الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رِجَالِهِ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
1571 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ هَانِئٍ عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ الْأَجْدَعِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُزَهِّدُ فِي الدُّنْيَا وَتُذَكِّرُ الْآخِرَةَ»
ــ
قَوْلُهُ: (كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ إِلَخْ) فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَأَيُّوبُ بْنُ هَانِئٍ قَالَ ابْنُ مَعِينٍ ضَعِيفٌ وَقَالَ ابْنُ حَاتِمٍ صَالِحٌ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَاب مَا جَاءَ فِي زِيَارَةِ قُبُورِ الْمُشْرِكِينَ]
1572 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «زَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَبْرَ أُمِّهِ فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ فَقَالَ اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يَأْذَنْ لِي وَاسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمْ الْمَوْتَ»
ــ
قَوْلُهُ: (فَبَكَى وَأَبْكَى إِلَخْ) كَأَنَّهُ أَخَذَ التَّرْجَمَةَ مِنَ الْمَنْعِ عَنِ الِاسْتِغْفَارِ أَوْ مِنْ مُجَرَّدِ أَنَّهُ الظَّاهِرُ عَلَى مُقْتَضَى وَجُودِهَا فِي وَقْتِ الْجَاهِلِيَّةِ لَا مِنْ قَوْلِهِ: فَبَكَى وَأَبْكَى إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنَ الْبُكَاءِ عِنْدَ الْحُضُورِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ الْعَذَابُ أَوِ الْكُفْرُ بَلْ يُمْكِنُ تَحَقُّقُهُ مَعَ النَّجَاةِ وَالْإِسْلَامِ أَيْضًا لَكِنْ مَنْ يَقُولُ بِنَجَاةِ الْوَالِدَيْنِ لَهُمْ ثَلَاثَةُ مَسَالِكَ فِي ذَلِكَ مَسْلَكُ أَنَّهُمَا مَا بَلَغَتْهُمَا الدَّعْوَةُ وَلَا عَذَابَ عَلَى مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ} [الإسراء: 15] إِلَخْ فَلَعَلَّ مَنْ سَلَكَ هَذَا الْمَسْلَكَ يَقُولُ فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ إِنَّ الِاسْتِغْفَارَ فَرْعُ تَصَوُّرِ الذَّنْبِ وَذَلِكَ فِي أَوَانِ التَّكْلِيفِ وَلَا يُعْقَلُ ذَلِكَ فِيمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ فَلَا حَاجَةَ إِلَى الِاسْتِغْفَارِ لَهُمْ فَيُمْكِنُ أَنَّهُ مَا شُرِعَ الِاسْتِغْفَارُ إِلَّا لِأَهْلِ الدَّعْوَةِ لَا لِغَيْرِهِمْ وَإِنْ كَانُوا نَاجِينَ وَأَمَّا مَنْ يَقُولُ بِأَنَّهُمَا أُحْيِيَا لَهُ صلى الله عليه وسلم فَآمَنَا بِهِ فَيَحْمِلُ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ الْإِخْبَارِ وَأَمَّا مَنْ يَقُولُ بِمَنْعِ الِاسْتِغْفَارِ لَهُمَا قَطْعًا فَلَا حَاجَةَ إِلَى التَّأْوِيلِ فَاتَّضَحَ وَجْهُ الْحَدِيثِ عَلَى جَمِيعِ الْمَسَالِكِ.
1573 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي كَانَ يَصِلُ الرَّحِمَ وَكَانَ وَكَانَ فَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِي النَّارِ قَالَ فَكَأَنَّهُ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيْنَ أَبُوكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَيْثُمَا مَرَرْتَ بِقَبْرِ مُشْرِكٍ فَبَشِّرْهُ بِالنَّارِ» قَالَ فَأَسْلَمَ الْأَعْرَابِيُّ بَعْدُ وَقَالَ لَقَدْ كَلَّفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَعَبًا مَا مَرَرْتُ بِقَبْرِ كَافِرٍ إِلَّا بَشَّرْتُهُ بِالنَّارِ
ــ
قَوْلُهُ: (وَكَانَ وَكَانَ) أَيْ وَكَانَ يَفْعَلُ كَذَا وَكَانَ يَفْعَلُ كَذَا مِنَ الْخَيْرَاتِ (حَيْثُمَا مَرَرْتُ بِقَبْرِ كَافِرٍ إِلَخْ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ لَهُ «إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ»
قَالَ السُّيُوطِيُّ وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا حَمَّادُ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ وَقَدْ خَالَفَهُ مَعْمَرٌ عَنْ ثَابِتٍ فَلَمْ يَذْكُرْهُ وَلَكِنْ قَالَ إِذَا مَرَرْتُ بِقَبْرِ كَافِرٍ فَبَشِّرْهُ بِالنَّارِ وَلَا دَلَالَةَ فِي هَذَا اللَّفْظِ عَلَى حَالِ الْوَالِدِ وَهُوَ أَثْبَتُ فَإِنَّ مَعْمَرًا أَثْبَتُ مِنْ حَمَّادٍ فَإِنَّ حَمَّادًا تُكُلِّمَ فِي حِفْظِهِ وَوَقَعَ فِي أَحَادِيثِهِ مَنَاكِيرُ وَلَمْ يُخَرِّجْ لَهُ الْبُخَارِيُّ وَلَا خَرَّجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي الْأُصُولِ إِلَّا مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ ثَابِتٍ وَأَمَّا مَعْمَرٌ فَلَمْ يُتَكَلَّمْ فِي حِفْظِهِ وَلَا اسْتُنْكِرَ شَيْءٌ مِنْ حَدِيثِهِ وَاتَّفَقَ عَلَى التَّخْرِيجِ لَهُ الشَّيْخَانِ فَكَانَ لَفْظُهُ أَثْبَتُ ثُمَّ وَجَدْنَا الْحَدِيثَ وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ بِمِثْلِ لَفْظِ مَعْمَرٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَكَذَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فَتَعَيَّنَ الِاعْتِمَادُ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ وَتَقْدِيمُهُ عَلَى غَيْرِهِ فَعُلِمَ أَنَّ رِوَايَةَ مُسْلِمٍ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ بِالْمَعْنَى عَلَى حَسَبِ فَهْمِهِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ صَحَّ يُحْمَلُ فِيهِ الْأَبُ عَلَى الْعَمِّ وَلِهَذَا قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْكِتَابِ هَذَا أَيْ سُنَنُ ابْنِ مَاجَهْ مِنْ مَحَاسِنِ الْأَجْوِبَةِ أَنَّهُ لَمَا وَجَدَ الْأَعْرَابِيَّ فِي نَفْسِهِ لَاطَفَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَعَدَلَ إِلَى جَوَابٍ عَامٍّ فِي كُلٍّ مُشْرِكٍ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ إِلَى الْجَوَابِ عَنْ وَالِدِهِ صلى الله عليه وسلم بِنَفْيٍ وَلَا إِثْبَاتٍ وَقَالَ وَلَمْ يُعْرَفْ لِوَالِدِهِ صلى الله عليه وسلم حَالَةُ شِرْكٍ مَعَ صِغَرِ سِنِّهِ جِدًّا فَإِنَّهُ تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحْيَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالِدِيهِ حَتَّى آمَنَا بِهِ وَالَّذِي يَقْطَعُ بِهِ أَنَّهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَمِنْ أَقْوَى الْحُجَجِ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ الْفَتْرَةِ وَقَدْ أَطْبَقَ أَئِمَّتُنَا الشَّافِعِيَّةُ وَالْأَشْعَرِيَّةُ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ لَا يُعَذَّبُ وَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ} [الإسراء: 15] الْآيَةَ وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي الْإِصَابَةِ وَرَدَ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ فِي حَقِّ الشَّيْخِ الْهَرِمِ وَمَنْ مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ وَمَنْ وُلِدَ أَكْمَهَ أَعْمَى أَصَمَّ وَمَنْ وُلِدَ مَجْنُونًا أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْجُنُونُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ وَنَحْوُ ذَلِكَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يَأْتِي بِحُجَّةٍ وَيَقُولُ لَوْ عَقَلْتُ أَوْ ذُكِّرْتُ لَآمَنْتُ فَتُرْفَعُ لَهُمْ نَارٌ وَيُقَالُ ادْخُلُوهَا فَمَنْ دَخَلَهَا كَانَتْ لَهُ بَرْدًا وَسَلَامًا وَمَنِ امْتَنَعَ أُدْخِلَهَا كُرْهًا وَنَحْنُ نَرْجُو أَنْ يَدْخُلَ عَبْدُ الْمُطَّلَبِ وَآلُ بَيْتِهِ فِي جُمْلَةِ مَنْ يَدْخُلُهَا طَائِعًا إِلَّا أَبَا طَالِبٍ اهـ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَخَذَ التَّرْجَمَةَ مِنْ لَفْظِ حَيْثُمَا مَرَرْتُ بِقَبْرِ مُشْرِكٍ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ الزِّيَارَةِ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ هَذَا الْحَدِيثِ صَحِيحٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.