الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَغْلِبُ حُبُّ الدُّنْيَا حَتَّى يَنْسَى الْآخِرَةَ فَلَا يَتْرُكِ الظُّلْمَ لِكَوْنِهِ حَرَامًا مُضِرًّا فِي الْآخِرَةِ فَلِيُتْرَكْ لِحُبِّ الدُّنْيَا خَوْفًا مِنْ دَعْوَةِ الْمَظْلُومِ وَإِلَّا فَالظُّلْمُ يَجِبُ تَرْكُهُ لِكَوْنِهِ حَرَامًا وَإِنْ لَمْ يَخَفْ دَعْوَةَ صَاحِبِهِ (وَبَيْنَ اللَّهِ) أَيْ بَيْنَ وُصُولِهَا إِلَى مَحَلِّ الِاسْتِجَابَةِ وَالْقَبُولِ وَقَدْ جَاءَ وَلَوْ كَانَ عَاصِيًا فَعِنْدَ أَحْمَدَ مَرْفُوعًا «دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ وَإِنْ كَانَ فَاجِرًا فَفُجُورُهُ عَلَى نَفْسِهِ» وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ هَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا فَهُوَ مُقَيَّدٌ بِالْحَدِيثِ الْآخَرِ أَنَّ الدَّاعِيَ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبٍ إِمَّا أَنَّ يُعَجَّلَ لَهُ مَا طَلَبَ وَإِمَّا أَنَّ يُؤَخَّرَ لَهُ أَفْضَلُ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ يُدْفَعَ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهُ وَهَذَا كَمَا قَيَّدَ مُطْلَقَ قَوْلِهِ تَعَالَى {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} [النمل: 62] بِقَوْلِهِ {فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ} [الأنعام: 41] ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
[بَاب مَا جَاءَ فِي مَنْعِ الزَّكَاةِ]
1784 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَعْيَنَ وَجَامِعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ سَمِعَا شَقِيقَ بْنَ سَلَمَةَ يُخْبِرُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا مِنْ أَحَدٍ لَا يُؤَدِّي زَكَاةَ مَالِهِ إِلَّا مُثِّلَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ حَتَّى يُطَوِّقَ عُنُقَهُ ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِصْدَاقَهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [آل عمران: 180] الْآيَةَ»
ــ
قَوْلُهُ (إِلَّا مُثِّلَ لَهُ) مِنَ التَّمْثِيلِ أَيْ صُوِّرَ لَهُ مَالُهُ وَالظَّاهِرُ جَمِيعُ الْمَالِ أَوْ قَدْرُ الزَّكَاةِ فَقَطْ (شُجَاعًا) بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ الْحَيَّةُ الذَّكَرُ وَقِيلَ الْحَيَّةُ مُطْلَقًا (أَقْرَعَ) لَا شَعْرَ عَلَى رَأْسِهِ لِكَثْرَةِ سُمِّهِ وَقِيلَ هُوَ الْأَبْيَضُ الرَّأْسِ مِنْ كَثْرَةِ السُّمِّ (حَتَّى يُطَوَّقَ بِهِ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ طُوِّقَ بِالتَّشْدِيدِ (حَتَّى) لِلتَّعْلِيلِ لِكَيْ يُطَوِّقَهُ أَوْ هِيَ غَايَةُ مَحْذُوفٍ أَيْ يَفِرُّ مِنْهُ حَتَّى يُطَوَّقَ بِهِ قَوْلُهُ {وَلَا يَحْسَبَنَّ} [آل عمران: 180] إِلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ تَعَالَى {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ} [آل عمران: 180] أَنَّهُ يَجْعَلُ قَدْرَ الزَّكَاةِ طَوْقًا لَهُ لِأَنَّهُ الَّذِي بَخِلَ بِهِ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ الْكُلُّ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ فِي الْقُرْآنِ مَا بَخْلُوَا بِزَكَاتِهِ وَهُوَ كُلُّ الْمَالِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ} [التوبة: 34] الْآيَةَ إِذْ يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ بَعْضُ أَنْوَاعِ الْمَالِ طَوْقًا وَبَعْضُهَا يُحْمَى عَلَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ أَوْ يُعَذَّبُ حِينًا بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَحِينًا بِتِلْكَ الصِّفَةِ