الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَحِيحٌ إِلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ فِي مَوْضِعَيْنِ لِأَنَّ عُبَادَةَ رِوَايَتُهُ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مُرْسَلَةٌ قَالَهُ الْعَلَاءُ وَزَيْدُ بْنُ أَيْمَنَ عَنْ عُبَادَةَ مُرْسَلَةٌ قَالَهُ الْبُخَارِيُّ اهـ وَاللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
[كِتَاب الصِّيَامِ] [
بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الصِّيَامِ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب الصِّيَامِ بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الصِّيَامِ
1638 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ مَا شَاءَ اللَّهُ يَقُولُ اللَّهُ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ»
ــ
قَوْلُهُ: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ) وَالْمُرَادُ بِهِ الْحَسَنَاتُ وَلِذَا وَضَعَ الْحَسَنَةَ فِي الْخَيْرِ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ الرَّاجِعِ إِلَى الْمُبْتَدَأِ تَنْبِيهًا عَلَى ذَلِكَ (فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ) قَدْ ذَكَرُوا لَهُ مَعَانِيَ لَكِنِ الْمُوَافِقُ لِلْأَحَادِيثِ أَنَّهُ كِنَايَةٌ عَنْ تَعْظِيمِ جَزَائِهِ وَأَنَّهُ لَا حَدَّ لَهُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي تُفِيدُ الْمُقَابَلَةُ بِمَا قَبْلَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10] وَذَلِكَ لِأَنَّ اخْتِصَاصَهُ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأَعْمَالِ بِأَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِعِظَمٍ لَا نِهَايَةَ لِعَظَمَتِهِ وَلَا حَدَّ لَهَا وَأَنَّ ذَلِكَ الْعِظَمَ هُوَ الْمُتَوَلِّي لِجَزَائِهِ مِمَّا يَنْسَاقُ الذِّهْنُ مِنْهُ إِلَى أَنَّ جَزَاءَهُ مِمَّا لَا حَدَّ لَهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ عَلَى هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ لِي أَنَا الْمُنْفَرِدُ بِهِ بِعِلْمٍ مُقَدَّمٌ ثَوَابُهُ وَتَضْعِيفُهُ وَبِهِ تَظْهَرُ الْمُقَابَلَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا جَاءَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ مِنْ قَوْلِهِ «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ هُوَ لِي» أَيْ كُلُّ عَمَلٍ لَهُ بِاخْتِيَارِ أَنَّهُ عَالِمٌ بِجَزَائِهِ وَمِقْدَارِ تَضْعِيفِهِ إِجْمَالًا لِمَا بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ الصَّبْرُ الَّذِي مَا حَدَّ لِجَزَائِهِ حَدًّا بَلْ قَالَ {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10] وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ مَعْنَى قَوْلِهِ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَخْ جَمِيعُ أَعْمَالِ ابْنِ آدَمَ مِنْ بَابِ الْعُبُودِيَّةِ تُعَدُّ لَهُ مُنَاسِبَةً لِحَالِهِ بِخِلَافِ الصَّبْرِ فَإِنَّهُ مِنْ بَابِ التَّنَزُّهِ عَنِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالِاسْتِغْنَاءِ عَنْ ذَلِكَ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ التَّخَلُّقِ بِأَخْلَاقِ الرَّبِّ تبارك وتعالى وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَيَحْتَاجُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى إِلَى تَقْدِيرٍ بِأَنْ يُقَالَ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ جَزَاؤُهُ مَحْدُودٌ لِأَنَّهُ لَهُ أَيْ عَلَى قَدْرِهِ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي فَجَزَاؤُهُ غَيْرُ مَحْصُورٍ بَلْ أَنَا الْمُتَوَلِّي لِجَزَائِهِ عَلَى قَدْرِي قَوْلُهُ (يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجَلِي) تَعْلِيلٌ لِاخْتِصَاصِهِ بِعَدَمِ الْجَزَاءِ (عِنْدَ فِطْرِهِ) أَيْ يَفْرَحُ حِينَئِذٍ طَبْعًا وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ لِمَا فِي طَبْعِ النَّفْسِ مِنْ مَحَبَّةِ الْإِرْسَالِ وَكَرَاهَةِ التَّقْتِيرِ قِيلَ يَحْتَمِلُ أَنَّ هَذِهِ هِيَ
فَرْحَةُ النَّفْسِ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا فَرَحُهَا بِالتَّوْفِيقِ لِإِتْمَامِ الصَّوْمِ وَالْخُرُوجِ عَنِ الْعُهْدَةِ قَوْلُهُ (عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ) أَيْ ثَوَابِهِ عَلَى الصَّوْمِ (لَخُلُوفُ) بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ فَتْحَهَا وَقِيلَ هُوَ خَطَأٌ أَيْ تَغَيُّرُ رَائِحَةِ الْفَمِ أَطْيَبُ إِلَخْ أَيْ صَاحِبُهُ عِنْدَ اللَّهِ أَطْيَبُ وَأَكْثَرُ قَبُولًا وَوَجَاهَةً وَأَزْيَدُ قُرْبًا مِنْهُ تَعَالَى مِنْ صَاحِبِ الْمِسْكِ بِسَبَبِ رِيحِهِ عِنْدَكُمْ وَهُوَ تَعَالَى أَكْثَرُ إِقْبَالًا عَلَيْهِ بِسَبَبِهِ مِنْ إِقْبَالِكُمْ عَلَى صَاحِبِ الْمِسْكِ بِسَبَبِهِ
1639 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ الْمِصْرِيُّ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ أَنَّ مُطَرِّفًا مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ حَدَّثَهُ «أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيَّ دَعَا لَهُ بِلَبَنٍ يَسْقِيهِ قَالَ مُطَرِّفٌ إِنِّي صَائِمٌ فَقَالَ عُثْمَانُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ الصِّيَامُ جُنَّةٌ مِنْ النَّارِ كَجُنَّةِ أَحَدِكُمْ مِنْ الْقِتَالِ»
ــ
قَوْلُهُ (جُنَّةٌ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ أَيْ وِقَايَةٌ وَسِتْرٌ مِنَ النَّارِ أَوْ مِمَّا يُؤَدِّي الْعَبْدَ إِلَيْهَا مِنَ الشَّهَوَاتِ
1640 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يُدْعَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَمَنْ كَانَ مِنْ الصَّائِمِينَ دَخَلَهُ وَمَنْ دَخَلَهُ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا»
ــ
قَوْلُهُ (أَيْنَ الصَّائِمُونَ) أَيْ الْمُكْثِرُونَ الصِّيَامَ كَالْعَادِلِ وَالظَّالِمِ يُقَالُ لِمَنْ يَعْتَادُ ذَلِكَ لَا لِمَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مَرَّةً وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِكْثَارَ لَا يَحْصُلُ بِصَوْمِ رَمَضَانَ وَحْدَهُ بَلْ بِأَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ مَا جَاءَ فِيهِ أَنَّهُ صِيَامُ الدَّهْرِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْأَمْرِ قَوْلُهُ (دَخَلَهُ) أَيْ دَخَلَ ذَلِكَ الْبَابَ لِيَدْخُلَ مِنْهُ إِلَى الْجَنَّةِ قَوْلُهُ (لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا) ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا الْوَصْفَ مَخْصُوصٌ بِمَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى {لَا تَظْمَأُ فِيهَا} [طه: 119] يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا ظَمَأَ فِي الْجَنَّةِ أَصْلًا إِلَّا أَنْ يُقَالَ لَيْسَ الْمُرَادُ هُنَاكَ أَنَّهُ لَا ظَمَأَ أَصْلًا بَلِ الْمُرَادُ بَيَانُ دَوَامِ الْمَشَارِبِ عَلَى الْفَوْرِ هُنَاكَ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى الْإِنْسَانُ فِيهَا ظَمْآنَ لَا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْتَعْمِلْ لَمْ يَظْمَأْ أَصْلًا وَالدَّاخِلُ مِنْ هَذَا الْبَابِ يَرْتَفِعُ عَنْهُ الظَّمَأُ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ يُقَالُ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ دَخَلَ لَا يَظْمَأُ مِنْ أَوَّلِ مَا دَخَلَهُ وَالدَّاخِلُونَ مِنْ سَائِرِ الْأَبْوَابِ يَرْتَفِعُ عَنْهُمُ الظَّمَأُ مِنْ حَيْثُ اسْتِقْرَارُهُمْ فِيهَا وَوُصُولُهُمْ إِلَى مَنَازِلِهِمُ الْمُعَدَّةِ لَهُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ