الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِيمَا إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ مُطْلَقَةً أَوْ مُقَيَّدَةً بِأَجَلٍ وَلَمْ يَنْقُضْ. (وَلَا رَدَّ) لِلْبَيْعِ (إنْ قَدَّرَ) فِي يَمِينِهِ (بِأَجَلٍ) : كَلَأَضْرِبَنَّهُ فِي هَذَا الشَّهْرِ ثُمَّ بَاعَهُ (وَانْقَضَى) الْأَجَلُ؛ (كَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ) فَلَا يُرَدُّ الْبَيْعُ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ نَحْوُ: وَاَللَّهِ لَأَضْرِبَنَّهُ، ثُمَّ بَاعَهُ قَبْلَ الضَّرْبِ (وَالطَّلَاقِ) نَحْوُ: إنْ لَمْ يَضْرِبْهُ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ، ثُمَّ بَاعَهُ قَبْلَ الضَّرْبِ؛ فَلَا يُرَدُّ الْبَيْعُ وَلَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ وَلَا يُنْجِزُ عَلَيْهِ - خِلَافًا لِابْنِ دِينَارٍ. وَإِنَّمَا يُمْنَعُ مِنْهَا وَيُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ - إنْ شَاءَتْ - كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ لِإِمْكَانِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ، أَوْ يَضْرِبَهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَتَنْحَلُّ يَمِينُهُ. فَإِنْ قَيَّدَ بِأَجَلٍ وَانْقَضَى طَلُقَتْ، بَاعَهُ أَوْ لَمْ يَبِعْهُ.
ثُمَّ نَبَّهَ عَلَى جَوَازِ
بَيْعِ أَشْيَاءَ قَدْ يُتَوَهَّمُ فِيهَا الْمَنْعُ
بِقَوْلِهِ: (وَجَازَ بَيْعٌ كَعَمُودٍ) : أَوْ حَجَرٍ أَوْ خَشَبٍ، فَلِذَا زِدْنَا الْكَافَ عَلَى كَلَامِهِ (عَلَيْهِ بِنَاءً) لِبَائِعِهِ أَوْ غَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ التَّعْلِيقُ لِبِنَائِهِ وَحَذَفْنَا قَوْلَهُ: " إنْ
ــ
[حاشية الصاوي]
لَا يَجُوزُ. لَكِنْ يُرَدُّ لِمِلْكِهِ الْمُسْتَمِرِّ فِيمَا يَجُوزُ. وَأَمَّا فِيمَا لَا يَجُوزُ فَيُرَدُّ لِمِلْكِهِ وَلَا يَسْتَمِرُّ.
قَوْلُهُ: [ثُمَّ بَاعَهُ وَانْقَضَى الْأَجَلُ] : إنَّمَا لَمْ يُرِدْ الْبَيْعَ فِي هَذِهِ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ قَدْ ارْتَفَعَتْ وَلَمْ يَلْزَمْهُ عِتْقٌ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ انْقَضَى وَهُوَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا مَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ. لَا يُقَالُ: إنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ بَيْعِهِ لَهُ عَزْمُهُ عَلَى الضِّدِّ، وَبِالْعَزْمِ عَلَى الضِّدِّ يَحْصُلُ الْحِنْثُ؛ لِأَنَّنَا نَقُولُ: يُحْمَلُ عَلَى بَيْعِهِ نِسْيَانًا أَوْ ظَنًّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ ضَرْبِهِ وَإِنْ ضَرَبَهُ وَهُوَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي يُفِيدُهُ.
قَوْلُهُ: [وَلَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ] : أَيْ بِمُجَرَّدِ بَيْعِهِ لِلْعَبْدِ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ وَلَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَتْ يَمِينُهُ مُطْلَقَةً، إلَّا إذَا عَزَمَ عَلَى الضِّدِّ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ حَلَفَ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِهِ إنْ لَمْ يَضْرِبْهُ مَثَلًا فَكَاتَبَهُ ثُمَّ ضَرَبَهُ، قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: يَبَرُّ وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يَبَرُّ وَيَمْضِي عَلَى كِتَابَتِهِ وَيُوقَفُ مَا يُؤَدِّيهِ لِسَيِّدِهِ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ، فَإِنْ عَتَقَ بِالْأَدَاءِ تَمَّ فِيهِ الْحِنْثُ وَصَارَ حُرًّا وَأَخَذَ كُلَّ مَا أَدَّى، وَإِنْ عَجَزَ ضَرَبَهُ إنْ شَاءَ (اهـ. مِنْ الْخَرَشِيِّ بِتَصَرُّفٍ) .
[بَيْعِ أَشْيَاءَ قَدْ يُتَوَهَّمُ فِيهَا الْمَنْعُ]
قَوْلُهُ: [قَدْ يُتَوَهَّمُ فِيهَا الْمَنْعُ] : أَيْ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ. قَوْلُهُ: [وَعَلَيْهِ التَّعْلِيقُ] : أَيْ يَلْزَمُ الْبَائِعَ تَعْلِيقُ بِنَائِهِ وَحِفْظُهُ فَإِنْ انْهَدَمَ ضَاعَ عَلَيْهِ.
انْتَفَتْ الْإِضَاعَةُ " لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: وَالْقَيْدُ الْأَوَّلُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ كَأَنْ يَبِيعَ النَّفِيسَ بِالثَّمَنِ الْقَلِيلِ إلَخْ (إنْ أَمِنَ كَسْرَهُ) : بِأَنْ ظَنَّ عَدَمَهُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ: (وَنَقْضِهِ) : أَيْ الْعَمُودِ مِنْ مَحَلِّهِ (الْبَائِعُ) لِأَنَّهُ يُشْبِهُ مَا فِيهِ حَقٌّ تَوْفِيَةً. فَإِنْ انْكَسَرَ حَالَ نَقْضِهِ فَضَمَانُهُ مِنْ بَائِعِهِ. وَقِيلَ: نَقْضُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَضَمَانُهُ مِنْهُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَحَذَفْنَا قَوْلَهُ إنْ انْتَفَتْ الْإِضَاعَةُ] : أَيْ فَإِنَّ الشَّيْخَ ذَكَرَهُ: وَيَتَصَوَّرُ انْتِفَاءَ الْإِضَاعَةِ - عَلَى الْقَوْلِ بِاشْتِرَاطِهِ - بِكَوْنِ الْبِنَاءِ الَّذِي عَلَى نَحْوِ الْعَمُودِ لَيْسَ كَبِيرَ ثَمَنٍ لَهُ أَوْ مُشْرِفًا عَلَى السُّقُوطِ، أَوْ لِكَوْنِ الْمُشْتَرِي أَضْعَفَ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ أَوْ قَدَرَ عَلَى تَعْلِيقٍ عَلَيْهِ. فَإِنْ لَمْ تَنْتَفِ الْإِضَاعَةُ - عَلَى كَلَامِ الشَّيْخِ - لَا يَجُوزُ، وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ. فَهُوَ شَرْطٌ فِي الْجَوَازِ لَا فِي الصِّحَّةِ.
قَوْلُهُ: [لَا حَاجَةَ إلَيْهِ] : أَيْ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُنْهَى عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي نَظِيرِ شَيْءٍ أَصْلًا. وَقَاسَهُ عَلَى بَيْعِ الْغَبَنِ، وَبَيْعُ الْغَبَنِ جَائِزٌ، وَبَحَثَ فِي تَعْلِيلِهِ بِأَنَّ مَا ضَاعَ لِأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الْغَبَنِ يَنْتَفِعُ بِهِ الْآخَرُ. وَفِي الْبِنَاءِ يُنْقَضُ وَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ، فَهُوَ إضَاعَةٌ مَحْضَةٌ وَهُوَ مِنْ الْفَسَادِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ كَمَا فِي التَّنْبِيهَاتِ وَنَصُّهُ قَالُوا إنَّمَا هَذَا إذَا كَانَ يُمْكِنُ تَدْعِيمُهُ وَتَعْلِيقُهُ وَلَوْ كَانَ الْبِنَاءُ الَّذِي عَلَيْهِ لَا يُمْكِنُ نَزْعُ الْعَمُودِ إلَّا بِهَدْمِهِ لَكَانَ مِنْ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ الَّذِي لَا يَجُوزُ (اهـ. بْن) .
قَوْلُهُ: [بِأَنْ ظَنَّ عَدَمَهُ] : أَيْ أَوْ تَحَقَّقَ وَمَفْهُومُهُ ثَلَاثُ صُوَرٍ تُحَقِّقُ الْكَسْرَ أَوْ ظَنَّهُ أَوْ الشَّكَّ فِيهِ فَيُمْنَعُ فِي ثَلَاثٍ وَيَجُوزُ فِي صُورَتَيْنِ فَتَكُونُ الصُّوَرُ خَمْسًا. قَوْلُهُ: [وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ] : أَيْ فَلَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ بِخِلَافِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ. فَهُوَ مِنْ شُرُوطِ الْجَوَازِ فَانْعِدَامُهُ لَا يُنَافِي الصِّحَّةَ.
قَوْلُهُ: [وَنَقْضُهُ] إلَخْ: جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيَانِ حُكْمِ الْمَسْأَلَةِ لَا أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الشُّرُوطِ.
قَوْلُهُ: [وَقِيلَ نَقْضُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي] : قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ: إنَّ كُلًّا مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَدْ رَجَحَ وَالظَّاهِرُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ وَمَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ فِي نَقْضِ الْعَمُودِ كَمَا عَلِمْت وَأَمَّا نَقْضُ الْبِنَاءِ الَّذِي حَوْلَهُ فَعَلَى الْبَائِعِ اتِّفَاقًا.