الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الِانْقِطَاعِ عَنِ النِّسَاءِ وَغَيْرِهِنَّ مِنْ مَلَاذِ الدُّنْيَا لَاخْتَصَيْنَا لِدَفْعِ شَهْوَةِ النِّسَاءِ لَا يُمْكِنُنَا التَّبَتُّلُ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَظُنُّونَ جَوَازَ الِاخْتِصَاءِ بِاجْتِهَادِهِمْ وَلَمْ يَكُنْ ظَنُّهُمْ هَذَا مُوَافِقًا فَإِنَّ الِاخْتِصَاءَ فِي الْآدَمِيِّ حِرَامٌ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا انْتَهَى وَمَا سَبَقَ أَحْسَنُ لِمَا فِيهِ مِنْ حَمْلِ ظَنِّهِمْ عَلَى أَحْسَنِ الظُّنُونِ فَلْيَتَأَمَّلْهُ.
1849 -
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ وَزَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ قَالَا حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ التَّبَتُّلِ زَادَ زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ وَقَرَأَ قَتَادَةُ {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً} [الرعد: 38] »
ــ
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا} [الرعد: 38] أَيْ وَهُمُ الَّذِينَ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالِاقْتِدَاءِ بِهَدْيِهِمْ فَقَالَ {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [الأنعام: 90] ثُمَّ لِلنَّاسِ فِي سَمَاعِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ كَلَامٌ إِلَّا فِي حَدِيثِ الْعَقِيقَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
[بَاب حَقِّ الْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ]
1850 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي قَزْعَةَ عَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَا حَقُّ الْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ قَالَ أَنْ يُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمَ وَأَنْ يَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَى وَلَا يَضْرِبْ الْوَجْهَ وَلَا يُقَبِّحْ وَلَا يَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ»
ــ
قَوْلُهُ (أَنْ يُطْعِمَهَا إِلَخْ) لَيْسَ الْمَقْصُودُ التَّقَيُّدُ بَلِ الْمَطْلُوبُ الْحَثُّ عَلَى الْمُبَادَرَةِ فِي إِطْعَامِهَا وَكَسَوْتِهَا كَمَا يَفْعَلُ الْإِنْسَانُ عَادَةً ذَلِكَ فِي شَأْنِ نَفْسِهِ (وَلَا يَضْرِبَ الْوَجْهَ) أَيْ إِنِ احْتَاجَ إِلَى ضَرْبِهَا لِلتَّأْدِيبِ أَوْ لِتَرْكِهَا بَعْضَ الْفَرَائِضِ (وَلَا يُقَبِّحَ) أَيْ صُورَتَهَا بِضَرْبِ الْوَجْهِ وَلَا يَنْسُبَ شَيْئًا مِنْ أَفْعَالِهَا وَأَقْوَالِهَا إِلَى الْقُبْحِ وَلَا يَقُولَ لَهَا قَبَّحَ اللَّهُ وَجْهَكِ أَوْ قَبَّحَكِ مِنْ غَيْرِ حَقٍّ قَوْلُهُ (وَلَا يَهْجُرَ إِلَّا فِي الْبَيْتِ) أَيْ لَا يَهْجُرَهَا إِلَّا فِي الْمَضْجَعِ وَلَا يَتَحَوَّلَ عَنْهَا وَلَا يُحَوِّلَهَا إِلَى دَارٍ أُخْرَى وَلَعَلَّ ذَلِكَ فِيمَا يُعْتَادُ وُقُوعُهُ مِنْ الْهَجْرِ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَإِلَّا فَيَجُوزُ هَجْرُهُنَّ إِذَا انْحَسَّتِ الْمَعْصِيَةُ فِي بَيْتٍ كَإِيلَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهُنَّ شَهْرًا وَاعْتِزَالِهِ فِي الْمَشْرَبَةِ
1851 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ الْبَارِقِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ حَدَّثَنِي أَبِي «أَنَّهُ شَهِدَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَذَكَّرَ وَوَعَظَ ثُمَّ قَالَ اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّهُنَّ عِنْدَكُمْ عَوَانٍ لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ لَكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ حَقًّا وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ فَلَا يُوَطِّئَنَّ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ وَلَا يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ أَلَا وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِي كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِنَّ»
ــ
قَوْلُهُ (اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا) قِيلَ الِاسْتِيصَاءُ قَبُولُ الْوَصِيَّةِ أَيْ أُوصِيكُمْ بِهِنَّ خَيْرًا فَاقْبَلُوا وَصِيَّتِي فِيهِنَّ وَقَالَ الطِّيبِيُّ لِلطَّلَبِ أَيِ اطْلُبُوا الْوَصِيَّةَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِخَيْرٍ أَوْ يَطْلُبُ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ بِالْإِحْسَانِ فِي حَقِّهِنَّ وَالصَّبْرِ عَلَى عِوَجِ أَخْلَاقِهِنَّ
بِلَا سَبَبٍ وَقِيلَ الِاسْتِيصَاءُ بِمَعْنَى الْإِيصَاءِ (عَوَانٌ) جَمْعُ عَانِيَةٍ بِمَعْنَى الْأَسِيرَةِ (غَيْرَ ذَلِكَ) أَيْ غَيْرَ الْأَمْرِ الْمَعْهُودِ الَّذِي لِأَجْلِهِ شُرِعَ نِكَاحُهُنَّ قَوْلُهُ (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ إِلَخْ) أَيْ لَا تَمْلِكُونَ غَيْرَ ذَلِكَ فِي وَقْتٍ إِلَّا وَقْتَ إِتْيَانِهِنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ أَيْ ظَاهِرَةٍ فُحْشًا وَقُبْحًا وَالْمُرَادُ النُّشُوزُ وَشَكَاسَةُ الْخُلُقِ وَإِيذَاءُ الزَّوْجِ وَأَهْلِهِ بِاللِّسَانِ وَالْيَدِ لَا الزِّنَا إِذْ لَا يُنَاسِبُ (ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ) وَهَذَا هُوَ الْمُلَائِمُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} [النساء: 34] الْآيَةَ فَالْحَدِيثُ عَلَى هَذَا كَالتَّفْسِيرِ لِلْآيَةِ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالضَّرْبِ فِيهَا هُوَ الضَّرْبُ الْمُتَوَسِّطُ لَا الشَّدِيدُ (وَالْمَضَاجِعِ) الْمَرَاقِدِ أَيْ فَلَا تُدْخِلُوهُنَّ تَحْتَ اللُّحُفِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ فَيَكُونَ كِنَايَةً عَنِ الْجِمَاعِ (غَيْرَ مُبَرِّحٍ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ وَتَشْدِيدِ رَاءٍ وَحَاءٍ مُهْمَلَةٍ هُوَ الشَّدِيدُ الشَّاقُّ {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ} [النساء: 34] فِي تَرْكِ النُّشُوزِ {فَلَا تَبْغُوا} [النساء: 34] إِلَخْ بِالتَّوْبِيخِ وَالْأَذِيَّةِ أَيْ فَأَزِيلُوا عَنْهُنَّ التَّعَرُّضَ وَاجْعَلُوا مَا كَانَ مِنْهُنَّ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فَإِنَّ التَّائِبَ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ (فَلَا يُوطِئْنَ) صِفَةُ جَمْعِ النِّسَاءِ مِنَ الْإِيطَاءِ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ فِي مَعْنَاهُ أَنْ لَا يُمَكِّنَّ مِنْ أَنْفُسِهِنَّ أَحَدًا سِوَاكُمْ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا مَعْنَى حِينَئِذٍ لِاشْتِرَاطِ الْكَرَاهَةِ لِأَنَّ الزِّنَا حَرَامٌ عَلَى الْوُجُوهِ كُلِّهَا قُلْتُ يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي جِمَاعِهِنَّ يَشْمَلُ عَادَةً لِلْكُلِّ سِوَى الزَّوْجِ وَلِذَا قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ أَحَدًا سِوَاكُمْ فَلَا إِشْكَالَ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ أَنْ لَا يُؤْذِنَّ لِأَحَدٍ مِنَ الرِّجَالِ يَدْخُلُ فَيُحَدِّثُ إِلَيْهِنَّ وَكَانَ الْحَدِيثُ مِنَ الرِّجَالِ إِلَى النِّسَاءِ مِنْ عَادَاتِ الْعَرَبِ لَا يَرَوْنَ ذَلِكَ عَيْبًا وَلَا يَعُدُّونَهُ رِيبَةً فَلَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ وَصَارَتِ النِّسَاءُ مَقْصُورَاتٍ نَهَى عَنْ مُحَادِثَتِهِنَّ وَالْقُعُودِ إِلَيْهِنَّ وَقَوْلُهُ مَنْ تَكْرَهُونَ أَيْ تَكْرَهُونَ دُخُولِهِ سَوَاءٌ كَرِهْتُمُوهُ فِي نَفْسِهِ أَمْ لَا قِيلَ الْمُخْتَارُ مَنْعُهُنَّ عَنْ إِذْنِ أَحَدٍ فِي الدُّخُولِ وَالْجُلُوسِ فِي الْمَنَازِلِ سَوَاءٌ كَانَ مَحْرَمًا أَوِ امْرَأَةً إِلَّا بِرِضَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ