المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القاعدة الرابعة والعشرون:فيمن يقدم للولاية ومن يتأخر عنها: - ترتيب الفروق واختصارها - جـ ٢

[البقوري]

فهرس الكتاب

- ‌النكاح والطلاق

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها الفرق بين أنكحة الصبيان وطلاقهم

- ‌القاعدة الثانيةأقرِّرُ فيها الفرقَ بين ذوِى الأرحام والعَصَبة حتى كان للعَصَبة الولايةُ في النكاح ولم يكن ذلك لِمَن يُدْلي بجهة الأمّ

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها لِمَ كان الإِخوة في النكاح وميراثِ الولاء وصلاةِ الجنازة يُقَدَّمون على الأجداد، ولِمَ كانوا على السواء في الميراث

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها أن تحريم المصاهَرَة ليس رُتْبةً واحدة، بل هو رُتَبٌ

- ‌القاعدة السابعة

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرِر فها الفرق بين ما يَحْرُم الجمعُ بينهن من النساء وبين ما يجوز الجمعُ بينهن

- ‌القاعدة العاشرة:نقرر فيها ما يُقَرُّ من أنكحة الكفار وما لا يُقَرُّ

- ‌القاعدة الحاديةَ عشْرةَ:لِمِ كان للرجل أن يتزوج الإماء التي لغيره عند شرط ذلك، ولم يكن للمرأة الحرّة أن يتزوجها عبد لغيرها، ولا للرجل أن يتزوج إماءه، ولا للنساء أن يتزوجن عبيدهن

- ‌القاعدة الثانية عشرة:لِمَ وقع الحَجْرُ على النِّساء في الأبضاع ولم يقع الحَجْرُ عليهن في الأموال

- ‌القاعدة الثالثة عشرةأقرر فيها ما به ينعقد النكاح، وأنه يخالف البيع فيما يُشترط فيه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:لِمَ كان الثمنُ في البيع يتقرَّر بالعقد، والصَّداقُ في النكاح لا يتقرر بالعقد؟ ، هذا على قول، فإنه قد قيل: يتقرر بالعقد، وقيل أيضًا: يتقرّر النصف بالعقد

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها الفرق بين المتداعيين شيئًا، لا يقدّمُ أحدُهما على الآخر إلا بحجة ظاهرة وبين المتداعيين من الزوجين في متاع البيت يقدّمُ كل واحد منهما فيما يُشبِهُ أن يكون له

- ‌القاعدة السابعة عشرة:أقرر فيها الفرق بين الوكالة والولاية في النكاح

- ‌القاعدة الثامنة عَشرة:أقرر فيها الصريح من الطلاق وغير الصريح فأقول

- ‌القاعدة التاسعة عشرة:أُقرر فيها ما يُشترَط في الطلاق من النية وما لا يُشْترَط

- ‌القاعدة العشرون:في الفرق بين قاعدة التصرفِ في المعدوم الذي يمكن أن يتقرر في الذمة وبين ما لا يمكن أن يتقرر في الذمة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون:لِمَ كان قرْءٌ واحد يكفي في الاستبراء، وشهر واحد لمن لا تحيض لا يكفي في الاستبراء فلابد من ثلاثة أشهر، وثلاثةُ أشهر إنما جُعِلَتْ مكانَ ثلاثة قروءٍ

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرر فيه الفرق بين خيار التمليك في الزوجات وتخيير الإِمَاء في العتق حتى كان يَلزم في الزوجات ولا يَلزم في الإماء

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:في الفرق بين التخْيير والتمليك

- ‌النفقة

- ‌قواعد البيوع

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها أين يصح اجتماع العوضين لشخص واحدٍ، وأيْن لا يصح

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها الفرق بين من مَلَك أن يَمْلِكَ، هلْ يُعَدُّ مالكا أم لا، وبيْن من انعقد له سبب مطالبةِ التمليك، هل يُعَدُّ مالِكاً أمْ لا (8 م)

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها الفرق بين النقل والإِسقاط

- ‌القاعدة الرابعة:أقرر فيها بيان ما يَقبل المِلك من الأعيان والمنافع مما لا يقبله

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يجوز بيعه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة:في بيانِ ما تُؤَثِّر فيه الجهالةُ والغرَرُ مما لا تؤَثِّرُ

- ‌القاعدة الثامنة:أبين فيها ما يجوز بيعه على الصفة وما لا يجوز

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرر فيها ما به يجوز بيع الربوي بجنسه وما به لا يجوز

- ‌القاعدة العاشرة:أقرر فيها ما يدخله ربا الفضل وما لا يدخله

- ‌القاعدة الحادية عشرة:أقرّرُ فيها معنى الجهل ومعنى الغرر حتى يظهر بذلك اختلافهما

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:نُقَرر فيها ما يجوز اجتماعه مع البيع وما لا يجوز

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:أقررُ فيها ما يتعين من الأَشياءوما ل يتعين في البيع ونحوه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:أقرر فيها ما يجوز بيعه قبل قبضه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها ما يتْبَعُ العقدَ عُرفا ومالَا

- ‌القاعدة السابعةَ عشْرةَ:أقرر فيها ما يجوز به السَّلَمُ ويصح

- ‌القاعدة الثامنة عشرة في الصلح

- ‌القاعدة التاسِعة عشرة:في تقرير حكم الأهوية وتقرير حكم ما تحت الأبنيَّة

- ‌القاعدة العشرون:أقرر فيها ما معنى الذمة وما معْنَى أهلية المعاملة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:أقرر فيها ما معنى المِلْكِ وما معْنَى التصرف

- ‌القاعدة الثالثة: والعشرون:أقرر فيها ما مصلحته من العقود في اللزوم وما مصلحته عدم اللزوم

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرِر فيها ما يُمنَع فيه الجهالةُ وما يُشترَطُ فيه الجهالة بحيث لو فقِدت فَسَد

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:أقرر فيها ما يَثْبُتُ في الذمم وما لَا

- ‌الإِجارة

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها ما يملك من المنفعة بالاجارة وبيْن (1) ما لا يُملَكُ منها بالإِجارة

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها ما للمستاجِر أخْذُهُ من ماله بعد انقضاء الإجارة مِمّا ليس له أخْذُه

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها ما يضمنه الأُجَرَاءُ عند الهلاك مما لا يضمنونه

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يُضمَن بالطرح من السفن وما لا يُضْمَن

- ‌القاعدة السادسة:في الفرق بين الإِجارة والرزق، (14 م)

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين تمليك الانتفاع وتمليك المنفعة

- ‌الضمان

- ‌القاعدة الأولى:نقرر فيها ما بِهِ يكون الضمان

- ‌القاعدة الثانية: فيما يتعلق بالصائِل

- ‌القاعدة الثانية: ما يجوز التوكيل فيه مما لا يجوز

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بين الأملاك الناشئة عن الإِحياء وبين الاملاك الناشئة عن غَير الإِحياء

- ‌القاعدة الرابعة:في تقرير ما يوجبُ استحقاقُ بعضه إبطالَ العقد في الكُلِّ ممّا لَا

- ‌القاعدة السادسة: لِتمييز ما يُرَدُّ من القراض الفاسد إلى أجْرة المثل ممّا يُرَد إلى قراض المثل

- ‌القاعدة السابعة:في تقرير ما يُرَدُّ إلى مساقاة المثل ممّا يُرَدُّ إلى أجرة المِثْلِ منها

- ‌القاعدة الثامنة: في تقرير الإِقرار الذي يَقبَل الرجوعَ عنه وتمييزِه عما لا يَقبَل الرجوعَ عنه

- ‌الدعاوى والشهادات

- ‌القاعدة الأولى: في تمييز الدعوى الصحيحة من الدعوى الباطلة

- ‌القاعدة الثانية:في تمييز المدَّعي من المدعَى عليه

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بيْن ما يحتاج للدعوى وبين ما لا يحتاج إليها

- ‌القاعدة الرابعة: في تقرير اليد المعتبَرة المرجِّحة لقول صاحبها

- ‌القاعدة الخامسة: في تقرير ما تجب إجابة الحاكم فيه إذا دُعِي إليه ممّالا تجب

- ‌القاعدة السادسة: في الفرق بين قاعدة ما يُشْرَع فيه الحَبْسُ وبين قاعدة ما لا يُشَرع

- ‌القاعدة السابعة: في تقرير من يَلْزَمه الحلف

- ‌القاعدة الثامنةفي تمييز المعصية التي هي كبيرة مانعةٌ من قَبول الشهادة من التي ليست كذلك

- ‌القاعدة التاسعة: في تقرير التهمة التي ترَدُّ بها الشهادة بعد العدالة من التيلا تُرَد بها الشهادة

- ‌القاعدة العاشرة: في ذِكر ما يَصْلُحُ أن يكون مستنَداً للشهادات

- ‌القاعدة الحادية عشرة: في تقرير ما هو حُجَّةٌ عند الحكام

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في تقرير ما يقع به الترجيح في البينات عند التعارض

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في تقرير ما اعتُبر من الغالبِ وما أُلغي من الغالب

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:في تمييز ما يصح الإِقراع فيه ممّا لا

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في كيفِيةِ أداء الشاهِدِ شهادتَه عند القاضي

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في الفرق بين الفتوى والحكم

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفي تمييز ما تُشترَطُ فيه العدالة مِمَّا لا تُشترَط فيه

- ‌القاعدة التاسعة عشرة: في ضَمِّ الشهادات

- ‌كتاب الحدود وما في معناها

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير (*) ما هو شُبْهةٌ يُدْرَأُ بهَا الحدُّ ممَّا لا

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين القذف يقع بين الزوجين، وبين الأجانب

- ‌القاعدة الثالثة:أقرَرُ فيها الفرقَ بين الحدِّ والتعزيز

- ‌القاعدة الرابعة:في الفرق بين الحصانة لا تعود بالعدالة، والفسوقِ يعود بالجناية

- ‌القاعدة الخامسة: في القصاص

- ‌القاعدة السادسة:نقرْ الفرق بين المسكرات والمفسدات والمرقِّدات (46 م)، فنقول:

- ‌الفرائض

- ‌القاعدة الأولىفي تقرير ما ينتقل إلى الأقارب من الأحكام

- ‌القاعدة الثانيةفي تقرير الفرق بين أسباب التوارث وأجزاء أسبابها العامة والخاصة

- ‌القاعدة الثالثةفي تقرير أسباب التوارث وشروطِهِ وموانعه

- ‌الجامع

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير ما يحرم من البِدع ويُنْهَى عنها ممَّا ليس كذلك

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين ما هو من الدعاء كُفْرٌ وبين ما ليس بكفر

- ‌القاعدة الثالثة:في انقسام مَا ليس بكفر من الدَّعاءِ إلى مُحرَّم وغيرِ مُحرَّم

- ‌القاعدة الرابعة:في تمييز ما يُكْره من الدعاء مما ليس بمكروه

- ‌القاعدة الخامسة:في تمييز ما يجب تعلُّمُه من النجوم ممَّا لا يجب

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين الحسد والغبطة

- ‌القاعدة الثامنة:في الفرق بين التكبر والتجمل بالملابس، وبين الكِبْر والعُجْب

- ‌القاعدة التاسعةفي تقرير المداهنة الجائزة وتمييزِها عن التي لا تجوز

- ‌القاعدة العاشرة:في تمييزِ المعصية التي هي كفر عن المعصية التي ليست كفْراً

- ‌القاعدة الحاديةَ عشرةَ:في تقرير معْنَى الزهد

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في التوكل

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في الكلام على الرضَى بالقضاء

- ‌القاعدة الرابعة عشرةفي تمييز المكَفِّرات عن أسباب المثوبات

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في تمييز الخوف من غير الله الذي لا يحْرُم من الذي يحرم منه

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في تقرير ما يَلزَم الكفار إذا أسلم وما لا يَلزمه

- ‌القاعدة السابعة عشرة:في الكذِب وفي الوعد وفي خُلْف الوعْد

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفيما يتعلق بالطِيَرة والفال، فأقول:

- ‌القاعدة التاسعة عشرةفي الرؤيا التي تُعْبَرُ من التي لا تُعْبر

- ‌القاعدة العشرون:في تقرير ما يباح من عِشْرة الناس من المكارمة وما يُنهَى عنه مِنْ ذلك

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:في بيان ما يجب النهي عنه من المفاسد وما يَحرُمُ وما يُندَبُ

- ‌القاعدة الثانية والعشرونفى الفرق بين الرياء في العبادات وبين التشريك فيها

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون: فِيما به يكون التفضيل

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:فِيمن يُقَدّم للولاية ومن يتأخر عنها:

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون في الاستغفار

- ‌القاعدة السادسة والعشرون: في معنى الأفضلية والمزية

- ‌القاعدة السابعة والعشرونفي تمييز حقوق الله تعالى عن حقوق العباد

- ‌القاعدة الثامنة والعشرونفي تمييز حقوق الوالدين عن الأجانب

- ‌القاعدة التاسعة والعشرونفيما يُترَكُ من الجهل ولا يواخذُ عليه ممَّا لا

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌جدول بتصويب بعض الأخطاء المطبعية التي وقعت في الجزء الأول من هذا الكتاب

- ‌ترجمة محمد بن قاسم بن محمد بن أحمد بن محمد القوري

- ‌خاتمة

الفصل: ‌القاعدة الرابعة والعشرون:فيمن يقدم للولاية ومن يتأخر عنها:

‌القاعدة الرابعة والعشرون:

فِيمن يُقَدّم للولاية ومن يتأخر عنها:

(284)

إعلم أنه يجب أن يُقَدَّم في كل ولاية من هُو أقْوَمُ بمصالحها على من هو دونه، فيقدَّم في ولاية الحروب من هو أعرفُ بمكايد الحروب وسياسةِ الجيوش

= وتعظيمه من الأزمنة. والبقاع نحو مكة والمدينة وبيت المقدس، وعرفة، والمطاف والمسْعَى ومزدلفة ومِنى، ومَرْمَى الجمار، ومن الأقاليم اليمن، لقوله صلى الله عليه وسلم: الإيمان يماني، والحكمة يمانية، والمغرب، لقوله عليه الصلاة والسلام: "لا تزال طائفة من أهل المغرب قائمين على الحق، لا يضرهم من خذلهم حتى ياتي أمر الله، وهم كذلك. (أي ظاهرون وقائمون على الحق). وَمن الأزمنة، الثلثُ الاخير من الليل، فضَّله الله تعالى بإجابة الدعوات، ومغفرة الزلَّات، وإعطاء السؤال ونيْل الآمال.

وأسباب التفضيل كثيرة، لا أقدر على إحصائها خشيةَ الإسهاب، وإنما بعثني على الوصول فيها إلى هذه الغاية ما أنْكَرَهُ بعض الفضلاء الشافعية على القاضي عياض رحمهُ الله تعالى من قوله: إن الأمة أجْمعتْ على أن البقعة التي ضمتْ أعضاءَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضَلُ البقاع، فقال: الثَّوابُ هو سببُ التفضيل، والعمل ها هنا متعَذِر، فلا ثواب، فكيف يصح هذا الاجماع، وشنَّعَ عليه كثيراً، فأردت أن أبيِّن تعدد الأسباب في ذلك، فبطل ما قاله من الرد على القاضي.

وبلغنى أيضا عن المامون بن الرشيد الخليفة أنه قال: أسباب التفضيل أربعة، وكلها كانت في على رضي الله عنه، فهو أفضل الصحابة، وأخَذَ يَرُدُّ بذلك على أهْل السنة، فأردت أيضا أن أبطل ما ادعاه من الحصْر، ومسائل التفضيل كثيرة بين الصحابة، وبين الأنبياء والملائكة، وهي أشبه بأصول الدين. وهذا الكتاب إنما قصدت فيه ما يتعلق بالقواعد الفقهية خاصة، فلذلك اقتصرت على تفضيل الصلاة، ومكة والمدينة، لأنها من المسائل الفقهية، وأحَلْتُ ما عداها على موضعه، واللهُ الموفق"، انتهى كلام القرافي رحمه الله في هذه القاعدة العشرين في الفرق المائة والثالث عشر (113).

وقد علق الشيخ ابن الشاط على بعض ما جاء عند القرافي في هذه القاعدة العشرين، فقال: قوله "وأمّا تفضيل مكة على المدينة أو المدينة على مكة فبأمور نعلمها وأمورٍ لا نعلمها"، لم يَزدْ على حكاية المذهبيْن، وإيراد الحجج عليهما، ولم يُعَيِّنْ الراجح، وفيه نظرٌ.

ومَا قاله القرافي من أن أسباب التفضيل كثيرة هو كما قال، وقوْلُ من ادعى حصْرَ التفضيل في الثواب غير صحيح كما ذكر، والله أعلم.

وما قاله من قصْدهِ الاختصار على ما يتعلق بالقواعد الفقهية، إن أراد أنه لم يَذْكر إلا ما هو من الفِقه فليس ما ذكره كذلك، وإن أراد أنه ذكر ما هو من الفقه وما يتعلق به بوجْهٍ مَّا فذلك صحيح، والله أعْلمُ.

(284)

هي موضوع الفرق السادس والتسعين بين قاعدة من يتعَيَّنُ تقديمه وبين قاعدة من يتعيّن تاخيره في الولايات والمناصب، والاستحقاقات الشرعية". جـ 2. ص.197.

ص: 507

والصولة على الأعداء، ويقدَّم في القضاء من هو أعرف بالأحكام الشرعية وأشدُّ تفطنا لحِجاج الخصوم وخداعهم، (285)، وكذا أيضا يقدَّم على الأيتام من هو

(285) زاد القرافي هنا قوله: "وهذا معنى قوله عليه الصلاة والسلام: أقضاكم عَلِيٌّ، أيْ هو اشد تفطنا لحِجاج الخصوم وخِدَاع المتحاكمين، وبه يظهر الجمع بينه وبين قوله عليه السلام: أعلَمُكم بالحلال والحرام معاذُ بنُ جبل. فالانساَن قد يكون شديد المعرفة بذلك، وهو يُخْدَع بأيْسَرِ الشبُهات، فالقضاء عبارة عن هذا التفطن، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: "إنَّما أنا بَشَر، وإنكم تختَصِمُون إليَّ، ولعَلْ بعضكم كون ألْحنَ بحجته من بعضٍ فأقضيَ له على نحو ما أسمع، فمن قضَيت له بحق أخيه فإنما أقطع له قطعة من النار، فليأخذها أو ليَتْركها"، فدَلّ ذلك على أن القضاء تبعّ الحجاج وأحوالها، فمن كان لها أشَدَّ تفطنا كان أقضى من غيره، ويقدَّم في القضاء. ويقدَّم في أمانة اليتبم من هو أعلم بتنمية أمْوال اليتامى وتقادير أموال النفقات وأحوال الكوافل والمناظرات عند الحكام عن أموال الأيتام، ويقدَّم في جباية الصدقات من هو أعرف بمقادير النُّصُبِ وأحكام الزكاة من الخُلْطة وغيرها".

قلت: وقد ذكَرَ الإِمام العلامةُ ابن فرحون في كتابه الشهر: (تبصرةِ الحكام في أصول الاقضية ومناهج الأحكام) المواصفات المطلوبة في القاضي، وأوردَها نقلا عن القاضي عياض في كتابه التنبيهات قائلا: وشروط القضاء التي لا يتم القضاء إلا بها، ولا تنعقد الولاية ولا يستدام عقدها إلَّا بها عشرة:

الاسلام، والعقل والذكورية، والحرية، والبلوغ، والعدالة، والعلم، وكونه واحداً، وسلامة حاسة السمع والبصر من العَمى والصَّمَمِ، وسلامةُ اللسانِ من البَكَمِ. فالثمانية الاول هي المشترطَة في صحة الولاية، والثلاثةُ الآخَرُ ليست شرطا في الصحة، لكنْ عَدَمُها يوجب العزل

". ومن ثَمَّ قال الشيخ خليل رحمه الله في مختصره الفقهي المالكي:

باب: أهْلُ القضاء عدل، ذَكَر، فَطِنٌ، مجتهدٌ إن وُجدَ، وإلَّا فأمْثلُ مقلِّدٍ (أي أكملُ مقلد" .... الخ.

وقد جمَعَ الفقيه العلامة القاضي الشهير أبو بكر بن محمد ابن عاصم الغرناطي المالكي، رحمه الله الشروط المطوبة في القاضي، وذلك في منظومته المشهورة والمتداولة بين العلماء في فقه القضاء والمسماة: تحفة الحكام في نُكَتِ العقُودِ والأحكام، فقال:

مُنَفْذٌ بالشرع للأحكام

له نيابَةٌ عن الإِمام

واستُحسِنَتْ في حقه الجزالة

وشَرْطُه التكليف والعدالة

وأن يكون ذَكراً حُراً سَلِم

من فقد رؤية وسمْعٍ وكلِمْ

ويستَحبُّ العلم فيه والورَعْ

مع كونهِ الاصولَ للفقه جَمَعَ

قال شراحها رحمهم الله: المراد بالجزالةِ أصالَة الرأي، والإِتقانُ والإِحكامُ. والعلم مطلوب فيه لا على سبيل الاستحباب فقط، كما قد بتبادرُ من عبارة الناظم، وكما يراهُ بعض الفقهاء الأعلام رحمهم الله، بل العلمُ بالاحكام الشرعية، والفهمُ الدقيق لها، من الشروط الواجبة في القاضي على ما ذكره بعض مشاهير الفقهاء الاعلام كالقاضي عياض، والقاضي أبي بكر ابن العربي المعافرى، والمازني وغيرهم، رحمهم الله، فليرجع إلى الموضوع في محله ومظانه من رغب في زيادة الاطلاع والتوسع في ذلك.

ص: 508

أعرف بمصالحهم، وعلى الإِمامة في الصلاة، (286) وكذا سائر الخُطط، فتقدَّم المرأة في الحضانة على الرجال، لأنها أحسن قياما بالصغير من الرجل. (287)

(286) أيْ مَنْ هو أعرَف بأحكامها، ويُوضح ذلك عبارة القرافي هنا رحمه الله حيث قال:

"ويقَدَّم في الصلاةِ مَن هو أعرفُ بأحكامها وعوارض سَهوها واستخلافها، وغير ذلك من عوارضها ومصالحها حتى يكون المقدم في بابٍ، ربَّما أخّر في باب آخر، كالنساء مقدَّماتٌ في باب الحضانة على الرجال، لأنهن أصبَرُ على أخلاق الصبيان، وأشد شفقة ورأفة، وأخِّرنَ في الإمامة والحروب وغيرها من المناصب، لأن الرجال أقْوَمُ بمصالح تلك الولايات منهن". وقد عقب الشيخ ابن الشاط رحمه الله على هذا الكلام عند القرافي ففال: إن اراد بقوله من هو أقومُ بمصالحها، مَن هو متصِف بالأهلية لذلك وبمَن هو دونه من ليس متصفا بالاهلية لذلك فلا خفاء أنه يجب تقديم المتصف دون غيْره، وان أراد بمن هو أقْوَم بمصالحها من هو اُتم قياماً مع أن من هو دونه مِمنْ له أهلية القيام بها، ففى ذلك نظَرٌ، والأظْهرُ عند التأمل في ذلك أنه لا يجبُ وجوبَ حَتم، تقديمُ الأقْوَم بتلك المصالح، بل يجوز تقْديمُ غَيْرِ الأقْوَم بها، وتَقديمُ الأقْومَ أولى. ودليل ذلك أن المقصودَ بن تلك المصالح حاصل بكل واحد منهما، لأنَّه مُتَّصِفٌ بالأهلية لذلك، فلا وجة لتَعيُّن الْأقومَ إلَّا على وجه الأوْلويةِ خاصةً

الخ.

قلت: ومما يدُلُّ على تقديمِ الأفقه والأصلح في أُمامة الصلاة، قوْلُ النبي صلى الله عليه وسلم: "يَؤمُّ القومَ أقرؤهم لكتاب الله (أيْ أحفظُهُم له)، فإن كانوا في القرآة سواءً فأعلَمُهم بالسُّنَّةِ، (أيْ بما سَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وبَيَّنَهُ لأمته من أحكام الصلاة قولا وفعلا)، فإن كانوا في السُّنَّةِ سواء فأقْدمُهُم هجرةً (أيْ

أقدمهم في الانتقال من مكة إلى المدينة)، وهذا خاص بزمان النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة في عهده، اذ لا هجرة بعد فتح مكة)، فإن كانوا في الهجرة سواءً فأقْدَمُهُم سِنًّا (أي أكبَرُهمْ سِنًّا)، ولا يَؤمَّنَّ الرَّجلُ الرجُلَ في سلطانه (أيْ في خل ولايته، حاكما، كانَ أو إماما راتباً، أو صاحب دار، فلا ينبغي له أن يتقدم للإمامة في الصلاة به أو بمن معه إلا باذنه)، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا باذنه"، أي لا يقعد على بعض الاشياء والأثاث الخاصة بصاحب المنزل كالسرير والاريكة مثَلاً إلْا بإذنه، لأنه من الأدب الموجِبِ للألفة، والسلوكِ المحافظِ على دوام المودة والمحبة وصفاءِ القلوب): أخرجه عن أبي مسعود رضي الله عنه، كل من الايمة: مسلم، وأبُو داود، والترمذي والنَّسائي رحمهم الله.

(287)

تقديم النساء في الحضانة للاطفال والاولاد على الرجال هو موضوع الفرق الثامن والسبعين والمائة بين فاعدة الحضانة يقَدَّم فيها النساء على الرجال، بحلاف جميعِ الولايات يقَدَّم فيها الرجال على النساء)، وهو أن قاعدة الشرع أنه يُقدّم في كلّ موطن وكلّ ولاية من هو أقْوَمُ بمصالحها". جـ 3. ص 205. وهو من الفروق القصيرة عند القرافي، ذكر فيه أمثلة لتلك القاعدة الشرعية، ولم يعلق عليه بشيء، الشيخ ابن الشاط رحمه الله.

ونظرا لأهمية هذا الفرق واختصاره رأيت أن أنقله بتمامه وكماله عن القرافي رحمه الله، كما ذكره، لأنه مما ينير السبيل في تولية الولايات والخُطط الشرعية لمن يولونها، واختيار القائمين عليها، ويوضح أن علماءنا وفقهاءنا كانوا يبينون مقاييسَ شرعية لمن تُسْنَدُ إليهِا وظيفة من الوظائف، يتحقق بما ومن خلالها وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، كما يقال الآن. =

ص: 509

ويقدَّم في الإِمامة الكبرى من كان جامعاً لخصال عظيمة، بها تحصل منه سياسةُ الخَلْق، (288)

= قال القرافي: "قاعدة الشرع أنَّهُ يقَدَّم في كل موطن وكُلِّ ولاية مَن هو أقْوَمُ بمصالحها". فيقدَّم في ولاية الحرب من هو أقوَمُ بمصالح الحروب من سياسة الجيوش ومكايد العدو. ويقدَّم في القضاء من هو أكثر تفطَّناً لحجاج الخصوم وقواعد الاحكام ووجوه الخداع من الناس.

ويقدَّم في الْفَتْوى من هُوَ أنقَلُ (وأتْقَنُ) للأحكام وأشفَقُ على الأمة، وأحْرَصُهُم على إرشادها لحدود الشريعة.

ويقدم في سعاية الماشيةِ وجباية الزّكاة والعمل عليها مَن هو أعرَفُ بأنصبة الزكوات ومقادير الواجب فيها، وأحكام اختلاطها وافتراقها وضَمّ اجناسها.

ويقدَّم في أمانة الحكم من هو أعرف بمقادير النفقات وأهليات الكفالات، وتنمية أموال الايتام والمناضلة عنهم، وكذلك بقية الولايات.

ويقدَّم في الخلافة من هو كامِلُ العلْم، ولدين، وافِرُ العقل والرأى، قوى النفس، شديد الشجاعة، عارف بأهليات الولايات، حريص على مصالح الامة، قرشي من قبيلة النبوة المعظمَة، كامل الحُرمة والهِبة في نفوس الناس.

ولما كانت الحضانة تفتقر إلى وفور الصبر على الاطفال في كثرة البكاء والتضجر في الهيآت العارضة للصبيان، ومزيِد الشفقة والرِّقة الباعثة على الرفق بالضعفاء والرفق بهم، وكانتْ النسوة أتمَّ من الرجال في ذلك كله، قُدِّمْن عليهم، لأن أنفَاتِ الرجال وإبَايةَ نفوسهم، وعُلُو هممهم تمنعُهم من الانسلاك أطوار الصبيان وما يليق بهم من اللطف والمعاملات، وملابسة القاذورات وتحَمُّلِ الدنآتِ، فهذا هو الفرق بين قاعدة الحضانات وغيرها من قواعد الولايات". انتهى كلام القرافي رحمه الله.

(288)

عبارة القرافي هنا: ويظهر لك باعتبار هذا التقرير أن التقديم في الصلاة لا يلزم منه، من حيث هو تقديم في الصلاة، التقديمُ في الإِمامة العظمى، لأن الإِمامة العظمى مشتملة على سياسة الأمة ومعرفة معاقد الشريعة، وضَبْطِ الجبوش، وولاية الأكفاء، وعَزلِ الضعفاء، ومكافحة الأضداد والأعداء، وتصريف الاموال وأخذها من مظانها، وصَرفِها في مستحقاتها، إلى غير ذلك مما هو معروف بالامامة الكبرى. ولهذا أوردَ سؤالاً عن قول عمر لأبي بكر رضي الله عنهما، رضِيَكَ رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا، أفلا نرضاك لدنيانا، إشارة لتقديمه في الصلاة، فجعل عمر رضي الله عته ذلك دليلا على تقديمه رضي الله عنه للإمامة الكبرى، وهذا في ظاهر الحال لا يستقيم، لأنه لا يلزم من التقديم في الصلاة، التقديم في الخلافة".

والجواب عن هذا السؤال من وجوه، إلى آخر ما ذكره القرافي هنا، واختصرة في ايجازه الشيخ البقوري، رحمهما الله.

وقد عقب الشيخ ابن الشاط على هذا بقوله: ما قاله من أنَّ من له أهلية القيام بإمامة الصلاة لا يلزم أن يكون له اهلية القيام بإمامة الخلافة، صحيح".

ص: 510

وعلى هذا يرِد سؤال على قول عمر رضي الله عنه لأبي بكر رضي الله عنه: رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ارتضاك لديننا فكيف لا نرتضيك لدنيانا؟ ! وهذا في ظاهر الحال لا يستقيم، لأنه لا يلزم من التقديم في الصلاة التقديمُ في الخلافة.

والجواب عنه بن وجوه:

الأول ما ذكره بعضُ العلماء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلَم أن أبا بكر رضى الله عنه هو المتعيّن للخلافة، ولم يكن أن يفعلَ ذلك من قِبَلِ نفسه، لأنه عليه السلام يتبع ما أنزل إليه من ربه، وما أنزل عليه في ذلك وحْيٌ يعتمد عليه، فعند ذلك وُكِل الامر فيه إلى الاجتهاد، فكان صلى الله عليه وسلم يشير إلى خلافته بالإِيماء والثناء، كقوله عليه السلام:"يَأبَى اللهُ والمسلمون إلا أبا بكر". فمراد عمر رضي الله عنه أن رسُول الله صلى الله عليه وسلم رضيك لديننا الرضَى الحاضرَ، فيتعين علينا أن نرضاك للخلافة، وليس المراد مطلقَ الرضى.

الثاني أن عمر قصدَ بذلك تسكين الثائرة وردْعَ الأهواء، فذكرَ حجة ظاهرة ليسكن إليها أكثرَ الناس فيندفع الفساد.

الثالث أنَّا نحمل قول عمر رضي الله عنه: - رضِيَكَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لديننا - على ظاهره، ونجعل الإضافة على بابها موجِبةً للعموم، ففهِم عمر رضي الله عنه من إشارته عليه السلام أن الصِّديق رضي الله عنه مَرضيٌّ لجميع حُرُمات الدين، ومن جملة ذلك أحوال الأمة، والنظرُ في مصالح الملة، فإنه من أعظم فروض الكفايات، فهو من الدين، ويكون قوله:"أفلا نرضاك لدنيانا" أي هؤلاء إنما يتنازعون - يعني الأنصار - في أمر رئاسة وعلو وحصول الامر والنهي من قِبلَهم، وهذا أمر دنيوي لا ديني، يكون خسيسا بالنسبة إلى الدين الذي به مصالح الأمة، والله أعلم. (289)

(289) قال ابن الشاط معقبا على هذه الاجوبة عند القرافي: الجوابات لا باس بها، غير ما تَضَمنَهُ الجواب الاخيرُ من الحمل على الأنصار في قوله:"إنما قامُوا في منازعته لطلب العُلُو والرئاسة، وأنهم لما رأوا أنَّ الامر لا يصفو لهم طلبوا الشِركة"، فإن ذلك كله أمر لا يليق بهم، ولا تصح نسبتة لمثلهم، وليس الظن بهم إلا انهم طلبوا ذلك لتحصيل الاجور الحاصلة لمتولى أمر =

ص: 511