المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها ما يضمنه الأجراء عند الهلاك مما لا يضمنونه - ترتيب الفروق واختصارها - جـ ٢

[البقوري]

فهرس الكتاب

- ‌النكاح والطلاق

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها الفرق بين أنكحة الصبيان وطلاقهم

- ‌القاعدة الثانيةأقرِّرُ فيها الفرقَ بين ذوِى الأرحام والعَصَبة حتى كان للعَصَبة الولايةُ في النكاح ولم يكن ذلك لِمَن يُدْلي بجهة الأمّ

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها لِمَ كان الإِخوة في النكاح وميراثِ الولاء وصلاةِ الجنازة يُقَدَّمون على الأجداد، ولِمَ كانوا على السواء في الميراث

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها أن تحريم المصاهَرَة ليس رُتْبةً واحدة، بل هو رُتَبٌ

- ‌القاعدة السابعة

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرِر فها الفرق بين ما يَحْرُم الجمعُ بينهن من النساء وبين ما يجوز الجمعُ بينهن

- ‌القاعدة العاشرة:نقرر فيها ما يُقَرُّ من أنكحة الكفار وما لا يُقَرُّ

- ‌القاعدة الحاديةَ عشْرةَ:لِمِ كان للرجل أن يتزوج الإماء التي لغيره عند شرط ذلك، ولم يكن للمرأة الحرّة أن يتزوجها عبد لغيرها، ولا للرجل أن يتزوج إماءه، ولا للنساء أن يتزوجن عبيدهن

- ‌القاعدة الثانية عشرة:لِمَ وقع الحَجْرُ على النِّساء في الأبضاع ولم يقع الحَجْرُ عليهن في الأموال

- ‌القاعدة الثالثة عشرةأقرر فيها ما به ينعقد النكاح، وأنه يخالف البيع فيما يُشترط فيه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:لِمَ كان الثمنُ في البيع يتقرَّر بالعقد، والصَّداقُ في النكاح لا يتقرر بالعقد؟ ، هذا على قول، فإنه قد قيل: يتقرر بالعقد، وقيل أيضًا: يتقرّر النصف بالعقد

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها الفرق بين المتداعيين شيئًا، لا يقدّمُ أحدُهما على الآخر إلا بحجة ظاهرة وبين المتداعيين من الزوجين في متاع البيت يقدّمُ كل واحد منهما فيما يُشبِهُ أن يكون له

- ‌القاعدة السابعة عشرة:أقرر فيها الفرق بين الوكالة والولاية في النكاح

- ‌القاعدة الثامنة عَشرة:أقرر فيها الصريح من الطلاق وغير الصريح فأقول

- ‌القاعدة التاسعة عشرة:أُقرر فيها ما يُشترَط في الطلاق من النية وما لا يُشْترَط

- ‌القاعدة العشرون:في الفرق بين قاعدة التصرفِ في المعدوم الذي يمكن أن يتقرر في الذمة وبين ما لا يمكن أن يتقرر في الذمة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون:لِمَ كان قرْءٌ واحد يكفي في الاستبراء، وشهر واحد لمن لا تحيض لا يكفي في الاستبراء فلابد من ثلاثة أشهر، وثلاثةُ أشهر إنما جُعِلَتْ مكانَ ثلاثة قروءٍ

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرر فيه الفرق بين خيار التمليك في الزوجات وتخيير الإِمَاء في العتق حتى كان يَلزم في الزوجات ولا يَلزم في الإماء

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:في الفرق بين التخْيير والتمليك

- ‌النفقة

- ‌قواعد البيوع

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها أين يصح اجتماع العوضين لشخص واحدٍ، وأيْن لا يصح

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها الفرق بين من مَلَك أن يَمْلِكَ، هلْ يُعَدُّ مالكا أم لا، وبيْن من انعقد له سبب مطالبةِ التمليك، هل يُعَدُّ مالِكاً أمْ لا (8 م)

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها الفرق بين النقل والإِسقاط

- ‌القاعدة الرابعة:أقرر فيها بيان ما يَقبل المِلك من الأعيان والمنافع مما لا يقبله

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يجوز بيعه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة:في بيانِ ما تُؤَثِّر فيه الجهالةُ والغرَرُ مما لا تؤَثِّرُ

- ‌القاعدة الثامنة:أبين فيها ما يجوز بيعه على الصفة وما لا يجوز

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرر فيها ما به يجوز بيع الربوي بجنسه وما به لا يجوز

- ‌القاعدة العاشرة:أقرر فيها ما يدخله ربا الفضل وما لا يدخله

- ‌القاعدة الحادية عشرة:أقرّرُ فيها معنى الجهل ومعنى الغرر حتى يظهر بذلك اختلافهما

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:نُقَرر فيها ما يجوز اجتماعه مع البيع وما لا يجوز

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:أقررُ فيها ما يتعين من الأَشياءوما ل يتعين في البيع ونحوه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:أقرر فيها ما يجوز بيعه قبل قبضه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها ما يتْبَعُ العقدَ عُرفا ومالَا

- ‌القاعدة السابعةَ عشْرةَ:أقرر فيها ما يجوز به السَّلَمُ ويصح

- ‌القاعدة الثامنة عشرة في الصلح

- ‌القاعدة التاسِعة عشرة:في تقرير حكم الأهوية وتقرير حكم ما تحت الأبنيَّة

- ‌القاعدة العشرون:أقرر فيها ما معنى الذمة وما معْنَى أهلية المعاملة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:أقرر فيها ما معنى المِلْكِ وما معْنَى التصرف

- ‌القاعدة الثالثة: والعشرون:أقرر فيها ما مصلحته من العقود في اللزوم وما مصلحته عدم اللزوم

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرِر فيها ما يُمنَع فيه الجهالةُ وما يُشترَطُ فيه الجهالة بحيث لو فقِدت فَسَد

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:أقرر فيها ما يَثْبُتُ في الذمم وما لَا

- ‌الإِجارة

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها ما يملك من المنفعة بالاجارة وبيْن (1) ما لا يُملَكُ منها بالإِجارة

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها ما للمستاجِر أخْذُهُ من ماله بعد انقضاء الإجارة مِمّا ليس له أخْذُه

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها ما يضمنه الأُجَرَاءُ عند الهلاك مما لا يضمنونه

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يُضمَن بالطرح من السفن وما لا يُضْمَن

- ‌القاعدة السادسة:في الفرق بين الإِجارة والرزق، (14 م)

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين تمليك الانتفاع وتمليك المنفعة

- ‌الضمان

- ‌القاعدة الأولى:نقرر فيها ما بِهِ يكون الضمان

- ‌القاعدة الثانية: فيما يتعلق بالصائِل

- ‌القاعدة الثانية: ما يجوز التوكيل فيه مما لا يجوز

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بين الأملاك الناشئة عن الإِحياء وبين الاملاك الناشئة عن غَير الإِحياء

- ‌القاعدة الرابعة:في تقرير ما يوجبُ استحقاقُ بعضه إبطالَ العقد في الكُلِّ ممّا لَا

- ‌القاعدة السادسة: لِتمييز ما يُرَدُّ من القراض الفاسد إلى أجْرة المثل ممّا يُرَد إلى قراض المثل

- ‌القاعدة السابعة:في تقرير ما يُرَدُّ إلى مساقاة المثل ممّا يُرَدُّ إلى أجرة المِثْلِ منها

- ‌القاعدة الثامنة: في تقرير الإِقرار الذي يَقبَل الرجوعَ عنه وتمييزِه عما لا يَقبَل الرجوعَ عنه

- ‌الدعاوى والشهادات

- ‌القاعدة الأولى: في تمييز الدعوى الصحيحة من الدعوى الباطلة

- ‌القاعدة الثانية:في تمييز المدَّعي من المدعَى عليه

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بيْن ما يحتاج للدعوى وبين ما لا يحتاج إليها

- ‌القاعدة الرابعة: في تقرير اليد المعتبَرة المرجِّحة لقول صاحبها

- ‌القاعدة الخامسة: في تقرير ما تجب إجابة الحاكم فيه إذا دُعِي إليه ممّالا تجب

- ‌القاعدة السادسة: في الفرق بين قاعدة ما يُشْرَع فيه الحَبْسُ وبين قاعدة ما لا يُشَرع

- ‌القاعدة السابعة: في تقرير من يَلْزَمه الحلف

- ‌القاعدة الثامنةفي تمييز المعصية التي هي كبيرة مانعةٌ من قَبول الشهادة من التي ليست كذلك

- ‌القاعدة التاسعة: في تقرير التهمة التي ترَدُّ بها الشهادة بعد العدالة من التيلا تُرَد بها الشهادة

- ‌القاعدة العاشرة: في ذِكر ما يَصْلُحُ أن يكون مستنَداً للشهادات

- ‌القاعدة الحادية عشرة: في تقرير ما هو حُجَّةٌ عند الحكام

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في تقرير ما يقع به الترجيح في البينات عند التعارض

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في تقرير ما اعتُبر من الغالبِ وما أُلغي من الغالب

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:في تمييز ما يصح الإِقراع فيه ممّا لا

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في كيفِيةِ أداء الشاهِدِ شهادتَه عند القاضي

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في الفرق بين الفتوى والحكم

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفي تمييز ما تُشترَطُ فيه العدالة مِمَّا لا تُشترَط فيه

- ‌القاعدة التاسعة عشرة: في ضَمِّ الشهادات

- ‌كتاب الحدود وما في معناها

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير (*) ما هو شُبْهةٌ يُدْرَأُ بهَا الحدُّ ممَّا لا

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين القذف يقع بين الزوجين، وبين الأجانب

- ‌القاعدة الثالثة:أقرَرُ فيها الفرقَ بين الحدِّ والتعزيز

- ‌القاعدة الرابعة:في الفرق بين الحصانة لا تعود بالعدالة، والفسوقِ يعود بالجناية

- ‌القاعدة الخامسة: في القصاص

- ‌القاعدة السادسة:نقرْ الفرق بين المسكرات والمفسدات والمرقِّدات (46 م)، فنقول:

- ‌الفرائض

- ‌القاعدة الأولىفي تقرير ما ينتقل إلى الأقارب من الأحكام

- ‌القاعدة الثانيةفي تقرير الفرق بين أسباب التوارث وأجزاء أسبابها العامة والخاصة

- ‌القاعدة الثالثةفي تقرير أسباب التوارث وشروطِهِ وموانعه

- ‌الجامع

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير ما يحرم من البِدع ويُنْهَى عنها ممَّا ليس كذلك

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين ما هو من الدعاء كُفْرٌ وبين ما ليس بكفر

- ‌القاعدة الثالثة:في انقسام مَا ليس بكفر من الدَّعاءِ إلى مُحرَّم وغيرِ مُحرَّم

- ‌القاعدة الرابعة:في تمييز ما يُكْره من الدعاء مما ليس بمكروه

- ‌القاعدة الخامسة:في تمييز ما يجب تعلُّمُه من النجوم ممَّا لا يجب

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين الحسد والغبطة

- ‌القاعدة الثامنة:في الفرق بين التكبر والتجمل بالملابس، وبين الكِبْر والعُجْب

- ‌القاعدة التاسعةفي تقرير المداهنة الجائزة وتمييزِها عن التي لا تجوز

- ‌القاعدة العاشرة:في تمييزِ المعصية التي هي كفر عن المعصية التي ليست كفْراً

- ‌القاعدة الحاديةَ عشرةَ:في تقرير معْنَى الزهد

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في التوكل

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في الكلام على الرضَى بالقضاء

- ‌القاعدة الرابعة عشرةفي تمييز المكَفِّرات عن أسباب المثوبات

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في تمييز الخوف من غير الله الذي لا يحْرُم من الذي يحرم منه

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في تقرير ما يَلزَم الكفار إذا أسلم وما لا يَلزمه

- ‌القاعدة السابعة عشرة:في الكذِب وفي الوعد وفي خُلْف الوعْد

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفيما يتعلق بالطِيَرة والفال، فأقول:

- ‌القاعدة التاسعة عشرةفي الرؤيا التي تُعْبَرُ من التي لا تُعْبر

- ‌القاعدة العشرون:في تقرير ما يباح من عِشْرة الناس من المكارمة وما يُنهَى عنه مِنْ ذلك

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:في بيان ما يجب النهي عنه من المفاسد وما يَحرُمُ وما يُندَبُ

- ‌القاعدة الثانية والعشرونفى الفرق بين الرياء في العبادات وبين التشريك فيها

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون: فِيما به يكون التفضيل

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:فِيمن يُقَدّم للولاية ومن يتأخر عنها:

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون في الاستغفار

- ‌القاعدة السادسة والعشرون: في معنى الأفضلية والمزية

- ‌القاعدة السابعة والعشرونفي تمييز حقوق الله تعالى عن حقوق العباد

- ‌القاعدة الثامنة والعشرونفي تمييز حقوق الوالدين عن الأجانب

- ‌القاعدة التاسعة والعشرونفيما يُترَكُ من الجهل ولا يواخذُ عليه ممَّا لا

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌جدول بتصويب بعض الأخطاء المطبعية التي وقعت في الجزء الأول من هذا الكتاب

- ‌ترجمة محمد بن قاسم بن محمد بن أحمد بن محمد القوري

- ‌خاتمة

الفصل: ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها ما يضمنه الأجراء عند الهلاك مما لا يضمنونه

بعْد الهدم وإن عظمتْ قيمتُهُ قبل الهدم، وكذلك المستحَقُّ منه، والغاصب ونحوُهما، الجميع في ذلك سواءٌ، لأن قَلْعَهُ لمُجَرَّدِ الفسادِ لا لحصول مصلحة تحصل للقالع ولا لدرء مفسدة عنه، فيتعين بقاؤه في الارض المستاجَرة، يَنْتَفع به صاحب الارض، لأنها مالية مستهلَكة على وَاضعها شرعا، والمستهلَكُ شرعا لا تجب فيه قيمة، ويؤيد ذلك نهْيُهُ عليه السلام عن إضاعة المال (5)، فوجب المنع منه، ولهذه القاعدة أجَمع الناس على أن العروض تتعين بالتعيين، وكذلك الحيوان والطعام، لأنَّ لهذه الأشياء من الخصوصات والأوصاف ما تتعلق به الأغراض الصحيحة لما في المعيَّنات من الملاذِّ الخاصةِ بتِلْك الأعْيان.

ومقتضى هذه القاعدةِ أنهُ إذا عَيَّن صاعا من صُبْرة وبَاعَه أنه لا يتعين، لأن الاغراض الصحيحة مستوية في الصُّبْرة، غيرَ أني لا أعلم أحدًا قال بعدم التمييز. واختلفوا في الدنانير والدراهم إذا عُينَتْ هل تتعيَّنُ أم لا؟ ثلاثة أقوال:

ثالِثُها إن عيَّنها الدافع تعينت، لأنه أملَكُ بها وهو مالكُها، وإن عيَّنها القابض لا تتعيَّنُ، إلا أن تختص بصفةِ حِلِّ أو سكَّة راجحَةٍ (6) فإنها تتعيَّن اتفاقا.

‌القاعدة الثالثة:

أقرر فيها ما يضمنه الأُجَرَاءُ عند الهلاك مما لا يضمنونه

. (7)

إعْلَمْ أنَّ الهلاك على خمسة أقسام:

(5) نصَّ الحديث عن المغيرة بن شُعبةَ قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إن الله كَرِهَ لكم ثلاثا: قيلَ وقالَ، وإضاعةَ المال، كثرةَ السؤال" أخرجه الشيخان: البخاري ومسلم، وكذا أبو داود، وابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ورحم أئمة السنة أجمعين.

(6)

كذا في ع، وت. وفي ح: بصفة حلال، وعند القرافي: "إلا أن تختص بصفة حِلي، أو سكةٍ رائجة أو غيرِ ذلك، تعينت اتفاقا. وهو أظهر في المعنى، والله اعلم بالصواب، فليُصَحَّح.

(7)

هي موضوع الفرق السابع والمائتين بين القاعدتين المذكورتين في هذه القاعدة الثالثة: جـ 4. ص 11. وهو من الفروق القصيرة جدا عند القرافي، ولم يعلق عليه بشيء الشيخ أبو القاسم ابن الشاط، فرحمهما الله. جميعًا.

ص: 173

الاول: ما هلك بسبب حامله مِن عِثار أو ضَعْف حَبْلٍ لم يُغَرَّ (7 م) بِه، أو ذهابٍ دابة أو سفينة بما فيها فلا ضمان ولا أجْرة، ولا عليه أن ياتي بمثله لِحَمْلِهِ، قاله مالك. وقال غيره: ما هلك بعثار كالهلاك بأمر سماوي.

وقال ابن نافع: لِرَبِّ السفِينَةِ بحسابِ ما بلَغتْ.

الثاني: ما غُرِّر فيه بِضَعف حَبْل، يَضْمَنُ القيمة بموضوع الهلاك، لأنه موضع أثَرِ التفريط، وله من الكراء بحسابه، وقيل: بموضوع الحمْل منه لأنه منه ابتدأ التعدِي.

الثالث: ما هلك بأمْرٍ سماوي بالبينة، فله الكراء كُلَّهُ، وعَليْه حمْلُ مثلِه من موضوع الهلاك، لأن أجرة المنفعة مضمونة عليه.

الرابع: ما هلك بقولهم من الطعام لا يُصَدَّقون فيه لقيام التهمة، ولهم الكرأء كله، لأنَّ شأن الطعام امتداد اليدِ إليه، لأنهم استحقُّوهُ بالعقد.

الخامس: ما هلَكَ بأيديهم من العروض يُصَدَّقون فيه لبُعْد التهمة، ولهم الكراء كله، وعليهم حمْلُ مثِله من موضع الهلاك، لأنهم لمّا صُدِّقوا أشبهَ ما هلَك بأمر سماوي، وقال ابن حبيب: لهم من الكراء بحساب ما بلغوا، ويُفسَخ الكراء، لأنه لمّا كان لا يُعْلَمُ إلا من قولهم أشبَهَ ما هلك بِعِثار.

قلت: لم يذكر إجارة الصُّناع على عمَلٍ في السلعة يُغَيّرها كالصَبْغ وأمثالِه، فإنه عند مالك يضمَنُ فيه الأجِيرُ، وهو بمنزلة الطعام الذي تمتد الأيدي إليه (8).

(7) هي موضوع الفرق الثالث عشر والمائتين بين القاعدتين المذكورتين. جـ 4. ص 18، قال في أوله القرافي رحمه الله: "إعلم أن هذا الموضع مشكل على مذهبنا في ظاهر الأمر، فإن الإحياء عندنا إذا ذهب ذهبَ المِلْكُ، وكان لغيره أن يُحْييَه، ويصيرُ مواتا كما كان الخ

(7 م) كذا في جميع النسخ. وعند القرافي: لم يغرَّرْ به.

(8)

قلت: وموضوع تضمينِ الأجَرَاء فيما استؤجروا عليه، كذا والصناعُ فيما وُضع بين أيديهم وائْتُمِنُوا على صنعه أو إصلاحه، موضوع كذلك تناوله الفقهاء رحمهم الله في مؤلفاتهم الفقهية بشيء من الدقة والتفصيل، ومنهم من أفْرَدَ لَهُ كتابا خاصا بموضوع تضمين الصناع، فليرجع لذلك من أراد التوسع في هذا الموضوع الهام والدقيق من أحكام التشريع وأبواب الفقه الإسلامي.

ص: 174

القاعدة الرابعة:

أقرِّرُ فيها ما للأجير إذا لم يعمل جميعَ العمل، (9) فأقولُ:

بأخذ بنسبةِ ما عَمِل، غيرَ أنه قد يقع الغلط في هذا.

وبيان ذلك من حيث إنّ من استوجِرَ على خياطة ثوبيْن فخاط ثوبا واحدا وهو نصف ذلك العمل فله نصفُ الأجْرة، وهذا لا كلامَ فيه، ويقع الغلط فيمن استاجر رجُلا على أن يَحْفِر له بئرا: عشرةً في عشرة أذرعٍ، تكون مربَّعة، من كل جهةٍ عشرةٌ، يكون عمقها عشرةً في عشرة، فيعمل خمسةً في خمسة، أو استوجر على أن يعمل صندوقا عشرة في عشرة، فعمل خمسة في خمسة، قد يُظَنُّ هنا أن لهذين نِصفَ الأجرة، ولكن قال الفضلاء: له في مسألة البئِر الثُّمُن، وفي مسألة الصندوق الرُّبعُ، فلم يَجْرُوا على قاعدة الإِجارَة، ولمْ يَجْرُوا أيضا في المخالفة على نمط واحد. (10)

(9) هي موضوع الفرق السادس والمائتين بين قاعدة من عملَ من الأجَرَاء النصفَ مما استؤجر عليه يكون له النصف، وبين قاعدة من عمِلَ النصف لا يكون له النصف" جـ 4. ص. 10.

قال القرافي رحمه الله في أوله:

إعلم أنه قد وقع في الاجارات أن من استأجر رجلا على أن يخيط له ثوبين أو يبنى له دارين أو نحو ذلك ففعل أحَدَهما وهو النصف استحَق النصف، وهو ظاهر

الخ ما ذكره القرافي واختصره البقوري هنا رحمهما الله.

(10)

وقد علق الشيخ أبو القاسم ابن الشاط على ما جاء عند القرافي في هذا الفرق، فقال: هذا الفرق فاسد الوضع، فاحش الخطأ، فإنه قاعدة واحدة لا غيرُ، وكلُّ من عمل النصف فله النصف لا محالةَ، وانما يجري الوهم على الاغبياء، فيظنون أن من استُؤجِر على عشرة في عشرة فعمل ذلك فقد عمل جميع ما استُؤجر عليه، وذلك صحيح، وأنه متى استُؤجِز على ذلك فعمل خمسة في خمسة أنه عمل النصفَ، وذلِك غير صحيح، بل عَمِل الثُّمُن فيما استُؤجر عليه، كيف وقد بين المؤلف ذلك بعد هذا في أثناء الكلام في هذا الفرق. والعجَب منه كيف ظن أن الترجمة صحيحة مع علمه أنه لم يعمل النصفَ، ولكن الغفلة لازمة لمن لم يُعْصَم من البشر، ولكن هذه الغفلة لا يُعذرُ صاحبها والله أعلم.

أقول: يلاحَظ أن هذا التعقيب عند ابن الشاط لم يَخْلُ من قسوة وشدة كما يقع له احيانا في بعض التعقييات على كلام القرافي. وقد نبهت على ذلك في تعليقات وملاحظات سابقة. غير أنه لا يظهر بوضوح عند التأمل والتمعن مَلِيًا وجودُ اختلاف أو تناقض جَلِيّ بين الترجمة =

ص: 175

ووَجْهُ صحة ما قالوه أن البئر كلما تَنَزَّلَ فيها ذراعا فقد شَالَ من التراب ما مساحتة عشرة في عشرة، وذلك مائة، فكل ذراع ينزله في البئر - إذَنْ - مائة، والأذرُع عشرة، وعشرة في مائة بألف، والمستاجَرُ علَيه الفُ ذراع، فلمّا عمل خمسة في خمسة شال في الذراع الأول ترابَ خمسة في خمسة، وذلك خمسة وعشرون، فَكلُّ ذراع في هذا المعمول خمسة وعشرون، والأذرع المعمولة خمسة، وخمسة في خمسة وعشرين بمائة وخمس وعشرين، وذلك ما عَمِلَه، ونسْبتُهُ إلى الألف نسبة الثُّمُن، فيستحِق الثُّمُن.

وأمّا الصندوق فليس فيه قعْر، وإلَّا استوت المسألتان، بل الألواح يُلَفِّقها، فهو استاجره على ستة ألواح، كل ناحية منها عشرة، وذلك دائرُهُ أربعة، وقَعْرُه وغطاؤُه، فكل لوح عشرة في عشرة، فهو مائة ذراع، والألواح ستة، فالمستاجَر عليه ستمائة، عَمِلَ منها خمسة في خمسة، فيكون كل لوح منها خمسة وعشرين المتحصِّلةَ من ضرب خمسة في خمسة، وخمسة وعشرين في ستة، مائة وخمسين، ونسبتُها إلى

ستمائة نسبةُ الربع.

= وما بداخلها من الكلام عند القرافي، يمكن أن يقال إنه إنه نتج عن الغفلة، ذلك أن العبرة في كل حديث وكلام بآخره وتمامه. وقد نقل الإِمام القرافي هنا كلام بعض الفضلاء العلماء، وحكاه عنه في مسألتي البئر والصندوق، وتبناه ولم ينقضه ولم يعترض عليه، وهو يفيد أن الاجير كما يكون له النصف من الاجرة بالنسبة لما عمله في بعض الصور والحالات، كذلك يكون له الثمن والربع في صور وحالات اخرى. والترجمة عند القرافي، فيما يظهر، شاملة لجميع تلك الصور والحالات، فلم يْبقَ داع للقول بالغفلة والتعجب من ظنه الترجمة صحيحةً، وبتلك العبارات والصيغة المثيرة، ولعله الاعتداد بالعلم، والمنافسةُ فيه والمعاصَرَةُ والاقترابُ منها يدفع إلى صدور مِثْلِ العباراتِ أحيانا من بعض العلماء تجاه الآخرين، أثناء تقديم للكلامهم، أو تصويب أقوالهم، واللهَ أعلم بالحق والصواب.

على أن من المسلَّم والمقطوع به أن كل مجتهد ومستنبِط وعامل في حقل العلم الاسلامي، والاجهاد والتخريج الفكري، مهما بلغ شأنه في العلم والمعرفة، فإنه مُعَرَّضٌ للخطأ أحيانا، فالعصمة إنما هيَ للأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، والكمال المطلق إنما هو لله وحده، والخطأ إذا ظهر واتضح في أمر من الأمور، أو مسألةٍ من مسائل العلم، يكون تصويبه بعمل مفيد، وقول سليم لطيف، ويُلْتَمَسُ لصاحبه العذرُ على أنه صدر منه عن علم وفهم وحسن نية، ويَدْعَى له بالرحمة والمغفرة {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} كما قال ربنا العليم الحكيم.

ص: 176