المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القاعدة الحادية والعشرون:أقرر فيها ما معنى الملك وما معنى التصرف - ترتيب الفروق واختصارها - جـ ٢

[البقوري]

فهرس الكتاب

- ‌النكاح والطلاق

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها الفرق بين أنكحة الصبيان وطلاقهم

- ‌القاعدة الثانيةأقرِّرُ فيها الفرقَ بين ذوِى الأرحام والعَصَبة حتى كان للعَصَبة الولايةُ في النكاح ولم يكن ذلك لِمَن يُدْلي بجهة الأمّ

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها لِمَ كان الإِخوة في النكاح وميراثِ الولاء وصلاةِ الجنازة يُقَدَّمون على الأجداد، ولِمَ كانوا على السواء في الميراث

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها أن تحريم المصاهَرَة ليس رُتْبةً واحدة، بل هو رُتَبٌ

- ‌القاعدة السابعة

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرِر فها الفرق بين ما يَحْرُم الجمعُ بينهن من النساء وبين ما يجوز الجمعُ بينهن

- ‌القاعدة العاشرة:نقرر فيها ما يُقَرُّ من أنكحة الكفار وما لا يُقَرُّ

- ‌القاعدة الحاديةَ عشْرةَ:لِمِ كان للرجل أن يتزوج الإماء التي لغيره عند شرط ذلك، ولم يكن للمرأة الحرّة أن يتزوجها عبد لغيرها، ولا للرجل أن يتزوج إماءه، ولا للنساء أن يتزوجن عبيدهن

- ‌القاعدة الثانية عشرة:لِمَ وقع الحَجْرُ على النِّساء في الأبضاع ولم يقع الحَجْرُ عليهن في الأموال

- ‌القاعدة الثالثة عشرةأقرر فيها ما به ينعقد النكاح، وأنه يخالف البيع فيما يُشترط فيه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:لِمَ كان الثمنُ في البيع يتقرَّر بالعقد، والصَّداقُ في النكاح لا يتقرر بالعقد؟ ، هذا على قول، فإنه قد قيل: يتقرر بالعقد، وقيل أيضًا: يتقرّر النصف بالعقد

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها الفرق بين المتداعيين شيئًا، لا يقدّمُ أحدُهما على الآخر إلا بحجة ظاهرة وبين المتداعيين من الزوجين في متاع البيت يقدّمُ كل واحد منهما فيما يُشبِهُ أن يكون له

- ‌القاعدة السابعة عشرة:أقرر فيها الفرق بين الوكالة والولاية في النكاح

- ‌القاعدة الثامنة عَشرة:أقرر فيها الصريح من الطلاق وغير الصريح فأقول

- ‌القاعدة التاسعة عشرة:أُقرر فيها ما يُشترَط في الطلاق من النية وما لا يُشْترَط

- ‌القاعدة العشرون:في الفرق بين قاعدة التصرفِ في المعدوم الذي يمكن أن يتقرر في الذمة وبين ما لا يمكن أن يتقرر في الذمة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون:لِمَ كان قرْءٌ واحد يكفي في الاستبراء، وشهر واحد لمن لا تحيض لا يكفي في الاستبراء فلابد من ثلاثة أشهر، وثلاثةُ أشهر إنما جُعِلَتْ مكانَ ثلاثة قروءٍ

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرر فيه الفرق بين خيار التمليك في الزوجات وتخيير الإِمَاء في العتق حتى كان يَلزم في الزوجات ولا يَلزم في الإماء

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:في الفرق بين التخْيير والتمليك

- ‌النفقة

- ‌قواعد البيوع

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها أين يصح اجتماع العوضين لشخص واحدٍ، وأيْن لا يصح

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها الفرق بين من مَلَك أن يَمْلِكَ، هلْ يُعَدُّ مالكا أم لا، وبيْن من انعقد له سبب مطالبةِ التمليك، هل يُعَدُّ مالِكاً أمْ لا (8 م)

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها الفرق بين النقل والإِسقاط

- ‌القاعدة الرابعة:أقرر فيها بيان ما يَقبل المِلك من الأعيان والمنافع مما لا يقبله

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يجوز بيعه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة:في بيانِ ما تُؤَثِّر فيه الجهالةُ والغرَرُ مما لا تؤَثِّرُ

- ‌القاعدة الثامنة:أبين فيها ما يجوز بيعه على الصفة وما لا يجوز

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرر فيها ما به يجوز بيع الربوي بجنسه وما به لا يجوز

- ‌القاعدة العاشرة:أقرر فيها ما يدخله ربا الفضل وما لا يدخله

- ‌القاعدة الحادية عشرة:أقرّرُ فيها معنى الجهل ومعنى الغرر حتى يظهر بذلك اختلافهما

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:نُقَرر فيها ما يجوز اجتماعه مع البيع وما لا يجوز

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:أقررُ فيها ما يتعين من الأَشياءوما ل يتعين في البيع ونحوه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:أقرر فيها ما يجوز بيعه قبل قبضه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها ما يتْبَعُ العقدَ عُرفا ومالَا

- ‌القاعدة السابعةَ عشْرةَ:أقرر فيها ما يجوز به السَّلَمُ ويصح

- ‌القاعدة الثامنة عشرة في الصلح

- ‌القاعدة التاسِعة عشرة:في تقرير حكم الأهوية وتقرير حكم ما تحت الأبنيَّة

- ‌القاعدة العشرون:أقرر فيها ما معنى الذمة وما معْنَى أهلية المعاملة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:أقرر فيها ما معنى المِلْكِ وما معْنَى التصرف

- ‌القاعدة الثالثة: والعشرون:أقرر فيها ما مصلحته من العقود في اللزوم وما مصلحته عدم اللزوم

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرِر فيها ما يُمنَع فيه الجهالةُ وما يُشترَطُ فيه الجهالة بحيث لو فقِدت فَسَد

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:أقرر فيها ما يَثْبُتُ في الذمم وما لَا

- ‌الإِجارة

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها ما يملك من المنفعة بالاجارة وبيْن (1) ما لا يُملَكُ منها بالإِجارة

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها ما للمستاجِر أخْذُهُ من ماله بعد انقضاء الإجارة مِمّا ليس له أخْذُه

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها ما يضمنه الأُجَرَاءُ عند الهلاك مما لا يضمنونه

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يُضمَن بالطرح من السفن وما لا يُضْمَن

- ‌القاعدة السادسة:في الفرق بين الإِجارة والرزق، (14 م)

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين تمليك الانتفاع وتمليك المنفعة

- ‌الضمان

- ‌القاعدة الأولى:نقرر فيها ما بِهِ يكون الضمان

- ‌القاعدة الثانية: فيما يتعلق بالصائِل

- ‌القاعدة الثانية: ما يجوز التوكيل فيه مما لا يجوز

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بين الأملاك الناشئة عن الإِحياء وبين الاملاك الناشئة عن غَير الإِحياء

- ‌القاعدة الرابعة:في تقرير ما يوجبُ استحقاقُ بعضه إبطالَ العقد في الكُلِّ ممّا لَا

- ‌القاعدة السادسة: لِتمييز ما يُرَدُّ من القراض الفاسد إلى أجْرة المثل ممّا يُرَد إلى قراض المثل

- ‌القاعدة السابعة:في تقرير ما يُرَدُّ إلى مساقاة المثل ممّا يُرَدُّ إلى أجرة المِثْلِ منها

- ‌القاعدة الثامنة: في تقرير الإِقرار الذي يَقبَل الرجوعَ عنه وتمييزِه عما لا يَقبَل الرجوعَ عنه

- ‌الدعاوى والشهادات

- ‌القاعدة الأولى: في تمييز الدعوى الصحيحة من الدعوى الباطلة

- ‌القاعدة الثانية:في تمييز المدَّعي من المدعَى عليه

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بيْن ما يحتاج للدعوى وبين ما لا يحتاج إليها

- ‌القاعدة الرابعة: في تقرير اليد المعتبَرة المرجِّحة لقول صاحبها

- ‌القاعدة الخامسة: في تقرير ما تجب إجابة الحاكم فيه إذا دُعِي إليه ممّالا تجب

- ‌القاعدة السادسة: في الفرق بين قاعدة ما يُشْرَع فيه الحَبْسُ وبين قاعدة ما لا يُشَرع

- ‌القاعدة السابعة: في تقرير من يَلْزَمه الحلف

- ‌القاعدة الثامنةفي تمييز المعصية التي هي كبيرة مانعةٌ من قَبول الشهادة من التي ليست كذلك

- ‌القاعدة التاسعة: في تقرير التهمة التي ترَدُّ بها الشهادة بعد العدالة من التيلا تُرَد بها الشهادة

- ‌القاعدة العاشرة: في ذِكر ما يَصْلُحُ أن يكون مستنَداً للشهادات

- ‌القاعدة الحادية عشرة: في تقرير ما هو حُجَّةٌ عند الحكام

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في تقرير ما يقع به الترجيح في البينات عند التعارض

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في تقرير ما اعتُبر من الغالبِ وما أُلغي من الغالب

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:في تمييز ما يصح الإِقراع فيه ممّا لا

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في كيفِيةِ أداء الشاهِدِ شهادتَه عند القاضي

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في الفرق بين الفتوى والحكم

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفي تمييز ما تُشترَطُ فيه العدالة مِمَّا لا تُشترَط فيه

- ‌القاعدة التاسعة عشرة: في ضَمِّ الشهادات

- ‌كتاب الحدود وما في معناها

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير (*) ما هو شُبْهةٌ يُدْرَأُ بهَا الحدُّ ممَّا لا

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين القذف يقع بين الزوجين، وبين الأجانب

- ‌القاعدة الثالثة:أقرَرُ فيها الفرقَ بين الحدِّ والتعزيز

- ‌القاعدة الرابعة:في الفرق بين الحصانة لا تعود بالعدالة، والفسوقِ يعود بالجناية

- ‌القاعدة الخامسة: في القصاص

- ‌القاعدة السادسة:نقرْ الفرق بين المسكرات والمفسدات والمرقِّدات (46 م)، فنقول:

- ‌الفرائض

- ‌القاعدة الأولىفي تقرير ما ينتقل إلى الأقارب من الأحكام

- ‌القاعدة الثانيةفي تقرير الفرق بين أسباب التوارث وأجزاء أسبابها العامة والخاصة

- ‌القاعدة الثالثةفي تقرير أسباب التوارث وشروطِهِ وموانعه

- ‌الجامع

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير ما يحرم من البِدع ويُنْهَى عنها ممَّا ليس كذلك

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين ما هو من الدعاء كُفْرٌ وبين ما ليس بكفر

- ‌القاعدة الثالثة:في انقسام مَا ليس بكفر من الدَّعاءِ إلى مُحرَّم وغيرِ مُحرَّم

- ‌القاعدة الرابعة:في تمييز ما يُكْره من الدعاء مما ليس بمكروه

- ‌القاعدة الخامسة:في تمييز ما يجب تعلُّمُه من النجوم ممَّا لا يجب

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين الحسد والغبطة

- ‌القاعدة الثامنة:في الفرق بين التكبر والتجمل بالملابس، وبين الكِبْر والعُجْب

- ‌القاعدة التاسعةفي تقرير المداهنة الجائزة وتمييزِها عن التي لا تجوز

- ‌القاعدة العاشرة:في تمييزِ المعصية التي هي كفر عن المعصية التي ليست كفْراً

- ‌القاعدة الحاديةَ عشرةَ:في تقرير معْنَى الزهد

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في التوكل

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في الكلام على الرضَى بالقضاء

- ‌القاعدة الرابعة عشرةفي تمييز المكَفِّرات عن أسباب المثوبات

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في تمييز الخوف من غير الله الذي لا يحْرُم من الذي يحرم منه

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في تقرير ما يَلزَم الكفار إذا أسلم وما لا يَلزمه

- ‌القاعدة السابعة عشرة:في الكذِب وفي الوعد وفي خُلْف الوعْد

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفيما يتعلق بالطِيَرة والفال، فأقول:

- ‌القاعدة التاسعة عشرةفي الرؤيا التي تُعْبَرُ من التي لا تُعْبر

- ‌القاعدة العشرون:في تقرير ما يباح من عِشْرة الناس من المكارمة وما يُنهَى عنه مِنْ ذلك

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:في بيان ما يجب النهي عنه من المفاسد وما يَحرُمُ وما يُندَبُ

- ‌القاعدة الثانية والعشرونفى الفرق بين الرياء في العبادات وبين التشريك فيها

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون: فِيما به يكون التفضيل

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:فِيمن يُقَدّم للولاية ومن يتأخر عنها:

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون في الاستغفار

- ‌القاعدة السادسة والعشرون: في معنى الأفضلية والمزية

- ‌القاعدة السابعة والعشرونفي تمييز حقوق الله تعالى عن حقوق العباد

- ‌القاعدة الثامنة والعشرونفي تمييز حقوق الوالدين عن الأجانب

- ‌القاعدة التاسعة والعشرونفيما يُترَكُ من الجهل ولا يواخذُ عليه ممَّا لا

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌جدول بتصويب بعض الأخطاء المطبعية التي وقعت في الجزء الأول من هذا الكتاب

- ‌ترجمة محمد بن قاسم بن محمد بن أحمد بن محمد القوري

- ‌خاتمة

الفصل: ‌القاعدة الحادية والعشرون:أقرر فيها ما معنى الملك وما معنى التصرف

‌القاعدة الحادية والعشرون:

أقرر فيها ما معنى المِلْكِ وما معْنَى التصرف

، (121) ويَظْهَرُ الفرق أيضًا بذلك بينهما، وهُمَا غيرانِ، لأن المحجور يَملِك ولا يتصرف، والولى يتصرف ولا يملك. وقَد يوجدانِ كالحر البالغ الرشيد يملك ويتصرف.

وحقيقة المِلْكِ أنه حُكْم شرعي مقدَّر في العَيْن أو المنفَعةِ يقتضي تمكينَ من يضاف إليه مِن انتفاعه بالمملوك، والعِوَض عَنْه من حيث هذا كذلك. (122).

أما قولنا: هو حكم شرعي فبالاجماع، ولأنه يتبع الأسباب الشرعية (123). وأما أنه مقدرَّ فلأنه يرجع إلي تعلُّقِ إذنِ الشرع، والمُعَلَّقُ عَدَمِيٌّ ليس وصفًا حقيقيا بل يقدَّر في العين أو المنفعة عند تحقيق الاسباب المفيدة للمِلْك. (124).

(121) هي موضوع الفرق الثمانين والمائة بين قاعدة المِلك وقاعدة التصرف جـ 3. ص 208. وهو من الفروق الطويلة عند القرافي رحمه الله، قال في أوله: إعْلَمْ أن المِلْكَ أشكَلَ ضبطُه على كثير من الفقهاء، فإنه عامٌّ يترتب على أسباب مختلفة: البيع، والهِبةِ، والصدقةِ، والارث وغيرِ ذلك، فهو غيْرُها، ولا يمكن أن يقال: هو التصرف، لأن المحجور عليه يملِكُ ولا يتصرف، فهو حينئذ غير التصرف، فالمِلك والتصرفُ، كل واحد منهما أعمُّ من الآخر من وجهٍ وأخصُّ من وجه .. الخ.

وقد علق الشيخ ابن الشاط رحمه الله على هذا الكلام، فقال: ما قاله في ذلك صحيح.

(122)

قال ابن الشاط: هذا الحد فاسد من وجوه: أحدُها أن المِلك من أوصاف المالِكِ لا المملوك، لكنه وصفٌ متعلق، والمملوك متعَلِّقُهُ. وثانيها أنه ليس مقتضيا للتمكين من الانتفاع، بل المقتضي لذلك كلامُ الشارع، ثالثها أنه لا يقتضي الانتفاع بالمملوك، وبالعَرَض، بل بأحدهما. رابعها أن المملوك مشتق من الملك فلا يُعْرف إلا بعد معرفته، فليزم الدَّورُ.

والصحيحُ في حد الملك أنه تمكُّن الانسان شرعا بنفسه أو بنيابةٍ من الانتفاع بالعيْن أو المنفعة، ومنْ أخذِ العِوض عن العين أو المنفعة. وإن قلنا: إن الضيافة يملكها من سُوِّغَتْ له، زدنا في هذا الحد والتعريفِ للملك: أو تمكُّن الانسان من الانتفاع خاصة، ولا حاجة بنا إلى بيان صحة هذا الحد فإنه لا يخفى ذلك على المتأمل المنصف". اهـ.

(123)

قال ابن الشاط: ما قاله من أن الملك حكم شرعي، إنْ أراد أنه أحدُ الاحكام الخمسة ففيه نظر، وإن أراد أنه أمر شرعي على الجملة فذلك صحيح.

(124)

قال ابن الشاط: قوله إنهُ عدَمي، بناءً على أن النِّسَبَ أمورٌ عدمية، وفيه نظر، وأما قوله إنه مقدَّر في العيْن أو المنفعة فقد سبق أنه وصفٌ للمالك، متعلق بالعين أو المنفعة.

ص: 157

وقولنا: في العين أو المنفعة فإن الأعيان تُمْلَكُ كالبيع، والمنافع كالإجارة. (125)

وقولنا: يقتضي انتفاعه بالمملوك، ليخرج التصرف بالوصيةِ. والوكالة، وتَصَرُّفُ. القضاةِ في أموال الغائبين والمجانينِ (126).

وقولُنَا: والعوض عنه، يخرج عنه الإباحات في الضيافات، فإن الضيافة مأذونٌ فيها وليست مملوكة على الصحيح.

وكذلك يخرج الاختصاصات بالمساجد والاوقاف وما أشبه ذلك، فإنه لا مِلك فيها لأحَدٍ، مع المُكْنة الشرعية من التصرف في هذه الامور (127).

وقولنا: من حيث هو كذلك، هو إشارة إلي أنه قد يتعذر ذلك لعارض كالمحجور عليه، ولا تَنَافىَ بين القَبول الذاتي والاستحالةِ من خارج، فالمِلْكُ يقتضِى التصرفَ، والحِجْر يقتضي المنع منه. (128)

(125) قال ابن الشاط: ما قاله في ذلك صحيح، على ما في قوله:"فإن الاعيان تُمْلكُ" من المسامحة على ما ذكره هو بعد هذا عن المازري.

(126)

قال ابن الشاط: هذا التحرز صحيح على تقدير صحة حده.

(127)

قال ابن الشاط: جعَلَ القرافي التصرف بَدَل الانتفاع وهو: أعمُّ منه، بدليل ما ذكره هو قبل هذا من تصرف الأوصياء والحاكم، حيث لهم التصرف دون الانتفاع، وكلَّ ما ذكره هنا من ضيف وشبهه ليس له مطلق التصرف، بل له التصرف بالانتفاع خاصة".

(128)

قال ابن الشاط هنا: "كلامه يُشعِرُ بأن التصرف هو موجِب المِلْك، وليس الامر كذلك، بل موجبه الانتفاع.

ثم الانتفَاع يكون بوجهيْن: انتفاعِ يتولاه المالك بنفسه، واننفاع يتولاه النائبُ عنه. ثم النائب قد يكون باستنابة المالك، وقد يكون بغير استنابته، فغيْرُ المحجْور عليه يتوصل إِلى الانتفاع بملكه بنفسه ونيابته، والمحجور عليه لا يتوصل الي الانتفاع بملكه إلا بنيابته، ونائبُه لا يكون إلا باستنابته".

ص: 158

ثم المِلْك، الظاهرُ أنه من خطاب التكليف، فإنه، إباحةٌ خاصةٌ في تصرُّفات خاصة، وأخذُ العوض عن ذلك المملوك على وجه خاص، (129) وخطاب الوضع هو نَصْبُ الأسباب والشروط والموانع والتقادير الشرعية.

(129) عبارة القراقي هنا هي قوله: "فإن قلت: إذا اتضح حَدُّ الملك، فهل هو من خطاب الوضع أو من خطاب التكليف الذي هو الأحكام الخمسة؟ قلت: الذي يظهر لي أنه من أحد الاحكام، وهو إباحةٌ خاصة في تصرفات خاصة، وأخْذُ العوض عن ذلك المملوك على وجه خاص، كما تقررت قواعدُ المعاوضات في الشريعة، وشروطها وأركانها، وخصوصيات هذه الإباحة هي الموجبة للفرق بين المالك وغيره من جميع الحقائق، فلذلك قلنا: إنه معنى شرعي مقدر، نريد أنه متعَلّق الإباحة، والتعلُّق عَدَمي من باب النِّسَبِ والاضافات التي لا وجود لها في الأعيان بل في الأذهان، فهي أمرٌ يفرضه العقل كسائر النِسَب والاضافات كالأبوة والبنوة، والتقدم والتأخر.

ولأجل ذلك لنا أن نغير عبارة الحد فنغول: إن المِلك إباحة شرعيةٌ في عيْن أو منفعة، تقتضي تمكن صاحبها من الانتفاع بتلك العين أو المنفعة أوْ أخْذِ العوض عنهما من حيث هي كذلك، ويستقيم الحدُّ بهذا اللفظ أيضا، ويكون المِلْك من خطاب التكليف، لأن الاصطلاح أن خطاب التكليف هو الأحكام الخمسة المشهورة، وخطاب الوضع هو نصْبُ الأسباب والشروطِ والموانع والتقادير الشرعية، وليس هذا منها، بل هو إباحة خاصة، ومنهم من قال: إنه من خطاب الوضع وهو بعيد

"

ثم قال القرافي: فإن قلت: المِلك سببُ الانتفاع فيكون سببا، فيكون من خطاب الوضع، قلت: وكذلك كل حكم شرعِي سببٌ لمسبِّباتٍ تترتب عليه من مثوبات وتعزيراتٍ ومواخَذَات وكفارات وغيرها، وليس المراد بخطاب الوضع مطلقَ الترتب، بل نقول: الزوال سبب لوجوب الظهر، ووجوب الظهر سبب لأن يكون فعله سببَ الثواب، وترْكُه سببَ العقابِ، ووجوبُهُ سببٌ لتقديمه على غيْره من المندوبات مما ترتب على الوجوب مع أنَّهُ لا يسمَّى سببا، ولا يقال إنه من خطاب الوضع".

وقد عقبَ الشيخ ابن الشاط على ما جاء هنا عند القرافي فقال:

ما قاله من أنه إباحة، ليس بصحيح، فإن الإباحة هي حكم الله تعالى، والحكم عند أهْل الأصول خطاب الله تعالى، وخطابُهُ كلامُه، فكيف يكون المِلك الذي هو صفة للمالك على ما ارتضيتُهُ، أو صفةٌ للمملوك على ما ارتضاه، هو كلام الله تعالى، هذا ما لا يصح بوجه أصلا. فالصحيح أن مُسَبَّبَ الاباحة هو التمكن، والاباحة هي التمكين، والله أعلم.

ثم قال في قول القرافي: "وليس المراد بخطاب الوضع مطلقَ الترتب الي آخر ما قاله المازري في كتاب التلقين": ما قالَه في ذلك صحيح، وكذلك ما قاله عن المازري، ماعدا قولَه إن المِلك هو التصرف فإنه غير صحيح على ما قرر المؤلف قبل هذا، انتهى الكلام على هذا التحقيق الطويل، النفيس الممتع بين هذين العالمين الجليلين، فلذلك نقلت كلامهما بأتَمِّهِ في هذا الموضوع، لماله من بيان وتوضيح من طرفيهما ومن جانيهما في هذا الفرق الدقيق. فرحمهما الله وجزاهما خيرا عن العلم والعلماء والمسلمين.

ص: 159

وقال المازري: قول الفقهاء: المِلْكُ يحصل في الأعيان وفي المنافع ليس على ظاهره، بل الأعيانُ لا يملكها إلا الله تعالى، لأن المِلك هو التصرف، ولا يَتصرف في الاعيان بالايجاد والإعدام الا اللهُ تعالى، وتصرُّفُ الخلْق إنما هو في المنافع فقط.

القاعدة الثانية والعشرون (130)

رجّحَ مالِكٌ رحمه الله مُعامَلَة المسلمين على معاملة الكفار وقال: أكْرَهُ الصرف من صيارفة أهل الذمة، وجوَّز أبو حنيفة الرِّبا الحربيِّ، لقوله عليه السلام:"لَا رِبَا إلَّا بين المسلمين"(130 م)، والحرْبِىُّ ليس بِمُسْلمٍ - وقال اللخمي وغيرُهُ: إذا ظهر الربا بين المسلمين فمعاملة الذمي أولى، لوجهين:

الأول أنهم ليسوا بمخاطَبين بالفروع على قول، ولم يَقَعْ خلاف في أن المسلِمَ مخاطَب بالفروع.

الوجه الثاني أن الكافر إذا أسلم ثبتَ مِلْكُه على ما كسب بالربا والغصب وغيره، وإذا تابَ المسلم لا يثبت مِلْكُه على شيء من ذلك، لقوله تعالى:

{وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} ، (131)، وما هو بصدد الثبوت أولى مما ليس كذلك.

(130) هي موضوع الفرق التاسع والسبعين والمائة بين قاعدة معاملة أهل الكفر وقاعدة معاملة المسلمين جـ 3. ص 207، ولم يعلق عليه الشيخ ابن الشاط بشيء.

(130 م) أخرجه الامام الزيْلِعي رحمه الله في نصْب الراية بلفظ: "لا رِبا بين المسلم والحربي في دار الحرب" فليُصَحَّحْ.

(131)

وأولها قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 278، 279].

ص: 160