الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّقْصِيرُ فِي مِثْلِهِ قَوْلُهُ (اعْلَمْ مَا تَقُولُ) أَمْرٌ مِنَ الْعِلْمِ أَيْ كُنْ حَافِظًا ضَابِطًا لَهُ وَلَا تَقُلْهُ عَنْ غَفْلَةٍ أَوْ مِنَ الْإِعْلَامِ أَيْ بَيِّنْ لِي حَالَهُ وَإِسْنَادُكَ فِيهِ قَوْلُهُ (يَحْسُبُ) بِضَمِّ السِّينِ مِنَ الْحِسَابِ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا مَرَّتَيْنِ تَحْدِيدًا لِأَوَائِلِ الْأَوْقَاتِ وَأَوَاخِرِهَا وَهُوَ بِالنَّصْبِ مَفْعُولُ يَحْسُبُ أَوْ صَلَّيْتُ.
[بَاب وَقْتِ صَلَاةِ الْفَجْرِ]
669 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كُنَّ نِسَاءُ الْمُؤْمِنَاتِ يُصَلِّينَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الصُّبْحِ ثُمَّ يَرْجِعْنَ إِلَى أَهْلِهِنَّ فَلَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ تَعْنِي مِنْ الْغَلَسِ»
ــ
قَوْلُهُ (كُنَّ نِسَاءُ الْمُؤْمِنَاتِ) هُوَ مِنْ قَبِيلِ {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الأنبياء: 3] وَإِضَافَةُ نِسَاءِ الْمُؤْمِنَاتِ لِلتَّبْعِيضِ أَيْ نِسَاءٌ مِنْ جُمْلَةِ الْمُؤْمِنَاتِ أَوْ هِيَ مِنْ إِضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إِلَى الصِّفَةِ قَوْلُهُ (فَلَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ) أَيْ حَالَ الِانْصِرَافِ إِلَى الْبَيْتِ مِنَ الْغَلَسِ أَيْ لِأَجْلِ الظُّلْمَةِ اهـ.
670 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ أَسْبَاطِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78] قَالَ تَشْهَدُهُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ»
ــ
قَوْلُهُ: قُرْآنَ الْفَجْرِ 45 أَيْ صَلَاةَ الْفَجْرِ بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى مَفْعُولِ أَقِمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] أَوْ عَلَى الْإِغْرَاءِ قَالَهُ الزَّجَّاجُ وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ قُرْآنًا لِأَنَّهُ رُكْنُهَا قَوْلُهُ (تَشْهَدُهُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78] وَكَلِمَةُ كَانَ لِإِفَادَةِ أَنَّهُ كَذَلِكَ فِي تَقْدِيرِهِ أَوْ عِلْمِهِ أَوْ زَائِدَةً أَوْ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الِاسْتِمْرَارِ مِثْلِ كَانَ اللَّهُ غَفُورًا وَالْمُصَنِّفُ قَصَدَ بِإِدْرَاجِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّفْسِيرِ الْمَرْفُوعِ أَنَّهُ يَنْبَغِي إِيقَاعُ هَذِهِ الصَّلَاةِ فِي الْغَلَسِ أَوَّلُ مَا يَطْلُعُ النَّهَارُ الشَّرْعِيُّ إِذِ الظَّاهِرُ أَنَّ ذَاكَ هُوَ وَقْتُ نُزُولِ مَلَائِكَةِ النَّهَارِ وَطُلُوعِ مَلَائِكَةِ اللَّيْلِ فَاجْتِمَاعُ الطَّائِفَتَيْنِ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ يَقْتَضِي أَدَاءَهَا فِي مِثْلِ هَذَا الْوَقْتِ وَهَذَا اسْتِنْبَاطٌ دَقِيقٌ.
671 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنَا نَهِيكُ بْنُ يَرِيمَ الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنَا مُغِيثُ بْنُ سُمَيٍّ قَالَ «صَلَّيْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الصُّبْحَ بِغَلَسٍ فَلَمَّا سَلَّمَ أَقْبَلْتُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ فَقُلْتُ مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ قَالَ هَذِهِ صَلَاتُنَا كَانَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَلَمَّا طُعِنَ عُمَرُ أَسْفَرَ بِهَا عُثْمَانُ»
ــ
قَوْلُهُ (فَلَمَّا طُعِنَ عُمَرُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ بِسَبَبِ التَّغْلِيسِ الشَّدِيدِ خَافَ عُثْمَانُ فَأَسْفَرَ بِهَا وَوَافَقَهُ الصَّحَابَةُ عَلَى ذَلِكَ لِلْمَصْلَحَةِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْأَوْلَى مِنَ التَّغْلِيسِ حِينَ رَأَوُا انْتِفَاءَ تَلِكَ الْمَصْلَحَةِ وَهَذَا الْإِسْفَارُ فِي وَقْتِ عُثْمَانَ هُوَ مَحْمَلُ مَا رَوَى الطَّحَاوِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ مَا اجْتَمَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى شَيْءٍ مَا اجْتَمَعُوا عَلَى التَّنْوِيرِ فَهَذَا الْإِجْمَاعُ لَا يَدُلُّ عَلَى نَسْخِ التَّغْلِيسِ بَلْ يُؤَكِّدُ وَجُودَهُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ اهـ.
672 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ سَمِعَ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ وَجَدُّهُ بَدْرِيٌّ يُخْبِرُ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَصْبِحُوا بِالصُّبْحِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ أَوْ لِأَجْرِكُمْ»
ــ
قَوْلُهُ (أَصْبَحُوا بِالصُّبْحِ) أَيْ صَلَّوْهَا عِنْدَ طُلُوعِ الصُّبْحِ يُقَالُ أَصْبَحَ الرَّجُلُ إِذَا دَخَلَ فِي الصُّبْحِ قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ أَبِي دَاوُدَ قُلْتُ وَبِهَذَا يُعْرَفُ أَنَّ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ بِلَفْظِ «أَسْفَرُوا بِالْفَجْرِ» مَرْوِيَّةٌ بِالْمَعْنَى وَأَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ التَّغْلِيسِ بِهَا لَا عَلَى التَّأْخِيرِ إِلَى الْإِسْفَارِ اهـ. قُلْتُ تَعَيَّنَ أَنَّ أَسْفَرُوا مَنْقُولٌ بِالْمَعْنَى مُحْتَاجٌ إِلَى الدَّلِيلِ إِذْ يُمْكِنُ الْعَكْسُ نَعَمْ قَدْ سَقَطَ اسْتِدْلَالُ مَنْ يَقُولُ بِالْإِسْفَارِ بِلَفْظِ أَسْفَرُوا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ وَالْأَصْلُ أَصْبَحُوا كَمَا اسْتَدَلَّ مَنْ يَقُولُ بِالتَّغْلِيسِ بِلَفْظِ أَصْبَحُوا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ إِلَّا أَنْ يُقَالُ الْمُوَافِقُ لِأَدِلَّةِ التَّغْلِيسِ لَفْظُ أَصْبَحُوا وَتِلْكَ أَدِلَّةٌ كَثِيرَةٌ وَلَا دَلِيلَ عَلَى الْإِسْفَارِ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ بِلَفْظِ أَسْفَرُوا وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّعَارُضِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَصْلَ لَفْظُ أَصْبَحُوا الْمُوَافِقُ لِبَاقِي الْأَدِلَّةِ لَا لَفْظُ أَسْفَرُوا الْمُعَارِضُ وَإِنَّمَا جَاءَ لَفْظُ أَسْفَرُوا مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ أَسْفَرُوا هُوَ الظَّاهِرُ لَا أَصْبَحُوا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ أَصْبَحُوا صَحِيحًا لَكَانَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ أَنَّهُ بِلَا إِصْبَاحٍ تَجُوزُ الصَّلَاةُ وَفِيهَا أَجْرٌ دُونَ أَجْرٍ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مَعْنَى أَصْبَحُوا تَيَقَّنُوا بِالْإِصْبَاحِ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى فِيهِ أَدْنَى وَهْمٍ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْوَهْمُ غَيْرَ مُنَافٍ لِلْجَوَازِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذَا قَوِيَ الظَّنُّ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ تَجُوزُ الصَّلَاةُ وَيُثَابُ عَلَيْهَا لَكِنَّ التَّأْخِيرَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ وَيَنْكَشِفَ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى وَهْمٌ ضَعِيفٌ فِيهِ أَوْلَى وَأَحْسَنُ فَأَجْرُهُ أَكْثَرُ وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى حُمِلَ الْإِسْفَارُ وَإِنْ صَحَّ تَوْفِيقًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.