الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى إِقَامَتِهَا قَوْلُهُ (مِنْ سُنَّتِي) قِيلَ النَّظَرُ يَقْتَضِي مِنْ سُنَنٍ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ لَكِنَّ الرِّوَايَةَ بِصِيغَةِ الْإِفْرَادِ فَيُحْمَلُ الْمُفْرَدُ عَلَى الْجِنْسِ الشَّائِعِ فِي أَفْرَادِهِ قَوْلُهُ (وَمَنِ ابْتَدَعَ بِدْعَةً) وَهِيَ مَا لَا يُوَافِقُ أُصُولَ الشَّرْعِ كَمَا سَبَقَ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ فَعُمِلَ بِهَا عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَلَمْ يَقُلْ فَعَمِلَ بِهَا النَّاسُ كَمَا قَالَ فِي السُّنَّةِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَأْنِ النَّاسِ الْعَمَلُ بِالْبِدَعِ وَإِنَّمَا مِنْ شَأْنِهِمُ الْعَمَلُ بِالسُّنَنِ فَالْعَامِلُ بِالْبِدْعَةِ لَا يُعَدُّ مِنَ النَّاسِ وَيَحْتَمِلُ عَلَى بُعْدٍ أَنْ يَكُونَ عَمِلَ عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ وَفِيهِ ضَمِيرُ النَّاسِ وَإِفْرَادُهُ لِإِفْرَادِ النَّاسِ لَفْظًا.
210 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مَنْ أَحْيَا سُنَّةً مِنْ سُنَّتِي قَدْ أُمِيتَتْ بَعْدِي فَإِنَّ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلَ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ النَّاسِ لَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِ النَّاسِ شَيْئًا وَمَنْ ابْتَدَعَ بِدْعَةً لَا يَرْضَاهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَإِنَّ عَلَيْهِ مِثْلَ إِثْمِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ النَّاسِ لَا يَنْقُصُ مِنْ آثَامِ النَّاسِ شَيْئًا»
ــ
وَقَوْلُهُ أُمِيتَتْ بَعْدِي قِيلَ لَمَّا اسْتُعِيرَ الْإِحْيَاءُ لِلْعَمَلِ بِهَا وَحَثِّ النَّاسَ عَلَيْهَا اسْتُعِيرَ الْإِمَاتَةُ لِمَا يُقَابِلُهُ مِنَ التَّرْكِ وَمَنْعِ النَّاسِ عَنْ إِقَامَتِهَا وَهِيَ كَالتَّرْشِيحِ لِلِاسْتِعَارَةِ الْأُولَى. قَوْلُهُ (لَا يَرْضَاهَا اللَّهُ تَعَالَى) هَذَا تَقْبِيحٌ لِلْبِدْعَةِ وَإِلَّا فَكُلُّ بِدْعَةٍ كَذَلِكَ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وَهُوَ مَا لَا يُوَافِقُ أُصُولَ الشَّرْعِ وَقِيلَ فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ مِنَ الْبِدَعِ مَا يَرْضَاهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ كَالتَّصْنِيفِ وَبِنَاءِ الْمَدَارِسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ قُلْتُ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْبِدْعَةَ مُطْلَقُ الْأَمْرِ الْمُحْدَثِ بَعْدَهُ.
[بَاب فَضْلِ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ]
211 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ شُعْبَةُ خَيْرُكُمْ وَقَالَ سُفْيَانُ أَفْضَلُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ»
ــ
قَوْلُهُ (خَيْرُكُمْ إِلَخْ) يُرَادُ بِمِثْلِهِ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَخْيَارِ لَا أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنَ الْكُلِّ وَبِهِ يَنْدَفِعُ التَّدَافُعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ بِهَذَا الْعُنْوَانِ ثُمَّ الْمَقْصُودُ فِي مِثْلِهِ بَيَانُ أَنَّ وَصْفَ تَعَلُّمِ الْقُرْآنِ وَتَعْلِيمِهِ مِنْ جُمْلَةِ خِيَارِ الْأَوْصَافِ فَالْمَوْصُوفُ بِهِ يَكُونُ خَيْرًا مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ أَوْ يَكُونُ خَيْرًا إِنْ لَمْ يُعَارِضْ هَذَا الْوَصْفَ مُعَارِضٌ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ كَثِيرًا مَا يَكُونُ الْمَرْءُ مُتَعَلِّمًا أَوْ مُعَلِّمًا الْقُرْآنَ وَيَأْتِي بِالْمُنْكَرَاتِ
فَكَيْفَ يَكُونُ خَيْرًا وَقَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ مَعَ مُرَاعَاتِهِ عَمَلًا وَإِلَّا فَغَيْرُ الْمُرَاعِي يُعَدُّ جَاهِلًا.
212 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَفْضَلُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ»
213 -
حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ نَبْهَانَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خِيَارُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ قَالَ وَأَخَذَ بِيَدِي فَأَقْعَدَنِي مَقْعَدِي هَذَا أُقْرِئُ»
ــ
قَوْلُهُ (قَالَ) أَيْ بَعْضُ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَخَذَ أَيْ شَيْخِيَ الَّذِي سَمِعْتُ مِنْهُ الْحَدِيثَ وَهَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ فِيهِ مَجَازًا فِي الْإِسْنَادِ أَقْرَأُ مِنَ الْإِقْرَاءِ وَفِي التِّرْمِذِيِّ بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَذَاكَ الَّذِي أَقْعَدَنِي مَقْعَدِي هَذَا وَعَلَّمَ الْقُرْآنَ فِي زَمَانِ عُثْمَانَ حَتَّى بَلَغَ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ الْحَرْثِ بْنِ نَبْهَانَ رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ نَبْهَانَ بِهِ.
214 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ «عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْأُتْرُجَّةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلَا رِيحَ لَهَا وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ طَعْمُهَا مُرٌّ وَلَا رِيحَ لَهَا»
ــ
قَوْلُهُ (كَمَثَلِ الْأُتْرُجَّةِ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أُتْرُنْجَةُ بِزِيَادَةِ النُّونِ وَتَخْفِيفِ الْجِيمِ وَهِيَ مِنْ أَفْضَلِ الثِّمَارِ لِكِبَرِ جُرْمِهَا وَمَنْظَرِهَا وَطِيبِ طَعْمِهَا وَلِينِ مَلْمَسِهَا وَلَوْنُهَا يَسُرُّ النَّاظِرِينَ وَفِيهِ تَشْبِيهُ الْإِيمَانِ بِالطَّعْمِ الطَّيِّبِ لِكَوْنِهَا خَيْرًا بَاطِنِيًّا لَا يَظْهَرُ لِكُلِّ أَحَدٍ وَالْقُرْآنُ بِالرِّيحِ الطَّيِّبِ يَنْتَفِعُ بِسَمَاعِهِ كُلُّ أَحَدٍ وَيَظْهَرُ بِمَحَاسِنِهِ لِكُلِّ سَامِعٍ.
215 -
حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بِشْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بُدَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنْ النَّاسِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُمْ قَالَ هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ»
ــ
قَوْلُهُ (أَهْلِينَ) بِكَسْرِ اللَّامِ جَمْعُ أَهْلٍ جُمِعَ بِالْيَاءِ وَالنُّونِ لِكَوْنِهِ مَنْصُوبًا عَلَى أَنَّهُ اسْمُ إِنَّ كَمَا يُجْمَعُ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ إِذَا كَانَ مَرْفُوعًا وَإِنَّمَا يُجْمَعُ تَنْبِيهًا عَلَى كَثْرَتِهِمْ قَوْلُهُ (هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ) أَيْ حَفَظَةُ الْقُرْآنِ يُقْرَأُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ
الْعَامِلُونَ بِهِ قَوْلُهُ (أَهْلُ اللَّهِ) بِتَقْدِيرِ أَنَّهُمْ أَهْلُ اللَّهِ أَيْ أَوْلِيَاؤُهُ الْمُخْتَصُّونَ بِهِ اخْتِصَاصَ أَهْلِ الْإِنْسَانِ بِهِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
216 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ أَبِي عُمَرَ عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَاذَانَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَحَفِظَهُ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَشَفَّعَهُ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ كُلُّهُمْ قَدْ اسْتَوْجَبُوا النَّارَ»
ــ
قَوْلُهُ (مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ) أَيْ غَيْبًا وَلَوْ بِالنَّظَرِ قَوْلُهُ (وَحَفِظَهُ) أَيْ بِمُرَاعَاةٍ بِالْعَمَلِ بِهِ وَالْقِيَامِ بِمُوجِبِهِ أَوِ الْمُرَادُ بِالْحِفْظِ قِرَاءَتُهُ غَيْبًا وَالْوَاوُ لَا تُفِيدُ التَّرْتِيبَ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَعْنَى مَنْ حَفِظَ الْقُرْآنَ وَدَاوَمَ عَلَى قِرَاءَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يَتْرُكُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَعْنَى مَنْ دَاوَمَ عَلَى قِرَاءَتِهِ حَتَّى حَفِظَهُ وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ مَعَ ذَلِكَ الْعَمَلُ بِهِ أَيْضًا إِذْ غَيْرُ الْعَامِلِ يُعَدُّ جَاهِلًا وَرِوَايَةُ التِّرْمِذِيِّ صَرِيحَةٌ فِي اعْتِبَارِ أَنَّهُ يَقْرَأُ بِالْغَيْبِ وَإِثْبَاتُهُ بِهِ قَوْلُهُ (أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ) أَيِ ابْتِدَاءً وَإِلَّا فَكُلُّ مُؤْمِنٍ يَدْخُلُهَا (وَشَفَّعَهُ) بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ أَيْ قَبِلَ شَفَاعَتَهُ قَوْلُهُ (قَدِ اسْتَوْجَبَ النَّارَ) أَيْ بِالذُّنُوبِ لَا بِالْكُفْرِ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهُ.
217 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْدِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عَطَاءٍ مَوْلَى أَبِي أَحْمَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ وَاقْرَءُوهُ وَارْقُدُوا فَإِنَّ مَثَلَ الْقُرْآنِ وَمَنْ تَعَلَّمَهُ فَقَامَ بِهِ كَمَثَلِ جِرَابٍ مَحْشُوٍّ مِسْكًا يَفُوحُ رِيحُهُ كُلَّ مَكَانٍ وَمَثَلُ مَنْ تَعَلَّمَهُ فَرَقَدَ وَهُوَ فِي جَوْفِهِ كَمَثَلِ جِرَابٍ أُوكِيَ عَلَى مِسْكٍ»
ــ
قَوْلُهُ (وَاقْرَءُوهُ) أَيْ دَاوِمُوا عَلَى قِرَاءَتِهِ مَعَ الْعَمَلِ بِهِ وَارْقُدُوا أَيْ ذَلِكَ ذَكَرَهُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ قَارِئَ الْقُرْآنِ لَا يُمْنَعُ عَنِ النَّوْمِ وَلَا يُعَاقَبُ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ مَعَ أَدَاءِ حَقِّ الْقُرْآنِ وَإِنَّمَا يُعَاقَبُ عَلَيْهِ إِذَا لَزِمَ عَلَيْهِ عَدَمُ أَدَاءِ حَقِّ الْقُرْآنِ قَوْلُهُ (فَقَامَ بِهِ) تَشَمَّرَ لِأَدَاءِ حَقِّهِ قِرَاءَةً وَعَمَلًا كَمِثْلِ جِرَابٍ بِكَسْرِ الْجِيمِ وِعَاءٌ مَعْرُوفٌ وَفِي الصِّحَاحِ وَالْعَامَّةُ تَفْتَحُهَا وَفِي الْقَامُوسِ وَلَا يُفْتَحُ أَوْ هِيَ لُغَيَّةٌ وَفِي الْقِسْطِ مِنْ بَابِ اللُّطْفِ قَوْلُ مَنْ قَالَ لَا تَكْسِرِ الْقَصْعَةَ وَلَا تَفْتَحِ الْجِرَابَ قَوْلُهُ (مَحْشُوًّا) بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ كَمَدْعُوًّا أَيْ مَمْلُوءًا فَرَقَدَ أَيْ غَفَلَ وَنَامَ (أُوكِيَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ أَوَكَيْتُ السِّقَاءَ إِذَا رَبَطْتُ فَمَهُ بِالْوِكَاءِ وَالْوِكَاءُ بِالْكَسْرِ خَيْطٌ تُشَدُّ بِهِ الْأَوْعِيَةُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ مَلَأَهُ مِسْكًا وَرَبَطَ فَمَهُ عَلَى الْمِسْكِ أَيْ لِأَجْلِهِ.