الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصَّالِحَ يَزِيدُ فَضْلًا بِوَاسِطَةِ فَضْلِ الْوَقْتِ وَعَلَى هَذَا لَا حَاجَةَ إِلَى تَقْيِيدِ الْعَرْضِ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ كَمَا قِيلَ اهـ قَوْلُهُ (فَقَالَ إِلَخْ) لَا بُدَّ هَاهُنَا أَوَّلًا مِنْ تَحْقِيقِ لَفْظِ أَرَمْتُ ثُمَّ النَّظَرُ فِي السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ وَبَيَانُ إِطْبَاقِهِمَا فَأَمَّا أَرَمْتُ بِفَتْحِ الرَّاءِ كَضَرَبْتُ أَصْلُهُ أَرْمَمْتُ مِنْ أَرَمَّ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ إِذْ صَارَ رَمِيمًا فَحَذَفُوا إِحْدَى الْمِيمَيْنِ كَمَا فِي ظَلَّتْ وَلَفْظُهُ إِمَّا عَلَى الْخِطَابِ أَوْ عَلَى الْغَيْبَةِ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَنِدٌ إِلَى الْعِظَامِ وَقِيلَ مِنْ أَرَمَ بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ أَيْ فَنِيَ وَكَثِيرًا مَا يُرْوَى بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَالْخِطَابِ فَقِيلَ هِيَ لُغَةُ نَاسٍ مِنَ الْعَرَبِ وَقِيلَ بَلْ خَطَأٌ وَالصَّوَابُ سُكُونُ تَاءِ التَّأْنِيثِ لِلْعِظَامِ أَوْ أَرْمَمْتُ بِفَكِّ الْإِدْغَامِ وَأَمَّا تَحْقِيقُ السُّؤَالِ فَوَجْهُهُ أَنَّهُمْ أَعَمُّوا الْخِطَابَ فِي قَوْلِهِ: " فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ " لِلْحَاضِرِينَ وَلِمَنْ يَأْتِي بَعْدَهُ صلى الله عليه وسلم وَرَأَوْا أَنَّ الْمَوْتَ فِي الظَّاهِرِ مَانِعٌ مِنَ السَّمَاعِ وَالْعَرْضِ فَسَأَلُوا عَنْ كَيْفِيَّةِ عَرْضِ صَلَاةِ مَنْ يُصَلِّي بَعْدَ الْمَوْتِ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُمْ وَقَدْ أَرَمَّتْ كِنَايَةٌ عَنِ الْمَوْتِ وَالْجَوَابُ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ إِلَخْ كِنَايَةٌ عَنْ كَوْنِ الْأَنْبِيَاءِ أَحْيَاءَ فِي قُبُورِهِمْ أَوْ بَيَانٌ لِمَا هُوَ خَرْقٌ لِلْعَادَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ بِطَرِيقِ التَّمْثِيلِ أَيْ لِيَجْعَلُوهُ مَقِيسًا عَلَيْهِ لِلْعَرْضِ بَعْدَ الْمَوْتِ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الْعَادَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَانِعَ مِنَ الْعَرْضِ عِنْدَهُمْ فِنَاءُ الْبَدَنِ لَا مُجَرَّدُ الْمَوْتِ وَمُفَارَقَةُ الرُّوحِ الْبَدَنَ لِجَوَازِ عَوْدِ الرُّوحِ إِلَى الْبَدَنِ مَا دَامَ سَالِمًا عَنِ التَّغْيِيرِ الْكَثِيرِ فَأَشَارَ صلى الله عليه وسلم إِلَى بَقَاءِ بَدَنِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِلسُّؤَالِ وَالْجَوَابِ (يَعْنِي بَلِيَتْ) بِفَتْحِ بَاءٍ وَكَسْرِ لَامٍ أَيْ صِرْتُ بَالِيًا عَتِيقًا.
1086 -
حَدَّثَنَا مُحْرِزُ بْنُ سَلَمَةَ الْعَدَنِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ الْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ كَفَّارَةُ مَا بَيْنَهُمَا مَا لَمْ تُغْشَ الْكَبَائِرُ»
ــ
قَوْلُهُ (مَا لَمْ تُغَشَّ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ مَا لَمْ تُرْتَكَبْ.
[بَاب مَا جَاءَ فِي الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ]
1087 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ حَدَّثَنِي أَبُو الْأَشْعَثِ حَدَّثَنِي أَوْسُ بْنُ أَوْسٍ الثَّقَفِيُّ قَالَ «سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ وَدَنَا مِنْ الْإِمَامِ فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا»
ــ
قَوْلُهُ (مَنْ غَسَّلَ) رُوِيَ مُشَدَّدًا وَمُخَفَّفًا قِيلَ أَيْ جَامَعَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ الْخُرُوجِ إِلَى الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ فِي الطَّرِيقِ مِنْ غَسَّلَ امْرَأَتَهُ بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ إِذَا جَامَعَهَا وَقِيلَ أَرَادَ غَسَّلَ غَيْرَهُ لِأَنَّهُ إِذَا جَامَعَهَا أَحْوَجَهَا إِلَى الْغُسْلِ وَقِيلَ أَرَادَ غَسْلَ الْأَعْضَاءِ لِلْوُضُوءِ وَقِيلَ غَسْلَ رَأْسِهِ كَمَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ
وَأَفْرَدَ بِالذِّكْرِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمُؤْنَةِ لِأَجْلِ الشَّعْرِ أَوْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَجْعَلُونَ فِيهِ الدُّهْنَ وَالْخَطْمِيَّ وَنَحْوَهَا وَكَانُوا يَغْتَسِلُونَ اهـ قَوْلُهُ (وَاغْتَسَلَ) أَيْ لِلْجُمُعَةِ وَقِيلَ هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَالتَّكْرَارُ لِلتَّأْكِيدِ (وَبَكَّرَ) الْمَشْهُورُ التَّشْدِيدُ وَجُوِّزَ تَخْفِيفُهُ وَالْمَعْنَى أَيْ أَتَى الصَّلَاةَ أَوَّلَ وَقْتِهَا وَكُلُّ مَنْ أَسْرَعَ إِلَى شَيْءٍ فَقَدْ بَكَّرَ إِلَيْهِ (وَابْتَكَرَ) أَيْ أَدْرَكَ أَوَّلَ الْخُطْبَةِ وَأَوَّلُ كُلُّ شَيْءٍ بَاكُورَتُهُ وَابْتَكَرَ إِذَا أَكَلَ بَاكُورَةَ الْفَوَاكِهِ وَقِيلَ هُمَا بِمَعْنًى كَرَّرَهُ لِلتَّأْكِيدِ قَوْلُهُ (وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ) فِيهِ تَأْكِيدٌ وَدَفْعٌ لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ حَمْلِ الْمَشْيِ عَلَى مُجَرَّدِ الذَّهَابِ وَلَوْ رَاكِبًا أَوْ حَمْلُهُ عَلَى تَحَقُّقِ الْمَشْيِ وَلَوْ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ (وَدَنَا) أَيْ قَرُبَ فَاسْتَمَعَ أَيْ أَصْغَى وَفِيهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا فَلَوِ اسْتَمَعَ وَهُوَ بَعِيدٌ وَقَرُبَ وَلَمْ يَسْتَمِعْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ هَذَا الْأَجْرُ (وَلَمْ يَلْغُ) أَيْ لَمْ يَتَكَلَّمْ فَإِنَّ الْكَلَامَ حَالَ الْخُطْبَةِ لَغْوٌ أَوِ اسْتَمَعَ الْخُطْبَةَ وَلَمْ يَشْتَغِلْ بِغَيْرِهَا قَوْلُهُ (بِكُلِّ خُطْوَةٍ) أَيْ ذَهَابًا وَإِيَابًا أَوْ ذَهَابًا فَقَطْ أَوْ بِكُلِّ خُطْوَةٍ مِنْ خُطُوَاتِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَإِتْمَامِ الْعُمُرِ (أَجْرُ صِيَامِهَا) بَدَلُ مَنْ عَمِلَ سُنَّةً وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ أَجْرُ مَنِ اسْتَوْعَبَ السُّنَّةَ بِالصِّيَامِ وَالْقِيَامِ لَوْ كَانَ وَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يَتَحَقَّقَ الِاسْتِيعَابُ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ فِي هَذَا وَأَمْثَالِهِ ثُبُوتُ أَصْلِ أَجْرِ الْأَعْمَالِ لَا مَعَ الْمُضَاعَفَاتِ الْمَعْلُومَةِ بِالنُّصُوصِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعَ الْمُضَاعَفَاتِ.
1088 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ مَنْ أَتَى الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ»
ــ
قَوْلُهُ (فَلْيَغْتَسِلْ) ظَاهِرُ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ لَكِنْ حَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى النَّدْبِ تَوْفِيقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ النَّدْبُ وَحَمَلُوا مَا جَاءَ مِنْ صَرِيحِ الْوُجُوبِ عَلَى النَّدْبِ الْمُؤَكِّدِ أَوْ عَلَى النَّسْخِ.
1089 -
حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ»
ــ
قَوْلُهُ (وَاجِبٌ) أَيْ أَمْرٌ مُؤَكَّدٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ أَيْ ذَكَرَ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الصِّيغَةِ وَمُقْتَضَى كَوْنِ الِاحْتِلَامِ غَالِبًا يَكُونُ فِيهِمْ وَهُمْ يَبْلُغُونَ بِهِ دُونَ النِّسَاءِ وَبَعْدَ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ حَمْلِ هَذَا الْعُمُومِ عَلَى الْخُصُوصِ بِمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ وَعِلَّةٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.