المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القاعدة الثامنة:في الفرق بين التكبر والتجمل بالملابس، وبين الكبر والعجب - ترتيب الفروق واختصارها - جـ ٢

[البقوري]

فهرس الكتاب

- ‌النكاح والطلاق

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها الفرق بين أنكحة الصبيان وطلاقهم

- ‌القاعدة الثانيةأقرِّرُ فيها الفرقَ بين ذوِى الأرحام والعَصَبة حتى كان للعَصَبة الولايةُ في النكاح ولم يكن ذلك لِمَن يُدْلي بجهة الأمّ

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها لِمَ كان الإِخوة في النكاح وميراثِ الولاء وصلاةِ الجنازة يُقَدَّمون على الأجداد، ولِمَ كانوا على السواء في الميراث

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها أن تحريم المصاهَرَة ليس رُتْبةً واحدة، بل هو رُتَبٌ

- ‌القاعدة السابعة

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرِر فها الفرق بين ما يَحْرُم الجمعُ بينهن من النساء وبين ما يجوز الجمعُ بينهن

- ‌القاعدة العاشرة:نقرر فيها ما يُقَرُّ من أنكحة الكفار وما لا يُقَرُّ

- ‌القاعدة الحاديةَ عشْرةَ:لِمِ كان للرجل أن يتزوج الإماء التي لغيره عند شرط ذلك، ولم يكن للمرأة الحرّة أن يتزوجها عبد لغيرها، ولا للرجل أن يتزوج إماءه، ولا للنساء أن يتزوجن عبيدهن

- ‌القاعدة الثانية عشرة:لِمَ وقع الحَجْرُ على النِّساء في الأبضاع ولم يقع الحَجْرُ عليهن في الأموال

- ‌القاعدة الثالثة عشرةأقرر فيها ما به ينعقد النكاح، وأنه يخالف البيع فيما يُشترط فيه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:لِمَ كان الثمنُ في البيع يتقرَّر بالعقد، والصَّداقُ في النكاح لا يتقرر بالعقد؟ ، هذا على قول، فإنه قد قيل: يتقرر بالعقد، وقيل أيضًا: يتقرّر النصف بالعقد

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها الفرق بين المتداعيين شيئًا، لا يقدّمُ أحدُهما على الآخر إلا بحجة ظاهرة وبين المتداعيين من الزوجين في متاع البيت يقدّمُ كل واحد منهما فيما يُشبِهُ أن يكون له

- ‌القاعدة السابعة عشرة:أقرر فيها الفرق بين الوكالة والولاية في النكاح

- ‌القاعدة الثامنة عَشرة:أقرر فيها الصريح من الطلاق وغير الصريح فأقول

- ‌القاعدة التاسعة عشرة:أُقرر فيها ما يُشترَط في الطلاق من النية وما لا يُشْترَط

- ‌القاعدة العشرون:في الفرق بين قاعدة التصرفِ في المعدوم الذي يمكن أن يتقرر في الذمة وبين ما لا يمكن أن يتقرر في الذمة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون:لِمَ كان قرْءٌ واحد يكفي في الاستبراء، وشهر واحد لمن لا تحيض لا يكفي في الاستبراء فلابد من ثلاثة أشهر، وثلاثةُ أشهر إنما جُعِلَتْ مكانَ ثلاثة قروءٍ

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرر فيه الفرق بين خيار التمليك في الزوجات وتخيير الإِمَاء في العتق حتى كان يَلزم في الزوجات ولا يَلزم في الإماء

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:في الفرق بين التخْيير والتمليك

- ‌النفقة

- ‌قواعد البيوع

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها أين يصح اجتماع العوضين لشخص واحدٍ، وأيْن لا يصح

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها الفرق بين من مَلَك أن يَمْلِكَ، هلْ يُعَدُّ مالكا أم لا، وبيْن من انعقد له سبب مطالبةِ التمليك، هل يُعَدُّ مالِكاً أمْ لا (8 م)

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها الفرق بين النقل والإِسقاط

- ‌القاعدة الرابعة:أقرر فيها بيان ما يَقبل المِلك من الأعيان والمنافع مما لا يقبله

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يجوز بيعه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة:في بيانِ ما تُؤَثِّر فيه الجهالةُ والغرَرُ مما لا تؤَثِّرُ

- ‌القاعدة الثامنة:أبين فيها ما يجوز بيعه على الصفة وما لا يجوز

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرر فيها ما به يجوز بيع الربوي بجنسه وما به لا يجوز

- ‌القاعدة العاشرة:أقرر فيها ما يدخله ربا الفضل وما لا يدخله

- ‌القاعدة الحادية عشرة:أقرّرُ فيها معنى الجهل ومعنى الغرر حتى يظهر بذلك اختلافهما

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:نُقَرر فيها ما يجوز اجتماعه مع البيع وما لا يجوز

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:أقررُ فيها ما يتعين من الأَشياءوما ل يتعين في البيع ونحوه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:أقرر فيها ما يجوز بيعه قبل قبضه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها ما يتْبَعُ العقدَ عُرفا ومالَا

- ‌القاعدة السابعةَ عشْرةَ:أقرر فيها ما يجوز به السَّلَمُ ويصح

- ‌القاعدة الثامنة عشرة في الصلح

- ‌القاعدة التاسِعة عشرة:في تقرير حكم الأهوية وتقرير حكم ما تحت الأبنيَّة

- ‌القاعدة العشرون:أقرر فيها ما معنى الذمة وما معْنَى أهلية المعاملة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:أقرر فيها ما معنى المِلْكِ وما معْنَى التصرف

- ‌القاعدة الثالثة: والعشرون:أقرر فيها ما مصلحته من العقود في اللزوم وما مصلحته عدم اللزوم

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرِر فيها ما يُمنَع فيه الجهالةُ وما يُشترَطُ فيه الجهالة بحيث لو فقِدت فَسَد

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:أقرر فيها ما يَثْبُتُ في الذمم وما لَا

- ‌الإِجارة

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها ما يملك من المنفعة بالاجارة وبيْن (1) ما لا يُملَكُ منها بالإِجارة

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها ما للمستاجِر أخْذُهُ من ماله بعد انقضاء الإجارة مِمّا ليس له أخْذُه

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها ما يضمنه الأُجَرَاءُ عند الهلاك مما لا يضمنونه

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يُضمَن بالطرح من السفن وما لا يُضْمَن

- ‌القاعدة السادسة:في الفرق بين الإِجارة والرزق، (14 م)

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين تمليك الانتفاع وتمليك المنفعة

- ‌الضمان

- ‌القاعدة الأولى:نقرر فيها ما بِهِ يكون الضمان

- ‌القاعدة الثانية: فيما يتعلق بالصائِل

- ‌القاعدة الثانية: ما يجوز التوكيل فيه مما لا يجوز

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بين الأملاك الناشئة عن الإِحياء وبين الاملاك الناشئة عن غَير الإِحياء

- ‌القاعدة الرابعة:في تقرير ما يوجبُ استحقاقُ بعضه إبطالَ العقد في الكُلِّ ممّا لَا

- ‌القاعدة السادسة: لِتمييز ما يُرَدُّ من القراض الفاسد إلى أجْرة المثل ممّا يُرَد إلى قراض المثل

- ‌القاعدة السابعة:في تقرير ما يُرَدُّ إلى مساقاة المثل ممّا يُرَدُّ إلى أجرة المِثْلِ منها

- ‌القاعدة الثامنة: في تقرير الإِقرار الذي يَقبَل الرجوعَ عنه وتمييزِه عما لا يَقبَل الرجوعَ عنه

- ‌الدعاوى والشهادات

- ‌القاعدة الأولى: في تمييز الدعوى الصحيحة من الدعوى الباطلة

- ‌القاعدة الثانية:في تمييز المدَّعي من المدعَى عليه

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بيْن ما يحتاج للدعوى وبين ما لا يحتاج إليها

- ‌القاعدة الرابعة: في تقرير اليد المعتبَرة المرجِّحة لقول صاحبها

- ‌القاعدة الخامسة: في تقرير ما تجب إجابة الحاكم فيه إذا دُعِي إليه ممّالا تجب

- ‌القاعدة السادسة: في الفرق بين قاعدة ما يُشْرَع فيه الحَبْسُ وبين قاعدة ما لا يُشَرع

- ‌القاعدة السابعة: في تقرير من يَلْزَمه الحلف

- ‌القاعدة الثامنةفي تمييز المعصية التي هي كبيرة مانعةٌ من قَبول الشهادة من التي ليست كذلك

- ‌القاعدة التاسعة: في تقرير التهمة التي ترَدُّ بها الشهادة بعد العدالة من التيلا تُرَد بها الشهادة

- ‌القاعدة العاشرة: في ذِكر ما يَصْلُحُ أن يكون مستنَداً للشهادات

- ‌القاعدة الحادية عشرة: في تقرير ما هو حُجَّةٌ عند الحكام

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في تقرير ما يقع به الترجيح في البينات عند التعارض

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في تقرير ما اعتُبر من الغالبِ وما أُلغي من الغالب

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:في تمييز ما يصح الإِقراع فيه ممّا لا

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في كيفِيةِ أداء الشاهِدِ شهادتَه عند القاضي

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في الفرق بين الفتوى والحكم

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفي تمييز ما تُشترَطُ فيه العدالة مِمَّا لا تُشترَط فيه

- ‌القاعدة التاسعة عشرة: في ضَمِّ الشهادات

- ‌كتاب الحدود وما في معناها

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير (*) ما هو شُبْهةٌ يُدْرَأُ بهَا الحدُّ ممَّا لا

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين القذف يقع بين الزوجين، وبين الأجانب

- ‌القاعدة الثالثة:أقرَرُ فيها الفرقَ بين الحدِّ والتعزيز

- ‌القاعدة الرابعة:في الفرق بين الحصانة لا تعود بالعدالة، والفسوقِ يعود بالجناية

- ‌القاعدة الخامسة: في القصاص

- ‌القاعدة السادسة:نقرْ الفرق بين المسكرات والمفسدات والمرقِّدات (46 م)، فنقول:

- ‌الفرائض

- ‌القاعدة الأولىفي تقرير ما ينتقل إلى الأقارب من الأحكام

- ‌القاعدة الثانيةفي تقرير الفرق بين أسباب التوارث وأجزاء أسبابها العامة والخاصة

- ‌القاعدة الثالثةفي تقرير أسباب التوارث وشروطِهِ وموانعه

- ‌الجامع

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير ما يحرم من البِدع ويُنْهَى عنها ممَّا ليس كذلك

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين ما هو من الدعاء كُفْرٌ وبين ما ليس بكفر

- ‌القاعدة الثالثة:في انقسام مَا ليس بكفر من الدَّعاءِ إلى مُحرَّم وغيرِ مُحرَّم

- ‌القاعدة الرابعة:في تمييز ما يُكْره من الدعاء مما ليس بمكروه

- ‌القاعدة الخامسة:في تمييز ما يجب تعلُّمُه من النجوم ممَّا لا يجب

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين الحسد والغبطة

- ‌القاعدة الثامنة:في الفرق بين التكبر والتجمل بالملابس، وبين الكِبْر والعُجْب

- ‌القاعدة التاسعةفي تقرير المداهنة الجائزة وتمييزِها عن التي لا تجوز

- ‌القاعدة العاشرة:في تمييزِ المعصية التي هي كفر عن المعصية التي ليست كفْراً

- ‌القاعدة الحاديةَ عشرةَ:في تقرير معْنَى الزهد

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في التوكل

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في الكلام على الرضَى بالقضاء

- ‌القاعدة الرابعة عشرةفي تمييز المكَفِّرات عن أسباب المثوبات

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في تمييز الخوف من غير الله الذي لا يحْرُم من الذي يحرم منه

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في تقرير ما يَلزَم الكفار إذا أسلم وما لا يَلزمه

- ‌القاعدة السابعة عشرة:في الكذِب وفي الوعد وفي خُلْف الوعْد

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفيما يتعلق بالطِيَرة والفال، فأقول:

- ‌القاعدة التاسعة عشرةفي الرؤيا التي تُعْبَرُ من التي لا تُعْبر

- ‌القاعدة العشرون:في تقرير ما يباح من عِشْرة الناس من المكارمة وما يُنهَى عنه مِنْ ذلك

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:في بيان ما يجب النهي عنه من المفاسد وما يَحرُمُ وما يُندَبُ

- ‌القاعدة الثانية والعشرونفى الفرق بين الرياء في العبادات وبين التشريك فيها

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون: فِيما به يكون التفضيل

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:فِيمن يُقَدّم للولاية ومن يتأخر عنها:

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون في الاستغفار

- ‌القاعدة السادسة والعشرون: في معنى الأفضلية والمزية

- ‌القاعدة السابعة والعشرونفي تمييز حقوق الله تعالى عن حقوق العباد

- ‌القاعدة الثامنة والعشرونفي تمييز حقوق الوالدين عن الأجانب

- ‌القاعدة التاسعة والعشرونفيما يُترَكُ من الجهل ولا يواخذُ عليه ممَّا لا

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌جدول بتصويب بعض الأخطاء المطبعية التي وقعت في الجزء الأول من هذا الكتاب

- ‌ترجمة محمد بن قاسم بن محمد بن أحمد بن محمد القوري

- ‌خاتمة

الفصل: ‌القاعدة الثامنة:في الفرق بين التكبر والتجمل بالملابس، وبين الكبر والعجب

فاعلم أنهما اشتركا في أنهما طَلبٌ من القلب، غيرَ أن الحسد تمنِّي زوال النعمة عن الغير، وحصولها للحاسد، والغِبْطَةُ تَمنِّي زَوالِهَا من غير طلبِ حصولها للحاسد. ثم الحسد حسدان: حسد تَمَنى زوال النعمة وحصولها للحاسد، وتمَنَّي زوالها من غير طلب حصولها للحاسد، وهو شرّ الحسَدين، لأنه طلب المفسدة الصِّرفة من غير معارض عادي طبعي (98). ثم حكْمُ الحسد التحريمُ، وأمَّا الغِبطةُ فالاباحة.

قلت: إلَّا ان يكون في خير فالندْبية، لقوله عليه السلام:"لا حسد إلّا في اثنتين: رجُلٍ أعطاه الله قرَانا فهو يقوم به ليلا ونهارا، ورجل أعطاه الله مالا فهو ينفق منه سراً وجهاراً"(99). وأدلة تحريم الحسد كثيرة، فمنها قوله عليه السلام. "لا تحاسدوا"(100)، والاجماع منعقد على ذلك.

‌القاعدة الثامنة:

في الفرق بين التكبر والتجمل بالملابس، وبين الكِبْر والعُجْب

(101).

(98) نسبة إلى طبيعة، وهو استعمال قياسي في فَعِيله بفتح الفاء، كما أن النسب إلى فُعَيلة بضم الفاء فُعَلى كذلك بضمها وفتح العين كجُهَنى نسبة إلى جُهينة، قال: محمد بن مالك رحمه الله في ألْفِيَّته النحوية والصرفية في باب النسب:

وفَعليٌّ في فَعيلةَ التُزِمْ

وفُعَليّ في فُعيلَة حُسِم

(99)

رواية أخرى لهذا الحديث: عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا حسد الا في اثنتين (أي خصلتين اثنتين): رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلَكته في الحق (أيْ إنْفَاقِهِ فيه)، ورجل آتاه الله الحكمة (أي العلم فهو يقضي بما ويعلمها). رواه البخاري والترمذي رحمهم الله. فالمراد بالحسد في هذا الحديث الغبطة، وهي تَمني ما عند الغير من العلم والمال لفعل الخير ونفع الناس بهما، فهى جائزة ممدوحة ومحمودة بهذا المعنى.

(100)

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رصول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم والظَّنِّ، فإنَّ الظن أكذَبُ الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا، ولا تَنافَسُوا، ولا تحاسدوا ولا تباغَضُوا ولا تدَابروا، وكونوا عِبَاد الله، إخوانا". متفَقٌ عليه.

وعنه أيضًا أن الوصول صلى الله عليه وسلم قال إياكُمْ والحسدَ فإنه يأكل الحسنات كما تأكل النارُ الحطبَ.

(101)

هي موضوع الفرق التاسع والخمسين والمائتين بين قاعدة الكِبرِ وقاعدة التجمل بالملابس والمراكب، وكذا الفرق الستون والمائتان بين قاعدة الكِبْر والعُجْب" جـ 4. ص 225 - 227، وهما من الفروق القصير عند شهاب الدين القرافي رحمه الله، وَلم يعلق عليهما بشيء، الشيخ ابن الشاط رحمه الله.

ص: 409

إعلم أن الكِبْر بَطر الخقّ وغَمْطُ الناس، كذا قال صلى الله عليه وسلم (102)، ثم يَحْسُنُ على أعداء الله إذا كان لله. ومعتى بطرْ الحق رَدُّه على قائله، وغمْطُ الناس احتقارهم. ويقوّي ما قلناه قولُهُ تعالى:{أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} . (103).

والكِبْرُ من الكبائر. يكفي في الدليل على ذلك قوله عليه السلام: "لا يدخل الجنةَ كن في قلبه مثقال ذَرّةٍ من كِبْر"(103 م).

(102) ونصّ هذا الحديث بتمامه: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يدخل الجنةَ مَن كان في قلبه مثقال ذَرة من كِبْر، فقال رجل: إن الرجل يحبُّ أن يكون ثوبُه حسَنا، ونعْله حسنةَ، قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكِبْر بَطر الحق، وغَمْط الناس" رواه الإِمامان: مسلم والترمذي، رحمهما الله.

فالله سبحانه مُتَّصِف بكل كال، ومنزَه عن كل نقص، ويحبُّ أن يرَى أثر نعمته على عبده كما جاء به الحديث. وعن حارثة بنِ وهب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا أخبركم بأهل الجنة، كلُّ ضعيف متضاعِف، لو أقسم على الله لأبره. ألا اخبركم بأهل النار: كل عُتُل، جَوَّاظ مستكبِر" رواه الشيخان والترمذي، والعُتُل هو غليظ الطبع الجافي للناس في المعاملة، والجواظ هو المناع للخير، المختال والمستكبر. وفي القرآن الكريم من وصايا لقمان ابنه:{وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [سورة لقمان الآية 18].

(103)

وأولها قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54)} سورة المائدة. الآية 54.

(103 م) عن عبد الله (بن مسعود) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل النارَ احدٌ في قلبه مثقال حبة خردل من ايمان، ولا يدخل الجنة احد، في قلبه مثقال حبة خردل من كبرياءَ". وعنه أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقالُ ذَرة مِن كِبْر، قال رجل: يا رسول الله، إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا، ونعْلة حَسَناً، قال: ان الله جميل يحب الجمال. الكِبْرُ بطرُ الحق وغَمْطُ الناس" الإِمام مسلم رحمه الله.

فَحُسْنُ اللباس تجَمّلٌ، والله يحب المتجملين. وَالكبر انكار الحق، واحتقار الناس، وهو ما لا يرضاه الله لاحد بن امة الاسلام، فان من تواضحَ لله رفعه، وقد جاَءت كلمة خردل (أي أصغَر شيء مثل الذّرة) في قوله تعالى:{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} ، سورة الانبياء، الآية 27.

ص: 410

ثم الكِبْرُ قد يكون واجبا على الكفار في الحرب وغيره (104)، وقد يكون مندوبا كالكبر على المبتدعين، وقد يكون حراما، والاباحة فيه بعيدة.

وأمَّا التجمل بالملابس فهو من أفعال، لجوارح لا من دعل القلب، فينقسم إلى الأحكام الخمسة بحسب ما. قُصدَ له ذلك التزيين.

ثم ما يقع به الفرق ايضا أن أصْل التجمل الإِباحة، لقوله تعالى:{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ} (105) حتى يوجد ما يدل على التحريم أو غيرِه، وأصل الكبر التحربم حتى يوجد ما يدل على خلاف ذلك.

(104) كذا في جميع النسخ الثلاث على اعتبار أن كلمة الحرب قد تذكر، والأغلب والأفصح استعمالها مونثة، بدليل قول الله تعالى خطابا لعباده المومنين في حالة جهادهم للكافرين:{فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} سورة محمد. الآية 4.

وعن ذلك قول الشاعر الجاهلي الحكيم، زهير بن أبي سلمى في قصيدته المعلقة الشهيرة، وهو يصف فيها الحرب الطويلة التي قامت بين قبيلتي عَبس وذبيان، واستمرتْ سنوات أدت إلى تطاحن كبير، وإلى شَر وَبيل مستطير، ويدعوهما إلى الصلح والتصالح، ويمدح الشخصين والرجليْن اللذين سعيا في ذلك الصلح، وهما هَركما بن سنان، والحارث بن عوف، فقال في ذلك، وهو يخاطب المتحاربين من قبيلتي عبس وذبيان، ويحذرهم من سوء عاقبة الحرب ويدعوهم إلى الصلح والتصالح ويرغبهم فيه.

وما الحربُ الا ما علمتم وذُقْتمو

وما هو عنها بالحديث المرجَّم

متَى تبعثوها تبعثوها ذميمة

وتَضْرى إذا ضرَّيتموها فتَضْرم

فَتْعركْكُم عرك الرحى بثِفالها

وتلْقَحْ كِشافا ثم تُنتِجْ فتُتئم.

أي إن نتيجة الحرب إفناءُ وإهلاك الطرفين المتحاربيْن، وطحْنُهما مثلما تطحن الرحى خِرقتها المبسوطة تحتها ليقع فيها الطحين، وتتولد عها أصناف الشرور، مثلَما تتولد الاولاد الناشئة من الامهات، وهي كذلك في كل زمان ومكان، ومصائبها وشرورها ومآسيها في هذا العصر والأوان اعظم واكبر، ولذلكم فإن العقلاء من الناس يعملون دائما على تجنبها، اللهم الا ان تكون دفاعا محضا عن عقيدة المسلم ودينه ليوطنه، وإعلاء لكلمة الله، فإن المسلمَ يَستَعْذبها ويتحمس لها حينئذ ويعتبرها ووراها جهادا في سبيل الله، ونصر للحق، ولدينه الحنيف.

ومن الموافقات والفوائد اللغوية أن كلمة السلم، ضد الحرب، هي بدورها تُستعمل كذلك مونثة، ومن ذلك قول الله تعالى خطابا لنبيه الكريم في معاملته للكافرين اثناء الحرب وجهاده لهم إعلاء لكلمة الله:{وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} . سورة الأنفال: الآية 61. وقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} سورة البقرة، 208.

(105)

وتمامها من اولها، قول الله نعالى:{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} . سورة الأعراف، الآية 32.

ص: 411