المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القاعدة الثانية والعشرونفى الفرق بين الرياء في العبادات وبين التشريك فيها - ترتيب الفروق واختصارها - جـ ٢

[البقوري]

فهرس الكتاب

- ‌النكاح والطلاق

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها الفرق بين أنكحة الصبيان وطلاقهم

- ‌القاعدة الثانيةأقرِّرُ فيها الفرقَ بين ذوِى الأرحام والعَصَبة حتى كان للعَصَبة الولايةُ في النكاح ولم يكن ذلك لِمَن يُدْلي بجهة الأمّ

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها لِمَ كان الإِخوة في النكاح وميراثِ الولاء وصلاةِ الجنازة يُقَدَّمون على الأجداد، ولِمَ كانوا على السواء في الميراث

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها أن تحريم المصاهَرَة ليس رُتْبةً واحدة، بل هو رُتَبٌ

- ‌القاعدة السابعة

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرِر فها الفرق بين ما يَحْرُم الجمعُ بينهن من النساء وبين ما يجوز الجمعُ بينهن

- ‌القاعدة العاشرة:نقرر فيها ما يُقَرُّ من أنكحة الكفار وما لا يُقَرُّ

- ‌القاعدة الحاديةَ عشْرةَ:لِمِ كان للرجل أن يتزوج الإماء التي لغيره عند شرط ذلك، ولم يكن للمرأة الحرّة أن يتزوجها عبد لغيرها، ولا للرجل أن يتزوج إماءه، ولا للنساء أن يتزوجن عبيدهن

- ‌القاعدة الثانية عشرة:لِمَ وقع الحَجْرُ على النِّساء في الأبضاع ولم يقع الحَجْرُ عليهن في الأموال

- ‌القاعدة الثالثة عشرةأقرر فيها ما به ينعقد النكاح، وأنه يخالف البيع فيما يُشترط فيه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:لِمَ كان الثمنُ في البيع يتقرَّر بالعقد، والصَّداقُ في النكاح لا يتقرر بالعقد؟ ، هذا على قول، فإنه قد قيل: يتقرر بالعقد، وقيل أيضًا: يتقرّر النصف بالعقد

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها الفرق بين المتداعيين شيئًا، لا يقدّمُ أحدُهما على الآخر إلا بحجة ظاهرة وبين المتداعيين من الزوجين في متاع البيت يقدّمُ كل واحد منهما فيما يُشبِهُ أن يكون له

- ‌القاعدة السابعة عشرة:أقرر فيها الفرق بين الوكالة والولاية في النكاح

- ‌القاعدة الثامنة عَشرة:أقرر فيها الصريح من الطلاق وغير الصريح فأقول

- ‌القاعدة التاسعة عشرة:أُقرر فيها ما يُشترَط في الطلاق من النية وما لا يُشْترَط

- ‌القاعدة العشرون:في الفرق بين قاعدة التصرفِ في المعدوم الذي يمكن أن يتقرر في الذمة وبين ما لا يمكن أن يتقرر في الذمة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون:لِمَ كان قرْءٌ واحد يكفي في الاستبراء، وشهر واحد لمن لا تحيض لا يكفي في الاستبراء فلابد من ثلاثة أشهر، وثلاثةُ أشهر إنما جُعِلَتْ مكانَ ثلاثة قروءٍ

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرر فيه الفرق بين خيار التمليك في الزوجات وتخيير الإِمَاء في العتق حتى كان يَلزم في الزوجات ولا يَلزم في الإماء

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:في الفرق بين التخْيير والتمليك

- ‌النفقة

- ‌قواعد البيوع

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها أين يصح اجتماع العوضين لشخص واحدٍ، وأيْن لا يصح

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها الفرق بين من مَلَك أن يَمْلِكَ، هلْ يُعَدُّ مالكا أم لا، وبيْن من انعقد له سبب مطالبةِ التمليك، هل يُعَدُّ مالِكاً أمْ لا (8 م)

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها الفرق بين النقل والإِسقاط

- ‌القاعدة الرابعة:أقرر فيها بيان ما يَقبل المِلك من الأعيان والمنافع مما لا يقبله

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يجوز بيعه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة:في بيانِ ما تُؤَثِّر فيه الجهالةُ والغرَرُ مما لا تؤَثِّرُ

- ‌القاعدة الثامنة:أبين فيها ما يجوز بيعه على الصفة وما لا يجوز

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرر فيها ما به يجوز بيع الربوي بجنسه وما به لا يجوز

- ‌القاعدة العاشرة:أقرر فيها ما يدخله ربا الفضل وما لا يدخله

- ‌القاعدة الحادية عشرة:أقرّرُ فيها معنى الجهل ومعنى الغرر حتى يظهر بذلك اختلافهما

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:نُقَرر فيها ما يجوز اجتماعه مع البيع وما لا يجوز

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:أقررُ فيها ما يتعين من الأَشياءوما ل يتعين في البيع ونحوه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:أقرر فيها ما يجوز بيعه قبل قبضه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها ما يتْبَعُ العقدَ عُرفا ومالَا

- ‌القاعدة السابعةَ عشْرةَ:أقرر فيها ما يجوز به السَّلَمُ ويصح

- ‌القاعدة الثامنة عشرة في الصلح

- ‌القاعدة التاسِعة عشرة:في تقرير حكم الأهوية وتقرير حكم ما تحت الأبنيَّة

- ‌القاعدة العشرون:أقرر فيها ما معنى الذمة وما معْنَى أهلية المعاملة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:أقرر فيها ما معنى المِلْكِ وما معْنَى التصرف

- ‌القاعدة الثالثة: والعشرون:أقرر فيها ما مصلحته من العقود في اللزوم وما مصلحته عدم اللزوم

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرِر فيها ما يُمنَع فيه الجهالةُ وما يُشترَطُ فيه الجهالة بحيث لو فقِدت فَسَد

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:أقرر فيها ما يَثْبُتُ في الذمم وما لَا

- ‌الإِجارة

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها ما يملك من المنفعة بالاجارة وبيْن (1) ما لا يُملَكُ منها بالإِجارة

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها ما للمستاجِر أخْذُهُ من ماله بعد انقضاء الإجارة مِمّا ليس له أخْذُه

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها ما يضمنه الأُجَرَاءُ عند الهلاك مما لا يضمنونه

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يُضمَن بالطرح من السفن وما لا يُضْمَن

- ‌القاعدة السادسة:في الفرق بين الإِجارة والرزق، (14 م)

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين تمليك الانتفاع وتمليك المنفعة

- ‌الضمان

- ‌القاعدة الأولى:نقرر فيها ما بِهِ يكون الضمان

- ‌القاعدة الثانية: فيما يتعلق بالصائِل

- ‌القاعدة الثانية: ما يجوز التوكيل فيه مما لا يجوز

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بين الأملاك الناشئة عن الإِحياء وبين الاملاك الناشئة عن غَير الإِحياء

- ‌القاعدة الرابعة:في تقرير ما يوجبُ استحقاقُ بعضه إبطالَ العقد في الكُلِّ ممّا لَا

- ‌القاعدة السادسة: لِتمييز ما يُرَدُّ من القراض الفاسد إلى أجْرة المثل ممّا يُرَد إلى قراض المثل

- ‌القاعدة السابعة:في تقرير ما يُرَدُّ إلى مساقاة المثل ممّا يُرَدُّ إلى أجرة المِثْلِ منها

- ‌القاعدة الثامنة: في تقرير الإِقرار الذي يَقبَل الرجوعَ عنه وتمييزِه عما لا يَقبَل الرجوعَ عنه

- ‌الدعاوى والشهادات

- ‌القاعدة الأولى: في تمييز الدعوى الصحيحة من الدعوى الباطلة

- ‌القاعدة الثانية:في تمييز المدَّعي من المدعَى عليه

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بيْن ما يحتاج للدعوى وبين ما لا يحتاج إليها

- ‌القاعدة الرابعة: في تقرير اليد المعتبَرة المرجِّحة لقول صاحبها

- ‌القاعدة الخامسة: في تقرير ما تجب إجابة الحاكم فيه إذا دُعِي إليه ممّالا تجب

- ‌القاعدة السادسة: في الفرق بين قاعدة ما يُشْرَع فيه الحَبْسُ وبين قاعدة ما لا يُشَرع

- ‌القاعدة السابعة: في تقرير من يَلْزَمه الحلف

- ‌القاعدة الثامنةفي تمييز المعصية التي هي كبيرة مانعةٌ من قَبول الشهادة من التي ليست كذلك

- ‌القاعدة التاسعة: في تقرير التهمة التي ترَدُّ بها الشهادة بعد العدالة من التيلا تُرَد بها الشهادة

- ‌القاعدة العاشرة: في ذِكر ما يَصْلُحُ أن يكون مستنَداً للشهادات

- ‌القاعدة الحادية عشرة: في تقرير ما هو حُجَّةٌ عند الحكام

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في تقرير ما يقع به الترجيح في البينات عند التعارض

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في تقرير ما اعتُبر من الغالبِ وما أُلغي من الغالب

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:في تمييز ما يصح الإِقراع فيه ممّا لا

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في كيفِيةِ أداء الشاهِدِ شهادتَه عند القاضي

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في الفرق بين الفتوى والحكم

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفي تمييز ما تُشترَطُ فيه العدالة مِمَّا لا تُشترَط فيه

- ‌القاعدة التاسعة عشرة: في ضَمِّ الشهادات

- ‌كتاب الحدود وما في معناها

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير (*) ما هو شُبْهةٌ يُدْرَأُ بهَا الحدُّ ممَّا لا

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين القذف يقع بين الزوجين، وبين الأجانب

- ‌القاعدة الثالثة:أقرَرُ فيها الفرقَ بين الحدِّ والتعزيز

- ‌القاعدة الرابعة:في الفرق بين الحصانة لا تعود بالعدالة، والفسوقِ يعود بالجناية

- ‌القاعدة الخامسة: في القصاص

- ‌القاعدة السادسة:نقرْ الفرق بين المسكرات والمفسدات والمرقِّدات (46 م)، فنقول:

- ‌الفرائض

- ‌القاعدة الأولىفي تقرير ما ينتقل إلى الأقارب من الأحكام

- ‌القاعدة الثانيةفي تقرير الفرق بين أسباب التوارث وأجزاء أسبابها العامة والخاصة

- ‌القاعدة الثالثةفي تقرير أسباب التوارث وشروطِهِ وموانعه

- ‌الجامع

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير ما يحرم من البِدع ويُنْهَى عنها ممَّا ليس كذلك

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين ما هو من الدعاء كُفْرٌ وبين ما ليس بكفر

- ‌القاعدة الثالثة:في انقسام مَا ليس بكفر من الدَّعاءِ إلى مُحرَّم وغيرِ مُحرَّم

- ‌القاعدة الرابعة:في تمييز ما يُكْره من الدعاء مما ليس بمكروه

- ‌القاعدة الخامسة:في تمييز ما يجب تعلُّمُه من النجوم ممَّا لا يجب

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين الحسد والغبطة

- ‌القاعدة الثامنة:في الفرق بين التكبر والتجمل بالملابس، وبين الكِبْر والعُجْب

- ‌القاعدة التاسعةفي تقرير المداهنة الجائزة وتمييزِها عن التي لا تجوز

- ‌القاعدة العاشرة:في تمييزِ المعصية التي هي كفر عن المعصية التي ليست كفْراً

- ‌القاعدة الحاديةَ عشرةَ:في تقرير معْنَى الزهد

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في التوكل

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في الكلام على الرضَى بالقضاء

- ‌القاعدة الرابعة عشرةفي تمييز المكَفِّرات عن أسباب المثوبات

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في تمييز الخوف من غير الله الذي لا يحْرُم من الذي يحرم منه

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في تقرير ما يَلزَم الكفار إذا أسلم وما لا يَلزمه

- ‌القاعدة السابعة عشرة:في الكذِب وفي الوعد وفي خُلْف الوعْد

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفيما يتعلق بالطِيَرة والفال، فأقول:

- ‌القاعدة التاسعة عشرةفي الرؤيا التي تُعْبَرُ من التي لا تُعْبر

- ‌القاعدة العشرون:في تقرير ما يباح من عِشْرة الناس من المكارمة وما يُنهَى عنه مِنْ ذلك

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:في بيان ما يجب النهي عنه من المفاسد وما يَحرُمُ وما يُندَبُ

- ‌القاعدة الثانية والعشرونفى الفرق بين الرياء في العبادات وبين التشريك فيها

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون: فِيما به يكون التفضيل

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:فِيمن يُقَدّم للولاية ومن يتأخر عنها:

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون في الاستغفار

- ‌القاعدة السادسة والعشرون: في معنى الأفضلية والمزية

- ‌القاعدة السابعة والعشرونفي تمييز حقوق الله تعالى عن حقوق العباد

- ‌القاعدة الثامنة والعشرونفي تمييز حقوق الوالدين عن الأجانب

- ‌القاعدة التاسعة والعشرونفيما يُترَكُ من الجهل ولا يواخذُ عليه ممَّا لا

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌جدول بتصويب بعض الأخطاء المطبعية التي وقعت في الجزء الأول من هذا الكتاب

- ‌ترجمة محمد بن قاسم بن محمد بن أحمد بن محمد القوري

- ‌خاتمة

الفصل: ‌القاعدة الثانية والعشرونفى الفرق بين الرياء في العبادات وبين التشريك فيها

‌القاعدة الثانية والعشرون

فى الفرق بين الرياء في العبادات وبين التشريك فيها

. (262)

= " يا ايها الناس، إنكم تقرأون هذه الآية، وتضعونها في غير موضعها: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} سورة المائدة، الآية 105)، وإنَّا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الناس إذا رأوا الظالم فلم ياخذوا على يديه، أو شكَ أن يعمهم الله بعقاب" أخرجه كذلك أصحاب السنن.

قلت. أورد الإِمام القرافي هنا رحمه الله سؤالا هاما أشار اليه البقوري هنا في ايجاز متناهٍ، ويتعلق بالموضوع مع الإجابة عنه فقال القرافي:

سؤال: قد نجد أعظم الناس إيمانا يعجز عن الإنكار، وعجْزُه لا يُنَافِي تعظيمَهُ لله تعالى وقوةَ الإيمان، لأن الشرع منَعَه أو أسقطه عنه، بسبب عجزه عن الإنكار، لكونه يؤدي لمفسدةٍ أعَظم، أو نَقُولُ: لا يَلْزَمُ من العَجْزِ عن القردة نقصُ الإيمان، فما معني قوله عليه السلام:"وذلك أضعفُ الإيمان".

جوابه أن المراد بالإيَمان هنا الإِيمان الفعلي الواردُ في قوله تعالى، {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} أيْ صلَاتكُم لبَيت المقدِس، والصلاة فعل، وقال عليه الصلاة والسلام: الإيمان بضْعٌ وخمسون شعبة، (أي مظْهَراً وأمراً من الأقوال والأعمال يتجلَّى فيها الإِيمان القلبي، أعلاهَا ان لالله إلا الله، وأدناها اماطة الأذى عن الطريق (أي إزالته منها مهما كان بسيطا، فإن ذلك من الإيمان بالله)، والحياءُ شعبة من الايمان".

(262)

هي موضوع الفرق الثاني والعشرين والمائة بين قاعدة الرياء في العبادات وبين قاعدة التشريك في العبادات". جـ 3. ص.22.

وقد ابتدأه الإمام القرافي الله بمقدمة حسنةٍ ممهَّدة، فقال فيها:

"إعلم أن الرياء في العبادات شِرك وتشريك مع الله في طاعته، وهو موجِبٌ للمعصية والإثم والبطلان في تلك العبادة، كما نصَّ عليه الإِمام المحاسبي وغيرُه. ثم ذكر القرافي الآية التي أوردها الشيخ البقوري، وكذلك الحديث القدسي، وقال: "وذلك يدل على أن غير المخلصين لله غيرُ مامورك به (أي بالتعبد غير الخالص)، وما هو غير مامور به لا يجزئ عن المامور به، فلا يُعتَدُّ بهذه العبادة (غير الخالصة لله)، وهو المطلوب. وتحقيقُ هذه القاعدة وضابطها أن يعملَ العملَ المامورَ به والمتقرَّبَ به إلى الله تعالى، ويقصد به وجه الله تعالى، وأن يعظمه الناس،

) إلى آخر ما عند البقوري هنا.

قلت: الإنسان مامور بتوحيد الله وعبادته عقيدة وطاعة وعملًا بجميع ما أمره الله به ونهاه عنه، والعبادة مقيدة بالإخلاص، والقيد كما يقول العلماء هو روح الشيء وجوهره، فالأمر بالعبادة حاصل وثابت لا محالة بقيده المذكور. وعدَمُ وجوده ممن طُلِب منه لا ينفي عنه عدمَ الأمر بالشئ من أصله، وانما ينفي عنه القبولَ كما هو مستفاد من كلام القرافي في أول الفرق، ومن نقلِه ذلك عن الإِمام المحاسِبي، لأن العمل المامور به فَقَدَ شَرطَهُ وقَيْدَهُ الأساسيَّ ليكون على مقتضَى الشرع، ويكونَ مقبولا عند الله تعالى، فَليُتَأمَّل ذلك من خلال الآية والحدث المذكورين، ومن خلال غيرهما من الأحاديث الواردة في الموضوع، والله أعلم بالصواب، ويهدي إليه من أنَابَ.

ص: 491

إعلَمْ أن العامل إذا عمِل عمَلًا لا يريد به وجْه الله البتَّة، بل الناسَ، فهذا القِسْم يسمَّى رياءَ الإِخلاص، فإن أراد به وجه الله والناسَ بأن يعظموه فيصِلَ إليه نفعهم، أو يدفعَ عنه ضرَّهم، فهذا. يسمّى رياءَ الشركاء.

والاول لا كلام فيه، إذْ ليس له عمل يُنظَر فيه بأنه فسَدَ أم لا، وإنما الكلام في الثاني، وهو باطل لا اعتدادَ به، لقوله تعالى (في الحديث القدسى):"أنا أغنَى الأغنياء عن الشِرك، فمن عمِل عملا أشركَ فيه غيري تركتُهْ لَه"، (263) ولقوله تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} . (264)

وأغراض الرياء ثلاثة: التعظيم، وجلبُ المصالح، ودفع المضار، والأول هو الاصل، فإذا حصل جاَءتْ المصالح واندفعتْ المضار. (265) فأمَّا مطلَقُ التشريك

(263) هذا حديث قدسي يضاف قولُه إلى الله تعالى، كما يضاف إليه سبحانه القرآن الكريم، تمييزا للحديث القدسى عن الأحاديث النبوية الأخرى.

ومن المعلوم أن القرآن الكريم وحيٌ من الله تعالى باللفظ والمعنى، والحديث القدسى وحيٌ من الله بمعناه، وعَبَّر عنهْ النبي صلى الله عليه وسلم بلفظه النبوي الشريف.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى: "أنا أغنى الشركاء عن الشرك، مَن عمِل عمَلاً أشركَ فيه معي غيري تركتُه وشِركَهُ". رواه الإِمام مسلم رحمه الله.

ويفسره حديث آخرُ بمعناه عن أبي سعد بن أبي فُضالةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا جمع الله الناسَ يوم القيامة ليوم لا ريب فيه، نادَى مناد: من كان أشركَ في عملٍ عمِلَه لله أحَداً فليطلبْ ثوابه من عند غير الله، فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك". رواه الإِمام الترمذي بسندٍ حسن.

وعَنْ أبي موسى الأشعري، رضي الله عنه قال: خطبنَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ذاتَ يوم فقال: "يا أيها الناس، إتقوا هذا الشِّرْكَ فإنه أخْفَى من دَبيب النمل، فقال رجل: كيف نتقيه، وهو كذلك يا رسولَ الله؟ قال: قولوا: اللهم إنا نعوذ بك من أن نُشْرك بك شيئا نعْلَمه، ونستغفرك لما لا نعلمه" رواه كذلك الإِمام أحمد، والإِمام الطبراني رحمهما الله.

(264)

وقَبْلها قولُه تعالى: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4) وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} . سورة البينة الآية 5.

(265)

فالرياء مما يفسد العمل التعبدي ويبطله، ويذهبُ بثواب أجره، وقد ضرب الله المثل لمن يكون عمله رياءً، وسُمعةً فيكون مردوداً عليه، ولِمنْ يكون عمله خالصاً لله، فيكون مقبولاً منه وماجوراً عليه، فقال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ} =

ص: 492

فلا يحصُلُ، كمنْ جاهد لتحصل له الغنيمة والأجْر، وهذا جائز بإجماع. وإنما الذي يَحْرم، أن يجاهد للاجر وليقال، أو ليعظمه السلطان ويعطيه أكثر مما يعطي غيره، وهذا بسبب أن الريَاءَ أن يعمل ليراه غيرُ الله تعالى مِنْ خلقِه، والرؤية لَا تصح إلا من الخلق، فمن لا يرى ولا يبصر لا يقال في العمل بالنسبة إليه رياءٌ، والمال الماخوذ من الغنيمة لا تصح منه رؤية.

وكذلك من حج وشَرَّك في حَجِّهِ المتْجَر، لهذه العلة التي ذكرنا، (266) وكذلك من صامَ ليَصحَّ جسَدُهُ أو ليحْصُلَ له زوالُ مرض من الأمراض، فيكون الصوم مقصوداً له مع التداوِي، فقد قال عليه السلام:"فمن لم يستطع فعليه بالصوم، فإن الصومَ له وجاءٌ"، (267) ولو كان ذلك قادحا لم يامر به عليه السلام.

= {فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (264) وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ (أي شيء قليل من المطر) وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} . سورة البقرة: الآية 264 - 265.

وعن جندب رضي الله عنه قال: "من سمَّع سمَّع الله به، ومن يرائي يرائي الله به". أخرجه الشيخان والترمذي رحمهم الله.

(266)

قلت: جاء في القرآن الكريم ما يدل على إباحة تعاطي التجارة بالبىخ والشراء لمن يكونون متواجدين في موسم الحج لاداء فريضته الإسلامية، فقال تعالى:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} . سورة البقرة: الآية 198. قال عندها الحافظ ابن كثير رحمه الله: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان مُتَّجَرُ الناس (أي تجارتُهم) في الجاهلية عكاظ، ومجنَّة، وذو المجاز، أي كانت تجارتهم في هذه الأسواق الموسمية، فلما كان الاسلام كأنهم كرِهوا ذلك، حتى نزلت هذه الآية. وعنه من طريق آخر: كانوا يتقون البيوع والتجارة في الموسم

والحج، يقولون: أيامُ ذِكْرِ، فأنزل الله هذه الآية.

قال علي بن طلحة عن ابن عباس في تفسيرها: "لا حرج عليكم في الشراء والبيع قبل الإِحرام وبعده"، مما يدل على جواز ذلك للحاج بالقدر الذي لا يشغله عن مناسك الحج وواجباته، ولا عن ذكر الله وطاعته المطلوبة من المسلم في عبادة الحج، والتي من أجل اغتنامها يتجشم المسلم والمسلمة مشقة السفر وعنَاءَهُ، وإنفاق المال في سبيل أداء فريضتها ونيل أجرها عند الله تعالى.

(267)

وتمام هذا الحديث من أوله رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعَليْه بالصوم، فإنه له وجاءٌ"(أي وقاية وحفظ). متفق عليه بين البخاري ومسلم رحمهما الله.

ص: 493