الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آثِمَةٌ إِثْمَ نَفْسٍ أُخْرَى وَهَذَا مِنْ بَابِ حَمْلِ الْمَيِّتِ ذَنْبَ الْحَيِّ فَكَيْفَ يَكُونُ وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا إِذَا رَضِيَ الْمَيِّتُ بَذْلِكَ بِأَنْ أَوْصَى بِهِ أَوْ عَلِمَ بِهِ أَوْ لَمْ يَنْهَ عَنْهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَحِينَئِذٍ يَصِيرُ هَذَا الْفِعْلُ مِنْ ذُنُوبِهِ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ بَابِ حَمْلِ الْمَيِّتِ ذَنْبَ الْحَيِّ بَلْ مِنْ بَابِ حَمْلِهِ ذُنُوبَهُ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ لِأَنَّ يَعْقُوبَ بْنَ حُمَيْدٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.
1595 -
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «إِنَّمَا كَانَتْ يَهُودِيَّةٌ مَاتَتْ فَسَمِعَهُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَبْكُونَ عَلَيْهَا قَالَ إِنَّ أَهْلَهَا يَبْكُونَ عَلَيْهَا وَإِنَّهَا تُعَذَّبُ فِي قَبْرِهَا»
ــ
قَوْلُهُ: (إِنَّمَا كَانَتْ يَهُودِيَّةً إِلَخْ) قَالَتْ ذَلِكَ حِينَ بَلَغَهَا حَدِيثُ «إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ عَلَيْهِ» فَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] وَقَالَتْ وَمَا كَانَ الْحَدِيثُ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا كَانَ الْحَدِيثُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَهُوَ أَنَّ يَهُودِيَّةً مَاتَتْ إِلَخْ وَلَا وَجْهَ لِهَذَا الْإِنْكَارِ بَعْدَ صِحَّةِ الْحَدِيثِ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ وَمَجِيئُهُ عَنِ الصَّحَابَةِ الْعَدِيدَةِ وَأَمَّا الْمُعَارَضَةُ الْمَذْكُورَةُ فَقَدْ عَرَفْتَ دَفْعَهَا وَوُرُودُ هَذَا الْكَلَامِ فِي الْيَهُودِيَّةِ لَا يَمْنَعُ وُرُودَ ذَلِكَ الْكَلَامِ وَهَذَا ظَاهِرٌ نَعَمْ عَائِشَةُ مَا بَلَغَهَا الْحَدِيثُ إِلَّا مِنْ عُمَرَ أَوِ ابْنِ عُمَرَ فَرَأَتْ أَنَّهُ مِنْ سَهْوِهِمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَاب مَا جَاءَ فِي الصَّبْرِ عَلَى الْمُصِيبَةِ]
1596 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى»
ــ
قَوْلُهُ: (عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى) هِيَ مَرَّةٌ مِنَ الصَّدْمِ وَهُوَ ضَرْبُ الشَّيْءِ الصُّلْبِ بِمِثْلِهِ ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي كُلِّ مَكْرُوهٍ حَصَلَ بَغْتَةً وَالْمَعْنَى الصَّبْرُ الَّذِي يُحْمَدُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ وَيُثَابُ عَلَيْهِ فَاعِلُهُ بَلِ الْأَجْرُ مَا كَانَ إِلَّا مِنْهُ عِنْدَ مُفَاجَأَةِ الْمُصِيبَةِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ عَلَى مَدَى الْأَيَّامِ يَسْلُو أَوْ يُنْسَى.
1597 -
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ «عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ ابْنَ آدَمَ إِنْ صَبَرْتَ وَاحْتَسَبْتَ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى لَمْ أَرْضَ لَكَ ثَوَابًا دُونَ الْجَنَّةِ»
ــ
قَوْلُهُ: (ابْنَ آدَمَ) مُنَادًى بِتَقْدِيرِ حَرْفِ نِدَاءٍ (وَاحْتَسَبْتَ) أَيْ طَلَبَ
بِهِ الْأَجْرَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى (دُونَ الْجَنَّةِ) أَيْ دُخُولِهَا ابْتِدَاءً وَإِلَّا فَأَصْلُ الدُّخُولِ يَكْفِي فِيهِ الْإِيمَانُ وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
1598 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قُدَامَةَ الْجُمَحِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ حَدَّثَهَا «أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصَابُ بِمُصِيبَةٍ فَيَفْزَعُ إِلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ اللَّهُمَّ عِنْدَكَ احْتَسَبْتُ مُصِيبَتِي فَأْجُرْنِي فِيهَا وَعَوِّضْنِي مِنْهَا إِلَّا آجَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهَا وَعَاضَهُ خَيْرًا مِنْهَا» قَالَتْ فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ ذَكَرْتُ الَّذِي حَدَّثَنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ اللَّهُمَّ عِنْدَكَ احْتَسَبْتُ مُصِيبَتِي هَذِهِ فَأْجُرْنِي عَلَيْهَا فَإِذَا أَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ وَعِضْنِي خَيْرًا مِنْهَا قُلْتُ فِي نَفْسِي أُعَاضُ خَيْرًا مِنْ أَبِي سَلَمَةَ ثُمَّ قُلْتُهَا فَعَاضَنِي اللَّهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم وَآجَرَنِي فِي مُصِيبَتِي
ــ
قَوْلُهُ: (فَيَفْزَعُ إِلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ) أَيْ يُسْرِعُ إِلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِالْأَمْرِ النَّدْبُ بِالتَّرْغِيبِ فِيهِ وَتَرْتِيبُ الْأَجْرِ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ النَّدْبِ وَإِلَّا فَلَا أَمْرَ فِي قَوْلِهِ {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 155] بِهِدَايَةِ الذِّكْرِ (عِنْدَكَ احْتَسَبْتُ) أَيْ أَطْلُبُ مِنْكَ أَجْرَهَا (فَأْجُرْنِي) بِسُكُونِ هَمْزَةٍ وَبِضَمِّ جِيمٍ وَيَجُوزُ مَدُّ الْهَمْزَةِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ يُقَالُ أَجَرَهُ وَآجَرَهُ بِالْقَصْرِ وَالْمَدِّ إِذَا أَثَابَهُ وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ (وَعَرِّضْنِي) مِنَ الْعَرْضِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَعَوِّضْنِي مِنَ التَّعْوِيضِ وَالْمُرَادُ اجْعَلْ لِي بَدَلًا مِمَّا فَاتَ عَنِّي فِي هَذِهِ الْمُصِيبَةِ خَيْرًا مِنَ الْفَائِتِ فِيهَا فَفِي الْكَلَامِ تَجَوُّزٌ وَتَقْدِيرٌ (أُعَاضَ خَيْرًا إِلَخْ) أَيْ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْكَارِ بِأَنَّهُ مَنْ يَكُونُ خَيْرًا مِنْهُ وَآجَرَنِي قَالَتْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الرَّجَاءِ فَإِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ اسْتِجَابَةُ بَعْضِ الدُّعَاءِ فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى الْكُلِّ.
1599 -
حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السُّكَيْنِ حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّامٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَابًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ أَوْ كَشَفَ سِتْرًا فَإِذَا النَّاسُ يُصَلُّونَ وَرَاءَ أَبِي بَكْرٍ فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى مَا رَأَى مِنْ حُسْنِ حَالِهِمْ رَجَاءَ أَنْ يَخْلُفَهُ اللَّهُ فِيهِمْ بِالَّذِي رَآهُمْ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّمَا أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ أَوْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ فَلْيَتَعَزَّ بِمُصِيبَتِهِ بِي عَنْ الْمُصِيبَةِ الَّتِي تُصِيبُهُ بِغَيْرِي فَإِنَّ أَحَدًا مِنْ أُمَّتِي لَنْ يُصَابَ بِمُصِيبَةٍ بَعْدِي أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنْ مُصِيبَتِي»
ــ
قَوْلُهُ: (فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَابَا) أَيْ يَوْمَ تُوُفِّيَ كَمَا جَاءَ فِي بَعْضِ أَحَادِيثِ الْوَفَاةِ (مِنْ حُسْنِ حَالِهِمْ) مِنْ حَيْثُ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ (أَنْ يَخْلُفَهُ اللَّهُ) مِنْ خَلَفَهُ كَنَصَرَ إِذَا كَانَ خَلِيفَةً لَهُ فِيمَنْ بَقِيَ بَعْدَهُ أَيْ رَجَاءٌ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ خَلِيفَةً لَهُ فِي إِصْلَاحِ حَالِ الْأُمَّةِ بِالْوَجْهِ الَّذِي رَآهُمْ عَلَيْهِ مِنَ الِاجْتِمَاعِ عَلَى خَيْرٍ (فَقَالَ) خَوْفًا مِنَ التَّفَرُّقِ مِمَّا يَلْحَقُهُمْ مِنَ الْمَصَائِبِ بَعْدَهُ