يعلق عليه بشيء، الشيخ العلامة ابن الشاط رحمه الله.

(3)

لم يسعف البحث بالعثور على نص هذا الحديث في بعض أمهات الكتب، ووجدنا نص حديث في معناه أخرجه الإِمام ابن ماجة رحمه الله عن المقدام أبي كريمة (رجُل من أهل الشام من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وزاد: وربما قال (أي النبي صلى الله عليه وسلم): فإلى الله ورسوله. وأنا وارث من لا وارث له، أعْقِلُ عنه وأرِثُهُ، والخال وارث من لا وارث له، يعقل عنه ويرثه، وحديث الإِمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ترك مالا فلورثته، ومن ترك كَلاًّ فإلينا". والكَلُّ بفتح الكاف هم الأهل والعيال، ويطلق الكَل على الضعيف العاجز، كما جاء في قوله تعالى {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} .

(4)

لقَوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [النور: 6 - 7]

ص: 348

الإِيلاء، (5) وأن يعُودَ بعد الظِهار، (5 م) وأن يختار أرْبَعاً من أكثرَ إذا أسلم عليهن (6)، ومن حقِّهِ ما فُوِّضَ إليه من الولايات والمناصِب. (7) وجميع هذه الحقوق لا ينتقل إلى الوارث منها شيء وإن كانتْ ثابتة.

والضابط لما ينتقل إليه ما كان متعلِّقا بالمال، أو يدْفع ضرراً عن الوارث في عِرضه أو يخفِّفَ ألَمَهُ.

فَقَوْلي: يدفع ضرراً عن الوارث في عِرضه، أو يخَفِّفَ ألمه، هاتان الصورتان منْتقلتانِ للوارث، وهُما ليستا بماِل: حَدُّ القذف، وقصاص الأطراف والجراح والمنافع في الأعضاء، (8)، وكان ذلك لأجْل شفاء الغليل للوارث بما دخل على عِرضه من قذْف موروثه أو الجناية عليه.

وأمّا قصاص النفس فإنه غير موروث، إذ لم يكن للمورِث، وما يَثْبث إلَّا بعد موته، وهو فرع زهوق النفس، وما كان متعِلقا بنفس الموروث وعقله وشهواته لا ينتقل للوارث، وإنما يرثون المتعِلّق بالمال، وهذا لأن الورثة يرثون المال فيرثون ما

(5) لقوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 226]

(5 م) لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3]

(6)

لحديث سالم عن أبيه (عبد الله بن عمر) أنَّ غيلَان بن سَلَمة، أسْلَم وعنده عشْرُ نسوة فأسلمن معه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخير منهن أربعاً". رواه أئمة الحديث: أحمد، والترمذي وابن حبان، والحاكم رحمهم الله.

(7)

مثَّل لها القرافي بقوله: كالقصاص، والِإمامة والخطابة، وغيرها، وكالأمانة والوكالة، وقال: فجميع هذه الحقوق لا ينتقل منها شيء للوارث؛ وإن كانت ثابتة للمورِث.

(8)

وعبارة القرافي هنا أوضح وأظهر حيث قال: "ولم يخرج عن حقوق الأموال إلا صورتان فيما علمتُ: حد القذف، وقصاص الأطراف والجرح والمنافع في الأعضاء، فإن هاتين الصورتين تنتقلان للوارث، وهما ليستا بمال، لأجل شِفاء غليل الوارث، كما سيأتي:

ص: 349

تعلَّق به تبَعاً له، ولا يرثون عقله ولا شهوته ولا نفسه، فلا يرثون ما يتعلق بذلك. (9)

فما يُورَث يورَث ما يتعلق به، وما لا يورث لا يورث ما يتعلق به.

فينتقل للوارث خيارُ الشرط في البياعات، خلافا لأبى حنيفة وابنِ حنبل، وينتقل له خيار الشفعة عندنا، وخِيار التعْيين إذا اشترى موروثُهُ عَبْداً من عبدين على أن يعَيّن - باختياره - الذي يريده منهما، وخيارُ الوصية إذا مات الموصَى له بعد موت الموصى، وخيارُ الإِقالة والقَبول إذا أوجبَ البيع لزيد، فلوارثه خيار القَبول والرد، وخيارُ الهبة، وفيه خلاف، ومنع أبو حنيفة خيار الشفعة، وسلّم خيار الرد بالعيب، وخيار نقد في الصفة، (10) وحق القصاص وحقّ الرّهْن.

(9) قال القرافي هنا: فاللِّعان يرجع إلى أمْر يعتقده الملاعِن لا يشاركه فيه غيْره، والاعتقادات ليستْ من باب المال، والْفيئةُ (في الإيلاءِ) شهوتهَ، والعَوْدُ (أي في الظهار) إرادته، واختيار إحدى الأختين (إذا أسلم عليهما)، واختيار أربع نسْوة (إذا أسلم على عشر) أرَبُه ومَيْلُهُ، وقضاؤه على المتبايعيْن عقله وفكره ورأيه، ومناصبه وولاياته وآراؤه واجتهاداته وأفعاله الدينية فهو دينه، ولا ينتقل شيء من ذلك للوارث، لأنه لم يرِث مستنده وأصله.

(10)

كذا في نسخة ع، وفي ت، وخيار تعدد الصفقة، وهو ما عند القرافي. ولعل الأنسبَ تعدُّد الصفة. فليصحح.

وسلَّم الشافعي جميع ما سلّمناه، وسلم خيار الإقالة والقبول. ومدَاركُ المسألة على أن الخيار عندنا صفة للعقد فينتقل مع العقد، فإن آثار العقد انتقلت للوارث. وعند أبي حنيفة صفة للعاقد، لأنها مشيئته واختياره فتبطل بموته كما تبطل سائر صفاته، ولأن الأجل في الثَّمَن لا يورث، فكذلك في الخيارِ، ولأن البائع رضى بخيار واحد، وأنتم تثبتونه لجماعة لم يرض بهم وهم الورثة، فَوَجَب ألَّا يتعَدَّى الخِيار ما شُرِط له، كما لا يتعدى الأجلُ من اشتُرط له.

وأجاب شهاب الدين القرافي رحمه الله عن هذه الوجوه عند الحنفية في شأن عدم إرث حق الخيار في البيع للوارث، وردُّها بما يؤيد رأي المالكية في المسألة، وفي القول بأن الوارث يرث حق الخيار في البيع، وانتهى في خلاصة هذا الفرق وختامه بقوله: فهذا تلخيص مدْرَك الخلاف، ويعَضِّدُنا في موطن الخلاف قولُه تعالى:{وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} ، وهو عامٌّ في الحقوق، فيتناول صورة النزاع، ولم يخرُجْ عن حقوق الأمور إلا صورتان فيما علِمتُ: حدُّ القذْف، وقصاص الأطراف والجراح والمنافع في الأعضاء، فإن هاتين الصورتين تنتقلان للوارث، وهما ليستا بمال، لأجْل شفاء غليل الوارث بما دخل على عرضه من قذف مورثه والجناية عليه.

وأما قصاص النفس فإنه لا يورث، فإنه لم يثبتْ للمجنى عليه قبل موته، وإنما ثبت للوارث ابتداء، لأن استحقاقه فرعُ زهوق النفس، فلا يقع إلا اللوثُ بَعْدَ موت الموروث، فهذا تلخيص هذا الفرق ببيان سرّه ومداركه والخِلاف فيه.

ص: 350