المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القاعدة الثالثة: في الفرق بين الأملاك الناشئة عن الإحياء وبين الاملاك الناشئة عن غير الإحياء - ترتيب الفروق واختصارها - جـ ٢

[البقوري]

فهرس الكتاب

- ‌النكاح والطلاق

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها الفرق بين أنكحة الصبيان وطلاقهم

- ‌القاعدة الثانيةأقرِّرُ فيها الفرقَ بين ذوِى الأرحام والعَصَبة حتى كان للعَصَبة الولايةُ في النكاح ولم يكن ذلك لِمَن يُدْلي بجهة الأمّ

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها لِمَ كان الإِخوة في النكاح وميراثِ الولاء وصلاةِ الجنازة يُقَدَّمون على الأجداد، ولِمَ كانوا على السواء في الميراث

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها أن تحريم المصاهَرَة ليس رُتْبةً واحدة، بل هو رُتَبٌ

- ‌القاعدة السابعة

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرِر فها الفرق بين ما يَحْرُم الجمعُ بينهن من النساء وبين ما يجوز الجمعُ بينهن

- ‌القاعدة العاشرة:نقرر فيها ما يُقَرُّ من أنكحة الكفار وما لا يُقَرُّ

- ‌القاعدة الحاديةَ عشْرةَ:لِمِ كان للرجل أن يتزوج الإماء التي لغيره عند شرط ذلك، ولم يكن للمرأة الحرّة أن يتزوجها عبد لغيرها، ولا للرجل أن يتزوج إماءه، ولا للنساء أن يتزوجن عبيدهن

- ‌القاعدة الثانية عشرة:لِمَ وقع الحَجْرُ على النِّساء في الأبضاع ولم يقع الحَجْرُ عليهن في الأموال

- ‌القاعدة الثالثة عشرةأقرر فيها ما به ينعقد النكاح، وأنه يخالف البيع فيما يُشترط فيه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:لِمَ كان الثمنُ في البيع يتقرَّر بالعقد، والصَّداقُ في النكاح لا يتقرر بالعقد؟ ، هذا على قول، فإنه قد قيل: يتقرر بالعقد، وقيل أيضًا: يتقرّر النصف بالعقد

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها الفرق بين المتداعيين شيئًا، لا يقدّمُ أحدُهما على الآخر إلا بحجة ظاهرة وبين المتداعيين من الزوجين في متاع البيت يقدّمُ كل واحد منهما فيما يُشبِهُ أن يكون له

- ‌القاعدة السابعة عشرة:أقرر فيها الفرق بين الوكالة والولاية في النكاح

- ‌القاعدة الثامنة عَشرة:أقرر فيها الصريح من الطلاق وغير الصريح فأقول

- ‌القاعدة التاسعة عشرة:أُقرر فيها ما يُشترَط في الطلاق من النية وما لا يُشْترَط

- ‌القاعدة العشرون:في الفرق بين قاعدة التصرفِ في المعدوم الذي يمكن أن يتقرر في الذمة وبين ما لا يمكن أن يتقرر في الذمة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون:لِمَ كان قرْءٌ واحد يكفي في الاستبراء، وشهر واحد لمن لا تحيض لا يكفي في الاستبراء فلابد من ثلاثة أشهر، وثلاثةُ أشهر إنما جُعِلَتْ مكانَ ثلاثة قروءٍ

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرر فيه الفرق بين خيار التمليك في الزوجات وتخيير الإِمَاء في العتق حتى كان يَلزم في الزوجات ولا يَلزم في الإماء

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:في الفرق بين التخْيير والتمليك

- ‌النفقة

- ‌قواعد البيوع

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها أين يصح اجتماع العوضين لشخص واحدٍ، وأيْن لا يصح

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها الفرق بين من مَلَك أن يَمْلِكَ، هلْ يُعَدُّ مالكا أم لا، وبيْن من انعقد له سبب مطالبةِ التمليك، هل يُعَدُّ مالِكاً أمْ لا (8 م)

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها الفرق بين النقل والإِسقاط

- ‌القاعدة الرابعة:أقرر فيها بيان ما يَقبل المِلك من الأعيان والمنافع مما لا يقبله

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يجوز بيعه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة:في بيانِ ما تُؤَثِّر فيه الجهالةُ والغرَرُ مما لا تؤَثِّرُ

- ‌القاعدة الثامنة:أبين فيها ما يجوز بيعه على الصفة وما لا يجوز

- ‌القاعدة التاسعة:أقَرر فيها ما به يجوز بيع الربوي بجنسه وما به لا يجوز

- ‌القاعدة العاشرة:أقرر فيها ما يدخله ربا الفضل وما لا يدخله

- ‌القاعدة الحادية عشرة:أقرّرُ فيها معنى الجهل ومعنى الغرر حتى يظهر بذلك اختلافهما

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:نُقَرر فيها ما يجوز اجتماعه مع البيع وما لا يجوز

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:أقررُ فيها ما يتعين من الأَشياءوما ل يتعين في البيع ونحوه

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:أقرر فيها ما يجوز بيعه قبل قبضه وما لا يجوز

- ‌القاعدة السادسة عشرة:أقرر فيها ما يتْبَعُ العقدَ عُرفا ومالَا

- ‌القاعدة السابعةَ عشْرةَ:أقرر فيها ما يجوز به السَّلَمُ ويصح

- ‌القاعدة الثامنة عشرة في الصلح

- ‌القاعدة التاسِعة عشرة:في تقرير حكم الأهوية وتقرير حكم ما تحت الأبنيَّة

- ‌القاعدة العشرون:أقرر فيها ما معنى الذمة وما معْنَى أهلية المعاملة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:أقرر فيها ما معنى المِلْكِ وما معْنَى التصرف

- ‌القاعدة الثالثة: والعشرون:أقرر فيها ما مصلحته من العقود في اللزوم وما مصلحته عدم اللزوم

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:أقرِر فيها ما يُمنَع فيه الجهالةُ وما يُشترَطُ فيه الجهالة بحيث لو فقِدت فَسَد

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون:أقرر فيها ما يَثْبُتُ في الذمم وما لَا

- ‌الإِجارة

- ‌القاعدة الأولى:أقرر فيها ما يملك من المنفعة بالاجارة وبيْن (1) ما لا يُملَكُ منها بالإِجارة

- ‌القاعدة الثانية:أقرر فيها ما للمستاجِر أخْذُهُ من ماله بعد انقضاء الإجارة مِمّا ليس له أخْذُه

- ‌القاعدة الثالثة:أقرر فيها ما يضمنه الأُجَرَاءُ عند الهلاك مما لا يضمنونه

- ‌القاعدة الخامسة:أقرر فيها ما يُضمَن بالطرح من السفن وما لا يُضْمَن

- ‌القاعدة السادسة:في الفرق بين الإِجارة والرزق، (14 م)

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين تمليك الانتفاع وتمليك المنفعة

- ‌الضمان

- ‌القاعدة الأولى:نقرر فيها ما بِهِ يكون الضمان

- ‌القاعدة الثانية: فيما يتعلق بالصائِل

- ‌القاعدة الثانية: ما يجوز التوكيل فيه مما لا يجوز

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بين الأملاك الناشئة عن الإِحياء وبين الاملاك الناشئة عن غَير الإِحياء

- ‌القاعدة الرابعة:في تقرير ما يوجبُ استحقاقُ بعضه إبطالَ العقد في الكُلِّ ممّا لَا

- ‌القاعدة السادسة: لِتمييز ما يُرَدُّ من القراض الفاسد إلى أجْرة المثل ممّا يُرَد إلى قراض المثل

- ‌القاعدة السابعة:في تقرير ما يُرَدُّ إلى مساقاة المثل ممّا يُرَدُّ إلى أجرة المِثْلِ منها

- ‌القاعدة الثامنة: في تقرير الإِقرار الذي يَقبَل الرجوعَ عنه وتمييزِه عما لا يَقبَل الرجوعَ عنه

- ‌الدعاوى والشهادات

- ‌القاعدة الأولى: في تمييز الدعوى الصحيحة من الدعوى الباطلة

- ‌القاعدة الثانية:في تمييز المدَّعي من المدعَى عليه

- ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بيْن ما يحتاج للدعوى وبين ما لا يحتاج إليها

- ‌القاعدة الرابعة: في تقرير اليد المعتبَرة المرجِّحة لقول صاحبها

- ‌القاعدة الخامسة: في تقرير ما تجب إجابة الحاكم فيه إذا دُعِي إليه ممّالا تجب

- ‌القاعدة السادسة: في الفرق بين قاعدة ما يُشْرَع فيه الحَبْسُ وبين قاعدة ما لا يُشَرع

- ‌القاعدة السابعة: في تقرير من يَلْزَمه الحلف

- ‌القاعدة الثامنةفي تمييز المعصية التي هي كبيرة مانعةٌ من قَبول الشهادة من التي ليست كذلك

- ‌القاعدة التاسعة: في تقرير التهمة التي ترَدُّ بها الشهادة بعد العدالة من التيلا تُرَد بها الشهادة

- ‌القاعدة العاشرة: في ذِكر ما يَصْلُحُ أن يكون مستنَداً للشهادات

- ‌القاعدة الحادية عشرة: في تقرير ما هو حُجَّةٌ عند الحكام

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في تقرير ما يقع به الترجيح في البينات عند التعارض

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في تقرير ما اعتُبر من الغالبِ وما أُلغي من الغالب

- ‌القاعدة الرابعة عشرة:في تمييز ما يصح الإِقراع فيه ممّا لا

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في كيفِيةِ أداء الشاهِدِ شهادتَه عند القاضي

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في الفرق بين الفتوى والحكم

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفي تمييز ما تُشترَطُ فيه العدالة مِمَّا لا تُشترَط فيه

- ‌القاعدة التاسعة عشرة: في ضَمِّ الشهادات

- ‌كتاب الحدود وما في معناها

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير (*) ما هو شُبْهةٌ يُدْرَأُ بهَا الحدُّ ممَّا لا

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين القذف يقع بين الزوجين، وبين الأجانب

- ‌القاعدة الثالثة:أقرَرُ فيها الفرقَ بين الحدِّ والتعزيز

- ‌القاعدة الرابعة:في الفرق بين الحصانة لا تعود بالعدالة، والفسوقِ يعود بالجناية

- ‌القاعدة الخامسة: في القصاص

- ‌القاعدة السادسة:نقرْ الفرق بين المسكرات والمفسدات والمرقِّدات (46 م)، فنقول:

- ‌الفرائض

- ‌القاعدة الأولىفي تقرير ما ينتقل إلى الأقارب من الأحكام

- ‌القاعدة الثانيةفي تقرير الفرق بين أسباب التوارث وأجزاء أسبابها العامة والخاصة

- ‌القاعدة الثالثةفي تقرير أسباب التوارث وشروطِهِ وموانعه

- ‌الجامع

- ‌القاعدة الأولى:في تقرير ما يحرم من البِدع ويُنْهَى عنها ممَّا ليس كذلك

- ‌القاعدة الثانية:في الفرق بين ما هو من الدعاء كُفْرٌ وبين ما ليس بكفر

- ‌القاعدة الثالثة:في انقسام مَا ليس بكفر من الدَّعاءِ إلى مُحرَّم وغيرِ مُحرَّم

- ‌القاعدة الرابعة:في تمييز ما يُكْره من الدعاء مما ليس بمكروه

- ‌القاعدة الخامسة:في تمييز ما يجب تعلُّمُه من النجوم ممَّا لا يجب

- ‌القاعدة السابعة:في الفرق بين الحسد والغبطة

- ‌القاعدة الثامنة:في الفرق بين التكبر والتجمل بالملابس، وبين الكِبْر والعُجْب

- ‌القاعدة التاسعةفي تقرير المداهنة الجائزة وتمييزِها عن التي لا تجوز

- ‌القاعدة العاشرة:في تمييزِ المعصية التي هي كفر عن المعصية التي ليست كفْراً

- ‌القاعدة الحاديةَ عشرةَ:في تقرير معْنَى الزهد

- ‌القاعدة الثانية عشرة: في التوكل

- ‌القاعدة الثالثة عشرة:في الكلام على الرضَى بالقضاء

- ‌القاعدة الرابعة عشرةفي تمييز المكَفِّرات عن أسباب المثوبات

- ‌القاعدة الخامسة عشرة:في تمييز الخوف من غير الله الذي لا يحْرُم من الذي يحرم منه

- ‌القاعدة السادسة عشرة:في تقرير ما يَلزَم الكفار إذا أسلم وما لا يَلزمه

- ‌القاعدة السابعة عشرة:في الكذِب وفي الوعد وفي خُلْف الوعْد

- ‌القاعدة الثامنة عشرةفيما يتعلق بالطِيَرة والفال، فأقول:

- ‌القاعدة التاسعة عشرةفي الرؤيا التي تُعْبَرُ من التي لا تُعْبر

- ‌القاعدة العشرون:في تقرير ما يباح من عِشْرة الناس من المكارمة وما يُنهَى عنه مِنْ ذلك

- ‌القاعدة الحادية والعشرون:في بيان ما يجب النهي عنه من المفاسد وما يَحرُمُ وما يُندَبُ

- ‌القاعدة الثانية والعشرونفى الفرق بين الرياء في العبادات وبين التشريك فيها

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون: فِيما به يكون التفضيل

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون:فِيمن يُقَدّم للولاية ومن يتأخر عنها:

- ‌القاعدة الخامسة والعشرون في الاستغفار

- ‌القاعدة السادسة والعشرون: في معنى الأفضلية والمزية

- ‌القاعدة السابعة والعشرونفي تمييز حقوق الله تعالى عن حقوق العباد

- ‌القاعدة الثامنة والعشرونفي تمييز حقوق الوالدين عن الأجانب

- ‌القاعدة التاسعة والعشرونفيما يُترَكُ من الجهل ولا يواخذُ عليه ممَّا لا

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌جدول بتصويب بعض الأخطاء المطبعية التي وقعت في الجزء الأول من هذا الكتاب

- ‌ترجمة محمد بن قاسم بن محمد بن أحمد بن محمد القوري

- ‌خاتمة

الفصل: ‌القاعدة الثالثة: في الفرق بين الأملاك الناشئة عن الإحياء وبين الاملاك الناشئة عن غير الإحياء

‌القاعدة الثانية: ما يجوز التوكيل فيه مما لا يجوز

. (6)

إعْلَمْ أن الأفعال قسمان: منها مالا تحصل مصلحتُه الا بالمباشرةَ، فلا يجوز التوكيل فيها، لفوات المصلحة بالتوكيل، كالعبادة ومصلحة الوطء، ومقصودُ الأيمَان واللعانِ اظهارُ الصِدق في الدعوى، وحَلِفُ زيد ليس دليلا على صدق عَمْرو، وكذلك الشهادة مقصودها الْوُثُوقُ بعدالة المتحمِّلِ، وذلك لا يَحْصُل إذا أدَّى غَيْرُه. ومقصودُ المعاصى إعدامُها فلا يُشرع التوكيل فيها، لأن شرع التوكيل فيها فرْعُ تقريرها شرعا.

وضابطُ الفرق أن مقصود الفعل متى كان يحْصُلُ من الوكيل كما يحصل من الموّكل، وهو مما يجوزُ الإِقدام عليه، جازتْ الوكالة فيه، وإلَّا فلا.

‌القاعدة الثالثة: في الفرق بين الأملاك الناشئة عن الإِحياء وبين الاملاك الناشئة عن غَير الإِحياء

. (7)

والمعروفُ عندنا أن المِلكً الناشيء عن الإِحياء إذا مات وذهب الإِحياءُ عنه كان لغيره أن يُحييَه ويَملِكه. وقال سحنون والشافعي: لا يزول الملك للذي أحياه أولا، واستدلوا على هذا بأشياء:

(6) هي موضوع الفرق السادس عشر والمائتين بين القاعدتين المذكورتين: جـ 4. ص 26. وهو من أقصر الفروق القصيرة عند الامام القرافي، حيث لم يستغرق الكلامَ فيه أكثرَ من تسعة سطور، ولم يعلق عليه بشيء الشيخ ابو القاسم ابن الشاط رحمه الله.

قال القرافي هنا: ومصلحة الوطء الإعفاف وتحصيل ولد يُنسبُ إليه، وذلك لا يحصل للموكل، بخلاف عقد النكاحِ، لأن مقصود تحقيق سبب الاباحة، وهو يتحقق من الوكيل. ومقصود الْأيمان كلها واللعان إظهار الصدق فيما ادَّعى.

(7)

هي موضوع الفرق الثالث عشر والمائتين بين القاعدتين المذكورتين. جـ 4. ص 18، قال في أوله القرافي رحمه الله: "إعلم أن هذا الموضع مشكل على مذهبنا في ظاهر الامر، فإن الإِحياء عندنا إذا ذهبَ ذهبَ المِلْكُ، وكان لغيره أن يُحْيِيَه، ويصيرُ مواتا كما كان الخ

ص: 207

مِنْها قوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أحْيَى أرضا ميتة فهي له"(8)، فجَعَل عليه السلام المِلْك له، والاصلُ عدمُ إبْطاله، واستصحابُ مِلْكِه. (9)

الثاني قياس الإِحياء على البيع والهبةِ وسائر أسباب التمليك.

الثالث القياس على مَن تَمَلكَ لُقَطةً ثم ضاعت منه، فإنَّ عوْدها إلى حال الإِسقاط لا يُسقِط مِلْكَ متملِّكها.

والجواب عن الأول أن الحديث يدل لنا، بسَبب أن القاعدة أن ترتب الحكم على الوصفِ يدل على عِلّيّة ذلك الوصف لذلك الحكم، وقد رتَّب المِلك على وصف الإِحياء، فيكون الإِحياء سببَاَ له وعِلَّتَه، والحكم ينتفي لانتفاء علته، فَيَبْطُلُ المِلْك بهذا الحديث. (10)

قلت: مُطْلُقُ الإِحياء هو عِلَّةُ الحكم لا دَوامِه، وقد حصل وما انتفَى، والذي انتفى دوامُهُ، وليس هو العِلَّه. (11)

(8) رواه أصحاب السنن: أبو داود والنسائي والترمذى، وقال: إنه حسن. وفي معناه حديث عائشة رضي الله عنها: "من أعْمرَ أرضا ليست لأحد فهو أحقُّ"، رواهُ الامام البخاري رحمه الله. والارض الميتة. كما سبق، يراد بها في الحديث والفقه الارضُ التي ليستْ مِلْكا لأحد، ولا حريما لِملك معْمور بالبناء أو الزرع أوْ الغرس، وليست للمنفعة العامة كمحل اجتماع الناس في سُوقٍ ونحوه، والإِحياء او الإِعمار يكون بما جرى به العرف بين الناس من زرع وغرس وتحويط وبناء في الأرض إستصلاحها وتسويتها لذلك .. الخ.

(9)

قال ابن الشاط هنا: ما قاله القرافي حكاية أقوال واحتجاج، ولا كلام في ذلك.

(10)

علق ابن الشاط على هذا الكلام بقوله: "أما القاعدتان فمسَلّمتان وصحيحتان، ولكن لا يلزَم ما قالهُ من بطلان هذا الحكم، لأن الإِحياء قد ثبت فترتب عليه مسبَّبُه ولم يَرْتفع الإِحياء، ولا يصح ارتفاعُه، لأن ذلك من باب ارتفاع الواقع وهو محال، وإنما مغزاه أن الإِحياء لم يستمرَّ، وذلك غير لازم في الأسباب كلها، فإن المِلْك المرتَّب على الشراء او على الارث او على الهبة لم تستمرَّ أسبابُهُ، فكان يلزم على قياس قوله، متَى غفل الانسان عن تجديد شراءِ مشتراه، أن ييطُل مِلْكُه عليه، وذلك باطل قطعا، فجوابه هذا غير صحيح.

(11)

قول: هذا التعقيب يبدو متقاربا ومتوافقا مع تعليق ابن الشاط. رحم الله الجميع، فليتأمل في ذلك.

ص: 208

قال شهاب الدين: سلَّمْنا ما قلتم، غيرَ أنَّ قوله عليه السلام:"فهي له" لفظ يقتضي مطلق المِلك، فإن "لَهُ" ليس من صِيغ العموم، بل دَليلٌ على أصل ثبوت المِلك، ونحن نقول بموجبه. فإذَن إنما ثَبَت مطلَقُ الملك زمنَ الإِحياء، وإنما يحصل مقصود الخصم أنْ لَوْ اقتضَى الحديثُ المِلكَ على وجْهِ الدوام، وليس كذلك (12).

قلت: إذا ثَبت المِلك له بتثبيتِ الشارع فأصلُهُ أن ييقى له حتى يدل دليل على زواله عنه.

قال شهاب الدين: وعن الثاني، الفرقُ بأن الإِحياء سبب فِعْل تُمْلَك به المباحاتُ، وهو سببٌ ضعيف لِوُرُودِه على غير ملكٍ سابق (13).

وعن الثالث أن تَملُّكَ الملتقِط ورَد على ما تقدمَ فيه المِلك، وتَقَرر، فكان تأثير السبب فيه أقوى. ويؤكّده أن الاسباب القولية ونحوها تَرفع مِلك الغير كالبيع ونحوه، فهي في غاية القوة. وأما الفعل بمجرده فليس له قوةُ رفع ملك الغير، بل ييْطل ذلك الفعل كمَن بَنَى في ملك غيره (14).

قلت: وكذا من باع مِلك غيره لا أثر له، والأظهر ما قاله سحنون.

(12) علق الشيخ ابن الشاط على هذا الكلام والاستدلال عند القرافي بقوله: ما قاله من أن الحديث لا يقتضي المِلك بِوصْفِ الدَّوام صحيح، ولكن هنا قاعدة شرعية، وهَي أن المِلك يدومُ بعد ثبوت سبَبه إلَا أن يلزمه ما يناقضه". وهذا التعقيب في مضمونه ومحتواه هو ما نجده كذلك في تعقيب الشيخ البقوري على كلام القرافي وتصويبه، رحم الله الجميع.

(13)

قال ابن الشاط معلقا على هذا الجواب: ما قاله دعوى يقابَلُ بمثلها، بأن يقال:

إن الاسباب القولية هي الضعيفة، لورودها على مِلك سابق، فيتعارض المِلْكان: السابقُ واللاحق، وأما المملوك بالإِحياء فلم يَسْبقه ما يعارِضه فهو أقوى.

(14)

زاد القرافي هنا قوله: "وبذلك ذهب أثره بذهابه، وهذا فقه حسن على القواعد، فلْيُتأمَّلْ، ومذهب الشافعى رضي الله عنه في بادئ الرأي أقوى وأظهر، وبهذه الباحث ظهر الفرق بين القاعدتين من جهة القوة والضعف كما تقدم بسْطُهُ وتقريره".

وقد علق المحقق ابن الشاط على هذا الكلام عند القرافي بقوله: جوابُه هنا مبني على دعواهُ قوة الاسباب القولية، فجوابه ما سبَق. وقد تبيَّن أن مذهب الشافعي أقوى على الاطلاق. والله تعالى أعلم".

ص: 209