المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القاعدة الحادية عشرة:أقرر فيها معنى الجهل ومعنى الغرر حتى يظهر بذلك اختلافهما - ترتيب الفروق واختصارها - جـ ٢

[البقوري]

فهرس الكتاب

- ‌النكاح والطلاق

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها الفرق بين أنكحة الصبيان وطلاقهم

- ‌القاعدة الثانيةأقرِّرُ فيها الفرقَ بين ذوِى الأرحام والعَصَبة حتى كان للعَصَبة الولايةُ في النكاح ولم يكن ذلك لِمَن يُدْلي بجهة الأمّ

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها لِمَ كان الإِخوة في النكاح وميراثِ الولاء وصلاةِ الجنازة يُقَدَّمون على الأجداد، ولِمَ كانوا على السواء في الميراث

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها أن تحريم المصاهَرَة ليس رُتْبةً واحدة، بل هو رُتَبٌ

- ‌القاعدة السابعة

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرِر فها الفرق بين ما يَحْرُم الجمعُ بينهن من النساء وبين ما يجوز الجمعُ بينهن

- ‌القاعدة العاشرة:نقرر فيها ما يُقَرُّ من أنكحة الكفار وما لا يُقَرُّ

- ‌القاعدة الحاديةَ عشْرةَ:لِمِ كان للرجل أن يتزوج الإماء التي لغيره عند شرط ذلك، ولم يكن للمرأة الحرّة أن يتزوجها عبد لغيرها، ولا للرجل أن يتزوج إماءه، ولا للنساء أن يتزوجن عبيدهن

- ‌القاعدة الثانية عشرة:لِمَ وقع الحَجْرُ على النِّساء في الأبضاع ولم يقع الحَجْرُ عليهن في الأموال

- ‌القاعدة الثالثة عشرةأقرر فيها ما به ينعقد النكاح، وأنه يخالف البيع فيما يُشترط فيه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:لِمَ كان الثمنُ في البيع يتقرَّر بالعقد، والصَّداقُ في النكاح لا يتقرر بالعقد؟ ، هذا على قول، فإنه قد قيل: يتقرر بالعقد، وقيل أيضًا: يتقرّر النصف بالعقد

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها الفرق بين المتداعيين شيئًا، لا يقدّمُ أحدُهما على الآخر إلا بحجة ظاهرة وبين المتداعيين من الزوجين في متاع البيت يقدّمُ كل واحد منهما فيما يُشبِهُ أن يكون له

- ‌القاعدة السابعة عشرة:أقرر فيها الفرق بين الوكالة والولاية في النكاح

- ‌القاعدة الثامنة عَشرة:أقرر فيها الصريح من الطلاق وغير الصريح فأقول

- ‌القاعدة التاسعة عشرة:أُقرر فيها ما يُشترَط في الطلاق من النية وما لا يُشْترَط

- ‌القاعدة العشرون:في الفرق بين قاعدة التصرفِ في المعدوم الذي يمكن أن يتقرر في الذمة وبين ما لا يمكن أن يتقرر في الذمة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون:لِمَ كان قرْءٌ واحد يكفي في الاستبراء، وشهر واحد لمن لا تحيض لا يكفي في الاستبراء فلابد من ثلاثة أشهر، وثلاثةُ أشهر إنما جُعِلَتْ مكانَ ثلاثة قروءٍ

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرر فيه الفرق بين خيار التمليك في الزوجات وتخيير الإِمَاء في العتق حتى كان يَلزم في الزوجات ولا يَلزم في الإماء

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:في الفرق بين التخْيير والتمليك

- ‌النفقة

- ‌قواعد البيوع

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها أين يصح اجتماع العوضين لشخص واحدٍ، وأيْن لا يصح

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها الفرق بين من مَلَك أن يَمْلِكَ، هلْ يُعَدُّ مالكا أم لا، وبيْن من انعقد له سبب مطالبةِ التمليك، هل يُعَدُّ مالِكاً أمْ لا (8 م)

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها الفرق بين النقل والإِسقاط

- ‌القاعدة الرابعة:أقرر فيها بيان ما يَقبل المِلك من الأعيان والمنافع مما لا يقبله

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يجوز بيعه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة:في بيانِ ما تُؤَثِّر فيه الجهالةُ والغرَرُ مما لا تؤَثِّرُ

- ‌القاعدة الثامنة:أبين فيها ما يجوز بيعه على الصفة وما لا يجوز

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرر فيها ما به يجوز بيع الربوي بجنسه وما به لا يجوز

- ‌القاعدة العاشرة:أقرر فيها ما يدخله ربا الفضل وما لا يدخله

- ‌القاعدة الحادية عشرة:أقرّرُ فيها معنى الجهل ومعنى الغرر حتى يظهر بذلك اختلافهما

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:نُقَرر فيها ما يجوز اجتماعه مع البيع وما لا يجوز

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:أقررُ فيها ما يتعين من الأَشياءوما ل يتعين في البيع ونحوه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:أقرر فيها ما يجوز بيعه قبل قبضه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها ما يتْبَعُ العقدَ عُرفا ومالَا

- ‌القاعدة السابعةَ عشْرةَ:أقرر فيها ما يجوز به السَّلَمُ ويصح

- ‌القاعدة الثامنة عشرة في الصلح

- ‌القاعدة التاسِعة عشرة:في تقرير حكم الأهوية وتقرير حكم ما تحت الأبنيَّة

- ‌القاعدة العشرون:أقرر فيها ما معنى الذمة وما معْنَى أهلية المعاملة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:أقرر فيها ما معنى المِلْكِ وما معْنَى التصرف

- ‌القاعدة الثالثة: والعشرون:أقرر فيها ما مصلحته من العقود في اللزوم وما مصلحته عدم اللزوم

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرِر فيها ما يُمنَع فيه الجهالةُ وما يُشترَطُ فيه الجهالة بحيث لو فقِدت فَسَد

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:أقرر فيها ما يَثْبُتُ في الذمم وما لَا

- ‌الإِجارة

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها ما يملك من المنفعة بالاجارة وبيْن (1) ما لا يُملَكُ منها بالإِجارة

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها ما للمستاجِر أخْذُهُ من ماله بعد انقضاء الإجارة مِمّا ليس له أخْذُه

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها ما يضمنه الأُجَرَاءُ عند الهلاك مما لا يضمنونه

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يُضمَن بالطرح من السفن وما لا يُضْمَن

- ‌القاعدة السادسة:في الفرق بين الإِجارة والرزق، (14 م)

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين تمليك الانتفاع وتمليك المنفعة

- ‌الضمان

- ‌القاعدة الأولى:نقرر فيها ما بِهِ يكون الضمان

- ‌القاعدة الثانية: فيما يتعلق بالصائِل

- ‌القاعدة الثانية: ما يجوز التوكيل فيه مما لا يجوز

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بين الأملاك الناشئة عن الإِحياء وبين الاملاك الناشئة عن غَير الإِحياء

- ‌القاعدة الرابعة:في تقرير ما يوجبُ استحقاقُ بعضه إبطالَ العقد في الكُلِّ ممّا لَا

- ‌القاعدة السادسة: لِتمييز ما يُرَدُّ من القراض الفاسد إلى أجْرة المثل ممّا يُرَد إلى قراض المثل

- ‌القاعدة السابعة:في تقرير ما يُرَدُّ إلى مساقاة المثل ممّا يُرَدُّ إلى أجرة المِثْلِ منها

- ‌القاعدة الثامنة: في تقرير الإِقرار الذي يَقبَل الرجوعَ عنه وتمييزِه عما لا يَقبَل الرجوعَ عنه

- ‌الدعاوى والشهادات

- ‌القاعدة الأولى: في تمييز الدعوى الصحيحة من الدعوى الباطلة

- ‌القاعدة الثانية:في تمييز المدَّعي من المدعَى عليه

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بيْن ما يحتاج للدعوى وبين ما لا يحتاج إليها

- ‌القاعدة الرابعة: في تقرير اليد المعتبَرة المرجِّحة لقول صاحبها

- ‌القاعدة الخامسة: في تقرير ما تجب إجابة الحاكم فيه إذا دُعِي إليه ممّالا تجب

- ‌القاعدة السادسة: في الفرق بين قاعدة ما يُشْرَع فيه الحَبْسُ وبين قاعدة ما لا يُشَرع

- ‌القاعدة السابعة: في تقرير من يَلْزَمه الحلف

- ‌القاعدة الثامنةفي تمييز المعصية التي هي كبيرة مانعةٌ من قَبول الشهادة من التي ليست كذلك

- ‌القاعدة التاسعة: في تقرير التهمة التي ترَدُّ بها الشهادة بعد العدالة من التيلا تُرَد بها الشهادة

- ‌القاعدة العاشرة: في ذِكر ما يَصْلُحُ أن يكون مستنَداً للشهادات

- ‌القاعدة الحادية عشرة: في تقرير ما هو حُجَّةٌ عند الحكام

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في تقرير ما يقع به الترجيح في البينات عند التعارض

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في تقرير ما اعتُبر من الغالبِ وما أُلغي من الغالب

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:في تمييز ما يصح الإِقراع فيه ممّا لا

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في كيفِيةِ أداء الشاهِدِ شهادتَه عند القاضي

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في الفرق بين الفتوى والحكم

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفي تمييز ما تُشترَطُ فيه العدالة مِمَّا لا تُشترَط فيه

- ‌القاعدة التاسعة عشرة: في ضَمِّ الشهادات

- ‌كتاب الحدود وما في معناها

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير (*) ما هو شُبْهةٌ يُدْرَأُ بهَا الحدُّ ممَّا لا

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين القذف يقع بين الزوجين، وبين الأجانب

- ‌القاعدة الثالثة:أقرَرُ فيها الفرقَ بين الحدِّ والتعزيز

- ‌القاعدة الرابعة:في الفرق بين الحصانة لا تعود بالعدالة، والفسوقِ يعود بالجناية

- ‌القاعدة الخامسة: في القصاص

- ‌القاعدة السادسة:نقرْ الفرق بين المسكرات والمفسدات والمرقِّدات (46 م)، فنقول:

- ‌الفرائض

- ‌القاعدة الأولىفي تقرير ما ينتقل إلى الأقارب من الأحكام

- ‌القاعدة الثانيةفي تقرير الفرق بين أسباب التوارث وأجزاء أسبابها العامة والخاصة

- ‌القاعدة الثالثةفي تقرير أسباب التوارث وشروطِهِ وموانعه

- ‌الجامع

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير ما يحرم من البِدع ويُنْهَى عنها ممَّا ليس كذلك

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين ما هو من الدعاء كُفْرٌ وبين ما ليس بكفر

- ‌القاعدة الثالثة:في انقسام مَا ليس بكفر من الدَّعاءِ إلى مُحرَّم وغيرِ مُحرَّم

- ‌القاعدة الرابعة:في تمييز ما يُكْره من الدعاء مما ليس بمكروه

- ‌القاعدة الخامسة:في تمييز ما يجب تعلُّمُه من النجوم ممَّا لا يجب

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين الحسد والغبطة

- ‌القاعدة الثامنة:في الفرق بين التكبر والتجمل بالملابس، وبين الكِبْر والعُجْب

- ‌القاعدة التاسعةفي تقرير المداهنة الجائزة وتمييزِها عن التي لا تجوز

- ‌القاعدة العاشرة:في تمييزِ المعصية التي هي كفر عن المعصية التي ليست كفْراً

- ‌القاعدة الحاديةَ عشرةَ:في تقرير معْنَى الزهد

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في التوكل

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في الكلام على الرضَى بالقضاء

- ‌القاعدة الرابعة عشرةفي تمييز المكَفِّرات عن أسباب المثوبات

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في تمييز الخوف من غير الله الذي لا يحْرُم من الذي يحرم منه

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في تقرير ما يَلزَم الكفار إذا أسلم وما لا يَلزمه

- ‌القاعدة السابعة عشرة:في الكذِب وفي الوعد وفي خُلْف الوعْد

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفيما يتعلق بالطِيَرة والفال، فأقول:

- ‌القاعدة التاسعة عشرةفي الرؤيا التي تُعْبَرُ من التي لا تُعْبر

- ‌القاعدة العشرون:في تقرير ما يباح من عِشْرة الناس من المكارمة وما يُنهَى عنه مِنْ ذلك

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:في بيان ما يجب النهي عنه من المفاسد وما يَحرُمُ وما يُندَبُ

- ‌القاعدة الثانية والعشرونفى الفرق بين الرياء في العبادات وبين التشريك فيها

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون: فِيما به يكون التفضيل

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:فِيمن يُقَدّم للولاية ومن يتأخر عنها:

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون في الاستغفار

- ‌القاعدة السادسة والعشرون: في معنى الأفضلية والمزية

- ‌القاعدة السابعة والعشرونفي تمييز حقوق الله تعالى عن حقوق العباد

- ‌القاعدة الثامنة والعشرونفي تمييز حقوق الوالدين عن الأجانب

- ‌القاعدة التاسعة والعشرونفيما يُترَكُ من الجهل ولا يواخذُ عليه ممَّا لا

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌جدول بتصويب بعض الأخطاء المطبعية التي وقعت في الجزء الأول من هذا الكتاب

- ‌ترجمة محمد بن قاسم بن محمد بن أحمد بن محمد القوري

- ‌خاتمة

الفصل: ‌القاعدة الحادية عشرة:أقرر فيها معنى الجهل ومعنى الغرر حتى يظهر بذلك اختلافهما

والقياس في هذا الباب قياسُ شبَهٍ، وهذا هو قول القاضي أبي بكر الباقلاني، فلذلك لم يُلحِق بما ذُكر في الحديثَ إلا الزبيبَ، كأنه من باب لا فارقَ وهو قياسُ المعنَى، وهو غير قياس الشبه وقياسِ العلة.

‌القاعدة الحادية عشرة:

أقرّرُ فيها معنى الجهل ومعنى الغرر حتى يظهر بذلك اختلافهما

. (52).

إعلَمْ أن العلماء يستعملون أحد المعنَييْن مكانَ الْآخَر. وأصْلُ الغرر هو الذي لا يُعرَف، هل يَحْصُلُ أولا، (53) كالطير في الهواء، أو السمكِ في الماء، وأمّا ما عُلِم حصولُه وجُهِلت صفته، فهو المجهول كبيعه ما في كُمِّه، فهو محصَّل قطعا، لكن لا يُعرَف أيُّ شيء هو. فالغرر والمجهول، كلُّ واحدٍ منهما أعم من الآخر من وجه، وأخصُّ منه من وجه، يوجَدُ كل واحد منهما مع الآخر وبِدونه.

وأما وجودُ الغرر بدون الجهالة فكشراء العبد الآبِقِ. المعلوم قَبْلَ الإباق، والجهالةُ بدون الغرر كشرِاء حجَر يَراهُ، لا يُعرف أزُجَاجٌ هو أو ياقوت، فمشاهدتُهُ تقتضي القطع بحصوله، فلا غرر، وعدمُ معرفته يقتضي الجهالة، وأما اجتماعهما فكالعبد الآبق المجهول الصفةِ قبْل الإِباق.

ثم الغرر والجهالة يقعان في سبعة أشياء: في الوجود كالآبق، والحصولِ - وإن علم الوجودُ- كالطير في الهواء، وفي الجِنس كسلعة يسميها، وفي النوع كعبدٍ لم يُسَمِّه، وفي المقدار كالببح إلى مبْلغ رمْي الحصاة، وفي التعْيين كثوبٍ من ثوبيْن مختلِفَيْن، وفي البقاء كالثمار قبل بُدُوِّ صلاحها.

(52) هي موضوع الفرق الثالث والتسعين والمائة بين قاعدة المجهول وقاعدة الغرر"

جـ 3. ص 256. لم يعلق عليه ابن الشاط بشيء.

(53)

عرفه المازري بقوله: بيعُ الغرر هو ما تَرَدَّدَ بين السلامة والعطَب، وهو من الامثلة التي ذكرها الشيخ خليل رحمه الله لفساد المهنى عنه، من عقد أو عمل حين قال: "وفسَدَ منهي عنه إلَاّ لدليلِ، كحيوان بلحم جنسه إن لم يُطبخ، أوِ بما لا تطُول حياته أوْ لا منفعةَ فيه، وكبيع الغرر، مثل بيع سلعة بقيمتها

ثم قال: واغتفِرَ غرَرٌ يَسيرٌ للحاجة، لم يُقْصَدْ".

ص: 128

ثم الغرر والجهالة ثلاثة أقسام: كثير، ممتنعٌ إجماعا، كالطير في الهواء، وقليلٌ، جائز إجماعا، كأساس الدار، ومتوسطٌ اختلف فيه، هل يُلحق بالقليل أو الكثير، فلِارتفاعه عن القليلِ أْلْحِق بالكثير، ولانحطاطه عن الكثير أْلْحِق بالقليل.

فائدة: قال أبو الفضْل عياض: الغَرَرُ مالَه ظاهرٌ محبوب وباطِنٌ مكروه، ومنه سُمّيتْ الدنيا متاعَ الغرور. (53 م). وقد يكون من معنى الخديعة، ومنه قيل للرجل الخَدَّاع: غِرٌّ بكسر الغيْن، ويقال للرَّجُلِ المخدوع أيضا، ومنه قوله عليه السلام:"المُومِن غِرٌّ كريم". (54).

القاعدة الثانيةَ عشرة:

أقرِّرُ فيها خيار المجلس وخيار الشرط، (55) فأقولُ:

خِيارُ الشرط عارضٌ للبيع، يَحْصُلُ عند اشتراطه وينتفي عند انتفاء شرطه، بخلاف خيار المجلس عند من يقول به، فإنه يقول: هو من خواص البيعِ وما في معناه من غير شرط، بل من لوازمه.

واعْلَمْ أن الأصل في العقود، اللزُومُ، (56) لأن العقود أسبابٌ لتحصيل المقاصِدِ من الأعيان، والأصل تَرَتُّبُ المسبَّبات على أسبابها، فلهذا لا نقول بخيار المجلس، لأنه جاء على غير الأصل، خلافا لابن حنبل والشافعي، فإنهما قالا بخيار

(53 م) ومنهُ الآية الكريمة 183 من سورة آل عمران: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} .

(54)

أخرجه أبو داود والترمذي والحاكم عن أَبَي هريرة رضي الله عنه: "المومن غِرٌّ كريم، والفاجر خَبٌّ لئيم". أيّ إِنَّ المومن يكون حَسَنَ النية، ويُصَدِّق بالفطرة ما يسمع أو يقال له، وتنطوي نفسه على الكرم والمسَاحْة في: حْال المعاملة، بينما الفاجر مخادِع لئيم محتال في أقواله وأعماله، والعياذ بالله من ذلك.

(55)

هي موضوع الفرق السادس والتسعين والمائة بين قاعدة خيار المجلس وقاعدة خيار الشرط. جـ 3. 269. علق عليه ابن الشاط في أوله بقوله: ما قاله حكايةُ قولٍ ولا كلام في ذلك.

(56)

قال ابن الشاط: يقال بموجب ذلك الاصل بعد خيار المجلس لا قَبْلَهُ".

ص: 129

المجلس حتى يفْترقَا أو يختارا الإِمضاءَ، حكاه أَبو الطاهر عن ابن حبيب مِنَّا، وكذا

كل شيء هو في معنى البيع كالإِجارَة والصرف والسَّلَم والقِسمة.

واحتجّ الشافعي بقوله عليه الصلاة والسلام: "المتعاقدان بالخيار ما لم يفترقا (57) .. " الحديث.

ولأصحابِنا الجوابُ عنه من وجوه: (58)

منها أن قالوا: المراد بالمتبايعَيْن، المشتغِلار بالبيع، والافتراقُ، المراد به بالأقوال. والشافعي يقول: المتبايِعان، الرادُ به الذي صدر منهما التبايُعُ، والافتراقُ عنده بالأجسام، فهُو حمَلَ الافتراق على المعنى الحقيقي، من حيث إنه حمله على الأجسام، ونحن حملناه على المعنى المجازى الذي هو بالأقوال.

ثم إنَّا نحن قضينا بالمتبايَعين على حالة التبايع، وذلك الأصل في اسم الفاعل، وهو حَمَلهُ على الماضي، وذلك مجاز، فليس ترجيح أحد التاويلين على الآخر بأوْلى من العكْس، فيكون مجمَلا، ويَسقُطُ به الاستدلال.

(57) حديث صحيح متفق عليه بين الشيخين: البخاري ومسلم، وأخرجه غيرهما. وتمامُه كما أورده القرافي:"إلا بِبَيْعِ خِيارٍ أو يقُولُ أحدهما للآخر: إختر".

ونصُّهُ عن حكيم بن حزَام رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: البيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صَدَقا وبَيَّتَا بورك لهما في بيعهما، وإن كَذَبا وكتَمَا مُحقَتْ بركة بيعهما". والبيِّعان بفتح الباء وتشديد الياء المكسوة تثنية بيَّع كقَيّم، يُراد بهما البائع والمشتري. وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كلَ بيِّعيْن لابيعَ بيهما حتى يتفرقا، إلَا بيعَ الخيار"، أيْ إلا إذا اشترط أحدهما خيار ثلاثة أيام، وهذا خيار الشرط، حيث يشترط الشخص شيئا على أن يكون له الخيار مدة معلومة في إنفاذ البيع أو إلغائه خلالها. وعنه أيضا: "إذا تبايعَ الرجُلَاِن فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعا، أو يخيِّرْ أحدُهما الآخَر فتبايعا على ذلك، فقد وجب البيع"، حديث صحيح متفق عليه.

علق ابن الشرط على احتجاج الشافعي بهذا الحديث فقال: تلك حجة قوية، والعادةُ -غالبا- ألا يطول مجلس المتبايعين طولا يُفَوِت المقصودَ من العوضين. كيف وقد قال صلى الله عليه وسلم:"أو يقول أحدهما للآخَرَ: إختَرْ (أي إختَرْ الإمضاء".

(58)

ذكر القرافي أنها عشرة أجوبة، اقتصَر البقوري على بعضها إيجازاً واختصارا.

ص: 130

قلت: بل هو مَجَازٌ على التبايع ومجاز على الافتراق، كما قلت من حيث إن إطلاق المتبايعيْن على المتساوِمَيْن مجاز، وإطلاقُه على من أبرمَ العقد حقيقة.

قال شهاب الدين: ومنها قوله عليه السلام في بعض الطرق، في أبي داود والدارقطني:"المتبايعان، كُلُّ واحد منها بالخيار ما لم يتفرقا، إلَّا أن يكون (البيع) صفقةَ خيارٍ، ولا يحِلُّ له أن يفارق صاحبه خشيةَ أن يستقيله"، ولو كان خيار المجلس مشروعاً ومالَمْ يُحتَجْ للإِقالة. (59).

ومنها عمَلُ أهل المدينة، وهو مقدَّم على خبر الواحد. (60)

قال شهاب الدين: ونذكر وجْهاً آخر ندعي الدلالة للخبر على بطلان خيار المجلس، (61) عكس ما تدعيه الشافعية، وذلك مَبْنيٌّ على ثلاث قواعد (62):

(59) قال ابن الشاط هنا معلقا على هذا الكلام عند القرافي: لا دلالة للفظ الإقالة على بطلان خيار المجلس، إنما هي بالضِّمْن لا بالصريح، على تقدير أن لفظ الإقالة حقيقة لامجاز، ويلزم عن ذلك مخالفة آخر الكلام أولَه، فإن أول الكلام يقتضي صريحاً ثبوت خيار المجلس، ويلزم عن ذلك أيضا أن مقتضَى الحديث التاكيدُ لما هو مقرر من أن المتبايعَيْن أو المتساومين بالخيار، وذلك مرجوح، فإن. حمل كلام الشارع على التأسيس إِذا احتمله أولى، ويلزمُ عن ذلك أيضا عدم الفائدة في الاستثناء بقوله:"إلا أن تكون صفقةَ خيار"، فإنَّهُ لا شك أن المتساومين أو المعتادين للبيع والابتياع، ما لم يقع العقد بينهما، بالخيار فى كل حال من أحوالهما، وفي صفقة الخيار وغيرها. ثم زاد ابن الشاط فقال: وبالجملة، ففي حمل لفظِ المتبايعَيْن على المجاز وحمل لفظ الإِقالة على الحقيقة، ضروب من ضَعف الكلام وتعارُضِه وعدم الفائدة، وكل ذلك غير لا ئق بفصاحة صاحِبِ الشرع. وفي حمل الاقالة على المجاز وأن المراد با اختيار الفسخ، وحمْل المتبايعين على المتعاقديْن، قوة الكلام واستقامته، وثبوتُ فائدته، والله تعالى أعلمُ.

(60)

علق ابن الشاط على هذا الوجه من وجوه الاحتجاج للمالكية عند القرافي بقوله: ليس للمالكية كلام يقْوىَ، غيرُ هذا، فإذا ثبتَ عملُ أهْلِ المدينة رجَح على خبر الواحد، والله تعالى أعلم.

(61)

هكذا في نسختين ع، وت، ندَّعي بالنون، وفي نسخة ح: ويذكر وجها آخر يدعي، بياء المضارعة في الفعلين معا، ولعل ما في العبارة الاولى بالنون أولى وأنسب، كما هو واضح عند القرافي حيث قال: .. ثم نذكر وجها حَادي عشر يقتضي الدلالة بالخبر على بطلان خيار المجلس، عكس ما تدعيه الشافعية، وذلك مبني على ثلاث قواعد

(62)

وقد علق الشيخ ابن الشاط على هذا الوجه الحادي عشر وما تفرع عنه من القواعد الثلاث عند شهاب الدين القرافي بقوله: ما قاله في ذلك لا يصح، لأنه مبني على القاعدة الاولى وهي فاسدة، فكل ما بُنيَ عليها فاسد، والله أعلم. =

ص: 131